القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 7
لا درّ درّك من ربوع ديار
لا درّ درّك من ربوع ديار / قُرْبُ المزار بها كُبعْد مزار
يهفو الدّوار برأس من يشتاقها / ويصابُ وهو يخافها بدوار
لكأن طَيفكِ إذ يطوف بجنةٍ / غّناء يمسخها بسوح قفار
لا درّ درّكِ عرية غطى بها / من لعنة التاريخ شرُّ دثار
واستامها فلك النحوس وشوّهت / مما يدوّرُ دورة ُ الأقمار
عشرون قرناً وهي تسحب فوقها / بدم ٍ ذيول مواكب الأحرار
لم يْرو ِ فيها (الراقدين) على النهي / وعلى النبوغ غليل حقد وار
هوت الحضارة فوقها عربية ً / وتفردت (آشورُ) بالآثار
ومشت لوادي(عبقر ٍ) فتكفَّلت / بعذاب كل مدوّخ ٍ قهار
بابن المقفع ِ وابن قدوس / وبا لحلاّج والموحى له بشَّار
وبمالئ الدنيا وشاغل أهلها / وبأيما فلك لها دوّار
بأبي(مُحَسَّدَ ) وهي تقطع صلبه / لم يدري عارٌ مثل هذا العار
ديست رؤوس الخيريين وعُطّرت / أقدام فجّار ِ بها أشرار
وتُنوهبت مِزقاً لكل مُخنثٍ / أوصال فحل ٍ خالق هدّار
لا كنت من حجر ٍ(تبغدد) حوله / عّبادُ أصنام ٍ به أحجار
يا مستثيراً دمعةً صَمدتْ
يا مستثيراً دمعةً صَمدتْ / لطوارئِ الدّنيا فلم تَثُرِ
إنَّ التي صَعُبَتْ رياضتُها / أنزلتَها قسراً على قَدَر
وأسَلْتَها وهي التي عَجَزَتْ / عن أن تُسيلَ فوادحَ الغِيَر
ردتْ نداءَ كوارثٍ عَظُمَتْ / ودعا فلبَّتْ مَنطِقَ الوَتَر
هل عند أنْمُلَةٍ تُحَرِّكُها / باللطفِ إنَّ الدمعَ بالأثر
وهل الدموعُ ودفعُها وطرٌ / للناسِ تَدْري أنَّها وطري
ما انفكّتِ البلوى تُضايِقُني / حتى شَرَيْتُ النفعَ بالضرر
وَوَجَدْتُني بالدمعِ مبتهجاً / مثلَ ابتهاجِ الزرع بالمطر
غطّى العيونَ فلم تَجِدْ نَظَراً / دمعٌ أعزُّ عليّ من نَظَري
يا دمعةً غراءَ غاليةً / يَفْديكِ ما عندي من الغُرَر
من قابلاتٍ حكمَ مُنْتَقِدِ / وشجارِ مفتَخرٍ ومحتَقَر
لغة العواطفِ جلَّ مَنْطِقُها / عن أن يُقاسَ بمنطقِ البشر
فتّشتُ عنكِ فلم أجِدْ أثراً / حتى ظننتُ العينَ من حجر
ومَرَيْتُ جَفْني مَريَ ذي ثِقَةٍ / ورجعتُ عنك رجوعَ مُنْدَحِر
وغدوتُ أحْسُدُ كلَّ مكتئبٍ / ذي محجَرٍ بالدمع مُنْفَجِر
كم أزمةٍ لو كنتِ حاضرةً / فَرَّجْتِها بمسيلِك العَطِر
لو كنتِ عندي ما ثَقلتُ على / كأس الشراب ومجلس السَّمر
لغسلتُ جَفْناً راح من ظمأٍ / مُتَلَهباً مُتَطايِرَ الشَّرر
أنا بانتظارِكِ كلَّ آونةٍ / علماً بأن الحزنَ مُنْتَظِري
طال احتباسُكِ يسن مُخْتَنَقي / ومحاجري والآن َ فانحدري
كنتِ الأمينةَ في مخابِئها / وأراكِ بعدَ اليومِ في خطر
