أنتِ التي بعثت إليَّ خيالها
أنتِ التي بعثت إليَّ خيالها / يوماً يلوم على قليلِ نعاسِ
صبراً لقد هجر الكرى وهجرتِني / فكلاكما مُرُّ القطيعةِ قاسِ
إِن نمتُ فَهوَ رقادُ منهوكِ القوى / تمضي لياليه بلا إِيناسِ
تمضي كما مضتِ الليالي قبلها / لا أنتِ ذاكرةٌ ولا أنا نَاسِ
ما هاته النُسُمُ التي هبَّت على / وجهِ الغدير عليلةَ الأنفاسِ
ما بالها عطفت على زهراته / ما بين إِشفاقٍ ولينِ مساسِ
من نامَ منها قبَّلته ومن بكى / فله من الريحِ الطبيبةِ آسِ
وأنا الذي ذبلت زهورُ شبيبتي / وجرى الأوارُ اليومَ في أغراسي
أمسيتُ لا نسماً ولا كلماً ولا / قلماً يخطُّ الصبرَ في قرطاسي
ما هاته النارُ التي قد أوهنت / جَلَدِي وهدَّت قوتي ومراسي
أكلت ذكائي في النضوج وسطَّرت / في عارضيَّ رسائلَ الأرماسِ
والله ما أدري أذاكَ رمادُهَا / أم أنه وَخطُ المشيبِ براسي
لو كان يغني الدمعُ كان لها غنىً / سيظلُّ ما عشنَا حديثَ الناسِ
لكنَّ هذا المالَ ليسَ بنافعٍ / والروحُ مقبلةٌ على الإفلاسِ