القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 3
أَتُرَى الْحَمَامَ يَنُوحُ مِنْ طَرَبٍ مَعِي
أَتُرَى الْحَمَامَ يَنُوحُ مِنْ طَرَبٍ مَعِي / وَنَدَى الْغَمَامَةِ يَسْتَهِلُّ لِمَدْمَعِي
مَا لِلنَّسِيمِ بَلِيلَةً أَذْيَالُهُ / أَتُرَاهُ مَرَّ عَلَى جَدَاوِلِ أَدْمُعِي
بَلْ مَا لِهَذا الْبَرْقِ مُلْتَهِبَ الحَشَا / أَسَمَتْ إِلَيْهِ شَرَارةٌ مِنْ أَضْلُعِي
لَمْ أَدْرِ هَلْ شَعَرَ الزَّمَانُ بِلَوْعَتِي / فَرَثَى لَهَا أَمْ هَاجَتِ الدُّنْيَا مَعِي
فَالْغَيْثُ يَهْمِي رِقَّةً لِصَبَابَتِي / وَالطَّيْرُ تَبْكِي رَحْمَةً لِتَوَجُّعِي
خَطَرَاتُ شَوْقٍ أَلْهَبَتْ بِجَوَانِحِي / نَاراً يَدِبُّ أَزِيزُهَا فِي مسْمَعِي
وَجَوىً كَأَطْرَافِ الأَسِنَّةِ لَمْ يَدَعْ / لِلصَّبْرِ بَيْنَ مَقِيلِهِ مِنْ مَفْزَعِ
يَا أَهْلَ ذَا النَّادِي أَلَيْسَ بِكُمْ فَتَىً / يَرْثِي لِوَيلاتِ الْمَشُوقِ الْمُولَعِ
أَبْكِي فَيَرْحَمُنِي الْجَمَادُ وَلا أَرَى / خِلاً يَرِقُّ إِلَى شَكَاتِي أَوْ يَعِي
فَإِذَا دَعَوْتُ بِصَاحِبٍ لَمْ يَلْتَفِتْ / وَإِذَا لَجَأْتُ إِلَى أَخٍ لَمْ يَنْفَعِ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّنِي أَشْكُو الْهَوَى / وَالذَّنْبُ لِي فِي كُلِّ مَا أَنَا مُدَّعِي
قَدْ طَالَمَا يَا قَلْبُ قُلْتُ لَكَ احْتَرِسْ / أَرَأَيْتَ كَيْفَ يَخِيبُ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ
أَوْقَعْتَ نَفْسَكَ فِي حَبَائِلِ خُدْعَةٍ / لا تُسْتَقَالُ فَخُذ لِنَفْسِكَ أَوْ دَعِ
يَا ظَبْيَةَ الْمِقْيَاسِ هَذَا مَدْمَعِي / فَرِدِي وَهَذَا رَوْضُ قَلْبِي فَارْتَعِي
إِنْ كَانَ لا يُرْضِيكِ إِلَّا شِقْوَتِي / فَلَقَدْ بَلَغْتِ مُنَاكِ مِنْهَا فَاقْنَعِي
أَنَا مِنْكِ بَيْنَ صَبَابَةٍ لا تَنْقَضِي / أَيَّامُهَا وَغَوايَةٍ لَمْ تُقْلِعِ
فَثِقِي بِمَا تُمْلِيهِ أَلْسِنَةُ الْهَوَى / وَهْيَ الدُّمُوعُ فَحَقُّهَا لَمْ يُدْفَعِ
لا تَحْسَبِي قَوْلِي خَدِيعَةَ مَاكِرٍ / إِنَّ الْوَفِيَّ بِعَهْدِهِ لَمْ يَخْدَعِ
إِنِّي لأَقْنَعُ مِنْ هَوَاكِ بِنَظْرَةٍ / وَأَعُدُّهَا صِلَةً إِذَا لَمْ تَمْنَعِي
هَذِي مُنَايَ وَحَبَّذَا لَوْ نِلْتُهَا / عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَهْيَ أَكْبَرُ مُقْنِعِ
إِنَّ النَّصِيحَةَ لا تَحُضْ
إِنَّ النَّصِيحَةَ لا تَحُضْ / ضُ عَلَى الأَذَى إِنْ لَمْ تَزَعْ
فَاسْمَعْ فَإِنْ خَيْرَاً أَصَبْ / تَ فَخُذْ وإِنْ شَرَّاً فَدَعْ
