القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 5
لَمَعَتْ كناصِيَةِ الحِصانِ الأشْقَرِ
لَمَعَتْ كناصِيَةِ الحِصانِ الأشْقَرِ / نارٌ بمُعتَلِجِ الكَثيبِ الأعْفَرِ
تَخبو وتُوقِدُها ولائِدُ عامِرٍ / بالمَندَليّ وبالقَنا المُتَكَسِّرِ
فتَطارَحَتْ مُقَلُ الرّكائِبِ نحوَها / ولنا بِرامَةَ وِقْفَةُ المُتَحَبِّر
وهَزَزْتُ أطرافَ السّياطِ فأرْقَلَتْ / وبِها مَراحُ الطّارِقِ المُتنَوِّر
حِنّي رُوَيْداً ناقُ إنّ مُناخَنا / بعُنَيْزَتَيْنِ ونارُها بمُحجَّرِ
فمَتى اللّقاءُ ودونَ ذلكَ فِتيَةٌ / ضُرِبَتْ قِبابُهُمُ بقُنّةِ عَرْعَرِ
وأسِنّةُ المُرّانِ حَولَ بُيوتِهِمْ / شُدَّتْ بِها عُذُرُ العِتاقِ الضُّمَّرِ
فهُمُ يَشُبّونَ الحُروبَ إذا خَبَتْ / بالبيضِ تَقطُرُ بالنّجيعِ الأحْمَرِ
يا أخْتَ مُقتَحِمِ الأسنّةِ في الوَغى / لَولا مُراقَبَةُ العِدا لَم تُهْجَري
هلْ تأمُرينَ بزَوْرَةٍ منْ دُونِها / حَدَقٌ تشُقُّ دُجى الظّلامِ الأخْضَرِ
أأُصانِعُ الأعداءَ فيكِ وطالَما / خَضَبَ القَنا بدِماءِ قوْمِكَ مَعْشَري
ويَروعُني لَغَطُ الوُشاةِ وقَبْلَنا / حَكَمَتْ قَبائِلُ خِنْدِفٍ في حِمْيَرِ
لأُشارِفَنّ إلَيكِ كلَّ تَنوفَةٍ / زَوراءَ تُعْقَرُ بالمُشيحِ الأزْوَرِ
فلَكَمْ هَزَزْتُ إلَيكِ أعْطافَ الدُّجى / ورَكِبْتُ هاديَةَ الصّباحِ المُسْفِرِ
نَفْسي فِداؤكِ منْ عَقيلَة مَعْشرٍ / مَنَعوا قُضاعَةَ بالعَديدِ الأكْثَرِ
ألِفَتْ ظِباءَ الوادِيَيْنِ فعِنْدها / حَذَرُ الغَزالَةِ والْتِفاتُ الجُؤذَرِ
وبمَنْشِطِ الحَوْذانِ خَمسَةُ أرْسُمٍ / تَبدو فأحْسَبُهُنَّ خَمسَةَ أسْطُرِ
وافَيْتُها والرّكْبُ يَسْجُدُ للكَرى / والعِيسُ تَركَعُ بالحَزيزِ الأوْعَرِ
فوَقَفْتُ أسأَلُها وفي عَرَصاتِها / طَرَبُ المَشوقِ وحَنّةُ المُتَذَكِّر
وكأنّ أطْلالاً بمُنعَرَجِ اللِّوى / أشْلاءُ قَتْلاكَ التي لمْ تُقْبَرِ
أخلَيْتَ منها الشّامَ حينَ تظلّمَتْ / منها ومَنْ يَستَجْدِ عَدْلَكَ يُنصَرِ
فقَشَرْتَ بالعَضْبِ الجُرازِ قُشَيْرَها / وقَلَعْتَ بالأسَلاتِ قلعَةَ جَعْبَرِ
شمّاءُ تَلعَبُ بالعُيونِ وتَرتَدي / هَضَباتُها حُلَلَ السَّحابِ الأقمَرِ
وتَحِلُّها عُصَبٌ تُضَرِّمُ للْقِرى / شَذَبَ الأراكِ زَهادَةً في العَنْبَرِ
قَوْمٌ حُصونُهُمُ الأسِنّةُ والظُّبا / والخَيْلُ تَنحِطُ في مَطارِ العِثْيَرِ
