المجموع : 4
هل بعدَ بينكِ مِن جوىً لمودَّعِ
هل بعدَ بينكِ مِن جوىً لمودَّعِ / ذهبَ اللقاءُ فهل له مِن مَرجِعِ
رثَّتْ حبالُ الوصلِ حتى اِنَّه / لم يبقَ غيرُ رميمِها المتقطَّعِ
أسعادُ هلاّ يومَ نأيكِ زوَّدتْ / عيناكِ عيني نظرةَ المستمتِعِ
أرجعتِ عن سُنَنِ الغرامِ وشرعِه / ومِنَ العجائبِ رجعهُ المتشرَّع
ما كانَ ضَّركِ والركائبُ قد سرتْ / بكِ لو أَشَرْتِ بحاجبٍ واِصبَعِ
توديعةً تُهدى الجوى في طَيَّها / لشجٍ حليفِ تلهُّفٍ وتوجُّعِ
يستافُ أعرافَ الرَّياحِ كأنَّها / هبَّتْ بنشرِ عبيركِ المتضَّوعِ
شامَ البروقَ على جوانبَ غُرَّبٍ / فِلوى زرودَ فعالجٍ فالأجرَعِ
فابتزَّهُ ومضُ البروقِ هجودَه / ونأى بطيبِ كرى العيونِ الهُجَّعِ
ونضا قميصَ الصبرِ عنه حنينُه / وولوعُه بسنا البروقِ اللمّعِ
لمعتْ فجددتِ الشجونَ وأجَّجَتْ / نارَ الهوى العذريَّ بينَ الأضلُعِ
فذكرتُ اِيماضَ الثغورِ يلوحُ لي / تحتَ الدُّجى مِن باردٍ مُسْتَنْقِعِ
يُذكي برودُ رحيقِهِ حَرَّ الجوى / لِحُشاشةٍ حَرَّى وقلبٍ موجَعِ
وغزالةٍ سنحتْ على غِرَرٍ لنا / بينَ الجنابِ وبينَ ملعبِ لَعْلَعِ
مرَّتْ بنا حوراءُ يرشقُ لحظُها / قلبُ المدلَّهِ مِن وراءِ البرقُعِ
تشكو الحُليَّ وثقلَه لمّا سرتْ / في سربِها تعطو بأجيدَ أتلَعِ
فَتَنَتْهُ ثم رَنَتْ اليَّ بلحظِها / فَفُتِنْتُ فتنةَ مستهامٍ لا يَعي
ورجعتُ بعدَ فراقِ أيامِ الهوى / أصِفُ الغَوايةَ للمحبَّ المولَعِ
دامي الجفونِ إذا الحمامةُ غرَّدتْ / مِن فوقِ خُوْطِ البانةِ المتزعزِعِ
أسقي الديارَ وقد تباعدَ أهلُها / عنها عزا ليَّ الدموعِ الهُمَّعِ
وأخاطبُ الأطلالَ ليس يُجيبُني / ما بينهنَّ سِوى الغُرابِ الأبقَعِ
وهواتفٍ فوقَ الغصونِ يهيجُني / منهنَّ تغريدُ الحمامِ السُّجَّعِ
ناحتْ على عَذَبِ الفروعِ واِلفُها / منها بمرأى فوقَهنَّ ومسمَعِ
ما فارقتْ اِلفاً كما فارقتُهُ / كلاّ ولا أجرتْ سواكبَ أدمعي
قسماً ولا وجدَ المحبونَ الأولى / وجدي بأشباهِ الظباءِ الرتَّعِ
يا مربعَ الأحبابِ كم مِن وقفةٍ / لي في عراصِكَ بينَ تلكَ الأربعِ
تهمي عليكَ مدامعي عِوضَ الحيا / سَحّاً فتحسبُ انَّها مِن مَنْبَعِ
أرعى حقوقَ أحبَّتي باذالةِ المد / معِ المَصُونِ على تُرابِ المربعٍ
ومن العجائبِ أننَّي ارعى لهم / عهدَ الوِدادِ وعهدُ مثليَ ما رُعي
بانوا فما رقَّتْ جوانبُ عيشتي / بعدَ البعادِ ولا صفا ليَ مشرَعي
