المجموع : 12
وهبَتْ له عَيْنِي الهُجوعا
وهبَتْ له عَيْنِي الهُجوعا / فأثابها منه الدُموعا
ظبيٌ كأن بخصره / من ضُمره ظمأً وجوعا
ومن البليّةِ أنني / عُلِّقتُ ممنُوعاً مَنُوعا
مَنْ سائلٌ قمر الدُجى / ما بالُهُ تركَ الطلوعا
ويْلي عليه بل على / نفسٍ أبت إلا خضوعا
ما كنتُ قبل تَعَرُّضي / لهواه أحْسبُني جَزوعا
طال المِطالُ ولا خلودَ فحاجةٌ
طال المِطالُ ولا خلودَ فحاجةٌ / مقضية أو بردُ يأسٍ ينقعُ
واعلم بأني لا أسر بحاجةٍ / إلا وفي عُمري بها مُستمتَعُ
عيدٌ يطابق أولَ الأسبوعِ
عيدٌ يطابق أولَ الأسبوعِ / وقعتْ به الأقدارُ خيرَ وقوعِ
للفألِ بالإقبال فيه شاهدٌ / عدلُ الشهادة ليس بالمدفوعِ
غابتْ نجومُ النَّحس عنه وأصبحتْ / فيه نجومُ السعد ذاتَ طُلوعِ
وأظَلَّه جودُ الأمير وقد ذكتْ / نارُ المصيف فظلّ كالمربوعِ
يا أيها الملك الذي نهضتْ به / للمجد خيرُ محاتِدٍ وفروعِ
أنعمْ صباحاً نعمةً موصولةً / بعُرى نعيمٍ ليس بالمقطوعِ
وافتح بعيدك ألفَ عيد بعده / ألفٌ برغم عدوِّكَ المقموع
ولك الوفورُ فإن رُزئْتَ رزيئةً / فرزيئة المرزوء لا المفجوعِ
نفحاتُ كفَّيْ ماجدٍ متخادع / عنهنَّ للسؤَّال لا المخدوعِ
متلافُ أموال صناعةُ كفَّهِ / تفريقُ كل مُؤثَّلٍ مجموعِ
ما زال يبْذُلُها ويعلمُ أنها / لمقاتِل الأعراضِ خيرُ دروعِ
واهاً لمُسلمها إذا هي أُسلِمتْ / من مانعٍ للمَحرمِ الممنوعِ
جُنَنٌ يقينَ إذا سلبن وما وقى / عرضَ الكريم كملبسٍ مخلوع
يا رُبَّ ذي حسدٍ يودُّ لك الردى / ولأنت واضعُ إصرهِ الموضوع
لولاك مارس كلَّ خطبٍ مُضلعٍ / يحمي جفون العين كل هُجوع
إذ لا يكون لذي المِراس غناؤُهُ / إلا الدموعَ يحثُّها بدموع
أخليتَ من تلك الهموم ضلوعَه / فشحنتَ بالشحناء شرَّ ضُلوع
وغدا يودُّ لك التي لو نالها / ريم الصغار بمعطسٍ مجْدوعِ
وجَبَتْ جُنوبُ عِداكَ إنَّ جُنُوبَهُم / أولى الجنوبِ بوجبةِ المصروعِ
بدلاً من القُربانِ عنك وإن غدا / قربان سوْءٍ ليس بالمرفوع
وكفاهُمُ شرفاً لهم وصيانةً / عن شقوةٍ ومذلةٍ وخضوع
أن يُقْتَلوا دون الأمير فدىً له / ومن المكاره نافعُ المرجوع
أَوَلَيس موتُ الحاسديك وإن مَضوْا / وبهم غليلٌ ليس بالمنقوع
خيراً لهم من أن يروا بك حادثاً / مُستشنَعَ المرئيِّ والمسموع
لا كان ذاك فلو رأوْه لأصبحوا / حلفاءَ خوفٍ لا ينام وجُوع
ووهتْ أمورهُمُ هناك فعالجوا / من وهْيها ما ليس بالمرقوع
وعلتْ وجوهَهُمُ التي بيَّضْتَها / قتراتُ ذُلٍّ قامع وخشوع
فبكوا على الجبل الذي كان الذَّرى / من هيج كل ملمَّةٍ زُعْزُوع
لا أُخِّروا ليقدِّموك وقُدِّموا / برضى صبورٍ أو بسُخْط جزوع
يا آل طاهرٍ المطهَّر كاسمه / كم فيكُمُ للخير من يَنبوع
ينْبوعِ معروف ورأي ناجعٍ / في مُعضل الأدواء أيَّ نُجوع
لم يخل نائلُهُ ولا آراؤه / من سدِّ خلّاتٍ ورأب صُدوع