واذا امتنعتِ عليّ فاقتنعي / أنَّ " الكمنجةَ " خيرُ مُعْتَصَر
سيلي فلا تُبقي على غُصَصٍ / رانتْ على قلبي ولا تذَري
واستصحبِي جَزَعا يلائِمُني / وخذي اصطباري إخْذَ مُقْتَدر
فلقد أضرَّ بَسحنتي جَلَدي / فملامحي تُربي على عمري
كم في انكسار القلب من حِكَمٍ / لا عاش قَلْبٌ غَيرُ مُنْكَسِر
هذي الطبائعُ لا يُطَهِّرُها / مثلُ اصطلاءِ الهمِّ والكدر
وَلَرُبَّ نفسٍ بان رَوْنَقُها / جراءَ حُزْنٍ غير مُنْتَظَر
مُسَّ الكمنجةَ يَنْبَعِثْ نَفَسٌ / يمتدُّ في أنفاسِ مُحْتَضَر
في طوعِ كفكَ بَعْثُ عاطفتي / وخَلاصُها من رِبقةِ الضّجر
وأزاحني عن عالَمٍ قَذِرٍ / نَحْسٌ لآخرَ زاهرٍ نَضِر
بالسمعِ يَفْدي المرءُ ناظِرَهُ / وأنا فديتُ السَّمْعَ بالبصر
يا قلبُ – والنسيانُ مَضْيَعَةٌ - / هذا أوانُ الذِّكْر فادَّكِر
هذي تواقيعٌ مُحَلِّقَةٌ / بك في سماءِ تَخَيُّلٍ فَطِر
واستعرضِ الأيامَ حافةً / مكتظَّةً بِتَبايُنِ الصُّوَر
أذْكُر مسامَرَةً ومجْتَمَعاً / مزدانتين بقُبلَةِ الحَذر
مطبوعتين بقلبِ مثريةٍ / بالمغريات وقلبِ مُفْتَقِر
متفاهمين فما نبا وجل / لوقوعِ ذنبٍ غير مغتَفَر
أذْكُرْ تَوَسُّدَها ثنيَّتَها / وسنانةً محلولةَ الشعر
معسولةَ الأحلامِ ذاهبةً / بِخَيالِها لمدارجِ الصِّغَر
أذْكر يداً مرّتْ على بَدَنٍ / هي منهُ حتى الآن في ذُعُر
ولُيَيْلَةً بيضاءَ خالدةً / منها عرفت لذائذَ السفر
ثم اعطفِ الذكْرَى إلى جهةٍ / أُخرى تُرعْ بعوالِمٍ أُخَر
تُذْهلْ لمغتصَبٍ على مَضض / أمسى يقلَّبُ في يَدَيْ أشِر
بَدَنٌ بلا قلبٍ لدى أثِرٍ / عاتٍ على الشَّهَواتِ مُقْتَصِر
ثمرٌ بلا ظلٍ لديك كما / في أسرِهِ ظلٌّ بلا ثمر
كم مثلِ قلبِك ذاهبٌ هدَراً / لتحكُّماتِ الدين في البشر
لا أكذبَنّكِ إنّني بَشَرُ
لا أكذبَنّكِ إنّني بَشَرُ / جَمُّ المساوي آثِمٌ أشِرُ
لا الحبُّ ظمآناً يُطامِنُ مِنْ / نفسي وليس رفيقيَ النظَر
ولكم بَصُرْتُ بما أضيقُ به / فودِدْتُ أنّي ليس لي بصر
أو أنني حجر وربتَّمَا / قد بات أرْوَحَ منّيَ الحَجَر
لا الشيءُ يُعْجِبُهُ فَيَمْنَعُهُ / فإذا عداه فكلّهُ ضَجر
ولكم ظَفِرتُ بما بصرتُ به / فحَمِدْت مرأى بعدَهُ ظفَر
شفتاي مُطْبْقَتَانِ سيدتي / والخُبْرُ في العينينِ والخَبَر
فاستشهِدِي النظراتِ جاحِمَةً / حمراءَ لا تُبْقي ولا تَذر
ولرغبة في النفس حائرة / مكبوتة يتطايرُ الشرر
إنا كلينا عارفان بما / حَوَتِ الثّيابُ وضَمَّتِ الأزُر
وبنا سواءً لا حياءَ بنا / الجذوةُ الخرساءُ تستعر
