القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف الرَّضي الكل
المجموع : 9
نَطَقَ اللِسانُ عَنِ الضَميرِ
نَطَقَ اللِسانُ عَنِ الضَميرِ / وَالبِشرُ عُنوانُ البَشيرِ
الأَنَ أَعفَيتَ القُلو / بَ مِنَ التَقَلقُلِ وَالنُفورِ
وَاِنجابَتِ الظُلماءُ عَن / وَضَحِ الصَباحِ المُستَنيرِ
ما طالَ يَومُ مُلَثَّمٍ / إِلّا اِستَراحَ إِلى السُفورِ
خَبَرٌ تَشَبَّثَ بِالمَسا / مِعِ عَن فَمِ المَلِكِ الخَطيرِ
وَأَذَلَّ أَعناقَ العِدى / ذُلَّ المَطِيَّةِ لِلجَريرِ
يَسمو بِهِ قَولُ الخَطي / بِ وَتَستَطيلُ يَدُ المُشيرِ
وَضَمائِرُ الأَعداءِ تَق / ذِفُ بِالحَنينِ عَلى الزَفيرِ
وَسَوابِقُ العَبَراتِ تَر / كُضُ في السَوالِفِ وَالنُحورِ
تَفدي ضَميرَكَ في النَوا / ئِبِ غَيرَ فَضفاضِ الضَميرِ
مُتَحَيِّرٌ عِندَ النَوا / ئِبِ مُستَريبٌ بِالأُمورِ
غَرِضٌ بِنِعمَتِهِ وَبَع / ضُ القَومِ يَشرَقُ بِالنَميرِ
يَغتَرُّ بِالدُنيا وَحَب / لُكَ لا يُدَلّى بِالغُرورِ
حَسِبَ المُضَمَّخَ بِالدِما / ءِ كَمَن تَغَلَّفَ بِالعَبيرِ
وَلَأَنتَ مِثلُ القُرُّ يَع / صِفُ مِنهُ بِالشِعرى العَبورِ
كُنتَ النَسيمَ جَرى عَلَي / هِ فَغَضَّ مِن نارِ الحَرورِ
عَجلانَ يَحمِلُ مَغرَمَ ال / دُنيا عَلى ظَهرٍ حَسيرِ
يَسطو بِلا سَبَبٍ وَتِل / كَ طَبيعَةُ الكَلبِ العَقورِ
أَنتَ المُكَلَّلُ بِالمَنا / قِبِ عِندَ إيماضِ الثُغورِ
في رِفقَةِ البَيداءِ أَو / بَينَ المَنازِلِ وَالقُصورِ
غَيَّرتَ أَلوانَ الرَما / حِ وَرَونَقَ البيضِ الذُكورِ
وَرَدَدتَ أَعطافَ الظُبى / تَختالُ في العَلَقِ الغَزيرِ
بِضَوامِرٍ مِثلِ النُسو / رِ وَغِلمَةٍ مِثلِ الصُقورِ
وَبِأُسرَةٍ مِن هاشِمٍ / غَدَروا بِرَبّاتِ الخُدورِ
سُمرِ التَرائِبِ وَالطُلى / بيضِ العَوارِضِ لا الشُعورِ
مُستَنجِدونَ عَلى البِعا / دِ وَمُنجِدونَ عَلى الحُضورِ
المانِعونَ مِنَ الأَذى / وَالمُنقِذونَ مِنَ الدُهورِ
لَهُمُ الكَلامُ وَإِنَّما / لِلأُسدِ صَولاتُ الزَئيرِ
النَجرُ مُختَلِفٌ وَإِن / كانَ النِبالُ مِنَ الجَفيرِ
في الناسِ غَيرُ مُطَهَّرٍ / وَالحُرُّ مَعدومُ النَظيرِ
وَالنَسلُ يَخبُثُ بَعضُهُ / ما كُلُّ ماءٍ لِلطَهورِ
لَكَ دونَ أَعراضِ الرِجا / لِ حَميَّةُ الرَجُلِ الغَيورِ
وَلِماءِ كَفِّكَ في المُحو / لِ طَلاقَةُ العامِ المَطيرِ
ما بَينَ نِعمَةِ طالِبٍ / فينا وَدَعوَةِ مُستَجيرِ
العِزُّ مِن شِيَعِ الغِنى / وَالذُلُّ أَولى بِالفَقيرِ
وَلَرُبَّما رُزِقَ الغِنى / رَبُّ الشُوَيهَةِ وَالبَعيرِ
عَصَفَت بِمُبغِضِكَ النَوا / ئِبُ مِن أَميرٍ أَو وَزيرِ
لَمّا أَرادَ بِكَ المَنِي / يَةَ صارَ مِن تُحَفِ القُبورِ
جَذَبَتهُ في شَطَنِ المَنو / نِ يَدُ النَآدِ العَنقَفيرِ
وَضَحَت بِهِ الأَيّامُ في / ظِلِّ النَعيمِ إِلى الهَجيرِ
مُتَأَوِّهاً تَحتَ الخُطوبِ / تَأَوُّهَ الجَمَلِ العَقيرِ
لَعِبَت بِكَ الدُنيا وَسَع / يُكَ في فَمِ الجَدِّ العَثورِ
وَالريحُ تَلعَبُ بِالذَوا / بِلِ وَهيَ تَطعَنُ في الصُدورِ
ما اِلتَذَّ لُبسَ الصوفِ إِل / لا مَن تَعَمَّمَ بِالقَتيرِ
مُتَخَدِّدُ الخَدَينِ مُغ / بَرُّ الذَوائِبِ وَالضُفورِ
سامٍ بِفَضلِ حَيائِهِ / وَالطَرفُ يوصَفُ بِالفُتورِ
أَسَرَ الوَقارُ طِماحَهُ / وَالقِدُّ أَملَكُ بِالأَسيرِ
مِن بَعدِ ما صَهِبَ الرَكا / ئِبَ لا يَعِفُّ عَنِ المَسيرِ
جَذلانَ يَنظُرُ وَجهَهُ / في عارِضِ العَضبِ الشَهيرِ
