المجموع : 3
عهدُ المحبِّ المخلِص المتطوِّع
عهدُ المحبِّ المخلِص المتطوِّع / متجمِّع أبدا وإن لم يجمعِ
يُرجى الوفاءُ من المَلُول وإن نأَى / والحفظُ لا يرجى من المتصنّع
مالي عدِمتُ مكاتباتِك بُرْهَةً / لملالة ذا أم لخوف موجِعِ
إن كنتَ من تضييع سرِّك عندنا / تخشى فكيف تُضيع غيرَ مضيِّعِ
مكنونُ سرِّك في فؤادي ثابتٌ / بين الجوانِح والحشى والأضلُعِ
إني جعلت عليك أعدل شاهدٍ / يرعاك حسن ودادِك المتسرع
فاربَعْ مع الكرماءِ تحت وفائهم / حتى تقولَ لك العلا لا تربعِ
واصبِر لرَيْب الدهر صبر مجرّب / وادفع رزاياه بأحسنِ مَدْفعِ
فلعلّه يوماً يعود بعَطْفِهِ / يُحيي حُشاشات العطاشِ الجُوَّعِ
إن كنت تعلم أنني أهلٌ لما / تُسْدِي إليَّ من الوفاء فمَنْ معي
فَوَحقّ مَنْ أنا نجله مِن هاشم / قَسَماً يتمّ من الحسابِ لأربعِ
لأُمكِّنَنَّ البِيضَ من هامِ العِدَا / ولأقطعن أنامِلاً لم تقطعِ
ولأنزعن من التراقي غُصَّة / لم تنتزع بالبِيض إذْ لم تبلعِ
الراح أجمعُ للسرورِ وأنفعُ
الراح أجمعُ للسرورِ وأنفعُ / في مثلِ ذا اليومِ الذي يتلمَّع
صحوٌ وغَيم في سماءٍ أصبحت / وكأنّها بهما غراب أبقع
يوم كأنّ الريح في أرجائِهِ / لُحُفٌ مشقَّة تمرّ وترجِع
فاطرَبْ فذا وجهُ الرِّياضِ مرصَّعٌ / واشرب فذا ثوبُ السماءِ مجزّعِ
الشوقُ يَستسقِي العيون الأدمعا
الشوقُ يَستسقِي العيون الأدمعا / والعَدْلُ يسقي القلب سمّا مُنقعا
فعرِفْن منْ لمتنَّ في عَبَراتِهِ / وارجِعن عن غايات شوقي ظُلَّعا
أمُريدَ سمعِي لومَه منَع الهوى / من كان مِثلي مُدْنَفا أن يسمعا
أأردتَ من قلِقِ الحشى أن يرعوِي / ومنَ المتيّم قلبُه أن يُقلِعا
والله لا عصتِ الجوى أحشاؤُه / أبدا ولا أضْحى لِلومِك طيِّعا
حتى تُفرِّجَ كربَ نفسٍ صبَّةٍ / في صدره وتُريحَ قلباً موجَعا
وإذا فشا سقم المحِبِّ ودمعه / مَنَعَا منِيع السرّ أن يتمنّعا
للهِ أيُّ دمٍ أرِيق وموقف / للبين ضَمَّ مودِّعا ومودَّعا
وَقفا على جمرِ الأسى يَصِفانه / مُتَعانِقَيْنِ كأنما خُلِقا معا
خَرِسا خلا دمعا يجول وأنفساً / مقبوضة وتنفُّساً متقطّعا
أَسْفَرْن عن مثلِ البدورِ طوالعاً / وضحِكن عن مثل البوارِقِ لمَّعا
وكشفن عن جَعْدٍ كأنّ فروعه / أمست مغِيبا للدّجى أو مطلعا
وَبَللْن كافورَ الخدودِ من البكا / فَبَدا بياقوتِ الدموعِ مرصَّعا
بانوا فبان لِبَيْنِهمْ طِيبُ الكَرى / وتقطّعوا فغدا الحشى متقطعا
أتبعتُهمْ من أدمعي ما لو غدا / مَطَراً لروَّى عِيسَهم والبلقعا
وَتَنفُّساً لو لم أُبرّدْ حَرَّهُ / بمدامِعي ودَمِي لقضَّ الأضلُعا
أصباً وقد ودّعتُ خُلاّنَ الصِّبا / ونهيت قرح جوانحي أن يَبجعا
لأخالِفنّ على الهوى من عَقَّنِي / وأذيقه ما قد أذاق وجرّعا
نحن الّذين بهم تَسامَتْ هاشمٌ / حتى حَوَتْ شَرَف المعالِي أَجْمَعا
رهطُ النّبِيّ وآلُه وبنوه مِن / دون البنين ونَبْتُه مُتَرَعْرِعا
والمُصْطَفَيْنَ المرتضين من الورى / والمفضلِين بما حَوَوْه تَسَرُّعا
والمطعِمين إذا الرياح تناوحت / شُعْثَ الأَرامِلِ واليتامَى الجُوّعا
والحازمين العازمين شهامةً / والقائلين الفاعلين تَبَرُّعا
