المجموع : 6
هو منزلُ النجوَى بخالي الأعصرِ
هو منزلُ النجوَى بخالي الأعصرِ / فمتى تجاوزْهُ الركائبُ تُعقَرِ
أشتاقُ دارَهُمُ وليس يشوقنى / إلا مجاورةُ الغزال الأحورِ
وأفضِّل الطيفَ المُلمَّ لأنهم / هَجروا وأن طُيوفَهم لم تَهجُرِ
أرضَى بوعدٍ منهُمُ لم يُنتظَرُ / ومن الخيال بزَورةٍ لم تَعبُرِ
لا ماؤهم للمشتكى ظماً ولا / نيرانُهم للقابس المتنوّرِ
أثرَوْا ولم يقضُوا ديونَ غريمهم / واللُّؤمُ كلُّ اللُّوْم مطلُ الموسِرِ
هل ترعون بأنَّةٍ من مدنفٍ / أو تسمحون لمطلبٍ من مُقترِ
أو تتركون من الدموع بقيَّةً / يلقى بها يومَ التفرُّق مَحْجِرى
ما اجتاز بعضكُمُ بأسرابِ المها / إلا اعترفن عليه مقلةَ جُؤذُرِ
يا من تبلَّد بين آثار الحِمَى / يقفو مَعالِمها بعينَىْ مُنِكرِ
أُنشدْ قضيبَ البان بين مُروطهِم / واطلب كثيبَ الرمل تحت المئزرِ
وإذا أردتَ البدرَ فابعث نظرةً / لمطالع بين اللِّوى فمُحَجَّرِ
أتردُّ يا روضَ العقيق ظُلامةً / رُفِعتْ إليك من القِلاصِ الضُّمَّرِ
إياك أن تطأَ اللَّعاع بمَنسمِ / منها وأن ترعَى الجحيمَ بمَشفَرِ
لولا النجاءُ من الرواقِص بالفلا / لم يُفجَع النجدىُّ بالمتغوّرِ
فصَمِمْنَ حتى لاوعت أسماعُها / تَصهالَ رعدٍ في حَبِىٍّ ممطِرِ
وعمِين حتى لا رأت أبصارُها / بَرقا كناصيةِ الحِصان الأشقرِ
إن كنتَ تنظرُ ما أرى فانظر إلى / بانٍ على أكتادِ نَخلٍ موقَرِ
وكأنما رفعوا قبابَهُمُ على / شجرٍ بربَّات الهوادج مثمِر
أممتِّعى وحشَ الفلا بجمالهم / ما ذنْب طرف الهائم المستهترِ
خلَّفتُمُ خِلَّ الصفاء وراءكم / كالميْتِ إلا أنّه لم يُقبرِ
بمدامع لمَّا تَغِضْ ومَكاسرٍ / لم تَنجبر وجرائحٍ لم تُسبَرِ
وإذا العواذلُ أطفأت صبوَاتِه / شبَّت لظاها زفرةُ المتذكِّرِ
اِحذرْ عذارك والعذارُ مغلِّس / فإذا بدا صبحُ المشيبِ فأقصرِ
وَضَحٌ تَجَنَّبَهُ الغوانى خِيفةَ ال / عَدوَى فإن يقرُبْ إليها تنِفُرِ
ما كنت أحسبُ أنَّ سيفَ ذؤابتى / ينبو بترديد الصّقال الأزهرِ
صدأُ النُّصول من الشعور أدلُّ من / لونِ الجلاء على كريم الجوهرِ
أأسير في الليل البهيم فأهتدى / وأَضِلُّ في إدلاجِ ليلٍ مقمرِ
ومدحتَ لي صِبْغَ المشيبِ بأنه / كافورةٌ ونسيتَ صِبْغَ العنبرِ
وإذا الثناءُ على الوزير قَرَنته / بهما أقراَّ للذكىِّ الأعطرِ
فلذى السعادات ابنِ جعفرَ شيمةٌ / من قَرقفٍ صِرفٍ ومِسك أذفرِ
في الأرض سبعةُ أبحرٍ ويمينُه / وشِمالُه تجرى بعشرةِ أبحرِ
وهما سحائبُ ماؤهنّ لُجينُه / وبروقُهن من النضار ألأحمرِ
