المجموع : 10
هذا المقام وهذه أسرارُه
هذا المقام وهذه أسرارُه / رُفع الحجاب فأشرقت أنوارُه
وبدا هلالُ التمّ يسطعُ نورُه / للناظرين وزالَ عنه سرارُه
فأنار روضَ القلبِ في ملكوته / وأتتْ بكلِّ حقيقة أشجارُه
عند التنزُّلِ صحَّ ما يختارُه / قلبٌ أحاطت بالردى أستارُه
وبدا النسيمُ ملاعباً أغصانه / فهفت بأسرار العلى أطيارُه
جادتْ على أهل الروائحِ مِنة / منه برّيا طيبها أزهارُه
هام الفؤاد بحبه فتقدّسّتْ / أوصافه وتنزَّهت أفكارُه
وتنزَّل الروحُ الأمين لقلبِه / يومَ العَروبة فانقضَتْ أوطارُه
إنّ الفؤاد مع التنزُّل واقفٌ / ما لم يصح إلى النزيل مطارُه
من كان يشغله التكاثرُ لم يكن / بعثته يومَ ورودِه اكثاره
من فتي لحقيقة يصبر على / لأوائها حتى يرى مقداره
لا كالذي أمسى لذاك منافراً / والمنتمي من لا يخاف نفاره
من يدَّعي أن الحبيب أنيسه / في حاله فدليله استبشارُه
من يدَّعي حكم الكيان فإنه / قد تيمته بحبها أغياره
من كان يزعم أنه من آله / سبحانه فشهوده أذكاره
شهداء من نال الوجود شعاره / أمر يعرّف شرعه ودثاره
وأنينه مما يجنّ وصمته / عنه وعبرة وجده وأواره
ما نال من جعل الشريعةَ جانباً / شيا وَلو بلغ السماء منارُه
الحال إما شاهد أو وارد / تجري على حكم الهوى آثارُه
والناسُ إمّا مؤمن أو جاحدٌ / أو مدَّعٍ ثوبُ النفاقِ شعارُه
المنزل العالي المنيفُ بناؤه / واهٍ متى ما لم تقم عماره
العقل إن جاريتَه في رأيه / فلك على نيل المقامِ مداره
لو كان تسعده النفوسُ وإنما / حجبته عن نيل العلى أوزاره
فإذا أتته عناية من ربِّه / في الحال حَفَّ ببابه زوّارُه
ورأيته لما تخلص روحه / من سجنه أسرى به جباره
وقد امتطى رحبَ اللبانِ مدبراً / يُدعى البُراق فما يُشق غُباره
تهوى به الهُوج الشِّداد فيرتمي / نحو الطِّباقِ وشهبُهنّ شِفاره
ما زال ينزل كل نور لائح / من جانبيه فما يقرّ قرارُه
حتى بدت شمسُ الوجود لقلبه / وبدا لعينِ فؤاده إضماره
وتلاقت الأرواح في ملكوته / فتواصلت ببحاره أنهاره
مدّ اليمين لبيعته مخصوصة / أبدى لها وجه الرضى مختاره
لما بدا حسنُ المقامِ لعِينه / عقدت عليه خلافة أزراره
ثم التوى يطوي الطريق لجسمه / ليلاً حذار أن يبوحَ نهاره
وأتت ركائبه لحضرة ملكه / بودائع يعتادها أبرارُه
وتوجهت سفراؤه بقضائه / في كلِّ قلبٍ لم يزل يختارُه
وحمت جوانبه سيوف عزائم / منه وطاف ببابه سُمَّارُه
أين الذين تحققوا بصفاته / هذي العداة فأين هم أنصارُه
من يدَّعي حُبَّ الإمام فإنما / قذفت به نحو المنون بحارُه
وسطا على جيش الكيان بصارِمٍ / عَضْبِ المضاربِ لايُفلّ غِرارُه
مَنْ يهتدي أهل النهى بمنارة / ذاك الخليفة تُقتفى أثارُه
إن الذين يبايعونك إنهم / ليبايعون من اعتلَّت أسرارُه
فيمينك الحجر المكرَّم فيهم / يا نصبة خضعت له أخياره
يا بيعة الرضوان دمت سعيدة / حتى تعطَّل للإمام عشاره
إنَّ الديار بلاقع ما لم يكن / صفواً للحبيبين نزيلها ونضاره