ألِفوا ظُهورَ المُقْرَباتِ وما دَرَوْا / أنّ المَصيرَ إِلى بُطونِ الأنْسُرِ
فخَبَتْ ببَأْسِكَ فِتْنَةٌ عرَبيّةٌ / كانت تُهَجْهِجُ بالسّوامِ النُّفَّرِ
وفَتَحْتَ أنطاكيّةَ الرّومِ التي / نَشَزَتْ مَعاقِلُها على الإسكَنْدَرِ
وكَفى مُعِزَّ الدين رأيُكَ عَسْكَراً / لَجِباً يُجَنّحُ جانبَيْهِ بعَسْكَرِ
وطِئَتْ مَناكِبَها جِيادُكَ فانْثَنَتْ / تُلقي أجِنّتَها بَناتُ الأصْفرِ
تَردي كما نَسَلَتْ سَراحينُ الغَضى / قُبْلَ العُيونِ بجنّةٍ منْ عَبْقَرِ
وتَرى الشُّجاعَ يُديرُ في حَمْسِ الوَغى / حَدَقَ الشُّجاعِ يَلُحْنَ تحتَ المِغْفَرِ
فتَناوشَ الأسَلُ الشّوارِعُ أرضَها / والخَيلُ تَعثُرُ في العَجاجِ الأكْدَرِ
رُفِعَتْ منارُ العَدلِ في أرْجائِها / فاللّيْثُ يَخْضَعُ للغَزالِ الأحْوَرِ
وترَشّفَ العافونَ منكَ أنامِلاً / يَخْلُفْنَ غاديَةَ الغَمامِ المُغزِرِ
ورَدوا نَداكَ فأصْدَرَتْ نَفَحاتُهُ / عنكَ المُقِلَّ يَجُرُّ ذَيْلَ المُكْثِر
وصَبا الدُّهورُ إلَيْكَ بَعْدَ مُضِيِّها / لتَرى نَضارَةَ عَصرِكَ المُتأخّرِ
فَغدا بِها الإسلامُ يَسْحَبُ ذَيْلَهُ / مَرَحاً ويخْطِرُ خِطْرَةَ المُتَبَخْتِرِ
إيْهاً فقَدْ أدرَكْتَ منْ شَرَفِ العُلا / ما لم يُنَلْ وذَخَرْتَ ما لمْ يُذْخَرِ
وبلَغْتَ غايَةَ سُؤدَدٍ لمْ يُلْفِهِ / كِسْرى ولا عَلِقَتْهُ هِمّةُ قَيصَرِ
فإذا استَجارَ بكَ العُفاةُ تَبَيّنوا / أثَرَ السّماحِ على الجَبينِ الأزْهَرِ
ورَأَوا عُلا إسْحاقَ شَيّدَ سَمْكَها / كَرَمُ الرّضيِّ فَيا لَهُ منْ مَفْخَرِ
ومَناصِباً فَرَعَتْ ذُؤابَةَ فارِسٍ / لمْ يَستَبِدَّ بهِنّ آلُ المُنْذِرِ
يا صاحِبَيَّ دَنا الرّحيلُ فَقَرِّبا / وَجْناءَ تكفُلُ بالغِنى للمُقْتِرِ
وتَجُرُّ أثناءَ الزِّمامِ إِلى فتَىً / خَضِلِ الأنامِلِ كِسْرَويّ المَفْخَرِ
فمَطالعُ البَيداءِ تَعلَمُ أنّني / أسْري وأَعنُفُ بالمَهارَى الحُسَّرِ
وأحَبِّرُ الكَلِمَ التي لا أرتَضي / مِنها بغَيرِ الشّاردِ المُتَخيّرِ
وجَزالةُ البَدَوِيِّ في أثنائِه / مُفْتَرَّةٌ عن رِقَّةِ المُتَحَضِّرِ
وإلَيكَ يَلتَجئُ الكَريمُ ويَتّقي / بكَ ما يُحاذِرُ والنّوائِبُ تَعتَري
والأرضُ دارُكَ والبَرايا أعْبُدٌ / وعلى أوامِرِكَ اختِلافُ الأعْصُرِ
لكَ مِن غَليلِ صَبابَتي ما أُضمِرُ
