القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : شِهاب الدين التَّلَّعْفَري الكل
المجموع : 15
أرأيتَ أيَّ أكلَّةِ وخُدور
أرأيتَ أيَّ أكلَّةِ وخُدور / أسبلنَ فوقَ أهلَّةِ وبُدور
وركائبٍ حَملت ذواتَ ذوائبٍ / سُودٍ كأعينهنَّ بيضِ نُحور
غيداً شوامسَ كالشُّموس وقلَّما / يُسفرنَ إلاَّ في ظلام شُعورِ
سمرَ القُدودِ نهبنَ أعطافَ القَنا / حُمرَ الخُدودِ سلبنَ حُسنَ الحُورِ
أومضنَ من خللِ السُّجوف فأشرقَت / منهُنَّ أعلامُ الرُّيا بالنُّور
وهززنَ حينَ برزنَ للتَّوديع في ال / كُثبانِ أغصاناً منَ البلُّورِ
وَبسمنَ عن دُرَّ بكيتُ بمثلهِ / فتشابهَ المنظومُ بالمنثورِ
فاعجب لعاطلِ موقف للبينِ قد / حلَّى لآليءَ أدمعٍ وثُغورِ
وسلِ الحُداةَ أخلَّفُوا لَّما سرَوا / بالرَّكبِ غيرَ لواعج وزفيرٍ
رحَلوا بكلِّ غَريرةٍ من دُونها / فُرسانُ غاراتٍ وبأسُ غَيورِ
ممشوقةٍ وجدي بغُصنِ قوامها ال / مهصورِ وجدٌ ليس بالمحصُور
كحلاءَ لا يقوى لسيفِ لحَاظها ال / مشهورِ عاجزُ وجديَ المقهورِ
عذراءَ ظلَّ بها عذولي عاذري / سمراءَ باتَ بها الغرامُ سميري
ثُمَّ التَّعجبُ يا عذولُ آليَّةً / قد حارَ فيها لبُّ كُلِّ بصيرِ
من سمعيَ المصموم ِ أم من قلبيَ ال / مفتونِ أم من جفنيَ المكسورِ
ما جرَّ لي تعباً طويلاً حبُّها / إلاَّ ورأَيي فيهِ رأيُ قصيرٍ
يا ربَّةَ العطفِ الذي ما عنِدهُ / عَطفٌ على قلقِ الحشَى مَهجورِ
تالله أَفحَمني هَواكِ وإنَّما / شَكوايَ منهُ نفثةُ المصدورِ
قَسماً لقد قالَ العذولُ فَأكثرا
قَسماً لقد قالَ العذولُ فَأكثرا / لكنَّهُ أغرى بذاكَ وما درَى
نَشرَ الصبَّابةَ حينَ حاولَ طَيَّها / وأَرادض إطفاءَ الغَرامِ فأَسعَرا
أَيظُنُّني ممَّن يَرُومُ سُلُوَّهُ / هَيهاتَ ذلكَ لا نراهُ ولا يُرَى
بُح بالغَرامِ فَما يُفيدُكَ كتمهُ / بَادٍ هواكض صبرتَ أم لم تَصبِرا
من لي بِوَسنَانِ الجُفونِ أَنامَها / عَنَّي وأقلقضني عَليهِ وأسهَرا
تدمىَ مقاتلُنَا بأَبتَرِ لَحظهِ / أَو مَا سمَعِتَ السَّيفَ يُدَعى أَبتَرا
فَحذارِ ثُمَّ حذَارِ من لَحظاتهِ / فكَليلُها يبري القُلوبَ إِذا انبَرى
لا تُخدعَنَّ وخُذ حَدَيث الوَجدِ عن / قَلبِي ومن عَرفَ الحقيقة خبَّرا
ومتَى زأت عينَاكَ طَرفاً أسوداً / فاعلم بأنَّ هُناكَ مَوتاً أحمرا
مَهما الجفونُ كذا يُجانبُها الكَرى
مَهما الجفونُ كذا يُجانبُها الكَرى / مالي انتفاعٌ بالخَيالِ إِذا سَرى
لا تُهدِيَنَّ إليَّ طيفاً طارقاً / ما لم أذُق للنَّومِ كأساً مُسكرا
