وَتَنوفَةٍ مَد الضَمير قَطَعتها
وَتَنوفَةٍ مَد الضَمير قَطَعتها / وَاللَيل فَوقَ آكامها يَتَرَبع
لَيل يَمُدُّ دُجاه دونَ صَباحه / آمال ذي الحرص الَّذي لا يَقنَع
باتَت كَواكبه تَحوط بَقاءه / في كُلِ أُفق مِنهُ نجم يَلمَع
زَهرٌ يُثير عَلى الصَباح طَلائِعاً / حَولَ السَماء فَهُنَّ حَسرى ضلع
مُتَيَقِظات في المَسير كَأَنَّها / باتَت تُناجي بِالَّذي يَتَوَقع
وَالصُبح يَرقب مِن دُجاه غُرة / مُتَضائل مِن سحقه يَتَطَلَع
مُتَنَفِّساً فيهِ جِناناً واهِنا / في كُل لَحظة ساعة يَتَشَجَع
حَتّى اِنزَوى اللَيل البَهيم لِضوئِهِ / وَقد اِستَجابَ ظَلامه يَتَقَشَع
وَبَدَت كَواكبه حَيارى فيهِ لا / تَدري بِوَشك زيالها ما تَصنَع
مُتهادِلات النور في آفاقِها / مُستَعبِرات في الدُجى تَستَرجع
وَكَواكب الجَوزاء تَبسط باعَها / لِتُعانق الظَلماء وَهِيَ تَودع
وَكَأَنَّها في الجَو نَعش أَخي بِلى / يَبكي وَيوقف تارة وَيَشيع
وَكَأَنَّما الشعرى العبور وَراءَها / ثَكلى لَها دَمعٌ غَزير يهمع
وَبَنات نَعشٍ قَد بَرَزنَ حَواسِراً / قَدامها أَخواتهنّ الأَربع
عَبرى هَتَكنَ قِناعهن عَلى الدُجى / جَزَعاً وَآلت بَعدُ لا تَتَقنع
وَكانَ أفقاً مِن تَلألئ نَجمِهِ / عِندَ اِفتِقاد اللَيل عَينٌ تَدمَع
وَالفَجر في صَفوِ الهَواء مَورد / مَل المدامة في الزُجاج تَشَعشَع
يا لَيل ما لَكَ لا تَغيب كَواكِباً / زَفراتها وَجداً عَلَيكَ تَقطع
لَو أَنَّ لي بِضياء صُبحك طاقة / يا لَيل كُنتُ أَوده لا يَسطَع
حَذراً عَلَيك وَلَو قَدرت بِحيلَتي / جرعته الغصص الَّتي تَتَجَرع
يا صُبح هاكَ شَبيبتي فافتك بِها / وَدَع الدُجى بِسوادِهِ يَتَمَتع
أَفقدتَني أُنسي بِأَنجُمِها الَّتي / أَصبَحَت مِن فَقدي لَها أَتَوجَع