آراءُ داهيةٍ بعيدٍ غورُهُ / ولُهَى قريبٍ مُستقاهُ نَزوع
منكم عبيد اللَهِ وترُ زمانِه / ولرُبّ وترٍ ليس بالمشفوع
طلّاعُ كل ثنيَّةٍ في باذخٍ / صعبِ المراتب ليس بالمطلوع
وعلى يديه جرى صلاح شؤونكُمْ / ورجوعُ إرثِ أبيكُمُ المنزوع
أثنتْ فضائله عليه من ندىً / يغشى العفاةَ ومن حِجىً مطبوع
وتُقى هلوعٍ من وعيد إلهه / من نائبات الدهر غير هلوع
وفضائلٌ أُخَرٌ سواها لا تُرى / في تابع أبداً ولا متبوع
حتى استمال من العدوِّ مودَّةً / ما ألقيتْ لمقدِّرٍ في رُوع
فتقبلوا لطفَ الإله وصُنْعَه / بقبول ملطوفٍ له مَصْنوع
ولقد أمرتُ بذاك منكم معشراً / خنعوا بشكر اللَهِ أيَّ خنوع
رجعتْ حقوقُكُمُ رجوعَ نزائع / نزعتْ إلى وطنٍ أشدَّ نزوع
فرعيتُمُوها رعْيةً محمودةً / معدومة المهزول والمسبوع
وكفيتمونا ما أهمَّ فكلُّنا / يرعى مريع العيش غيرَ مَرُوع
فجريتُمُ جَرْيَ النسيم بسُحرةٍ / منا ومجرى البارد المجروع
كل الهدايا قد رأيت صنوفها
كل الهدايا قد رأيت صنوفها / إلا الكلام ففيه ما لم يُسمَعِ
فجعلت إهدائي إليك مدائحاً / مثل الرياض من الكلام المبدع
فِطرٌ توسَّط يومه الأسبوعا
فِطرٌ توسَّط يومه الأسبوعا / وافقت فيه من السعود طلوعا
واهاً له فطر غدا بربيعه / وربيعك الغَدِق الحيا مربوعا
فالناس والأنعام طراً قد غدوا / في المرتعين الممرعَين رتوعا
وكأن فيه من فعالك سندساً / وكأن فيه من الرياض قطوعا
ما أفرح الملبوس من أيامنا / بك لا عُدِمتَ وأكسف المخلوعا
تتحسر الأيام عنك وكلُّها / تشكو فراقك آسفاً مفجوعا
رحل الصيام وشهره وكلاهما / لهج بذكرك ما يفيق نزوعا
ولقد تناجت بالرجوع مناهما / لو مُلِّكا بعد المضيِّ رجوعا
أقسمت بالشهر الذي أخضلته / بالجود والتقوى ندىً ودموعا
للبسته لبساً أطاب نسيمه / يا ابن الأطايب محتِداً وفروعا
وخلعتَه خلع العروس شعارها / قد ردَّعته من العبير ردوعا
أعبقته من طيب ريحك نفحةً / كادت تكون ثناءك المسموعا
لم لا يكون كذا وقد أُلبِستَه / فلبست فيه سكينة وخشوعا
وكددتَ فيه بالبكاء مدامعاً / وجهدتَ فيه بالزفير ضلوعا
ورفدت فيه كل أشعثَ بائسٍ / ما زال عن طلباته مدفوعا
أحييتَ في الشهر المبارك ليلَه / وفقيره وقتلت فيه الجوعا
بيد إذا قَسَتِ الأنامل فجَّرت / من كل أنملة لها ينبوعا
أنشأتَ تكحلُ بالهجوع معاشراً / بعد السهاد وما اكتحلت هجوعا
ما كان ليلك مذ أهل هلاله / إلا سجوداً كلُّه وركوعا
وطوى نهارك فيه صومٌ طاهرٌ / جعل المآثم محرما ممنوعا
صوم غدت عين الخنا مطروفة / فيه وراح لسانه مقطوعا
وتساجلت عيناك في آنائه / ويداك صوباً لا يزال هُمُوعا
جعل الإله عوارفاً أسديتَها / حللاً على ابنك في العلا ودروعا
هذي تزيِّنُه وتلك تُجِنُّهُ / من كل مكروه أحمَّ وقوعا
واسعد أبا سهل بعيدك نازلاً / فوق الحوادث منزلاً مرفوعا
