القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : فِتيان الشّاغُوري الكل
المجموع : 6
تُبنى المَمالِكُ بِالوَشيجِ الأَسمَرِ
تُبنى المَمالِكُ بِالوَشيجِ الأَسمَرِ / وَالبيضُ تَلمَعُ في العَجاجِ الأَكدَرِ
وَبِكُلِّ أَجرَدَ شَيظَمٍ يَعدو إِلى ال / هَيجا بِمُقتَحِمِ المَهالِكِ مِسعَرِ
وَالعَدلِ وَالإِحسانِ وَالمَعروفِ مَم / لوءَ الحِياضِ لِموسِرٍ وَلِمُعسِرِ
وَالحِلمِ وَالعَفوِ اللَذَينِ شَذاهُما / مُتَضَوِّعٌ كَأَريجِ مِسكٍ أَذفَرِ
كَفِعالِ مَولانا صَلاحِ الدينِ ذي ال / مَجدِ الغُدامِسِ وَالعَطاءِ الكَوثَرِ
أَعيَت وَأَعجَزَتِ البَليغَ صِفاتُهُ / فَالمُسهِبُ المَنطِيقُ مِثلُ المُقصِرِ
خُلِعَت عَلَيهِ خِلعَةُ المُلكِ الَّتي / زيدَت بِهاءً بِالطِرازِ الأَخضَرِ
أَهدى صَلاحُ الدينِ لِلإِسلامِ إِذ / أَردى قَبيلَ الكُفرِ ما لَم يُكفَرِ
رَبُّ المَلاحِمِ لَم يُؤَرِّخ مِثلَها ال / عُلَماءُ قِدماً في قَديمِ الأَعصُرِ
مَن رامَ مِن كُلِّ المُلوكِ مَرامَهُ / تُخفِق مَساعيهِ وَيَكبُ وَيَعثُرِ
من سَنجَرٌ وَأَقَلُّ مَملوكٍ لَهُ / أَعلى وَأَغلى قيمَةً مِن سَنجَرِ
يَغزو المُلوكَ الرُعبُ قَبلَ مَسيره / في عَسكَرٍ أَفتِك بِهِ مِن عَسكَرِ
هُوَ كاسِرٌ كِسرى وَمُتبِعُ تُبَّعٍ / ذُلّاً أَحاطَ بِهِ وَقاسِرُ قَيصَرِ
فَلِجَيشِهِ وَلِعَزمِهِ مُتَضائِلٌ / جَيشُ الهِرَقلِ وَعَزمَةُ الإِسكَندَرِ
راياتُهُ صُفراً تَرِدنَ وَتَنثَني / حمراً تَمُجُّ نَجيعَ آلِ الأَصفَرِ
لِمَ لَم تَدِن شوسُ المُلوكِ لَهُ وَقَد / مَلكَ السَواحِلَ في ثَلاثَةِ أَشهُرِ
وَاِستَنقَذَ البَيتَ المُقَدَّسَ عنوَةً / مِن كُلِّ ذي نَجِسٍ بِكُلِّ مُطَهَّرِ
كَم سابِحٍ مِن خيلِهِ في رُسغِهِ / تاجٌ لِمَلكٍ في التُرابِ مُعَفَّرِ
كَم رَدَّ مِن مَلكٍ عَزيزٍ أَصعَرِ / يُدعى بِمَملوكٍ ذَليلٍ أَصغَرِ
إِنَّ الأَقاليمَ الَّتي هِيَ سَبعَةٌ / دانَت لَهُ قَسراً بِسَبعَةِ أَبحُرِ
وَالسَبعَةُ الأَفلاكُ تَخدُمُ جَدَّهُ / حَتّى قُوى كيوانِها وَالمُشتَري
لَم يَألُ مُشتَرِيَ الثَناءِ بِمالِهِ / حُسناً فَنِعمَ المُشتَرى وَالمُشتَري
تَنهَلُّ يُمناهُ بِجَدواهُ فَخَم / سُ بنانِهِ لِلخَلقِ خَمسَةُ أَنهُرِ