خُذ من زَفيري ما تُملُّ جوانحي / إن كنتَ عن أهلِ الغَرامِ مُخَبِّرا
لا تَرو عن غَيري حديثَ صَبابةٍ / وجوىً فكلُّ الصيَّدِ في جَوفٍ الفَرا
أَأَخا الغزالةِ والغَزالِ ملاحةً / ومَحِلَّةً ها قد بقيتُ كما تَرىَ
كم ذا التَّبالةُ في الهوَى عن حالتي / دَمعي يسيلُ وأنتَ تسألُ ما جرَى
وحياةِ حُبِّكَ إنَّ قَولَ عَواذلي / لكَ إِنَّني سالٍ حديثٌ مُفتَرى
أبديتَ شَعركَ فوقَ وجَهكَ لي ضُحىً / فأَريتَني في الحالِ ليلاً مُقمِرا
وجَعلتَ حظِّي مِثلَ خالكَ أسوداً / فأَذقتني موتاً كخدِّك أحمَرا
بعضُ الدَّليلِ بأنَّ وجهَكَ جنَّةٌ / ريِقٌ يُحاكي من لَماكَ الكَوثرا
ورَميتَني بِسهامِ مُقلتِكَ التي / هاروتُ آيَتَهُ عليها قَد قرا
ما كنتُ قبلَ لِحاظِ طرفِكَ مُثبتِاً / أنَ الظِّباءَ تَصيدُ آسادَ الشَّرى
صبري لوصلِكَ لا سبيلَ إليهِ لي / إلاَّ إذا التقتِ الثُّريَّا بالثَّرى
طَلَلٌ لِعلوةَ دونَ سفحِ مُحجَّرِ
طَلَلٌ لِعلوةَ دونَ سفحِ مُحجَّرِ / رَوَّتهُ دَيمةُ كلِّ غيثٍ مُمطِرِ
وسَرَت عليهِ نُسيمةٌ معتلَّةٌ / عنَ غَيرِ طيِّبِ نَشرهِ لم تَنشُرِ
حتَّى تَسهَّمَ بُردُهُ بمُقتضَّبٍ / ومُخَضَّبٍ ومُدَرهَمٍ ومُدنَّرٍ
ربعٌ علقتُ به وغصنُ شبيبتي / نَضِرٌ وفَودي لَيلهُ لم يُقمرِ
للهِ عَصرُ شبيبةٍ قضَّيتُه / في جوِّهِ بِرحيقِ صِرفٍ مُسكرِ
مع كُلِّ مُعتدِلٍ يُرنِّحُ صَعدةً / مِن قدِّه ويُديرُ مقُلةَ جُؤذَرِ
ورَشيقةٍ ممشوقةٍ لو نُقِّبت / بالبَدرِ ليلةَ تَمِّهِ لم يُسفرِ
خودُ تُريكَ سقيمَ جفنٍ لم يَكُن / مِن قَتلِ صَبٍّ مُغرمٍ مثلي بَري
تَفترُّ عن ثَغرٍ نضيدٍ دُرُّهُ / حُفَّت عقيقتُه بِسمطَي جَوهرِ
يَحمي مُقبَّله بِطَرفٍ سَهمُهُ / يُصمي به من غَيرِ قوسٍ مُوتَرٍ
ما كنتُ أولَ مُغرمِ مغرورِ
ما كنتُ أولَ مُغرمِ مغرورِ / بأغنَّ سحَّارِ اللِّحاظِ غريرِ
يفترُّ مُبتسماً وأبكي فاعتجب / للؤلُؤِ المنظومِ والَمنثورِ
رَشأُ يُريكَ إذا تجلَّى وانثَنى / قَمَراً على غُصنٍ من البَلُّورِ
الثَّغرُ منه وخدُّه وجبينُه / للنَّورِ بل للنَّارِ بل للنُّورِ
أغنتهُ عن حملِ السِّلاحِ لواحظٌ / طَبعَ القُيونُ لها سُيوفَ فُتورٍ
لم ينتصر وهوَ الُمحاربُ دهرَهُ / إلاَّ بِذابلِ جَفنِه المكسورِ
مُتناقضُ الأوصافِ يُعربُ تيهُه / وحَياؤُهُ عن عاجزٍ وقديرِ
بالطرفِ يسحرُ وهو مِن سُكرِ الصبَّا / وخُمارِه في صُورةِ المخمورِ
لم أدرِ ممَّ يفوحُ لي طِيبُ الشَّذا / فَأَميلُ مَيلَ الُمنتشي الَمسرورِ
