المجموع : 3
خيرُ المَواطِنِ حَيثُ هَذا الأَروَعُ
خيرُ المَواطِنِ حَيثُ هَذا الأَروَعُ / وَأَجَلُّ قَولٍ ما أَقولُ وَيَسمَعُ
أَجهَدتُ نَفسي في المَديحِ فَلَم أَجِد / ما قَد صَنَعتُ مُجازِياً ما يَصنَعُ
وَأَضَعتُ مَدحي قَبلَهُ في غَيرِهِ / إِنَّ المَدائحَ في سِواهُ تُضيَّعُ
يُثنى عَلَيهِ بِدونِ ما في طَبعِهِ / كَالمِسكِ أَسيرُهُ الَّذي يَتَضَوَّعُ
وَيُزارُ بِالمَدحِ السَنِيِّ وَقَدرُهُ / أَعلا مِنَ المَدحِ السَنِيِّ وَأَرفَعُ
خِدَعٌ جَعَلناها إَلَيكَ وَسائِلاً / إِنَّ الكَريمَ بِكُلِّ شَيءٍ يُخدَعُ
شَفِعَت إِلَيكَ نَفاسَةٌ مِن نَفسِهِ / أَغنَت ذَوي الحاجاتِ عَمَّن يَشفَعُ
سَهلٌ وَفيهِ عَلى العَدوِّ شَراسَةٌ / كَالسَيفِ مَلمَسُهُ يَلينُ وَيَقطَعُ
إِن سَرَّ ضَرَّ وَتِلكَ شَيمَةُ مِثلِهِ / وَابنُ الكَريمَةِ مَن يَضُرُّ وَيَنفَعُ
مِثلُ الغَمامِ المُستَغاثِ بِدَرِّهِ / فِيهِ الصَواعِقُ وَالغُيوثُ الهُمَّعُ
لَو أَنَّهُ بارى الرِياحَ لَقَصَّرت / عَن بُعدِ غايَتِهِ الرِياحُ الأَربَعُ
وَلَرَدَّها حَسرى الهُبوبِ كَليلَةً / حَتّى تَرى أَنَّ البَطيئَ الأَسرَعُ
يَتَقَلَّدُ العَضبَ الحُسامَ وَتَحتَهُ / قَلبٌ أَحَدُّ مِنَ الحُسامِ وَأَقطَعُ
وَيَرى التَوَقّي بِالسَنَوَرِ ذِلَّةً / وَالدِرعُ يَكرَهُهُ الهِزَبرُ الأَروَعُ
جَنبَ الجِيادَ كَأَنَّ أَنصافَ القَنا / ما بَينَ أَذرُعِها الخَضيبَةِ أَذرُعُ
وَالبيضُ تَنثرُ لَحمَ كُلِّ مُدَرَّعٍ / فَتَعودُ تَنظِمُهُ الرِماحُ الشُرَّعُ
في كُلِّ مُنبَسِطِ الفِجاجِ كَأَنَّهُ / قَزَعٌ بِوارِقُهُ السُيوفُ اللُمَّعُ
أَبدى نَواجِذَهُ الكَمِيُّ مُكَلّحاً / فيهِ كَما كَلَحَ الأَزَلُّ الأَجلَعَ
وَتَناثَرَت فيهِ الجَماجِمُ وَالطُلى / حَتّى تَعاثَرَتِ المَذاكي المُزَّعُ
مَن مُبلِغُ الأَتراكِ أَنَّ أَمامَهُم / بَحراً يُغَرِّقُ مَوجُهُ مَن يَشرَعُ
أَمُّوا وَهَمّوا بِالوُرودِ فَراعَهُم / مِن دونِهِ هَذا الهُمامُ الأَروَعُ
وَتَيَقَّنوا أَن الشآمَ وَأَهلَهُ / أَحمى بِلادِ الخافِقينِ وَأَمنَعُ
بِمُوَقَّرٍ لا يُستَخَفُّ كَأَنَّما / في بُردَتَيهِ مُتالِعٌ أَو صَلفَعُ
لَو وازنَ الطَودَ الأَشَمَّ بِحِلمِهِ / لانحَطَّ وَاِرتَفَعَ الأَشَمُّ الأَرفَعُ
ضاقَ الطَريقُ إِلى النَدى وَطَريقُهُ / سَهلٌ إِلى ابنِ أَبي عَليٍّ مَبيَعُ
مَلِكٌ الطَريقُ إِلى النَدى وَطَريقُهُ / سَهلٌ إِلى ابنِ أَبي أَبي عَليٍّ مَبيَعُ
مَلِكٌ سَمِعنا بِالمُلوكِ وَفِعلِهِم / وَأَتى فَصَغَّرَ فِعلُهُ ما تَسمَعُ
أَبدَعتُ فيهِ القَولَ حينَ رَأَيتُهُ / يُعطي فَيُبدِعُ في غِنى مَن يُبدِعُ