فعلى مَ تَجتهدين مُرْغَمَةً / أن تَسْتري ما ليس يَنْسَتِر
كذب المنافقُ . لا اصطبارَ على / قدٍّ كَقَدِّكِ حينَ يُهتَصَر
ومُغَفَّلٌ من راح يُقنِعُه / منك الحديثُ الحلوُ والسمر
يُوهي الحجى ويُذيبُ كلَّ تُقىً / من مُدّعيهِ شبابُك النَّضِر
ويَرُدُّ حلمَ الحالمين على / أعقابِهِ التفتيرُ والخَفَر
النَّفْسُ شامخةٌ إذا سعُدَتْ / بك ساعةً والكونُ مُحْتَقَر
وفداء " محتضن " سمحتِ به / ما تفجع الاحداثُ والغير
حلم أخو اللذاتِ مفتقد / امثالُهُ وإليه مفتقِر
وسويعة لا أستطيعُ لها / وصفاً فلا أمْنٌ ولا حَذَر
يدها بناصيتي ومحْزَمُها / بيدي . فمنتَصِرٌ ومندَحِر
فلئن غَلَبْتٌ فَخَيْرُ متَّسَدٍ / للشاعرِ الأعكانُ والسُرَر
ولئن غُلِبْتُ فغالبي مَلَك / زاهٍ . بهِ صافحٌ عني ومغتفر
أمسكتُ " نهديها " وأحسَبُني / أشْفَقْتُ أن تتدحرجَ الأُكَر
عندي من استمتاعةٍ صُوَرٌ / ومِنَ التَّغنُّجِ عندَها صُوَر
قالت وقد باتَتْ تطاوعُني / فيما أُكَلِّفُها وتأتَمِر
أمعانياً حاولتَ تَنْظِمُها / تختارُ ما تَهْوى وتَبْتَكِر
إني وردتُ " الحوضَ "ممتلئاً / " شَهْداً " يفوحُ أريجُهُ العَطِر
ولقد صدرتُ وليس بي ظَمَأٌ / للهِ ذاكَ الوِردُ والصَّدَر
وإذا صدقتْ فانه بدَنٌ / لأطايب اللذاتِ مُخْتَبَر
يا زهرةً في ريعها قُطِفَتْ / كأرقِّ ما يتفَتَّقُ الزَّهَر
نِعْمَ القضاءُ قضى بمرتشَفٍ / لي من " لماك " وحبّذا القَدَر
ما إنْ أخَصِّصُ منكِ جارحةً / كلَّ الجوارحِ منكِ لي وطر
يُزرْي بفلسفةٍ مطّولةٍ / والعلمُ شيءٌ فيك " مُخْتَصَر"
" ومعبد " لم يبل منهجه / بالسالكيه . ولم يَلُحْ أثَر
إني لآسَفُ أنْ يجورَ على / خدّيكِ خدٌّ كلُّهُ شَعَر
وعلى إهابٍ منكِ ممتلئٍ / مَرحَا إهابٌ مِلؤُهُ كَدَر
هذا الحريرُ الغَضُّ مَلْمِسُهُ / حَيْفٌ يُخَدِّشُ جَنْبهُ الوبر
عيني فِدى قَدَمَيَكِ سيّدتي / عيناكِ قد أضناهُما السَّهَر
لا أكتفي بالروحِ أُزْهِقُها / عُذرا اليكِ فكيف أعتذر
قلبٌ تجمَّعَتِ الهُمُومُ به / نَفَّسْتُ عنه فهو مزدهِر
ضنكُ المنافذِ لا مكانَ به / لمَسَرَةٍ واليومَ ينتشر
لَوْ لَمْ تُحلِّيه على سعةٍ / من رُحْبِ صدركِ كانِ يَنْفَجِر
سَحَرٌ زماني كلُّهُ لِهَوَى / ليلٍ بقربِك كلُّه سَحَر
وأرى لياليَّ الطِوالَ بها / شَبَهٌ ففي ساعاتِها قِصَر
رُسُلَ الثقافةِ من مُضَرْ
رُسُلَ الثقافةِ من مُضَرْ / وَجْهُ العراق بكِم سَفَرْ
حَرَصَ القضاء عليكم / وَرَعتْكُمُ عينُ القَدَر
جئتتُمْ وهاطلةُ الغَمام / معاً ورُحْتُم والقمَر
رشَّ السماءُ طريقَكم / أيُحبُّكم حتى المطر !
