القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 10
هذا المقام وهذه أسرارُه
هذا المقام وهذه أسرارُه / رُفع الحجاب فأشرقت أنوارُه
وبدا هلالُ التمّ يسطعُ نورُه / للناظرين وزالَ عنه سرارُه
فأنار روضَ القلبِ في ملكوته / وأتتْ بكلِّ حقيقة أشجارُه
عند التنزُّلِ صحَّ ما يختارُه / قلبٌ أحاطت بالردى أستارُه
وبدا النسيمُ ملاعباً أغصانه / فهفت بأسرار العلى أطيارُه
جادتْ على أهل الروائحِ مِنة / منه برّيا طيبها أزهارُه
هام الفؤاد بحبه فتقدّسّتْ / أوصافه وتنزَّهت أفكارُه
وتنزَّل الروحُ الأمين لقلبِه / يومَ العَروبة فانقضَتْ أوطارُه
إنّ الفؤاد مع التنزُّل واقفٌ / ما لم يصح إلى النزيل مطارُه
من كان يشغله التكاثرُ لم يكن / بعثته يومَ ورودِه اكثاره
من فتي لحقيقة يصبر على / لأوائها حتى يرى مقداره
لا كالذي أمسى لذاك منافراً / والمنتمي من لا يخاف نفاره
من يدَّعي أن الحبيب أنيسه / في حاله فدليله استبشارُه
من يدَّعي حكم الكيان فإنه / قد تيمته بحبها أغياره
من كان يزعم أنه من آله / سبحانه فشهوده أذكاره
شهداء من نال الوجود شعاره / أمر يعرّف شرعه ودثاره
وأنينه مما يجنّ وصمته / عنه وعبرة وجده وأواره
ما نال من جعل الشريعةَ جانباً / شيا وَلو بلغ السماء منارُه
الحال إما شاهد أو وارد / تجري على حكم الهوى آثارُه
والناسُ إمّا مؤمن أو جاحدٌ / أو مدَّعٍ ثوبُ النفاقِ شعارُه
المنزل العالي المنيفُ بناؤه / واهٍ متى ما لم تقم عماره
العقل إن جاريتَه في رأيه / فلك على نيل المقامِ مداره
لو كان تسعده النفوسُ وإنما / حجبته عن نيل العلى أوزاره
فإذا أتته عناية من ربِّه / في الحال حَفَّ ببابه زوّارُه
ورأيته لما تخلص روحه / من سجنه أسرى به جباره
وقد امتطى رحبَ اللبانِ مدبراً / يُدعى البُراق فما يُشق غُباره
تهوى به الهُوج الشِّداد فيرتمي / نحو الطِّباقِ وشهبُهنّ شِفاره
ما زال ينزل كل نور لائح / من جانبيه فما يقرّ قرارُه
حتى بدت شمسُ الوجود لقلبه / وبدا لعينِ فؤاده إضماره
وتلاقت الأرواح في ملكوته / فتواصلت ببحاره أنهاره
مدّ اليمين لبيعته مخصوصة / أبدى لها وجه الرضى مختاره
لما بدا حسنُ المقامِ لعِينه / عقدت عليه خلافة أزراره
ثم التوى يطوي الطريق لجسمه / ليلاً حذار أن يبوحَ نهاره
وأتت ركائبه لحضرة ملكه / بودائع يعتادها أبرارُه
وتوجهت سفراؤه بقضائه / في كلِّ قلبٍ لم يزل يختارُه
وحمت جوانبه سيوف عزائم / منه وطاف ببابه سُمَّارُه
أين الذين تحققوا بصفاته / هذي العداة فأين هم أنصارُه
من يدَّعي حُبَّ الإمام فإنما / قذفت به نحو المنون بحارُه
وسطا على جيش الكيان بصارِمٍ / عَضْبِ المضاربِ لايُفلّ غِرارُه
مَنْ يهتدي أهل النهى بمنارة / ذاك الخليفة تُقتفى أثارُه
إن الذين يبايعونك إنهم / ليبايعون من اعتلَّت أسرارُه
فيمينك الحجر المكرَّم فيهم / يا نصبة خضعت له أخياره
يا بيعة الرضوان دمت سعيدة / حتى تعطَّل للإمام عشاره
إنَّ الديار بلاقع ما لم يكن / صفواً للحبيبين نزيلها ونضاره
