بانَ الخَليطُ بِرامَتَينِ فَوَدَّعوا
بانَ الخَليطُ بِرامَتَينِ فَوَدَّعوا / أَو كُلَّما رَفَعوا لِبَينٍ تَجزَعُ
رَدّوا الجِمالَ بِذي طُلوحٍ بَعدَما / هاجَ المَصيفُ وَقَد تَوَلّى المَربَعُ
إِنَّ الشَواحِجَ بِالضُحى هَيَّجنَني / في دارِ زَينَبَ وَالحَمامُ الوُقَّعُ
نَعَبَ الغُرابُ فَقُلتُ بَينٌ عاجِلٌ / وَجَرى بِهِ الصُرَدُ الغَداةَ الأَلمَعُ
إِنَّ الجَميعَ تَفَرَّقَت أَهوائُهُم / إِنَّ النَوى بِهَوى الأَحِبَّةِ تَفجَعُ
كَيفَ العَزاءَ وَلَم أَجِد مُذ بِنتُمُ / قَلباً يَقِرُّ وَلا شَراباً يَنقَعُ
وَلَقَد صَدَقتُكِ في الهَوى وَكَذَبتِني / وَخَلَبتِني بِمَواعِدٍ لا تَنفَعُ
قَد خِفتُ عِندَكُمُ الوُشاةَ وَلَم يَكُن / لِيُنالَ عِندِيَ سِرُّكِ المُستَودَعُ
كانَت إِذا نَظَرَت لِعيدٍ زينَةً / هَشَّ الفُؤادُ وَلَيسَ فيها مَطمَعُ
تَرَكَت حَوائِمَ صادِياتٍ هُيَّماً / مُنِعَ الشِفاءُ وَطابَ هاذا المَشرَعُ
أَيّامَ زَينَبُ لا خَفيفٌ حِلمُها / هَمشى الحَديثِ وَلا رَوادٌ سَلفَعُ
بانَ الشَبابُ حَميدَةً أَيّامُهُ / وَلَوَ أَنَّ ذَلِكَ يُشتَرى أَو يَرجِعُ
رَجَفَ العِظامُ مِنَ البِلى وَتَقادَمَت / سِنّي وَفِيَّ لِمُصلِحٍ مُستَمتَعُ
وَتَقولُ بَوزَعُ قَد دَبَبتَ عَلى العَصا / هَلّا هَزِئتِ بِغَيرِنا يا بَوزَعُ
وَلَقَد رَأَيتُكِ في العَذارى مَرَّةً / وَرَأَيتِ رَأسي وَهوَ داجٍ أَفرَعُ
كَيفَ الزِيارَةُ وَالمَخاوِفُ دونَكُم / وَلَكُم أَميرُ شَناءَةٍ لا يَربَعُ
يا أَثلَ كابَةَ لا حُرِمتِ ثَرى النَدى / هَل رامَ بَعدي ساجِرٌ فَالأَجرَعُ
وَسَقى الغَمامُ مُنَيزِلاً بِعُنَيزَةٍ / إِمّا تُصافُ جَداً وَإِمّا تُربَعُ
حَيّوا الدِيارَ وَسائِلوا أَطلالَها / هَل تَرجِعُ الخَبَرَ الدِيارُ البَلقَعُ
وَلَقَد حَبَستُ بِها المَطِيَّ فَلَم يَكُن / إِلّا السَلامُ وَوَكفُ عَينٍ تَدمَعُ
لَمّا رَأى صَحبي الدُموعَ كَأَنَّها / سَحُّ الرَذاذِ عَلى الرِداءِ اِستَرجَعوا
قالوا تَعَزَّ فَقُلتُ لَستُ بِكائِنٍ / مِنّي العَزاءُ وَصَدعُ قَلبي يُقرَعُ
فَسَقاكِ حَيثُ حَلَلتِ غَيرَ فَقيدَةٍ / هَزِجُ الرَواحِ وَديمَةٌ لا تُقلِعُ
فَلَقَد يُطاعُ بِنا الشَفيعُ لَدَيكُمُ / وَنُطيعُ فيكِ مَوَدَّةً مَن يَشفَعُ
هَل تَذكُرينَ زَمانَنا بِعُنَيزَةٍ / وَالأَبرَقَينِ وَذاكَ ما لا يَرجِعُ
