أمّا الخليط فبان غير مودّع
أمّا الخليط فبان غير مودّع / فاسكب دموعك في المحلّ البلقع
وأطل وقوفك بالطلول عساك أن / تروي بواكفها رسوم الأربع
رحلوا فللأجفان دمع دائم / يهمي ووقد النار بين الأضلع
لعبت بهم أيدي النوى فكأنّهم / ركبوا على متن الرياح الأربع
ولربما اتخذوا منازل بالحمى / بين الشقيقة فاللوى فالأجرع
قد نفّروا طيب الكرى عن مقلة / قد وكّلت فيهم بنيض الأدمع
أترقّب الطيف الملمّ وأين من / فقد الكرى زوريلم بمضجعي
يا جيرة العلمين من وادي الغضا / زاد اشتياقي نحوكم وتفجّعي
إني أحقّ إذا سرت ربح الصبا / من نحوكم بتارّج وتضوّع
وأعلّل القلب المشوق وكلّما / علّلت قلبي عنكم لم يرجع
يا عاذليّ وليس قلبي عنهم / يسلو ولا يصغي للوم مسمعي
كم معذلوني والفؤادُ متيّم / بالمالكيّة لا يفيق ولا يعي
اغدو بجفن ساهرا من لوعتي / وأروح من كمدي بقلب موجعِ
وأظلّ في دولة وفرط صبابةٍ / من ساكيني هضب العقيق ولعلع
والشيب بارقه يلوح بمفرقي / والدهر يرمي شملنا بتصدّع
ويريبني وخط المشيب وإنما / عصر الشبيبة ليس بالمسترجع
ولقد عرفت الدهر إذ من شأنه / رفع الوضيع وخفض كل مرفّع
لكنّني لمّا لجأت ياحمد / لم يبق فيّ لحادث من مطمعِ
ملك غدا ورد العطايا والندى / منه لعافي الجود أعذب مشرع
أسد ولكن عند مشيخر القنا / ضار إذا ما هيج غير مدفّع
تاللّه ما أظلل الغمام معاقل / تغدو لديه وهي ذات تمنّع
ما زال يغشى الروم منه جحفل / لجب باطراف الرماح الشرّع
ويقود كل غشمشمٍ من قومه / صعب العريكة في الجلاد سميدع
كالأجدل المنقضّ لكن صيدهُ / تحت العجاج لحاسرٍ ومقنّع
حتى اغتدت منه البطارق عنوة / في الحرب بين تكبّلٍ ومكنّع
شهدت مواقف منه حتّى غودرت / وعيونها من خوفه لم تهجع
وردت مياه الذلّ وهيَ أعزّة / حتى ارتوت منه برفق المكرع
أنساهم طعم الحياة وطيبها / فغدوا لذلكم بحبل أقطع
أمشيّد الدين الحنيف بعزمة / أضحت مضاء كالبروق اللمع
قد جالت الأفهام فيك فأعجبت / بخلائق في المجد ذات تنوّع
فعنت لك الأبصار إذا دانت لك ال / أقدار من شرفٍ بكم وترفّع
أنت امرؤ ما زال يخشاه العدى / وفتّى لغير إلهه لم يخضع
كثّرت حسّادي بما أعددته / ذخري إذا بين الأنام ومفزعي
فظللت من نعماك أنبز بالغنى / من بعد فقر كنت فيه مدقع
لكنّني أبقيت فيك مدائحاً / تبقى خوالد كالنجوم الطلّع
لا اكفر النعماء منك وإنما / قابلتها بقصائد لم تسمع
فمتى غدوت مقصرا عن مدحكم / فبرئتُ من حبّ البطين الأنزع
فتمل من رجب هناء ودائما / وبألف شهرة مثله مترفّع
ولو انّني أنصفت كنت مهنّئا / رجبا بمجدكم الأثيل الممرع
فالدهر يهنأه بقاؤك والورى / ما عشت في سنن المعالي المهبع