المالُ يُصلح كلَّ شيء فاسدٍ / وبه يزول عن الجواد عثارُه
من ظن أنّ طريق أربابِ العلى
من ظن أنّ طريق أربابِ العلى / قولٌ فجهلٌ حائلٌ وتعذَّرُ
إن السبيل إلى الإله عناية / منه بمن قد شاءَه وتعزّر
لا يرتضي لحقيقة وعزّة / إلا إذا ضمَّ السنابلَ بيدرُ
الحالُ يطلبه بشرطِ مقامه / فإذا ادَّعاه فحاله لكَ يشهرُ
يتخيلُ المسكينُ أنّ علومها / ما بين أوراقِ الكتابِ تُسَطر
هيهاتِ بل ما أودعوا في كتبهم / إلا يسيراً من أمورٍ تعسُر
لا يقرأ الأقوامُ غيرَ نفوسِهم / في حالهم مع ربِّهم هل يحصر
فترى الدخيلَ يقيس فيه برأيه / ليقال هذا منهم فيكبر
وتناقصت أقواله إن لم يكن / عن حاله فيما تقدّم يخبر
علمُ الطريقةِ لا يُنالُ براحةٍ / ومقايس فاجهد لعلك تظفر
غرَّت علومُ القومِ عن إدراك من / لا يعتريه صبابةٌ وتحيُّر
وتنَّفس مما يَجنُّ وأنة / وجوى يزيد وعَبرة لا تفتر
وتذلَّل وتولَّه في غَيبةٍ / وتلذَّذْ بمشاهد لا تظهر
وتقبض عند الشهود وغيرة / إن قام شخصٌ بالشريعةِ يسخر
وتخشع وتفجَّعْ وتشرَّع / بتشرُّع لله لا يتغير
هذا مقام القومِ في أحوالهم / ليسوا كمن قال الشريعةُ مزجر
ثم ادّعى أن الحقيقة خالفتْ / ما الشرعُ جاء به ولكن تستّر
تباً لها من قالة مِن جاحد / ويلٌ له يومَ الجحيم يسعر
أو من يشاهد في المشاهد مُطرقاً / ليقال هذا عابدٌ متفكِّر
هذا مرائي لا يلذ براحةٍ / في نفسه إلا سويعة يتطيّر
لكنه من ذاك أسعد حالة / ول النعيم إذا الجهولُ يفطر
إنَّ الغمامَ مطارحُ الأنوارِ
إنَّ الغمامَ مطارحُ الأنوارِ / ولذاك أضحى أقربَ الأستارِ
منه تفجرتِ العلومُ على النهى / وبه يكون الكشف للأبصار
فيه البروقُ وليس يذهِبُ ضَوءُها / أبصارَنا لتقدسَ الأبصار
فيه الرعودُ وليس يذهبُ صوتها / أسماعَنا لتنزُّهِ الأسرارِ
فيه الصواعقُ ليس يذهبُ رسمنا / إحراقها لعنايةِ الآثار
فيه الغيوم وليس يهلك سيلها / أشجارنا لتحقيقِِ الإيثار
ما بعدَه شيء سوى مطلوبِنا / ربُّ الأنام مع اسمِه الغفَّار
فإذا انجلى ذاك الغمام فذاته / تبدو إلى الأنوار في الأنوار
والنورُ يدرج مثله في ضوئه / كالشمسِ لا تُفني ضياءَ النار
فترى البصائرُ والعيونُ جلالَه / وجمالَه في الشمسِ والأقمارِ
فافهم إشارتنا تفز بحقائق / تخفى على العقلاء والنظَّارِ
هذي المنازلُ والفؤادُ الساري
هذي المنازلُ والفؤادُ الساري / فيها بحكم تصرُّف الأقدار
دارت به الأفلاك في فسحاتها / والكون في الأدوار بالأكوار
فإذا تحل بمنزل تهفو له / شوقاً إليه مطارحُ الأنوار
فيمدّها بالفيض في غَسَقِِ الدُجى / حتى يشمِّر عسكرُ الأسحارِ
للانتقال من البسيطة قاصداً / جهة اليمينِ ومغربَ الأسرارِ
ويحل إدريس العليّ ببوحه / في أثر ذاك العسكرِ الجرارِ
يخفى على عين المشاهد نورُه / كالشمسِ تنفي سطوةَ الأقمار
فالزمهريرُ مع الأثير تحكما / بالابردِ والتسخين في الأطوار
إن الذين يبايعونك إنهم
إن الذين يبايعونك إنهم / ليبايعون الله دونك فاعتبر