إِنَّ الأَعادِيَ قَد لَقوا لِيَ هَضبَةً / تُنبي مَعاوِلَهُم إِذا ما تُقرَعُ
ما كُنتُ أَقذِفُ مِن عَشيرَةِ ظالِمٍ / إِلّا تَرَكتُ صَفاهُمُ يَتَصَدَّعُ
أَعدَدتُ لِلشُعَراءِ كَأساً مُرَّةً / عِندي مُخالِطُها السِمامُ المُنقَعُ
هَلّا نَهاهُم تِسعَةٌ قَتَّلتُهُم / أَو أَربَعونَ حَدَوتُهُم فَاِستَجمَعوا
كانوا كَمُشتَرِكينَ لَمّا بايَعوا / خَسِروا وَشُفَّ عَلَيهِمُ فَاِستوضِعوا
أَفَيَنتَهونَ وَقَد قَضَيتُ قَضائَهُم / أَم يَصطَلونَ حَريقَ نارٍ تَسفَعُ
ذاقَ الفَرَزدَقُ وَالأُخَيطِلُ حَرَّها / وَالبارِقِيُّ وَذاقَ مِنها البَلتَعُ
وَلَقَد قَسَمتُ لِذي الرِقاعِ هَدِيَّةً / وَتَرَكتُ فيهِ وَهِيَّةً لا تُرقَعُ
وَلَقَد صَكَكتُ بَني الفَدَوكَسِ صَكَّةً / فَلَقوا كَما لَقِيَ القُرَيدُ الأَصلَعُ
وَهَنَ الفَرَزدَقُ يَومَ جَرَّبَ سَيفَهُ / قَينٌ بِهِ حُمَمٌ وَآمٍ أَربَعُ
أَخزَيتَ قَومَكَ في مَقامٍ قُمتَهُ / وَوَجَدتَ سَيفَ مُجاشِعٍ لا يَقطَعُ
لا يُعجِبَنَّكَ أَن تَرى لِمُجاشِعٍ / جَلَدَ الرِجالَ فَفي القُلوبِ الخَولَعُ
وَيَريبُ مَن رَجَعَ الفَراسَةَ فيهِمُ / رَهَلُ الطَفاطِفِ وَالعِظامُ تَخَرَّعُ
إِنّا لَنَعرِفُ مِن نِجارِ مُجاشِعٍ / هَدَّ الحَفيفِ كَما يَحِفُّ الخِروَعُ
أَيُفايِشونَ وَقَد رَأَوا حُفّاثَهُم / قَد عَضَّهُ فَقَضى عَلَيهِ الأَشجَعُ
أَجَحَفتُمُ جُحَفَ الخَزيرِ وَنِمتُمُ / وَبَنو صَفِيَّةَ لَيلُهُم لا يَهجَعُ
وُضِعَ الخَزيرُ فَقيلَ أَينَ مُجاشِعٌ / فَشَحا جَحافِلَهُ جُرافٌ هِبلَعُ
وَمُجاشِعٌ قَصَبٌ هَوَت أَجوافُهُ / غَرّوا الزُبَيرَ فَأَيَّ جارٍ ضَيَّعوا
إِنَّ الرَزِيَّةَ مَن تَضَمَّنَ قَبرَهُ / وادي السِباعِ لِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
لَمّا أَتى خَبَرُ الزُبَيرِ تَواضَعَت / سورُ المَدينَةَ وَالجِبالُ الخُشَّعُ
وَبَكى الزُبَيرَ بَناتُهُ في مَأتَمٍ / ماذا يَرُدُّ بُكاءُ مَن لا يَسمَعُ
قالَ النَوائِحُ مِن قُرَيشٍ إِنَّما / غَدَرَ الحُتاتُ وَلَيِّنٌ وَالأَقرَعُ
تَرَكَ الزُبَيرُ عَلى مِنىً لِمُجاشِعٍ / سوءَ الثَناءِ إِذا تَقَضّى المَجمَعُ
قَتَلَ الأَجارِبُ يا فَرَزدَقُ جارَكُم / فَكُلوا مَزاوِدَ جارِكُم فَتَمَتَّعوا
أَحُبارِياتِ شَقائِقٍ مَولِيَّةٍ / بِالصَيفِ صَعصَعَهُنَّ بازٍ أَسفَعُ
