المجموع : 28
ويحَ العواذِل لا خَلاقَ لهُم
ويحَ العواذِل لا خَلاقَ لهُم / وَهِمُوا ولم تَصدُقْهُم الفِكَرُ
قَالوا فتىً تسمو به هِمَمٌ / مُستصْغَرٌ في جَنبها الخَطَرُ
لا يَنْثني عمّا يَهِمُّ بِهِ / أو يَنْثَني الصّمصامَةُ الذّكَرُ
غرّته دنياهُ بزَهرتها / فَصَبَا ومن عادَاتِهَا الغَرَرُ
فأرَتهُ مثلَ الشمسِ طالِعةً / غرّاءَ يعشَى دُونَها البَصرُ
وبدَتْ له عُطُلاً كأحسنِ ما / يَبدُو لعينِ المُدلِجِ القَمرُ
حتى إذا ما الحُبُّ أوقَفَهُ / حَيرانَ لا وِردٌ ولا صَدَرُ
ضَمِنَتْ له من وَصلِهَا عِدَةً / إن نَالَها فَلْيَهنِهِ الظَّفَرُ
أو كان ذَاك لِحَتْفِه سبَباً / فَدَمُ الفَتَى في مِثلَها هَدَرُ
يا حاضراً بفؤادِ ناءٍ غائِبٍ
يا حاضراً بفؤادِ ناءٍ غائِبٍ / والنجمُ أقربُ من مَلُولٍ حَاضِرِ
أُبْلُغْ رِضاكَ من الجَفَاءِ فَشيمَتي / وصلُ المَلولِ وحفظُ عَهدِ الغَادِرِ
فَلأَصبِرَنَّ عليكَ لا من سَلْوةٍ / صبرَ الكليمِ على أداةِ السّابِرِ
حتّى تَعودَ إلى الرّضا ويصدَّك ال / خُلُقُ الكريمُ عنِ الطريقِ الجائِرِ
واهاً لِلَيلٍ خِلتُنِي من طِيبهِ
واهاً لِلَيلٍ خِلتُنِي من طِيبهِ / متَفيِّئاً في ظلِّ طَيرٍ طَائرِ
لو أنّنِي أشْرِي بعُمريَ مِثلَه / أو بالشّبِيبة لم أكُنْ بالخَاسِرِ
ناهلْتُ فيهِ البدرَ شمساً تُوِّجَت / عند المِزَاجِ بكل نَجمٍ زاهرِ
ولثمتُ ثَغراً لو تألَّق في دُجىً / أغنى المَحولَ عن الغَمامِ الماطرِ
يا جائراً وهوايَ يَعذُرَه
يا جائراً وهوايَ يَعذُرَه / منك الذّنوبُ ومنِّيَ العُذْرُ
لا تحسَبنِّي عَن مَلالِكَ لي / غِرّا ولكنَّ الهوى غَرُّ
وأرى سبيلَ الهجرِ واضِحةً / مسلوكةً لو كان لي صبْرُ
لا صبرَ لي عن بدرِ تمٍّ مُشرقٍ
لا صبرَ لي عن بدرِ تمٍّ مُشرقٍ / أضحَى لَهُ البينُ المشتُّ سرَارَا
عاتَبتُهُ في صَدِّه قبلَ النَّوى / فكأنَّ عتْبي زادَهُ إصرارَا
وعَرتْهُ من خَجلِ العتابِ كآبةٌ / زادتْ محاسِنَ وجهِه أنوارَا
ورأَيتُ أمواهَ الحيَاءِ بخدِهِ / فَتَرَقرَقَت حتَّى استحالَت نَارَا
حتّامَ قلبي بالكآبةِ مُكمَدٌ
حتّامَ قلبي بالكآبةِ مُكمَدٌ / باكٍ ووجهي للتّجمّلِ مُسفِرُ
كالشّمعِ يُشرِق بالضَياءِ ونارُهُ / مشبوبةٌ ودموعُهُ تَتَحدَّرُ
قَالُوا أتسلُو عن حَبي
قَالُوا أتسلُو عن حَبي / بِكَ قُلتُ لا واللهِ عُمري
قَالوا ففيه تَبَذُّلٌ / يأباهُ مِثلُكَ قلت أَدري
لو كان مستوراً لَمَا / هَتَكَ الغرامُ عليه سِتْرِي
وإذا أبتْ نَفسي هَوا / هُ مَعَ الخيانَةِ خَان صَبرِي
لا غَروَ إن هجرَ الخيالُ الزّائرُ
لا غَروَ إن هجرَ الخيالُ الزّائرُ / ما يستزيرُ الطّيفَ طَرفٌ سَاهرُ
