المجموع : 10
وَضَحَ اليقينُ لمن يَرى أو يَسمعُ
وَضَحَ اليقينُ لمن يَرى أو يَسمعُ / ولَقلَّما تُجدِي الظُّنونُ وتَنفعُ
النَّصرُ حَقٌّ والمُنَبِّئُ صادقٌ / والويلُ للمغرور ماذا يَصنعُ
اخشَعْ أبا لهبٍ فإنْ تَكُ ذا عَمىً / فجبالُ مَكّةَ والأباطحُ خُشَّعُ
مولى رسولِ اللّهِ يُضرَبُ ما جنى / ذَنباً ولم يك كاذباً يَتَشَيَّعُ
هِيَ يا أبا لَهَبٍ كَتائِبُ رَبّهُ / نَزلتْ تُذِلُّ الكافرين وتقمعُ
أخذتْ لُبابةُ للضّعيفِ بحقّهِ / ومَضَى الجَزَاءُ فأنت عانٍ مُوجَعُ
وشَفَتْهُ مِنكَ بضربةٍ ما أقلعتْ / حتَّى رمتكَ بِعلَّةٍ ما تُقلِعُ
قَالتْ بَغَيْتَ عليه واسْتَضعفتَهُ / أن غابَ سَيِّدُهُ وَعزَّ المفزَعُ
ما بالعمودِ ولا بِرأسِكَ رِيبةٌ / إنَّ الغوِيَّ بمثلِ ذلك يُردَعُ
حُييتِ أمَّ الفضلِ تلك فضيلةٌ / فيها لك الشَّرفُ الأعزُّ الأمنعُ
اللّهُ أهلكَهُ بداءٍ ماله / شافٍ ولا فيه لآسٍ مَطْمَعُ
تمضي البشائرُ جُوّلاً وتجولُ في / دمهِ السُّمومُ فجِلدُهُ يَتمزَّعُ
أمسى المُكاثِرُ بالرجالِ مُبغَّضاً / يُجْفَى على قُربِ المزارِ ويُقطعُ
أكلته صاعِقَةُ العمودِ وإنّما / أكلته سَبْعٌ بعد ذلكَ جُوَّعُ
هم غادروه ثلاثةً في دارِهِ / لا الدّارُ تَلفظهُ ولا هُوَ يَنزعُ
تَتَجَنّبُ الأيدي غَوائِلَ دائِه / فَيُدَعُّ بالخُشُب الطوالِ ويُدفَعُ
رجموه لو كَرِهَ السَّفاهةَ فارْعَوى / ما ساءَ مَهلكُه وهالَ المصرَعُ
ما أكثرَ الباكِينَ مِلءَ جُفونهم / للجمعِ بالبيضِ البَواتر يُصدَعُ
جَزَّ النِّساءُ شُعورَهنَّ وغُودِرَتْ / والبيتُ يَشدو والحَطيمُ يُرجِّعُ
والمُسلِمونَ بنعمةٍ من ربِّهمْ / فيها لِكُلِّ مُوَحِّدٍ مُسْتَمتَعُ
اللّهُ أكبرُ لا مَردَّ لحكمِه / هُوَ ربُّنا وإليهِ منّا المرجعُ
هدأ المخيَّمُ واطمأنَّ المضجعُ
هدأ المخيَّمُ واطمأنَّ المضجعُ / وأبى الهدوءَ الصَّارِخُ المتوجِّعُ
الحقُّ جَنْبٌ بالجراحةِ مُثْخَنٌ / وَحُشَاشَةٌ تهفو وقلبٌ يَفزَعُ
يا سعدُ خطبُكَ عند كلِّ مُوَحِّدٍ / خَطبٌ يجيءُ بهِ الزَّمانُ ويرجِعُ
السَّهمُ حيثُ تَراهُ لا آلامُهُ / تُرجَى عَوَاقِبُها ولا هُو يُنزَعُ
ما أنتَ حَيْثُ يكونُ سَيِّدُ قومِهِ / أين الولائدُ والفِناءُ الأوسعُ
لكَ من رُفَيْدَةَ خَيْمَةٌ في مَسْجِدٍ / للمعشرِ الجَفَلَى تُقَامُ وترفَعُ
بل تلك منزلةُ الصَّفِيِّ بَلَغتَها / فَوَفَى الرجاءُ وصَحَّ مِنكَ المَطمعُ
حَدِبَ الرسولُ عليكَ يَكرهُ أن يَرى / مَثواكَ مطَّرَحَ الجِوارِ ويَجزعُ
جارَ الرسولِ وما بُليتَ بحاسدٍ / الخيرُ والرضوانُ عِندَكَ أجمعُ
قال اجعلوا البطلَ المنوَّهَ باسمِهِ / منِّي على كَثَبٍ أراهُ وأسمعُ
وَأَعُودُهُ ما شئتُ أَقضِي حَقَّهُ / وأرى قَضَاءَ اللَّهِ ماذا يَصنعُ
حَسْبُ المجاهدِ أن يكونَ بمسجدي / فَلَذَلكَ الحَرَمُ الأعزُّ الأمنعُ