لَو حَلَّ جارُكُمُ إِلَيَّ مَنَعتُهُ / بِالخَيلِ تَنحِطُ وَالقَنا يَتَزَعزَعُ
لَحَمى فَوارِسُ يَحسِرونَ دُروعَهُم / خَلفَ المَرافِقَ حينَ تَدمى الأَذرُعُ
فَاِسأَل مَعاقِلَ بِالمَدينَةِ عِندَهُم / نورُ الحُكومَةِ وَالقَضاءُ المَقنَعُ
مَن كانَ يَذكُرُ ما يُقالُ ضُحى غَدٍ / عِندَ الأَسِنَّةِ وَالنُفوسُ تَطَلَّعُ
كَذَبَ الفَرَزدَقُ إِنَّ قَومي قَبلَهُم / ذادوا العَدُوَّ عَنِ الحِمى فَاِستَوسَعوا
مَنَعوا الثُغورَ بِعارِضٍ ذي كَوكَبٍ / لَولا تَقَدُّمُنا لَضاقَ المَطلَعُ
إِنَّ الفَوارِسَ يا فَرَزدَقُ قَد حَمَوا / حَسَباً أَشَمَّ وَنَبعَةً لا تُقطَعُ
عَمداً عَمَدتُ لِما يَسوءُ مُجاشِعاً / وَأَقولُ ما عَلِمَت تَميمٌ فَاِسمَعوا
لا تُتبَعُ النَخَباتُ يَومَ عَظيمَةٍ / بُلِغَت عَزائِمُهُ وَلَكِن تَتبَعُ
هَلّا سَأَلتَ بَني تَميمٍ أَيُّنا / يَحمي الذِمارَ وَيُستَجارُ فَيَمنَعُ
مَن كانَ يَستَلِبُ الجَبابِرَ تاجَهُم / وَيَضُرُّ إِذ رُفِعَ الحَديثُ وَيَنفَعُ
أَيُفايِشونَ وَلَم تَزِن أَيّامُهُم / أَيّامَنا وَلَنا اليَفاعُ الأَرفَعُ
مِنّا الفَوارِسُ قَد عَلِمتَ وَرائِسٌ / تَهدي قَنابِلَهُ عُقابٌ تَلمَعُ
وَلَنا عَلَيكَ إِذا الجُباةُ تَفارَطوا / جابٍ لَهُ مَدَدٌ وَحَوضٌ مُترَعُ
هَلّا عَدَدتَ فَوارِساً كَفَوارِسي / يَومَ اِبنُ كَبشَةَ في الحَديدِ مُقَنَّعُ
خَضَبوا الأَسِنَّةَ وَالأَعِنَّةَ إِنَّهُم / نالوا مَكارِمَ لَم يَنَلها تُبَّعُ
وَاِبنَ الرِبابِ بِذاتِ كَهفٍ قارَعوا / إِذ فَضَّ بَيضَتَهُ حُسامٌ مِصدَعُ
وَاِستَنزَلوا حَسّانَ وَاِبنَي مُنذِرٍ / أَيّامَ طِخفَةَ وَالسُروجُ تَقَعقَعُ
تِلكَ المَكارِمُ لَم تَجِد أَيّامَها / لِمُجاشِعٍ فَقِفوا ثُعالَةَ فَاِرضَعوا
لا تَظمَأونَ وَفي نُحَيحٍ عَمِّكُم / مَروىً وَعِندَ بَني سُوَيدٍ مَشبَعُ
نَزَفَ العُروقَ إِذا رَضَعتُم عَمَّكُم / أَنفٌ بِهِ خَثَمٌ وَلَحيٌ مُقنَعُ
قَتَلَ الخِيارَ بَنو المُهَلَّبِ عَنوَةً / فَخُذوا القَلائِدَ بَعدَهُ وَتَقَنَّعوا
وُطِئَ الخِيارُ وَلا تَخافُ مُجاشِعٌ / حَتّى تَحَطَّمَ في حَشاهُ الأَضلُعُ
وَدَعا الخِيارُ بَني عِقالٍ دَعوَةً / جَزَعاً وَلَيسَ إِلى عِقالٍ مَجزَعُ
لَو كانَ فَاِعتَرِفوا وَكيعٌ مِنكُمُ / فَزِعَت عُمانُ فَما لَكُم لَم تَفزَعوا
هَتَفَ الخِيارُ غَداةَ أُدرِكَ روحُهُ / بِمُجاشِعٍ وَأَخو حُتاتٍ يَسمَعُ