دُون الكرَى خطراتُ هَمٍّ ذُدْنَه / عن نَاظِرِي فهو النَّوارُ النّافرُ
لاَ سَوْرَةُ الصّبهاءِ تَصرِفُه ولا / يُلهِي فُؤادِي حين يَطرُق سَامِرُ
وإذَا فَزِعتُ إلى الأماني صدّني / يأسٌ يُحقِّقُه الزّمانُ الخَاتِرُ
أستَعطِفُ الأيام وهي صوادفٌ / وألومُها وهي المُصِرّ الجَائرُ
وتزيدُها الشّكوى إليها قَسوةً / وَلَقَلّمَا يُشكِي الظّلومُ القَادِرُ
أشكُو جَراحاتٍ بقلبي تُعجزُ ال / آسي ولم يَبلغْ مَداها السّابرُ
غَبِرتْ على دَخَلٍ وروْعاتُ النّوى / يَقْرِفن ما دَمَلَ الزّمانُ الغَابرُ
وعَلَى الركائِبِ لو أباحَ الدمعُ لي / نظراً إلى تلك الخدُورِ جآذِرُ
سارُوا بقلبِ أسيرِ هَمٍّ بعدَهم / مُتَلَدِّدٍ فهو المقيمُ السائرُ
غاضَتْ دُموعيَ في المنازِلِ وارعوَى / صَبرِي وراجَعَنِي الرُّقادُ النّافرُ
إن لم أسُحَّ بها سحائِبَ أدمُعٍ / ينجابُ خشيتَها الغمامُ الباكرُ
أأُحمِّلُ الأطلالَ مِنّةَ عَارِضٍ / وسحابُ دمعي مستهلٌّ ماطرُ
إني إذَن بِشُؤون عينيَ بَاخِلٌ / وبِعَهْدِ مَن سَكن المنازلَ غَادرُ
ما أنتَ أوّلُ من تَناءتْ دَارُه
ما أنتَ أوّلُ من تَناءتْ دَارُه / فعلامَ قلبُكَ ليس تخبُو نَارُهُ
إمّا السُّلوُّ أو الحِمامُ وما سِوى / هَذين قِسمٌ ثالثٌ تختارُهُ
ما بَعدَ يَومِكَ من لقاءٍ يُرتَجى / أو يَلتقي جُنحُ الدّجَى ونَهارُهُ
هذا وقُوفُكَ لِلودَاعِ وهذه / أظعانُ مَن تَهوَى وتلكَ دِيارُهُ
فاستبقِ دمعَكَ فهو أوَّلُ خاذلٍ / بعد الفِراق وإن طَما تيّارُهُ
مَدَدُ الدّموعِ يقلُّ عن أمدِ النّوَى / إن لم تكُن مِن لُجّةٍ تَمتارُهُ
ليتَ المطايَا ما خُلِقن فكم دمٍ / سفَكَتْه يُثقِلُ غيرَها أوزَارُهُ
ما مَاتَ صبٌّ إثرَ إلفٍ نازحٍ / وجْداً به إلاّ لَديْهَا ثَارُهُ
فلو استطعتُ أبَحْتُ سيفِي سُوقَها / حَتى يَعافَ دماءَهُن غِرارُهُ
لو أنّ كلَّ العِيس ناقةُ صالحٍ / ما سَاءنِي أنّي الغَداةَ قُدارُهُ
ما حَتْفُ أنفُسِنَا سواها إنّها / لَهِيَ الحمامُ أُتيحَ أو إنذارُهُ
واهاً لمغلوبِ العزَاءِ تَناصَرتْ / أسْواقُه وتخاذَلَت أنصارُهُ
هاجَتْ له الدّاءَ القديمَ أُسَاتُه / ونَفَى الكَرى عن جَفنِهِ سُمّارُهُ
كَتَم الهوَى حتّى ونَت لُوّامُهُ / فطَفتْ على دمعِ الأسَى أسرارُهُ
ومحجَّبٍ كالبدرِ يدنو نُورُه / من عَينِ رائِيهِ وتنأى دَارُهُ
يحكِي الغزالَةَ والقضيبَ قَوامُه / ولِحاظُه وبَهاؤه ونِفَارُهُ
بِي غُلّةٌ أقضِي بهَا من حُبِّه / وأرى الورُودَ يذودُ عنه عارُهُ
ومن العَجائبِ أن أعَافَ مع الظَّما / ماءَ الفُراتِ لأنْ بَدتْ أكدَارُهُ
إن لم أمُتْ أسَفاً عليهِ فإنّني
إن لم أمُتْ أسَفاً عليهِ فإنّني / مَذِقُ الوِدادِ على النَّوى غَدّارُهُ