اللَّهُ خَصْمُكَ يا ابن قيسٍ إنّه / سَهْمٌ أُصيبَ به التَقِّيُّ الأروَعُ
لا أخطأتكَ من الجحيمِ وَحرِّها / مشبوبةٌ فيها تُدَعُّ وتُدفَعُ
لِمَنِ الدمُ الجاري يَظَلُّ هَدِيرُهُ / مِلءَ المسامعِ دائباً ما يُقلِعُ
أفما تَرَوْنَ بَني غِفَارٍ أنَّه / من عندِ خيمتكم يفيضُ ويَنْبُعُ
ماذا بِسَعْدٍ يا رُفَيْدَةُ خَبِّري / إنّ القلوبَ من الجنُوبِ تَطَلَّعُ
يا حَسْرَتَا هو جُرْحُه يجرِي دَماً / بعد الشِّفَاءِ ونَفسُهُ تَتَمزَّعُ
حَضرتْ منيّتُهُ وحُمَّ قَضَاؤُه / ولكلِّ نَفسٍ يَومُها والمصرعُ
ضَجَّ النُّعاةُ فهزَّ يثربَ وَجدُها / وهفا بِمَكَّةَ شَجُوها المتنوِّعُ
رُكنٌ من الإسلامِ زَالَ وما انتهى / بانيهِ ذَلكمُ المُهمُّ المُفظِعُ
خَطبٌ أصابَ المسلمينَ فذاهلٌ / ما يَستفيقُ وجازعٌ يَتَفَجَّعُ
صَبراً رسولَ اللهِ إن تكُ شِدَّةٌ / نَزَلَتْ فإِنَّكَ لَلأشَدُّ الأَضلَعُ
أنت المعلِّمُ لا شريعةَ للهُدى / إلا تُسَنُّ على يَدَيْكَ وتُشْرَعُ
تَمضي على المُثْلَى وكلٌّ يَقتَفِي / وَتَجِيءُ بالفُضلَى وكُلٌّ يَتْبَعُ
أقِمِ الصَّلاَةَ على الشَّهيدِ وسِرْ بِهِ / في ظِلِّ رَبِّكَ والملائكُ خُشَّعُ
يمشونَ حولَ سريره عَدَدَ الحصى / فالأرضُ ما فيها لِرِجلكَ مَوْضِعُ
تمشي بأطرافِ الأصابِعِ تَتَّقِي / ولقد تكون وما تُوقَّى الإصبعُ
العرشُ مُهتزُّ الجوانبِ يَحتَفِي / واللَّهُ يضحِكُ والسَّماءُ تُرجِّعُ
يا ناهضاً بالدينِ يَحملُ عِبْأَهُ / والبأسُ يعثرُ والسَّوابِقُ تَظْلَعُ
اهنأ بها حُلَلاً حملت حِسانَها / نُوراً على نُورٍ يُضيءُ وَيَسْطَعُ
هذا مكانُكَ لا العطاءُ مُقَتَّرٌ / عِندَ الإلهِ ولا الجزاءُ مُضَيَّعُ
لك يومَ بدرٍ عند ربّكَ مَشهدٌ / هُوَ للهُدَى والحقِّ عُرسٌ مُمتِعُ
نُصِرَ النبيُّ به على أعدائِهِ / والجوُّ يُظْلِمُ والمنايا تَلمعُ
كانت مقالةَ مُؤمنٍ صَدَعَتْ قُوَىً / زعمتْ قُريشٌ أنّها لا تُصدَعُ
بعثَتْ من الأنصارِ كلَّ مُدرَّبٍ / يَقِظَ المضارِبِ والقواضِبُ هُجَّعُ
يا سعدُ ما نَسِيَ العريشَ مُقيمُه / يحمي غِياثَ العالمين ويمنعُ
لمّا تَوالَى الزَّحفُ جِئتَ تَحُوطُهُ / وتَرُدُّ عنه المشركِينَ وتَردعُ
في عُصبةٍ ممّن يَليكَ دَعَوْتَهَا / فالبأسُ يَدلفُ والحميَّةُ تُسرِعُ
قمتم صفوفاً كالهضابِ يشدُّها / راسٍ على الأهوالِ ما يتزعزعُ
ولقد رَميتَ بني قريظةَ بالتي / سَمِعَ المجيبُ فهالكٌ ومُروَّعُ
أحببْ بها من دعوةٍ لك لم تَمُتْ / حتى أصابك خَيَرُها المتوقَّعُ
نقعَ الإلهُ غَليلَ صَدرِك إنّه / يَشفِي صدور المؤمنين وينقعُ
إن شيعوك فلم تجدني بينهم / فالخطبُ خطبي والبيانُ مُشيِّعُ
الدهرُ معمورٌ بذكرِكَ آهلٌ / ما في جوانبِهِ مكانٌ بلقعُ
خَطَب الرسولُ فَكُلُّ سَمْعٍ مُنْصِتٌ