في حيث تلقى أنف مجدك شامخاً / ويرى عدوُّك أنفه مجدوعا
وتبيتُ من قرع القوارع آمناً / ويبيت من يهوى رداك مروعا
أضحى أبو روح سليلك مورداً / أضحى بنو الآمال فيه شروعا
خِرقٌ له كف يكون سماحها / كرماً إذا كان السماح ولوعا
متكلِّف فوق الطباع مكارماً / سمَّينَه المتكلِّف المطبوعا
لولاه لم تلق النوال مفرَّقاً / أبداً ولا شَملَ العلا مجموعا
ما الطالبُ المخدوع طالب رفده / ووجدت طالب شأوه المخدوعا
عمر الإله بعمره في غبطة / خططاً تضيء بوجهه ورُبوعا
حتى ترى السادات أتباعاً له / وتراه مثلك سيداً متبوعا
أقسمت ما لقّيت ذلَّ مطالبٍ / كبراً ولا عز الزمان خضوعا
من كان عند المعضلات مضعَّفاً / أو كان عند المجحفات منوعا
فكم اجتديت فما وُجِدت مبخَّلاً / وكم امتُحِنتَ فما وُجدتَ جزوعا
أصبحت تحفظ كل مجد ضائعٍ / حفظاً كحفظك دينك المشروعا
وأراك نلت من الأمور أجلَّها / بدءاً وفزت بخيرها مرجوعا
ولقد أقول لسائلي عن مجدكم / غلب المصابيح الصباح سطوعا
لله سؤدد آل سهل سؤدداً / لم يمس مغموراً ولا مفروعا
قوماً تراهم يفتقون مكارماً / مرتوقة أو يرتقون صدوعا
لا يعدمون صنيعة مصنوعة / تهدي إليهم منطقاً مصنوعا
يعطون ما يعطونه وكأنما / يستودعون الأرض منه زروعا
من لم يزاول عرفهم ونكيرهم / لم يضح مشتاراً ولا ملسوعا
ولَما شهدتُ لهم بغير جليةٍ / ولما رفعتُ بقدرهم موضوعا
يا ليت شعري لو سئلت وقد
يا ليت شعري لو سئلت وقد / أنشدت مدحي فيك من سمِعَهْ
ماذا أثبت عليه قائله / هل كنت تلقى في الجواب سِعَهْ
كلّا لأنك إن صدقت فقد / أقررت أنك أرضَعُ الرَضَعَهْ
ومتى كذبت فتلك شرهما / والإفك يجمع مأثماً وضعه
وإن استرحت إلى السكوت فما / لك فيه من لؤم الكرام دعه
أتراك توهمهم إذا سألوا / فسكت أمراً لا تُلام معه
كلّا ولكن يعلمون معاً / أن قد سلكت مسالك الخدعه
كتم اللسان عليك فاستمعت / فطنٌ لما جمجمت مستمعه
وكذا عقول ذوي العقول على / أسرار أهل الجهل مطَّلعه
قد كنت تبت من الهجاء فإن / شاء اللئام أعدتها جَذَعه
يا سامعاً بالأمس قينة خالدٍ
يا سامعاً بالأمس قينة خالدٍ / ولرب يوم في الخسار مضيَّعِ
نعم الغناء سمعت إلا أنه / نعم الشراب عليه دهن الخروع
وقع الفراق وما يزال يروعني
وقع الفراق وما يزال يروعني / فكأن واقع شره متوقعُ
عاصيتُ كل هوى مطاعِ
عاصيتُ كل هوى مطاعِ / وملكت قلبي بالزماعِ
ورعيتُ حقَّ مودتي / إذ لم أجدك لها بِراع
ونهيت نفسي عن هوا / ك فسمَّحَت بعد النزاع
فعلى مودتك السلا / م فإنه خير الوداع
وإذا تفرقت الفجا / ج بنا بفرقة لا اجتماع
ليس التضرع للهوى / من شيمة البطل الشجاع
فاذهب فقبلك ما سلو / تُ عن الشبيبة والرضاع
أصلٌ نما بك ربُّه فَرْعَهْ
أصلٌ نما بك ربُّه فَرْعَهْ / من بعدما التمس العدى قَلْعَهْ
يا من تجلت الوجوه به / بعد السواد تشوبه سُفعَهْ
