صَرَمَت زُنيبَةُ حبلَ من لا يَقطَع
صَرَمَت زُنيبَةُ حبلَ من لا يَقطَع / حبلَ الخليلِ وللأمانةِ تفجَعُ
ولقد حَرَصتُ على قليل متاعِها / يوم الرحيل فدمعُها المستنفَعُ
جُذِّي حبالَكِ يا زُنَيبُ فانني / قد استبدُّ بوصلِ من هو اقطَعُ
ولقد قطعتُ الوصلَ يوم خلاجِهِ / واخو الصريمةِ في الأمورِ المزمعُ
بمُجدَّةٍ عنسٍ كأنَّ سراتها / فَدَن تطيفُ به النبيطُ مرفَّعُ
قاظت أنالَ الى الملا وتربَّعت / بالحَزنِ عازبةً تُسَنُّ وتودعُ
حتى اذا لَقِحَت وعوليَ فوقَها / قَرِد يُهمُّ به الغرابُ الموقِعُ
قَرّبتُها للرَحلِ لمّا اعتادني / سفر أهمُ به وأمرٌ مزمعُ
فكأنّها بعد الكلالة والسُّرى / عِلج تُغاليه قَذورٌ مُلمِعُ
يحتازها عن جحشها وتكفُّه / عن نفسه أن اليتيم مُدَفّعُ
وَيظَلُ مرتبئاً عليها جاذلاً / في رأسِ مرقبةٍ وَلأياً يرتَع
حتى يُهيجها عشية خمسها / للوردِ جأب خَلفَها متترعُ
يعدو تبادرهُ المخارم سَمحَج / كالدَلوِ خانَ رشاؤها المتقطعُ
حتى اذا وردا عيونا فوقها / غاب طِوال نابت ومُصرَّع
لاقى على جَنبِ الشريعةِ لاطئا / صفوانَ في ناموسِهِ يتطلَعُ
فرمى فاخطأها وصادفَ سهمُهُ / حَجَراً فَغُلِّلَ والنضيُّ مُجَزَّعُ
أهوى ليحمي فَرجَها اذ أدبرت / زَجِلاَ كما يحمي النَّجيدُ المشرِعُ
فتصكُ صكَاً بالسنابكِ نحرَهُ / وبجندلٍ صُمِّ ولا تتورعُ
لا شيء يأتُو أتوَه لمّا علا / فوقَ القطاةِ ورأسُهُ مستتلعِ
ولقد غدوتُ على القنيصِ وصاحبي / نَهدٌ مراكِلُهُ مِسحٌ جُرشُعُ
ضافي السبيب كأنّ غصنَ أباءَةٍ / رَيّان ينفضُها اذا ما يُقدَعُ
تَئِقُ اذا ارسلتَهُ متقاذِفٌ / طمّاحُ أشرافٍ اذا ما يُنزَعُ
وكأنّهُ فوتَ الجوالبِ جانئاً / رَئِم تَضَايَفُهُ كلابٌ أخضعُ
داويتُهُ كلَّ الدواء وزدتُهُ / بَذلاً كما يُعطى الحبيبُ الموسِعُ
فله ضريبُ الشَولِ الاسُؤرَهُ / والجلُّ فهو مَربَبٌ لا يًخلَع
فاذا نُراهِنُ كانَ اولَ سابقٍ / يختالُ فارسُهُ اذا ما يُدفَعُ
بل ربَّ يومٍ قد حَبسنا سبقَهُ / نُعطي ونُعمِر في الصديقِ وننفَعُ
ولقد سبقتُ العاذلاتِ بَشربَةٍ / ريّا وراووقي عظَيمٌ مُترعُ
جَفنٌ من الغريب خالصُ لونه / كدمِ الذبيحِ اذا يُشَنُ مشعشَعُ
الهو بها يوماً وألهي فتيةً / عن بَثّهم اذ أُلبسوا وتقنّعوا
يا لَهفَ من عرفاء ذات قليلةٍ / جاءَت اليَّ على ثلاثٍ تَخمَعُ
ظَلَّت تراصِدُني وتنظر حولها / ويريبها رَمَقٌ واني مُطمِعُ
وتَظَلُ تنشطني وتُلحِمُ أجرِياً / وسط العرين وليس حيٌ يَدفَعُ
لو كان سيفي باليمين ضربتُها / عنّي ولم أُوكل وجنبي الأَضيَعُ
ولقد ضَرَبتُ به فتُسقط ضربتي / ايدي الكماةِ كأنهنَّ الخروع
ذاكَ الضياعُ فان حززتُ بمديةٍ / كفى فقولي محسنٌ ما يَصنَعُ
ولقد غُبطتُ بما ألاقي حقبةً / ولقد يمرُّ عليَّ يوم أشنع
أفبَعد مَن ولدت نسيبةُ أشتكي / زوّ المنيةِ أو أرى أتوَجَعُ
ولقد علمتُ ولا محالة أنني / للحادثاتِ فهل تريني أجزَعُ
أفنينَ عاداً ثم آلَ محرّقٍ / فتركنهم بلداً وما قد جَمعُوا
ولَهُنَّ كان الحارثان كلاهُما / ولَهُنَّ كان أخو المصانعِ تُبَّع
فعَدَدت آبائي الى عرق الثرى / فدعوتُهم فعلمتُ أن لم يسمعوا
ذهبوا فلم أدركهُمُ ودَعَتهُمُ / غولٌ أتوها والطريق المهيَعُ
لا بد من تَلَفٍ مُصيبٍ فانتظر / أبأرضِ قومكِ أم بأخرى المصرَع
وليأتينَ عليك يومٌ مرة / يُبكى عليك مُقنَعا لا تَسمَعُ