خَطَب الرسولُ فَكُلُّ سَمْعٍ مُنْصِتٌ / في الخَافِقَيْنِ وكلُّ قلبٍ خَاشِعُ
قُلْ يا محمّدُ كُلُّ شيءٍ مُطرقٌ / يَرجو المزيدَ وكلُّ شيءٍ سَامِعُ
قل ما يُعَلِّمكَ الذي هو عَالِمٌ / أنّ النُّفوسَ إلى الفسادِ نَوازِعُ
أدِّبْ بدينِ اللَّهِ قَوْمَكَ إنّه / دِينٌ لأشتاتِ الفضائلِ جامعُ
هذا تراثُ العالمِينَ بأسرهم / يَجرِي عليهم نَفْعُه المتتابعُ
فلكلِّ عصرٍ منه وِردٌ سائغٌ / ولكلِّ جِيلٍ منه كَنْزُ رائعُ
قُل للذي تَرك السّبيلَ ألا اسْتَقِمْ / وعَنِ العَمايةِ فَلْيَزَعْكَ الوازِعُ
فإذا غَوَيْتَ فكلُّ شيءٍ ضائرٌ / وإذا اهتديتَ فكلُّ شيءٍ نافعُ
اللَّهُ أنزلَ في المفصَّلِ حُكمَهُ / والحقُّ يعرفه التَقيُّ الطائعُ
يا أَيُّها الداعي وَلَيسَ بِمُسمِعٍ
يا أَيُّها الداعي وَلَيسَ بِمُسمِعٍ / أَمسِك عَلَيكَ الصَوتَ حَتّى يَسمَعوا
هُم يَعرِفونَ الحَقَّ فَاِنصَح غَيرَهُم / إِن كانَ هَذا النُصحُ مِمّا يَنفَعُ
أَعَلَيكَ في أَمرِ البِلادِ مُعَوَّلٌ / وَإِلَيكَ في جِدِّ الحَوادِثِ مَرجِعُ
هَوِّن عَلَيكَ فَفي البِلادِ مَدارِهٌ / تُدلي بِحُجَّتِها الَّتي لا تُدفَعُ
لا تَمنَعَنَّ مِنَ العَدُوِّ ذِمارَها / إِنَّ الذِمارَ بِغَيرِ بأسِكَ يُمنَعُ
إِنَّ العَدُوَّ أَحَبُّ مِمَّن تَصطَفي / وَأَجَلُّ شَأناً في النُفوسِ وَأَرفَعُ
لا يَجهَلُ القَومُ الَّذينَ تَمَرَدّوا / أَنَّ الرِقابَ لِحُكمِهِم لا تَخضَعُ
لَيسوا لَنا أَهلاً وَلَسنا نَبتَغي / بَدَلاً بِأَهلينا الَّذينَ تَمَزَّعوا
إِخواننا الأَدنَونَ يُلحِقُنا بِهِم / عَلَمٌ يُظَلِّلُنا وَدينٌ يَجمَعُ
سَيَلفُّنا الزَمَنُ المُفَرِّقُ بَينَنا / وَيَضُمُّنا العَهدُ الَّذي نَتَوَقَّعُ
فَتَزول أَيّامُ النُحوسِ وَتَنقَضي / مِن حادِثاتِ الدَهرِ ما نَتَجَرَّعُ
إِنَّ النُفوسَ عَلى جَلالِ سُكونِها / لَتَجيشُ لِلحَدثِ الجَليلِ وَتَفزَعُ
وَالشَعبُ ما حَمَلَ البَلاءَ فَإِنَّهُ / مَهما تَجَلَّدَ لا مَحالَةَ يَجزَعُ
أَتُحارِبونَ اللَهَ في جَبَروتِهِ
أَتُحارِبونَ اللَهَ في جَبَروتِهِ / أَم تَمكُرونَ بأُمَّةٍ ما تُخدَعُ
عَقَدَت عَزيمَتَها عَلى اِستِقلالِها / وَمَضَت لِطَيَّتِها تَخُبُّ وَتُوضِعُ
لا تَمتَري في الحَقِّ تَطلُبُهُ وَلا / تَلوي العِنانَ لِباطِلٍ لا يَنفَعُ
إِنَّ الحَوادِثَ لا أَبا لَكَ عَلَّمَت / مَن كانَ يَجهَلُ أَيَّ حِزبٍ يَتبَعُ
اليَومَ يَصنَعُ ما تَضيقُ بِهِ الدُنى / مَن كانَ أَمسَ يَقولُ ماذا نَصنَعُ
داعي الجِهادِ دَمٌ بِجِسمِكَ جائِلٌ / وَسِلاحُهُ نَفَسٌ يَجيءُ وَيَرجِعُ
وَالأَرضُ مُضطَرَبٌ لِعَزمِكَ واسِعٌ / وَلَكَ المُحَلَّقُ في الجَواءِ الأَرفَعُ
ما ضاقَ في الدُنيا مَجالُ مُغامِرٍ / إِلّا تَقاذَفَهُ المَجالُ الأَوسَعُ