ما ينقم الحساد منك سوى / أمنٍ شننت عليهم درعه
بل عز مثلك لا كفاء له / بنَّيت بعد حفوفه ربعه
مُلكٌ شرَوه من عدوِّهمُ / سفهاً فكنت أحق بالشفعه
ورياسة كانت مطلَّقةً / منهم فكنت أحق بالرجعه
يا آخراً أضحى لأوله / كالسجدة اتصلت بها الركعه
قد قلتُ حين ملكت أمرهم / شمل أراد مليكهم جمعه
يا من إذا دعي المديح له / لبى الدعاة وجاء في سُرعه
هُنِّئتَ ما أوتيت مغتبطاً / بمزيد رب شاكراً صنعه
وفَّيتَ حق الشرطتين وما / وُفِّيتَ حقك لا ولا ربعه
لكنها باكورة بكرت / مما نؤمل فانتظر ينعه
واسلم على ريب الحوادث ما / سجع الحمام مرجعاً سجعه
الآن نام الخائفون وما / كانت تذوق عيونهم هجعه
لم تمس عين الله راعية / أحداً يبيت وأنت لم ترعه
أضحى عبيد الله سيدنا / في المجد وتراً لا يرى شفعه
يغري خطوب الدهر منصلتاً / كالسيف أحمدَ ضاربٌ وقعه
يقع الربيع وجود سيدنا / فإليه تصرف دونه النجعه
جود يزيد الله صاحبه / وثوابه المذخور لا السمعه
وله إذا ما الرأي حيره / خطبٌ يشنِّع ورده قرعه
رأي كأن الدهر أطلعه / من سر كل خفيَّةٍ طلعه
فتَّاقُ ما يعيا الدهاة به / رتاق ما لم يَرتُقوا صدعه
كم غبطة لمعاشر صدرت / عنه وكم لمعاشر فجعه
فالناس طراً بين مرتقب / سطواته ومؤمل نفعه
كالعارض التهبت صواعقه / وسقى البلاد فلم يدع بقعه
أحذاه عبد الله شيمته / والأصل يسقي ماؤه فرعه
يندى ويصلب عوده فترى / لَدنَ المهزة صادق المنعه
كالخيزران لعاطفيه وإن / عجمته نائبة فكالنبعه
ملك يباشر ناره صَرَدٌ / فتظل مُدفِئةً بلا لذعه
فإذا اصطليت حريقه بطراً / فهناك لست بآمن سفعه
متسربل حلماً بطانتُهُ / عزٌّ وليس بكائن فقعه
يحيي ويردي وهو مقتدر / حلو المجاجة قاتل السبعه
فعّال منقذة ومهلكة / قوّال مثلهما بلا قذعه
لا يرأمُ العوراءَ منطقُه / كلا وليس يعيرها سمعه
يسع الجسيم من الفعال وما / يرضى نداه لقدره وُسْعه
وأتى الأمير لقد جرى فسعى / مسعاه غير مطالعٍ طِلعه
وجرى أبو العباس يتبعه / سعياً فقال ألا كذا فاسْعَه
ولدٌ أقرَّ لعين والده / طالت لوالده به المتعه
وزعت يداه ما يحاذره / من دهرنا فأجادتا وزعه
لم يرعَ سرحَ الملك رعيته / راعٍ ولا قمع العدى قمعه
عجباً لطائفةٍ تقيس به / من لا يوازنه ولا شِسعه
أنى تقاس شُعيلةٌ خمدت / بالشمس في الإشراق والرفعه
قوم بغوا بيقينهم بدلاً / ممن أبت سقطاتُه رفعه
مستبطني ضغنٍ له وبه / رفعوا جنوبَهمُ من الصرعه
وعليهم للعز أبهة / من بعد ما رهقتهم الخشعه
مالوا بودِّهمُ إلى رجلٍ / جعل البوار لأهله شرعه
طالت به عثراته فكبا / وكبوا وكلٌّ راكبٌ ردعه
يهوون في أهويَّةٍ قَذَفٍ / من يمن صاحبه بها ينعه
حتى تداركهم فأنقذهم / صلت الجبين مبارك الطلعه
لو قارع الأكفاء كلهم / عن سؤدد وقعت له القرعه
فجزوه أن حفروا له حفراً / جذب المهيمن دونها ضَبعه
