المجموع : 6
غيرت عهدك في الهوى فتغيرا
غيرت عهدك في الهوى فتغيرا / ملك الهوى قلبي وقلبك ما درى
كوني كما أنا في الغرام وفية / لا تهجريني ما خلقت لأهجرا
أصبحت فيك من الولوع بغاية / لو زدت حسناً لا أزيد تحيراً
بلغ المدى بي كل شيئ في الهوى / فإذا اردت زيادة لن أقدرا
يسمو بك الحسن المدل إلى السما / ويمت به الجد المذل إلى الثرى
ماذا التخالف في المحبة بيننا / نفس مكرمة ونفس تزدري
ينفك عمري في الهوى متقدماً / ويظل سبقي في الهوى متأخرا
وأكاد أحسب في غرامك شقوتي / لو كان يسعد عاشق بين الورى
عندي حديث إن أردت ذكرته / من لي بأن تصغي إلي وأذكرا
عصفت به ريح الملامة موهناً / فجرى على وجه العذول وغيرا
لا تنكري نظرات عيني خلسة / الله قد خلق العيون لتنظرا
وقفت عليك فما انثنت عن منظر / فتنت به إلا لتطلب منظرا
أرسلت طيفك في المنام يزورني / فدنا وولى وهو يعثر بالكرى
لم يبق من أثر سوى تبسامة / خطرت على نفس الهوى فتأثرا
أتبعته أملي فأقصر دونه / ولو استمد بلفتة ما أقصرا
لا يعذلوني في غرامك ضلة / من هام فيك فحقه أن يعذرا
رقت حواشي الروع فيك صبابة / ونهى النهى عنك الفؤاد فاعذرا
قلبي يحس وهذه عيني ترى / ما حيلتي فيما يحس وما يرى
إن تصبري عني فقلبك هكذا / أما أنا فأخاف أن لا أصبرا
تمسين ناسية وأمسى ذا كرا / عجباً أشاعرة تهاجر شاعرا
فهل الملائك كالحسان هواجر / أن الملائك لا تكون هواجرا
أن كنت لاأسعى لدارك زائراً / فلكم سعى فكري لدارك زائراً
وأخو الوفاء يصون منه غائباً / أضعاف ما قد صان منه حاضرا
يصيبك طير الروض في ترجيعه / يا ليتني في الروض أصبح طائرا
ويهز منك الدهر في زفراته / نفساً تظل لها النفوس زوافرا
قد عشت دهرك بالمحاسن صبة / قضيت دهري بالمحاسن حائرا
أنا إقتسمنا السحر فيما بيننا / لله ساحرة تساجل ساحرا
لابد في هذي الحياة من الهوى / إن الهوى يهب الحياة نواظرا
ولقد تهب عليه يوماً سلوة / فتنيم ساهرة وتترك ساهرا
يا ويح ذي قلب يناجي مثله / يدعوه مؤنسه فيبقى نافرا
قلبان ذة صبر يعاني هاجراً / أو هاجر ظلماً يعذب صابرا
متوافقان على الشكاية في الهوى / كم جائراً في الحب يشكو جائرا
إن كان قلبي في التصبر مذنباً / فليمس قلبك في التصبر عاذرا
سيعود ذاك الود أبيض ناصعاً / ويصير هذا العهد أخضر ناضر
هاجتك خالية القصور
هاجتك خالية القصور / وشجتك آفلة البدور
وذكرت سكان الحمى / ونسيت سكان القبور
وبكيت بالدمع الغزي / ر لباعث الدمع الغزير
ولواهب المال الكثي / ر وناهب المال الكثير
حامي الثغور الباسما / ت مضيع آهلة الثغور
إن كان أخلى يلديزا / مخلي الخورنق والسدير
أو فاستسرت من سما / ها أنجم بعد الظهور
فلتأهلن من بعدها / آلاف أطلال ودور
بعد النجوم ثوابت / والبعض دائمة المسير
ضائت عقود الملك ما / بين الترائب والنحور
والشيخ بات فؤاده / في أسر ولدان وحور
ما زال معتصر الخدو / د هوى ومهتصر الخصور
وإذا انقضت ليلاته / وصلت بليلات الشعور
أهدى الفتور لقلبه / ما باللواحظ من فتور
واستنفرته عن الرعا / يا كل آنسة نفور
تختال من حلل الصبا / بة في الدمقس وفي الحرير