من خدِّه الورديِّ أو من خالهِ ال / نَدِّي أو من ثَغرهِ الكافوري
يا برقُ حلَّ بأبرقِ الحنانش عن / كثَبِ عُرَى جَيبِ الحيا الَمزرُور
وأعِد جُمانَ الطِّلِّ وهوَ مُنضَّدُ / عِقداً لِجيدِ البانةِ الَممطور
وإذ الثنيَّةُ أشرفت وشممت من / أَرجائها أرجاً كنشر عبيرش
سَل هضبَها المنصوبَ أينَ حديثُها ال / مرفوعُ عن ذيلِ الصبَّا المجرورِ
لا تمنعنَّ الطَّيفَ يطرُق مَضجَعي
لا تمنعنَّ الطَّيفَ يطرُق مَضجَعي / فَعسى أَرى مِنكَ الخيالَ الزَّائِرا
وَتَرى مُحبَّاً لو تَزيدُ عَذابهُ / أَضعافَهُ ما كانَ إِلاَّ شاكِرا
لا غَروَ إِن أَضحيتَ عنِّي مُعرضاً / تيهاً وقَد رُحتَ الغَزالَ النَّافِرا
خَطفَ اختصارَ الصبَّرِ مُخطفُ خَصرِهِ
خَطفَ اختصارَ الصبَّرِ مُخطفُ خَصرِهِ / فَسرى الفؤادُ بأسرِهِ في أَسرهِ
أَضحى أسيرَ سلاسلٍ من عارضٍ / في خدِّهِ وسَلاسلِ من شَعرِهِ
لمَّا أُصيبَ بِعارِضٍ من عارِضٍ / عَزَّاهُ عارِضُ دَمعِهِ في صَبرهِ
قد طالَ ليلي في هَواهُ ولا أَرى / سَحراً وهذا من أَدلَّةِ سِحرهِ
نَشوانُ عَربدَ طَرفُهُ لَمَّا رأَى / قَلبي وقد لَجَّ الهَوىَ في سُكرِهِ
ووشى بِوَشي عِذارهِ فأظُنُّ أنَّ ال / خَدَّ أَوقَفهُ بلافِحِ جَمرهِ
لا غزوَ إن أَضحى بقلبي نَازلاً / في ربعهِ والقَلبُ مَنزِلُ بَدرِهِ
ضَلَّيتُ من ليلي البهيمِ بِشعرهِ / في حَيرةٍ وهِدايةٍ من ثَغرهِ
ما زالَ يُبدي لي هُدىً وَيُضلُّني / كُفراً فَخفتُ على الهُدى من كُفرهِ
أُخفي الهَوَى والدَّمعُ يُظهرهُ
أُخفي الهَوَى والدَّمعُ يُظهرهُ / والدَّمعُ يهتكُ ما أُسترهُ
والحبُّ قد شبَّت شواهدهُ / بينَ الوُشاةِ فكيفَ أُنكرهُ
ويلاهُ كم يخَشى فأعذرُهُ / ويزيدُ في ظُلمي فَأغفرهُ
ما الموتُ إلاَّ حينَ أَفقِدهُ / والعيشُ إلاَّ حينَ أنظُرهُ
خلَعَ الجَمالُ عَليهِ حُلَّتهُ / لَمَّا تَكامَلَ فيهِ جَوهرهُ
فبياضُهُ وَسَوادُ ناظرِهِ / كافورُهُ عبِقٌ وعنبرهُ
ومُدامَةِ في فيهِ مُسكرةٍ / للعاشقينَ ولَيسَ تُسِكرُهُ
فَكأَنَّ خَمَّاراً يُروِّقُها / وَكَأَن عَطَّاراً يُعَطِّرهُ
رَشَأٌ نقِيُّ الثَّغرِ أَشنَبُهُ / أَحوى كَحيلُ الطَّرفِ أَحورُهُ
يا راقداً عنِّي في حُبِّهِ
يا راقداً عنِّي في حُبِّهِ / كبِدق مُقرَّحةٌ وجَفنٌ ساهرُ
أُهجر وَصُدَّ فَمَا جَفاكَ بضائري / مَن لي سَميُّكَ الظَّلامِ مُسَامِرُ
يا صاحباً في كُلِّ فَنٍّ بينهُ
يا صاحباً في كُلِّ فَنٍّ بينهُ / وَسِواهُ ما بَينَ الثُّريا والثَّرى