مُتَغَطرِفاً كَالسَيلِ يَب / طُشُ بِالجَنادِلِ وَالصُخورِ
إِنّا بَني الدُنيا نُعَدَّ / لُ بِاللَيالي وَالشُهورِ
كَفَلَت بِأَنفُسِنا وَهَل / طِفلٌ يَعيشُ بِغَيرِ ظيرِ
نَحنُ الشُبولُ مِنَ الضَرا / غِمِ وَالنِطافُ مِنَ البُحورِ
وَإِذا عَزانا ناسِبٌ / نَسَبَ الشُموسَ إِلى البُدورِ
غَدَرَ السُرورُ بِنا وَكا / نَ وَفاؤُهُ يَومَ الغَديرِ
يَومٌ أَطافَ بِهِ الوَصِي / يُ وَقَد تَلَقَّبَ بِالأَميرِ
فَتَسَلَّ فيهِ وَرُدَّ عا / رِيَةَ الغَرامِ إِلى المُعيرِ
وَاِبتَزَّ أَعمارَ الهُمو / مِ بِطولِ أَعمارِ السُرورِ
فَلَغَيرُ قَلبِكَ مَن يُعَد / دِلُ هَمَّهُ نُطَفُ الخُمورِ
لا تَقنَعَن عِندَ المَطا / لِبِ بِالقَليلِ مِنَ الكَثيرِ
فَتَبَرُّضُ الأَطماعِ مِث / لُ تَبَرُّضِ الثَمَد الجَرورِ
هَذا أَوانُ تَطاوُلِ ال / حاجاتِ وَالأَمَلِ القَصيرِ
فَاِنفَح لَنا مِن راحَتَي / كَ بِلا القَليلِ وَلا النَزورِ
لا تُحوَجَنَّ إِلى العِصا / بِ وَأَنتَ في الضَرعِ الدَرورِ
آثارُ شُكرِكَ في فَمي / وَسِماتُ وُدِّكَ في ضَميري
وَقَصيدَةٍ عَذراءَ مِثلِ / لِ تَأَلُّقِ الرَوضِ النَضيرِ
فَرِحَت بِمالِكِ رِقِّها / فَرَحَ الخَميلَةِ بِالغَديرِ
وَكَأَنَّهُ في رَصفِها / جارُ الفَرَزدَقِ أَو جَريرِ
وَكَأَنَّهُ في حُسنِها / بَينَ الخَوَرنَقِ وَالسَديرِ
وَقفٌ عَلى العَبَراتِ هَذا الناظِرُ
وَقفٌ عَلى العَبَراتِ هَذا الناظِرُ / وَكَفاهُ سُقماً أَنَّهُ بِكِ ساهِرُ
رُدّي عَليهِ ما نَضا مِن لَحظِهِ / خَدّاكِ وَالغُصنُ الوَريقُ الناضِرُ
فَلَأَنتِ آمَنُ أَن يَلومَكِ عاذِلٌ / في فَرطِ حُبٍّ أَو يَغُرَّكَ عاذِرُ
هَذا الفِراقُ وَأَنتِ أَعلَمُ بِالهَوى / فَاِرعَي فَأَيّامُ المُحِبِّ غَوادِرُ
وَأَنا الفِداءُ لِمَن أَباحَ حِمى الهَوى / فَغَدَت تَطاهُ مَناسِمٌ وَحَوافِرُ
حوشيتِ أَن أَلقاكَ سارِقَ لَحظَةٍ / تَلِدُ الوَفاءَ وَأُمُّ عَهدِكِ عاقِرُ
وَأَبى الهَوى ما كِدتُ أَسلو في الكَرى / اِلّا اِرتَقى طَرفي الخَيالُ الزائِرُ
اليَومَ جارَ البَينُ في أَحكامِهِ / فَكَأَنَّ أَسبابَ الوَفاءِ جَرائِرُ
هَذي الدِيارُ لَها بِمُنعَرَجِ اللِوى / قَفراً تَجَنَّبَها الغَمامُ الباكِرُ
أَرضٌ أَقولُ بِها لِسانِحَةِ المَها / أَنا إِن عَثَرنَ لَعاً وَقَلبي العاثِرُ
قالَت وَقَد غَمرَت دُموعي وَجنَتي / لِلَّهِ ما فَعَلَ المَحَلُّ الدائِرُ
أَغضَيتُ عَن وَجهِ الحَبيبِ تَكَرُّماً / وَأَرَيتُهُ أَنَّ الجُفونَ كَواسِرُ
هَب لي وَحَسبي نَظرَةٌ أَرنو بِها / فَمَقَرُّها وَجهُ الحُسَينِ الزاهِرُ
فَلَثَمَّ أَبلَجُ إِن أَهَلَّ جَبينُهُ / جَمَحَت إِلَيهِ خَواطِرٌ وَنَواظِرُ
قَرُبَ الغَمامُ فَعَن قَريبٍ يَنثَني / فَيَبُلُّ مَربَعَكَ العَريضُ الماطِرُ
إِن حَلَّ بيداً فَالخَلاءُ مَحافِلٌ / أَو قادَ خَيلاً فَالسُروجُ مَنابِرُ
يا اِبنَ الأَكابِرِ لا أَقَمتَ بِمَشهَدٍ / إِلّا وَذِكرُكَ في المَكارِمِ سائِرُ
ما سِرتَ حَتّى سارَ نَعتُكَ أَوَّلاً / فَسَرَيتَ تَتبَعُهُ وَهَمُّكَ آخِرُ
نَفَثَت لَكَ الأَمطارُ في عُقدِ الرُبى / فَقَصَدتَها إِنَّ الغَمامَ لَساحِرُ
ذَلِّل رِكابَكَ أَينَ سِرتَ كَأَنَّما / وَصّى المَطِيَّ بِكَ الجَديلُ وَداعِرُ
ما ضَرَّ مَن شَرِبَ الحِمامَ تَكَرُّهاً / بِظُباكَ في رَوعٍ وَأَنتَ تُعاقِرُ
قُضُبَ الأَعادي لا تَرومي ضَربَهُ / أَبَداً فَأَنتِ لِما يَخُدُّ مَسابِرُ