لا تَفزَعَنَّ إِذا تَطَلَّعَ حادِثٌ / هِمَمُ الرِجالِ عَلى الحَوادِثِ طُلَّعُ
شجنٌ بِقَلبِكَ يَطمَئِنُّ وَيَفزَعُ
شجنٌ بِقَلبِكَ يَطمَئِنُّ وَيَفزَعُ / وَهَوىً لِنَفسِكَ يَستَقِلُّ وَيَرجِعُ
تَنسى الشُموسَ الغارِباتِ وَقَد بَدا / لِهَوى الأَحِبَّةِ مِن جُفونِكَ مَطلَعُ
دَمعٌ تَرَدَّدَ مِنكَ خَلفَ عَزيمَةٍ / ذابَت فَفاضَ كِلاهُما يَتَدَفَّعُ
لَكَ أَن تَبيتَ عَلى الصَبابَةِ عاكِفاً / قَلِقت وَسادُكَ أَم تَلَوّى المَضجَعُ
أَيُطيقُ عِبءَ النَومِ جَفنٌ مُتعَبٌ / وَيُطيعُ حُكمَ الصَبرِ قَلبٌ موجَعُ
تَبَلَتكَ مِصرُ وَمِصرُ في حَرَمِ الهَوى / دارٌ تَضُمُّ العاشِقينَ وَتَجمَعُ
يُجبى لَها شَغَفُ القُلوبِ وَإِنَّما / تُجبى القُلوبُ بِأَسرِها وَالأَضلُعُ
ما أَنتَ وَحدَكَ بِالكِنانَةِ مولِعاً / كُلٌّ بِها صَبٌّ وَكُلٌّ مولَعُ
دارٌ تُزَوِّدُ كُلَّ ناءٍ لَوعَةً / تَجِدُ الدِيارُ غَليلَها وَالأَربُعُ
وَضَعَ الجِباهَ الشُمَّ عَن عَليائِها / جاهٌ أَشَمُّ لَها وَعِزٌّ أَرفَعُ
كَأسُ الهَوى العُذرِيِّ فَوقَ يَمينِها / حَرّى يُلِمُّ بِها المَشوقُ فَيُصرَعُ
يَمشي الشَهيدُ عَلى الشَهيدِ وَإِنَّما / يَمضي عَلى أَثَرِ الرِفاقِ وَيَتبَعُ
يا مِصرُ أَنتِ لِكُلِّ نَفسٍ مَطلَبٌ / جَلَلٌ وَأَنتِ لِكُلِّ قَلبٍ مَطمَعُ
في كُلِّ مُطَّرَحٍ حَزينٌ يَشتَكي / وَبِكُلِّ مُضطَجَعٍ صَريعٌ يَفزَعُ
يَنسابُ فيكَ النيلُ مِلءَ عِنانِهِ / فَالحُسنِ ينبتُ وَالملاحَةُ تَنبُعُ
حاباكِ مِن جَعلَ المَحاسِنَ آيَةً / لَكِ مِن رَوائِعِها الطِرازُ الأَبدَعُ
لَكِ مِن أَيادي الحُسنِ كُلُّ سَنِيَّةٍ / يَجني هَواكِ عَلى القُلوبِ فَتَشفَعُ
عُذرُ الصَبابَةِ أَنَّ حُبَّكِ سُؤدُدٌ / عالٍ وَمَجدٌ ما يُرامُ فَيُفرَعُ
تُحيينَ بِالقَتلِ النُفوسَ فَلا المُنى / تُطوى لَدَيكَ وَلا الدِماءُ تُضَيَّعُ
بِدَمي وَكُلِّ دَمٍ إِلَيَّ مُحَبَّبٍ / دَمُكِ الزَكِيُّ إِذا أَصابَكَ مُفجِعُ
إِنّي قَضَيتُ فَكُلُّ عيدٍ مَأتَمٌ / حَتّى يُظِلَّكِ عيدُكِ المُتَوَقَّعُ
اللَهُ شاءَ فَمَن يُبَدِّلُ حُكمَهُ / وَقَضى القَضاءَ فَمَن يَرُدُّ وَيَمنَعُ
سيري عَلى بَرَكاتِهِ وَتَمَسَّكي / مِنهُ بِحَبلِ عِنايَةٍ ما يُقطَعُ
تَمشينَ ظامِئَةَ المَطالِبِ وَالمُنى / وَكَأَنَّما يَمشي إِلَيكِ المَشرَعُ
لا تَترُكي المُتَطَيِّرينَ لِيَأسِهِم / اليَأسُ يَكذِبُ وَالتَطَيُّرُ يَخدَعُ
في كُلِّ أُفقٍ إِن نَظَرتِ وَكَوكَبٍ / نورٌ يُضيءُ مِنَ الرَجاءِ وَيَسطَعُ
فَخُذي البِشارَةَ مِن فَمي وَتَأَمَّلي / آياتِ رَبِّكِ وَاِنظُري ما يَصنَعُ
يا سوءَ ما حَمَلَ البَريدُ وَيا لَها
يا سوءَ ما حَمَلَ البَريدُ وَيا لَها / مِن نَكبَةٍ تَدَعُ النُفوسَ شَعاعا
يا رَبِّ ما ذَنبُ الَّذينَ تَتابَعوا / يَستَرسِلونَ إِلى المَنونِ سِراعا
