المجموع : 15
أرأيتَ أيَّ أكلَّةِ وخُدور
أرأيتَ أيَّ أكلَّةِ وخُدور / أسبلنَ فوقَ أهلَّةِ وبُدور
وركائبٍ حَملت ذواتَ ذوائبٍ / سُودٍ كأعينهنَّ بيضِ نُحور
غيداً شوامسَ كالشُّموس وقلَّما / يُسفرنَ إلاَّ في ظلام شُعورِ
سمرَ القُدودِ نهبنَ أعطافَ القَنا / حُمرَ الخُدودِ سلبنَ حُسنَ الحُورِ
أومضنَ من خللِ السُّجوف فأشرقَت / منهُنَّ أعلامُ الرُّيا بالنُّور
وهززنَ حينَ برزنَ للتَّوديع في ال / كُثبانِ أغصاناً منَ البلُّورِ
وَبسمنَ عن دُرَّ بكيتُ بمثلهِ / فتشابهَ المنظومُ بالمنثورِ
فاعجب لعاطلِ موقف للبينِ قد / حلَّى لآليءَ أدمعٍ وثُغورِ
وسلِ الحُداةَ أخلَّفُوا لَّما سرَوا / بالرَّكبِ غيرَ لواعج وزفيرٍ
رحَلوا بكلِّ غَريرةٍ من دُونها / فُرسانُ غاراتٍ وبأسُ غَيورِ
ممشوقةٍ وجدي بغُصنِ قوامها ال / مهصورِ وجدٌ ليس بالمحصُور
كحلاءَ لا يقوى لسيفِ لحَاظها ال / مشهورِ عاجزُ وجديَ المقهورِ
عذراءَ ظلَّ بها عذولي عاذري / سمراءَ باتَ بها الغرامُ سميري
ثُمَّ التَّعجبُ يا عذولُ آليَّةً / قد حارَ فيها لبُّ كُلِّ بصيرِ
من سمعيَ المصموم ِ أم من قلبيَ ال / مفتونِ أم من جفنيَ المكسورِ
ما جرَّ لي تعباً طويلاً حبُّها / إلاَّ ورأَيي فيهِ رأيُ قصيرٍ
يا ربَّةَ العطفِ الذي ما عنِدهُ / عَطفٌ على قلقِ الحشَى مَهجورِ
تالله أَفحَمني هَواكِ وإنَّما / شَكوايَ منهُ نفثةُ المصدورِ
قَسماً لقد قالَ العذولُ فَأكثرا
قَسماً لقد قالَ العذولُ فَأكثرا / لكنَّهُ أغرى بذاكَ وما درَى
نَشرَ الصبَّابةَ حينَ حاولَ طَيَّها / وأَرادض إطفاءَ الغَرامِ فأَسعَرا
أَيظُنُّني ممَّن يَرُومُ سُلُوَّهُ / هَيهاتَ ذلكَ لا نراهُ ولا يُرَى
بُح بالغَرامِ فَما يُفيدُكَ كتمهُ / بَادٍ هواكض صبرتَ أم لم تَصبِرا
من لي بِوَسنَانِ الجُفونِ أَنامَها / عَنَّي وأقلقضني عَليهِ وأسهَرا
تدمىَ مقاتلُنَا بأَبتَرِ لَحظهِ / أَو مَا سمَعِتَ السَّيفَ يُدَعى أَبتَرا
فَحذارِ ثُمَّ حذَارِ من لَحظاتهِ / فكَليلُها يبري القُلوبَ إِذا انبَرى
لا تُخدعَنَّ وخُذ حَدَيث الوَجدِ عن / قَلبِي ومن عَرفَ الحقيقة خبَّرا
ومتَى زأت عينَاكَ طَرفاً أسوداً / فاعلم بأنَّ هُناكَ مَوتاً أحمرا
مَهما الجفونُ كذا يُجانبُها الكَرى
مَهما الجفونُ كذا يُجانبُها الكَرى / مالي انتفاعٌ بالخَيالِ إِذا سَرى
لا تُهدِيَنَّ إليَّ طيفاً طارقاً / ما لم أذُق للنَّومِ كأساً مُسكرا
خُذ من زَفيري ما تُملُّ جوانحي / إن كنتَ عن أهلِ الغَرامِ مُخَبِّرا