وَشَكَوتُ إِمحالي فَأَمرَعَ جانِبي / مُذ ضَمَّني هَذا الجَنابُ المُمرِعُ
حَتّى لَقَد أَفضَلتُ مِمّا نالَني / مِن فَضلِهِ مِمّا يَخلَع
يابنَ المُلوكِ الصِيدِ غَيرَ مُدافَعٍ / عَمّا يُحاوِلُهُ المُلوكُ فَيُدفَعُ
نالَت يَداكَ بِما أَنالَت مَوضِعاً / ما لِلكَواكِبِ فيهِ عِندَكَ مَوضِعُ
شَرَفاً تُقَصِّرُ عَنهُ خُطوَةُ قَيصَرٍ / وَنَدىً تَتَبَّعَ فيهِ إَثرَكَ تُبَّعُ
هُنيتَ بِالعيدِ السَعيدِ فَإِنَّنا / بِجِمالِ وَجهِكَ لا بِهِ نَتَمَتَّعُ
رَبعٌ خَلا بِالغَورِ مِن سُكانِهِ / هاجَت لَنا الحُرُقاتُ مِن عِرفانِهِ
ضَمِنَ الجَوى قَلبي لَهُ وَلِأَهلِهِ / فَوَفى لَهُ وَلِأَهلِهِ بِضَمانِهِ
عُجنا الطَيَّ بِهِ وَهَبَّ نَسيمُهُ / فَذَكرتُ رَيّاهُ بِرَيّا بانِهِ
وَخَشيتُ لَومَ الرَكبِ لَولا أَنَّني / نَهنَهتُ غَربَ الدَمعِ عَن سَيَلانِهِ
رَبعٌ خَلَت عَرَصاتُهُ مِن نُهَّدٍ / رَجَحَت رَوادِفُهُنَّ عَن كُثبانِهِ
يَرقُدنَ في ظِلِّ الأَراكِ قَوائِلاً / فَتَخالُهُنَّ سَقَطنَ مِن أَغصانِهِ
مِن كُلِّ جائِلَةِ الوِشاحِ تَدَيَّرَت / مِن غَورِهِ الأَدنى إِلى جَولانِهِ
غِزلانُ إِنس بِنّ عَنهُ وَعُوِّضَت / عَرَصاتُهُ بِالوَحشِ مِن غِزلانِهِ
يَسألنَ عَن شَأنِ المُحِبِّ عَلى النَوى / لا تَسأَلوا عَنهُ وَلا عَن شانِهِ
شَطَّ المَزارُ أَعلَنَ في هَواكَ بِسِرِّهِ / فَالبينُ أَحوَجَهُ إِلى إِعلانِهِ
كَتَمَ الهَوى صَبراً إِلى أَن لَم يَجِد / صَبراً وَلا جَلَداً عَلى كِتمانِهِ
وَزَعَمتُمُ أَنّي نَسيتُ عُهودَكُم / لا لَومَ لِلإِنسانِ في نِسيانِهِ
وَلَقَد سَرى بَرقُ العِراقِ فَهاجَ لي / بِالشامِ وَجداً مِن سَنا لَمَعانِهِ
تَرَكت عَقيقَتُهُ الأَحَصَّ كَأَنَّما / ذابَ العَقيقُ عَلى رَؤُوسِ قُنانِهِ
يَبدو لِعَينِكَ في الظَلامِ كَأَنَّهُ / صِلُّ الكَثيبِ مُنضنِضاً بِلِسانِهِ
مُتَبَوِّجاً يَحكي الأَصَمَّ مِنَ القَنا / سالَ النَجيعُ عَلَيهِ في عَسَلانِهِ
فَكَأَنَّهُ وَاللَيلُ مُعتَكِرُ الدُجى / نارُ المُعِزِّ عَلى مُتونِ رِعانِهِ
مَلِكٌ إِذا خَفَقَ اللِواءُ وَراءَهُ / خَفَقَت قُلوبُ الإِنسِ مِن خَفَقانِهِ
حَسَنُ الثَناءِ مَغيبُهُ كَشُهودِهِ / بَينَ المَلا وَحَديثُهُ كَعِيانِهِ
قاتَ الوُحوشَ فَأَصبَحَت مَحسوبَةً / فيمَن يُقاتُ لَدَيهِ مِن ضيفانِهِ
فَالوَحشُ قَد عَرَفَ القِرى بِعَجاجِهِ / وَالإِنسُ قَد عَرَفَ القَرى بِدُخانِهِ
لا تَأَمَننَّ مِنَ الزَمانِ وَرَيبِهِ / إِن أَنتَ لَم تَعلَق بِحَبلِ أَمانِهِ
وَعِصابَةٍ خَبَطوا الظَلامَ بِأَينُقٍ / في البيدِ لا يُنكرنَ مِن ظُلمانِهِ