قسمت أناملُه المواهبَ في الورى / فكأنهم زَجَروا قداحَ الميسرِ
وإذا عِشارُ المال عُذنَ بكفّهِ / فلقد عقَلن نفوسَهنَّ بمَنحَرِ
ومعذَّلٍ أعيَا على عُذَّاله / في الجود قَصُّ جناحِ ريحٍ صرصرِ
وهو السخىُّ وإنما حسدوا اسمَهُ / فدعَوْه فيما بينهم بمبذِّرِ
طلبوا الذي أجرِى إليه فخُيِّبوا / ومن العناء طِلابُ ما لم يُقدَرِ
والأكرمون حَكَوه في أفعاله / فعُزُوا إلى كرمٍ مزوَّرِ
ما زال يبحث عن سرائر وفده / حتى أجاب إلى اسلؤال المضمَرِ
يغزو إليه المقُتِرونَ لعلمهم / أنَّ النوالَ لديه غيرُ مخَفَّرِ
في كلّ يومٍ يُلجِمون لغارةٍ / فسِنُوه غير محرَّماتِ الأشهرِ
مستنشق عِطرَ الثناء بسمعه / ما كلّ طيِّبة تُشَمُّ بمنَخِرِ
متيقِّظٌ فمتى تُصِبه نَفثةٌ / للشكر في عُقَدِ المطامعِ يُسحَرِ
يسعَى ويكدحُ ثم يُتلفُ ما حوى / عاداتُ أروعَ للأنام مسخَّرِ
بالله نُقسمُ أنه لا خيرَ في / حسبٍ ولا نسبٍ لمن لم يُشكَرِ
لو كان مجهولَ المغارس أخبرت / عنه شمائُله بطِيب العُنصُرِ
قد زان مَخبَره بأجملِ مَنظرٍ / وأعان مَنظرَه بأحسن مخَبرِ
ما مَن تتوّج أو تمنطقَ عسجداً / كمطوَّق بالمكرماتِ مسوَّرِ
تحكى أنابيبُ اليراع بكفّه / فعلَ الرماح تخاطرت في سَمهرِ
وكأنها الخطباءُ فوقَ بنانهِ / لكن بلاغُتها كلامُ المنبرِ
لا تَبعدنْ هِممٌ له أُودِعت / عند الكواكب لادّعاها المشترى
وعزائمٌ يَلحُمْن مثلومَ الظُّبا / ويُقِمنَ أصلابَ القنا المتأطِّرِ
إطراقهُ يُخشىَ ويُرهَبُ صَمتُه / والسيفُ محذورٌ وإن لم يُشهَرِ
لولاك ما انتبه الثرىَ بمَناسمٍ / خُلطتْ بطونُ صعيده بالأظهرِ
وسواهمٍ لبنات نعشٍ لحظُها / وخِفافُها تفلى بناتِ الأَوْبرِ
فأتتك أمثالَ السَّعالَىِ زُوّجتْ / أشباحَ رُكبانٍ كجِنَّةِ عَبقَرِ
غصبَوا النجومَ على السُّرَى وتعلَّموا / خوضَ الظلام ومن المطىِّ الزُّوَّرِ
لا ينظرون وِصابَهم وشحوبَهم / إلا بمِرآة الصباح المُسفرِ
لم يلبسوا الأدراع إلا رِيبةً / لا خيفةً من أبيضٍ أو أسمرِ
إن لم يُنيخوا في ذَراك فإننى / لكفيلُ كلِّ مهنّىءٍ ومبشِّرِ
جدِّدْ بنوروز الأعاجم رتبةً / سَمْتَ المجرة أو فويقَ الأنسُرِ
واسَرحْ سَوامَك في رياضِ سعادةٍ / وعميمِ عُشْبٍ بالعلاء منوِّرِ
فإذا ورَدت فماء أعذبِ مَوْرِد / وإذا صدَرتَ فرَوْح أفسحِ مَصدَرِ
أهديتُ من كلِمِى إليك تحيَّةً / غراءَ تسترعى حنينَ المِزهَرِ
ولو ادخرتُ المالَ أو أبقيتُه / يوما أثبتُ بأبيضٍ وبأصفرِ
إحَدى الكواعب من بنى نصِر