والجند عارية منا / كبها مقصمة الظهور
خمص البطون من الطوى / دقت فعادت كالسيور
إن الزمان يغر ثم / يذيق عاقبة الغرور
وعظتك واعظة الفتير / ورأيت منقلب الدهور
ومشى الزمان إليك بال / أحزان من بعد السرور
قد كنت ذا القصر الكب / ير فصرت ذا البيت الصغير
وربيت في مجد الأمير / ولم تمت موت الأمير
لما سلبت الحكم قل / ت الحكم لله القدير
هل كنت ترضى أولاً / ما قلت في الزمن الأخير
ورآك جندك ضارعاً / لهم ضراعات الأسير
لقد استجرت بمعشر / ما كنت فيهم بالمجير
أنذرت لكن لم تشأ / تصديق أقوال النذير
وأثرتها شعواء تد / لف تحت رايات المثير
ملمومة الأطراف تن / زو بالصدور إلى الصدور
تم التكافؤ تحتها / فسطا النظير على النظير
أسد هصور في الوغى / يسعى إلى أسد هصور
يا مسغب الأجناد قد / اشبعت ساغبة النسور
هي غارة لكنها / دارت على رأس المغير
من ذا استشرت لها ولم / تك في الزمان بمستشير
لقد استطرت بشر يو / مك كل شر مستطير
وخترت يا عبد الحمي / د وما استحيت من الختور
إن الخفور سجية / فاذهب فما لك من خفير
إن الثلاثين التي / مرت بنا مر العصور
وهبتك تجربة الأمو / ر فعشت في جهل الأمور
ورددت عارية الخلا / فة بعد ذلك للمعير
من كان يدعوك الخب / ير فلست عندي بالخبير
لله أجساد ثوت / بين الجنادل والصخور
باتت على خشن الثرى / من بعد مضجعها الوثير
كانت زهور شبيبة / لهفي على تلك الزهور
نضرت سنين ولم تذق / من لذة العيش النضير
سقيت مياه دمائها / والروض رقراق الغدير
كم خلفها من صبية / يتمت ومن شيخ كبير
يترقبون مآبها / إن المآب إلى النشور
وممنعات في الخدو / وتموت حزناً في الخدور
ترجو زيادة صبها / نبت الزيارة بالمزور
لم يُجدها نصح القبي / ل ولا تسلت بالعشير
أودى الردى بنصيرها / فغدت تعيش بلا نصير
فشكلتها بلسانها / والزن في طي الضمير
نوح الطيور يهجيها / فتنوح من نوح الطيور
لا بالعشي تفيق من / بث ولا عند البكور
لو أن للأيام ال / سنة لصاحت بالثبور
عجت رواحلها وقد / سئمت مواصلة الكرور
فترى شعوباً في أسى / وترى شعوباً في حبور
أبداً تدار كما يرا / د وأمرها بيد المدير
من عاش يستحلي الشرو / ر يموت من تلك الشرور
لما أديل عن السرير / بكاه عبّاد السرير
نذروا النذور لعوده / هيهات يرجع بالنذور
أسفوا عليه وإنما / أسفوا على المال الدرير
والبعض بات جريره / فسما يتيه على جرير
طلبوا له عفو الغفو / ر وشذ عن عفو الغفور
قلص ظلالك راحلاً / ودع البرية في الهجير
ويح الربوع الدائرا / ت إلى م تبقى في دثور
ماذا نرى إحدى العوا / صم أم نرى إحدى القفور
الأفق مغبر الصحي / فة والبرى خافي السطور
والملك بينهما يطل / على السباسب والبحور
كالشمس تبدو من وراء / السحب في اليوم المطير
وإذا تجلى وجهها / يزهو بنور فوق نور
حكت النواظر للنواظر
حكت النواظر للنواظر / برح الخفاء عن الضمائر
ما في الغرام سريرة / العاشقون بلا سرائر
حدّث بوجدك من ترى / لا تخفه فالأمر ظاهر
بان الرقيب ورُفّعت / عن وجه من أهوى الستائر
وبدت محاسنها التي / توحي الكلام لكل شاعر
يا من لقيتُ بهجرها / ما لا يطيب بقلب هاجر
من كان يصبر في هوا / ك فما أنا فيه بصابر