وأبيهم ما كان ريعهمُ / لأخيهم بمشاكلٍ زرعه
إن المريد بمثله بدلاً / لكمن يريد بدرَّةٍ ودعه
يا زينهم إذ كان أشأمهم / شيناً وليس الأنف كالسلعه
شهدوا غداة رقعت وهيَهُمُ / أن قد أجدت ولم تُسِئ رقعه
يا بيهقيُّ دع القريض لذي / حذقٍ يعاون علمُه طبعه
فادفن سُلاحاً ظلت تسلحه / من فيك لا استك دُفعةً دفعه
أخطأت في المصراع مفتتحاً / وأتيت إذ عجَّزتَه بِدعه
سكنت ميماً غير ساكنة / وجعلت ربَّك أنجماً سبعه
حكَّمتها في من لو انتظمت / تاجاً لقل لمثله خِلعه
وزعمتَ سيدَنا الأمير سما / بالجود حتى صافح الهَقعه
وهو الذي أدنى مواطئه / فوق الذي سميت والهنعه
وجعلت أقصى ما تجود به / للمستميح نواله الجُرعه
ثَلطٌ على ثلط وضعت به / ووضعت بعد هدائل القصعه
من كان مثلك في جماعته / أضحى وقيمة رأسه قرعه
وشكوت جوعك في ذرى ملك / فنقضت مدحك فيه بالشُّنعه
أقبلت تشكو في ضيافته / طول الطوى متمنِّياً نجعه
كذباً عليه بعد زعمِكَهُ / نصب الجفان بربوة تلعه
أقبح بإفك في مناقضة / كالنبذة الشمطاء في الصلعه
وحكيت أنك مذ أطفت به / في عيشة تقتاتها لمعه
وزعمت صرتك اغتدت عطلاً / لا درهم فيها ولا قطعه
وهو الذي يضحي مجاوره / من جنة الفردوس في ترعه
وجعلت ذكر الصفع خاتمة / مسترزقاً من صافع صفعه
فثواب مثلك صفع أخدعه / بل بصقة في الوجه بل نخعه
ما زلت في معنى يحاك وفي / لفظ يساء كقولك الضبعه
وذكرت رهطاً تسعةً جدعوا / أنف القتيل فأوعبوا جدعه
فجعلت صاحبهم طويسَ وما / لاقى طويسُ أولئك التسعه
أفلا قُدار جعلتَ تاسعهم / كَسْعُ استِ قاطعِ زبرِها كَسعه
وذكرت بالحولاء بحربة / ونعتَّها فجعلتها ربعه
وجعلت تحفتها مغازلة / لك أن تقول مجيبة نزعه
ووصفت كأساً لا يشاكلها / فجعلتها صهباء كالدمعه
لا دمعةٌ صهباء نعلمها / إلا دم استِك خاضباً فُصعه
ووصفت ضوء الصبح محتفلاً / فجعلته كإضاءة الشمعه
لجَّ الفؤادُ فليس يلذعُهُ
لجَّ الفؤادُ فليس يلذعُهُ / عذلٌ ولا النكبات تردعُهُ
أوهى معاقدَ صبره كُلَفٌ / لم يوهه يوماً تمتُّعُهُ
بمسنَّع ظلت محاسنه / تخفي بها بدراً وتطلعه
فإذا دنا أنأى أخا كَلَفٍ / وإذا نأى أدناه مضجعه
لم تعرُني وهناً حبالتُه / إلا عرا قلبي تفجُّعه
كلا ولم ألمم بمضجعه / إلا طغى جفني ومدمعه
طغيان مرتجس الذرى خضلٍ / لحنينه زجلٌ يرجِّعه
حيران منبجس الكلى عصفت / بعد الهدوء عليه زَعزعه
وكأنما نتجت رواعده / وبوارقٌ باتت تشيِّعه
يمّاً تلاطم في غزارته / آذيُّهُ وطمى تولُّعه
سقياً لأطلال عفت فعفا / من بعدهن العيش أجمعه
عهدي بِرَيِّقِ لهوها خضلاً / أَرِقَ الرياض يرفُّ مُمرِعه
أيام صيد جنانها بقرٌ / حُمٌّ تضمَّنهن أجرعه
يغدو الأريب لها ليصرعها / وعيونها للَّحظ تصرعه
من كل آنسة الحديث لها / وجه كأن الشمس مطلعه
ولها دجى ليل تجلَّلها / فتظل تدريه وترفعه
ومنضَّد رقّت مراشفه / علا المدام به مشعشعه