كَالنيلِ في مِصرٍ وَسيحونٍ وَجَي / حونٍ وَدِجلَةَ وَالفُراتِ الأَكبَرِ
فَليَهنِهِ الفَتحُ الَّذي سُدَّت بِهِ / عَن مُلكِهِ أَبوابُ غَدرِ الأَدهُرِ
فَتحٌ تَطَأطَأَ كُلُّ فَتحٍ دونَهُ / وَالشَمسُ تَكسِفُ كُلَّ جِسمٍ نَيِّرِ
يا ناصِرَ الإِسلامِ فُزتَ بِمَورِدٍ / حَسَنِ النَثا في العالَمينَ وَمَصدَرِ
البَحرُ أَنتَ لَكَ السَواحِلُ باعِثاً / سُحبَ الحَيا جوداً وَقاذِفَ جَوهَرِ
أَنشَأت مَلحَمَةً تُمِلُّ مُقاتِلَ ال / فُرسانِ بِالعَدَدِ الَّذي لَم يُحصَرِ
إِعرابُها ضَربُ الحُسامِ وَنَقطُها / وَقعُ السِهامِ وَخَطُّها بِالسَمهَري
وَالحِبرُ بَحرُ دَمٍ تَغَطمَطَ مَوجُهُ / إِذ لَيسَ ثمَّ سِوى الثَرى مِن دَفتَرِ
وَالبيضُ تَنثُرُ وَهيَ غَيرُ خَواطِبٍ / وَالسُّمرُ ناظِمَةٌ وَإِن لَم تَشعُرِ
وَالخَيلُ مُطرِبَةٌ كَأَنَّ صَهيلَها / شَدوُ النُّحَيلَةِ في نَسيبِ البُحتُري
نَشوى تَميدُ مِنَ السُرورِ كَأَنَّما / صَبَحَت كُؤوساً مِن شَرابٍ مُسكِرِ
فَلَقَد وَأَدت الشِركَ يَومَ لَقيتَهُم / وَغَدَوتَ لِلإِسلامِ عَينَ المُنشِرِ
وَأَرَيتَهُم لَمّا التَقى الجَمعانِ بِال / بَيتِ المُقَدَّسِ هَولَ يَومِ المَحشَرِ
وَرَدَدتَ دينَ اللَهِ بَعدَ قُطوبِهِ / بِالمَسجِدِ الأَقصى بِوَجهٍ مُسفِرِ
وَأَعَدتَ ما أَبداهُ قَبلَكَ فاتِحاً / عَمرٌ فَأَنتَ شَريكُهُ في المَتجَرِ
حَتّى جَمَعتَ لِمَعشَرِ الإِسلامِ بَي / نَ الصَخرَةِ العُظمى وَبَينَ المِشعَرِ
فَلِصَخرَةِ البَيتِ المُقَدَّسِ كُفؤُها / الحَجَرُ المُفَضَّلُ عِندَ أَفضَلِ مَعشَرِ
فَكَأَنَّهُ إِنسانُ عَينٍ صورَةً / يَلقاكَ أَسوَدُهُ بِمَعنى أَنوَرِ
جاشَت جُيوشُ الشِركِ يَومَ لَقيتَهُم / يَتَدامَرونَ عَلى مُتونِ الضُّمَّرِ
وَكَأَنَّهُم بَحرٌ تَدافَعَ مَوجُهُ / بِظُبىً وَزَغفٍ مُحكَمٍ وَسَنَوَّرِ
أَورَدت أَطرافَ الرِماحِ صُدورَهُم / فَوَلَغنَ في عَلَقِ النَجيعِ الأَحمَرِ
فَهُناكَ لَم يُرَ غَيرَ نَجمٍ مُقبلٍ / في إِثرِ عِفريتٍ رَجيمٍ مُدبِرِ
وَلّوا وَعُقبانُ المَنونِ مُسِفَّةٌ / وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا المُتَكَسِّرِ
لا يَنظُرونَ سِوى حُسامٍ مُشهَرٍ / وَمِنَ الدِماءِ كَأَنَّهُ لَم يُشهَرِ