سايَرتُ أَزماني فَلَم أَبلُغ مَدىً / حَتّى اِستَقَلَّ بي الثَناءُ السائِرُ
وَصَحِبتُ أَيّامَ الهَوى فَرَأَيتُها / سَرحاً حَمَتهُ عَواذِلٌ وَعَواذِرُ
وَرَأَيتُ أَكبَرَ ما رَأَيتُ مُتَيَّماً / مُتَنازِعاهُ آمِرٌ أَو زاجِرُ
فَنَدِمتُ بَعدَ الحُبِّ كَيفَ أُطيعُهُ / وَعَصَيتُ عَزماتي وَهُنَّ أَوامِرُ
أَبكي عَلى الأَيّامِ وَهيَ ضَواحِكٌ / في وَجهِ غَيري وَهوَ فيها حائِرُ
لَو شابَ طَرفٌ شابَ أَسوَدُ ناظِري / مِن طولِ ما أَنا في الحَوادِثِ ناظِرُ
أَو أَنَّ هَذي الشَمسَ تَصبُغُ لِمَّةً / صَبَغَت شَواتي طولَ ما أَنا حاسِرُ
أَو كانَ يَأنَسُ بِالأَنيسِ أَوابِدٌ / يَوماً لَزَمَّ لِيَ النِعامُ النافِرُ
ما المَجدُ إِلّا في السُرى وَالحَمدُ إِل / لا في القِرى وَالمُستَغِرُّ الخاسِرُ
وَغَداً أُمَشّي العيسَ بَينَ حَطيطَةٍ / وَوَديقَةٍ لَم يُغنِ فيها ماطِرُ
تَندى مَناسِمُها دَماً وَشِفاهُها / تَندى لُغاماً وَالخِفافُ مَشافِرُ
يَخبِطنَ أَجوازَ الصَفيحِ عَلى الوَجى / وَاللَيلُ مُنتَشِرُ القَوادِمِ طائِرُ
بَينا يُوَسِّدُنا الكَرى أَعضادَها / حَتّى قَذَفنَ النَومَ وَهيَ نَوافِرُ
خوصٌ كَأَنَّ عُيونَها في هامِها / قُلبٌ بَعُدنَ عَنِ الوُرودِ غَوائِرُ
وَإِذا عَبَرنَ بِماءِ وادٍ جُزتَهُ / عُجُلاً يَخِدنَ كَأَنَّهُنَّ صَوادِرُ
وَإِلَيكَ أَنحَلَتِ الفَلا أَخفافَها / تُطوى بِهِنَّ قَبائِلٌ وَعَمائِرُ
يَحمِلنَ رَكباً مُغرَمينَ إِذا سَروا / رُفِعَت لَهُم تَحتَ الظَلامِ عَقائِرُ
نَحِلوا مِنَ البَلوى نُحولَ مَطِيِّهِم / فَضَوامِرٌ مِن فَوقِهِنَّ ضَوامِرُ
فَأَتَتكَ لَو كَلَّفتَ ما كَلَّفتَها / نُوَبَ الزَمانِ أَتَتكَ وَهيَ زَوافِرُ
لِلَّهِ صَبرُكَ حَيثُ تَفتَرِقُ الظُبى / بَينَ الهَوادي وَالقَنا مُتَشاجِرُ
وَاليَومُ أَسوَدُ لِمَّةً مِن لَيلِهِ / سَتَرَتكَ مِنهُ ذَوائِبٌ وَغَدائِرُ
في حَيثُ سُدَّ عَلى الطُيورِ مَجالُها / حَتّى رَعى ما في الوُكورِ الطائِرُ
لَثَّمتَ خَدَّ الشَمسِ مِنهُ بِأَسوَدٍ / وَالنورُ يَشهَدُ أَنَّ وَجهَكَ سافِرُ
يَومٌ تَوَدُّ السُمرُ أَنَّ صُدورَها / لِتَعُدَّ ما كَسَبَت يَداكَ خَناصِرُ
وَالسَبيُ تَعصِفُ بِالجُيوبِ أَكُفُّها / في جَنبِ ما عَصَفَت قَناً وَبَواتِرُ
فَعَلى النِساءِ مِنَ الخُروقِ يَلامِقٌ / وَعَلى الرِجالِ مِنَ النَجيعِ مَغافِرُ
وَلَّوا وَأَيديهِم عَلى هاماتِهِم / فَكَأَنَّما تِلكَ الأَكُفُّ مَعاجِرُ
وَبَذَلتَ أَجسادَ الكُماةِ لِوَحشَةٍ / فَعَلِمنَ أَنَّكَ أَنتَ فيهِ الظافِرُ
أَنّى تُعَرِّسُ فَالرِياضُ مَطافِلٌ / لِسَوامِ إِبلِكَ وَالوُحوشُ جَآذِرُ
وَإِذا تُسالِمُ فَالسَمومُ صَوارِدٌ / وَإِذا تُحارِبُ فَالنَسيمُ هَواجِرُ
وَكَأَنَّ رُمحَكَ حالِبٌ لِدَمِ الطُلى / وَكَأَنَّ سَيفَكَ في الجَماجِمِ جازِرُ
لَو تَعلَمُ الأَفلاكُ أَنَّكَ والِدي / لَم تَرضَ أَنّي لِلسَماءِ مُصاهِرُ
وَبِحَسبِ جودِكَ أَنَّني لَكَ مادِحٌ / وَبِحَسبِ مَجدي أَنَّني بِكَ فاخِرُ
إِنَّ الَّذي حَلَّتهُ غُرُّ مَدائِحي / نَدبٌ كَساهُ مَفاخِرٌ وَمَآثِرُ
كَثُرَت نُعوتُ صِفاتِهِ في مَدحِهِ / فَكَأَنَّ مادِحَهُ المُفُوَّهَ سامِرُ
كَفَلَ البَقاءَ بِنَفسِهِ فَلَوِ اِنقَضى / ذا الدَهرُ عاوَدَهُ الزَمانُ الغابِرُ
وَاليَومَ كَم في صَدرِهِ لَكَ آمِلٌ / يُعطى وَكَم في عَجزِهِ لَكَ شاكِرُ
أَمُعَشِّرَ الأَحداثِ في أَذيالِها / ناجاكَ مَدحي وَالجُدودُ عَواثِرُ
