المجموع : 3
صدق الوشاة العهدُ عندكِ ضائعُ
صدق الوشاة العهدُ عندكِ ضائعُ / لو كان يوعَظُ فيكِ قلبٌ سامعُ
قُلت التعاتبُ وهو هجرةُ ليلةٍ / ثم استمرَّ وزاد فهو تقاطعُ
تَحّتكِ نفسٌ تطمئن إذا الهوى / ترك النفوسَ إليكِ وهي نوازعُ
ومدامع يُبْس النواحي كلّما / بَلَّت عليك من الحفاظ مدامعُ
أهَوَى المليحة كلُّ ما أحرزتهُ / بك ضائرٌ أفأنت يوماً نافعُ
قسماً لئن رَدَّ الشبابَ وجاهَه / ما قد علمتَ فما إليها شافعُ
أعدوّةً والحُبُّ أنتِ وإنما / تَعصينَ فيه إن أحبَّك طائعُ
شهد الوفاءُ بأنني لو خنته / ما كان يجمعني وعهدَك جامعُ
عاداتُ أيامي اللئيمةِ غادرت / نِعَمِي بمن أهوى وهنّ فجائعُ
دمِيَتْ قروحُك يا جريحَ زمانِهِ / تحت الحمول أما لِخَرقك راقعُ
نظراً لنفسك ما حياؤك كاشفٌ / عنك الهوان وما احتشامك دافعُ
سالمتُ دهري قبلَ أعلم أنه / فيمن يهادنه السلامةَ طامعُ
فالآن أصميه بسهمٍ ماله / في قلبه إلا المنيّةَ نازعُ
يَزدانَفَادارٌ وليس بمدّعٍ / من قال لابن الشمس نورُك ساطعُ
لا قِرن لي وعليَّ منه وفي يدي / درعٌ مضاعفةٌ وسيفٌ قاطعُ
في فارسٍ نسبٌ يجاذب فخرهُ / ما فيه لابن المَرزُبانِ منازعُ
للّه درّك واهباً متبرّعاً / وسواك مرغوبٌ إليه مانعُ
لم يؤتَ من حظّ الشجاعة ساهرٌ / فيها الذي تؤتَى وطرفُك هاجعُ
وكم انتضيتَ من الدواة مهنّداً / خطراتُه بالدارعين وقائعُ
مَيْتٌ له بالنِّقس نفسٌ حيَّةٌ / ظامٍ وفي شفتيه ماءٌ مائعُ
يجري غداة النَّيْلِ أسودَ كالحاً / وكأنه للنقع أصفرُ فاقعُ
يفديك قوم يستغيثك كلما / خابت وسائلُ عندهم وذرائعُ
باعوا المحامدَ بالثراء وحسبهم / خسرانُ صفقة ما اجتناه البائعُ
اليومَ عيدُ مَن الملوكُ جدودُه ال / ماضون حقٌّ مستفيضٌ شائعُ
كم من نصيبٍ للخلافةِ عندنا / في مثله رمضانُ منه مانعُ
فالبس له حُلَلَ المعمَّر بعدَه / في العزّ ما نَجَمَ الهلالُ الطالعُ
واسمع كما انتظم الفريدُ ورقَّ ما / ءُ غمامةٍ وصفا الفِرِندُ اللامعُ
بنتَ الليالي السود أسهرني لها / حفظُ الأيادي البِيض وهي ودائعُ
لما رأيت الدهرَ ضاق وأهلَه / عني وعندك لي فِناءٌ واسعُ
حصَّنتُ باسمك جانبيَّ تعوُّذا / فليصنع الحَدثَانُ ما هو صانعُ
لأيّةِ لبسة خلعَ الخلاعَهْ
لأيّةِ لبسة خلعَ الخلاعَهْ / وكان عَصى العذول فلِمْ أطاعَهْ
تلثمَّ كالغمامة أعجبته / فشام خلالها برقاً فَراعهْ
وغالى في ابتياع صِباً شرته ال / ليالي منه مرتخَصاً فباعهْ
قليلاً ما حملتَ عليه ودّاً / قليلاً مذ أحبّك ما أضاعهْ