ودَّعن من كادت حشاشته / لوداعهن ضحى تودِّعه
فتصدعوا ومضوا لطيِّتهم / فعرى الفؤاد لهم تصدُّعه
تالله تفتأ باكياً لهم / حتى يخدَّ الخد أدمعه
ولما دموع العين راجعة / ما عشت وصلاً فات مرجعه
أفلا تسلّاهم بمنجردٍ / كالسيل آنف منه أصمعه
وسمت نواظره فخلتَ به / جنّاً تفرِّعه وتقرعه
وكأن أذنيه شبا قلم / وحيٌ يخططه مُرفِّعه
رحُبت خواصره وجبهتُه / والمنخران وتم أتلَعه
فأناف متناه على ثبج / طلعت على الترهيف أضلعه
واشتد علباءاه وانقوَسا / دون العذار فضاق برقعه
وتحنَّبت ساقاه وانشنجت / أنساؤه فقمصنَ أكرعه
فكأنما ائتلقت بأجنحة / يسبقن لمح الطرف أربعه
تضحي الرياح إذا تمطَّر في / شأويه حسرى ليس تتبعه
شرس السجية إن شرست له / ويلين إن لاينت أخدَعه
طرف كأن على معاقده / شرقاً من الجاديِّ يردَعه
أمطاكه جزلٌ مواهبه / كلِفٌ بربّ العرف يصنعه
يهب الجزيل ولا يكدره / بأذى ولا بالمن يتبعه
لا بل يؤيده ويشفعه / بندى يحلُّ لديك موقعه
ويراه محتقَراً لديه وإن / أضحى لسان الشكر يرفعه
كم من يد سبقت إليَّ له / حسناء جاد لها تبرُّعه
فشكرته فأثابني نعماً / أوهى لها شكري يضعضعه
ملك إذا افتخر الملوك سما / كرم النِّجار به ومَنزِعه
فعلا وقصّر دون مبلغه / من مجد من ناواه أرفَعه
وله من العز التليد إذا / عدت بنو شيبان أمنعه
سيما العزيز تجبُّرٌ ويرى / في العز سيماه تخشُّعه
وإذا بنو الموت استطالهمُ / وهجٌ تغشى الموت أينَعه
ودعوا نزالِ فطاح بالورع ال / هيابة المنخوب مَهلعه
غادى كتائبهم بعدوته / أجل يطحطح من يروعه
متقلداً في الروع ذا شطُبٍ / كالرجع أبدع فيه مبدعه
مما تقلد في كتائبه / يوم الوغى واختار تُبَّعه
عضباً كأن شعاعه لهب / يَغنى به في الليل رافعه
وكأنما كسيت عقيقته / وشياً تأنق فيه صانعه
أو دبَّ فيه الذرُّ فاختلفت / تفراه أكرُعه وأذرعه
بأبي وأمي أنت تِرْبُ ندىً / في بيت مكرمة تريُّعه
إن الوزارة لم تزل وبها / شوق إليك يُرى تنزُّعه
خطبتك إذ وافقت خطبتها / وسواك أقصاه تسرُّعه
الله وفق مبتغيك لها / وحباك أمراً كنت تدفعه
نظراً من الله العزيز لمن / أمسى نظام الملك يجمعه
أفلت نجوم الغيِّ حين بدا / للرشد نجم أنت مُصدِعه
وأقمت للحق المنار على / لَقَم الطريق فبان مهيعه
ونشرت ميت العدل من جدث / قد كان فيه طال مهجعه
أمنت بيمنك في مراتعها / شاء الفلا وذُعِرن أضبعه
ولقد يرى أوسٌ ويونس من / جناتها صعباً ممنعه
حسنت بك الدنيا وعاد لها / كفٌّ طليلُ الأيك مونعه
وملأت مشرقها ومغربها / عدلاً تغشَّى الناس أوسعه
فتملَّ معتلياً سلامة ما / قُلِّدته وهَناك مَكرعه
يا رامياً غرض القطي
يا رامياً غرض القطي / عة بالجفاء مُبلِّغا
قد قلت إذا حاولتها / بلغ المحاول ما ابتغى
ما كان ود خنته / حظّاً فخنهُ مسوَّغا
لهفي لأيام مضت / مشغولةً بك فُرَّغا