رُفِعَت سَماءٌ مِن سَنابِكِ خَيلِهِم / مُسوَدَّةً أَرجاؤُها مِن عِثيَرِ
فَالقَومُ نهبٌ لِلسِباعِ تَنوشُهُم / مِن كُلِّ ذي نابٍ وَصاحِبِ مِنسَرِ
فَمَنِ الَّذي مِن جَيشِهِم لَم يُختَرَم / قَبلاً وَمَن مِن جَمعِهِم لَم يُؤسَرِ
حَتّى لَقَد بيعَت عَقائِل أُرهِقَت / بِالسَبيِ بِالثَمَنِ الأَخَسِّ الأَحقَرِ
مِن كُلِّ حورِيٍّ ضَئيل موَشَّج / كَالغُصنِ مَيّاداً ثَقيل مُؤَزَّرِ
وَأَوانِسٍ مِثلِ الشُموسِ سَوافِراً / مِن كاعِبٍ مِثل الغَزالِ وَمُعصِرِ
آضَت أُسودُهُمُ ثَعالِبَ ذِلَّةٍ / فَهُمُ فَرائِسُ كُلِّ لَيثٍ قَسوَرِ
ماتوا بِغُلَّتِهِم وَأَروى مِنهُمُ / بيضَ الصَوارِمِ بِالدَمِ المُثعَنجِرِ
صَرعى كَأَنَّهُم تَماثيلٌ مِنَ ال / كافورِ مِن دَمِهِم رُدِعنَ بِعَنبَرِ
ما قوبِلوا بِجَحافِلٍ بَل قوتِلوا / بِمَلائِك حَضرَت بِأَيمنِ محضَرِ
شَكَتِ الفَيافي ثِقلَ وَطءِ جُيوشِهِ / فَبَناهُمُ رَصفاً كَبَسطِ المَرمَرِ
فَالخَيلُ لا تَمشي بِها إِلّا عَلى / هامٍ مُنَضَّدَةٍ وَشَعرٍ أَشقَرِ
نَهَبَت عُفاةُ الطَيرِ مِن حَدَقٍ بِها / زُرقٍ فُصوصاً مِن نَفيسِ الجَوهَرِ
كَم أودِعَت دَويَّةً داوِيَةً / صُرِعوا بِها في المَعرَكِ المُستَوعِرِ
جَعَلت لَها الثاراتُ في آنافِنا / أَرَجَ العَرارِ وَطيبَ عَرفِ العَبهَرِ
بِالسَيفِ رَدَّ السَيفُ بَحراً مِن دَمٍ / يَنبوعُهُ مِن هامَةٍ أَو مَنحَرِ
بَحرٌ صَوارِمُهُ القَنا وَقُلوعُهُ / راياتُهُ وَالسُفنُ كُلُّ مُضَمَّرِ
حَصَّ الخَوافي وَالقَوادِمَ مِن جَنا / حَيهِم وَشَقَّ القَلبَ بِالقَلبِ الجَري
حُصِدوا وَكانَ الغَدرُ بَذرُهُم فَقَد / دُرِسوا بِهِ وَذُروا بِأَوخَمِ بَيدَرِ
ما إِن تَرى إِلّا مَساكِنَهُم وَهُم / صَرعى الصَوارِمِ بِاليَبابِ المُقفِرِ
سَقَتِ المَماليكُ الكِرامُ مُلوكَهُم / كَأساً بِهِ سَقَتِ اللَئيمَ الهَنفَري
مَضَتِ المُلوكُ وَلَم تَنَل عُشرَ الَّذي / أوتيتَهُ مِن مَنجَحٍ أَو مَفخَرِ
وَبِذاكَ آثَرَكَ الإِلَهُ عَلَيهِمُ / يا مُؤثِراً أوزعت شُكرَ المُؤثرِ
أَرسَلتَ مِن خَلَلِ العَجاجِ صَواعِقاً / تَهمي عَلَيهِم مِن فُتوقِ كَنَهوَرِ
وَعَجَمتَ عودَ صَليبِهِم فَكَسَرتَهُ / وَسِواكَ أَلفاهُ صَليب المكسَرِ
