المجموع : 14
إِنَّ النَضيرَةَ رَبَّةَ الخِدرِ
إِنَّ النَضيرَةَ رَبَّةَ الخِدرِ / أَسرَت إِلَيكَ وَلَم تَكُن تُسري
فَوَقَفتُ بِالبَيداءِ أَسأَلُها / أَنّى اِهتَدَيتِ لِمَنزِلِ السَفرِ
وَالعيسُ قَد رُفِضَت أَزِمَّتُها / مِمّا يَرَونَ بِها مِنَ الفَترِ
وَعَلَت مَساوِئُها مَحاسِنَها / مِمّا أَضَرَّ بِها مِنَ الضُمرِ
كُنّا إِذا رَكَدَ النَهارُ لَنا / نَغتالُهُ بِنَجائِبٍ صُعرِ
عوجٍ نَواجٍ يَغتَلينَ بِنا / يُعفينَ دونَ النَصِّ وَالزَجرِ
مُستَقبِلاتٍ كُلَّ هاجِرَةٍ / يَنفَحنَ في حَلقٍ مِنَ الصُفرِ
وَمَناخُها في كُلِّ مَنزِلَةٍ / كَمَبيتِ جونِيِّ القَطا الكُدرِ
وَسَما عَلى عودٍ فَعارَضَنا / حِرباؤُها أَو هَمَّ بِالخَطَرِ
وَتَكَلُّفي اليَومَ الطَويلَ وَقَد / صَرَّت جَنادِبُهُ مِنَ الظُهرِ
وَاللَيلَةَ الظَلماءَ أُدلِجُها / بِالقَومِ في الدَيمومَةِ القَفرِ
يَنعى الصَدى فيها أَخاهُ كَما / يَنعى المُفَجَّعُ صاحِبَ القَبرِ
وَتَحولُ دونَ الكَفِّ ظُلمَتُها / حَتّى تَشُقَّ عَلى الَّذي يَسري
وَلَقَد أَرَيتُ الرَكبَ أَهلَهُمُ / وَهَدَيتُهُم بِمَهامِهٍ غُبرِ
وَبَذَلتُ ذا رَحلي وَكُنتُ بِهِ / سَمحاً لَهُم في العُسرِ وَاليُسرِ
فَإِذا الحَوادِثُ ما تُضَعضِعُني / وَلا يَضيقُ بِحاجَتي صَدري
إِنّي أُكارِمُ مَن يُكارِمُني / وَعَلى المُكاشِحِ يَنتَحي ظُفري
يُعيِي سِقاطي مَن يُوازِنُني / إِنّي لَعَمرُكَ لَستُ بِالهَذرِ
لا أَسرِقُ الشُعَراءَ ما نَطَقوا / بَل لا يُوافِقُ شِعرَهُم شِعري
إِنّي أَبى لي ذَلِكُم حَسَبي / وَمَقالَةٌ كَمَقالِعِ الصَخرِ
وَأَخي مِنَ الجِنِّ البَصيرُ إِذا / حاكَ الكَلامَ بِأَحسَنَ الحَبرِ
أَنَضيرَ ما بَيني وَبَينَكُمُ / صُرَمٌ وَما أَحدَثتُ مِن هَجرِ
وَلَقَد شَكَرتُ نَوالَكُم وَبَلاكُمُ / إِن كانَ عِندَكَ نافِعاً شُكري
لا تَقطَعي وَصلي وَتَلتَمِسي / غَيري وَلَمّا تَعلَمي خُبري
جودي فَإِنَّ الجودَ مَكرُمَةٌ / وَاِجزي الحُسامَ بِبَعضِ ما يَفري
وَحَلَفتُ لا أَنساكُمُ أَبَداً / ما رَدَّ طَرفَ العَينِ ذو شُفرِ
وَحَلَفتُ لا أَنسى حَديثَكِ ما / ذَكَرَ الغَوِيُّ لَذاذَةَ الخَمرِ
وَلَأَنتِ أَحسَنُ إِذ بَرَزتِ لَنا / يَومَ الخُروجِ بِساحَةِ القَصرِ
مِن دُرَّةٍ أَغلى المُلوكُ بِها / مِمّا تَرَبَّبَ حائِرُ البَحرِ