لكَ مِن غَليلِ صَبابَتي ما أُضمِرُ / وأُسِرُّ منْ ألَمِ الغَرامِ وأُظْهِرُ
وتذَكُّري زَمَنَ العُذَيْبِ يَشِفُّني / والوَجْدُ مَمْنُوٌّ بهِ المُتَذَكِّرُ
إذْ لِمّتي سَحْماءُ مَدَّ على التُّقى / أظْلالَها وَرَقُ الشّبابِ الأخضَرُ
هوَ مَلعَبٌ شَرِقَتْ بِنا أرجاؤُهُ / إذْ نَحنُ في حُلَلِ الشّبيبَةِ نَخْطِرُ
فبِحَرِّ أنفاسي وصَوْبِ مَدامِعي / أضْحَتْ مَعالِمُهُ تُراحُ وتُمطَرُ
وأُجيلُ في تلكَ المَعاهِدِ ناظِري / فالقَلبُ يعرِفُها وطَرْفي يُنكِرُ
وأرُدُّ عَبْرتِيَ الجَموحَ لأنّها / بِمَقيلِ سِرِّكَ في الجَوانِحِ تُخْبِرُ
فأبِيتُ مُحْتَضِنَ الجَوى قلِقَ الحَشى / وأظَلُّ أُعْذَلُ في هَواك وأُعذَرُ
غَضِبَتْ قُرَيشٌ إذْ مَلَكْتُ مَقادَتي / غَضباً يَكادُ السُّمُ منهُ يَقْطُرُ
وتَعاوَدَتْ عَذْلي فَما أرْعَيْتُها / سَمْعاً يَقِلُّ بهِ المَلامُ ويَكْثُرُ
ولقَدْ يَهونُ على العَشيرَةِ أنّني / أشْكو الغَرامَ فيَرقُدونَ وأسْهَرُ
وبمُهْجَتي هَيْفاءُ يَرْفَعُ جِيدَها / رَشَأٌ ويَخْفِضُ ناظِرَيْها جُؤْذَرُ
طَرَقَتْ وأجْفانُ الوُشاةِ على الكَرى / تُطْوى وأرْدِيَةُ الغَياهِبِ تُنْشَرُ
والشُّهْبُ تَلمَعُ في الدُّجى كأَسِنّةٍ / زُرْقٍ يُصافِحُها العَجاجُ الأكْدَرُ
فنِجادُ سَيْفي مَسَّ ثِنْيَ وِشاحِها / بمَضاجِعٍ كَرُمَتْ وعَفَّ المِئْزَرُ
ثمَّ افْتَرَقْنا والرَّقيبُ يَروعُ بي / أسَداً يوَدِّعُهُ غَزالٌ أحْوَرُ
والدُّرُّ يُنظَمُ حينَ يضحَكُ عِقْدُهُ / وإذا بَكَيْتُ فمِنْ جُفوني يُنثَرُ
فَوَطِئْتُ خَدَّ اللّيلِ فوقَ مُطَهَّمٍ / هُوجُ الرِّياحِ وراءَهُ تَسْتَحْسِرُ
طَرِبِ العِنانِ كأنّهُ في حُضْرِهِ / نارٌ بمُعْتَرَكِ الجيادِ تَسَعَّرُ
والعِزُّ يُلحِفُني وشائِعَ بُرْدِهِ / حَلَقُ الدِّلاصِ وصارِمي والأشْقَرُ
وعَلامَ أدَّرِعُ الهَوانَ ومَوْئِلي / خَيْرُ الخَلائِفِ أحْمَدُ المُسْتَظْهِرُ
هوَ غُرَّةُ الزّمنِ الكَثيرِ شِياتُهُ / زُهِيَ السّريرُ بهِ وتاهَ المِنْبَرُ
ولهُ كما اطّرَدَتْ أنابيبُ القَنا / شَرَفٌ وعِرْقٌ بالنُّبُوّةِ يَزْخَرُ
وعُلاً تَرِفُّ على التُّقى وسَماحَةٌ / عَلِقَ الرّجاءُ بِها وبأسٌ يُحْذَرُ
لا تَنفَعُ الصّلواتُ مَنْ هوَ ساحِبٌ / ذَيْلَ الضّلالِ وعنْ هَواهُ أزْوَرُ
ولَوِ اسْتُميلَتْ عَنْهُ هامَةُ مارِقٍ / لَدعا صَوارِمَهُ إلَيْها المِغْفَرُ
