القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد نسيم الكل
المجموع : 7
بهر الزمان بمجده وفخاره
بهر الزمان بمجده وفخاره / فالدهر طوع يمينه ويسارهِ
أرياض يا كهف العفاة وذخرهم / ومن استمد الغيث من مدراره
أوليتني العرف الجميل فلذ لي / حلو الثناء عليك في تكراره
جاد الوزير وما مدحت لانني / فرحان بالاحسان أو اكثاره
لكنَّ عِيّاً أن يجود ولم أفه / بمديحه المأثور عن آثاره
وافي الرسول بما منحت فزدتني / شرفاً أرى الجوزاء بعض شعاره
أولانيَ البر الذي أسديته / فحمدت صاحبه ورب نثاره
ولكم جعلت الشعر روضاً يانعاً / كان الثناء عليك بعض ثماره
وأراك كالمأمون عند رحابه ال / علماء والشعراء حول دياره
فليفخر القطر الخصيب بناظر / يربي بحكمته على نظاره
أحييت فيه العلم بعد عفائه / من أرض مصر وكنت من أنصاره
فاسلم على طول الزمان لأمة / ترجوك مثل البدر في إسفاره
يبقى القريض بذكر فضلك خالداً / حتى يعدَّ الدهر من اعماره
طال السكوت فما لهذا الشاعر
طال السكوت فما لهذا الشاعر / وضع اليراع وماله من عاذر
مرت عليه الحادثات فخالها / في مرها مثل السحاب العابر
يا طائراً في روض شعرك بلبلا / هل سجعة تزرى بسجع الطائر
فاشهر يراعك بعد طول غموده / وافلل به حد الحسام الباتر
واستجل من آيات فكرك غادة / يدعونها في الغيد بنت الخاطر
ماذا ترجى من أديب لم يزل / يحيى لياليهُ بطرف ساهر
أسفاً على ماضي الزمان وخشية / مما يجيء وحسرة في الحاضر
والقوم ليس بهم نصير عندما / تسطو الحوادث كالهزبر الكاسر
فاذا وفيت إلى صديق منهمُ / أخلصت في ود له وسرائر
عد الوفاء ذريعة تبغى بها / ممن صحبت بلوغ حظ وافر
يجفو ويعبس ان قصدت رحابه / متبوئاً منها مكان الزائر
فاذا أفدت لهى يديه بدا به / ملل ينم عن الوداد الفاتر
حتى ينغصك النوال وتبتغي / لو عدت في النعمى بصفقة خاسر
أين الأولى كانوا اذا مدوا يدا / هطلت كشؤبوب السحاب الماطر
هاتيكم الايدي التي لا ينقضى / مدح الأديب لها وشكر الشاكر
درجوا وها أنا بعدهم في معشر / جاروا عليّ مع الزمان الجائر
ان بحت بالشكوى هتكت سريرتي / فيهم ورحت حليف جد عاثر
واذا سكت اكاد أقضي حسرة / من كل همّ في الفؤاد مخامر
واذا عتبت خشيت كسر قلوبهم / عند العتاب وما لها من جابر
ويذود عنهم مقولي بشوارد / في جيدهم كاللؤلؤ المتناثر
ولربما يشكو الحزين فلم ينل / الا الشمات من العدو الكاشر
جيل سواسية وشعب عنده / ان الوفيَّ بعهده كالغادر
ولكم صبرت وللحوادث مرهف / ان سل يوماً فلّ عزم الصابر
يبغون مني أن اثير عزائمي / واهز في كفي يراع الثائر
ليقال احمد يا له من ناظم / جم البيان ويا له من ناثر
ماذا ينسق في زمان لقبوا / فيه الجبان بليث غاب خادر