في القلبِ منزلُكم وبين / السَمع منا والبَصر
نحن الحُجولُ وانتم / في كل بارزةٍ غُررّ
ليل الجزيرة لم يكنْ / لولاكمُو فيه سَحَر
يا سادتي ان العراق / جميعُه بكُمُ ازدَهَر
والمحتفونَ بكم وإنْ / كانوا ذوي كَرٍّ وفَرّ
وجميعُهُم اهلُ البلاد / ولا يُقاسُ بِما نَدَر
فأجَلُّ من زُمَرٍ تَلَقَّتْكُمْ / قد اختبأتْ زُمَر
وأجَلُّ ممن قادَهُمْ / حبُّ الظهورِ مَن استَتَر
خَفيَت ذواتٌ جَمّةٌ / وبَدَتْ لكم بعضُ الصُور
وأُزيِحَ من ظَفِروا به / ومشى اليكم من ظَفِر
ملءَ النوادي معجَبون / بفضلِكِم ملء الحَجَر
كنَّهُمْ لم يملِكوا / حقّ الجلوس على السُرُر
غيرُ المناسِب ان يَمسَّ / حريرَ سادَتنا الوَبَر
فاذا أرَدْتُم ان يُتاح / لهم بصُحبْتكم وَطَر
فضَعوا بقارعةِ الطريق / لَهُم بُيوتاً من شَعَر
وسيسُمعونَكُمُ من الترحيب / خاتَمةَ السُوَر
وَضْع العراقِ خذوه من / عذبَات أقلامِ أُخر
ولحفظِ حُرِيّاتِهِمْ / من أن تُداسَ وتُحتَقَر
لَتُرحْ لمصرَ سُعاتُكم / ليَجئْكُمُ منها خَفَر
هم مُرهقون لانَّهمْ / لا يصدَعون لمن أَمَر
ومُضايَقون لانَّهمْ / ما في عزائِمهم خَوَر
عندي مقالٌ يستَوي / من لامَ فيه ومن عَذّر
سقَطَتْ على الأرض الثمار / وجاءَكم يمشي شَجَر
ماذا احدّثُكُمْ حديثَ / القَلب من جَمْر أحَرّ
كلُّ المسائل مُرَّةٌ / وسكوتُنا عنها أمَر
أعليكم يَخفَى وفي / كلِّ الورى ذاعَ الخَبر
لستُمْ من القوم الذينَ / يُخادَعون بما ظَهَر
حتى نغالِطكم ونزعمُ / أنَّنا فوقَ البَشر
رُسلَ الثقافة من أجلِّ / صفاتِكم بُعْدُ النَظر
ولداُتنا في كلِّ نَفع / للسياسةِ أو ضَررَ
غَطَّى علينا سادتي / وعليكُمُ جِلدُ النَمِر
وعلى السَواء لنا كما / لكُمُ يُكادُ ويُؤتمرَ
وعلى قياسٍ واحدٍ / حُفِرتْ لكم ولنا الحُفَر
انتُمْ لنا عِبرٌ وفيما / نحن فيه لكُمْ عِبَر
عن أي شيءٍ تَسألون / فكل شيء مُحتكَر
لم يخلُ دَرْب من عراقيلٍ / ولم يسَلَم مَمَرّ
وسَلُوا الخبيرَ فانني / ممن بواحدةٍ عَثَر
حتى لقد اشفقت أن / يعتاقَ رحلتَكم حَجَر
تهتاجُنا النعرات طائشةً / وينجَحُ من نَعَر
في كلِّ حَلق نغمةٌ / ولكلِّ أنملةٍ وَتَر
ويعاف من لم يرض / أصحاب النفوذِ وينتهِر
تمشى سموم المُغرِضين / بسُوحنا مشيَ الخَدَر
يتقاذَفُون عقولَنا / وقلوبَنا لَعِبَ الأُكر
ولقد نُُصفِّق للخطيب / ونحن منه على حَذَر
باسم البلاد يجل من / جرَّ البلادَ الى الخَطَر
يا سادتي : لا ينتَهي / فيضُ الشعور اذا انفَجَر
ولكي أريحَكُمُ أجيءُ / لكم بشيء مُختَصَر
إن السياسة لَم تبقِّ / على البلادِ ولم تَذَر
وبرغم ما في الرافدينِ / من المصائبِ والغِيَر
وبرغم أنا قد تزعَّمَ / عندنا حتى البَقَر
فهنا شبابٌ ناهضونَ / عقوقُهم إحدى الكُبَر
كِتَلٌ تَحَفَّزُ للحياة / يسوقهُا حادٍ اغّر
تمشي على نُور الثقافة / مشيَ موثوقِ الظَفَر
فيها الشجاعةُ من عليٍّ / والسياسةُ من عُمّر
واذا أمَرتُم ان أسامرَكم / فقد لذَّ السَمَر
عن نَهْضةٍ أدبية / ما إن لها عنكُمْ مَفَر
لولاكُمُ ما كان للشعراء / فينا من أثَر
قبر الاديبِ الالمَعَيِّ / هنا وفي مصرَ انتَشَر
الله يُجزي من أفاد / ومن أعانَ ومن نَشَر
اني اسائلُكم وأعلَم / بالجواب المُنتَظَر
