المجموع : 6
فُتِقَتْ لكم ريحُ الجِلادِ بعنبرِ
فُتِقَتْ لكم ريحُ الجِلادِ بعنبرِ / وأمدَّكُمْ فَلَقُ الصّباحِ المسْفِرِ
وجنَيْتُمُ ثَمَرَ الوقائِعِ يانِعاً / بالنصر من وَرَق الحديدِ الأخضَر
وضربتُمُ هامَ الكُماةِ ورُعْتُمُ / بِيضَ الخُدورِ بكلِّ ليثٍ مُخدِر
أبَني العَوالي السَّمْهرِيّةِ والسّيو / فِ المَشرَفيّةِ والعَديدِ الأكثر
مَنْ منكُمُ المَلِكُ المُطاعُ كأنّهُ / تحتَ السَّوابغِ تُبّعٌ في حِمْيَر
كلُّ الملوكِ من السروجِ سواقِطٌ / إلاّ المُمَلَّكَ فوق ظهرِ الأشقر
القائدَ الخيلِ العِتاقِ شَوازباً / خُزراً إلى لَحْظِ السِّنان الأخزر
شُعْثُ النَّواصي حَشرةً آذانُها / قُبَّ الأياطلِ ظامِياتِ الأنْسُر
تَنبو سنابكُهُنَّ عن عَفْر الثَّرى / فيطَأنَ في خدِّ العزيزِ الأصعر
جيشٌ تَقَدَّمَهُ اللُّيوثُ وفوقها / كالغِيلِ من قصَبِ الوشيج الأسمر
وكأنّما سَلَبَ القَشاعِمَ رِيشَها / مما يَشُقُّ من العَجاج الأكدر
وكأنّما اشتَمَلتْ قناهُ ببارقٍ / مُتألِّقٍ أو عارِضٍ مُثعَنْجِر
تمتَدُّ ألسِنَةُ الصَّواعقِ فوقَهُ / عن ظُلَّتَيْ مُزْنٍ عليه كنَهْوَر
ويقوده اللَّيْثُ الغَضَنْفَرُ مُعْلَماً / من كلِّ شثن اللِّبْدَتينِ غضَنفر
نَحَرَ القَبولَ من الدَّبورِ وسار في / جَمْعِ الهِرَقْل وعزمةِ الاسكندر
في فِتيةٍ صَدَأُ الدروع عبيرُهْم / وخَلوقُهم عَلَقُ النجيعِ الأحمر
لا يأكُلُ السِّرحانُ شِلوَ طعينهم / مما عليه من القنا المتكسِّر
أنِسوا بهجرانِ الأنيسِ كأنّهُمْ / في عبقريِّ البِيدِ جِنّةُ عَبْقَر
يَغشَوْنَ بالبِيدِ القِفارِ وإنّمَا / تَلِدُ السَّبَنْتَى في اليَباب المُقفر
قد جاوروا أجَمَ الضّواري حولهم / فإذا همُ زأروا بها لم تَزأرِ
ومَشَوْا على قِطَعِ النفوسِ كأنّما / تمشي سنابكُ خيلهم في مَرمَر
قوْمٌ يبِيتُ على الحَشايا غيرُهُمْ / ومبيتهُم فوق الجياد الضُّمَّر
وتظَلُّ تسبَحُ في الدماء قِبابُهُمْ / فكأنّهُنَّ سفائنٌ في أبحر
فحياضُهم من كلِّ مهجةِ خالعٍ / وخيامُهم من كلِّ لِبدَة قَسْوَر
من كلِّ أهرتَ كالحٍ ذي لِبْدةٍ / يَرِدونَ ماءَ الأمنِ غير مكدَّر
راحوا إلى أُمِّ الرِّئالِ عشيَّةً / وغَدَوْا إلى ظبْي الكثيبِ الأعفر
طَردوا الأوابِدَ في الفدافِد طَردَهم / للأعْوَجِيَّةِ في مجالِ العِثْيَر
رَكِبوا إليها يومَ لَهْوِ قنيصهمْ / في زِيِّهِمْ يومَ الخميس المُصْحِر
إنّا لتجمعُنا وهذا الحيَّ من / بَكْرٍ أذِمَّةُ سالِفٍ لم تُخْفَر
أحلافُنَا فكأنّنَا منْ نِسْبَةٍ / ولِداتُنا فكأنّنَا منْ عُنصُر
اللاّبِسينَ من الجِلاد الهَبْوَ ما / أغناهُمُ عن لأمَةٍ وسَنَوَّر
لي منْهُمُ سيْفٌ إذا جَرَّدْتُهُ / يوماً ضرَبْتُ به رِقابَ الأعصُر
