القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إلياس أبو شبكة الكل
المجموع : 4
أَلفَيتُها وَمن التَحَسُّر لا تَعي
أَلفَيتُها وَمن التَحَسُّر لا تَعي / تَذري الدُموعَ وَحيدَةً في المخدعِ
فَكَأَنَّها وَالدَمعُ يخطِفُ صَوتَها / رَمزٌ التَعاسَةِ في الزَمانِ الموجعِ
فَسأَلتَها عَمّا يُشيرُ شجونَها / وَعَلامَ تُطلِقُ زَفرَةَ المُتَفَجِّعِ
فَإِذا بِها رَفَعَت لطافَةَ رَأسِها / بِتَخَشُّعِ أَوحى إِلَيذَ تَخشعي
وَرَنَت إِلى قَفصٍ هُناكَ مُعَلَّقٍ / بِمَحاجِرٍ غَرِقَت بِماءِ الأَدمُعِ
فَحَزَرتُ أَنَّ الدَهرَ سلَّم طيرها / ليدِ الحِمامِ فَطيرُها لم يرجِع
قالَت فَقَدتُ من الحَياةِ مُؤاسِياً / يا طالَما أَوحى الهمامَ لِأَضلُعي
فَإِذا تَغنّى بِالزُهورِ وَبِالنَدى / كَيفَ الهَوى لِغُناهُ لَم يَتَسَمَّعِ
وَآلهفَ قَلبي أَينَ مِنهُ قَصائِدٌ / لَم يروِها حَتّى بَيانُ الأَصمَعي
بَل أَينَ مِنهُ الموصِلي وَصوته / وَلِسانُ معبدِ بِالغِناءِ المبدعِ
وَآلهفَ قَلبي كَيفَ واراهُ الثَرى / وَأَنا هُنا أَحيا بِعَيشٍ أَمرعِ
أَوَلَم يَكُن لي في حَياتي مُؤنِساً / يَلهو بِهِ قَلبي وَيَطرَبُ مَسمَعي
ماذا جَنى الحسونُ في جُنحِ الدُجى / حَتّى أُصيبَ بِسَهمِ ذلِكَ الأَسفَعِ
أَلِأَنَّهُ هجرَ الحُقولَ وَبردَها / وَأَتى يغرِّدُ في زَوايا مخدَعي
فَأَجَبتُها كفّي البكا وَتصبُّري / فَالطَيرُ ماتَ وَلم يَعد من مَطمَعِ
لكِنَّما أَصغي لما سَأَقولُه / فَبِمَوتِهِ عظةٌ لِكُلِّ ملوِّعِ
كم رَدَّدت في مَسمَعَيكِ مَراشِفي / حريتي يا ميُّ أَثمنُ ما مَعي
فَنَبَذتِها وَجَحدتِ ما ردَّدته / وَصَنعتِ بِالحسونِ أَفظَعَ مصنَعِ
ما جاءَ حَتّى تَسجنيهِ وَإِنَّما / حَتّى تقيهِ شَرَّ فَقرٍ مدقعِ
فَجَعَلتِهِ بَينَ الحَديدِ مُقَيَّداً / يا حُرَّةً قَيَّدتِ حراً فَاِنزَعي
لَو يَفقَهُ الإِنسانُ مَعنى شَرِّه / لَبَكى طَيلاً بِالدُموعِ الهمَّعِ
هَل إِنَّ فِكرَك من يراعِك أَسرَعُ
هَل إِنَّ فِكرَك من يراعِك أَسرَعُ / أَم إِنَّ نَثرَك من نَظيمِكَ أَبدَعُ
لِلَّهِ مَوهِبَةٌ يحارُ بِها الحجى / أَرجُ الشعورِ بِروضِها يَتَضَوَّعُ
يا اِبنَ الرَبيعِ وَفي الرَبيعِ أَزاهِرٌ / مِثل الكَواكِبِ في سَمائِكِ تَلمَعُ