لو أن برمك خالداص يحيا لنا / لأعادهُ في الفضلِ بحركُ جعفرا
قسماً بأنعمكَ الحِسانِ وإنهَّا / قَسَمٌ أَراهُ في الأَنامٍ مُطَهَّرا
إنَّ المدائحُ في سِوى ظليكَ لم / تنفُق بضائعُها وليست تُشتَرى
ذلي بقاهرةِ المُعزِّ فليتَ أن
ذلي بقاهرةِ المُعزِّ فليتَ أن / سَعيي إليها كان أصبحَ قهقَرى
وخمولُ قَدري من يديَّ لأننَّي / لا أرتضي للِمدحِ إِلاَّ أَكبرا
عُرِضَ الأَنامُ جميعُهم فَرأيتهُم / عَرَضاً فَعنهُم صُنتُ هذا الجَوهَرا
إِن جزتُ بالجَرعاءِ قَصراً
إِن جزتُ بالجَرعاءِ قَصراً / أَقوَى منَ الأَحبابِ دَهرا
فَلكم بَكيتُ لِمَعهدٍ / أضحى لطولِ العَهدِ قفرا
أكرمِ بأَيَّامٍ مَضت / فيهِ بِوصلِ الغِيد غرَّا
أيَّامَ تَحمي البِيضُ بِي / ضاً غيرَةً والسُّمرُ سُمرا
وَتهُزُّ أغصانَ الأرا / كِ معاطِفُ الأَطنابِ سُكرا
وَترى الثُّغورَ كأَنَّما / نُظمت على الياقوتِ دُرَّا
يا قصرُ أَينَ أَحبتَّي / كانوا لَنا عونا وذخرا
كنا نرى من كلِّ من / في وَجهه شَمساً وبَدرا
وكأَنَّهم ما أَطَلعوا / من تَحتِ لَيلٍ الفَرعِ فَجرا
أبعدتُمُ بعدَ الدُّنو مزارا
أبعدتُمُ بعدَ الدُّنو مزارا / وسَلبتُمُ الصَّبرَ الكَئيبَ قَرارا
وجَفَوتُمُ بُخلاً ولمَّا جُدتُمُ / صَيَّرتُمُ سُحبَ الدُّموعِ غزارا
وَرأَيتُم أنَّ البعادَ يزيدُنا / كلفاً بكُم فأَخذتُمُوهُ شعارا
وعلمِتمُ أنَّ الفُؤاد لِبينكُم / ذُو لَوعَةٍ وَمنحتمُوهُ النَّارا
ومنَعتُمُ الطَّيفَ الطَّروقَ زِيَارةً / ما ضرَّكُم من طيفِكُم لو زار
للهِ أيَّامُ الصَّريمِ تَصرَّمت / وَهي التي كانت لَنا الأَعمارا
وَلقَد بَكيتُ ليالياً طالت وقد / كانت بساعاتِ الوصالِ قصارا
وَلَّت وكانت مِثل ليلٍ طارِقِ / ما سَرَّ مِنهُ القربُ حتَّى سارا
يا أهلَ نجدٍ هل لأيَّام النَّقا / من عودةٍ فَيرَى الأُهَيلُ الدَّار
ونُجددُ العهدَ القَديمَ على الحِمى / فنقُصُّ في جُنجِ الدُّجَى أسمارا
وَنقولُ قَد أَضحى الزَّمانُ مُساعداً / لا ناكِثاً عَهداً ولا غَدَّارا
هَل في النَّسيمِ الحاجريِّ إذا سَرَى
هَل في النَّسيمِ الحاجريِّ إذا سَرَى / خَبرٌ أظنُّ شَذاهُ مِسكاً أذفرا
أم عِندَ خَفَّاقِ البُرَيقِ رِسالَةٌ / جاءَت تُعيدُ لَنا الحَديثَ كَما جَرَى
قد آنَ يا أهلَ العَقيقِ لوارِدٍ / من وردِ حُبِّكمُ جوىّ أن يَصدُرا
ما آنست تاللهِ رُوحي بَعدكُم / أُنساً وَعيني لا يُلمُّ بهِها الكَرَى
أَصبوا إذا هَبَّت صبَاً مِن أرضِكُم / وأَحنُّ إِن واجَهتُ صُبحاً مُسفِرا