وفتكتُ بالزَّمَنِ المُدجَّجِ فتْكَةَ ال / بَرّاضِ يومَ هجائن ابنِ المُنذر
صَعْبٌ إذا نُوَبُ الزمان استصعبتْ / مُتَنَمِّرٌ للحادثِ المُتَنَمِّر
فإذا عَفَا لم تَلْقَ غيرَ مُمَلَّكٍ / وإذا سطا لم تَلْقَ غيرَ مُعفَّر
وكفاكَ من حُبِّ السماحَةِ أنّهَا / منه بموضع مُقلةٍ من مَحْجِر
فغمامُهُ من رحمَةٍ وعِراصُهُ / من جَنّةٍ ويمينُهُ من كوثر
المُدْنَفَانِ منَ البرِيّةِ كلِّهَا
المُدْنَفَانِ منَ البرِيّةِ كلِّهَا / جسمي وطَرْفٌ بابليٌّ أحوَرُ
والمُشرِقاتُ النّيّراتُ ثلاثةٌ / الشمسُ والقمرُ المنيرُ وجعفرُ
صَدَقَ الفَناءُ وكذَبَ العُمُرُ
صَدَقَ الفَناءُ وكذَبَ العُمُرُ / وجَل العِظاتُ وبالغَ النُّذُرُ
إنَا وفي آمَالِ أنفُسِنَا / طُولٌ وفي أعمارِنَا قِصَرُ
لنرى بأعيُننَا مصارعَنا / لو كانتِ الألْبابُ تعتبِرُ
ممّا دَهانَا أنّ حاضِرَنَا / أجفانُنَا والغائِبَ الفِكَرُ
فإذا تَدَبَّرْنَا جَوارِحَنا / فأَكَلُّهُنَّ العينُ والنّظَر
لو كانَ للألباب مُمتحِنٌ / ما عُدَّ منها السمعُ والبَصَرُ
أيُّ الحيَاةِ ألذُّ عِيشتَها / من بعد علمي أنّني بَشَر
خَرِسَتْ لَعَمْرُ اللّهِ ألسُنُنَا / لمّا تَكَلّمَ فوقَنا القَدَرُ
هل يَنفعَنّي عِزُّ ذي يَمنٍ / وحُجُولُه واليُمْنُ والغُرَر
ومَقاليَ المحمولُ شاردُهُ / ولسانيَ الصَّمصامةُ الذكَر
ها إنّها كأسٌ بَشعِتُ بهَا / لا مَلجَأٌ منْها ولا وَزَر
أفنتركُ الأيّامَ تفعلُ مَا / شاءَت ولا نَسطو فَنَنْتَصِر
هَلاّ بأيْدِينَا أسِنَّتُنَا / في حين نُقْدِمُها فتَشْتَجِر
فانبِذْ وشيجاً وارمِ ذا شُطَبٍ / لا البيَضُ نافعةٌ ولا السُّمُر
دنيا تُجمِّعُنا وأنْفُسُنا / شَذَرٌ على أحكامِها مَذَر
لو لم تُرِبْنا نابُ حادثها / إنّا نَراها كيفَ تأتَمِر
ما الدَّهرُ إلاّ ما تُحاذِرُهُ / هَفَوَاتُهُ وهَناتُه الكُبَر
واللّيْثُ لبدَتُه وساعِدُهُ / ودَرِيَّتَاهُ النّابُ والظُّفُر
في كلِّ يَوْمٍ تحتَ كَلكَلِهِ / تِرَةٌ جُبارٌ أوْ دَمٌ هَدَرُ
وهوَ المَخوفُ بَناتُ سَطوَتِه / لوْ كانَ يَعفوُ حينَ يَقْتَدِرُ
أقسَمْتُ لا يبقَى صَباحُ غَدٍ / مُتَبَلِّجٌ وأحَمُّ مُعتكِرُ
تَفنى النُّجومُ الزُّهرُ طالعةً / والنَّيِّرانِ الشّمسُ والقَمَرُ
ولئِنْ تَبَدّتْ في مَطالعِهِا / مَنُظومَةً فلَسَوْفَ تَنتثرُ
ولئن سرى الفلك المدار بها / فلسوف يسلمها وينفطر
أعَقيلةَ الملِكِ المُشَيِّعِها / هذا الثَّناءُ وهِذه الزُّمَرُ
شَهِدَ الغَمامُ وإن سقاكِ حَياً / أن الغمام إليك مفتقر
كم من يدٍ لك غير واحدة / لا الدَّمعُ يكفُرُها ولا المَطَرُ
ولقد نزَلْتِ بَنيَّةً علمتْ / ما قد طَوَتْهُ فَهْيَ تَفتَخرُ
تَغدو علَيها الشّمسُ بازِغَةً / فتَحِجُّ ناسِكَةً وتَعتَمِرُ
وتكادُ تذهَلُ عن مَطالِعها / مما تراوحها وتبتكر
