حتام قلبي من بعادك خائفُ
حتام قلبي من بعادك خائفُ / أو ليس يامن في حماك الطائف
ومتى يقضيّ نسكه صبٌّ له / بمشاعر الشوق الشديد مواقف
حاشاك تطرد من فناك نزيله / وسواءٌ البادي به والعاكف
ولي الهيام من الغزال وإنّما / لك منه جيدٌ أتلعٌ وسوالف
يا من تخالف طبعه بقطيعتي / وعليه طبعي مثله متخالف
فشمائل منهنّ طرفي مربع / ولهيب شوق فيه قلبي صائف
حالفت غيري إذ قطعت مودَّتي / فالهمُّ لي أبد الزمان محالف
فكأنّه المجد الأثيل ومهجتي / عبد الحسين لكل مجد آلف
وسع القوافي مجده فعلاؤه / متواتر وعطاؤه مترادف
يهنيك ما عين الرشاد قريرة / فيه وأنف الغيّ منه راعف
جبتَ القفار على مضمَّرة بها / للبيد تُقطَعُ أظهرٌ وتنائف
كالريح تستاق الغبار سحابة / وتمرُّ فيها وهي برق خاطف
هي صرح بلقيس وزجرك مذ غدا / علم الكتاب علمت أنك آصف
ما مسَّها جوع وروضك ناضر / كلا ولا ظمأ وغيثك واكف
فأطفت بالبيت الحرام ملبياً / وبودِّه لو أنه بك طائف
يبني خباؤك للمؤمل كعبة / وطوائف الحجاج فيه طوائف
أما لائذ في طود عزّك واثق / أن لا يمرَّ عليه ريح عاصف
والدهر يمثل حول بيتك قائلاً / بالباب عبد من عبيدك واقف
بسطت عصاك لمن عصاك مخالفاً / هيهات ليس لما تقول مخالف
فالخائف اللاجي لعدلك آمن / والآمنُ العاصي لأمرك خائف
عجباً وأنت لكل حق حافظ / من ان يضيع فما لمالك تالف
ألَهُم عليك غرامة بالضعف قد / شرطت فأنت تفيهم وتضاعف
أم أنت والراجي نداك كلاكما / أخوان فهو لما ورثت مناصف
لم تبق للأجواد من أثر فلم / تقتصَّهُ حتى كأنّك قائف
جَمَّعتَ تالد مجدهم وفضلتهم / إذ فيك قد شفع التليد الطارف
أبدعت في العليا صفات لم تكن / في الأولين فما يقول الواصف
لم أَلفِ فيهم من يقول عجزت عن / عرفانه لأقول هذا العارف
وبقيت كهفاً للعفاة ومأمناً / أوَ ليس يأمن في حماك الطائف