وَيَظلُّ يُمليني النَّسيمُ حَديثَكُم / فَكَأنَّهُ وَجداً سقَاني مُسكرا
وَلِذاكَ أَغراني العَذولُ لأنَّهُ / أَحيا بذكرِكُمُ الفُؤادَ وَمَا دَرَى
أَهواكُمُ حَتَّى الَمَاتِ وَحبُكُّم / أُنسٌ لِرِمَّةِ أَعظُمي تَحتَ الثَّرَى
لَو كَانَ طَيفُكَ زائري يا هاجري
لَو كَانَ طَيفُكَ زائري يا هاجري / ما أسبلَت صوبَ الدُّموعِ محاجري
لكن غرامي طالَ فيكَ وإِنَّهُ / لَمَّا رأيتُكَ رُبَّ طَرفٍ قاصرِ
يا مالِكاً رِقَّ القلوبِ وباسطاً / فيها ظُلامَةَ حاجبٍ أَو ناظرِ
عجَبي لقدِّكَ كَيفَ أَصبحَ عَادِلاً / مِن تَحتِ طَرفِكَ وَهو أَقتلُ جَائرِ
من للمُقَيَّدِ في هَواكَ وَجدُّهُ / مُترادفٌ من هَجرِكَ الُمتَواتِر
لَو لَم تَتِه عُجباً بِحسُنٍ كاملٍ / ما بتُّ فيكَ حليفَ حُزنٍ نَافِرِ
أَنتَ الُمعزُّ لِمَن تَشاءُ وها أَنا ال / مشغوفُ مِنكَ بِحاكمٍ وَبِامرٍ
أَرسَلتَ صُدغَكَ إِنَّهُ ثُعبَانُهُ / في فَتَرةِ الجَفنِ الأَغنِّ السِّاحرِ
صُوِّرتَ لي صنَماً فزاد ضلالتي / لَمَّا عَكَفتُ عليهِ لَهوَ السَّامري
لَو لم أَرُح وأَنا الُمطِيعُ لِلوعةٍ / أَضرَمتَها لأُخِذتُ أَخذَ القادرِ
ورُضابِ ثغركِ وهيَ أيُّ أليّةٍ / بَيني بها وأعوذُ منهُ ضائري
إِنَّ الذي عاهَدتَه وعهدتَهُ / مِنِّي لَذو صِدقٍ وسُقمٍ ظاهرٍ
أَتهَمتَ إِذ أتهمتَ قلبي بالقِلى / فَهَدمتَ مِنهُ أَخا الغرامِ العامري
أيجوزُ عِندكَ نهرُ دمعٍ سائلٍ / جارٍ على رَسمِ الخُدودِ الدَّاثرِ
حتَّامَ تُصبحُ في وصالٍ زاهداً / وأَبيتُ في وَلَهٍ لعيني فاجرِ
أَصبو إِلى ريقٍ بِثَغركَ بَاردِ / وأَخافُ مِن لحظٍ بِطرفكَ فَاترِ
ومنَ البليَّةِ لومُ ذي لَومٍ لحا / ني ناصِحاً وِعذارُ خَدِّكَ عاذري
ماذا عليهِ وَقَد رآني راضياً / بالغَدرِ مِنكَ ومِنهُ شَيبٌ غَدائري
يا سالِباً مِنَّي السَّوادَ وهادِماً / رُكني اتَّئد إِنَّ ابنَ أحمدَ ناصري
شرفُ الورى والدينِ والباني العُلا ال / مُطري بجودٍ كالسَّحابِ الَماطِرِ
صَدرٌ يحدِّثُ مُورِداً سِيَرَ العُلا / والَمجدِ عَنهُ واردٌ عَن صادرِ
غيثُ النَّديِّ لكُلِّ عاتَقٍ غارمِ / هوَ مُعتِقٌ بِنَدى يَديَهِ الغَامِرِ
يا باغيَ العلمِ الَمصونِ وخائفاً / باغي العِدا مِن كُلِّ ضارٍ ضائرِ
يَمِّم أَبا البركاتِ تَظفَر عندَه / بالفضلِ بَل بمضاءِ حدٍّ قاهرٍ
لولاهُ كانَ الدَّهرُ أفرغَ فارغِ / لَكن غَدا بِثَناهُ أَفغرَ فاغِرِ
وَمَنِ الفَريضةِ شكرُ أَهجرِ هَاجرِ / لِخناً وبِالإحسانِ أَدجهرُ جَاهرِ