رُدِّي التَّحِيَّةَ يَا مَهَاةَ الأَجْرَعِ
رُدِّي التَّحِيَّةَ يَا مَهَاةَ الأَجْرَعِ / وَصِلِي بِحَبْلِكِ حَبْلَ مَنْ لَمْ يَقْطَعِ
وَتَرَفَّقِي بِمُتَيَّمٍ عَلِقَتْ بِهِ / نَارُ الصَّبَابَةِ فَهْوَ ذَاكِي الأَضْلُعِ
طَرِبِ الْفُؤَادِ يَكَادُ يَحْمِلُهُ الْهَوَى / شَوْقَاً إِلَيْكِ مَعَ الْبُرُوقِ اللُّمَّعِ
لا يَسْتَنِيمُ إِلَى الْعَزاءِ وَلا يَرَى / حَقَّاً لِصَبْوَتِهِ إِذَا لَمْ يَجْزَعِ
ضَمَّتْ جَوَانِحُهُ إِلَيْكِ رِسَالَةً / عُنْوَانُهَا فِي الْخَدِّ حُمْرُ الأَدْمُعِ
فَمَتَى يَبُوحُ بِمَا أَجَنَّ ضَمِيرُهُ / إِنْ كُنْتِ عَنْهُ بِنَجْوَةٍ لَمْ تَسْمَعِي
أَصْبَحْتُ بَعْدَكِ في دَيَاجِرِ غُرْبَةٍ / مَا لِلصَّبَاحِ بِلَيْلِهَا مِنْ مَطْلَعِ
لا يَهْتَدِي فِيهَا لِرَحْلِيَ طَارِقٌ / إِلَّا بِأَنَّةِ قَلْبِيَ الْمُتَوَجِّعِ
أَرْعَى الْكَوَاكِبَ فِي السَّمَاءِ كَأَنَّ لِي / عِنْدَ النُّجُومِ رَهِينَةً لَمْ تُدْفَعِ
زُهْرٌ تَأَلَّقُ بِالْفَضَاءِ كَأَنَّهَا / حَبَبٌ تَرَدَّدَ فِي غَدِيرٍ مُتْرَعِ
وَكَأَنَّهَا حَوْلَ الْمَجَرِّ حَمَائِمٌ / بِيضٌ عَكَفْنَ عَلَى جَوَانِبِ مَشْرَعِ
وَتَرَى الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ كَأَنَّهَا / حَلَقَاتُ قُرْطٍ بِالْجُمَانِ مُرَصَّعِ
بَيْضَاءُ نَاصِعَةٌ كَبَيْضِ نَعَامَةٍ / فِي جَوْفِ أُدْحِيٍّ بِأَرْضٍ بَلْقَعِ
وَكَأَنَّهَا أُكَرٌ تَوَقَّدَ نُورُهَا / بِالكَهْرَبَاءَةِ فِي سَمَاوَةِ مَصْنَعِ
وَاللَّيْلُ مَرْهُوبُ الْحَمِيَّةِ قَائِمٌ / فِي مِسْحِهِ كَالرَّاهِبِ الْمُتَلَفِّعِ
مُتَوَشِّحٌ بِالنَّيِّرَاتِ كَبَاسِلٍ / مِنْ نَسْلِ حَامٍ بِاللُّجَيْنِ مُدَرَّعِ
حَسِبَ النُّجُومَ تَخَلَّفَتْ عَنْ أَمْرِهِ / فَوَحَى لَهُنَّ مِنَ الْهِلالِ بِإِصْبَعِ
مَا زِلْتُ أَرْقُبُ فَجْرَهُ حَتَّى انْجَلَى / عَنْ مِثْلِ شَادِخَةِ الْكُمَيْتِ الأَتْلَعِ
وَتَرَنَّمَتْ فَوْقَ الأَرَاكِ حَمَامَةٌ / تَصِفُ الْهَوَى بِلِسعانِ صَبٍّ مُولَعِ
تَدْعُو الْهَدِيلَ وَمَا رَأَتْهُ وَتِلْكَ مِنْ / شِيَمِ الْحَمَائِمِ بِدْعَةٌ لَمْ تُسْمَعِ
رَيَّا الْمَسَالِكِ حَيْثُ أَمَّتْ صَادَفَتْ / مَا تَشْتَهِي مِنْ مَجْثَمٍ أَوْ مَرْتَعِ
فَإِذَا عَلَتْ سَكَنَتْ مَظَلَّةَ أَيْكَةٍ / وَإِذَا هَوَتْ وَرَدَتْ قَرَارَةَ مَنْبَعِ
أَمْلَتْ عَلَيَّ قَصِيدَةً فَجَعَلْتُهَا / لِشَكِيبَ تُحْفَةَ صَادِقٍ لَمْ يَدَّعِ
هِيَ مِنْ أَهَازِيجِ الْحَمَامِ وَإِنَّمَا / ضَمَّنْتُهَا مَدْحَ الْهُمَامِ الأَرْوَعِ