لا تَرو عن غَيري حديثَ صَبابةٍ / وجوىً فكلُّ الصيَّدِ في جَوفٍ الفَرا
أَأَخا الغزالةِ والغَزالِ ملاحةً / ومَحِلَّةً ها قد بقيتُ كما تَرىَ
كم ذا التَّبالةُ في الهوَى عن حالتي / دَمعي يسيلُ وأنتَ تسألُ ما جرَى
وحياةِ حُبِّكَ إنَّ قَولَ عَواذلي / لكَ إِنَّني سالٍ حديثٌ مُفتَرى
أبديتَ شَعركَ فوقَ وجَهكَ لي ضُحىً / فأَريتَني في الحالِ ليلاً مُقمِرا
وجَعلتَ حظِّي مِثلَ خالكَ أسوداً / فأَذقتني موتاً كخدِّك أحمَرا
بعضُ الدَّليلِ بأنَّ وجهَكَ جنَّةٌ / ريِقٌ يُحاكي من لَماكَ الكَوثرا
ورَميتَني بِسهامِ مُقلتِكَ التي / هاروتُ آيَتَهُ عليها قَد قرا
ما كنتُ قبلَ لِحاظِ طرفِكَ مُثبتِاً / أنَ الظِّباءَ تَصيدُ آسادَ الشَّرى
صبري لوصلِكَ لا سبيلَ إليهِ لي / إلاَّ إذا التقتِ الثُّريَّا بالثَّرى
طَلَلٌ لِعلوةَ دونَ سفحِ مُحجَّرِ
طَلَلٌ لِعلوةَ دونَ سفحِ مُحجَّرِ / رَوَّتهُ دَيمةُ كلِّ غيثٍ مُمطِرِ
وسَرَت عليهِ نُسيمةٌ معتلَّةٌ / عنَ غَيرِ طيِّبِ نَشرهِ لم تَنشُرِ
حتَّى تَسهَّمَ بُردُهُ بمُقتضَّبٍ / ومُخَضَّبٍ ومُدَرهَمٍ ومُدنَّرٍ
ربعٌ علقتُ به وغصنُ شبيبتي / نَضِرٌ وفَودي لَيلهُ لم يُقمرِ
للهِ عَصرُ شبيبةٍ قضَّيتُه / في جوِّهِ بِرحيقِ صِرفٍ مُسكرِ
مع كُلِّ مُعتدِلٍ يُرنِّحُ صَعدةً / مِن قدِّه ويُديرُ مقُلةَ جُؤذَرِ
ورَشيقةٍ ممشوقةٍ لو نُقِّبت / بالبَدرِ ليلةَ تَمِّهِ لم يُسفرِ
خودُ تُريكَ سقيمَ جفنٍ لم يَكُن / مِن قَتلِ صَبٍّ مُغرمٍ مثلي بَري
تَفترُّ عن ثَغرٍ نضيدٍ دُرُّهُ / حُفَّت عقيقتُه بِسمطَي جَوهرِ
يَحمي مُقبَّله بِطَرفٍ سَهمُهُ / يُصمي به من غَيرِ قوسٍ مُوتَرٍ
ما كنتُ أولَ مُغرمِ مغرورِ
ما كنتُ أولَ مُغرمِ مغرورِ / بأغنَّ سحَّارِ اللِّحاظِ غريرِ
يفترُّ مُبتسماً وأبكي فاعتجب / للؤلُؤِ المنظومِ والَمنثورِ
رَشأُ يُريكَ إذا تجلَّى وانثَنى / قَمَراً على غُصنٍ من البَلُّورِ
الثَّغرُ منه وخدُّه وجبينُه / للنَّورِ بل للنَّارِ بل للنُّورِ
أغنتهُ عن حملِ السِّلاحِ لواحظٌ / طَبعَ القُيونُ لها سُيوفَ فُتورٍ
لم ينتصر وهوَ الُمحاربُ دهرَهُ / إلاَّ بِذابلِ جَفنِه المكسورِ
مُتناقضُ الأوصافِ يُعربُ تيهُه / وحَياؤُهُ عن عاجزٍ وقديرِ
بالطرفِ يسحرُ وهو مِن سُكرِ الصبَّا / وخُمارِه في صُورةِ المخمورِ
لم أدرِ ممَّ يفوحُ لي طِيبُ الشَّذا / فَأَميلُ مَيلَ الُمنتشي الَمسرورِ
