حُكْمُ العيونِ على القلوبِ يَجوزُ
حُكْمُ العيونِ على القلوبِ يَجوزُ / وداؤُها من دائهنّ عَزيزُ
كم نظرةٍ نالتْ بطَرْفٍ ذابلٍ / ما لا يَنال الذابلُ المهزوز
فحَذارِ من مَلَقِ اللَّواحِظِ غِرَّةً / فالسحرُ بينَ جُفونها مكنوز
يا ليتَ شِعْري والأماني ضِلَّةٌ / والدهرُ يُدرِك صَرْفُه ويَجوز
هل لي إلى زمنٍ تَصرَّم عهدُه / سببٌ فيرجعَ ما مضى فأَفوز
وأَزور من أَلِف البعادَ وحبُّه / بينَ الجوانحِ والحَشَا مركوز
ظبيٌ تناسبَ في الملاحةِ شَخْصُه / فالوصفُ حتى يطول فيه وجيز
والبدرُ والشمسُ المنيرة دُونه / في الحسنِ حين يُحرَّر التمييز
لولا تَثنِّى خصره في رِدْفه / ما خِلتُ إلا أنه مغروز
تجفو غِلالتُه عليه لطَافًة / فبجسمِه من طَرْزِها تَطْريز
من لي بدهرٍ كان لي بوصاله / سَمْحا ووعدى عنده منجوز
والعيشُ مخضَرُّ الجَنابِ أَنيقه / ولأَوْجُهِ اللذاتِ فيه بُروز
والروضُ في حُلَل النبات كأنما / فُرِشتْ عليه دَيابِجٌ وخُزوز
والماء يبدو في الخليجِ كأنه / إيْمٌ لسرعِة سيره محفوز
والزهرُ يُوهم ناظِريه كأنما / ظَهرتْ به فوقَ الرياشِ كنوز
فأَقاحُه وَرِقٌ ومَنْثور الندى / دُرٌّ ونَوْرُ بَهارِه إبريز
والروضُ فيه تغازلٌ وتَمايلٌ / وتشاغُل وتراسُل ولغوز
للطيرِ فيها بالغصونِ تَصارُخٌ / وتَصايُحٌ وتفَاصحٌ ورموز
وكأنما القُمْرِيُّ يُنشِد مَصْرَعا / من كل بيتٍ والحَمامُ يُجيز
وكأنما الدولابُ يَرْمِزُ كلما / غَنَّت وأصواتُ الضفادِع شِيز
يا رُبَّ غانيةٍ أَضرَّ بقلبها / أنِّى بلفظِة مُعْدِمٍ مَنْبوز
فأَجبتُها ما عازَني نيلُ الغِنى / لكنَّ مَطْلبَه الحميدَ يَعُوز
إني أَعاف الذلَّ فيما أبتِغى / فلِهمَّتِى عن جانبيهِ نُشوز
ما خاب من هَضَم التفضُّلُ مالَه / كَرما ووافرُ عرضِه محروز