يَخضِبنَ مُبيَضَّ الحَصا بِمَناسِمٍ / طالَ السُرى فَدَمينَ مِن إِدمانِهِ
خُوصُ الأَحِجَّةِ ما اِنطَوَت حَتّى طَوَت / بِيداً تُبيدُ الرَكبَ في غيطانِهِ
مِن كُلِّ مُغتَرِضِ الأَريكَةِ صَيَّرَت / غُبرُ الفَيافي بَطنَهُ كَبِطانِهِ
مِن تَحتِ مُنقَدِّ القَميصِ بِسَيفِهِ / حَدُّ وَأَمضى مِنهُ حَدُّ لِسانِِ
يَرجُو الغِنى مِن كُلِّ أَروَع لَم يَخَف / راجيهِ بَعدَ اللَهِ مِن حِرمانِهِ
وَيَؤُمُّ أَبلَجَ مِن ذُؤابَةِ عامِرٍ / عاشَت مُلوكُ الأَرضِ في إِحسانِهِ
مُغرىً بِنَقصِ المالِ إِلّا أَنَّهُ / مالٌ يَزيدُ الحَمدُ في نُقصانِهِ
إِنَّ الزَمانَ كَثيرَةٌ كرَماؤُهُ / لَكن أَكرَمَهُم أَبُو عُلوانِهِ
بَحرٌ شَطونُ العِبر إِلّا أَنَّهُ / بَحرٌ رَأَينا البَحرَ مِن خُلجانِهِ
ماضي الجَنانِ إِذا تَقَلَّدَ صارِماً / لَم يَمضِ صارِمُهُ مَضاءَ جَنانِهِ
شَرُفت مَناقِبُهُ إِلى أَن رُصِّعَت / عِوَضاً عَنِ الياقوتِ في تيجانِهِ
وَالمأثُراتُ الغُرُّ أَشرَفُ قيمَةً / في تاجِهِ المَعقودِ مِن عِقيانِهِ
قابَلتُ في الإِيوانِ سُنَّةَ وَجهِهِ / فَسَلَوتُ عَن كِسرى وَعَن إِوانِهِ
وَرَأيتُ حينَ رَأيتُ أَحسَنَ سيرة / فينا وَأَعدَل مِن أَنو شِروانِهِ
أَنسى البَرِيَّةَ عَدلَ ذاكَ بِعَدلِهِ / فَكَأَنَّهُم في عَصرِهِ وَأَوانِهِ
لَو حَلَّ دونَ مَحَلِّهِ مِن قَدرِهِ / ما كانَ يُبصَرُ مِن عُلوِّ مَكانِهِ
تَأبى المَمالِكَ نَفسُهُ ما لَم تَكُن / مَملوكَةً بَضرابِهِ وَطِعانِهِ
كَالليثِ يأنَفُ أَن يَدُقَّ فَريسَةً / لَم تَثوِ بَينَ مَلاطِهِ وَجِرانِهِ
رَبِحَ الثَنا بِخَسارَةٍ مِن مالِهِ / فَأَتاهُ ربحُ الحَمدِ مِن خُسرانِهِ
حامي الذِمارِ وَلِلمَنِيَّةِ مَورِدٌ / خُلِقَت رِماحُ الخَطِّ مِن أَشطانِهِ
إِذ لا يَرى البَطَلُ الشُجاعُ لِنَفسِهِ / وَزَراً حَصيناً غَيرَ ظَهرِ حِصانِهِ
أَو مُرهَفٍ عُرِفَت نَفاسَةُ قَدرِهِ / مِن أَنفُسِ سالَت عَلى سِيلانِهِ
كَالجَدوَلِ المُنقادِ إِلّا أَنَّهُ / لا يُحتَشى في الغِمدِ مِن جَرَيانِهِ
أَو مارِنٍ في الصِلِّ حامِلِ جَذوَةٍ / يَبدُو سَناها مِن بَريقِ سِنانِهِ
في كَفِّ أَروَعَ كُلَّما اشتَجَرَ القَنا / وَدَنا في الرَوعِ مِن أَقرانِهِ
مِثلُ المُعِزِّ وَأَينَ يُوجَد مِثلُهُ / إِلّا قَليلاً في مُلوكِ زَمانِهِ
صَعبٌ إِذا صَعُبَ الزَمانُ قِيادهُ / لا يَأمَنُ الأَعداءُ مِن عُدوانِهِ
لَمّا وَزَنتُ العالمينَ وَجَدتُهُم / لا يَرجَحونَ عَلَيهِ في ميزانِهِ
أَتقى البَرِيَّةِ مُفطِراً مِن صَومِهِ / أَو صائِماً لِلّهِ في رَمَضانِهِ