فَعُفاتُهُ حَيثُ الغِنى يَسَعُ المُنى / وعُداتُهُ حَيثُ القَنا يتكَسّرُ
وبِسَيْبِهِ وبسِيْفِهِ أعمارُهُمْ / في كُلِّ مُعضِلَةٍ تَطولُ وتَقْصُرُ
وكأنّهُ المَنْصورُ في عَزَماتِهِ / ومُحَمّدٌ في المَكرُماتِ وجَعْفَرُ
وإذا مَعَدٌّ حُصِّلَتْ أنسابُها / فَهُمُ الذُّرا والجَوْهَرُ المُتَخيَّرُ
ولَهمْ وقائِعُ في العِدا مَذْكورةٌ / تَروي الذِّئابُ حَديثَها والأنسُرُ
والسُّمْرُ في اللّبّات راعِفةٌ دَماً / والبِيضُ يَخضِبُها النّجيعُ الأحْمَرُ
والقِرْنُ يرْكَبُ رَدْعَهُ ثَمِلَ الخُطا / والأعْوَجيَّةُ بالجَماجِمِ تَعْثُرُ
ودَجا النّهارُ منَ العَجاجِ وأشْرَقَتْ / فيهِ الصّوارِمُ وهْوَ ليلٌ مُقْمِرُ
يا بْنَ الشّفيعِ إِلى الحَيا ما لأمرئٍ / طامَنْتَ نَخوَتَهُ المَحلُّ الأكبَرُ
أنا غَرْسُ أنْعُمِكَ التي لا تُجتَدى / مَعها السّحائِبُ فهْيَ مِنْها أغْزَرُ
والنُّجْعُ يَضْمَنُهُ لمَنْ يرْتادُها / مِنْكَ الطّلاقَةُ والجَبينُ الأزهَرُ
وإنِ اقتَرَبْتُ أوِ اغْتَرَبْتُ فإنّني / لهِجٌ بشُكإِ عَوارِفٍ لا تُكفَرُ
وعُلاكَ لي في ظِلِّها ما أبتَغي / مِنها ومنْ كَلِمي لَها ما يُذْخَرُ
يُسْدي مَديحَكَ هاجِسي ويُنيرُهُ / فِكري وحظّي في امْتِداحِكَ أوفَرُ
بغْداذَ أيّتُها المَطيُّ فواصِلي / عَنَقاً تئِنُّ لهُ القِلاصُ الضُّمَّرُ
إنّي وحَقِّ المُستَجِنِّ بطَيْبَةٍ / كَلِفٌ بِها وإِلى ذَراها أصْوَرُ
وكأنَّني مما تُسوِّلُهُ المُنى / والدّارُ نازِحةٌ إليها أنظُرُ
أرضٌ تَجُرُّ بِها الخِلافَةُ ذَيْلَها / وبها الجِباهُ منَ المُلوكِ تُعَفَّرُ
فكأنّها جُلِيَتْ عَلَينا جَنّةٌ / وكأنّ دِجلَةَ فاضَ فيها الكَوثَرُ
وهَواؤُها أرِجُ النّسيمِ وتُرْبُها / مِسْكٌ تَهاداهُ الغَدائِرُ أذْفَرُ
يَقْوى الضّعيفُ بِها ويأمَنُ خائِفٌ / قَلِقَتْ وِسادَتُهُ ويُثْري المُقْتِرُ
فصَدَدْتُ عنها إذ نَباني مَعْشَري / وبَغى عليَّ منَ الأراذِلِ مَعْشَرُ
منْ كُلِّ مُلْتَحِفٍ بما يَصِمُ الفَتى / يُؤذي ويَظلِمُ أو يَخونُ ويَغْدِرُ
فنَفَضْتُ منهُ يدي مَخافَةَ كَيْدِهِ / إنَّ الكَريمَ على الأذى لا يَصْبِرُ
وأبَى لشِعْري أن أدَنِّسَهُ بهِمْ / حَسَبي وسَبُّ ذوي الخَنا أن يُحقَروا
قابَلْتُ سيّئَ ما أتَوْا بجَميلِ ما / آتي فإنّي بالمكارِمِ أجْدَرُ
وأبادَ بعضَهُمُ المَنونُ وبَعْضُهُمْ / في القِدِّ وهْوَ بما جَناهُ أبصَرُ