أَغلى الأَداهِمَ مَن أَسَرتَ وَأُرخِصَت / بيضُ الصَوارِمِ مِن نهابِ العَسكَرِ
وَجَعَلتَ شَرقَ الأَرضِ يَحسُدُ غَربَها / بِكَ فَهوَ داعٍ دَعوَة المُستَنصِرِ
يَرجو شِفاءَ غَليلِهِ وَيُؤَمِّلُ ال / إيقاعَ فيهِ بِمُفتنٍ وَبِمُفتَرِ
فُتَّ المَدائِحَ يا صَلاحَ الدينِ فَاِع / تَذَرَ المُبَرِّزُ في الفَصاحَةِ فَاِعذُرِ
فَبِمَ العُفاةُ يُشَبِّهونَكَ في النَدى / وَالبَأسِ حارَت فِكرَةُ المُتَفَكِّرِ
كَم خازِنٍ لَكَ مِثلُ أَلفَي حاتَمٍ / كَرَماً وَمَملوكٍ كَأَلفَي عَنتَرِ
أَفلاذُ أَكبادِ العِبادِ طَحا بِها / رَبُّ العِبادِ إِلى سَناكَ الأَبهَرِ
وَاِستَعظَمَ الأَخبارَ عَنكَ مَعاشِرٌ / فَاِستَصغَروا ما اِستَعظَموا بِالمَخبَرِ
ما كُلُّ مَلكٍ عِندَما أوتيتَهُ / إِلّا قُلامَةُ بَعضِ ظُفرِ الخِنصَرِ
لا يَعدَمَنكَ المُسلِمونَ فَكَم يَدٍ / أَولَيتَهُم مَعروفُها لَم يُنكَرِ
أَمَّنتَ سِربَهُمُ وَصُنتَ حَريمَهُم / وَدَرَأتَ عَنهُم قاصِماتِ الأَظهُرِ
لَم تَخلُ سَمعاً مِن هَناءِ مُهَنِّئ / لِلمُسلِمينَ وَمِن سَماعِ مُبَشِّرِ
ما إِن رَآكَ اللَهُ إِلّا آمِراً / فيهِم بِمَعروفٍ وَمُنكِرِ مُنكَرِ
مُتَواضِعاً لِلَهِ جَلَّ جَلالُهُ / وَبِكَ اِضمَحَلَّت سَطوَةُ المُتَكَبِّرِ
كَم بِالنَدى عانٍ فَكَكتَ وَبِالرَدى / عاتٍ كَفَفتَ بِخَوفِهِ أَمِنَ البَرِي
هَل تُعجِزَن صُورٌ مَليكاً ناصِراً / لِلَهِ أَينَ يَسِر يُسَرَّ وَيُنصَرِ
حَتّى لَخِلنا أَنَّهُ إِن يَلتَمِس / نَثراً لِمُنتَظِمِ الثُرَيّا يُنثَرِ
ما سورُ صورٍ عاصِمٌ مِنهُ وَهَل / سورُ المَعاصِمِ عاصِمٌ لِمُسَوَّرِ
فَليَمنَحَنكَ البَحرُ دُرَّةَ تاجِهِ / إِذ رُعتَهُ بِخَميسِكَ المُتَنَمِّرِ
بَحرٌ زُعاقٌ ماؤُهُ مُتَكَدِّرٌ / يَعنُو لِبَحرٍ طابَ غَيرَ مُكَدَّرِ
فَاِنهَد لِصورٍ فَهيَ أَحسَنُ صورَةٍ / في هَيكَلِ الدُنيا بَدَت لِمُصَوِّرِ
لَمّا مَلَكتَ حُصونَ أَنطاكِيَّةٍ / يَئِسَ الصَليبُ وَحِزبُهُ مِن مُظهِرِ
أَردَيتَ كُلَّ مُثَلِّثٍ مُتَكَبِّرٍ / بِمُوَحِّدٍ مُتَواضِعٍ فَمُكَبِّرِ
بَرَزت إِلى بُرزيهِ عَزمَتُكَ الَّتي / مَدَّت يَداً عَن مَطلَبٍ لَم يَقصُرِ
