حتّام تقطع بالقطيعة والجفا
حتّام تقطع بالقطيعة والجفا / قلبا غدا يوم التفرق مدنفا
يخفي هواك وإن من سيما الهوى / لما أضرّ بجسمه أن يكشفا
لو عاذ لي يجد الذي بي لم يكن / يوم الرحيل مفندا ومعنّفا
ولقد حبست الدمع حتى لم أجد / عذرا لدمع العين أن لا يذرفا
وظللت غذ بان الخليط مودعا / اذري دما ما زلت منه مكفكفا
وأروم من بعد التفرق أن أرى / طيف الخيال يزورني متعطفا
سقم الجفون أعاد جسمي سقما / ولمى الشفاه اللعس أعدمني الشفا
ريم من الأتراك غادر مقلتي / قرحي وخلفني به متلهّفا
ثمل القوام تخال في أجفانه / سحرا وريق الثغر منه قرقفا
ما شدّ بند قبائه إلا وقد / حل اصطباري إذ يجور عن الوفا
ما إن شفى داء الغرام وإنما / أضحى المحبّ من الفراق على شفا
فالخدّ ورد زانه في وجهه / ماء الحياء فمنيتي أن أقطفا
والردف دعص نابت من فوقه / غصن يحاكي غصن بات أهيفا
كم قلت لما لج في هجرانه / وغدا يصدّ تجبّرا وتحيّفا
يا أيّها البدر الذي ببعاده / تلف المحب أما خشيت الموقفا
هلّا رحمت منى بحبك حاله / بين البرية قد غدا مستطرفا
قد بت أغضي الجفن منك على قذى / لما غدوت مواصلا لي بالجفا
أصليتني نار الصدود وإنني / قد كنت أقنع من وفائك باللفا
ووعدتني وصلا وقد أخلفتني / إن الكريم لوعده لني خلفا
لا تركننّ إلى الزمان وصرفه / إن الحوادث صرفها لن يصرفا
قمصتني ثوبي ضنني ومذلّة / حتى غدوت من الصبابة متلفا
غني ساصفيك الوداد كما غدا / قلبي لأحمد بالمودّة قد صفا
ملك إذا ما شمت عارض جوده / ألقيت أكبر همه أن يسعفا
ملك به اكتست الليال بهجة / وبجوده راح الزمان مشنّفا
إن جاد اخجل طيئا أوصال أع / جز مذحجا أو قال أفحم خذفا
كالغيث إلا أن ذلك هاطل / زمنا وذا في الجود أضحى مسرفا
كالليث إلا أنّ ذلك صافل / جهلا وأحمد للنوائب كشفا
شرفت بنو مهران منك بمالك / للدهر والأيام راح مشرّفا
أضحوا بخوم المكرمات وأحمد / شمسا ولكن نورها لن يكسفها
يا أيها الملك المسير ذكره / بين الأنام تصوّنا وتعفّفا
قد سرت أقوم سيرة من ضيّة / حتى سررت بذاك قلب المصطفى
شيّدت دين الله لما أن وهى / وأعدت برد الحق منك مفوّفا
وبخبت للإسلام مجدا باقيا / ورفعت ما بين الأنام المصحفا
لو أن بيت الله ذو قدم سعى / شوقا إليك لكي يروح مشرّفا
أو زرته لسررت منه محصبا / وعممت بالمعروف منك معرّفا
ومريت مروته بحسن شمائل / وبثثت أخلاق الصفا عند الصفا
أهلت ربوع المجد منك بمالك / ندب وقد كانت قفاراً أصفصفا
يا أيها المولى الذي بمديحه / شرّفت ألفاظي ومنتُ الأحرفا
غادرتني يعقوب بعد تقرّب / بعدا ورحت لسوء حظي يوسفا
شفيت أعدائي فصرت لديهم / من بعد شدّة قوّبي مستضعفا
لكنّني ارضى رضاك وكلّما / تاتي به فعساك أن تتعطّفا
لم آت جرما والكريم إذا أتى / عبد له ذنبا تعمّده عفا
سيّرت من غرر القوافي فيكم / ما جل عقد نظامه أن يوصفا
فسلمت للعافين غيثا هاطلا / أبدا وللأعداء سيفا مرهفا