سَبَقَ الكِرامَ السابِقينَ إِلى النَدى / سَبقَ العَتيقِ النَهدِ يَومَ رِهانِهِ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي أَحيا النَدى / فينا وَأَحيا العَدلَ في بُلدانِهِ
قَد كانَ فَخرُ المُلكِ شَيَّدَ ما بَنى / وَبَنَيتَ أَنتَ فَزِدتَ عَن بُنيانِهِ
وَأَقَمتَ رُكنَ المُلكِ بَعدَ نَوائِبٍ / مالَت عَلَيهِ فَمالَ مِن أَركانِهِ
وَطَلَبتَ ثَأرَكَ فاستَثارَ لَكَ الرَدى / مِمَّن أَلَحَّ عَلَيكَ في طُغيانِهِ
وَحَوَيتَ ما خَلّى فَلَم تَحفِل بِهِ / كَرَماً وَجُدتَ بِهِ عَلى غِلمانِهِ
وَمَلَكتَ إِرثَكَ مِن أَبيكَ بِهِمَّةٍ / قادَت زِمامَ المُلكِ بَعدَ حِرانِهِ
فَاسعَد بِعيدِكَ لا عَدِمتَ سَعادَةً / في الدَهرِ باقِيَةً عَلى أَزمانِهِ
فَالعِزُّ قَد أَمطاكَ ظَهرَ جَوادِهِ / وَالمُلكُ قَد أَنطاكَ فَضلَ عِنانِهِ
العِلمُ بَعدَ أَبي العَلاءِ مُضَيَّعُ
العِلمُ بَعدَ أَبي العَلاءِ مُضَيَّعُ / وَالأَرضُ خالِيَةُ الجَوانِبِ بَلقعُ
أَودى وَقَد مَلَأَ البِلادَ غَرائِباً / تَسرِي كَما تَسرِي النُجُومُ الطُلَّعُ
ما كُنتُ أَعلَمُ وَهوَ يُودَعُ في الثَرى / أَنَّ الثَرى فِيهِ الكَواكِبُ تُودَعُ
جَبَلٌ ظَنَنتُ وَقَد تَزَعزَعَ رُكنُهُ / أَنَّ الجِبالَ الراسِياتِ تُزَعزَعُ
وَعَجِبتُ أَن تَسَعَ المَعَرَّةُ قَبرَهُ / وَيَضِيقُ بَطنُ الأَرضِ عَنهُ الأَوسَعُ
لَو فاضَتِ المُهَجاتُ يَومَ وَفاتِهِ / ما اِستُكثِرَت فِيهِ فَكَيفَ الأَدمُعُ
تَتَصَرَّمُ الدُنيا وَيَأتي بَعدَهُ / أُمَمٌ وَأَنتَ بِمِثلِهِ لا تَسمَعُ
لا تَجمَعِ المالَ العَتيدَ وَجُد بِهِ / مِن قَبلِ تَركِكَ كُلَّ شَيءٍ تَجمَعُ
وَإِن استَطَعتَ فَسِر بِسِيرَةِ أَحمَدٍ / تَأمَن خَدِيعَةَ مَن يَغُرَّ وَيَخدَعُ
رَفَضَ الحَياةَ وَماتَ قَبلَ مَماتِهِ / مُتَطَوِّعاً بِأَبَرِّ ما يُتَطَوَّعُ
عَينٌ تُسَهدُ لِلعَفافِ وَلِلتُقى / أَبَداً وَقَلبٌ لِلمُهَيمِنِ يَخشَعُ
شِيَمٌ تُجَمِّلُهُ فهُنَّ لِمَجدِهِ / تاجٌ وَلَكِن بِالثَناءِ يُرَصَّعُ
جادَت ثَراكَ أَبا العَلاءِ غَمامَةٌ / كَنَدى يَدَيكَ وَمُزنَةٌ لا تُقلِعُ
ما ضَيَّعَ الباكِي عَلَيكَ دُمُوعَهُ / إِن الدُمُوعَ عَلى سِواكَ تُضَيَّعُ
قَصَدَتكَ طُلّابُ العُلومِ وَلا أَرى / لِلعِلمِ باباً بَعدَ بابِكَ يُقرَعُ
ماتَ النُهى وَتَعَطَلَّلَت أَسبابُهُ / وَقَضى التَأدُّبُ وَالمَكارِمُ أَجمَعُ
لاتَخدَعَنَّكَ بَعدَ طولِ تَجارِبٍ
لاتَخدَعَنَّكَ بَعدَ طولِ تَجارِبٍ / دُنيا تَغُرُّ بِوَصلِها وَستَقطَعُ
أَحلامُ نَومٍ أَو كَظِلٍّ زائِلٍ / إِنَّ اللَبيبَ بِمثلِها لا يُخدَعُ