هل تَقبَلون بأن يقالَ / اديبُ مصرَ قد افتَقَر
او أنَّ " شوقي " من / حَراجة عيشِه كالمُحتَضَر
او أنَّ " حافظَ " قد هوى / فتجاوبونَ : الى سَقَر
حاشا : فتلكَ خطيئةٌ / وجَريمةٌ لا تُغتَفَر
" شوقي " يعيشُ كما يَليقُ / بمن تَفكِّر او شَعَر
وسطَ القصورِ العامراتِ / وبين فائحةِ الزَهَر
برعايةِ الوطَن الأعَزِّ / وغيرةِ الملِك الأبَر
وتحوطُ ابراهيمَ عاطفةٌ / الأمير من الصِغَر
أما هُنا فالشعر شيء / للتملُّح يُدَخَر
وعلى السواءِ اغابَ / شاعرُنا المجوِّدُ أم حَضر
سَقَطُ المتاع وجوُده / عند الضرورة يُدَّكَر
في كل زاويةٍ أديبٌ / بالخمول قد استَتَر
وقريحة حَسَدوا عليها / ما تجودُ فلم تثر
والى اللقاءِ وهمُّنا / أن الضيوف على سَفر
جَمَعَ الالهُ مصيرَنا / ومصيرَ مصرَ على قَدَر
خبر وليسَ كسائر الاخبارِ
خبر وليسَ كسائر الاخبارِ / حَصَبَ البلاد بمارجٍ من نارِ
فلَوَتْ له الصيدُ الاماجدُ هامَها / حُزناً لفقد زعيمِها المختار
عَرَتِ الخطوبُ وكيف لاتعرو
عَرَتِ الخطوبُ وكيف لاتعرو / فصَبَرتَ أنتَ ودِرعُكَ الصبرُ
وصَبرتَ أنتَ وأنت ذو ثقةٍ / أن لو تشاءُ لزُحزِحَ الأمر
لانجاب عُسْرٌ من فرائسه / صِيدُ الرجال ولارتَمى اليسر
ولَدَرَّ ضَرْعٌ رُحتَ تحلِبُه / إنْ كان أعوَزَ غيرَكَ الدَرُّ
عَرتِ الخطوب فما خَفَضْتَ لها / من جانحٍ وكذلك النَسْر
ومَضيْت تلتهبُ السما صُعُداً / لك عند غُرِّ نُجومها وَكر
وعلى جَناحَيْك ارتَمتْ كِسَراً / مثلَّ الضَّباب عواصفٌ صِرُّ
فتجاوَزَتْكَ وراح نَهبتَها / نَخْبُ الفؤادِ وخامِلٌ غَمْر
النَفْعُ رِخوٌ لِستَ صاحِبَه / وأخوكَ هذا الشامِخُ الضُر
أجررتَ والدنيا فما سَطَرتْ / الا وعندك فوقَها سَطر
ومضيتُما كلٌ بوطأته / فَرَسَيْ رهانٍ أنت والدهر
عرت الخطوب وكيف لا تعرو / وطريقُ مثلِكَ صامداً وعَر
عَدَتِ الضِّباعُ عليك عاويةً / طناً بأنك مأكلٌ جَزْر
فتذوَّقَتْك فقال قائلُها / انَ الغَضَنفَر لحمُه مُرّ
وخَلَصت حُرَّ الوَجه ذا ألَقٍ / ووجُوهُهُم مطموسةٌّ عفْر
حَسَدوكَ أنَّكَ دُسْتَ هامَهُمُ / مُتجبَّراً ولنَعْلِكَ الفَخْر
وحَقَرْتَهم فقُلوبُهْم وَغْرُ / من ضِغنةٍ وعيونُهم خُزْر
لا أمرَ عندهَمُ فهمُ هَمَلٌ / غُفْلٌ وكل حياتِهم خَمْر
وزعيمُ قومٍ كالغُراب به / صِغَرٌ وفي خُطُواتِه كِبْر
يغتَرُّ فيما لا يُشرِّفُه / جَهِلَ المُغَفَّل كيفَ يَغْتَّرّ
يغتَرُّ أنْ ألقَوا بمعدتِه / عَفْنَ الطعام فراحَ يجتَّر
بادي الغَباء تكادُ تقرؤه / بالظنِّ لا خَبرٌ ولا خُبْر
أضحى وزيراً فاغتدَى رَهِقاً / مثل الحمار يؤودُه الوِزْر
لله أنتَ مطيةٌ عَرِيَتْ / منها الشَوَى وتأكَّلَ الظَهر
ودريئةٍ يرمي الأبيَّ بها / وغدٌ ويُصمي البّرَةَ الفُجر
والتفَّ عن أطرافه هََمَجٌ / مثل النَّعام يسودُها الذُعر
وتحلَّبوه ففي اكُفِّهم / شَطرٌ وفي أفواهِهم شَطْر
من فاجرينَ بكل قارعةٍ / حلّوا تحدَّث عنهم العُهْر
ومُفَرِّقين مذاهباً جُمِعَت / وحَنَا عليها الآيُ والذِكر
مثل اللُّصوصِ يلُمُّ شَمْلَهُمُ / خَيْطُ الدُجى ويَحُلُّه الفجر
يا عبدَ سوء في مزاعِمِهِ / يشتطُّ حيثُ تحرَّرَ الفِكر
قبليَّةٌ والكونُ وحَدَّه / فكر وخطَّ مصيرهُ ذَرُّ ؟!