بَيضاءُ لَو مَرَّت بِذي نُسُكٍ / يَتلو البَيانَ يَلوحُ في الزُبرِ
مُتَبَتِّلٍ عَن كُلِّ فاحِشَةٍ / سَكَنَ الصَوامِعَ رَهبَةَ الوِزرِ
لَرَأَيتَهُ حَرّانَ يَذكُرُها / يَجتازُ رُؤيَتَها عَلى الذِكرِ
بَذَّت نِساءَ العالَمينَ كَما / بَذَّ الكَواكِبَ مَطلَعُ البَدرِ
مَمكورَةُ الساقَينِ شِبهُهُما / بَردِيَّتا مُتَحَيِّرٍ غَمرِ
تَنمي كَما تَنمي أَرومَتُها / بِمَحَلِّ أَهلِ المَجدِ وَالفَخرِ
يَعتادُني شَوقٌ فَأَذكُرُها / مِن غَيرِ ما نَسَبٍ وَلا صِهرِ
كَتَذَكُّرِ الصادي وَلَيسَ لَهُ / ماءٌ بِقُنَّةِ شاهِقٍ وَعرِ
وَلَقَد تُجالِسُني فَيَمنَعُني / ضيقُ الذِراعِ وَعِلَّةُ الخَفرِ
لَو كُنتِ لا تَهوَينَ لَم تَرِدي / أَو كانَ ما تَلوينَ في وَكرِ
لَأَتَيتُهُ لا بُدَّ طالِبَهُ / فَاِقنَي حَياءَكِ وَاِقبَلي عُذري
قُل لِلنَضيرَةِ إِن عَرَضتَ لَها / لَيسَ الجَوادُ بِصاحِبِ النَزرِ
قَومي بَنو النَجّارِ رِفدُهُمُ / حَسَنٌ وَهُم لي حاضِرو النَصرِ
المَوتُ دوني لَستُ مُهتَضِماً / وَذَوُو المَكارِمِ مِن بَني عَمروِ
جُرثومَةٌ عِزٌّ مَعاقِلُها / كانَت لَنا في سالِفِ الدَهرِ
يا حارِ مَن يَغدِر بِذِمَّةِ جارِهِ
يا حارِ مَن يَغدِر بِذِمَّةِ جارِهِ / مِنكُم فَإِن مُحَمَّداً لَم يَغدِر
إِن تَغدِروا فَالغَدرُ مِنكُم شيمَةٌ / وَالغَدرُ يَنبُتُ في أُصولِ السَخبَرِ
وَأَمانَةُ المُرِّيِّ حَيثُ لَقَيتَهُ / مِثلُ الزُجاجَةِ صَدعُها لَم يُجبَرِ
يا اِبنَ الَّتي لَبِثَت مَلِيّاً في اِستِها
يا اِبنَ الَّتي لَبِثَت مَلِيّاً في اِستِها / أَيرٌ وَفي حِرِها كُراعُ بَعيرِ
قَد كُنتُ لا أَهوى السِبابِ فَسَبَّني / أَحلامُ طَيرٍ في قُلوبِ حَميرِ
إِيّاكَ إِنّي قَد كَبِرتُ وَغالَني
إِيّاكَ إِنّي قَد كَبِرتُ وَغالَني / عَنكَ الغَوائِلُ قَبلَ شَيبِ المَكبَرِ
فَجَعَلتَني غَرَضَ اللِئامِ فَكُلُّهُم / يَرمي بِلُؤمِهِ بالِغاً كَمُقَصِّرِ
عَنّي تَضِبُّ لِثاتُكُم فَغَدَت بِكُم / سَوداءَ أَصلُ فُروعِها كَالعُنقُرِ
أَجَزَرتَهُم عِرضي تَهَكَّمُ سادِراً / ثَكِلَتكَ أُمُّكَ غَيرَ عِرضي أَجزِرِ
هَدَفٌ تَعاوَرَهُ الرُماةُ كَأَنَّما / يَرمونَ جَندَلَةً بِعُرضِ المَشعَرِ
أَمسى الفَتى عَمروُ بنُ عَبدٍ ثاوِياً