جَرحى وَما حَمَلوا السُيوفَ لِغارَةٍ / صَرعى وَما سَأَلوا العَدُوَّ صِراعا
قالوا الحَياةُ فَعوجِلوا أَن يَقرَعوا / عِندَ النِداءِ بِتائِها الأَسماعا
عِزريلُ نُبِّئَ ما أَصابَ جُموعَهُم / فَاِرتابَ ثُمَّ رَآهُمو فَاِرتاعا
مَرأىً يَشُقُّ عَلى العُيونِ وَمَشهَدٌ / يُدمي القُلوبَ وَيَقصِمُ الأَضلاعا
لَمّا أَطَلَّ الظُلمُ فيهِ بِوَجهِهِ / أَلقى عَلَيهِ مِنَ الحَياءِ قِناعا
وَدَعا بِنَيرونَ الرَحيمِ فَما رَنا / حَتّى تَراجَعَ طَرفُهُ اِستِفظاعا
وَصَفوا المُصابَ لِدَنشوايَ فَكَبَّرت / لِلمُصلِحينَ مَقابِراً وَرِباعا
وَاِستَيقَنَت أَنَّ الأُلى نُكِبَت بِهِم / كانوا أَبَرَّ خَلائِفاً وَطِباعا
يا مِصرُ خَطبُكِ في المَمالِكِ فادِحُ / وَمَصابُ أَهلِكِ جاوَزَ المُسطاعا
قَومٌ يَروعُهُمُ البَلاءُ مُضاعَفاً / وَتُصيبُهُم نِوَبُ الزَمانِ تِباعا
لاذوا بِحُسنِ الصَبرِ حَتّى زَلزَلَت / هوجُ الحَوادِثِ رُكنَهُ فَتَداعى
حَمَلوا القُلوبَ تَفورُ مِمّا تَصطَلي / وَتَمورُ مِمّا تَحملُ الأَوجاعا
إِن هاجَهُم طَمَعُ الحَياةِ رَمى بِهِم / خَطبٌ يُرَوِّعُ مِنهُمُ الأَطماعا
وَإِذا أَرادوا نَهضَةً نَفَرَت لَهُم / حُمُرٌ خَلا الوادي فَكُنَّ سباعا
سَفَكوا الدِماءَ بَريئَةً وَتَنَمَّروا / يَرمونَ شَعباً لا يُطيقُ دِفاعا
أَخَذوهُ أَعزَلَ آمِناً مُتَجَرِّداً / يُلقي السِلاحَ وَيَنزَعُ الأَدراعا
أَمَروا فَما نَبَذَ الخُضوعَ وَلا عَصى / وَنَهوا فَأَذعَنَ رَهبَةً وَأَطاعا
لَم يَذكُروا إِذ نَحنُ نَبذُلُ قُوتَنا / وَنَظَلُّ صَرعى في البُيوتِ جِياعا
بِئسَ الجَزاءُ وَرُبَّما كانَ الأَذى / عَدلاً لِمَن يَأَلو العَدُوَّ قِراعا
جاءوا فَقَومٌ يُضمِرونَ مَوَدَّةً / وَرِضىً وَقَومٌ يُضمِرونَ خِداعا
فَتَكافَأَ الحِزبانِ في حالَيهِما / وَمَضَت حُقوقُ العالَمينَ ضَياعا
لا يَستَقِلُّ الشَعبُ يَترُكُ حَقَّهُ / وَيَرى البِلادَ تِجارَةً وَمَتاعا
يَخشى العَدُوَّ فَلا يُطيقُ تَشَدُّداً / وَيُهالُ مِنهُ فَلا يُريدُ نِزاعا
إِنَّ الحَياةَ لِأُمَّةٍ مِقدامَةٍ / تُعيي العَدُوَّ شَجاعَةً وَمَصاعا
تُزجي إِلَيهِ مِنَ الحِفاظِ جَحافِلاً / وَتُقيمُ مِنهُ مَعاقِلاً وَقِلاعا
إِن سامَها في الحادِثاتِ تَفَرُّقاً / عَقَدَت عَلى خِذلانِهِ الإِجماعا
وَإِذا أَرادَ بِها الهَضيمَةَ أَرهَقَت / هِمَماً يَضيقُ بِها الدُهاةُ ذِراعا
يا رَبَّ مِصرَ تَوَلَّ مصرَ وَهَب لَها / شَعباً يُريدُ لَها الحَياةَ شُجاعا
لَو سيمَ يَوماً أَن يَبيعَ بِلادَهُ / بِمَمالِكِ الدُنيا مَعاً ما باعا
هُوَ مِهرجانُ اللَهِ فَاِنظُر وَاِخشَعِ
هُوَ مِهرجانُ اللَهِ فَاِنظُر وَاِخشَعِ / وَاِقرَأ عَلى الصَحبِ الرِسالَةَ وَاِسمَعِ