أفأنتَ كونٌ يُستَظلُّ به / أمْ أنت يا ابنَ جهالةٍ عَصْر
قل " للصحيفةِ " انتَ قائدُها / سَفَهاً وأنتَ زعيمُها الحرُّ
إني – ولي في المجد مُتَّسَعٌ - / عَفٌّ عن استغلالِة برُّ
لم ادَّخر منه سوَى نَشَب / هو للبلاد وأهلها ذُخْر
غَنِيت به الأجيالُ طاعمةً / منها السمينَ وعَضَّني الفقر
لا أستَغِلُّ فأنتَ لي عظةٌ / فيما أتيتَ وأنتَ لي زجْر
طالَتْ – ولو قَصُرَت يدُ الأعمارِ -
طالَتْ – ولو قَصُرَت يدُ الأعمارِ - / لرَمتْ سِواكَ عَظُمْتَ مِنْ مُختارِ
من صفوةٍ لو قيلَ أيٌّ فَذُّهُمْ / لم تَعْدُ شَخْصَكَ أعينُ النُظَّار
لكن أرادتْ أن تحوزَ لنفسها / عَينَ القِلادةِ فازدَرَتْ بنُثار
وأرى المنايا بالذي تختارُهُ / للموتِ عاطلةً وذاتَ سِوار
فطوَتْكَ في دَرْج الخُلودِ فعطَّرتْ / بك سالفَ الأحقابِ والآثار
واستنزلَتْكَ لغُربةٍ ولأنتَ مِن / عَلياك في لَجِبٍ من الأنصار
وتجاهَلتْ أنَّ البلادَ بحاجةٍ / لكَ حاجةَ الأعمى إلى الإِبصار
مُدَّتْ من الأُخرى إليك معاصمٌ / مِن رفقةٍ لك قادةٍ أبرار
خُلصاءِ سَعيِكَ في الجْهاد وإخوةٍ / لكَ في الوفاءِ المحضِ والإِيثار
ورفاقُ هذي الدار فيما أسلَفوا / للكاتِبَيْنِ رفاقُ تلكَ الدار
بَكَرَ النَّعِيُّ فما سَمعتُ بمِثْلها / عِبءاً على الأسماعِ والأبصارِ
رَمتِ العَماياتُ العيونَ وصَكَّتِ الأسماعّ / صافرةٌ مِن الإِنذار
وترنَّحَ الأحرارُ يؤذِنُ بَعضُهُمْ / بعضاً بفقدهُمِ أبا الأحرار
لله درُّكُّ مِن نقيٍّ لم يَنَلْ / أذيالَهُ وَضَرٌ مِن الأوضار
في حيثْ تزدحِمُ الشكوكُ وترتَمي / شُبُهاتُها حتَّى على الأخيار
خاضَ السياسةَ وانجلى عن لُجَّها / ألِقَ الجبينِ مكلَّلآً بالغار
في حينَ رامَ سِواه خوضَ عُبابها / فطغى عليه فضاعَ في التَّيار
وصليبُ عُودٍ حينَ بعضُ مُرونةٍ / في ضَعفها خطرٌ مِن الأخطار
وطَريُّ نفسٍ حينَ بعضُ صلابةٍ / في عُقمها حجرٌ مِن الأحجار
وخَفيُّ كيدٍ حيثُ يسمو كائدٌ / ومن المكايدِ جالبٌ للعار
وصريحُ رأيٍ لم يَحِد عن خُطَّةٍ / ليلوذَ من تأويلها بجِدار
حَرْبٌ على مُستعمِرٍ وربيبهِ / ومُسالِمٍ مُستَعْمِراً ومُجاري
أعزِزْ عليَّ " أبا عزيزٍ " أنْ أرى / حُضَّارَ حفلِكَ زائغي الأبصارِ
خَلَتِ المحافلُ من عُلاك وأوحشتْ / من بَعْد وجهِكَ ندَوةُ السُمَّار
وتَعَرَّتِ الأنظارُ عن مُستَشرِفٍ / بادي السَّنا عالٍ على الأنظار
ولقد يَعِزُّ عليكَ أنَّكَ لا تَرى / في " الأرْبِعاء " مواكبَ الزُّوّار
أأبا عزِيزٍ كنتَ تُذكي جذوتي / ويَلَذُّ سَمْعُك مَنطقي وحِواري
غوْثَ الصريخِ أتتك تُعوِلُ حُرَّةٌ / حَّراءُ صارخةٌ من الأشعار
هَيَّجتَ منّي أيَّ داءِ كامنٍ / وقدحتَ منّي أيّ َزندٍ واري
قسَماً بيومِكَ والفُراتِ الجْاري / والثورةِ الحمراء والثُّوّار
والأرضِ بالدَّمِ ترتوي عن دِمْنَةٍ / وتَمُجّهُ عن روضةٍ مِعطار
والخيلِ تَزحفُ لم تَدَعْ لمُغيِرها / جثثٌ تُغَطي الأرضَ أيَّ مُغار!