ودعوا الذي يدري الكتابة فاضلا / وربيب أقلام وخدن محابر
فاذا تعلم بعضٍ ما يرضى النهى / سموه مفضالاً ورب مفاخر
واذا تهدج في الخطابة صوته / سموه منطيقا وحلف منابر
واذا تبين حذقه فخروا به / ودُعي بنابغة الزمان النادر
انظر إلى شعراء قد يدعونهم / في كل ناد بالفضائل عامر
هذا الأمير وذا الكبير وآخر / رب الفصاحة والبيان الساحر
والشعر يبكي عصره مستعدياً / منهم إلى اللَه العزيز القادر
ولغيرهم القاب علم أصبحت / تعلو وتهبط مثل قدح الياسر
والعلم يشهد انهم نقلوا لنا / ما في صحائف كل سفر داثر
وسطوا على ما دونته يد الأولى / كدوا وجدوا في الزمان الغابر
ولمعشر رتب العلاء تظنها / جاءت اليهم كابراً عن كابر
هذا السريّ وذا الوجيه وآخر / رغم الضلال شريف بيت طاهر
والمجد يشهد أنها رتب لهم / فرحوا بها فرح الصغير القاصر
وأجلهم قدراً وأموجهم غنى / ما بين سكير وبين مقامر
وأذلهم ذاك الشريف اذا أتى / يوم الحساب بوجه جان باسر
يعزى إلى بيت النبيّ وحقه / يعزى إلى النمرود أو للسامري
ولقد ترى الألقاب في أسمائهم / مما يكل لها لسان الحاصر
والصحف ما زالت تجود لهم بها / والعقل يرمقها بعين الساخر
فلتتق الرحمن في ألقابها / تلك الكبار وفي الثناء العاطر
كثرت علينا حيث لا تحصى ولا / ندري لها من أول أو آخر
عبَّاد ألقاب اذا هم ازهقوا / من دونها الأرواح ليس بضائر
هم كالممثل في الثياب فسافل / في نفسه ومملك في الظاهر
عمون لا ادعو سواك أخا نهى / ضافى الجلال ورب فضل باهر
حسبي من الحكماء أنك بينهم / ترنو إلى الدنيا بأصدق ناظر
كلمات صدق أشبهت نجم الهدى / ان لاح بين حنادس ودياجر
قد خطها قلمي الضعيف وفاتها / للناشئين منار عصر زاهر
لما بين وعظ للعباد وعبرة / للناس أو مثل شرود سائر
حكم تُبلّ النفس من أدواءها / وتريهمُ حذق الطبيب الماهر
جاءت كما يبغي حجاك لآلئا / أقبلت أهديها لبحر زاخر
فاليك ازجيها فانت كفيلها / وأجلّ مرجو وأفضل ناصر
ذكر الرجال مخلد بفعالهم / والشعر في التاريخ أصدق ذاكر
حتام هذا الجؤذر
حتام هذا الجؤذر / يجفو المحب ويهجر
رشأ أسيل خده / أحوى المباسم احور
ومن العجائب شادن / يعنو لديه القسور
يا أخت مقتحم الوغى / يعلوه نقع اكدر
هل تنعمين بزروة / فيها يعف المئزر
او ترفقين بمهجة / بين الجوانح تصهر
ارجو نداك وبالندى / رب الاريكة اجدر
سمح كأن يمينه / في الجود غيث ممطر
وكأن عيد جلوسه / للناس عيد أكبر
عيد العزيز ومن به / آي الثناء تحبر
قد قلَّ عنه تبع / في مجده والمنذر
شمل الجناة بعفوه / والعفو حظ اوفر
أمنوا الشقاء فكلهم / يطرى الامير ويشكر
لا غرو فهو مملك / يمحو الذنوب ويغفر
طلق اليدين كانه / يوم الرغائب جعفر
وضح الجبين كأنه / قمر تألق مبدر
