المجموع : 8
نزل الستار ففيم تنتظر
نزل الستار ففيم تنتظر / خلت الحياة وأقفر العمر
لم يبقَ إلا مقفر تعس / تعوي الذئاب به وتأتمر
هو مسرح وانفض ملعبه / لم يبق لا عينٌ ولا أثر
ورواية رويت وموجزها / صحبٌ مضوا وأحبةٌ هجروا
عبروا بها صوراً فمذ عبروا / ضحك الزمان وقهقه القدر
يا غلة المتلهف الصادي
يا غلة المتلهف الصادي / با آيتي وقصيدتي الكبرى
ماذا تركت لديّ من زاد / إلا استعادة هذه الذكرى
يا للمساء العبقري وما / أبقى على الأيام في خلدي
شفتاك شفا لوعةً وظما / وجمالك الجبار طوع يدي
نمشي وقد طال الطريق بنا / ونود لو نمشي إلى الأبدِ
ونود لو خلت الحياة لنا / كطريقنا وغدت بلا أحدِ
نبني على أنقاض ماضينا / قصراً من الأوهام عملاقا
ونظل ننسج من أمانينا / وشيا من الأحلام براقا
وأظل أسقيها وتملؤ لي / من مورد خلف الظنون خفي
حتى إذا سكرت من الأمل / وترنحت مالت على كتفي
حلفت بأني مغتد معها / حيث اغتدت وهواي في دمها
فمسحت بالقبلات أدمعها / وطبعت ميثاقي على فمها
ألمي محا ذنبي إليك وكفّرا
ألمي محا ذنبي إليك وكفّرا / هبني أسأت ألم يحن أن تغفرا
روحي ممزقة وأنت تركتها / لمخالب الدنيا وأنياب الورى
روحي ممزقة لو أدركتها / جمّعت من أشلائها ما بعثرا
أو ليس لي في ظل حبك موضع / أحبو إليه وأرتمي مستنصرا
ما كنت أصبر عن لقائك ساعة / كيف اصطباري عن لقائك أشهرا
من بدّل الثغر الجميل عبوسة / ومضى إلى وجه السماء فكدرا
يا هاته الأقدار عينك لا ترى / تحت الدجى سأمان ممتنع الكرى
ظمآن لو باع الأحبة قطرة / بالعمر والدنيا جميعاً لا شترى
اخف جراحك واستعز بفتكها / غريدك الشادي المحلق في الذرى
يرنو إليك على البعاد ويعتلي / فيجره الجرح المميت إلى الثرى
قد عاش وهو معذب بإبائه / ولقد يلاقي يومه مستكبرا
حتام كتماني وطول تجلدي / يا أيها الجاني عليَّ وما درى
ومتى المآب إلى رحابك مرة / لأريك جرحي والدما والخنجرا
رجل أرى بالله أم حشره
رجل أرى بالله أم حشره / سبحان من بعبيده حشره
يا فخر داروين ومذهبه / وخلاصة النظرية القذرة
أرأيت قرداً في الحديقة قد / فلّته أنثاه على شجره
عبد الحميد اعلم فأنت كذا / ما قال داروين وما ذكره
يا عبقرياً في شناعته / ولدتك أمك وهي معتذره
شَجنٌ على شَجنٍ وحرقةُ نارِ
شَجنٌ على شَجنٍ وحرقةُ نارِ / مَن مُسعدي في ساعةِ التذكارِ
قُم يا أميرُ أفِض عليَّ خواطراً / وابعث خيالكَ في النسيم الساري
واطلع كعهدك في الحياة فراشةً / غراءَ حائمةً على الأنوارِ
يا عاشقَ الحرية الثكلى أفق / واهتف بشعرك في شباب الدارِ
يا مَن دعا للحق في أوطانه / ومضى ليهتف في ديار الجارِ
الشامُ جازعةٌ ومصرُ كعهدها / نهبُ الخطوب قليلة الأنصارِ
والحظُّ أطمارٌ كما شاء البلى / والعيشُ رثٌ والسنونُ عوارِ
عامٌ مضى يا للزمان وطيّه / فينا ويا لسواخر الأقدارِ
عامٌ مضى وكأنّ أمس نعيُّه / يا ما أقلَّ العامَ في الأعمارِ
أينَ الإمارة والأميرُ ودولةٌ / مبسوطةُ السلطان في الأمصارِ
خمسون عاماً وهي وارفةُ الجنى / تحت الربيع دؤوبة الأثمارِ
مَدّ الخريفُ على الرياض رواقَهُ / ومضى الربيعُ الضاحكُ النوّارِ
هيهات أنسى قبل بينك ساعةً / جمعت صحابَك في غروب نهار
والشمس في سقم الغروب وأنتَ في / لونِ الشحوب معصفرٌ ببهارِ
منحت وقد ذهبت شعاعاً غارباً / كسناك طوّافاً على السّمارِ
تشكو ليَ الضعفَ الملمَّ لعلّ في / طبي مقيلاً من وشيكِ عثارِ
وكشفتَ عن متهدِّمٍ جال الردى / متهجماً في صَرحه المنهارِ
فرأيتُ ما صنع الضنى في صورةٍ / حالت وخلى هيكلاً كإطارِ