إِنَّ الأُلى جَعَلوا الكِتابَ إِمامَهُم / سَلَكوا السَبيلَ إِلى المَقامِ الأَرفَعِ
اللَهُ حافِظُهُ وَهُم أَنصارُهُ / جَعَلوا ذخائرَهُ بأكرمِ موضعِ
كم من عدوٍّ لو يُطيقُ رمى به / في قاعِ مُظلِمَةٍ وَلَم يتَوَرَّعِ
وَلَرُبَّ رامٍ مِن بَنيهِ مُلَثَّمٍ / وَمُحارِبٍ شاكي السِلاحِ مُقَنَّعِ
كَنزٌ مِنَ الآيِ الرَوائِعِ مُنزَلٌ / باقٍ عَلى الأَيّامِ غَيرَ مُضَيَّعِ
فيهِ الحَياةُ لِمَن يُريدُ سَبيلَها / بَيضاءَ تَصدَعُ كُلَّ داجٍ أَسفَعِ
وَهوَ الأَمانُ لِكُلِّ مَوهونِ القُوى / جَمِّ المَخاوِفِ وَالهُمومِ مُرَوَّعِ
فَتَحَ الحُماةُ بِهِ المَمالِكَ وَاِبتَنوا / دُنيا الحَضارَةِ في حِماهُ الأَمنَعِ
وَسَلِ الشُعوبَ أَلَم يَكونوا قَبلَهُ / فَوضى المَسالِكِ كَالسُوامِ الرُتَّعِ
سَهِروا وَنِمنا فَاِستُبيحَ حَريمُنا / لَيسَ السَهارى كَالنِيامِ الهُجَّعِ
وَعَظَ اللَبيبُ فَأَينَ مِنّا مَن يَرى / وَدَعا المُهيبُ فَأَينَ فينا مَن يَعي
يا قَومُ لوذوا بِالكِتابِ فَما لَكُم / مِن دونِهِ من مَعقِلٍ أَو مَفزَعِ
لَم يَبقَ مِنكُم غَيرُ شِلوٍ مُثخَنٍ / بِيَدِ الحَوادِثِ وَالخُطوبِ مُمُزَّعِ
لا جَنبَ مُذ هَلَكَ الرُماةُ لِمُسلِمٍ / إِلّا رَمَتهُ يَدُ العَدُوِّ بِمَصرَعِ
وارَحمَتا لِلمُسلِمينَ كَأَنَّما / نَزَلوا مِنَ الدُنيا بَوادٍ بَلقَعِ
ما فيهِ مِن زَرعٍ وَلا لِظِمائِهِم / في جانِبَيهِ سِوى الأَذى مِن مَشرَعِ
يسقونَهُ مِثلَ الحَميمِ وَتارَةً / يَجِدونَهُ مِثلَ الذُعافِ المُنقَعِ
إِن كُنتَ تَدَّخِرُ الدُموعَ لِنَكبَةٍ / فَاِجعَل دُموعَكَ لِلنسورِ الوُقَّعِ
طارَت مُحَلِّقَةً وَعوجِلَ سِربُها / فَهَوَت مُبَدَّدَةً كَأَن لَم تُجمَعِ
يا لَلجَماعَةِ كَيفَ يُنثَرُ عِقدُها / بَدَداً وَيا لَكَ مِن مُصابٍ مُفجِعِ
بِاللَهِ إِن كُنتُم عَلى دينِ الهُدى / فَدَعوا الهَوى لِلجامِحينَ النُزَّعِ
عودوا إِلى دينِ الحَياةِ أَعِزَّةً / فَالوَيلُ لِلمُستَسلِمينَ الخُضَّعِ
وَإِذا الأُمورُ تَشابَهَت أَعلامُها / فَخُذوا السَبيلَ إِلى الأَحَبِّ الأَنفَعِ
خَلُّوا سبيلَ الشّاعرِ المُتدفِّعِ
خَلُّوا سبيلَ الشّاعرِ المُتدفِّعِ / وخُذوا بيانَ العبقريِّ المُبدِعِ
النيّلُ يُصغِي في مواكبِ عِزّهِ / ويَهُزُّ عِطفَ الشيِّقِ المُتَطَلِّعِ
لَبّيكَ جئتُ وأنطقتني حُرمةٌ / لَكَ لم تَزَلْ منّي بأكرمِ مَوضعِ
لكَ من زَعيمِكَ ما أردتَ وهذه / نجوى زعيمِ الشّعرِ فانظر واسمعِ
أحببتُ مصرَ بقلبهِ ويقينهِ / فبيانُه عِندي وحكمتُه معي
وعَرَفتُها تشكو إليه غليلَها / وتطوفُ من يدهِ بأطيبِ مشرعِ
حامت على استقلالها وتوجّعتْ / للمُشفِقِ الحاني على المُتوجِّعِ
فمَضى يخوضُ إليه كُلَّ مَخوفةٍ / غبراءَ تعصِفُ بالكميِّ الأروعِ
ومَشَى يُحدِّثُ هَالكاً عن هالكٍ / فيها ويسألُ مَصرعاً عن مصرعِ