في موكب تخذ السهى / أرضاً عليها يعبر
ضخم الجلال كأنما / كسرى به أو قيصر
حفت بموكبه فوا / رس دارعون وحسر
مثل السيول اذا جرت / من شاهق تتحدر
وترى العتاق كأنها / ظبيات قاع ضمر
تطوى السهوب وخلفها / ريح الصبا تستحسر
نهد أغر وأدهم / يطأ الهواء وأشقر
ركب يتوق لمثله / رمسيس والاسكندر
عيد ابان لخاطري / كيف الخيال يصور
فالازبكية حولها / سُرُج تنير وتزهر
روض اضاء كأنه / فلك منير مقمر
فكأنما هو جنة ال / فردوس اوهو انضر
فيه الحمائم جثم / تخشى المصاد وتحذر
رأت الضياء كأنه / صبح تلألأ مسفر
فتنبهت بعد الكرى / بين الارائك تهدر
ترجو الهجوع بأيكها / فيروعها من يزجر
وترى البيارق تارة / تطوى وطورا تنشر
فكأنما هي أعقب / قد رفرفت أو أنسر
وترى المشاعل تلتوى / مثل الاسنة تشهر
أو كالاراقم سربت / من وكرها تتسور
رقش تثور وما بها / الا اللظى المتسعر
متها الكواكب طلع / آنا وآنا غوّر
يغشو الغريب لضوءها / والطارق المتنور
يقق يروق وازرق / صافي الاديم واصفر
او احمر متوهج / يطفو عليه الاخضر
فكأنما هي جوهر / في نثرها متخير
وكأنها صوب الحيا / في قطره او أغزر
وترى الظلام كراهب / في برده يتعثر
او بنت حام فوقها / أبهى اللآلئ ينثر
ماذا اقول ووصفها / عنه البلاغة تقصر
واريكة يشدو بها / حلو الضروب مؤثر
فكأنما هو واعظ / وكأنما هي منبر
شاد يداعب عوده / ويُسِرّه ما يضمر
وذوى غرام حوله / مثلَ العرمرم يزخر
من كل ذي شغف على / مضض الهوى لا يصبر
او عاشق يشكو الجوى / او وامق يتذكر
يا عيد اسعد شاعراً / بجلال قدرك يشعر
لا زال ربك سيداً / ينهى العباد ويامر
هل ذاك ليل مقمرُ
هل ذاك ليل مقمرُ / أم وجه ليلى مسفرُ
وقوام بان مائس / أم قدها متبخترُ
هي ظبية لكنها / لمحبها تتنمرُ
وهي التي قد غادرت / عقلى يغيب ويحضر
والوجد هتاك الفتى / لكنني متستر
وكأن قلبي منزل / بسوى الهوى لا يعمر
يهوى بمصر ظباءها / ويحب من يتمصر
قل للتي مرت على / قدم الشبيبة تخطر
لو قدمت نحوي الهوى / فالقلب لا يتأخر
يا اخت مقتحم الوغى / وبه العجاج الاكدر
القلب فيك متيم / وبأن يساعد اجدر
انا والهوى كلف الى / وصف الكواعب اصور
فانظر تجد قبعاته / ن على الخمائل تؤثر
فالورد زاه فوقها / وسط الكمائم أحمر
والزهر أبيض ناصع / فيها وآخر أصفر
والياسمين زها بها / وكذلك النيلوفر
فكأنها روض على / وشى الغدائر مزهر
والريش ما بين الزهو / ر معسجد ومعصفر
فكأن طيراً فوقها / تطوى الجناح وتنشر
والقرط في آذانه / ن مذهب ومجوهر
كالقلب في خفقانه / لكنه لا يشعر
وحواجب من فوقها / يزهو الجبين الازهر
وعيونهن نواعس ترمي / الخلى فيسهر
ولها فعال في الحشا / فوق الذي يتصور
وخدودهن بها لظى / في مهجتي يتسعر
لو كان من ورد الخدو / د طلا فمنها يعصر