إحَدى الكواعب من بنى نصِر / شهِد الظلامُ لها على البدرِ
كالبَيْض تحضُنه نعائمه / بيضاءُ في كِلَلٍ من الشَّعرِ
سكَرى اللواحظ وهي صاحيةٌ / فدموعها فنٌّ من الخمرِ
ما خِلتُ أنّ بياضَ مقلِتها / وسوادَها صُحفٌ من السِّحرِ
بسَمتْ وقد برزتْ قلائُدها / فرأيتُ ما في النحرِ في الثغرِ
ومن العجائبِ أن تصادف في ال / عذب الزُّلال لآلىء البحرِ
كيف اهتديت لحبّ ظالمةٍ / وثبَ الغرامُ بها على الصبرِ
جمَّثتُها فنبَتْ فقلتُ لها / أهوَيتُ أطلبُ معدِنَ التبرِ
ضُربتْ بأسمةٍ قِبابهمُ / وكأنَّها في ساحة الصدرِ
بِيضٌ وسُمرٌ في خيامهمُ / ممنوعةٌ بالبيضِ والسُّمرِ
بدم المحبِّ يباع وصلُهمُ / فمن الذي يَبتاع بالسعرِ
لو كان غيرُ الحب جيشَهمُ / أليتهُم في جحفل مَجْرِ
هجروا وهجرهُمُ على دَخَلٍ / فلأجل ذلك طيفُهم يَسِرى
وهَب الظلامُ لنا محاسنَه / وأظنُّ مرسلَه بنا يدرى
حتى إذا الإصباحُ أيقظهُ / ولىَّ يُؤذِّن فيه بالغدرِ
يا ليلةً بالرمل قصَّرها / حلُّ العناقِ معاقدَ الخُمرِ
كادت خُطانا أن تنمَّ على / آثارنا وطُمِسنَ بالأُزرِ
ورأت كلابُ الحىّ رِيبتَنا / فكَرُمن عن نبح وعن هَرِّ
فُضَّت خواتيمُ السرور بها / واللهوِ حتى مطلع الفجرِ
لولا التحرُّجُ والغلوُّ لما / أُسْميتِ إلا ليلةَ القدرِ
والليلُ عِقْصَتُه قد انتشرت / ورَمتْ مَدرِاى الأنجم الزُّهرِ
والنسرُ قد أعيت قوادمُهُ / والغربُ يجذِبه إلى وكَرِ
وهوْت من الجوزاء مِنْطقَةٌ / زهراءُ لم تُعقد على خصرِ
ورمَى الثريّا من معلَّقِها / سبقُ السِّماك وحربَةُ الغَفْرِ
فكأنَّها والشمسُ تجمعها / رهطٌ قد ازدحموا على سِرِّ
مثل العذارى من تعنِّفها / تستصحبُ الدَّبرانَ كالحدرِ
وهلالُها تحكى استدارتُه / عَقدَ التمام لِعدّة الشهرِ
وعلى المجرّة أنجمٌ نُظمتْ / مثلَ الفَقار نُسِقن في الظهرِ
هذى حَبابٌ فوق صفحتها / طافٍ وهذا جدولٌ يجرى
كَيَدِ ابن فَضْلانٍ غمائمُها / تغدو ببذل الوفر أو تسرى
إن حلَّ في بيداءَ أو بلدٍ / نابت سحائبه عن القَطْرِ
أىُّ المكارمِ قد تأبّطها / وعزائمٍ في ذلك الصدرِ
طُهرت من الأحقادِ نيَته / والقلبُ مغسول من الغِمرِ
لامُوه فيما أتلفتْ يدُهُ / فرأى المحامدَ أنفسَ الذُّخرِ
إن قال فالسيفُ الحسامُ مَضى / أوصال أفنَى الليثَ بالذرِّ
ما إن أرى في الناس من أحدٍ / إلا يُمتُّ إليه بالشكرِ
حتى كأنّ الأرضَ طبّقها / بغمائم نشأت من البِرِّ
قد مارس الأعداءُ شدّتَه / فاستسلموا لليث ذى الأجرِى
وكوت مياسِمُهُ قلوبَهم / والكىُّ مشفاةٌ لذى العرِّ