إِنّي رَضيتُكَ في الزَمانِ مُمَدَّحاً / وَعُلاكَ لا تَرضى بِأَنِّيَ شاعِرُ
جَرَّبتُ آلَ الغَوثِ ثُمَّ تَرَكتُهُم
جَرَّبتُ آلَ الغَوثِ ثُمَّ تَرَكتُهُم / مُتَخَيِّراً وَالجارُ قَبلَ الدارِ
السابِقينَ إِلى مُناخِ مَطِيَّتي / لَمّا تَدافَعَتِ العَريبُ جِواري
وَالضارِبينَ عَلَيَّ بَيتَ زِمامَةٍ / خَسَأَ العَدُوَّ فَما يُطيقُ ضِراري
أَعظَمتُمُ حَسَبي وَلَمّا تَحفِلوا / ما رَثَّ مِن سَلَبي وَلا أَطماري
وَعَرَفتُمُ مِنّي مَخيلَةَ سُؤدُدٍ / خَفِيَت وَراءَ مَلابِسِ الإِقتارِ
كَيفَ اِعتِرافي لِلزَمانِ وَرَيبِهِ / فِعلَ الذَليلِ وَأَنتُمُ أَنصاري
أَجمَمتُمُ في الصُبحِ راعي هَجمَتي / وَكَفَيتُمُ بِاللَيلِ مَوقِدَ ناري
وَلَقَد شَهِدتُ الخَيلَ دامِيَةً
وَلَقَد شَهِدتُ الخَيلَ دامِيَةً / تَختالُ في أَعطافِها السُمرُ
في ظُلمَةٍ مِن لَيلِ غَيهَبِها / ما إِن لَها إِلّا الرَدى فَجرُ
فَكَأَنَّ مَجَّ دَمِ النَحورِ بِها / إِثرَ الطِعانِ مَقاوِدٌ حُمرُ
ما عِندَ عَينِكَ في الخَيالِ الزائِرِ
ما عِندَ عَينِكَ في الخَيالِ الزائِرِ / أَطُروقُ زَورٍ أَم طَماعَةُ خاطِرِ
باتَ الكَرى عِندي يُزَوِّرُ زَورَةً / مِن قاطِعٍ نائي الدِيارِ مُهاجِرِ
أَحذاكَ حَرَّ الوَجدِ غَيرِ مُساهِمٍ / وَسَقاكَ كَأسَ الهَمِّ غَيرَ مُعاقِرِ
إِنَّ الطَعائِنَ يَومَ جَوِّ سُوَيقَةٍ / عاوَدنَ قَلبي عِندَ يَومِ الحاجِرِ
سارَت بِهِم ذُلُلُ الرِكابِ فَلا رِوىً / لِلظامِياتِ وَلا لَعاً لِلعاثِرِ
كَم في سُراها مِن سُروبِ مَدامِعٍ / تَقفو سُروبَ رَبارِبٍ وَجَآذِرِ
حَلَبَت ذَخائِرَها المَدامِعُ بَعدَكُم / في أَربُعٍ قَبلَ العَقيقِ دَواثِرِ
يَبكينَ حَيّاً خَفَّ غَيرَ مُقايِضٍ / بِهَوىً وَحَيّاً قَرَّ غَيرَ مُزاوِرِ
لَو تَحفِلونَ بِزَفرَةٍ مِن واجِدٍ / أَو تَسمَعونَ لِأَنَّةٍ مِن ذاكِرِ
لا تَحسَبوا أَنّي أَقَمتُ فَإِنَّما / قَلبُ المُقيمِ زَميلُ ذاكَ السائِرِ
قالوا المَشيبُ فَعِم صَباحاً بِالنُهى / وَاِعقُر مَراحَكَ لِلطَروقِ الزائِرِ
لَو دامَ لي وُدُّ الأَوانِسِ لَم أُبَل / بِطُلوعِ شَيبٍ وَاِبيِضاضِ غَدائِرِ
لَكِنَّ شَيبَ الرَأسِ إِن يَكُ طالِعاً / عِندي فَوَصلُ البيضِ أَوَّلُ غائِرِ
وَاهاً عَلى عَهدِ الشَبابِ وَطيبِهِ / وَالغَصِّ مِن وَرَقِ الشَبابِ الناضِرِ
واهاً لَهُ ما كانَ غَيرَ دُجُنَّةٍ / قَلَصَت صُبابَتُها كَظِلِّ الطائِرِ
سَبعٌ وَعُشرونَ اِهتَصَرنَ شَبيبَتي / وَأَلَنَّ عودي لِلزَمانِ الكاسِرِ
كانَ المَشيبُ وَراءَ ظِلٍّ قالِصٍ / لِأَخي الصِبا وَأمامَ عُمرٍ قاصِرِ
وَأَرى المَنايا إِن رَأَت بِكَ شَيبَةً / جَعَلَتكَ مَرمى نَبلِها المُتَواتِرِ
تَعشو إِلى ضَوءِ المَشيبِ فَتَهتَدي / وَتَضِلُّ في لَيلِ الشَبابِ الغابِرِ
لَو يُفتَدى ذاكَ السَوادُ فَدَيتُهُ / بِسَوادِ عَيني بَل سَوادِ ضَمائِري
أَبياضُ رَأسٍ وَاِسوِدادُ مَطالِبٍ / صَبراً عَلى حُكمِ الزَمانِ الجائِرِ
إِن أَصفَحَت عَنهُ الخُدودُ فَطالَما / عَطَفَت لَهُ بِلَواحِظٍ وَنَواظِرِ
وَلَقَد يَكونُ وَما لَهُ مِن عاذِلٍ / فَاليَومَ عادَ وَما لَهُ مِن عاذِرِ
كانَ السَوادُ سَوادَ عَينِ حَبيبِهِ / فَغَدا البَياضُ بَياضَ طَرفِ الناظِرِ
لَو لَم يَكُن في الشَيبِ إِلّا أَنَّهُ / عُذرُ المَلولِ وَحَجَّةٌ لِلهاجِرِ
سالِم تَصاريفَ الزَمانِ فَمَن يَرُم / حَربَ الزَمانِ يَعُد قَليلَ الناصِرِ