والأبيضُ المأثورُ يَخْطِمُ بالرّدى / مَنْ لا يُنَهْنِهُهُ القَطيعُ الأسمَرُ
فارْفَضَّ شملُهُمُ وكمْ مِنْ مَوْرِدٍ / للظّالِمينَ وليْسَ عنهُ مَصْدَرُ
وإِلى أميرِ المؤمنينَ تطَلَعَتْ / مِدَحٌ كما ابتَسَمَ الرِّياضُ تُحَبَّرُ
ويقيمُ مائِدَهُن لَيلٌ مُظلِمٌ / ويضُمُّ شارِدَهُنَّ صُبحٌ مُسْفِرُ
فبِمِثْلِ طاعَتِهِ الهِدايَةُ تُبْتَغى / وبفَضْلِ نائِلِهِ الخَصاصَةُ تُجْبَرُ
النّائِباتُ كَثيرةُ الإنذارِ
النّائِباتُ كَثيرةُ الإنذارِ / واليومَ طالَبَ صَرْفُها بالثّارِ
سُدَّتْ على عُونِ الرّزايا طُرْقُها / فسَمَتْ لنا بخُطوبِها الأبْكارِ
عَجَباً من القَدَرِ المُتاحِ تولّعَتْ / أحْداثُهُ بمُصَرِّفِ الأقدارِ
ولَنا بمُعتَرَكِ المَنايا أنْفُسٌ / وقَفَتْ بمَدْرَجَةِ القَضاءِ الجاري
في كلِّ يومٍ تعْتَرينا رَوعَةٌ / تَذَرُ العُيونَ كَواسِفَ الأبْصارِ
والموْتُ شِرْبٌ ليسَ يُورِدُهُ الرّدى / أحَداً فيَطْمَعَ منهُ في الإصدارِ
شرِبَ الأوائِلُ عُنفُوانَ غَديرِهِ / ولَنَشْربَنَّ بهِ من الأسْآرِ
ملأَتْ قُبورُهُمُ الفَضاءَ كأنّها / بُزْلُ الجِمالِ أُنِخْنَ بالأكْوارِ
ألْقَوا عِصِيَّهُمُ بدارِ إقامَةٍ / أنْضاءَ أيّامٍ مَضيْنَ قِصارِ
وكأنّهمُم بلَغوا المَدى فتَواقَفوا / يتَذاكَرونَ عَواقِبَ الأسْفارِ
لمْ يَذهَبوا سَلَفاً لنَغْبُرَ بَعدَهُمْ / أينَ البَقاءُ ونحنُ في الآثارِ
حارَتْ وراءَهُمُ العُقولُ كأننا / شَرْبٌ تُطَوِّحُهُمْ كُؤوسُ عُقارِ
يا مَنْ تُخادِعُهُ المُنى ولرُبّما / قطَعَتْ مَخائِلُها قُوى الأعمارِ
والناسُ يستَبِقون في مِضْمارِها / والمَوتُ آخِرُ ذلكَ المِضْمارِ
والعُمْرُ يَذْهَبُ كالحياةِ فما الذي / يُجْدي عَليكَ منَ الخَيالِ السّاري
بَيْنا الفَتى يَسِمُ الثّرى برِدائِهِ / إذ حَلَّ فيهِ رَهينَةَ الأحْجارِ
لوْ فاتَ عاديَةَ المَنونِ مُشَيَّعٌ / لنَجا بمُهْجَتِهِ الهِزَبْرُ الضّاري
أقْعى دوَيْنَ الغابِ يمنَعُ شِبلَهُ / ويُجيلُ نظرَةَ باسِلٍ كَرّارِ
وحَمى الأميرَ ابنَ الخَلائِفِ جعفَراً / إقْدامُ كُلِّ مغَرِّرٍ مِغْوارِ
يمشي كما مَشَتِ الأسودُ إِلى الوَغى / والخَيْلُ تَعثُرُ بالقَنا الخَطّارِ
ويخوضُ مُشْتَجَرَ الرِّماحِ بغِلْمَةٍ / عرَبيّةٍ نَخَواتُها أغْمارِ
ويَجوبُ أرديَةَ العَجاجِ بجَحْفَلٍ / لَجِبٍ تئِنُّ لهُ الرُّبا جَرّارِ