قسَماً بتلكَ العاطفاتِ ولم تكُنْ / لي قبلَها من حِلْفةٍ بالنَّار
إنَّ الذينَ عهِدتَهُم حطَبَ الوغى / لولاهُم لم تشتعِل بأوار
والَّلاقِحينَ نَتاجَها بأعزِّ ما / ملَكَتْ يمينٌ من حِمىً وذمار
والداهناتِ دماؤُهم لِمَمَ الثَّرى / والمُؤنساتِ شواطئَ الأنهار
والناحرينَ مِنَ الضَّحايا خيرَ ما / حَمَلَت بُطونُ حرائرٍ أطهار
ما إنْ تَزالُ حقوقُهُمْ كذَويهمُ / في الفَقْر سارحةً معَ الأبقار!
وأعزُّ ما تبغي الحلائلُ مِنهمُ / أنْ تُسترَ العَوراتُ بالأطمار
خمسٌ وعشرونَ انقضَتْ وكأنَّها / بشخُوصِها خَبَرٌ منَ الأخبارِ
ضِقنا بها ضيقَ السجينِ بقيدهِ / من فَرْطِ ما حَمَلَتْ من الأوزار
وتَجَهَّمَتْ فيها السماءُ فلم تَجُدْ / للخابطينَ بكوكبٍ سيَّار
شاخَ الشبابُ الطّيبون وجُدّدتْ / فيها شَبيبةُ شِيخةٍ أشرار
وبدا على وَجهِ الحفيدِ وجدِّه / للناظرينَ تقارُبُ الأعمار
مَن كان يحسَبُ أنْ يُمَدَّ بعُمره / حُكْمٌ أقيمَ على أساسٍ هاري؟!
مَن الفظاعةِ أنْ تُريدَ رَعيَّةٌ / في ظِلِّ دُستورٍ لها وشِعار
ما يَطلُبُ المأسورُ من يدِ آسرٍ : / إسداءَ عارفةٍ وفَكَّ إسار
ورِوايةٍ حبَكَ الزَّمانُ فُصولَها / فبدَتْ لنا ممسوخةً الأدوار
من شرّ ما اختلقَ الرُّواةُ وَلفَّقتْ / حِيلٌ وضمَّتْ دَفَّةُ الأسفار
وممثلينَ تصنّعاً ووراءَهمْ / خَلْفَ السِتار مُلّقِنٌ مُتواري
ومفّرِقينَ مَذاهباً وعناصراً / مُتَكَفِّلينَ سياسةَ استعمار
نزلوا على حُكم الغريبِ وعَرَّسوا / في ظِلِّ مأْثَمةٍ له وفَجار
وتحلَّبُوا أوطارَهُ فاذا بها / وَشَلٌ لِما استحلى من الأوطار
واستفرَشَ الشعْبُ الثرى ودُروبهُمْ / مملوءةٌ بنُثارةِ الأزهار!
وتحَّلأَ الجَمْعُ الظِماءُ ووُكِّلَتْ / أبناؤهم بالوِرد والإِصدار
ذُعِر الجْنوبُ فقيلَ : كيدُ خوارجٍ ! / وسكا الشَّمالُ فقيلَ : صنْعُ جِوار!
وتنابزَ الوَسطُ المُدِلُّ فلم يَدَعْ / بعضٌ لبعضٍ ظِنَّةً لفَخار
ودعا فريقٌ أنْ تسودَ عَدالةٌ / فرمُوا بكلِّ شنيعةٍ وشَنار!