مَن كانَ يَشكو مِن رَشاشِ خُطوبِه / فَلَقَد سَقاني بِالذَنوبِ الوافِرِ
أَبلِغ ظِباءَ الحَيِّ أَنَّ فُؤادَهُ / قَطَعَ العَلاقَةَ وَاِرعَوى لِلزاجِرِ
أَورَدنَني فَعَلِمتُ أَنَّ مَوارِدي / لَولا النُهى لَم أَدرِ أَينَ مَصادِري
فالَتُّ لُبّاً مِن عَلائِقِ صَبوَةٍ / وَنَشِطتُ قَلباً مِن جَوىً مُتَخامِرِ
أَنا مَن عَلِمتُنَّ الغَداةَ نَقِيَةً / أُزُري وَضامِنَةَ العَفافِ مَآزِري
فَاِعرِفنَ كَيفَ شَمائِلي وَضَرائِبي / وَاِنظُرنَ كَيفَ مَناقِبي وَمَآثِري
كَمُعاقِدِ الجَبَلِ الأَشَمِّ مُعاقِدي / وَمُجاوِرِ البَيتِ الحَرامِ مُجاوِري
لَم يَشتَمِل قَلبي الرَجاءَ وَلَم يَكُن / طَرفي جَنيبَةَ كُلِّ بَرقٍ نائِرِ
وَأَبَيتُ أَن تَرِدَ المَطالِبَ هِمَّتي / أَو أَن يُسِفَّ إِلى المَطامِعِ طائِري
أَسعى عَلى أَثَرِ النَوائِبِ مُنصِفاً / مِنها وَآسي كُلَّ عِرقٍ ناغِرِ
قُل لِلأَعادي جَنِّبوا عَن ساحِلي / لا يُغرِقَنَّكُمُ التِطامُ زَواخِري
لَولا خُمولُكُمُ لَقَد قُلِّدتُمُ / عاراً بِنَظمِ غَرائِبي وَسَوائِري
أَخزَيتُمُ ذا كِبرَةٍ وَتَكاوُسٍ / وَفَضَلتُمُ ذا وَدعَةٍ وَقُراقِرِ
فَتَناذَروا نابَ الشَجاعِ مَشى بِهِ / نِجحُ الدُجى وَيَدُ العَقورِ الخادِرِ
يا ساعِياً لِيَنالَ مَطمَحَ غايَتي / أَينَ الذَوائِبُ مِن مَدَقِّ الحافِرِ
إِذهَب بِسَبّي إِن سَبَبتُكَ فاخِراً / قَد نَوَّهَت بِكَ ضَربَةٌ مِن باتِرِ
مِن عارِ هَذا الدَهرِ نَيلُكَ لِلعُلى / وَجُنونُ هَذا المَنجَنونِ الدائِرِ
قَومي الأُلى لَحَبوا إِلى نَيلِ العُلى / وَضَحَ الطَريقِ لِمُنجِدٍ أَو غائِرِ
أَخَذوا المَعالي عَن مُتونِ قَواضِبٍ / تَرِدُ الغِوارَ وَعَن ظُهورِ ضَوامِرِ
وَعَنِ الرِماحِ يَشيطُ في أَطرافِها / بِالطَعنِ كُلُّ مَغامِرٍ وَمُغاوِرِ
قَومٌ إِذا اِشتَجَرَت عَليهِم خُطَّةٌ / زَعَموا النَوائِبَ بِالقَنا المُتَشاجِرِ
وَإِذا التَقَت أَيديهِمُ في أَزمَةٍ / ساجَلنَ أَذنِبَةَ السَحابِ الماطِرِ
لا نارُهُم نارٌ مُغَمَّضَةٌ وَلا / أَبياتُهُم بِالغائِطِ المُتَزاوِرِ
وَتَسوفُ أَفواهُ المُلوكِ أَكُفَّهُم / سَوفَ السَوامِ رَبيعَ رَوضٍ باكِرِ
شُجَعاءُ أَفئِدَةٍ بِغَيرِ صَوارِمِ / خُطَباءُ أَلسِنَةٍ بِغَيرِ مَنابِرِ
ذَمَروا قُلوبَ المادِحينَ وَإِنَّما / مَدحُ المُلوكِ شَجاعَةٌ لِلشاعِرِ
يَتَغايَرونَ عَلى السَماحِ كَأَنَّما / يَتَغايَرونَ عَلى وِصالِ ضَرائِرِ
أُهدي إِلى قَومي نَصيحَةَ حازِمٍ / طَبٍّ بِأَدواءِ الضَغائِنِ خابِرِ
لا تَنظُروا الجاني لِمَحوِ ذُنوبِهِ / بِمُلَفَّقاتِ تَنَصُّلٍ وَمَعاذِرِ
لَن تَظفَروا بِالعِزِّ حَتّى تَصبُغوا / ثَوبَ المَعالي بِالنَجيعِ المائِرِ
لا تَعتَبوا إِلّا بِأَلسِنَةِ القَنا / فَلَهُنَّ إِطآرُ البَعيدِ النافِرِ
وَدَعوا التَظاهُرَ بِالحُلومِ فَإِنَّها / سَبَبُ اِنبِعاثِ جَرائِمٍ وَجَرائِرِ
لا تُخدَعَنَّ فَما عُقوبَةُ قادِرٍ / إِلّا بِأَحسَنَ مِن تَجاوُزِ قادِرِ
أَلَقِيَ السِلاحَ رَبيعَةَ بِنَ نِزارِ
أَلَقِيَ السِلاحَ رَبيعَةَ بِنَ نِزارِ / أَودى الرَدى بِقَريعِكِ المِغوارِ
وَتَرَجُّلي عَن كُلِّ أَجرَدَ سابِحٍ / مَيلَ الرِقابِ نَواكِسَ الأَبصارِ
وَدَعي الأَعِنَّةَ مِن أَكُفِّكِ إِنَّها / فَقَدَت مُصَرِّفَها لِيَومِ مَغارِ
وَتَجَنُّبي جَرَّ القَنا فَلَقَد مَضى / عَنهُنَّ كَبشُ الفَيلَقِ الجَرّارِ
وَلِيَغدُ كُلُّ مُغرِضٍ مِن بَعدِهِ / مُغرىً بِحَلِّ مَعاقِدِ الأَكوارِ