نزلنا في بني ساسان دُوراً / بها تُسلَى بيوتُك في قُضاعهْ
وعوَّض كلُّ يوم منك حولاً / يسرُّ فكان يومُ البين ساعهْ
ألا يا صاحبي إن ناب خطبٌ / دفعت به فأحسِنْ بي دفاعهْ
نشدتك والكرى بيد الليالي / إذا أهدته أسرعَتِ ارتجاعهْ
أكان سوى الوزير بنا وقلنا / لماء المزن جُدْ إلا رباعهْ
إليه صرفت عن ذا الناس نفسي / كما اعتزلت تألُّفَها القناعهْ
أقول لهمة لو قيل مُدّى / بباع النجم لم ترض ارتفاعهْ
إذا ما الضيمُ رابكِ فاستجيري / ذَرَا سابورَ وانتجعي بقاعهْ
ثقي ولوَ اَنّ حاجتَكِ الثريا / إذا ما الليث مدّ لها ذراعهْ
فَدَى البخلاءُ والجبناءُ منهم / فتىً وصلَ السماحة بالشجاعهْ
زكنتُ إليه ظنّاً صار حقاً / وكم وقفتْ براكبها الطماعهْ
وزرتُ فقمتُ بين يدَيْ كريم / تحولُ قُوىً بحضرته الضراعهْ
صفا ماءً وزدتُ على الهوينا / صفاً ما رمتُ في أمرٍ خِداعهْ
أقول لسائلي بك وهو ناءٍ / كأن لم يرضَ من خبرٍ سماعهْ
أمامكَ مُلْك آل بويه فاسأل / بذاك الشمل من ولِيَ اجتماعهْ
ومن لو أبصر الأعداءَ وحشاً / تعقّبه فصاد لهم سباعهْ
ولو زحموا ثبيرا في مضيقٍ / ألان على مناكبهم صِراعهْ
لقد أُعطيتَ عدلَ الحقّ حتّى / لخلتك تقسمُ الدنيا المشاعهْ
وما مِلكٌ يمد الرأيَ إلا / فتىً وصلتْ قناةُ الخطّ باعه
ولا أولادك الأوضاحُ إلا / وفودُ الفجر أحرزت الصداعهْ
هو البيت اطمأنّ المجدُ فيه / فألقى واستقرّ به مَتاعهْ
ومن حسناتهم ذا اليوم عيدٌ / حووا سبقاً بفضلهم اختراعهْ
وشرَّفهم بفضلكَ ألفَ عامٍ / فأمَّنَك المغذُّون انقطاعهْ
لعلك ناظرٌ في حالِ عبدٍ / بعين الرأي كيف ترى اصطناعهْ
أعِرْ لَسَني سماعَك كيف أشكو / وأُظلَمُ ذاك من حظي ضَياعهْ
يؤخرني القريضُ لدى أناس / ركبت إلى مدائحهم شراعهْ
قصائدُ لو سبقت بهنّ حتى / أصيِّرهنّ في سفرٍ بضاعهْ
شريتُ جَمالَ يوسفَ وهو راضٍ / بهنّ وعدتُ فاستثنيتُ صاعهْ
وكم أغمدتها وسللتُ أخرى / برعتُ بها فلم تُجْدِ البراعهْ
بُخِستُ كتابةً وحُرمتُ شعراً / فهل من ثالثٍ لي من صِناعهْ
أميل على الكراهة مع أناسٍ / كما مالت مع الريح اليراعهْ
وما إن كدَّني إلا ارتكاضٌ / على رزقٍ يجيء بلا شفاعهْ
فإن يُدرَكْ فأنت له وإلا / فليس عليَّ إلا الاستطاعهْ
عاتبتُ دهري في الجناية لو وعَى
عاتبتُ دهري في الجناية لو وعَى / ونشدتُه الحُرَمَ الوكيدةَ لو رعَى
وطلبتُ منه بسلمهِ وبحربهِ / نَصْفاً فأعيا حاسراً ومقنَّعا
في كلّ يومٍ عثرةٌ من صَرفه / لا تستقالُ بأن يقال لها لَعَا
جنِّبْ هواك ملوِّناً ساعاتِه / بالعذرِ لا يعطيك حتى يمنعا