فَتَناوَلَتهُ بِأَيدِها مِن باذِخٍ / في الأُفقِ ذي مَثَلٍ يَروعُ مُسَيَّرِ
عِش عُمرَ نوحٍ يا اِبنَ أَيّوبٍ وَكُن / مَلكاً سُلَيماناً وَجاهِد وَاِظفَرِ
فَبَنوكَ كَالأَسباطِ كُلٌّ مِنهُمُ / في المُلكِ يَبلُغُ عُمرَ سَبعَةِ أَنسُرِ
فازَت قِداحُكُم وَكُلُّ مُلوكِها / بَرِمٌ فَلَيسَ مُيَسَّراً لِلمَيسِرِ
لا زالَ ظِلُّكُم الظَليلُ وَلا خَلَت / مِن ذِكرِكُم في الدَهرِ ذروَةُ مِنبَرِ
بي غادَةٌ سَمراءُ مِثلُ الأَسمَرِ
بي غادَةٌ سَمراءُ مِثلُ الأَسمَرِ / تَهتَزُّ في مَتنِ الكَثيبِ الأَعفَرِ
مِلءُ الإِزارِ ثَقيلَةٌ أَردافُها / جاذَبنَ خَصراً ناحِلاً كَالخِنصَرِ
تُصبي الحَليمَ بِهَزَّةٍ في عِزَّةٍ / وَتَميسُ في وَرَقِ الشَّبابِ الأَخضَرِ
وَمَتى نَضَت عَنها اللِثامَ تَبَسَّمَت / فَأَتى تَبَسُّمُها بِسِمطَي جَوهَرِ
إِنّي قُتِلتُ وَقاتِلي مَن لَم يَشِم / سَيفاً سِوى الطَرفِ الكَحيلِ الأَحوَرِ
وَمِنَ العَجائِبِ أَن يُرى لَيثُ الشَرى / في الغيلِ مَقتولاً بِلَحظِ الجُؤذَرِ
تَحمي بِأَسهُمِ مُقلَتَيها ثَغرَها / فَالثَغرُ لَيسَ يَرومُهُ مِن عَسكَرِ
إِلّا خَميسٌ كامِلِيٌّ قادَهُ ال / أقسيسُ يَسري في اليَبابِ المَقفِرِ
خاضَ الهَواجِرَ فَاِستَظَلَّ بِدَوحَةٍ / فاءَت عَلى المَلِكِ الأَعَزِّ الأَكبَرِ
بِاليُمنِ حازَ مَمالِكَ اليَمَنِ الَّتي / سَمَقَت إِلى سَعدِ السُعودِ المُشتَري
وَأَشاحَ مُمتَطِياً إِلَيها عَزمَةً / عَنها تُقَصِّرُ عَزمَةُ الإِسكَندَرِ
وَأَتى الصَلاحَ الكامِلِيَّ مُبَشِّراً / بِالفَتحِ مِن مَلكٍ بِهِ مُستَبشِرِ
فَالفَألُ أَخبَرَ عَن صَلاحٍ كامِلٍ / لِلعالَمينَ وَذاكَ أَصدَقُ مَخبَرِ
بِالكامِلِ انتَظَمَت أُمورُ الدينِ وَالد / دُنيا بِأَحسَنِ مَنظَرٍ وَبِمَخبَرِ
وَلَدَيهِ أَحمَدُ كالنَبِيِّ مُحَمَّدٍ / في فَتحِ مَكَّةَ بَعدَ فَتحَةِ خَيبَرِ
مِن آلِ شادي شادَ مُلكاً باذِخاً / كَم جامِعٍ يُعلي وَكَم مِن مِنبَرِ
هُوَ كاسِرٌ كِسرى وَمُتبِعُ تُبَّعٍ / ذُلاً أَحاطَ بِهِ وَقاسِرُ قَيصَرِ
إِن كانَ أَوحَدَ في الزَمانِ فِإِنَّهُ / مُتَضَمِّنٌ مَعنى العَديدِ الأَكثَرِ
لا زالَ يَضحَكُ ثَغرُ نَصرٍ ناصِعٌ / مِمَّن عَصاهُ بِسَيلِ دَمعِ السَمهَري
