المجموع : 4
بحياة ما ضمّت عرى الأزرار
بحياة ما ضمّت عرى الأزرار / بذمام ما في الحب من أسرار
واحسرتا من ذكر أيام الصبا
واحسرتا من ذكر أيام الصبا / ها قد بدا شيبي فأين وقاري
وكتيبة بالدارعين كثيفة
وكتيبة بالدارعين كثيفة / جرت ذيول الجحفل الجرار
روض المنايا قضبها السمر التي / من فوقها الرايات كالأزهار
فيها الكماة بنو الكماة كأنهم / أسد الشرى بين القنا الخطار
متهللين لدى الهياج كأنما / خلقت وجوههم من الأقمار
من كل ليث فوق برق خاطف / بيمينه قدر من الأقدار
من كل ماض ينتضيه مثله / فيصيب آجالا على أعمار
لبسوا القلوب على الدروع وأشرعوا / بأكفهم نارا لأهل النار
وتقدموا ولهم على أعدائهم / حنق العدا وحمية الأنصار
فارتاع ناقوس لخلع لسانه / وبكى الصليب لذلة الكفار
ثم انثنوا عنه وعن عباده / وقد أصبحوا خبرا من الأخبار
بحياة ما ضمّت عرى الأزرار
بحياة ما ضمّت عرى الأزرار / بذمام ما في الحب من أسرار
بالحجر بالحجر المكرم بالصفا / بالبيت بالأركان بالأستار
باللّه إلا ما قضيت لبانة / تقضي بها وطرا من الأوطار
ويكف من أشجان صب يشتكي / جور الزمان وقلة الأنصار
بلّغ لأندلس السلام وصف لها / ما في من شوق وبعد مزار
وإذا مررت برندة ذات المنى / والتاج والديموس واللؤزار
سلم على تلك الديار وأهلها / فالقوم قومى والديار دياري
حيث استوت تلك المدينة معصما / ولوى عليها النهر نصف سوار
وامتد في تلك البطاح أمامها / ما شئت من ظل وماء جار
وتنسمت ريح المنى تلك المنى / فتبسمت في أوجه النظار
والروض قد سامى السماء لحسنه / لما ازدهى بالنهر والأزهار
فكأن ذاك النهر فيه مجرة / وكأن ذاك الزهر فيه دراري
وبسيحة العليا لنا متنزه / فيه من الأسماع والأبصار
حيث انتهت في الحسن كل حديقة / وجرى النسيم وفاح كل عرار
والغصن في حركاته متحير / بين الغناء وغنة الأطيار
ويكاد قلب الصب يفنى رقّة / بين النشيد ونغمة الأوتار
للّه كم بتنا بها من ليلة / وكأنها سحرٌ من الأسحار
ولكم قطعنا الدهر في ظل الصبا / ما بين اعذار وخلع عذار
عيش تلاعبت الخطوب بعهده / حتى غدا خبرا من الأخبار
ومعاهد كانت علي كريمة / لم يبق لي منها سوى التذكار
واحسرتا من ذكر أيام الصبا / ها قد بدا شيبي فأين وقاري
يا رب خذ بيدي من الذنب الذي / أنا حائر في بحره الزخار
لا تأخذ الجاني بما هو اهله / واغفر بجاه المصطفى المختار