وقناعهن مثقب / والوشي فيه مشجر
فكأنه شرك به / من كل خود جؤذر
والجيد فيه قلائد / فوضي جلاها الجوهر
فكأنها في نظمها / عبرات عين تنثر
وخصورهن تدق عن / درك العيون وتصغر
والبند يحكى خاتما / والخصر فيه الخنصر
روحي فداءُ خريدة / في الحسن رئم أحور
فتانة من دونها / سمر القنا تتكسر
والاسد حول كناسها / ربضت وباتت تزأر
لم أنس يوم فراقها / يا ليتها تتذكر
في ليلة كنا بها / نبدي الغرام ونضمر
ولنا الجزيرة قد خلت / أنا والغزال الاعفر
والنيل يجري هادئاً / حينا وحينا يزخرُ
فكأنني في جنة / قد فاض فيها الكوثر
ولقد نسيت بقربها / دهري ومثلي يعذر
وصفا الزمان مع التي / هي كالهلال وأبهر
حتى رأت بين الدجى / شبحاً يغيب ويظهر
قالت رقيب مختف / او صاحب متنكر
وبدت تودعني وفي / اذيالها تتعثر
ونأت بها دراجة / لمثال ذلك تدخر
دراجة من حسنها / فيها السراج ينورُ
كالنجم يسطع في الظلا / م ومن بعيد يبصر
تعدو فلم يسمع لها / الا نفير يزمر
فكأنها في عدوها / طير يطير ويصفر
لا تشتكي ظمأ بها / ابداً ولا تتضور
جوالة من خلفها / ريح الصبا تستحسر
سيارة عن سبقها / تعيي العتاق الضمر
واذا تقضى منظر / لم يبق الا مخبر
طلع الهلال فأنجدوا وأغاروا
طلع الهلال فأنجدوا وأغاروا / وبدا النبيّ فكبر الانصار
القوا عصا التسيار حيث تبلجت / للمهتدين وللهدى أنوار
يا أسعد الايام فيك تثبتت / للمصطفى قدم وقر قرار
فيك اطمأَن على الهداية معشر / درجوا على نهج الرشاد وساروا
وأقيم للدين الحنيف دعائم / فيها من الشم الطوال وقار
انا نطالع غرة ميمونة / لك تجتلي أنوارها الاقطار
فانشر صحيفتك الجريرة علها / تنبي بما أوحى به المقدار
يا عام ان قدومك استبشار / ألديك عما نبتغي اسرار
خبر بما تدري فان قلوبنا / ظمآى الى يوم الجلاء حرار
خبر بما تدري لعلك ذاكر / أملا تنال بذكره الاوطار
انظر الى هذي الخلائق نظرة / تنبئك كيف تجمع الاحرار
اليوم تجمعنا المآرب والمنى / ويحفنا الاجلال والاكبار
جادت بلاديَ بالرفاهة ديمة / وهمي عليها بالعلي مدرار
نعم الشعور ونعم ود خالص / هو للرجال المخلصين شعار
مرت بنا السنوات حالكة الدجى / حتى جلاها منكم الاسفار
فطلعتمُ والخطب ساج ليله / متهللين كأنكم اقمار
بكم الدهور تفاخرت وبمثلكم / تزهى الدهور وتعجب الاعصار
ذودوا عن الدار التي تحويكم / جدرانها حتى تصان الدار
وابنوا الرجال على أشم موطد / يبقى البناءُ وتحمد الآثار
اليوم نغرس كل غرس يانع / يرجي له الافراخ والاثمار
لا تكتموا بين الجوانح مبدأ / أحرى به الاعلان لا الاسرار
أسمى المبادئ ما تبلج نوره / كالصبح لا شك ولا انكار
ايا كمُ كيد العدو فانه / مذق اللسان مذبذب خوار
ما انفك يبغي ان يشتت شملكم / غاو مضل مارق غدار