من خدِّه الورديِّ أو من خالهِ ال / نَدِّي أو من ثَغرهِ الكافوري
يا برقُ حلَّ بأبرقِ الحنانش عن / كثَبِ عُرَى جَيبِ الحيا الَمزرُور
وأعِد جُمانَ الطِّلِّ وهوَ مُنضَّدُ / عِقداً لِجيدِ البانةِ الَممطور
وإذ الثنيَّةُ أشرفت وشممت من / أَرجائها أرجاً كنشر عبيرش
سَل هضبَها المنصوبَ أينَ حديثُها ال / مرفوعُ عن ذيلِ الصبَّا المجرورِ
لا تمنعنَّ الطَّيفَ يطرُق مَضجَعي
لا تمنعنَّ الطَّيفَ يطرُق مَضجَعي / فَعسى أَرى مِنكَ الخيالَ الزَّائِرا
وَتَرى مُحبَّاً لو تَزيدُ عَذابهُ / أَضعافَهُ ما كانَ إِلاَّ شاكِرا
لا غَروَ إِن أَضحيتَ عنِّي مُعرضاً / تيهاً وقَد رُحتَ الغَزالَ النَّافِرا
خَطفَ اختصارَ الصبَّرِ مُخطفُ خَصرِهِ
خَطفَ اختصارَ الصبَّرِ مُخطفُ خَصرِهِ / فَسرى الفؤادُ بأسرِهِ في أَسرهِ
أَضحى أسيرَ سلاسلٍ من عارضٍ / في خدِّهِ وسَلاسلِ من شَعرِهِ
لمَّا أُصيبَ بِعارِضٍ من عارِضٍ / عَزَّاهُ عارِضُ دَمعِهِ في صَبرهِ
قد طالَ ليلي في هَواهُ ولا أَرى / سَحراً وهذا من أَدلَّةِ سِحرهِ
نَشوانُ عَربدَ طَرفُهُ لَمَّا رأَى / قَلبي وقد لَجَّ الهَوىَ في سُكرِهِ
ووشى بِوَشي عِذارهِ فأظُنُّ أنَّ ال / خَدَّ أَوقَفهُ بلافِحِ جَمرهِ
لا غزوَ إن أَضحى بقلبي نَازلاً / في ربعهِ والقَلبُ مَنزِلُ بَدرِهِ
ضَلَّيتُ من ليلي البهيمِ بِشعرهِ / في حَيرةٍ وهِدايةٍ من ثَغرهِ
ما زالَ يُبدي لي هُدىً وَيُضلُّني / كُفراً فَخفتُ على الهُدى من كُفرهِ
أُخفي الهَوَى والدَّمعُ يُظهرهُ
أُخفي الهَوَى والدَّمعُ يُظهرهُ / والدَّمعُ يهتكُ ما أُسترهُ
والحبُّ قد شبَّت شواهدهُ / بينَ الوُشاةِ فكيفَ أُنكرهُ
ويلاهُ كم يخَشى فأعذرُهُ / ويزيدُ في ظُلمي فَأغفرهُ
ما الموتُ إلاَّ حينَ أَفقِدهُ / والعيشُ إلاَّ حينَ أنظُرهُ
خلَعَ الجَمالُ عَليهِ حُلَّتهُ / لَمَّا تَكامَلَ فيهِ جَوهرهُ
فبياضُهُ وَسَوادُ ناظرِهِ / كافورُهُ عبِقٌ وعنبرهُ
ومُدامَةِ في فيهِ مُسكرةٍ / للعاشقينَ ولَيسَ تُسِكرُهُ
فَكأَنَّ خَمَّاراً يُروِّقُها / وَكَأَن عَطَّاراً يُعَطِّرهُ
رَشَأٌ نقِيُّ الثَّغرِ أَشنَبُهُ / أَحوى كَحيلُ الطَّرفِ أَحورُهُ
يا راقداً عنِّي في حُبِّهِ
يا راقداً عنِّي في حُبِّهِ / كبِدق مُقرَّحةٌ وجَفنٌ ساهرُ
أُهجر وَصُدَّ فَمَا جَفاكَ بضائري / مَن لي سَميُّكَ الظَّلامِ مُسَامِرُ
يا صاحباً في كُلِّ فَنٍّ بينهُ
يا صاحباً في كُلِّ فَنٍّ بينهُ / وَسِواهُ ما بَينَ الثُّريا والثَّرى