فَإِلَيكَ يا مَلِكَ المُلوكِ أَلوكَةً / مِن شاعِرٍ مِن ضَعفِهِ لَم يَشعُرِ
بِالعَدلِ آثَرَكَ المَليكُ عَلَيهِمُ / يا مُؤثِراً أوزِعتَ شُكرَ المُؤثِرِ
فَلَئِن أَصَبتُ بِسَعدِ جَدِّكَ ذا وَإِن / أُخطِئ فَذاكَ لِسوءِ حَظّي المُدبِرِ
فُتَّ المَدائِحَ يا اِبنَ سَيفِ الدينِ فَاع / تَذَرَ المُبَرِّزُ في الفَصاحَةِ فَاِعذُرِ
فيمَ العُفاةُ يُشَبِّهونَكَ في النَدى / وَالبَأسِ حارَت فِكرَةُ المُتَفَكِّرِ
أَنتَ الَّذي هُوَ مِلءُ سَمعِ المُتَّقي / حُرَّ الكَلامِ وَمِلءُ عَينِ المُبصِرِ
لا زِلتَ في الفَتحِ المُبينِ مُهَنَّأً / مِن ذي المَعارِجِ بِالعَطاءِ الكَوثَرِ
ما أَشرَقَت زُهرُ النُجومِ وَما بَدا / لِمُسافِرٍ وَجهُ الصَباحِ المُسفِرِ
يا حَبَّذا نَفَحاتُ جَوبَرَ بُكرَةً
يا حَبَّذا نَفَحاتُ جَوبَرَ بُكرَةً / ما هُنَّ إِلا المِسكُ وَالكافورُ
وَالزَّهرُ مَنظومٌ عَلى دَوحاتِهِ / وَعَلى بِساطِ رِياضِهِ مَنثورُ
ما هَبَّ مَمدودُ الهَواءِ لَنا بِهِ / إِلا لِيَزدادَ الهَوى المَقصورُ
هِيَ جَنَّةٌ مَحفوفَةٌ بِنَعيمِها / في ظِلِّها وِلدانُها وَالحورُ
جاءَ الرَبيعُ وَرَوضُهُ المَمطورُ
جاءَ الرَبيعُ وَرَوضُهُ المَمطورُ / مِن نَورِهِ الباكي يُضاحِكُ نورُ
تُذري الجُفونُ دُموعَهُ فَكَأَنَّهُ ال / مَحزونُ وَهوَ العاشِقُ المَسرورُ
هَل جاءَ مِن صَنعاءَ تاجِرُ بَزِّهِ / فَالوَشيُ مِن مَطوِيِّهِ مَنشورُ
صاغَت بِهِ الأَيدي أَكُفّاً مِن يَوا / قيتٍ نُظِمنَ فَحَبَّذا المَنثورُ
وَبِهِ البَنَفسِجُ عُقِّدَت أَصداغُهُ / وَكَأَنَّهُ مُتَنَفِّساً مَخمورُ
زَهَراتُ نَرجِسِهِ تَضَوَّعُ عَنبَراً / مِن زَعفَرانٍ ضَمَّهُ كافورُ
يَرنو بِأَعيُنِ غانِياتٍ ما بِها / مِن نَعسَةٍ لَكِن بِهِنَّ فُتورُ
شَقَّ الشَقيقُ جُيوبَهُ طَرَباً وَقَد / غَنّى الهَزارُ وَغَرَّدَ الشُحرورُ
مِن أَينَ يوجَدُ لِلقُلوبِ سُكونُها / وَالماءُ فيهِ كَأَنَّهُ مَذعورُ
فَصلُ الرَبيعِ هُوَ الشَبابُ مُحَبَّباً / إِنَّ الشَبابَ زَمانُهُ مَشكورُ
وَيَهُزُّ مُعتَلُّ النَسيمِ غُصونَهُ / فَيُرى المُعانِقُ فيهِ وَالمَهجورُ
وَتُصَفِّقُ الأَوراقُ في أَغصانِهِ / فَتَنوحُ مِنها بِالغَرامِ طُيورُ