تُيّمت في هذي الخدو / د وهمت في تلك الغدائر
الله فيك وفي جما / لك وأمري هو فيك حائر
لي منك ما لا يستفا / ض بمثله فيض الخواطر
أنا من عرفت وفاءه / إن كان ساءك غدر غادر
لم ترض عثمانيتي / لي أن أخاتل أو أخاتر
قومي همُ القوم الألى / فاقوا الأوائل والأواخر
كسروا القيود وأطلقوا / أسراهم من كل آسر
اهتزت الدنيا بهم / واليوم تهتز المنابر
بالأمس كنا معشراً / تبكي لحالتنا المعاشر
تقتادنا الأيدي الأثيمة / للسجون أو المقابر
ويصول أنصار الملي / ك على الأكابر والأصاغر
تمشي الأيامى واليتا / مى والمدامع في المحاجر
كم بالمعاقل من فتى / متوقد الأحشاء زافر
لم يجن ذنباً إنما / سارت به القسم السوائر
لم يبق قصر عامراً / لكن قصر الظلم عامر
بتنا ننوح على الأحبْ / ة في منازلها الدوائر
أفروق حسنكِ ساحر / وأنا أهيم بكل ساحر
ما أنتِ إلا فتنة ال / أبصار موعظة البصائر
أنت التي أودى غرا / مك بالأكاسر والقياصر
يدعو الخليج قلوبهم / فتسير فيه كالمعابر
لله قصر شامخ / مدّ النواظر عنهُ قاصر
قصر بهِ يعلوا التسا / وي رأس مأمور وآمر
هو جحفل أو محفل / فيه المنازل والمناظر
ضاعت مفاتيح لهُ / واليوم تفتحهُ السماهر
جمعت مداره فيهِ عن / كل القبائل والعشائر
يتشاورون بأمرهم / والله في عون المشاور
الآن لما صار ما / خلناه دهراً غير صائر
واسترجع النائي الحمى / قول السعادة ويك بادر
وسعى الكريم إلى الكريم / مؤازراً نعم المؤازر
كادت بلاد الله تر / قص حين أقبلت البشائر
يا دهر شكرك واجب / يا دهر ما في الناس كافر
لم يبق ظلم يُتقى / دارت على الظلم الدوائر
هذا قضاء الله أم غدر
هذا قضاء الله أم غدر / ماذا أصابك أيها القصر
أعلى مراد رحت مضطرماً / من غيرة إذ ضمة القبر
أم أنت ممن فيك منتحر / يا قصر أم فيما جرى سر
نبكي نعم نبكي على أمل / فيك أنقضى وقد أنقضى الأمر
عن أربعين وخمسة سلفت / ما هكذا يستوجز العمر
أتظل دور المجد آهلة / فينا ودورك بينها دثر
ويح القلوب وكنت حاجتها / إن لم يجدها بعدك الصبر
يبقى مصابك وهو يذكرنا / لو كان ينفع مثلنا الذكر
برّاً فروق تباهياً زمناً / فانفك بر والتظى بر
شطراً محاسنها التي اشتهرت / إما شكا شطر بكى شطر
لما استقل بك اللهيب ضحى / وبدا خلال دخانك الجمر
وقف الزمان عليك منتحباً / وأقام يندب حسنك الدهر
والزهر قدماً كن حاسدة / لما أصبت بكت لك الزهر
الشمس أختك ثم كاسفة / لبس الخسوف شقيقك البدر
أو ما رآك البحر ملتهباً / بل لو رآح لجاءك البحر
فيجبش للنيران غاربه / ويبل حرك ماؤه الغمر
وكضت لنجدتك الجموع وقد / حفقت لها راياتك الحمر
كم جحفل مجر إليك سعى / فارتد عنك الجحفل المجر
لا البيض أغنت في مناجدة / لما أهبت بها ولا السمر
طلبوا المياه لكي تغاث بها / فنأى طريق دونها وعر
وعلا الدخان ذراك فاختبأت / في جنحه آياتك الغر
فكأنها صور محركة / وكأنه من دونها ستر
قد كنت ديواناً قصائده / تلك البدائع فامحن الشعر
سالت سطورك من صحائفها / فغدت وما بصحيفة سطر
وانساب مهلاً وارتمى حمماً / ذاك اللجين وذلك التبر
وقفوا أمامك ذاهلين وقد / ملك السبيل عليهم الدهر