لو أن برمك خالداص يحيا لنا / لأعادهُ في الفضلِ بحركُ جعفرا
قسماً بأنعمكَ الحِسانِ وإنهَّا / قَسَمٌ أَراهُ في الأَنامٍ مُطَهَّرا
إنَّ المدائحُ في سِوى ظليكَ لم / تنفُق بضائعُها وليست تُشتَرى
ذلي بقاهرةِ المُعزِّ فليتَ أن
ذلي بقاهرةِ المُعزِّ فليتَ أن / سَعيي إليها كان أصبحَ قهقَرى
وخمولُ قَدري من يديَّ لأننَّي / لا أرتضي للِمدحِ إِلاَّ أَكبرا
عُرِضَ الأَنامُ جميعُهم فَرأيتهُم / عَرَضاً فَعنهُم صُنتُ هذا الجَوهَرا
إِن جزتُ بالجَرعاءِ قَصراً
إِن جزتُ بالجَرعاءِ قَصراً / أَقوَى منَ الأَحبابِ دَهرا
فَلكم بَكيتُ لِمَعهدٍ / أضحى لطولِ العَهدِ قفرا
أكرمِ بأَيَّامٍ مَضت / فيهِ بِوصلِ الغِيد غرَّا
أيَّامَ تَحمي البِيضُ بِي / ضاً غيرَةً والسُّمرُ سُمرا
وَتهُزُّ أغصانَ الأرا / كِ معاطِفُ الأَطنابِ سُكرا
وَترى الثُّغورَ كأَنَّما / نُظمت على الياقوتِ دُرَّا
يا قصرُ أَينَ أَحبتَّي / كانوا لَنا عونا وذخرا
كنا نرى من كلِّ من / في وَجهه شَمساً وبَدرا
وكأَنَّهم ما أَطَلعوا / من تَحتِ لَيلٍ الفَرعِ فَجرا
أبعدتُمُ بعدَ الدُّنو مزارا
أبعدتُمُ بعدَ الدُّنو مزارا / وسَلبتُمُ الصَّبرَ الكَئيبَ قَرارا
وجَفَوتُمُ بُخلاً ولمَّا جُدتُمُ / صَيَّرتُمُ سُحبَ الدُّموعِ غزارا
وَرأَيتُم أنَّ البعادَ يزيدُنا / كلفاً بكُم فأَخذتُمُوهُ شعارا
وعلمِتمُ أنَّ الفُؤاد لِبينكُم / ذُو لَوعَةٍ وَمنحتمُوهُ النَّارا
ومنَعتُمُ الطَّيفَ الطَّروقَ زِيَارةً / ما ضرَّكُم من طيفِكُم لو زار
للهِ أيَّامُ الصَّريمِ تَصرَّمت / وَهي التي كانت لَنا الأَعمارا
وَلقَد بَكيتُ ليالياً طالت وقد / كانت بساعاتِ الوصالِ قصارا
وَلَّت وكانت مِثل ليلٍ طارِقِ / ما سَرَّ مِنهُ القربُ حتَّى سارا
يا أهلَ نجدٍ هل لأيَّام النَّقا / من عودةٍ فَيرَى الأُهَيلُ الدَّار
ونُجددُ العهدَ القَديمَ على الحِمى / فنقُصُّ في جُنجِ الدُّجَى أسمارا
وَنقولُ قَد أَضحى الزَّمانُ مُساعداً / لا ناكِثاً عَهداً ولا غَدَّارا
هَل في النَّسيمِ الحاجريِّ إذا سَرَى
هَل في النَّسيمِ الحاجريِّ إذا سَرَى / خَبرٌ أظنُّ شَذاهُ مِسكاً أذفرا
أم عِندَ خَفَّاقِ البُرَيقِ رِسالَةٌ / جاءَت تُعيدُ لَنا الحَديثَ كَما جَرَى
قد آنَ يا أهلَ العَقيقِ لوارِدٍ / من وردِ حُبِّكمُ جوىّ أن يَصدُرا
ما آنست تاللهِ رُوحي بَعدكُم / أُنساً وَعيني لا يُلمُّ بهِها الكَرَى
أَصبوا إذا هَبَّت صبَاً مِن أرضِكُم / وأَحنُّ إِن واجَهتُ صُبحاً مُسفِرا