إنّ التحرك عن ضجر
إنّ التحرك عن ضجر / سخط على حكمِ القدرْ
الساكنون لحكمِنا / قومٌ أعزّاء صبُر
فهم لنا وأنا لهم / وهم المرادُ من البَشَر
لا تركُننَّ لغيرِنا / واصبِر تعشْ مع من صَبَر
إني لكل مسلمٍ / عرفَ الحقيقة فاعتبر
في كلِّ ما يجري علي / ه من المكارِه والضَّرر
قل للذين تحرَّكوا / من حكمنا أين المفر
ماثَمَّ إلاّ حكمنا / عند الإقامة والسفر
فاربحْ قعودَك تسترحْ / قتكونَ من أهل الظفر
فالله ليسَ بغائبٍ / وهو الكفيل لمن نظر
إنّ الإله له تجلٍّ في الصور
إنّ الإله له تجلٍّ في الصور / عند الشهود لمن تحقق بالنظر
بتحوُّلٍ وتبدُّلٍ يَقضي به / عينُ الشهود لنا وينفيه النظر
الفكر فيه محرَّم في شرعنا / فاحذره والزم إنْ تقدمتَ النظر
من ينتظر نفحاته من يصيب / هذا ضمنت لمن يلازمه النظر
إني مع الرحمنِ إن حققت ما / جئنا به عند التحقيق في نظر
أين العزيز ومن له في نفسه / صفةُ الغنى ممن يذل ويفتقر
كبِّر إلهك فالإله كبير
كبِّر إلهك فالإله كبير / والخلق إن حقرته فكبيرُ
ولذاك جاء بوزن أفعل فاعتبر / في لفظ أكبر فالمقامُ خطير
لا تحقرنَّ الخلقَ إن مقامه الت / عظيم والتعزيز والتوقيرُ
فهو الدليل على مكوّن ذاته / فله التصوُّر ما له التصوير
فإذا ذكرت الله وحِّد ذاته / فمقامها التوحيد ولها التكثير
ولتكثير النسب التي ثبتت له / فهو الوحيد وإنه لكثير
فهو المريد وجودنا من عينه / وإذا أراد وجودنا فقدير
وهو المكلم والمناجي عبدَه / بالطورِ في النيران وهو النور
وهو السميعُ هو البصيرُ بخلقه / وهو العليم بما علمتَ خبير
إني رأيت قصيدتي ديباجةً / فيها نُضارٌ رقمُها وحرير
أوّلتها أسماءه ونعوته / فلها على كلِّ الوجوهِ ظهورِ
شغف السهاد بمقلتي ومزاري
شغف السهاد بمقلتي ومزاري / فعلى الدموع معوَّلي ومشاري
قال ابنُ ثابت الذي فخرتْ به
قال ابنُ ثابت الذي فخرتْ به / فقرُالكلامِ ونشأةُ الأشعار
شغف السهادُ بمقلتي ومزاري / فعلى الدموعِ معوَّلي ومشاري
فلذا جعلتُ رويه الراء التي / هي من حروف الردِّ والتكرار
فأقولُ مبتدئاً لطاعة أحمد / في مدح قومٍ سادةٍ أخيار
إني امرؤ من جملة الأنصار / فإذا مدحتهمُ مدحتُ نجاري
لسيوفهم قام الهدى وعلتْ بهم / أنواره في رأس كلِّ منارِ
فاموا بنصر الهاشميّ محمدٍ / ألمصطفى المختارِ من مختار
صحبوا النبيّ بنيةٍ وعزائم / فازوا بهنَّ حميدة الآثار
باعوا نفوسهمُ لنصرةِ دينه / ولذاك ما صحبوه بالإيثار
لهمُ كنى المختار بالنفس الذي / يأتيه من يمن مع الأقدار
سعد سليل عبادة فخرت به / يومَ السقيفةِ جملةُ الأنصار
لله آسادٌ لكلِّ كريهةٍ / نزلتْ بدينِ الله والأبرار
عزوا بدين الله في إعزازهم / دين الهدى بالعسكر الجرّار
فيهم علا يوم القيامةِ مشهدي / وبهم يرى عند الورود فخاري
لو أنني صغتُ الكلامَ قلائداً / في مدحهم ما كنت بالمكثار
كرش النبي وعيبة لرسوله / لحقت به أعداؤه بتبار
رُهبان ليلٍ يقرأونَ كلامه / آساد غابٍ في الوغَى بنهار