وعرامسٍ ذَرَعَتْ مُلاءَ مفازةٍ / بعد الأحبَّةِ في اليبابِ البلقَعِ
بُدْنٍ يطيرُ مِنَ الوحيف لُغامُها / كالعُطْبِ مِن فوقِ الحصى واليَرمَعِ
زَفَّتْ كما زفَّ النعامُ إلى النقا / في المَرْتِ تهزأُ بالرَّياحِ الأربَعِ
عافتْ جميمَ النبتِ مِن شوقٍ الى / أعطانِهنَّ به وطيبَ المكرَعِ
وتبدلتْ مِن بعدِ طيبِ مُناخِها / في البيدِ كُرْهاً بالمُناخِ الجَعْجَعِ
تهوى وفوقَ ذُرى الغواربِ عصبةٌ / مُتَمَلْمِلُونَ على المطيَّ الظُّلَّعِ
متمايلون مِنَ الكَلالِ كأنَّما / صُبِحوا بمشمولِ المُدامِ مشعشَعِ
دَعَموا رقابَهمُ على كيرانِها / قبلَ الصباحِ مِنَ الكرى بالأذْرُعِ
حتى أتوا دارَ الأحبَّةِ والهوى / يَهدِي الرَّكابَ إلى الطريقِ المَهْيَعِ
وصَلُوا وكم أبقى السُّرى منِ نحبِهمْ / في الهَجْلِ نَهْباً للذَّئابِ الجُوَّعِ
قد حُقَّ للمشتاقِ أن يتوجَّعا
قد حُقَّ للمشتاقِ أن يتوجَّعا / ولعينهِ بعدَ النوى أن تَدْمَعا
رحلَ الأحبَّةَ عن ملاعبِ لَعْلَعٍ / فهجرتُ مِنْ بعدِ الأحبَّةِ لَعْلَعا
أفلوا فلم أرَ للأهلَّةِ بعدَما / أفلوا ولا لسرورِ عينيَ مَطلعا
والدارُ بالأحبابِ ولا سقىَّ الحيا / دارَ الأحبَّةِ بعدَهنَّ ولا رَعَى
مالي وللأطلالِ أَنْدُبُ ما عَفا / منها وأذكرُ ملعباً أو مَرْبعا
قد كنتُ استسقي لساكنِ ربعِها / دمعي إذا ما الغيثُ ضنَّ فأقلعا
أيامَ كانت للكواعبِ مألَفاً / يزهو بهنَّ وللجآذرِ مَرْتعا
يا منزلاً لعِبَ الزمانُ بأهلهِ / وأعادَه الحَدَثانُ قَفْراً بَلْقعا
ما كنتُ أبخَلَ أن تجودَكَ ادمعي / دَفْقاً إذا المزنُ الهتونُ تقشَّعا
لكنَّها نضبتْ وأنفدَ ماءَها / خوفي على شملِ الهوى أن يُصْدَعا
وحمامةٍ سجعتْ على فَنَنِ النقا / لمّا اكتسى زَهْرَ الربيعِ وأينَعا
ناحتْ على اعلى الغصونِ ومائد / الأغصانِ يَحمِلُها على أن تَسْجَعا
دعتِ الهديلَ فباتَ وهو منعَّمٌ / بدنوَّهِ منها وبتُّ مروَّعا
أشبهتُها دمعي في النوحِ إلا أنَّها / ناحتْ ونحتُ تطرَّباً وتفجُّعا
وسكبتُ دمعي في الديارِ وقد نأى / عنها الخليطُ مقوَّضاً ومودَّعا
حتى كأنَّ عليَّ ضربةَ لازبٍ / في كلَّ رسمٍ أن أَسُحَّ الأدمُعا
وتنوفةٍ كلفَّتُ نجبي قطعَها / لمّا نأى عنَّي الفريقُ وأزمعا
جاوزتُها بايانِقٍ تَطِسُ الحصى / أخفافُهنَّ على الوَجا واليَرْمَعا
وسرتْ وهنَّ إلى المواردِ ولَّهٌ / في القفرِ تكرعُ مِن صداها اليَلْمَعا
خالتْ وقد خدعَ السرابُ عيونَها / وَسَطَ النهارِ بأنَّ فيه مَكْرَعا