وَيَظلُّ يُمليني النَّسيمُ حَديثَكُم / فَكَأنَّهُ وَجداً سقَاني مُسكرا
وَلِذاكَ أَغراني العَذولُ لأنَّهُ / أَحيا بذكرِكُمُ الفُؤادَ وَمَا دَرَى
أَهواكُمُ حَتَّى الَمَاتِ وَحبُكُّم / أُنسٌ لِرِمَّةِ أَعظُمي تَحتَ الثَّرَى
لَو كَانَ طَيفُكَ زائري يا هاجري
لَو كَانَ طَيفُكَ زائري يا هاجري / ما أسبلَت صوبَ الدُّموعِ محاجري
لكن غرامي طالَ فيكَ وإِنَّهُ / لَمَّا رأيتُكَ رُبَّ طَرفٍ قاصرِ
يا مالِكاً رِقَّ القلوبِ وباسطاً / فيها ظُلامَةَ حاجبٍ أَو ناظرِ
عجَبي لقدِّكَ كَيفَ أَصبحَ عَادِلاً / مِن تَحتِ طَرفِكَ وَهو أَقتلُ جَائرِ
من للمُقَيَّدِ في هَواكَ وَجدُّهُ / مُترادفٌ من هَجرِكَ الُمتَواتِر
لَو لَم تَتِه عُجباً بِحسُنٍ كاملٍ / ما بتُّ فيكَ حليفَ حُزنٍ نَافِرِ
أَنتَ الُمعزُّ لِمَن تَشاءُ وها أَنا ال / مشغوفُ مِنكَ بِحاكمٍ وَبِامرٍ
أَرسَلتَ صُدغَكَ إِنَّهُ ثُعبَانُهُ / في فَتَرةِ الجَفنِ الأَغنِّ السِّاحرِ
صُوِّرتَ لي صنَماً فزاد ضلالتي / لَمَّا عَكَفتُ عليهِ لَهوَ السَّامري
لَو لم أَرُح وأَنا الُمطِيعُ لِلوعةٍ / أَضرَمتَها لأُخِذتُ أَخذَ القادرِ
ورُضابِ ثغركِ وهيَ أيُّ أليّةٍ / بَيني بها وأعوذُ منهُ ضائري
إِنَّ الذي عاهَدتَه وعهدتَهُ / مِنِّي لَذو صِدقٍ وسُقمٍ ظاهرٍ
أَتهَمتَ إِذ أتهمتَ قلبي بالقِلى / فَهَدمتَ مِنهُ أَخا الغرامِ العامري
أيجوزُ عِندكَ نهرُ دمعٍ سائلٍ / جارٍ على رَسمِ الخُدودِ الدَّاثرِ
حتَّامَ تُصبحُ في وصالٍ زاهداً / وأَبيتُ في وَلَهٍ لعيني فاجرِ
أَصبو إِلى ريقٍ بِثَغركَ بَاردِ / وأَخافُ مِن لحظٍ بِطرفكَ فَاترِ
ومنَ البليَّةِ لومُ ذي لَومٍ لحا / ني ناصِحاً وِعذارُ خَدِّكَ عاذري
ماذا عليهِ وَقَد رآني راضياً / بالغَدرِ مِنكَ ومِنهُ شَيبٌ غَدائري
يا سالِباً مِنَّي السَّوادَ وهادِماً / رُكني اتَّئد إِنَّ ابنَ أحمدَ ناصري
شرفُ الورى والدينِ والباني العُلا ال / مُطري بجودٍ كالسَّحابِ الَماطِرِ
صَدرٌ يحدِّثُ مُورِداً سِيَرَ العُلا / والَمجدِ عَنهُ واردٌ عَن صادرِ
غيثُ النَّديِّ لكُلِّ عاتَقٍ غارمِ / هوَ مُعتِقٌ بِنَدى يَديَهِ الغَامِرِ
يا باغيَ العلمِ الَمصونِ وخائفاً / باغي العِدا مِن كُلِّ ضارٍ ضائرِ
يَمِّم أَبا البركاتِ تَظفَر عندَه / بالفضلِ بَل بمضاءِ حدٍّ قاهرٍ
لولاهُ كانَ الدَّهرُ أفرغَ فارغِ / لَكن غَدا بِثَناهُ أَفغرَ فاغِرِ
وَمَنِ الفَريضةِ شكرُ أَهجرِ هَاجرِ / لِخناً وبِالإحسانِ أَدجهرُ جَاهرِ