ما روضةٌ ضحِكَت ثُغورُ أَقاحِها / أُصُلاً بدمعِ بُكا السحابِ البَاكرِ
وشَّى الرَّبيعُ لها مُفوَّفَ حُلَّةِ / قَد رُصعَّت من حَليهِ بِجِواهرِ
وَغَدت تُلاقحُ زَهرَها شمسُ الضُّحى / مِن خَلفِ سُجفِ الغيمِ بَينَ ستائرِ
حتَّى إِذا ما اليومُ رَقَّ رِداؤُهُ / وانهارَ جُرفُ نهارِهَ الُمتقاصرِ
باتَت خُدودُ شقيقِها مَحميَّةً / مِن عَينِ نَرجِسها بِطَرفٍ سَاهرِ
وَجَرى النَّسيمُ بها يجرُّ عليلُهُ / ذيلاً ويخطو فيهِ خَطوَ العَاثرِ
متحمِّلاً في بُردهِ من عَرفِها / أَرَجاً يِنمُّ على شذاها العاطِرِ
كَثنا ابنِ أحمدَ ذي الَمكارِم والعُلى / نَشراً وَقِف تَسمَع حديثَ النَّاشرِ
عَن ذي جبينٍ بالبشاشةِ سافرٍ / طَلقِ الضِّياءِ لِكلِّ ذَنبٍ غَافِرِ
مُتَبرِّعِ متورِّعٍ فَاعجَب لَهُ / مِن ذَاكرٍ مَن لم يَسَلهُ وَشاكرِ
حازَ الصِّفاتِ فَمَا يَشُقُّ غُبارَهُ / مَن فَاقَ مِن آتٍ ولا مِن غَابرِ
يسمو بِهِ في كُلِّ يومِ تشاجُرٍ / قَلَمٌ يُطولُ على القَنا المتشاجرِ
يَسطو إِذا ما ثارَ نقعُ مسائلٍ / قَد أَشكلت بِشَبَاةِ سطوةِ ثائِر
يمٌّ لجوهرِ كُلِّ مجدِ خازنٌ / فالدهرُ مِنهُ مُديرُ لَحظِ خازرِ
يُجريهِ حُكمُ أَغرَّ سامٍ دارُهُ / عُمِرَت على فَلَكِ السَّماءِ الدَّائرِ
سارٍ إلى سِرِّ الفَخَارِ وآسرٍ / ما نَدَّ من مَثَلِ العَلاءِ السَّائرِ
قُل للمثُيرِ عَجاجَ عَجزٍ خَلفَهُ / وَيَرومُ مُعجِزَهُ بِغيرِ مَآثرٍ
أَتَنَالُ ما قَد نالَ أَضلعُ حاسرٍ / عَن ساعديهِ وأَنتَ أَظلعُ خاسرِ
شرفَ المعالي اسمَع ثناءً لَم لَكُن / لولاكَ يجري خاطراً في خاطري
قَد كُنتُ صُنتُ قصائدي في خُدرِها / فأَبانها مدحُ الهِزبَرِ الخَادرِ
وإِليكَ أشكو جَورَ دهرٍ زَائغِ / بأَذاهُ عَن غيري فَلِم هوَ زائري
فعساكَ تُنجِدُ رَبَّ صبرٍ غائرٍ / ممَّا يُكابدهُ ودَمَعٍ غامرِ
أجبرِ بصنُعِكَ سُؤرَ ما أبقاهُ من / عُمري زمانٌ كالعقُابِ الكَاسرِ
واسعَد بِهَا فإِذا النَّدى رائيَّةٌ / آنستُ منها كلَّ مَعنىً نَافرِ
أَتقنتُ مُحكَمَها بِحذقٍ صِنَاعَةٍ / مِن ذي ضميرٍ كالجوادِ الضِّامرِ
إِن قالَ في هذي البَريَّةِ شاعرٌ / أُختاً لها فُحُشرتُ مَحشرَ كَافِرِ
زَارَت على بُعدِ الَمزارِ وَخَلفَها / مِن فَرطِ شوقي أيُّ حادٍ زاجرِ
فانظر لِنُضَرتِها بناظرٍ مُرتضٍ / راضٍ لها نَظَرَ الصَّفوحِ العاذرِ
لا زلتَ تبلُغُ ما ترَّنمَ طائِرٌ / ما شئِتَ مِن أَمَلٍ بِأَيمَنِ طائرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025