نستنطق الغَمَراتِ أين مكانه / ونظلُّ ننظرُ في القَتامِ الأسفعِ
مُتطلّعينَ نرَى تَقلُّبَ وجههِ / في مثلِ إيماضِ البُروقِ اللُّمَّعِ
ونَراهُ يَستبِقُ المطالعَ صاعداً / حتّى يَمُرَّ من السّماكِ بمطلعِ
يَبغِي لُبانةَ مصرَ في مُستشرِفٍ / صَلْبِ الجوانبِ بابُه لم يُقرَعِ
أتتِ الغَوائلُ دونها فكأنّما / هيِ من كُهوفِ الجنِّ في مُستودَعِ
كانت كأحلامِ النّيامِ فأصبحتْ / مِلءَ العيونِ سناً ولمّا تهجعِ
أَمُذلِّلَ الأحداثِ أنتَ جَعلتَها / مِنّا بمنزلةِ الذَّلولِ الطيِّعِ
لولا حِجاكَ وَطُولُ باعِكَ جاوزتْ / بَاعَ الرجاءِ ومُستطاعَ المطمعِ
لما اصطفاكَ الشّعبُ كُنتَ له أباً / يَرعاهُ في الحَدَثِ الجليلِ المُفظعِ
دَفَع اللّواءَ إليكَ لم يُؤثِرْ به / غيرَ الأعزِّ من الحُماةِ الأمنعِ
جرّدتَ صَحبَك للكفاحِ مَواضياً / خُذُماً متى تضرب بكفِّكَ تَقْطَعِ
مِن كلّ مُقتحمٍ يَرى الدَّمَ حَوله / فيخوضُهُ ويَكِرُّ غيرَ مُروَّعِ
أبطالُ مصرَ تَداركوا آمالَها / واليأسُ مِلءُ فؤادِها والأضلعِ
وَعَجِبتُ لِلشُّهداءِ حَولَ زَعيمهم / جَزَعَ الرَّدَى ونفوسُهم لم تجزعِ
كتب الشّبابُ لِمصرَ من مُهجاتِهم / عَهدَ الفِداءِ فَقُلْ لِنفسكَ وقِّعي
يا مطلعَ العهدِ الجديدِ تحيّةً / كَسناهُ إن تَظْفَرْ بِنُوركَ تَسطعِ
أخرجتَ قومَك مِن غياهبِ أزمةٍ / لَولاكَ لم تَنْجَبْ ولم تتقشَّعِ
لولا غُلُوُّكَ في المطامعِ ما انْبَرى / يَبغِي الزِّيادةَ طَامعٌ لم يقنعِ
مَا ليسَ من أدبِ الحياةِ وحقّها / فَضَلالةٌ أو باطلٌ لم يُشْرعِ
أحداثُ دَهرٍ مَن يَسُسْها تَستقِمْ / بَعدَ الجُنوحِ ومَن يَرُضْها تَخْضَعِ
وأُمورُ دُنيا ما لَوَتْ يدَ طالبٍ / لَبقٍ ولا ضَاقتْ على مُتوسِّعِ
ذُو الجهل يُقتَلُ بالدَّواءِ وذُو النُّهى / يَجنِي الشفاء مِن الذُّعافِ المُنْقَعِ
وأشدُّ مِن ظُلْمِ الحَوادثِ ظالمٌ / يَبكي لِما صَنعتْ وَما لَمْ تَصْنعِ
مَن راضَ في خِدَعِ السّياسةِ نفسَه / عِلماً بها فكأنّه لم يُخدَعِ
الأَمرُ غَيبٌ والذّرائعُ جَمّةٌ / والصَّبرُ نِعمَ العَونُ للمُتذرِّعِ
إنّ الذي أعطَى الكِنانةَ عَهْدَهُ / لَهُو المُؤمَّلُ لِلمهمِّ المُفزعِ
ياذا القِلادةِ إنّها لَكَ آيةٌ / مِن مَظهرِ الشَّرفِ الأعزِّ الأرفعِ
زَادت مقامَكَ رِفعةً وجَزَيْتَها / فَثَوتْ مع الجوزاءِ فيما تَدّعي
هِيَ فوقَ سُؤدُدِها وغايةِ عِزِّها / فَلْتُغْضِ في عَليائها وَلْتَخْشَعِ
ما المجدُ يلبسُهُ الرِّجالُ مُرصَّعاً / كالمجدِ غُفْلُ التَّاجِ غيرُ مرصَّعِ
أوَ ما كفاكَ الجُّودُ بالنّفسِ التي / حمَّلتَها عِبءَ الجهادِ المُضلِعِ
آثرتَ مِصرَ بما بَذلتَ لأجلها / وَمَنحتَ من مِالِ امرئٍ مُتورِّعِ
لَو لم تكن قَدَّمتَه مُتبرِّعاً / لَبلغتَ أقصَى غايةِ المُتبرِّعِ