فأخذت تنقص في نواظرهم / ويزيد في أطرافك القفر
يا منزل الأحرار إذ ملكوا / يبكي عليك مرادك الحر
يبكي عليك وإن أوى جدثاً / وعلاه بعد سقوفك الصخر
هذي الطلول فأين تنتحب ال / أطيار فيك ويضحك الزهر
يا عام جاء أخوك يغدرنا / مضى فقلنا قد مضى الغدر
أنرى فروق ومصر أذنبتا / شقيت فروق وبنتها مصر
غناك شوقيها وحافظها / وهممت لولم يعصني الفكر
وهباك شكراً لست صاحبه / سلفاً فابطر قلبك الشكر
فلئن تكن لأخيك معذرة / هل أنت عندك مثله عذر
فلا لبسنك من محبرة / يجري على أعطافها الحبر
مغبرة تسعى مغبرة / كلماتها وسطورها غبر
يا عصر إن لم تستقم معنا / فلنشهدن عليك يا عصر
تبقي جدود الناس ناهضة / وجدودنا في خطوها العثر
هذي خطوب ليس يحملها / جلد وينفد عندها الصبر
أكذاك تبكر في علاك وتمطر
أكذاك تبكر في علاك وتمطر / يا غيث ملكك كل ملكك مزهر
تسعى وجودك مثل ظلك تابع / لك والمواهب إثر خطوك تقطر
لم يبق في أم العواصم معهد / إلا وفيه من عهادك أنهر
فاليوم عطشاها بسيبك رية / واليوم مجدبها بريك مغمر
هش المقام الأحمدي لزائر / سبقت عوارفه إليه تبشر
جار على سنن الجدود كما بنوا / يبني وعما أقصروا لا يقصر
لو يستطيع مزوره من شوقه / لأطل يرتجل الثناء ويشكر
أوعي من دهش هناك خطيبه / لأقام يخطب في الحضور المنير
يستقبل المحراب منك مملكاً / هو مثله للملك بل هو أكبر
آثار أسماعيل في ريعانها / ملء الجفون إلى حسين تنظر
فكأنما هي السن لفعاله / أبداً تباهي في العصور وتفخر
حيتك آثار النبي محمد / وغدت تهلل باسمه وتكبر
فترو من بركاتها ورضائه / فلأنت أولى بالرضاء وأجدر
اليوم يصطنع الثنا لك مخلصاً / وغداً تظل به ترن الأعصر
لله طنطا ما أشد سرورها / لله أعين أهلها من تبصر
يطأ الحسين ترابها فيضوع من / خطواته في جانبها العنبر
سيبيت معهدها يسامي أفقها / ويبيت ملتفتاً إليه الأزهر
حسب الشبيبة أنها في روضه / قد نورت وكذاك سوف تنور
مولاي فضلك هاج منطق صامت / والفضل يقتدح اللسان فيذكر
علمتني صوغ الثنا فعلمته / ونهضت أنظم في ثناك وأنثر
أنا صادق في ما أقول وضامن / أن الزمان إذا أقول يكرر
ركب تيمم منزلاً قفراً
ركب تيمم منزلاً قفراً / جاز الربوع وشارف القبرا
متحير يمضي فيعطفه نعي / نعي يرن وعبرة تذرى
الآن أمضى الحين نائله / وسطت على الأولى يد الأخرى
كرت جياد كن كابية / وكبا جواد طالما كرا
افروق شأنك في الورى عجب / أكذاك أرضك بأكل الحرا
ثوت الفصاحة في ملحدة / إثر البلاغة فاندبوا الشعرا
قال النعاة طوى الردى حسناً / قلت طوى الدهرا
يا روع الله المحبة كم / سلبت نهى وكم استبت فكرا
تأوي قلوباً لا تفارقها / وتقودها لحمامها قسرا
فلها يد تسقى بها ضرباً / حتى اتقضت فرأيتها أمرا
ما زلت امتعن الامور بها / حتى انقضت فرأيتها أمراً
يا قبر عندي طية عرضت / لمن استفضت فزحزح السترا
قد كنت قل اليوم اقصده / أهدي إليه النظم والنثرا
لا تطرحن وإن ثوى حسن / بعد المدائح فوقه الصخرا
الآن لما اسعفت قسم / ووفى الزمان وغادر الغدرا
ابكيك ما ذكر الورى اثراً / ووعى الخلود لفاضل ذكرا
ابكيك ما جرت اليراعة في / ميدانها واستطردت سطرا