صِيغَت بِهِ حُلَلُ الشَقيقِ فَيا لَها / شُقراً لِقَلبي عِندَهُنَّ شُقورُ
وَكَأَنَّنا بِالوَردِ يُرسَلُ رائِداً / قَد حُلَّ عَنهُ قباؤُهُ المَزرورُ
نَظَمَت خُدودَ الوَردِ عَربَدَةُ الصِبى / فَتَبَسَّمَت لِلأُقحُوانِ ثُغورُ
وَالزَهرُ مَنظومٌ عَلى دَوحاتِهِ / وَعَلى بِساطِ رِياضِهِ مَنثورُ
ما هَبَّ مَمدودُ الهَواءِ لَنا بِهِ / إِلّا لِيَزدادَ الهَوى المَقصورُ
أَحسِن بِهِ في الدَهرِ زَوراً عِندَهُ / عِندَ التَأَمُّلِ كُلُّ زَورٍ زُورُ
فَكَأَنَّ باكوراتِهِ في نَشرِها / تُهدي ثَناءً حازَهُ بَكرورُ
بَطَلٌ بِهِ الإيمانُ أَصبَحَ آمِناً / وَالكُفرُ مِنهُ قَلبُهُ مَذعورُ
شَهِدَت مِنَ الأَعداءِ يَومَ نِزالِهِ / بِسُطاهُ أَكبادٌ لَهُ وَنُحورُ
فَرِماحُهُ ما إِن تَزالُ لَدى الوَغى / تَندَقُّ مِنها في الصُدورِ صُدورُ
وَلِسَيفِهِ المَشهورِ في قِمَمِ العِدا / ضَربٌ يُفَلِّقُ هامَهُم مَشهورُ
فَبِبَأسِهِ فيهِم تُهَدُّ مَعاقِلٌ / شُمُّ الذُرى وَبِهِ تُسَدُّ ثُغورُ
مِنهُ بِلادُ الكُفرِ تُرعَدُ خيفَةً / وَإِلَيهِ مَن في صورَ خَوفاً صورُ
ما كَرَّ إِلّا قالَتِ الأَقيالُ في / يَومِ الوَغى بكرورُ يا مَنصورُ
فَحَديثُهُ بِسَماحِهِ وَكِفاحِهِ / في كَسبِهِ عالي العُلا مَأثورُ
في الجَدبِ وَالحَربِ العَوانِ كَأَنَّهُ / لَيثٌ وَغَيثٌ هامِرٌ وَهَصورُ
قَلبي بِصِدقِ وَلاءِ شَمسِ الدينِ مَغ / مورٌ وَرَبعي بِالنَدى مَعمورُ
وافى إِلَيَّ رَسولُهُ بِنَوالِهِ / فَشَكَرتُهُ إِنَّ المُحِبَّ شَكورُ
لي ماءُ وَجهٍ صينَ عَن إِهراقِهِ / عِندَ المُلوكِ وَإِنَّهُ مَوفورُ
هَذا وَفَضلي شائِعٌ جِدّاً وَلَف / ظي اللُؤلُؤُ المَنظومُ وَالمَنثورُ
وَلَوَ اَنَّني يَمَّمتُهُم لَتَغَيَّبَت / عَن حَضرَتي عُصَبٌ هُناكَ حُضورُ
لَكِن لُعابُ النَحلِ حُلوٌ طَعمُهُ / لَو لَم يُذَبذِب حَولَهُ الزُنبورُ
وَعَلَيَّ مِن حُلَلِ القَناعَةِ حُلَّةٌ / إِنّي لَمُختالٌ بِها وَفَخورُ
ما لي إِلى وُدِّ المَطامِعِ في الوَرى / يَوماً رَواحٌ يَقتَفيهِ بُكورُ
أَنتَ الأَميرُ فَعِشتَ أَطيَبَ عيشَةٍ / وَالناسُ كُلُّهُم لَكَ المَأمورُ
فَعَلى البِلادِ عَلا مَنابِر فَخرِهِ / في العالَمينَ بِمَجدِكَ الشاغورُ