ما روضةٌ ضحِكَت ثُغورُ أَقاحِها / أُصُلاً بدمعِ بُكا السحابِ البَاكرِ
وشَّى الرَّبيعُ لها مُفوَّفَ حُلَّةِ / قَد رُصعَّت من حَليهِ بِجِواهرِ
وَغَدت تُلاقحُ زَهرَها شمسُ الضُّحى / مِن خَلفِ سُجفِ الغيمِ بَينَ ستائرِ
حتَّى إِذا ما اليومُ رَقَّ رِداؤُهُ / وانهارَ جُرفُ نهارِهَ الُمتقاصرِ
باتَت خُدودُ شقيقِها مَحميَّةً / مِن عَينِ نَرجِسها بِطَرفٍ سَاهرِ
وَجَرى النَّسيمُ بها يجرُّ عليلُهُ / ذيلاً ويخطو فيهِ خَطوَ العَاثرِ
متحمِّلاً في بُردهِ من عَرفِها / أَرَجاً يِنمُّ على شذاها العاطِرِ
كَثنا ابنِ أحمدَ ذي الَمكارِم والعُلى / نَشراً وَقِف تَسمَع حديثَ النَّاشرِ
عَن ذي جبينٍ بالبشاشةِ سافرٍ / طَلقِ الضِّياءِ لِكلِّ ذَنبٍ غَافِرِ
مُتَبرِّعِ متورِّعٍ فَاعجَب لَهُ / مِن ذَاكرٍ مَن لم يَسَلهُ وَشاكرِ
حازَ الصِّفاتِ فَمَا يَشُقُّ غُبارَهُ / مَن فَاقَ مِن آتٍ ولا مِن غَابرِ
يسمو بِهِ في كُلِّ يومِ تشاجُرٍ / قَلَمٌ يُطولُ على القَنا المتشاجرِ
يَسطو إِذا ما ثارَ نقعُ مسائلٍ / قَد أَشكلت بِشَبَاةِ سطوةِ ثائِر
يمٌّ لجوهرِ كُلِّ مجدِ خازنٌ / فالدهرُ مِنهُ مُديرُ لَحظِ خازرِ
يُجريهِ حُكمُ أَغرَّ سامٍ دارُهُ / عُمِرَت على فَلَكِ السَّماءِ الدَّائرِ
سارٍ إلى سِرِّ الفَخَارِ وآسرٍ / ما نَدَّ من مَثَلِ العَلاءِ السَّائرِ
قُل للمثُيرِ عَجاجَ عَجزٍ خَلفَهُ / وَيَرومُ مُعجِزَهُ بِغيرِ مَآثرٍ
أَتَنَالُ ما قَد نالَ أَضلعُ حاسرٍ / عَن ساعديهِ وأَنتَ أَظلعُ خاسرِ
شرفَ المعالي اسمَع ثناءً لَم لَكُن / لولاكَ يجري خاطراً في خاطري
قَد كُنتُ صُنتُ قصائدي في خُدرِها / فأَبانها مدحُ الهِزبَرِ الخَادرِ
وإِليكَ أشكو جَورَ دهرٍ زَائغِ / بأَذاهُ عَن غيري فَلِم هوَ زائري
فعساكَ تُنجِدُ رَبَّ صبرٍ غائرٍ / ممَّا يُكابدهُ ودَمَعٍ غامرِ
أجبرِ بصنُعِكَ سُؤرَ ما أبقاهُ من / عُمري زمانٌ كالعقُابِ الكَاسرِ
واسعَد بِهَا فإِذا النَّدى رائيَّةٌ / آنستُ منها كلَّ مَعنىً نَافرِ
أَتقنتُ مُحكَمَها بِحذقٍ صِنَاعَةٍ / مِن ذي ضميرٍ كالجوادِ الضِّامرِ
إِن قالَ في هذي البَريَّةِ شاعرٌ / أُختاً لها فُحُشرتُ مَحشرَ كَافِرِ
زَارَت على بُعدِ الَمزارِ وَخَلفَها / مِن فَرطِ شوقي أيُّ حادٍ زاجرِ
فانظر لِنُضَرتِها بناظرٍ مُرتضٍ / راضٍ لها نَظَرَ الصَّفوحِ العاذرِ
لا زلتَ تبلُغُ ما ترَّنمَ طائِرٌ / ما شئِتَ مِن أَمَلٍ بِأَيمَنِ طائرِ