قَطَعَ الزَمانُ لِسانَكَ العَضبَ الشَبا / وَهَدى تَخَمُّطَ فَحلِكَ الهَدّارِ
وَاِجتاحَ ذاكَ البَحرَ يَطفَحُ مَوجُهُ / وَطَوى غَوارِبَ ذَلِكَ التَيّارِ
اليَومَ صَرَّحَتِ النَوائِبُ كَيدَها / فينا وَبانَ تَحامُلُ الأَقدارِ
مُستَنزِلُ الأُسدِ الهِزَبرِ بِرُمحِهِ / وَلّى وَفائِقُ هامَةِ الجَبّارِ
وَتَعَطلَت وَقَفاتُ كُلِّ كَريهَةٍ / أَبَداً وَحُطَّ رِواقُ كُلِّ غُبارِ
هَيهاتَ لا عَلَقُ النَجيعِ بِعامِلٍ / يَوماً وَلا عَلَقُ السُرى بِعِذارِ
يا تَغلِبَ اِبنَةَ وائِلٍ ما لي أَرى / نَجمَيكِ قَد أَفَلا عَنِ النُظّارِ
غَرَبا فَذاكَ غُروبُهُ لِمَنِيَّةٍ / عَجلى وَذاكَ غُروبُهُ لِإِسارِ
ما لي رَأَيتُ فِناءَ دارِكِ عاطِلاً / مِن كُلِّ أَبلَجَ كَالشَهابِ الواري
مُتَخَلِّيَ الأَقطارِ إِلّا مِن جَوىً / وَنَشيجِ كُلِّ خَريدَةٍ مِعطارِ
وَحَنينِ مُلقاةِ الرِحالِ مُناخَةً / وَصَهيلِ واضِعَةِ السُروجِ عَواري
فُجِعَت سَماؤُكِ بِالشُموسِ وَحُوِّلَت / عَنها وَعَنكِ مَطالِعُ الأَقمارِ
في كُلِّ يَومٍ نَوءُ مَجدٍ ساقِطٌ / مِنها وَنَجمُ مَناقِبٍ مُتَوارِ
عَضَّت بِبازِلِها المَنونُ وَلَم تَزَل / تَقرو طَريقَ النابِ بِالأَظفارِ
يا طالِباً بِالثَأرِ أَعجَلَكَ الرَدى / عَن أَن تَنامَ عَلى وُجودِ الثارِ
يَعتادُ ذِكرُكَ ما تَهَزَّمَ مِرجَلٌ / وَطَغى تَغَيُّضُ بُرمَةٍ أَعشارِ
هَجَرَت رِكابُ الرَكبِ بَعدَكَ قَطعَها / هَولَ الدُجى وَمَهاوِلَ الأَوعارِ
وَعَدِمنَ كُلِّ مَفازَةٍ مَرهوبَةٍ / وَأَمِنَّ كُلَّ مُخاطِرٍ عَقّارِ
فَالآنَ يَجرونَ الأَزِمَّةَ بُدَّناً / بَينَ المِياهِ تَفيضُ وَالأَنوارِ
أَينَ القِبابُ الحُمرُ تَفهَقُ بِالقِرى / مَهتوكَةَ الأَستارِ لِلزُوّارِ
أَينَ الفِناءُ تَموجُ في جَنّاتِهِ / بِصَهيلِ جُردٍ أَو رُغاءِ عِشارِ
أَينَ القَنا مَركوزَةً تَهفو بِها / عَذَبُ البُنودِ يَطِرنَ كُلَّ مَطارِ
أَينَ الجِيادُ مَلَلنَ مِن طولِ السُرى / يَقذِفنَ بِالمَهَراتِ وَالأَمهارِ
مِن مَعشَرٍ غُلبِ الرِقابِ جَحاجَحٍ / غَلَبوا عَلى الأَقدارِ وَالأَخطارِ
مِن كُلِّ أَروَعَ طاعِنٍ أَو ضارِبٍ / أَو واهِبٍ أَو خالِعٍ أَو قارِ
وَفَوارِسٍ كَالشُهبِ تَطرَحُ ضَوءَها / يَومَ الوَغى وَأَوارِ حَرِّ النارِ
رَكِبوا رِماحَهُمُ إِلى أَغراضِهِم / أَمَمَ العُلى وَجَروا بِغَيرِ عِثارِ
وَاِستَنزَلوا أَرزاقَهُم لِسُيوفِهِم / فَغَنوا بِغَيرِ مَذَلَّةٍ وَصَغارِ
كانوا هُمُ الحَيَّ اللِقاحَ وَغَيرُهُم / ضَرَعٌ عَلى حُكمِ المَقاوِلِ جارِ
لا يَنبُذونَ إِلى الخَلائِفِ طاعَةً / بِقَعاقِعِ الإيعادِ وَالإِنذارِ
عَقَدوا لِواءَهُمُ بِبيضِ أَكُفِّهِم / كِبراً عَلى العَقّادِ وَالأُمّارِ
وَاِستَفظَعوا خِلَعَ المُلوكِ وَأَيقَنوا / أَنَّ اللِباسَ لَها اِدراعُ العاري
كَثُرَ النَصيرُ لَهُم فَلَمّا جاءَهُم / أَمرُ الرَدى وُجِدوا بِلا أَنصارِ
هُم أَعجَلوا داعي المَنونِ تَعَرُّضاً / لِلطَعنِ بَينَ ذَوابِلٍ وَشِفارِ
أَوَلَيسَ يَكفينا تَسَلُّطُ بَأسِها / حَتّى تَسَلُّطُها عَلى الأَعمارِ
نَزَلوا بِقارِعَةٍ تَشابَهَ عِندَها / ذُلُّ العَبيدِ وَعِزَّةُ الأَحرارِ
سَدَّ البِلى وَأَنارَ فَوقَ جُسومِهِم / مِن كُلِّ مُنهالِ النَقا مَوّارِ
خُرسٌ قَد اِعتَنَقوا الصَفيحَ وَطالَما اِع / تَنَقوا الصَفائِحَ وَالدِماءُ جَوارِ