إنّ الشَّدائدَ مذعُنينَ به / قارعنَ جُلمودا من الصخرِ
حَملَ النوائبَ فوقَ عاتقهِ / حتى رجعنَ إليه بالعُذرِ
وبوائقُ الأيّام عاديةً / لاقَين منه دامِىَ الظُّفرِ
لا تنكروا حَبْسا ألمَّ به / إن الحِسانَ تُصان بالخِدرِ
والغِمدُ ليس تُفاض بُردتُهُ / إلا على الهندىِّ ذى الأثْرِ
إن حجَّبوه فكلُّ ذى شرفٍ / يعتزُّ بالبوَّابِ والسِّترِ
يغشى الكسوفُ الشمسَ إذ عظُمتْ / ويعافُ ضوءَ الأنجم الزُّهرِ
قد يستِسرُّ البدرُ ليلتَهُ / لَيتِمَّ ليلةَ رابعِ الشهرِ
أوَ ليس يوسفُ بعد مِحنتِهِ / نقلوهُ من سجن إلى مصِر
لَمرَقَت منها مثلما ما انكردت / فَتخاءُ ترِمى الطيرَ بالذُّعرِ
وصبرَتَ حتى انجابَ غيهبُها / إنَّ النجَاءَ عواقبُ الصبرِ
تُنسَى مرارةُ كلِّ نازلةٍ / بحلاوةٍ في النهى والأمرِ
وإذا الأغانى حنَّ مِزهرُها / ولَّى حنينُ النابِ والبَكرِ
وإذا تولَّى الشىءُ تكرهُه / فكأنّه ما دار في سِرِّ
حمدا وشكرا للإله على / ما قد حباك وواجب النَّذرِ
وكأنني بك فوق غاربها / متسنِّما في ذِروة الفخرِ
ويرمِى العلاءُ إليك مِقودَه / لا ينثنِى بغماغم الزَّجرِ
إن العظائمَ ربّما بُلغت / بالهَوْن لا بالكرِّ والفَرِّ
وكذا الأُلوفُ على تفاوتها / محسوبةٌ بأناملٍ عَشْرِ
أنا من يُغالِى في محبّتهِ / وولائه في السِّر والجهرِ
ما ذاق طعمَ النوم ناظرُهُ / حتى البشيرُ أتاه بالبشِر
ولك الأيادِى لستُ أذكرها / إلا يَجِيشُ بحمدها صدرى
هي نِعمة ليديك أشكُرها / طولَ الزمان وآخرَ العَصِر
قد كان وعدٌ منك أقسمَ لى / بعلاك أنك مصلحٌ أمرى
وإخال أنّك لستَ ناسيَهُ / لكنّنى استظهرتُ بالذِّكر
قد حَزَّت الأيامُ في كبِدى / وأطافَ بى مسٌّ من الضُّرِّ
وشئمتُ عَتبى كلَّ نائبةٍ / وملِلْتُ ما أشكو من الدهرِ
وإذا جذبتَ إليك من ضَبعِي / طاعنتُها بأسنَّةِ القهرِ
وصرفتَ عنِّى كلَّ نائبةٍ / صرفَ الهموم سلافةُ الخمرِ
أهدت لك النَّعماءُ أنفَسَها / من عانس أو عاتقٍ بِكرِ
وخَطتْك أحداثُ الزمانِ ولا / برِحتْ رِباعَك ديمةٌ تجرِى
لولاك في الدنيا لما اعترفوا / للأكرمين بها سوى الذكرِ
بالجِزْعِ ذى السَّمُراتِ لى قمرٌ
بالجِزْعِ ذى السَّمُراتِ لى قمرٌ / غلبَتْ عليه سحائب الأزُرِ
أرسلتُ أنفاسي فما انقشعتْ / عنه وجاد الطَّرفُ بالمطرِ
بِتنا على الزَّوراء نهدِمُ ما
بِتنا على الزَّوراء نهدِمُ ما / بَنَتِ القلوبُ من الأمانى الزُّور
لما لقينا من تُجاهِك عصبةً / نضحَتْ بشكواها ذَفَارَى العِيرِ
إنّ امرأً سلكتْ إليك ركابُهُ / فجًّا لقد دلَّى بحبلِ غرورِ