كَيفَ اِنثَنَيتَ عَن النَظيمِ مُخَيِّراً / وَتَركتَ شعركَ في دماغِكَ يَهجَعُ
يا اِبنَ الخَيالِ وَفي الخَيالِ حَقيقَةٌ / بصرُ الوجودِ أَمامها يَتَخَشَّعُ
كَم مَرَّةٍ وَقَّعتَ شِعرَكَ نغمَةً / وَاللَيلُ أَنصَتَ مُصغياً يَتَسَمَّعُ
يا أَرغنَ الوادي وَفي الوادي هَوى / يَصبو إِلَيكَ فُؤادُهُ وَالأَضلُعُ
لَقَّنتَهُ شَدوَ الهِيامِ مودِّعاً / وَرَحلتَ عَنهُ وَالعُيونُ تودَّعُ
أَشفيق لا بَردى وَلا فَيحاؤُه / إِن كانَ بَرَدونيُّ وَحيك يدمعُ
إِسمَع أَنيناً صادِراً من غورِهِ / فَإِذا سَمعتَ أَنينَهُ تَتَوَجَّعُ
لا تَقطعِ الأَوتارَ من قيثارةٍ / نَغَماتُها في الشِعرِ لا تَتَقَطَّعُ
مَغناكِ مُلتَهِبٌ وَكَأسُكِ مُترَعه
مَغناكِ مُلتَهِبٌ وَكَأسُكِ مُترَعه / فَاِسقي أَباكِ الخَمر وَاِضطَجِعي مَعَه
لَم تُبقِ في شَفَتَيكِ لذاتُ الدِما / ما تَذكُرينَ بِهِ حَليبَ المرضعه
قومي اِدخُلي يا بنتُ لوط عَلى الخنى / وَاِزني فَإِنَّ أَباكِ مهّدَ مَضجَعَه
إِن تُرجِعي دَمك الشَهِيِّ لِنَبعَه / كَم جَدوَلٍ في الأَرضِ راجِع مَنبَعَه
لا تَعبَأي بِعِقاب رَبِّكِ إِنَّهُ / جُرثومَةٌ من نارِكِ المُتَدَفِّعَه
في صَدرِكِ المَحمومِ كِبريتٌ إِذا / لَعِبَت بِهِ الشَهَواتُ فَجَّر أَضلُعُه
فَبِكُلِّ صَقعٍ مِن ضُلوعِك قِسمَة / خِلَعٌ عَلى لَهَب الشَبابِ موزَّعَه
إيه سدومُ بُعثتِ مِن خَلِلِ اللظى / حَمراءَ في شَهَواتِكِ المُتَسَرِّعَه
في كُلِّ جيلٍ مِن لَهيبِكِ سُنَّة / سَكرى محطَّمَة عَلَيهِ مُخَلَّعَه
عَقَبت بيَ الذِكرى إِلَيكِ فَأَشعَلَت / قَلبي وَأَجفاني رُؤاكِ الموجِعَه
شاهَدت مِن خَلَلِ اللَهيبِ حَدائِقاً / كانَت نَواضِرَ في الفُصولِ الأَربَعَة
نَشَقَت مِن الفِردَوسِ عبقَة سِحرهِ / وَمن السَماءِ طُيوبِها المُتَضَوِّعه
خَضراءَ طاهِرَة الغراس كَأَنَّها / بِصَفاءِ عَدنٍ لا تَزالُ مُبَرقَعَه
وَكَأَنَّ مِن تَكفيرِ آدم نَفحَةً / فيها وَمن صَلَواتِ حَواءٍ دِعه
وَرَأَيتُ غَدراناً مَراضِع تُربَة / بِأَجِنَّة الزهر النَدِيِّ مرصَّعَه
وَمراوِح الفَجرِ الجَميلِ عَلى الذَرى / يَلقى عَلَيها كُلَّ طيرٍ مخدَعَه
وَرَأَيتُ حوراً في شُفوفِ زَنابِق / بَيضاء من لَبَن الجنان مُشَبَّعَه
نَفخ الصِبا بنُهودِها فَتَكَوَّرَت / وَتَبَسَّمَت عَن وَردَةٍ مُتَرَفِّعَه