تبغي إذا ما الآلُ عبَّ عُبابَهُ / يا ويحَها ممّا يُرقرِقُ مَشرَعا
هيهاتَ أن تَرِدَ المشاربَ عذبةً / مِن بَعْدِ ما نزلَ الخليطُ الأجرَعا
أو أن تعودَ لها الخمائلُ غضةً / ترعى بهِ الروضَ الأريضَ المُمْرِعا
حتى أرى الحيَّ البعيدَ وقد دنا / منَّي وأنفُ البينِ يُلْفَى اجدَعا
أَأُلامُ مِن بعدِ الحبائب أنَّني / أدَعُ النجائبَ في الأزمَّةِ خُضَّعا
ترمي الفدافدَ بي وهنَّ سواهمٌ / هِيمٌ حَكَيْنَ مِنَ الهُزالِ الأنسُعا
خوصُ العيونِ تبدَّلتْ مِن بعدِما / لانَ المُناخُ لها مُناخاً جَعْجَعا
أحتثُّها تحتَ الظلامِ طلائحاً / عُجْفاً إذا شِمْتُ البروقَ اللمَّعا
واِذا الرياحُ سرتْ بِرَيّا زينبٍ / نحوي وسفتُ عبيرَه المتضوَّعا
وتناوحتْ أنفاسُها وتأرَّجتْ / طيباً طويتُ على الغرامِ الأضلُعا
والحُرُّ تَمَن كنتمَ الهوى وحديثَهُ / حَذَراً عليه وخفيةً أن يُسمعا
والوجدُ ما منعَ الجفونَ أليُمهُ / في القربِِ أوفي البعدِ مِن أن تَهحعا
يا عاذليَّ على المحبةِكَرِّرا / عَذْلي إذا ما شِئتماهُ أو دَعا
فلقد أجابَ الحبَّ مني طائعاً / قلبٌ تسرَّعَ نحوَه لمّا دَعا
لا تحسبا أن الملامةَ في الهوى / كثَني فؤاداً با لصبابةِ مولَعا
صَغُرَ الملامُ بأنْ يَكُفِّ متيَّماً / عَرَفَ الوِصالَ وطيبَهُ أويمنَعا
يرتاحُ أن هبَّتْ صَباً أو أَرْزَمَتْ / هوجاءُ أو ناحَ الحمامُ مرجِّعا
قلبٌ كما شاءَ التفرُّقُ موجَعٌ
قلبٌ كما شاءَ التفرُّقُ موجَعٌ / وهوًى يهيَّجُهُ الحمامُ السُّجَّعُ
ومولَّهٍ لَعِبَ الغرامُ بقلبِهِ / للّهِ صَبٌّ بالصَّبابةِ مولَعُ
متلفَّتاً نحوَ الديارِ وهكذا / داءُ الغرامِ إذا تقادمَ يصنعُ
ولكم وقفتُ على الربوعِ مسائلاً / ومِنَ الضلالةِ أن تُجيبَ الأربُعُ
يا منزلاً بينَ العُذَيبِ ولَعْلَعٍ / أشتاقُهُ سُقيَ العُذَيبُ ولَعْلَعُ
أهوى ربوعكَ والزمانُ يعوقُني / عنها فتسفحُ للحنينِ الأدمُعُ
ويَزيدُني شغفاً إذا جَنَّ الدُّجى / برقٌ على أَثَلاثِ نجدٍ يلمِعُ
تحكي التهابَ ضِرامِه في مزنهِ / نارُ اشتياقي والهوادجُ تُرفَعُ
وخفوقَهُ خفقانُ قلبي كلَّما / أمسى مِنَ التفريقِ وهو مُرَوَّعُ
فالماءُ ما قد فَيَّضَتْهُ مدامعي / والنارُ ما استملتْ عليه الأضلُعُ
وخريدةٍ أبكي ويبسِمُ ثغرُها / فتغارُ مِلْخَجلِ البروقُ اللمَّعُ
وتَفُلُّ مِن لونِ الظلامِ غدائراً / سُفعاً وخيرُ حُلَى الشًّعورِ الأسفَعُ