والفاتِقين الرّاتقين سياسةً / والطاعِنين الضاربين تَشَجُّعا
والمصبِحين لكل عافٍ مَلْجَأً / والرائحين لكلّ عانٍ مَفْزَعا
والطالعين على البريّة أَنْجُماً / والكائنين لهم غُيوثاً هُمَّعا
والفاطِمِيّين الذين إذا انْتَمَوْا / حازُوا التُّقَى والْفَضْلَ أَجْمَعَ اَكْتَعا
لا ندَّعي ما ليس يَعْرِفه الورَى / منّا إذا كَذَبَ المُفاخرُ وادّعى
وإذا تصنَّع للعُلا مُتَصَنِّعٌ / لم نأْتِ أفعال الجميلِ تَصَنُّعا
شَرَفٌ بنته لنا البتولُ وبعلُها / وابناهما حتى رسا وتمنّعا
واستودَعوه بعدَهم أبناءَهمْ / فبنوا عليه وشيَّدوا المستودعا
نحن الذين بِنا الكتابُ مُنَزَّلُ / وبنا يُجِيبُ الله دعوةَ من دعَا
ولنا النَّدَى ولنا السَّدَى ولنا الهدى / ولنا الجَدَا ولنا الرَّدى يومَ الوعى
لم نُلْفَ إِلاَّ ماجداً أو راشِداً / أو رافِداً أو صاعِداً أو مِصْقَعا
ولَرُبَّ مُضْطَرٍّ دَعاني صَارِخاً / يرجُو نَدايَ ونُصْرَتي مُتَكَنِّعا
لَبَّيْتُه مُتَسَرِّعاً ومَطَرْته / مُتَدفِّعا ونصرته مُتَطَوّعَا
وطَروقِ ليلٍ فاتَه مُسْتَنبِحا / حتى يَخيل من العُواءِ سَمَعْمعا
أَوْقَدت ناري باليَفاع لعَيْنه / ودعوتُه وَهْناً إليّ فأوضعا
وقريته بِشْري فبات مُمَهّدا / وأَلَمَّ غرثانا فألفِي مُشْبَعا
وكتيبةٍ فرقتها وشدائدٍ / فَرَّجْتُهن ولم أبِتْ مُتَضَجّعا
أقبلتها بِيضَ السيوف عواريا / يوم الكريهة والعوالِي شُرّعا
أَبَني عَليّ إنْ نَكُنْ نُنْمَى إلى / حَسَب أنافَ بنا وَجَدٍّ أَرْوعا
فلقد علمتمْ أَنني أَغْشَى الوغَى / وأَنوب في الجُلَّى قَؤولا مُسْمِعا
ولقد علمتمْ أَنني رُضْتُ العُلا / يَفَعاً وحاولتُ المكارمَ مُرْضعاً
أَرمِي مُعادِيَكم وأَجْبُرُ صَدْعَكُمْ / وأَذُبُّ عن أَعراضِكم مُتَوَرّعا
فَدَعُوا لِيَ الشرفَ الذي شيَّدْتُه / إذ هِضْتُموه فانْكَفَا وتَضَعْضَعا
ضَيَّعتموهُ ولم يكنْ آباؤكُمْ / لِتُضِيعَه فحفِظتُ ما قدْ ضُيِّعا
والمرءُ لا يَحوِي العلا بجُدودِه / إذ لا ينالُ المرءُ إلا ما سعى
فإذا زكتْ أفعالُه وأُصولُه / كانت له قِممُ الكواكب مَرْبَعا
إني لتغزوني الخطوبُ مُغِيرةً / فيكم وبي صدق اللِقَاء سَميْدعا
لا أَستكين من الزمان ضراعةً / كلاّ ولا أَشكو وغاه تَوَجُّعا
وإذا وَعَدتُ وَفَيْت لا مُتَبَرِّماً / وإذا هَمَمْت فعلتُ لا مُتَوقِّعا
لا تُبْطِر السَّراءُ بي خُلُقاً ولا / أَغدو على ضَرّائِها مُتَخَشِّعا
لي في المشارق والمغارب جولةٌ / يَغْدُو بها قلبُ الزمانِ مُصَدَّعا
تَسْتَجْفِلُ الآسادَ عن أَجَماتها / وتُشَيِّبُ الطِّفْلَ الذي ما أَيْفعا
فادْفعْ بحدِّ السّيفِ كلَّ ظُلامةٍ / إن لم تَجِدْ يوماً سِواه مَدْفَعا
واركب رؤوسَ السَّمْهَريّة في العُلا / فالرمحُ ناهٍ للعُلا أَن تشسعا
فبذاك أَوصاني الوصِيّ ورَهْطُه / وعَلَيَّ فَرْضٌ أَنْ أُطيع وأَسمعا
فالفَرْعُ ليس يُخالفُ الأَصلَ الذي / منه ابْتَدا نَبْتاً وعنه تَفَرّعا
عجباً لمُفْتَخِرٍ بعبّاسِيَّة / يُزْجِي القوافي ضلَّةً وتَخَدُّعا
والله لا سَتَروا الضُّحَى بأَكفّهِم / أبدا ولا منعوا السَّنا أن يلمعا