جَرَتِ المنابعُ يستبقنَ سَماحةً / وَسبَقتَ أنتَ فكنتَ أوّلَ مَنبعِ
مالي سِوَى الشِّعرِ الذي أنا باذلٌ / والشّعرُ من خيرِ العَتادِ لمن يعي
اجمعْ لِمصرَ جَزاكَ ربُّك صَالحاً / أعلامَ عمروٍ في مواكبِ خفرعِ
واسْلُك بها النّهجَ السَّوِيَّ فإنّها / مهما تكن تُقبِلْ عليكَ وتَتْبَعِ
وإذا الأُمورُ على الرجال تَشابهتْ / فاهدِ النُّفوسَ إلى الأحبِّ الأنفعِ
وَزِنِ العُقولَ فان ظَفرتَ براجحٍ / فاستبقِ كنزَك لا يَكُنْ بِمُضيَّعِ
وتخيَّرِ الأخلاقَ إنّ أجلَّها / ما ليس بالواهي ولا المُتصدِّعِ
ابْنِ الحياةَ على أساسٍ صالحٍ / وتأنَّ تأمنْ زَلَّةَ المُتسرِّعِ
وَبحبلِ ربِّكَ ذي الجلالةِ فاعتصمْ / وإليه في كلِّ المواطنِ فارْجعِ
وخُذِ القِلادةَ صاغها لَكَ شاعرٌ / اللهُ أَوْرَثَهُ قَلائدَ تُبَّعِ
والاكَ في مصرَ التي لم يَنْتَصِرْ / لِسوَى قضِيَّتِها ولم يتشيّعِ
الأُمّةُ ائتمرتْ بأمرِكَ فَاسْتَعِنْ / بِصُفوفِها والشّملَ حُوْلَكَ فَاجْمَعِ
يومَ الشّهيدِ رَجعتَ أيمنَ مرجعِ
يومَ الشّهيدِ رَجعتَ أيمنَ مرجعِ / وَطلعتَ في الأيّام أسعدَ مَطلعِ
غَيَّضتَ عَبْرَةَ كُلِّ عَينٍ ثَرَّةٍ / وشَفَيْتَ لَوعةَ كلِّ قَلبٍ مُوجَعِ
وَدَّعْتنا جَمَّ الجِراحِ مُروَّعاً / وَلَقِيتَنا جذلانَ غيرَ مُروَّعِ
في موكبٍ عالي الجلالِ مُحبَّبٍ / تَهفو إليه جَوانحُ المُتطلِّعِ
تزهو بتاجٍ دُونَهُ شمسُ الضُّحَى / مُتألِّقٍ بِدمِ الشَّهيدِ مُرصَّعِ
رَيّانَ مِن حقٍّ ومن حُرّيةٍ / والحقُّ للوُرَّادِ أطيبُ مَشرعِ
حيَّتْكَ مِصرُ مشوقةً وتلفَّتتْ / لِتَرى جَلالَ شَهيدِها في المصرعِ
نَادَتْهُ فَرحَى أينَ أنتَ فَراعَها / صَوتٌ يُجِيبُ مِن المقامِ الأرفعِ
هُو ها هنا في صَحْبِه وَرِفاقهِ / بأجلِّ مَنزلةٍ وأَشْرفِ مَوضعِ
هُوَ ها هنا في نِعمةٍ أبديّةٍ / للهِ ما في مثلِها مِن مَطمعِ
هو ها هنا يا مصر يُعطَى حَقَّهُ / والحقُّ عِند اللهِ غيرُ مُضيَّعِ
هُوَ ها هُنَا يحمي لواءكِ فَانْظُرِي / هُوَ هُا هُنا يَشدو بِذكركِ فَاسْمَعي
مَرْحَى شبابَ النِّيلِ تلك جُهودُكم / ضَنّتْ بِوَحدتِه فلم تتصدَّعِ
أنتم جَمعتمْ لِلقضيَّةِ جَبهةً / لولا انتظامُ صُفوفِكُمْ لم تُجْمَعِ
ألَّفتُمُ الزُّعماءَ بعد تَفرُّقٍ / ومَلكتمُ الأهواءَ بَعدَ تَمنُّعِ
كانت قُوىً فَوْضى فَمِنْ مُتحزِّبٍ / يَمضِي لِغايتهِ وَمِن مُتشيِّعِ
حَرْبٌ أضرّتْ بالسَّوادِ وَفِتنةٌ / رَمَتِ البلادَ بِكلِّ خَطبٍ مُفزعِ
أدركتمُ اسْتقلالَ مِصرَ وإنّه / لَيَمُدُّ مِن فَزَعٍ يَمينَ مُودِّعِ
إنّا شَرَعنا لِلكنانةِ دِينَها / فَقَضَى على الدِّينِ الذي لم يُشرعِ
دينِ الفَلاسفةِ الذين توهَّموا / أنّا جَمادٌ لا نُحِسُّ ولا نعي
اليومَ نَنهضُ ظَاهرين بِحُجّةٍ / بَيْضاءَ تَدفعُ تُرَّهاتِ المُدَّعي