أودعتُها قلبي غداةَ فراقِها / لمّا استقلَّ بها الفريقُ وودعوا
فلكم على آثارِها مِن مهجةٍ / حرَّى وعينٍ للتفرُّقِ تَدمَعُ
ولكم بكيتُ على المرابعِ وحشةً / لمّا خلا مُصطافُها والمَرْبَعُ
ومتيَّمٍ أضحى وقد بَعُدَ المدى / يبكي الطلولَ بدِيمةٍ لا تُقلِعُ
يرمي الهضابَ بطرفهِ فكأنَّما / في كلَّ هَضْبٍ للأحبَّةِ مَطلَعُ
ويبيتُ مسلوبَ الفؤادِ مولّهاً / مِمّا عراهُ مسهَّداً لا يَهجعُ
هجرَ السكونَ إلى المضاجعِ بعدما / باتتْ كأنَّ بها أراقمَ تلسعُ
يستافُ أرواحَ الشَّمالِ إذا شَرَتْ / نشوَى الهبوبِ بنشرِها يتضوَّعُ
مِن بعدِما قد كنتُ أعهدُ قلبَه / بالجِزعِ ثَبْتاً للنوى لا يَجْزَعُ
أتراهُ يقنعُ بالخيالِ وقد نأتْ / عنه وكانَ بوصلِها لا يقنعُ
قد كانَ ذلكَ والشبابُ إلى الهوى / والغانياتِ محبَّبٌ ومشفَّعُ
واليومَ غيَّرَهُ المشيبُ بجورِه / فغدا بطيفِ خيالِها لا يطمعُ
أحبابَنا بنتمْ فوجدي دائمٌ / والصبرُ فانٍ والحنينُ مُرَجَّعُ
أترى تعودُ الدارُ تجمعُ شملَنا / بكمُ وتختلسُ التحيَّةَ اِصْبَعُ
وأرى التحيةَ بالبنانِ واِنْ تكنْ / دِينَ القناعةِ أنَّها لا تَنفعُ
أم للعليلِ وقد تفاقمَ داؤه / بكمُ شِفاءٌ أو غليلٌ يُنقَعُ
هيهاتَ لمّا يَبْقَ إلا عبرةٌ / تسقي منازلكمْ وسِنٌ تُقرَعُ
ونجائبٌ تلقى الثرى بمناسمٍ / أدمى الحصى أخفافَها واليَرْمَعُ
ذهبَ الذميلُ بِنَيَّها وتماسكتْ / كرماً فجالتْ للهُزالِ الأنسُعُ
وطما السرابُ وغرَّها رقراقُه / فتساقطتْ فيه تَعُبُّ وتكرعُ
وسرتْ لطيَّتِها ظِماءً مثلما / وَرَدَتْهُ تهديها الطريقُ المَهْيَعُ
ماذا الذي نالتْهُ لمّا غرَّها / منه لقد عَدِمَ الرواءَ اليلْمَعُ
متسابقاتٌ في الفجاجِ كأنمَّا / طَفِقَتْ تُسابِقُها الرياحُ الأربَعُ
فقرُبنَ بل قرَّبنَ داراً لم تزلْ / مِن دونِ أهليها القفارُ البلقعُ
وأتينَ أحباباً حَفِظْتُ على النوى / لهمُ العهودَ وهمْ لعهدي ضيَّعوا
اِنْ أعوزَ الوِردُ الركائبُ بعدَما / بانوا فها دمعي لهنَّ المشرعُ
دِمَنٌ حُبِسنَ على الغرامِ وأربعُ
دِمَنٌ حُبِسنَ على الغرامِ وأربعُ / دَرَستْ معالِمَها الرياحُ الأربَعُ
لم يبقَ بعدَ أهيلِها إلا حشاً / قَلِقُ وعينٌ للتفرُّقِ تَهْمَعُ
ظعنوا فلي جسمٌ يذوبُ صبابةً / مِنْ بعدِ ينهمُ وقلبٌ موجعُ
سفهَّا وقفتُ على الديارِ وقد نأوا / عنها أخاطبُ أرسماً لا تسمعُ
حجلَ الغرابُ بها فوَيحَ منازلٍ / تمسي وساكنُها الغرابُ الأبقعُ