لا يَفزَعَنَّ بَنو المُهَلَّبِ إِنَّهُ / لا يُدرِكُ التِرَةَ الذَليلُ الأَخضَعُ
هاذا كَما تَرَكوا مَزاداً مُسلَماً / فَكَأَنَّما ذُبِحَ الخَروفُ الأَبقَعُ
زَعَمَ الفَرَزدَقُ أَن سَيَقتُلُ مَربَعاً / أَبشِر بِطولِ سَلامَةٍ يا مَربَعُ
إِنَّ الفَرَزدَقَ قَد تَبَيَّنَ لُؤمُهُ / حَيثُ اِلتَقَت حُشَشاؤُهُ وَالأَخدَعُ
حوقُ الحِمارِ أَبوكَ فَاِعلَم عِلمَهُ / وَنَفاكَ صَعصَعَةُ الدَعِيُّ المُسبَعُ
وَزَعَمتَ أَمَّكُمُ حَصاناً حُرَّةً / كَذِباً قُفَيرَةُ أُمُّكُم وَالقَوبَعُ
وَبَنو قُفَيرَةَ قَد أَجابوا نَهشَلاً / بِاِسمِ العُبودَةِ قَبلَ أَن يَتَصَعصَعوا
هاذي الصَحيفَةُ مِن قُفَيرَةَ فَاِقرَأوا / عُنوانَها وَبِشَرِّ طينٍ تُطبَعُ
كانَت قُفَيرَةُ بِالقَعودِ مُرِبَّةً / تَبكي إِذا أَخَذَ الفَصيلَ الرَوبَعُ
بِئسَ الفَوارِسُ يا نَوارُ مُجاشِعٌ / خورٌ إِذا أَكَلوا خَزيراً ضَفدَعوا
يَغدونَ قَد نَفَخَ الخَزيرُ بُطونَهُم / رَغداً وَضَيفُ بَني عِقالٍ يُخفَعُ
أَينَ الَّذينَ بِسَيفِ عَمروٍ قُتِّلوا / أَم أَينَ أَسعَدُ فيكُمُ المُستَرضَعُ
حَرَّبتُمُ عَمرواً فَلَمّا اِستَوقَدَت / نارُ الحُروبِ بِغُرَّبٍ لَم تَمنَعوا
وَبِأَبرَقَي ضَحيانَ لاقَوا خِزيَةً / تِلكَ المَذَلَّةُ وَالرِقابُ الخُضَّعُ
خورٌ لَهُم زَبَدٌ إِذا ما اِستَأمَنوا / وَإِذا تَتابَعَ في الزَمانِ الأَمرَعُ
هَل تَعرِفونَ عَلى ثَنِيَّةِ أَقرُنٍ / أَنَسَ الفَوارِسِ يَومَ شُكَّ الأَسلَعُ
وَزَعَمتَ وَيلَ أَبيكَ أَنَّ مُجاشِعاً / لَو يَسمَعونَ دُعاءَ عَمروٍ وَرَّعوا
هَلّا غَضِبتَ عَلى قُرومِ مُقاعِسٍ / إِذ عَجَّلوا لَكُمُ الهَوانَ فَأَسرَعوا
سَعدُ بنُ زَيدِ مَناةَ عِزٌّ فاضِلٌ / جَمَعَ السُعودَ وَكُلَّ خَيرٍ يَجمَعُ
يَكفي بَني سَعدٍ إِذا ما حارَبوا / عِزٌّ قُراسِيَةٌ وَجَدٌّ مِدفَعُ
الذائِدونَ فَلا يُهَدَّمُ حَوضُهُم / وَالوارِدونَ فَوِردُهُم لا يُقدَعُ
ما كانَ يَضلَعُ مِن أَخي عِمِّيَّةٍ / إِلّا عَلَيهِ دُروءُ سَعدٍ أَضلَعُ
فَاِعلَم بِأَنَّ لِآلِ سَعدٍ عِندَنا / عَهداً وَحَبلَ وَثيقَةٍ لا يُقطَعُ
عَرَفوا لَنا السَلَفَ القَديمَ وَشاعِراً / تَرَكَ القَصائِدَ لَيسَ فيها مَصنَعُ
وَرَأَيتَ نَبلَكَ يا فَرَزدَقُ قَصَّرَت / وَوَجَدتَ قَوسَكَ لَيسَ فيها مَنزَعُ