أَمسى الفَتى عَمروُ بنُ عَبدٍ ثاوِياً / بِجَنوبِ سَلعٍ ثارُهُ لَم يُنظَرِ
وَلَقَد وَجَدتَ سُيوفَنا مَشهورَةً / وَلَقَد وَجَدتَ جِيادَنا لَم تُقصِرِ
وَلَقَد لَقيتَ غَداةَ بَدرٍ عُصبَةً / ضَرَبوكَ ضَرباً غَيرَ ضَربِ الحُسَّرِ
أَصبَحتَ لا تُدعى لِيَومِ عَظيمَةٍ / يا عَمروُ أَو لِجَسيمِ أَمرٍ مُنكَرِ
أَبلِغ مُعاوِيَةَ اِبنَ حَربٍ مَألُكاً
أَبلِغ مُعاوِيَةَ اِبنَ حَربٍ مَألُكاً / وَلِكُلِّ أَمرٍ يُستَرادُ قَرارُ
لا تَقبَلَنَّ دَنِيَّةً أَعطَيتُها / أَبَداً وَلَمّا تَألَمِ الأَنصارُ
حَتّى تُبارَ قَبيلَةٌ بِقَبيلَةٍ / قَوَداً وَتُخرَبَ بِالدِيارِ دِيارُ
وَتَجيءَ مِن نَقبِ الحِجازِ كَتيبَةٌ / وَتَسيلَ بِالمُستَلئِمينَ صِرارُ
كانَت قُرَيشٌ بَيضَةً فَتَفَلَّقَت
كانَت قُرَيشٌ بَيضَةً فَتَفَلَّقَت / فَالمُحُّ خالِصُهُ لِعَبدِ الدارِ
وَمَناةُ رَبّي خَصَّهُم بِكَرامَةٍ / حُجّابُ بَيتِ اللَهِ ذي الأَستارِ
أَهلُ المَكارِمِ وَالعَلاءِ وَنَدوَةِ ال / نادي وَأَهلُ لَطيمَةِ الحَيّارِ
وَلِوى قُرَيشٍ في المَشاهِدِ كُلِّها / وَبِنَجدَةٍ عِندَ القَنا الخَطّارِ
أَوفَت بَنو عَمروِ بنِ عَوفٍ نَذرَها
أَوفَت بَنو عَمروِ بنِ عَوفٍ نَذرَها / وَتَلَوَّثَت غَدراً بَنو النَجّارِ
وَتَخاذَلَت يَومَ الحَفيظَةِ إِنَّهُم / لَيسوا هُنالِكُمُ مِنَ الأَخيارِ
وَنَسوا وَصاةَ مُحَمَّدٍ في صِهرِهِ / وَتَبَدَّلوا بِالعِزِّ دارَ بَوارِ
أَتَرَكتُموهُ مُفرَداً بِمَضيعَةٍ / تَنتابُهُ الغَوغاءُ في الأَمصارِ
لَهفانَ يَدعو غائِباً أَنصارَهُ / يا وَيحَكُم يا مَعشَرَ الأَنصارِ
هَلّا وَفَيتُم عِندَها بِعُهودِكُم / وَفَدَيتُمُ بِالسَمعِ وَالأَبصارِ
جيرانُهُ الأَدنَونَ حَولَ بُيوتِهِ / غَدَروا وَرَبِّ البَيتِ ذي الأَستارِ
إِن لَم تَرَوا مَدَداً لَهُ وَكَتيبَةً / تَهدي أَوائِلَ جَحفَلٍ جَرّارِ
فَعَدِمتُ ما وَلَدَ اِبنُ عَمرٍ مُنذِرِ / حَتّى تُنيخُ جُموعُهُم بِصِرارِ
وَاللَهِ لا يوفونَ بَعدَ إِمامِهِم / أَبَداً وَلَو أُمِنوا بِحِلسِ حِمارِ
أَبلِغ بَني بَكرٍ إِذا ما جِئتَهُم / ذَمّاً فَبِئسَ مَواضِعُ الإِصهارِ
غَدَروا بِأَبيَضَ كَالهِلالِ مُبِرَّءٍ / خَلَصَت مَضارِبُهُ بِزَندٍ وارِ
مِن خَيرِ خِندِفَ كُلِّها بَعدَ الَّذي / نَصَرَ الإِلَهُ بِهِ عَلى الكُفّارِ