المالُ يُصلح كلَّ شيء فاسدٍ / وبه يزول عن الجواد عثارُه
من ظن أنّ طريق أربابِ العلى
من ظن أنّ طريق أربابِ العلى / قولٌ فجهلٌ حائلٌ وتعذَّرُ
إن السبيل إلى الإله عناية / منه بمن قد شاءَه وتعزّر
لا يرتضي لحقيقة وعزّة / إلا إذا ضمَّ السنابلَ بيدرُ
الحالُ يطلبه بشرطِ مقامه / فإذا ادَّعاه فحاله لكَ يشهرُ
يتخيلُ المسكينُ أنّ علومها / ما بين أوراقِ الكتابِ تُسَطر
هيهاتِ بل ما أودعوا في كتبهم / إلا يسيراً من أمورٍ تعسُر
لا يقرأ الأقوامُ غيرَ نفوسِهم / في حالهم مع ربِّهم هل يحصر
فترى الدخيلَ يقيس فيه برأيه / ليقال هذا منهم فيكبر
وتناقصت أقواله إن لم يكن / عن حاله فيما تقدّم يخبر
علمُ الطريقةِ لا يُنالُ براحةٍ / ومقايس فاجهد لعلك تظفر
غرَّت علومُ القومِ عن إدراك من / لا يعتريه صبابةٌ وتحيُّر
وتنَّفس مما يَجنُّ وأنة / وجوى يزيد وعَبرة لا تفتر
وتذلَّل وتولَّه في غَيبةٍ / وتلذَّذْ بمشاهد لا تظهر
وتقبض عند الشهود وغيرة / إن قام شخصٌ بالشريعةِ يسخر
وتخشع وتفجَّعْ وتشرَّع / بتشرُّع لله لا يتغير
هذا مقام القومِ في أحوالهم / ليسوا كمن قال الشريعةُ مزجر
ثم ادّعى أن الحقيقة خالفتْ / ما الشرعُ جاء به ولكن تستّر
تباً لها من قالة مِن جاحد / ويلٌ له يومَ الجحيم يسعر
أو من يشاهد في المشاهد مُطرقاً / ليقال هذا عابدٌ متفكِّر
هذا مرائي لا يلذ براحةٍ / في نفسه إلا سويعة يتطيّر
لكنه من ذاك أسعد حالة / ول النعيم إذا الجهولُ يفطر
إنَّ الغمامَ مطارحُ الأنوارِ
إنَّ الغمامَ مطارحُ الأنوارِ / ولذاك أضحى أقربَ الأستارِ
منه تفجرتِ العلومُ على النهى / وبه يكون الكشف للأبصار
فيه البروقُ وليس يذهِبُ ضَوءُها / أبصارَنا لتقدسَ الأبصار
فيه الرعودُ وليس يذهبُ صوتها / أسماعَنا لتنزُّهِ الأسرارِ
فيه الصواعقُ ليس يذهبُ رسمنا / إحراقها لعنايةِ الآثار
فيه الغيوم وليس يهلك سيلها / أشجارنا لتحقيقِِ الإيثار
ما بعدَه شيء سوى مطلوبِنا / ربُّ الأنام مع اسمِه الغفَّار
فإذا انجلى ذاك الغمام فذاته / تبدو إلى الأنوار في الأنوار
والنورُ يدرج مثله في ضوئه / كالشمسِ لا تُفني ضياءَ النار
فترى البصائرُ والعيونُ جلالَه / وجمالَه في الشمسِ والأقمارِ
فافهم إشارتنا تفز بحقائق / تخفى على العقلاء والنظَّارِ
هذي المنازلُ والفؤادُ الساري
هذي المنازلُ والفؤادُ الساري / فيها بحكم تصرُّف الأقدار
دارت به الأفلاك في فسحاتها / والكون في الأدوار بالأكوار
فإذا تحل بمنزل تهفو له / شوقاً إليه مطارحُ الأنوار
فيمدّها بالفيض في غَسَقِِ الدُجى / حتى يشمِّر عسكرُ الأسحارِ
للانتقال من البسيطة قاصداً / جهة اليمينِ ومغربَ الأسرارِ
ويحل إدريس العليّ ببوحه / في أثر ذاك العسكرِ الجرارِ
يخفى على عين المشاهد نورُه / كالشمسِ تنفي سطوةَ الأقمار
فالزمهريرُ مع الأثير تحكما / بالابردِ والتسخين في الأطوار
إن الذين يبايعونك إنهم
إن الذين يبايعونك إنهم / ليبايعون الله دونك فاعتبر
إنّ التحرك عن ضجر