فَتُرابُهُ المِسكُ الأَريجُ وَنَبتُهُ الر / رَيحانُ طيباً وَالمِياهُ خُمورُ
لا زِلتَ في عِزٍّ وَسَعدٍ دائِمٍ / أَو يَنتَحي لِلنَفخِ فيهِ الصُورُ
يا لَيلَة بِتنا بِبَرزَةَ نَشتَكي
يا لَيلَة بِتنا بِبَرزَةَ نَشتَكي / عَدَمَ القِرا بِمَقامِ مَن سَنَّ القِرا
بِتنا وَباتَ البَردُ يَنفُضُنا إِلى / أَن كادَ يَفصِمُ مِن مَفاصِلِنا العُرى
لا حَبَّذا هِيَ لَيلَةٌ بِتنا بِها / حَتّىالصَباح وَنَحنُ نَجتَرُّ الخَرا
قُلنا لِقَيِّمِها وَقَد وافى بِشَم / عَتِهِ فَصارَ العرفُ مِنّا مُنكرا
قَدِّم إِلَينا شَبعَةً لا شَمعَةً / فَالجوعُ عَن أَجفانِنا طَرَدَ الكَرى
وَدَعِ الظَلامَ يَلُفُّنا في مِثلِ ما اخ / تارَت بَنو العَبّاسِ لِبساً في الوَرى
صيدَت ضَراغِمُ حاجِرٍ بِمَحاجِرِ
صيدَت ضَراغِمُ حاجِرٍ بِمَحاجِرِ / وَسَطَت ذَواتُ أَساوِرٍ بِقَساوِرِ
وَتَسَنَّحَت يَومَ الغُوَيرِ لَنا مَهاً / تُهدي الغَرامَ لِمُنجِدٍ وَلِغائِرِ
يَسفِرنَ عَن صُوَرِ الدُّمى أَعشَت بِبَه / جاتِ الشُموسِ ضُحىً لِحاظَ الناظِرِ
مُتَهادِياتِ الخَطوِ يَكسونَ البَرا / طيباً بِسَحبِ مَعاجِرٍ وَضَفائِرِ
هُنَّ القَواتِلُ وَالفَواتِنُ لِلوَرى / بِلَواحِظٍ مِثلِ السُيوفِ فَواتِرِ
مِن كُلِّ جائِلَةِ الوِشاحِ تَهُزُّ غُص / نَ البانِ في أَعلى الكَثيبِ المائِرِ
رَيّا الرَوادِفِ ذاتُ خَصرٍ ناحِلٍ / واهٍ كَصَبري عَنهُ ظامٍ ضامِرِ
أَجفانُها مَرضى وَما لأَسيرِها / فادٍ وَلا لِقَتيلِها مِن ثائِرِ
باتَت مُقَبِّلُها يَخالُ رُضابَها / خَمراً مُعَتِّقَةً بِحانَةِ تاجِرِ
وَغَريرَةٍ في سَلبِ حَبِّ قُلوبِنا / مَهَرَت فَواعَجَباً لِغِرٍّ ماهِرِ
أَفدي الَّتي لَولا هَواها لَم أَبِت / أَرعى النُجومَ بِطَرفِ ساهٍ ساهِرِ
وَأَقولُ يا لَيلي الطَّويلَ ظَلَمتَني / لَم يَظلِموا لَمّا دَعَوكَ بِكافِرِ
فَأَجابَني بِلِسانِ حالٍ قائِلٍ / لَيلٌ بَهيمٌ ما لَهُ مِن آخِرِ
يا صاحِ ما الدُنيا سِوى سُكرِ الصِّبى / إِذ لَستُ أَبرَحُ مِنهُ بَينَ دَساكِرِ
وَزَمانُهُ طَلقُ المُحَيّا ضاحِكٌ / عَن ناجِذَي عَيشٍ هَنيءٍ ناضِرِ
أَشكو وَأَشكُرُ طَيفَها وَصُدودَها / عَنهُ فَواعَجَباً لِشاكٍ شاكِرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025