يا زهرةَ الدّنيا ولستُ بواجدٍ / رَوضاً سواكِ يَشوقُني نُوّارُهُ
مَالي إذا عاتَبْتُ قَلبيَ فيكُمُ / أَبدَى اللَّجاجَ وساءَني إصْرارُهُ
وإذا عرضتُ عليه وصلَكِ صدّه / عنه العفافُ فما عَسى إيثَارُهُ
فإلى متَى يُمسي ويُصبحُ في لظىً / من وجدِه يَسِمُ المطيَّ أُوارُهُ
مُتضَادِدَ الأحوالِ بين غَرامِه / وإبائِه ما يستقرّ قَرارُهُ
أمّلتُ من دَاءِ الهوَى إفْرَاقَه / فَرَمتْهُ منك بِنُكْسِهِ سِنجارُهُ
وفراقُ مجدِ الدّينِ مُعظمُ دَائِه / وشفاؤه رؤياهُ أو أخبارُهُ
فارقتُه وظَننتُ أنَّ لِبَينِنا / أمداً فطالَ مداهُ واستمرارُهُ
وأخافُ أنَّ البينَ يُقذِي ناظِري / بِفِراقِه ما أوْمَضَتْ أشْفَارُهُ
ظَنًّا سَرَى الإشفاقُ في ترجِيمه / ولربّما أرْدَى الشفيقَ حِذَارُهُ
وإذا القُنُوط دَجا عليَّ ظلامُه / وضَحَ الرّجاءُ ولاحَ لي إسفَارُهُ
ووثقتُ باللّطفِ الخفيِّ من الذي / تَجري بما يَلقى الفَتَى أقدَارُهُ
يَا غائبينَ رَجَاي طِي
يَا غائبينَ رَجَاي طِي / بَ العيشِ مُذ بِنْتُم غُرورُ
أنْسَتنيَ الأيَامُ كي / فَ يكونُ بَعدَكُمُ السّرورُ
أصبحتُ بعدَك يا شقيقَ النّفسِ في
أصبحتُ بعدَك يا شقيقَ النّفسِ في / بحرٍ من الهمِّ المبرِّحِ زَاخِرِ
متفرّداً بالهمِّ مَن ليَ ساعةً / بِرفَاقِ شَعَيا أو عُلالة دَاهِر
اُنظُر إلى الأيام كيفَ تَقودُنا
اُنظُر إلى الأيام كيفَ تَقودُنا / قَسْراً إلى الإِقرارِ بالأقْدَارِ
ما أوقدَ ابنُ طُلَيْبِ قطُّ بِدارهِ / نَاراً وكان هلاكُها بالنّارِ
يا مُنقِذي ويدُ الزَّمانِ تَنُوشُني
يا مُنقِذي ويدُ الزَّمانِ تَنُوشُني / ومُقيلَ جَدّي وهْو كابٍ عاثِرُ
حتّامَ أنتَ لِثِقْلِ هَمّي حَاملٌ / ولما يهيضُ الدّهرُ منّي جَابِرُ
ومقارِعٌ دونِي الزمانَ وأهلَه / مستلئِمينَ وأنت فَذٌّ حَاسرُ
مهلاً فَدىً لك مهجةٌ دافَعْتَ عن / حَوْبائِها إذ ليسَ غيرَكَ نَاصرُ
خَفِّضْ عليكَ فلِلأُمور نهايةٌ / وإلى النّهايةِ كلُّ شيءٍ صَائِرُ
يَا من يُهينُ المالَ في كَسبِ العُلا
يَا من يُهينُ المالَ في كَسبِ العُلا / ويَرى الثَناءَ أجلَّ ذُخرٍ يُذْخَرُ
أغْرَبْتَ في بذلِ النّوالِ وخاطبُ ال / علياءِ ليسَ بضائعٍ ما يَمهَرُ
وسعيتَ للمجد الّذي في مِثله / إلاّ عليكَ حُزونةٌ وتَوعُّرُ
وبذلتَ جودَك للعُفاةِ فما لهم / وِردٌ سواهُ وليس عنهُ مَصدَرُ
كَم من يَدٍ أوليتَنِيها أثْمرتْ / عِندِي وما كلّ الأيادِي تُثمرُ
وكرامةٍ أبداً أبوحُ بشكرِها / إنّ الكريمَ على الكرامةِ يُشكَرُ
والشكرُ من مثلي يَزينُ وإنّما / بِثَناءِ من يُثنَى عليهِ يُفْخَرُ
وصنائِعُ المعروفِ كالوسمِيِّ ذَا / من قَطره نبتٌ وهذا جوهَرُ