ومشَى المغيثُ على الجياع / – يَقوتهُمْ – وعلى العُراةِ بجحفلٍ جرّار
وتساءلَ المتَعَجِّبونَ لحالةٍ / نكراءَ : مَنْ هُم أهلُ هذي الدار؟
هِيَ للصحابةِ مِن بَني الأنصار / من كلِّ بَدريٍّ وكلّ حَواري
للحاكمينَ بأمرِهم عن غَيرِهم! / ولصَفْوةِ الأسباطِ والأصهار
من كلِّ غازٍ شامخٍ في صدره / زاهي الوسامِ مدِّوخِ الأمصار
هيَ للذينَ لو امتحنتَ بلاءهم / لعجِبتَ من سُخْريَّةِ الأقدار
هي للذي من كلِّ ما يَصِمُ الفتى / كاسٍ ومن جُهْدٍ يُشرّفُ عاري
ومُسلَّطٍ لمُسَلَّطينَ مشتْ به الأهواءُ / مِشيةَ مُثقَلٍ بخُمار
نَسِيَ المُعيرَ ولو تذكَّرَ لأنثنى / خَزْيانَ من ثوبٍ عليه مُعار
كم رامَ غيرُكَ مِثلَها فأحلَّهُ / نزَقُ الغُرور بشَرِّ دارِ بَوار
بل لو تذكَّرَ لم يجدْ لضميرهِ / ومصيرهِ عَوناً من التَّذكار
لم يبقَ إلَّا أنْ تُتَمَّمَ خطوةٌ / ويظَلَّ يَلعبُ لاعبٌ بالنار
فلَرُبَّما نفَتِ الشَّكاةَ وقرَّبَتْ / يومَ الخلاصِ سياسةُ الإصرار
أأبا عزيزٍ والحديثُ كما رَوَوا / شَجَنٌ ومُرُّ القول عذْبٌ جاري
ومن العواطفِ ما يثورُ ويَغتلي / مثلَ الجحيم ويرتمي بشِرار
عَفْواً وإنْ شطَّ المَدى عن غايتي / ونبَتْ جيادُ الشعر عن مِضماري
فلقد تَحَشَّدَتِ البواعثُ واشتكَتْ / صَمْتَ القريض لِفَحْلهِ الهدّار
ولقد عَهِدْتُكَ بالبلاد وأهلِها / جَمَّ الشُجونِ مُوزَّعَ الأفكار
ووجدتُ قَدْحَ الذكريات شجيَّةً / بَرْداً لِأفئدةٍ عليك حِرار
وعَرَفتُ أشجاناً يثيرُكَ بَعْثُها / فأثَرْتُهُنَّ فطِرْنَ كُلَّ مطار
إيهٍ شبابَ الرافدين ومَنْ بهم / يرجو العراقُ تَبَلّجَ الأسحار
الحاملِينَ مِنَ الفوادحِ ثِقْلَها / ليسوا بأنكاسٍ ولا أغمار
والَّذائِدينَ عن الحياض إذا انتحَتْ / كُرَبٌ ولاذَ مُكابرٌ بفِرار
والباذلينَ عن الكرامة- أُرخصَتْ - / أغلَى المُهورِ وأفدحَ الأسعار
الفَقْرَ إذ طُرقُ الغِنى مفتوحةٌ / والبؤسَ إذ غَدقُ النعيم جواري
ومؤَّججينَ نفوسَهمْ وقُلوبَهمْ / شُعَلاً يسيرُ على هُدها الساري
والحابسينَ زئيرَهم بصدورهم / فإذا انفجرنَ بهِ فأيُّ ضواري
والقانعينَ مِن الحياة رخيَّةً / بلُماظَةٍ ومن الكَرى بغرِار
والمغرِياتُ مُراوداتٌ ترتجى / وتَخيبُ من عُونٍ ومن أبكار
لا تيأسوا أنْ يَلُحْ مِن ليلةٍ / فجرٌ ولم تؤذِنْ بضوءِ نهار
فلئِنْ صَلِيتُمْ مِن هَناةٍ جَمْرها / ومشَيْتُمُ منهنَّ فوق شِفار
فطِوالُ مُحْرِجةِ الأمور وإنْ قَسَتْ / في شِرعةِ التأريخِ جِدُّ قِصار
لا بُدَّ أنْ يَثِبَ الزَّمانُ وينثني / حُكمُ الطُغاةِ مُقَلَّمَ الأظفار
وتُجَدِّدَ الأيَّامُ عَهْدَ وصالِها / مِن بَعدِ إعراضٍ لها ونِفار
فهُناك سوفَ يكونُ من زَهَراتِكم / أصفى معارِفها وأطيبُ جار
وهناكَ سوفَ يَرى الغَنيِمةَ معشرٌ / أنْ يُمْسِكُوا من خَلْفِكُمْ بغُبار
فحَذارِ من عُقبى القُنوطِ حذارِ / وبِدارِ للعهدِ الجديدِ بِدار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025