والمَشْرَفيّاتُ الرِّقاقُ كأنّها / ماءٌ أصابَ قَرارَةً في نارِ
ينعَوْنَ فَرْعاً من ذَوائِبِ دَوْحَةٍ / خَضِلَتْ حَواشِيها عَلَيْهِ نُضارِ
نَبَويّةِ الأعراقِ مُقْتَدَرِيّةٍ / تَفْتَرُّ عنْ كَرَمٍ وطِيبِ نِجارِ
ذَرَفَتْ عُيونُ المَكْرُماتِ وأعْصَمَتْ / أسَفاً بأكْبادٍ علَيْهِ حِرارِ
صَبْراً أميرَ المؤْمنينَ فأنْتُمُ / أسْكَنتُمُ الأحْلامَ ظِلَّ وَقارِ
هذا الهِلالُ وقد رَجَوْتَ نُمُوَّهُ / للمَجْدِ عاجَلَهُ الرّدى بسِرارِ
إن غاضَ مِنْ أنوارِهِ فَوراءَهُ / أُفُقٌ تَوَشّحَ منكَ بالأقمارِ
كادَتْ تَزولُ الرّاسِياتُ لِفَقْدِهِ / حتى أذِنْتَ لهُنَّ في استقْرارِ
ومتى أصابَ ولا أصابَكَ حادِثٌ / مِما يُطامِنُ نَخوةَ الجبّارِ
فاذْكُرْ مُصابَكَ بابنِ عمّكَ أحْمَدٍ / والغُرِّ منْ آبائِكَ الأخْيارِ
كانوا بُدورَ أسِرَّةٍ ومَنابِرٍ / يتهلّلونَ بأوْجُهٍ أحْرارِ
قومٌ إذا ذَكَرَتْ قُرَيْشٌ فضْلَهُمْ / أصْغى إليها البَيتُ ذو الأسْتارِ
بلغَ السّماءَ بهِمْ كِنانَةُ وارْتَدى / بالفَخْرِ حَيّا يَعْرُبٍ ونِزارِ
فاسْلَمْ رَفيعَ النّاظِرينَ إِلى العُلا / تُهْدى إليكَ قَلائِدُ الأشْعارِ
والدّهْرُ عَبْدٌ والأوامِرُ طاعَةٌ / والمُلْكُ مُقْتَبَلٌ وزَنْدُكَ وارِ
وَكَواعِبٍ تَشْكو الوُشاةَ كَما شَكَتْ
وَكَواعِبٍ تَشْكو الوُشاةَ كَما شَكَتْ / أَرْدافَها عِنْدَ القِيامِ خُصورُها
وتُريكَ أُدْحِيَّ الظَّليمِ حِجالُها / وَتَضُمُّ غِزْلانَ الصَّريمِ خُدورُها
وَإِذا رَنَتْ وَلَعَ الفُتورُ بِمُهْجَتِي / مِنْ أَعْيُنٍ مَلَكَ القُلوبَ فُتُورُها
حَسُنَتْ لَيالي الوَصْلِ حِيْنَ تَشَابَهَتْ / وَجَناتُها في حُسْنِها وَبُدُورُها
وَصَدَدْتُ عَنْ تِلْكَ المَراشِفِ عِفَةًّ / فَالرِّيقُ خَمْرٌ وَالحَبابُ ثُغورُها
وَمُهَفْهَفٍ أَشْكو فَظاظَةَ عاذِلٍ
وَمُهَفْهَفٍ أَشْكو فَظاظَةَ عاذِلٍ / يُزْري عَلَيَّ إِلى لَطافَةِ خَصْرِهِ
أَسْرى فَجابَ سَناهُ أَرْدِيَةَ الدُّجَى / حَتّى اسْتَجارَ اللَّيلُ مِنْهُ بِشَعْرِهِ
والخَدُّ مِنْ عَرَقٍ يَفيضُ جُمانُهُ / كَالوَرْدِ قَرَّطَهُ الغَمامُ بِقَطْرِهِ
وَبِكَفِّهِ القَدَحُ الرَّوِيُّ وَمِنْهُ ما / أَلْتَذُّهُ وَيَروقُني مِنْ خَمْرِهِ
هِيَ لَوْنُها مِنْ وَجْنَتَيْهِ وَطَعْمُها / مِنْ رِيقِهِ وَحَبابُها مِنْ ثَغْرِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025