لا تتركوه على الضلال فبئسما / شاعت بسيء ذكره الاخبار
ما زال يبتدع الصغائر ضلة / حتى احتوته مذلة وصغار
ان المهانة في الحياة جزاؤه / وعقابه بعد الممات النار
فليحذر السرحان في غلوائه / من ان يثور الضيغم الهصار
وعليكم الانحاء يوم حسابه / وعليَّ يوم هجائه الاشعار
واذا نكثت ولم أقم بهجائه / باتت مطلقة لدي نوار
ما للعداة تجول في طغيانها / جول السكيت اذا خلال المضمار
عابوا علينا ان نناضل وافتروا / انا على الوطن المحبب عار
قالوا لكم حزب عرته هزة / أخذت لها اركانه تنهار
اللَه لو نظروا القضاء يصونه / بيمينه وتحوطه الاقدار
ما كانت الغوغاء من أعوانه / كلا ولا عبثت به الاغمار
هي امة رجت المعاليَ فانبرى / منها صغار للعلى وكبار
عجزوا فقالوا أزمة نزلت بنا / فتساقطت نوب وحل دمار
وتقولوا أنا نحاول ثورة / تهتز فيها للسيوف شفار
قالوا سخرتم بالصليب وخنتمُ / عهد الجوار فليس ثم جوار
قالوا دعوتم للتعصب دعوة / هلعت لهول سماعها الامصار
قالوا نهضتم نهضة قال الورى / فيها أتلكم نهضة أم ثار
قالوا نكثتم بالامير وانه / خير امرئ يرعى لديه ذمار
قالوا وقالوا كل شيءٍ مفترى / املت به الاحقاد والاوغار
حتى لقد صرنا مظنة كيدهم / ان كان يكو بالامير قطار
وهو الذي تثب القلوب لصونه / وتجله الاسماع والابصار
قد صورونا للاجانب صورة / إما بدت تقذي لها الانظار
قد صورونا جحفلا متأهباً / في إثره الاهوال والاخطار
قد مثلونا في التعصب مثلما / قد شاءت الآثام والاوزار
كذب قد ابتدعوه حتى مالهم / في مصر الا الكيد والاضرار
بان الضلال من الهدى وبدا لنا / في منهج الحق القويم منار
يا أمة ثبتت على كيد العدى / لا تجزعي ان الثبات فخار
سيري الى طلب الجلاء ولا تني / نمنح من العلياء ما نختار
أفريد لا تخذل بلادك بعدما / جمعت لديك اولئك الانصار
هذي الشبيبة قل لها لا تحجمي / ما في ثبات المقدمين شنار
لك من يراع الكاتبين صوارم / ولديك منهم جحفل جرار
ترمي العداة اليك سهم سمومها / ويذود عنك الواحد القهار
دعهم كما شاؤوا ليوم حسابهم / فلهم كما شاء الهوى اطوار
إنا قد اخترناك خير مدافع / يرضى به الرحمن والمختار
يا ليتَ سجنكَ لم يكن بمقدَّر
يا ليتَ سجنكَ لم يكن بمقدَّر / فاصبر على المقدور ستة أشهر
قد جلَّ رزءُ الشعر حتى خلتُه / بعض الرثاء وأنت لما تقبر
لولا احترام الحاكمين وحكمهم / لجعلته مثل الشواظ الأحمر
أقصَرتَ في ما قلتَ حتى لم تَسَل / أمقصرا أم كنتَ غير مقصر
وتركت أقيال الدفاع فلم تعن / بالمِدرَه المشهور أو بالأشهَرِ
يكفيك عطفُ العالمين ووجدهم / من أكبرٍ يطأ الثَّرى أو أصغر
حتى لقد ماد البقيع ويثرب / وتزلزت أرض الصفا والمشعر