كان الوداد منغِّصا لوُشاتنا
كان الوداد منغِّصا لوُشاتنا / ولو ارتموا ما بيننا بفواقرِ
تُحظى ظواهرُنا فنُغِمضُ عيننا / عنها ونطمحُ في صوابِ ضمائرِ
متحلِّلِى عُقَد الضغائنِ كلَّما / نصبَ الحسودِّ لنا حِبالة ماكرِ
أيامَ لا عِرسٌ غلإخاء بطالقٍ / منّا ولا أُمّ الصفاءِ بعاقرِ
فالآن أقلقنا الحسودُ كما اشتهى / فينا ونفّرنا صفيرُ الصافرِ
وكأنّما كانت وساوسَ حالم / تلك المودّةُ أو فكاهةَ سامرِ
ومتى ثكَلت مودْةً من صاحبٍ / فلقد عِدمت بها سوادَ الناظرِ
ولذاك نُحْتُ على إخائك مثلما / ناحَ الحمامُ على الربيع الباكرِ
هيهات لستَ بواجدٍ من بعدها / مِثلى ببذلِ بضائعٍ ومَتاجرِ
لا تَنبِذ الخُلاّنَ حولك حَجْرةً / فالعينُ لا تبقى بغَير مَحاجرِ
ما كنتُ أحسبُ أنّ صِبغةَ ودِّنا / مما تحولُ على الزمان الغابر
ولو أننى حاذرتُ ذاك فد يتُها / منه بلونِ ذوائبي وغَدائرى
لكنَّ كلَّ غريبةٍ وعجيبةٍ / من فعلِ هذا المَنْجَنونِ الدائرِ
فلئن أقمتَ على التصرمُ لم تجدْ / رَيْبا سِوى عَتِب الحبيب الهاجرِ
وإن استقلتَ أقلتُها وجزاؤها / منّى مَثوبةُ تائبٍ من غافرِ
حتى ترى سُحُب الوصال معيدةً / ذاك الهشيمَ جميمَ روضٍ ناضرِ
إن الغصونَ يعودُ حُسنُ قَوامِها / من بعد ما مالت بهزِّ صراصرِ
أنا من علمتَ إذا المناطقُ لجلجتْ / ألفاظها أو غامَ أُفْقُ الخاطرِ
ما بين ثغرِى واللَّهازِم بَضعةٌ / هزِئتْ بشِفشقةِ الفنيِق الهادرِ
متحكَّمٌ في القول يلقُط دُرَّه / غَوصِى ولو من قعر بحر زاخرِ
وإذا نثرتُ سمَت بلاغةُ خاطبٍ / وإذا نظمتُ علتْ فصاحةُ شاعرِ
لي في المطايا الفضلِ كلُّ شِمِلةٍ / أبدا أرحِّلها لزادِ مسافرِ
كم موردٍ عرضَ الزُّلالَ لمشربي / روَّعتُه وفجعتُه بمصادرى
إن رثَّ غِمدى لم ترِثَّ مَضاربي / أو فُلَّ لم تُفَلَّ بصائري
تأتي جيادي في الرَّهان سوابقا / وجيادُ غيري في الرعيلِ العاشرِ
ومجالسُ العلماء حشوُ صدورها / أنا والذُّنابَى للجهول الحائرِ
إن قال أقوامٌ علىَّ مَناقصا / لم يضرُر الحسناءَ عيبُ ضرائرِ
لو لم تكن في وسط قلبي حَبَّةً / لسلوتُ عنك سُلوَّ بعِض ذخائرى
ولقلتُ ما هذا بأوّلِ ناقضٍ / عهدا ولا هذا بأوّلِ غادرِ
لكن حللتَ من الفؤاد بمنزلٍ / أصبحتَ فيه ربيبَ بيتٍ عامرِ
شِيَمِى على جَوْر الزمان وعدلِه / أنى أقولُ لَعاً لرِجلِ العاثرِ
قلقلْ ركابكَ في الفلا
قلقلْ ركابكَ في الفلا / ودع الغوانىَ للقصورِ
فمحالفو أوطانهم / أمثالُ سُكّان القبورِ
لولا التغربُّ ما ارتقَى / دُرّ البحورِ إلى النحورِ