ماذا فَعَلتِ سُدومُ أَينَ جَواذِبٌ / كانَت عَلى تِلكَ الخُدورِ مجمَّعَه
فيمَ اِستَحالَ لُبانُكِ النامي إِلى / خَمر بكاساتِ الفجورِ مُشَعشَعَة
ذَوَّبَت خَمرِكِ لا لِيُصبِح طاهِراً / لكِن لِيَستَهوي النُفوسَ فَتَجرَعَه
وَجَعَلتِ غَرغَرَةَ الأَفاعي كَأسَه / لِيَذوقَ مِنها كُلَّ قَلبٍ مَصرَعَه
سَكَرَت بِكِ الدُنيا سدومُ فَكلَّها / زمرٌ عَلى طرق الحَياةِ مُتَعتَعه
وَأَثرَتِ حُنجُرَة الفجور فَأَطلَقَت / حِمَماً عَلى نَغَمِ الجَحيمِ مُوَقَّعَه
أَغنيَّة حَمراء أَنشَدَها الخنى / مِزَقاً عَلى أَوتارِكِ المُتَقَطِّعَه
أَسدومَ هذا العَصر لَن تَتَحَجَّبي / فَبِوَجهِ أمكِ ما بَرِحَتِ مُقَنَّعَه
كانَت مُنَكَّرَة كَوَجهِكِ عِندَما / هَبَّت عَلَيها مِن جَهَنَّم زَوبَعَه
قَذفتك صحراءُ الزِنى بِحَضارَة / ثَكلى مُشَوَّهَةِ الوُجوهِ مُفَجَّعَه
بُؤرٌ مُسَتَّرَة الفَسادِ بخدعة / نَكراءَ بِالخَزِّ الشَهِيِّ مُرَقَّعَه
أَسيلَةَ الفَحشاءِ نارِكِ في دمي
أَسيلَةَ الفَحشاءِ نارِكِ في دمي / فَتَضرَّمي ما شِئتِ أَن تَتَضَرَّمي
أَنا لَستُ أَخشى مِن جَهَنَّم جَذوَةَ / ما دامَ جِسمي يا سدومُ جهنَّمي
طَوَّفتِ بي مَيتاً بِأروقَةِ اللَظى / فَحَمَلتُ تابوتي وَسِرتُ بِمَأتَمي
وَعَصبتِ بِالشَبقِ المجمَّرِ جَبهَتي / فَرَفَعتُها في عَصريَ المُتَهكّمِ
عَلَّمتِني لغة النُبوءَة عِندما / فَجَرَّتِ أَلغامَ السمومِ بِمنجمي
مَهلاً كلانا يا سلومُ مُسَلَّح / فَلظاكِ في جِسمي وَثَأركِ في فَمي
سَيَّرتِ قَلبي في المَهازِلِ شاعِراً / وَذررتِ مَسحوقَ العِظاتِ بمرقَمي
فَكَأَنَّ غَضبَةَ أَنبيِيائِكِ عِندَما / أُحرِقَتِ عاشَت في اللَظى المُتَكَلِّمِ
أَبغيَّ هذا العَصر خمركِ فَاِغرُفي / وَاِسقي ذَراريَّ الوَرى وَاِستَسلمي
وَبِمَضجعِ الغُرَباءِ نامي حِقبَة / ثُمَّ اَعدُلي عَنهُ لِآخر وَاِرتَمي
وَتَرَنَّمي ما شِئتِ في حَمأ البَلى / حَتّى يَجِفَّ بِك الرضاع وَتَهرَمي
حَتّى تُضاجِعَكِ الأَفاعي في الدُجى / وَيَصيرَ حُسنُكِ مخدِعاً لِلأَرقَمِ
حَتّى يَفورَ الدودُ مِنكِ وَيَنثَني / يِمتَصُّ جيفَة عرضِك المُتَهَضِّمِ
حَتّى يَدبَّ المَوت فيكِ وَتَمّحي / ذُرِّيَّةُ المَهدِ الأَثيمِ المُجرِمِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025