هُوَ ذَلِكَ الشَّهْمُ الَّذِي بَلَغَتْ بِهِ / مَسْعَاتُهُ أَمَدَ السِّمَاكِ الأَرْفَعِ
نِبْرَاسُ دَاجِيَةٍ وَعُقْلَةُ شَارِدٍ / وَخَطِيبُ أَنْدِيَةٍ وَفَارِسُ مَجْمَعِ
صَدْقُ الْبَيَانِ أَعَضَّ جَرْوَلَ بِاسْمِهِ / وَثَنَى جَرِيرَاً بِالْجَرِيرِ الأَطْوَعِ
لَمْ يَتَّخِذْ بَدْرَ الْمُقَنَّعِ آيةً / بَلْ جَاءَ خَاطِرُهُ بِآيَةِ يُوشَعِ
أَحْيَا رَمِيمَ الشِّعْرِ بَعْدَ هُمُودِهِ / وَأَعَادَ لِلأَيَّامِ عَصْرَ الأَصْمَعِي
كَلِمٌ لَهَا فِي السَّمْعِ أَطْرَبُ نَغْمَةٍ / وَبِحُجْرَةِ الأَسْرَارِ أَحْسَنُ مَوْقِعِ
كَالزَّهْرِ خَامَرَهُ النَّدَى فَتَأَرَّجَتْ / أَنْفَاسُهُ بِالْعَنْبَرِ الْمُتَضَوِّعِ
يَعْنُو لَهَا الْخَصْمُ الأَلَدُّ وَيَغْتَذِي / بِلِبَانِهَا ذِهْنُ الْخَطِيبِ الْمِصْقَعِ
هِيَ نُجْعَةُ الأَدَبِ الَّتِي مَنْ أَمَّهَا / أَلْقَى مَرَاسِيَهُ بِوَادٍ مُمْرِعِ
مَلَكَتْ هَوَى نَفْسِي وَأَحْيَتْ خَاطِرِي / وَرَوَتْ صَدَى قَلْبِي وَلَذَّتْ مسْمَعِي
فَاسْلَمْ ِشَكِيبُ وَلا بَرِحْتَ بِنِعْمَةٍ / تَحْنُو عَلَيْكَ بِأَيْكِهَا الْمُتَفَرِّعِ
فَلأَنْتَ أَجْدَرُ بِالثَّنَاءِ لِمِنَّةٍ / أَوْلَيْتَهَا وَالْبِرُّ أَفْضَلُ مَا رُعِي
أَرْهَفْتَ حَدِّي فَهْوَ غَيْرُ مُفَلَّلٍ / وَرَعَيْتَ عَهْدِي فَهْوَم غَيْرُ مُضَيَّعِ
وَبَثَقْتَ لِي مِنْ فَيْضِ بَحْرِكَ جَدْوَلاً / غَمَرَ الْبِحَارَ بِسَيْلِهِ الْمُتَدَفِّعِ
عَذُبَتْ مَوَارِدُهُ فَلَوْ أَلْقَتْ بِهِ / هِيمُ السَّحَابِ دِلاءَهَا لَمْ تُقْلِعِ
وَزَهَتْ فَرَائِدُهُ فَصَارَتْ غُرَّةً / لِجَبِينِ كُلِّ مُتَوَّجٍ وَمُقَنَّعِ
هُوَ ذَلِكَ النَّظْمُ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ / أَهْلُ الْبَرَاعَةِ بِالْمَقَالِ الْمُبْدَعِ
أَبْصَرْتُ مِنْهُ أَخَا إِيَادٍ خَاطِبَاً / وَسَمِعْتُ عَنْتَرَةَ الْفَوَارِسِ يَدَّعِي
وَحَلَمْتُ أَنِّي فِي خَمَائِلِ جَنَّةٍ / وَمِنَ الْعَجَائِبِ حَالِمٌ لَمْ يَهْجَعِ
فَضْلٌ رَفَعْتَ بِهِ مَنَارَ كَرَامَةٍ / صَرَفَ الْعُيُونَ عَنِ الْمَنَارِ لِتُبَّعِ
فَمَتَى أَقُومُ بِشُكْرِ مَا أَوْلَيْتَنِي / وَالنَّجْمُ أَقْرَبُ غَايَةً مِنْ مَنْزِعِي
فَاعْذِرْ إِذَا قَصَرَ الثَّنَاءُ فَإِنِّنِي / رُزْتُ الْمَقَالَ فَلَمْ أَجِدْ مِنْ مَقْنَعِ
لا زِلْتَ تَرْفُلُ فِي وِشَاءِ سَعَادَةٍ / وَحَبِيرِ عَافِيَةٍ وَعَيْشٍ أَمْرَعِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025