إنّ التحرك عن ضجر / سخط على حكمِ القدرْ
الساكنون لحكمِنا / قومٌ أعزّاء صبُر
فهم لنا وأنا لهم / وهم المرادُ من البَشَر
لا تركُننَّ لغيرِنا / واصبِر تعشْ مع من صَبَر
إني لكل مسلمٍ / عرفَ الحقيقة فاعتبر
في كلِّ ما يجري علي / ه من المكارِه والضَّرر
قل للذين تحرَّكوا / من حكمنا أين المفر
ماثَمَّ إلاّ حكمنا / عند الإقامة والسفر
فاربحْ قعودَك تسترحْ / قتكونَ من أهل الظفر
فالله ليسَ بغائبٍ / وهو الكفيل لمن نظر
إنّ الإله له تجلٍّ في الصور
إنّ الإله له تجلٍّ في الصور / عند الشهود لمن تحقق بالنظر
بتحوُّلٍ وتبدُّلٍ يَقضي به / عينُ الشهود لنا وينفيه النظر
الفكر فيه محرَّم في شرعنا / فاحذره والزم إنْ تقدمتَ النظر
من ينتظر نفحاته من يصيب / هذا ضمنت لمن يلازمه النظر
إني مع الرحمنِ إن حققت ما / جئنا به عند التحقيق في نظر
أين العزيز ومن له في نفسه / صفةُ الغنى ممن يذل ويفتقر
كبِّر إلهك فالإله كبير
كبِّر إلهك فالإله كبير / والخلق إن حقرته فكبيرُ
ولذاك جاء بوزن أفعل فاعتبر / في لفظ أكبر فالمقامُ خطير
لا تحقرنَّ الخلقَ إن مقامه الت / عظيم والتعزيز والتوقيرُ
فهو الدليل على مكوّن ذاته / فله التصوُّر ما له التصوير
فإذا ذكرت الله وحِّد ذاته / فمقامها التوحيد ولها التكثير
ولتكثير النسب التي ثبتت له / فهو الوحيد وإنه لكثير
فهو المريد وجودنا من عينه / وإذا أراد وجودنا فقدير
وهو المكلم والمناجي عبدَه / بالطورِ في النيران وهو النور
وهو السميعُ هو البصيرُ بخلقه / وهو العليم بما علمتَ خبير
إني رأيت قصيدتي ديباجةً / فيها نُضارٌ رقمُها وحرير
أوّلتها أسماءه ونعوته / فلها على كلِّ الوجوهِ ظهورِ
شغف السهاد بمقلتي ومزاري
شغف السهاد بمقلتي ومزاري / فعلى الدموع معوَّلي ومشاري
قال ابنُ ثابت الذي فخرتْ به
قال ابنُ ثابت الذي فخرتْ به / فقرُالكلامِ ونشأةُ الأشعار
شغف السهادُ بمقلتي ومزاري / فعلى الدموعِ معوَّلي ومشاري
فلذا جعلتُ رويه الراء التي / هي من حروف الردِّ والتكرار
فأقولُ مبتدئاً لطاعة أحمد / في مدح قومٍ سادةٍ أخيار
إني امرؤ من جملة الأنصار / فإذا مدحتهمُ مدحتُ نجاري
لسيوفهم قام الهدى وعلتْ بهم / أنواره في رأس كلِّ منارِ
فاموا بنصر الهاشميّ محمدٍ / ألمصطفى المختارِ من مختار
صحبوا النبيّ بنيةٍ وعزائم / فازوا بهنَّ حميدة الآثار
باعوا نفوسهمُ لنصرةِ دينه / ولذاك ما صحبوه بالإيثار
لهمُ كنى المختار بالنفس الذي / يأتيه من يمن مع الأقدار
سعد سليل عبادة فخرت به / يومَ السقيفةِ جملةُ الأنصار
لله آسادٌ لكلِّ كريهةٍ / نزلتْ بدينِ الله والأبرار
عزوا بدين الله في إعزازهم / دين الهدى بالعسكر الجرّار
فيهم علا يوم القيامةِ مشهدي / وبهم يرى عند الورود فخاري
لو أنني صغتُ الكلامَ قلائداً / في مدحهم ما كنت بالمكثار
كرش النبي وعيبة لرسوله / لحقت به أعداؤه بتبار
رُهبان ليلٍ يقرأونَ كلامه / آساد غابٍ في الوغَى بنهار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025