ووجمتُ ألمحُ في الغيوب نهايةً / وأرى بعينيَ غايةَ المضمارِ
وأرى النبوغَ وقد تهاوى نجمه / والعبقرية وهي في الإِدبارِ
أو لَم يكن لك من زمانك ذائداً / وثباتُ ذهنٍ ماردٍ جبارِ
أو لم يكن لكَ من حمامك عاصماً / ذاك الجبينُ مكللاً بالغارِ
وليت في إثر الذين رثيتهم / وأقمتَ فيهم مأتمَ الأشعارِ
وسُقيتَ من كأسٍ تطوف بها يدٌ / محتومة الأقداح والأدوارِ
والدهرُ يقذف بالمنايا دفقاً / فمضيتَ في متدفق التيارِ
في ذمة الأجيالِ ما غنَّت به / قيثارةٌ سحريةُ الأوتارِ
صدحت بألحان الحياة ووقعت / أنغامها المحجوبةَ الأسرارِ
والفنُّ ما حاكى الطبيعةَ آخذاً / منها ومن إعجازها بغرارِ
مسترسلاً رحباً كعينٍ ثرّةٍ / شتى السيولِ سحيقةِ الأغوارِ
متعالياً حتى الأشعة مشرقاً / متالقاً كالكوكب السيَّارِ
شوقي نظمت فكنت برّاً خيِّراً / في أمة ظمأى إلى الأخيارِ
أرسلت شعرك في المدائن هادياً / شبهَ المنار يطوف بالأقطارِ
تدعو الى المجد القديم وغابرٍ / طيّ القرون مجلَّلٍ بوقارِ
تدعو لمجدِ الشرق تجعل حبَّهُ / نصبَ القلوبِ وقبلةَ الأنظارِ
تبكي العراقَ إذا استبيح ولا تضن / ن على الشآم بمدمع مدرارِ
وترى الرجالَ وقد أُهين ذمارهم / خرجوا لصون كرامة وذمارِ
فلو استطعتَ مددتَ بين صفوفهم / كفّاً مضرجةً مع الأحرارِ
ما زلتَ تبعث في قريضكَ ثاوياً / أو ماضياً حَفِلاً بكلِّ فخارِ
حتى اتُّهمتَ فقالَ قومٌ شاعرٌ / ناجى الطلولَ وطاف بالآثارِ
فجلوتَ ما لم يشهدوا ورسمت ما / لَم يعهدوا من معجز الأفكارِ
شيخٌ يدبُّ إلى الأصيل وقلبُهُ / وجنانُهُ في نضرة الأسحارِ
ويحسُّ تبريحَ الصبابة واصفاً / مجنونَ ليلى في سحيق قفارِ
ويروح يبعث كليوباترا ناشراً / تلك العصور وطيفها المتواري
ويرى الحياة الحبَّ والحبَّ الحيا / ةَ هما شعارُ العيش أيُّ شعارِ
سرب من الحور الفوا
سرب من الحور الفوا / تن كالزهور نواضرُ
ألهمنني وأحطن بي / فجرى بشعري الخاطرُ
ألهمنني وشككن بي / ونسين أني شاعرُ
فإذا اعترفن فإنني / للفضل دوماً ذاكرُ
وأنا لفلة عارفٌ / وإلى أمينة شاكرُ
قل تمهل واصطبر
قل تمهل واصطبر / سَكِّن خفوقَكَ واستقر
أتجنُّ من صُورِ الطبي / عَةِ رائعاتٍ للنظر
ذكرنَ إلفاً غائبا / آهاً على تلك الذِكَر
يا عينُ هل تجدينَه / يبدو بهاتِيكَ الصور
يا عينُ لا نومٌ ولا / تدرينَ ما بعدَ السهر
سلي شجونَكِ بالنجو / مِ عَقَدنَ عرساً للقمَر
سلي قليلاً واهدئي / أَنُضَيِّعُ في الدمعِ العُمُر
يا بدرُ قل لي بعدَ بؤ / سِك كيفَ صافاكَ القدر
لح في سمائِكَ للعيو / نِ أو اختبئ بين الشجر
أنا لا أبالي بالضيا / ءِ على جوانبكِ انتشر
يمتدُّ في الآفاقِ أو / يثوي على وجه الغُدُر
قل لي وأنتَ خزانةٌ / في طيِّها الغيبُ استتر
ليلَى لقد زارَ البلى / قلبي وطيفُكِ لم يَزُر
عصفت رياحُ الهجر من / كِ وأنتِ أقسى مَن هَجَر
وهواكِ حول كيانه / لهبٌ يقيه من الغِيَر
لهبٌ تُضاعِفُه الريا / حُ فكلما بِنتِ استمر
إنعام يا روحَ الندى وأنسَه
إنعام يا روحَ الندى وأنسَه / الشِعرُ أنتِ وأنتِ روح الشاعرِ
في أيّ معنًى من معانيكِ التي / تَسبِي النهى إبداع هذا الخاطرِ
في الشعرِ أم في النحرِ أم في مائس / متمايلٍ أم في الجمالِ الساحرِ
لا تعجبي للشعرِ إِنك غنوة / واللحن من صُنع الإِله القادرِ
وأنا كطيرٍ في الروابي صادح / أشجته أفنانُ الربيع الزاهرِ
غنَّى لمعنى في الطبيعةِ ساكنٍ / في جفنِهَا الساجي وآخرَ سافرِ
وكذاكَ أنتِ فكم جمالٍ مختفٍ / في النفسِ موصولٍ بآخرَ ظاهرِ