نُقِضَت مَرائِرُهُم وَكُنَّ أَكُفُّهُم / مَبلولَةً بِالنَقضِ وَالإِمرارِ
صاروا قَراراً لِلمَنونِ وَإِنَّما / كانوا لِسَيلِ الذُلِّ غَيرَ قَرارِ
كُنّا نَرى أَعيانَهُم مَمدوحَةً / فَاليَومَ يُمتَدَحونَ بِالآثارِ
شَرَفاً بَني حَمدانَ إِنَّ نُفوسَكُم / مِن خَيرِ عِرقٍ ضارِبٍ وَنِجارِ
أَنِفَت مِنَ المَوتِ الذَليلِ فَأَشعَرَت / جَلداً عَلى وَقعِ القَنا الخَطّارِ
بَكَرَت عَليكَ سَحابَةٌ نَفاحَةٌ / تُلقي زَلازِلَها عَلى الأَقطارِ
شَهّاقَةٌ أَسفاً عَليكَ بِرَعدِها / طَوراً وَباكِيَةً بِعَذبِ قِطارِ
وَسَقَتكَ أَوعِيَةُ الدُموعِ فَجاوَزَت / قَطَراتِ ذاكَ العارِضِ المِدرارِ
وَإِذا الصَبا حَدَتِ النَسيمَ مَريضَةً / تَفلي جَميمَ الرَوضِ وَالنَوّارِ
مَمطورَةَ الأَنفاسِ فاهَ بِطيبِها / سَحَرٌ بِبَينُ بِها مِنَ الأَسحارِ
فَجَرَت عَلى ذاكَ التُرابِ سَليمَةً / مِن غَيرِ إِضرارٍ لَها بِجِوارِ
تَجري وَذاكَ القَبرُ غَيرُ مُرَوَّعٍ / مِنها وَذاكَ التُربُ غَيرُ مُثارِ
إِنّي ذَكَرتُكَ خالِياً فَكَأَنَّما / أَخَذَت عَلَيَّ الأَرضُ بِالأَطرارِ
وَكَأَنَّما مالَت عَلَيَّ بِحَدِّها / نَزَواتُ قانِيَةِ الأَديمِ عُقارِ
لا زالَ زائِرُ قَبرِهِ في عَبرَةٍ / تَنعى البَقاءَ إِلَيهِ وَاِستِعبارِ
وَالرَوضُ مِن حالٍ عَليهِ وَعاطِلٍ / وَالمُزنُ مِن غادٍ عَلَيهِ وَسارِ
أَوَما رَأَيتَ وَقائِعَ الدَهرِ
أَوَما رَأَيتَ وَقائِعَ الدَهرِ / أَفَلا تُسيءُ الظَنَّ بِالعُمرِ
بَينا الفَتى كَالطودِ تَكنُفُهُ / هَضَباتُهُ وَالعَضبِ ذي الأَثرِ
يَأبى الدَنِيَّةَ في عَشيرَتِهِ / وَيُجاذِبُ الأَيدي عَلى الفَخرِ
وَإِذا أَشارَ إِلى قَبائِلِهِ / حَشَدَت إِلَيهِ بِأَوجُهٍ غُرِّ
يَتَرادَفونَ عَلى الرِماحِ كَأَنَّهُم / سَيلٌ يَعُبُّ وَعارِضٌ يَسري
إِنَّ نَهنَهوا زادوا مُقارَبَةً / فَكَأَنَّما يَدعونَ بِالزَجرِ
عَدَدُ النُجومِ إِذا دُعِي بِهِمُ / يَتَزاحَمونَ تَزاحُمَ الشَعرِ
عَقَدوا عَلى الجُلّى مَآزِرَهُم / سُبطَ الأَنامِلِ طَيّبي الأُزرِ
زَلَّ الزَمانُ بِوَطءِ أَخمَصِهِ / وَمَواطِىُ الأَزمانِ لِلعَثرِ
نَزَعَ الإِباءَ وَكانَ شَملَتَهُ / وَأَقَرَّ إِقراراً عَلى صُغرِ
صَدعُ الرَدى أَعيا تَلاحُمَهُ / مَن أَلحَمَ الصدَفَينِ بالقِطرِ
جَرَّ الجِيادَ عَلى الوَجى وَمَضى / أَمَماً يُدَقُّ السَهلَ بِالوَعَرِ
حَتّى التَقَى بِالشَمسِ مَغمَدُهُ / في قَعرِ مُنقَطِعٍ مِنَ البَحر
ثُمَّ اِنثَنَت كَفُّ المَنونِ بِهِ / كَالضِغثِ بَينَ النابِ وَالظُفرِ
لَم تَشتَجِر عَنهِ الرِماحُ وَلا / رَدَّ القَضاءَ بِمالِهِ الدَثرِ
جَمَعَ الجُنودَ وَراءَهُ فَكَأَنَّما / لاقَتهُ وَهُوَ مُضَيَّعُ الظَهرِ
وَبَنى الحُصونَ تَمَتُّعاً فَكَأَنَّما / أَمسى بِمَضيَعَةٍ وَلا يَدري
وَبَرى المَعابِلَ لِلعِدى فَكَأَنَّما / لِحِمامِهِ كانَ الَّذي يَبري
هَذا عُبَيدُ اللَهِ حينَ رَمى / عَرضَ العُلى وَأَبى عَلى الدَهرِ
وَرَمَت بِهِ العَيّوقَ هِمَّتُهُ / فَوَطي رِقابَ الأَنجُمِ الزُهرِ
غَلَبَت مَآثِرُهُ النُجومَ عَلى / عَرَضاتِها وَبَدأنَ بِالبَدرِ
وَتَناذَرَ الأَعداءُ صَولَتَهُ / فَأَباتَ أَشجَعَهُم عَلى ذُعرِ
قادَت حَزامَتُهُ المَنونَ فَلَم / تَمنَع مَضارِبَ بيضِهِ البُترِ
نَكَصَت أَسِنَّتُهُ وَأَحجَمَ جُندُه / جَزعاً لَمَطلَعِ ذَلِكَ الأَمرِ
قَد كانَ مَشهوراً إِذا ذُكِرَت / خُطَطُ الوَغى وَمَواقِفُ الصَبرِ