لولا التحاملُ بالمصائب لم يكن / بالمنفساتِ من الذخائر مولَعا
نزلت مثقِّلة كفافك إنني / من قبل حملك موشِك أن أظلَعا
من ساءه صممُ المسامع إنني / يوم العَروبةِ ساءني أن أسمعا
ونعى أبا بكرٍ إليَّ صباحُهَا / لسفاههِ لو كان يعلم مَن نعى
يومٌ على الإسلام قبلَك فرحةٌ / ويكون بعدك حسرةً وتفجُّعا
ومن الدليل على مكانك في العلا / أن كان جمعُ صلاته لك مَجمعا
فكأنما داعي الأَذان لفرضِهِ / لك ساقهم وإليك تثويباً دعَا
وشككت إذ حملوك غيرَ مدافعٍ / بيدٍ فخطُّوا في الثرى لك مضجَعا
أعَدَوا على رجُلٍ فواروا شخصَه / أم طوَّحوا بيلملمٍ فتضعضعا
يا من عهدتُ العزَّ فوق جبينِهِ / من راب عزك فاقتضى أن يرجعا
من زمّ مَخطمَك الأبيَّ فقادَه / مع طول ما جذبَ الحبالَ فقطَّعا
وحوى لرقيته لجاجك فارعوى / ودعا نفارَك فاستجاب وأتبعا
وأرى معاشرَ كنت ضيقَ حلوقِهم / يتسابقون تفسُّحاً وتوسعا
ما كنتَ مغلوباً فكيف أبحتهم / ذاك الحمى وأضعتَ ذاك الموضعا
ولَجُوا عرينَك آمنين وربما / مرّوا به صعبَ الولوج ممنَّعا
جَمَعوا فما سدُّوا مكانَك ثُلمةً / وسَعَوا فما كانوا لخَرقك مَرقَعا
ما أغمد النعمانُ سيفَ لسانه / حتى ثويتَ فكان يومُكما معا
ومحدِّثٍ بالخُلد بعدك جَهلُه / وجدَ الشماتةَ حلوةً فتجرَّعا
لم تشفه منك الحياةُ بجهدهِ / فشفاهُ موتُك عاجزاً فتودَّعا
لا يشمتنّ وإن أقام مؤخَّراً / لابدّ أن يقفوك ذاك المَصرعا
كم فُتَّه باعاً ولو ملك المنى / لكفاه فخراً أن يفوتَك إصبعا
مالي وكنُت بربع دارك آنساً / أمسيتُ منه موحَشاً متفزِّعا
وأراه جدباً بعد ما قد زرتُه / خِصباً بودّك لي ويُسرِك مرتَعا
أيامَ أملكُ منك غير منازَع / في كلّ ما أروَى الوفاءُ وأشبَعا
سمعاً بطيئاً فيّ عمن لامه / وفماً إلى ما سرَّني متسرِّعا
فلأبكينّك من فؤادٍ ناصح / في الحزن إن جفنٌ بكى متصنِّعا
ولأحفظنّك باللسان ولن ترى / حقاً على الحرّ الفصيح مضيَّعا
وصلتْ ثراك على البلى وكَّافةٌ / تُرضي بروضتها المكانَ البلقعا
ملىء الثُّدِيِّ على الثرى حنَّانةٌ / تسقِي إذا فطمَ الحيا ما أرضعا
أخذتْ من الريح الشَّمالِ لها الصبا / عهدَ الأمان وذمةً لن تَقشعا
إن خان منك الدهرُ عهدي إنما / في نقضه وعلى محاسنه سعى
رفقاً بقلبي يا زمانُ فإنه / صُلبُ العصا ما أنَّ إلا موجَعا
راميتني فاترك لكفّي ساعداً / يُصمي المريَّة أو لكفِّي منزَعا
لو كان مَن أخَذَ الردى منّي له / عوضٌ أطال على الردى أن أجزعا
أو كنتُ أبكيه وأكحَلُ ناظراً / بنظيره ما بلَّ مني مدمَعا