لكنْ مكانِي من أَنْعُمِ الملكِ الصْ / صالِحِ لا تهتدي له الغِيَرُ
أَنهَلَنِي ثمّ علّني جودُه الْ / غمرُ فبُعدي عن بابِه صَدَرُ
فقُلْ لِمن سَرَّهُ بِعادِيَ ما / تبعدُ أرضٌ يؤمّها المَطَرُ
ما ضَرّنِي البعدُ عن نَدى ملكٍ / يبلغُ ما ليسَ يبلغُ الخَبَرُ
يطلبُ طُلاّبَ جُوِده فَلِمَنْ / يرجو مُقَامٌ وللنّدَى سَفَرُ
أبقتْ عطاياهُ لي غنايَ كما / تبقَى عَقيبَ السّحائب الغُدُرُ
يا مالكاً أصبَحَتْ بدَوْلَتِه ال / أَيّامُ تزهو تيهاً وتَفْتَخِرُ
أطالَ باعِي جميلُ رأيِك فال / أَحداثُ دونِي في باعِها قِصَرُ
وشَدَّ أزرِي حتّى تَرَجَّيتُ أَنْ / يَحْملَ عنّي أَثْقالَ ما أَزِرُ
أَنْشَرْتَ لي أُسْرَتِي فشُكريَ ما / فاه فمِي في البلادِ مُنْتَشِرُ
وانْتَشتَهم من يدِ الخطوبِ ولا / ملجأَ منها يُنجِي ولا وَزَرُ
سيَّرهُمْ فضلُك الذي أَعْجَزَ ال / وصفَ ولم تَتلُ مثلَهُ السِّيَرُ
فَاْعُل وُدْم ما علا النّهَارُ ومَا / أضاء في حِندِس الدّجَى القَمَرُ
مشَرِّفاً عصرَنا البهيمَ فأيْ / يامُكَ فيه الأوضاحُ والغُرَرُ
واجْتلِها بنتَ يومها ثمّ عُمْ / رُ الدّهرِ حتى يَفنى لها عُمُرُ
يضُوعُ منها في كلّ قُطرٍ من ال / أرضِ ثناءٌ كأنّه قُطُرُ
ولو رأَى الجوهريّ ألفاظَها الْ / غُرِّ لَما شَكَّ أنّها دُرَرُ
هَذَا وفيها إن رُمْتُ شكراً لإِنْ / عامِكَ أو حَصْرَ بعضِه حَصَرُ
الْق الخُطوبَ إذا طَرقْ
الْق الخُطوبَ إذا طَرقْ / نَ بقلبِ مُحتسبٍ صَبورِ
فَسينقَضي زمنُ الهُمُو / مِ كَما اُنقَضى زَمنُ السُّرورِ
فَمِنَ المُحالِ دوامُ حا / لٍ في مَدى العمرِ القَصيرِ
اُستُر هُمومَكَ بالتَّجمُّلِ واُصطَبِر
اُستُر هُمومَكَ بالتَّجمُّلِ واُصطَبِر / إنَّ الكريمَ على الحوادثِ يَصبِرُ
كالشَّمعِ يُظهرُ نورَه مُتجَمِّلاً / خوفَ الشَّماتِ وفيه نارٌ تُسعَرُ
لا تَأْمَنَنْ كَيدَ العَدُوْ
لا تَأْمَنَنْ كَيدَ العَدُوْ / وِ فَأَمنُ كيدِهِمُ غَرَرْ
كُنْ منْه إن كان القَوِيْ / يَ أو الضَّعيفَ على حَذَرْ
فالماءُ يُطفي النارَ طب / عَاً في الصَّفاءِ وفي الكَدَرْ
عش واحداً أو فالتَمِسْ لكَ صاحِباً
عش واحداً أو فالتَمِسْ لكَ صاحِباً / في مَحتِدَيْ ورَعٍ وطيبِ نِجارِ
واحذَر مُصاحَبةِ السَّفيهِ فشَرُّ ما / جلبَ النَّدامَةَ صُحبةُ الأشْرارِ
والنّاسُ كالأشجار هَذي يُجتَنى / منها الثِّمَارُ وذي وَقودُ النّارِ
احْذَرْ من الدّنيَا ولاَ
احْذَرْ من الدّنيَا ولاَ / تَغْتَرَّ بالعُمرِ القَصيْرِ
وانظُرْ إلى آثَارِ مَنْ / صَرَعَتْهُ مِنَّا بالغُرُورِ
عَمَرُوا وشادوا ما ترا / هُ مِنَ المنازِلِ والقصورِ
وتحوّلُوا من بعد سُكْ / نَاها إلى سَكْنَ القبورِ