مُتَهَلَّلاً في كُلِّ نائِبَةٍ / تَضَعُ القُطوبَ مَواضِعَ البِشرِ
يَرقى إِلى أَمَدِ المَكارِمِ وَالعُلى / لَم تَختَزِلهُ مَوانِعُ الكِبرِ
لَو لَم يُعارِضهُ الحِمامُ إِذا / لَمضى عَلى غُلوائِهِ يَجري
أَودى وَما أَودَت مَناقِبُهُ / وَمِنَ الرِجالِ مُعَمَّرُ الذِكرِ
طَوَتِ اللَيالي بَعدَ مَصرَعِهِ / نارَ القِرى وَمُعرَّسَ السَفرِ
خُلِّيَ وَتِربُ أَبي لَقَد سَلَبَت / مِنّيَ النَوائِبُ أَنفَسَ الذُخرِ
قَد كانَ مِن عُدَدي إِذا طَرَقَت / بِزلاءُ ضاقَ بِها حِمى الصَدرِ
وَهُوَ الزَمانُ عَلى تَقَلُّبِهِ / يَنوي العُقوقَ بِنِيَةِ البِرِّ
كَم زَفرَةٍ خَرساءَ / مُتَمَسِّكاً بِعَلائِقِ الأَجرِ
ضَمُرَت بِجِرَّتِها عَليكَ وَفي / أَحشائِها كَلَواعِجِ الجَمرِ
لَو أَنَّ ما أَنحى عَليكَ يَدٌ / راعَتكَ بِالإِنباضِ عَن عَقرِ
لَوَقَفتُ بَينَكُما لِأَعكِسَ سَهِمَها / عَن نَحرِكَ البادي إِلى نَحري
وَلَو أَنَّها سَمراءُ مُشرَعَةٌ / أُعطَيتُ حَدَّ سِنانِها صَدري
وَسَمَحتُ دونَكَ بِالحَياةِ عَلى / ضَنِّيَ بِها وَكَرائِمِ الوَفرِ
أَو بالِغاً بِالنَفسِ مَعذِرَةً / وَالسَعيُ بَينَ النُجحِ وَالعُذرِ
لَكِن رَمَتكَ أَشُدُّ رامِيَةٍ / سَهماً وَأَهداها إِلى العَقرِ
بَلَغتَكَ مِن خَلفِ الدُروعِ وَمِن / خَلَلِ القَنا وَالعَسكَرِ المَجرِ
حَمَلَ الغَمامُ جَديدَ رَيَّقِهِ / فَسَقى مُغَيَّبَ ذَلِكَ القَبرِ
لَولا مُشارَكَةُ المَدامِعِ في / سُقياهُ قَلَّ لَهُ نَدى القَطرِ
لَو أَنبَتَت تُرَبُ الرِجالِ عَلى / قَدرِ العُلى وَنَباهَةِ القَدرِ
نَبَتَت عَليهِ مِن شَجاعَتِهِ / تِلكَ الجَنادِلُ بِالقَنا السُمرِ
إِنَّ التَوَقّي فَرطُ مُعجِزَةٍ / فَدَعِ القَضاءَ يَقُدُّ أَو يَفري
لَو مالَ بِالقَرنَينِ خَوفُهُما / لِلمَوتِ ما اِضطَغنا عَلى الوِترِ
أَو عَدَّدا ما في الخِطالِ إِذا / لَتَوادَعا أَبَداً عَلى غِمرِ
نَحمي المَطاعِمِ لِلبَقاءِ وَذي / الآجالُ مِلءُ فُروجِها تَجري
لَو كانَ حِفظُ النَفسِ يَنفَعُنا / كانَ الطَبيبُ أَحَقَّ بِالعُمرِ
المَوتُ داءٌ لا دَواءَ لَهُ / سيّانِ ما يوبي وَما يَمري
نَأَتِ القُلوبُ وَسَوفَ تَنأى الدارُ
نَأَتِ القُلوبُ وَسَوفَ تَنأى الدارُ / وَتَغَيَّرَت بِمَذاعِها الأَسرارُ
وَلَقَد شَقَقتُ حَشى الزَمانِ فَلَم يَكُن / فيهِ سِوى سِرَّ النَوى إِضمارُ
ما لِلخُطوبِ تَبُزُّني ثَوبَ الهَوى / وَعَلَيَّ مِن أَحداثِها أَطمارُ
أَلِفَت ضَميري النائِباتُ كَأَنَّها / لِعِتاقِ أَفراسِ الجَوى مِضمارُ
ما لي أُرَقرِقُ فيكَ دَمعاً تَرتَوي / مِنهُ الخُطوبُ وَما لَهُ مُشتارُ
إيهاً مُؤَمِّلَ طَيِّءٍ لا تَنقُضَن / وُدّاً لَهُ مِن ذِمَّةٍ إِمرارُ
فَلَقَد حَلَلتَ مِنَ الفُؤادِ مَحَلَّةً / في حَيثُ لَيسَ مِنَ الوَرى لَكَ جارُ
فَلَئِن وَفَيتَ فَما الوَفاءُ بِبِدعَةٍ / إِنَّ الوَفاءَ لِذي الصَفاءِ شِعارُ
وَلَئِن غَدَرتَ وَلا عَجيبٌ أَنَّهُ / بَعضُ الزَمانِ بِبَعضِهِ غَدّارُ
نَفسي فِداءُ الغادِرينَ تَباعَدوا / أَو قارَبوا أَو أَنصَفوا أَو جاروا
يا ذا المَعارِجِ كَم سَأَلتُكَ نِعمَةً
يا ذا المَعارِجِ كَم سَأَلتُكَ نِعمَةً / فَمَنَحتَنيها بِالذَنوبِ الأَوفَرِ
أَيُّ العَوارِفِ مِنكَ أَشكُرُ فَضلَهُ / عَجَزَ المُقِلُّ وَزادَ طولُ المُكثِرِ
أَكفَيتَني ما قَد حَذِرتُ وُقوعَه / أَم ما كُفيتُ مِنَ الَّذي لَم أَحذَرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025