فقفوا تضرج ثم أنفسنا / لا الصّافناتُ الجُردُ والعَكَرُ
سَفَحَتْ دِماءُ الدّارِعينَ بها / حتى كأنّ جُفونَهم ثُغَرُ
الهاتكِينَ بها الضُّلوعَ إذا / ما رَجّعوا الذّكرَاتِ أو زَفَروا
راحوا وقد نَضجتْ جوانحُهم / فيها قُلُوبَهُمُ وما شَعروا
وحَنَوا على جَمرٍ ضُلُوعَهمُ / فكأنّما أنفاسُهُمْ شَرَرُ
ويَكادُ فُولاذُ الحَديدِ معَ ال / مُهَجاتِ والعَبَراتِ يَبتَدِرُ
فكأنّما نامَتْ سُيوفُهُمُ / واستَيقَظَتْ من بعدِ ما وُتِرُوا
فتَقطّعتْ أغمادُها قِطَعاً / وأتَتْ إلَيهِمْ وهيَ تَعتَذِرُ
لم يَخلُ مَطلَعُها ولا أفَلَتْ / وبنو أبيها الأنجُمُ الزُّهُرُ
وبنَو عليٍّ لا يُقالُ لهم / صَبراً وهم أُسدُ الوَغى الضُّبُرُ
إنّ التي أخلَتْ عَرينَهُمُ / أضحَت بحيثُ الضّيغَمُ الهَصِر
من ذَلّلَ الدنيا ووطّدَهَا / حتى تلاقَى الشّاءُ والنَّمِر
بلغتْ مراداً من فدائِهِمُ / والأمُّ في الأبناء تُعتَقَر
تأتي الليالي دونَها ولها / في العُقْر مجدٌ ليس يَنعقر
أبقَتْ حديثاً من مآثِرِهَا / يَبقى وتَنْفَد قبلَه الصُّوَر
فإذا سَمعتَ بذِكرِ سُودَدِهَا / ليلاً أتاكَ الفجرُ يَنفجر
ولقد تكون ومن بدائعِها / حِكَمٌ ومن أيّامِها سِيَر
إنّا لَنُؤتَى من تَجارِبِهَا / عِلماً بما نأتي وما نَذَر
قسمَتْ على ابنَيْها مكارمَها / إنّ التراثَ المجْدُ لا البِدَر
حتى تولّتْ غيرَ عاتِبةٍ / لم يَبقَ في الدنيا لها وَطَر
من بعدِ ما ضُرِبَتْ بها مَثَلاً / قَحطانُ واستحيَتْ لها مُضَر
وإذا صَحِبْتَ العيشَ أوّلُهُ / صَفْوٌ فَهَيْنٌ بعده كَدر
وإذا انتَهَيتَ إلى مدَى أملٍ / دَرْكاً فيومٌ واحدٌ عُمُر
ولَخَيرُ عيشٍ أنتَ لابِسُهُ / عيشٌ جنى ثمراتِهِ الكِبَر
ولكُلِّ سابِقِ حلبةٍ أمَدٌ / ولكلِّ واردِ نهلَةٍ صَدَر
وحُدودُ تعميرِ المعمَّرِ أن / يسمو صُعوداً ثمّ ينحَدِر
والسيْفُ يبلى وهو صاعقةٌ / وتُنالُ منه الهامُ والقَصَر
والمرءُ كالظلِّ المديدِ ضُحىً / والفَيْءُ يَحسِرُهُ فينحسر
ولقد حلبْتُ الدّهرَ أشطُرَهُ / فالأعذَبانِ الصّابُ والصَّبِر
غَرَضٌ تَراماني الخُطوبُ فَذا / قوسٌ وذا سَهْمٌ وذا وَتَر
فجزِعتُ حتى ليسَ بي جَزَعٌ / وحَذِرتُ حتى ليس بي حَذَر
افتِك بهذا السامريّ الساحرِ
افتِك بهذا السامريّ الساحرِ / وأذِقهُ طَعمَ المشرفيّ البَاتِرِ
كم قُلتُ إذ نَزَّهتُ في وجناته / طرفي فما رَجَعت إليَّ محاجرِي
ذا ويحَكُم ماءٌ وَجَمرٌ مُحرِقٌ / فقد احترَقتُ وما تَرَوَّى ناظِرِي
خَيرُ البَريَّةِ يَعرُبٌ
خَيرُ البَريَّةِ يَعرُبٌ / وَبَنُو عَليّ خَيرُهُم
فكأنَّهُم من جَوهَرٍ / لم يَبقَ مِنهُم غَيرُهُم
حلفَ الزمانُ ليأتينَّ بمثلِه
حلفَ الزمانُ ليأتينَّ بمثلِه / حَنَثَت يمينُكَ يا زمانُ فكفِّرِ