طاوَعتُمُ فيهِ العَدُوَّ وَكُنتُمُ / لَو شِئتُمُ في مَعزِلٍ وَقَرارِ
لا يَحسَبَنَّ المُرجِفونَ بِأَنَّهُم / لَن يُطلَبوا بِدِماءِ أَهلِ الدارِ
حاشا بَني عَمروِ بنِ عَوفٍ إِنَّهُم / كُتِبَت مَضاجِعُهُم مَعَ الأَبرارِ
ما البَكرُ إِلّا كَالفَصيلِ وَقَد نَرى
ما البَكرُ إِلّا كَالفَصيلِ وَقَد نَرى / أَنَّ الفَصيلَ عَلَيهِ لَيسَ بِعارِ
إِنّا وَما حَجَّ الحَجيجُ لِبَيتِهِ / رِكبانُ مَكَّةَ مَعشَرَ الأَنصارِ
نَفري جَماجِمَكُم بِكُلِّ مُهَنَّدٍ / ضَربَ القُدارِ مَبادِيَ الأَيسارِ
حَتّى تَكَنّوهُ بِفَحلِ هُنَيدَةٍ / يَحِمي الطَروقَةَ بازِلٍ هَدّارِ
أَشِرَت لَكاعِ وَكانَ عادَتَها
أَشِرَت لَكاعِ وَكانَ عادَتَها / لُؤمٌ إِذا أَشِرَت مَعَ الكُفرِ
لَعَنَ الإِلَهُ وَزَوجَها مَعَها / هِندَ الهُنودِ طَويلَةَ البَظرِ
أَخرَجتِ مُرقِصَةً إِلى أُحُدٍ / في القَومِ مُعنِقَةً عَلى بَكرِ
بَكرٍ ثَفالٍ لا حَراكَ بِهِ / لا عَن مُعاتَبَةٍ وَلا زَجرِ
وَعَصاكَ إِستُكِ تَتَّقينَ بِها / دَقَّ العُجايَةَ عارِيَ الفِهرِ
قَرِحَت عَجيزَتُها وَمَشرَجُها / مِن نَصِّها نَصّاً عَلى القَهرِ
ظَلَّت تُداويها زَميلَتُها / بِالماءِ تَنضَحُهُ وَبِالسِدرِ
أَقبَلتِ زائِرَةً مُبادِرَةً / بِأَبيكِ وَاِبنِكِ يَومَ ذي بَدرِ
وَبِعَمِّكَ المَسلوبِ بِزَّتَهُ / وَأَخيكَ مُنعَفِرَينِ في الجَفرِ
وَنَسيتَ فاحِشَةً أَتَيتِ بِها / يا هِندُ وَيحَكِ سُبَّةَ الدَهرِ
فَرَجَعتِ صاغِرَةً بِلا تِرَةٍ / مِمّا طَلَبتِ بِها وَلا وَترِ
زَعَمَ الوَلائِدُ أَنَّها وَلَدَت / وَلَداً صَغيراً كانَ مِن عَهرِ
عوجوا فَحَيّوا أَيّها السَفرُ
عوجوا فَحَيّوا أَيّها السَفرُ / بَل كَيفَ يَنطِقُ مَنزِلٌ قَفرُ
كُنتَ السَوادَ لِناظِري
كُنتَ السَوادَ لِناظِري / فَعَمي عَلَيكَ الناظِرُ
مَن شاءَ بَعدَكَ فَليَمُت / فَعَلَيكَ كُنتُ أُحاذِرُ
وَإِذا تَأَمَّلَ شَخصَ ضَيفٍ مُقبِلٍ
وَإِذا تَأَمَّلَ شَخصَ ضَيفٍ مُقبِلٍ / مُتَسَربِلٍ أَثوابَ مَحلٍ مُقفِرِ
أَومى إِلى الكَوماءِ هَذا طارِقٌ / نَحَرَتنِيَ الأَعداءُ إِن لَم تُنحَري
ميكالُ مَعكَ وَجِبرَئيلُ كِلاهُما
ميكالُ مَعكَ وَجِبرَئيلُ كِلاهُما / مَدَدٌ لِنَصرِكَ مِن عَزيزٍ قادِرِ