مالي وللأطلالِ أو لحمامةٍ / هذي أسائلُها وهذي تسجعُ
حالٌ أَلِفْتُ به وفي زمنِ الصَّبا / رَمَقٌ وفي قوسِ الشبيبةِ مِنزَعُ
واِذا الشبابُ مضى بغيرِ لذاذةٍ / تُصبي الخليَّ فاِنَّه لمضيَّعُ
ما أنتَ أوَّلَ مَنْ أطاعَ فؤادَهُ / فغدا يَخُبُّ به الغرامُ ويوضِعُ
فاخلعْ عذارَ اللهو قبلَ فواتِه / مرحاً ورَيْعانُ الشبابِ مشفَّعُ
فالعيشُ كلُّ العيشِ اِمّا روضةٌ / غناءُ أو قدحٌ يدارُ مُشَعْشَعُ
هاتيكَ تصبيكَ الزهورُ أنيقةٌ / فيها وذاكَ لفرطِ همَّكَ يردعُ
رقَّ الزجاجُ وراقَ فيه خمرُهُ / حتى حسبتَهما سراباً يلمعُ
فتوافقا لوناً وحسنَ صناعةٍ / فالكأسُ أصنعُ والمُدامةُ أنصعُ
ومعاشرٍ صدعوا الفؤادَ بعذلِهم / والعذلُ يصدعُ والملامةُ تقدعُ
عذلوا فقلتُ وفي الجوانحِ جمرةٌ / للعذلِ يشكو مِن لظاها الأضلعُ
ماذا يريدُ العاذلونَ وقد خلا / للقوم مصطافٌ يروقُ ومربعُ
ومضى الوصالُ حميدةٌ أيامُه / كرهاً فأَخْفَقَ في الَّلقاءِ المطمعُ
فدعوا محبّاً ما ألمَّ مُسلَّماً / حتى دعا بهمُ الفراقُ فودَّعوا
فأقامَ يَخْذُلُهُ التصبُّرُ بعدَما / بانوا وتنصرُهُ عليهِ الأدمُعُ
متبلَّداً متلدَّداً لا حزنُهُ / يُغني ولا فرطُ التلهُّفِ ينفعُ
يَشْجَى فتُسعِدُهُ بوادرُ عبرةٍ / والطيرُ تصدحُ والصباحُ ملمَّعُ
في أربعٍ كادتْ لِما صنعَ النوى / تبكي بعينِ صبابةٍ لا تَدمَعُ
ذهبوا وغيرَّها الزمانُ ونشرُهمْ / في كلَّ ناحيةٍ بها يتضوَّعُ
يا مَنْ يبيتُ وطرفُهُ مِن بعدِما / رحلَ الأحبَّةُ ساهرٌ لا يَهجعُ
رحلوا وقد كانَ الحجابُ وصونهمْ / قبلَ النوى فيه لقلبكَ مقنعُ
وأما وأيّامِ العقيقِ ولَعْلَعٍ / ما زالَ يُشغفُني العقيقُ ولَعْلَعُ
فلكم أُراجِعُ في النزوعِ اليهما / قلبي ويُغريهِ الحمى والأجرَعُ
هذا يذكَّرهُ وذاكَ يشوقُه / وهما يقودانِ الحنينَ فيتبعُ
ارضُ يُرى في كل ناحيةٍ لها / أو كلَّ قطرٍ للأحبَّةِ مطلعُ
أحبابَنا كم ذا الولوعُ بهجرِنا / عَنَتاً ولي بكمُ فؤادٌ مولعُ
دمعي وصبري يومَ زُمَّتْ عيسُكمْ / ضدّانِ ذا عاصٍ وهاطَّعُ
يا صبرُ بنْ بعدَ الخليطِ فهذه / الأطلالُ وهي مِنَ الحبائبِ بلقعُ
لم يبقَ بعدَ رحيلِ جيرانِ النقا / اِلاّ ادَّكارُ هوًى وسِنٌّ تُقْرَعُ
أزمانَ وصلِهمُ الشهيَّ وما مضى / مِن طيبِ عهدِكَ هل لعصرِكَ مرجِعُ
ما مزنةٌ سقتِ الديارَ دموعُها / وجلَتْ عزاليها البروقُ اللمَّعُ
يوماً كددمعي أو كنارِ تحرُّقي / والعيسُ تُحدَجُ والهوادجُ تُرْفَعُ