ملَك الهوى قلبي وجاشَ مغيرا
ملَك الهوى قلبي وجاشَ مغيرا / ونهى الموَدَّةَ أن أصيحَ نفيرا
أضحَت علَيَّ يدُ الغرامِ طويلَةً / وذراعُ صبري لا يزالُ قصيرا
يا ناقِلاً عنّي بأنّيَ صابرٌ / لقد افتَرَيتَ عليّ قولاً زورا
من منصفي ممّن يُقَدِّرُ جورَه / عدلاً ويجعَلُ طاعَتي تقصيرا
لم يرضَني عبداً وبينَ عشيرَتي / ما كنتُ أرضى أن أكونَ أميرا
يا سائلاً عن يوم جَدَّ رحيلُهم / ما كان إلّا ليلَةً ديجورا
لم تحتَبِس ركبٌ بوادٍ معطِشٍ / إلّا جمَعتُ من البكاءِ غديرا
كم اتّقى هيفَ القدودِ تجانُبا / فيَغُرُّني كحَلُ العيونِ غُرورا
هل يُطفِئَنَّ الصبرُ نارَ جوانحي / ومعالِمُ الأحبابِ تلمَعُ نورا
ولواعِبُ الخيلِ استوَين كواعِباً / وأهِلَّةُ الحيّ اكتمَلنَ بدورا
ودَّ الأسارى أن يُفَكّ وثاقُهم / وأوَدُّ أنّي لا أزالُ أسيرا
إن جازَ خلُّ تستَعِن بنظيرِه / إلّا خليلاً لم تجِدهُ نظيرا
رحِمِ الأعادي لوعَتي وتوَجّعي / ما للأحِبَّةِ يعرِضون نفورا
إن لم تُحِسُّ بزَفرَتي وتَشَوّقي / أنصِت فتَسمَعَ للبكاءِ صريرا
يا صاحبي يومَ الوصالِ منادِماً / كن لي لياليَ بعدِهِنَّ سميرا
هل بِتَّ يا نفس الربيع بِجَنَّةٍ / أم جئتَ من بلَدِ العراقِ بشيرا
عجَباً بأني لستُ شارِبَ مسكِرٍ / وأظَلُّ من سُكرِ الهوى مخمورا
صرفاً محا عقلي وردّ قراءَتي / شعراً وغَيَّرَ مسجدي ماخورا
ظَمَأ لقَلبي لا يكادُ يسيغُهُ / رشفُ الزلالِ ولَو شرِبتُ بحورا
ماذا الصبا والشيبُ غيَّرَ لمّتي / وكَفى بتغيير الزمان نذيرا
يا آلِفاً بخليلِه بك نعمَةٌ / إحذَر فديتُك أن تكونَ كفورا
قطعُ المهامِهِ واحتمالُ مشَقَّةٍ / لرضى الأحبَّةِ لا يُظَنُّ كثيرا
حسوُ المرارَةِ في كؤوسِ ملامَةٍ / حلوٌ إذا كان الحبيبُ مديرا
وجَلالَةُ المنظورِ لم تتَجَلَّ لي / لو لم تكُن نفسي لدَيَّ حقيرا
يا مَن به السعديُّ غابَ عنِ الورى / أرفُق بمَن أضحى اليك فقيرا
صلني ودَع ثمَّ النعيمَ لأهلهِ / لا أشتَهي إلا إليك مصيرا
فرضٌ على متَرَصِّدِ الأمَلِ البعي / دِ بأن يكوم معَ الزمانِ صبورا
ولعَلَّ ان تبيضَّ عيني بالبُكا / ارتَدَّ يوماً ألتَقيك بصيرا