التاعَ قلبُ محمد لمحمد / رب المحامد والعلا والمفخر
إني نظرتك في اتهامك واقفاً / فظننتُ أنك واقف في المِنبر
لتقول شعبي أو بلادي إنني / لِهَواكُما بين اللَّظى المتَسَعِّر
ولقد رأيتك جالساً مستبسلا / خلف الشِّباك جلوس من لم يُذعرَ
فرأيتُ في هذا الشباك مَعانياً / فهي العرينُ وأنتَ أجرأ قَسوَر
ولقد لمحتك ماشياً في ثُلَّةٍ / تعتز بينهم بقدر أوفر
فسألت هل هذا المسور خالد / أم جوهر يختال بين العسكر
أفريدُ يا ابنَ الأكرمينَ تحيةً / من شاعر بسوى الأسى لم يشعر
في مصر قوم ناوأوك بشرِّهم / فاردد مكايدَهم إليهم وانحر
ذكروك في حب البلاد وأهلها / ما قيمةُ الإنسان إن لم يُذكر
لو كنتَ ممن تاجروا بضميرهم / للعبتَ لعباً بالنضار الأصفر
أو كنتَ ممن يطلبون مراتباً / لشأوت في العلياء نجم المشتري
وسبقت أجرام السماء وفُتَّها / من مظلم في ذاته أو نيِّر
أمحمدٌ كن في النوائب ضَيغماً / مستجمعاً للطارئ المتنمر
إن بتَّ أنت من الفوادح جازعاً / ما فضل مفتول الذراع غضنفر
أشرق لعلك بين سجنك مشرقا / تهدي سبيل الطارق المتنور
فالشعب بعدك بات ينتجع العُلا / وغدا مُناهُ ورود هذا الكوثر
أنعم بسؤددك العظيم ومرحبا / بك من كريم الأصل زاكي العنصُر
أعزِز علينا يا ابن أحمد حالةٌ / جاءت بعيش بالهموم مكدر
فكأنه بدرٌ يحجب نورَه / ظلماتُ غيم في السماء كَنَهوَر
أو دُرّةٍ مكنونة في زاخر / أو دمعة مخبوءة في محجر
أو زهرة فيحاء خيف ذبولُها / وضياع نفحتها إذا لم تستر
أو ناظر غمضت عليه جفونه / حذرا عليه من القذى والعثير
أو أنت سر الكائنات محجب / أو بعض مكنون القضاء المضمر
أمحمد ما أنت أولُ مبتَلىً / بالفادحات من الزمان الأكدر
إني عهدتك خير من يسدى الورى / رأياً وخير مفكر ومدبِّر
فاشهر لدى الأهوال عزماً صادقاً / فلربَّ عزمٍ كالحُسام الأبتر
ما الناس إلا اثنان ذاك ميسِّرٌ / للصالحات وذاك غير ميسر
جل الإله فقد أرانا علمه / من كل شيء في الوجود مسخر
بانت مراحمه بأكمل رونق / وبدت مآثره بأكمل مظهر
لولا الفؤاد وما أصاب دفينه / ما كنتُ عن ذكراك بالمتأخر
لولا مراس الداء صغت قصيدة / أربت على شعر الأديب المكثر
عفواً رئيسَ المخلصين فإنني / ما رمت إلَّا جل عفوك فاغفر
قد جئتُ أزجي في القريض خريدة / قد بات يحسدني عليها البحتري
عطرية فيحاء طوراً عن شذا / وَرَدٍ وطوراً عن أريح العنبر
فيها معان صاغها لك مبدع / جم البيان خياله لم يحصر
فاخلع عليها من خلالك نفحة / حتى تضوع بنفح مسك أذفر
لي فيك ملء الخافقين لآلئ / زهر تبيع بها الرواة وتشترى
فعليك مني ما حييت تحية / وسلام كسرى في الملوك وقيصر
يا وحى أسعفني بنظم قلادة
يا وحى أسعفني بنظم قلادة / صِيغت لآلئها من الأشعار
هذا أمين الرافعي ومن له / خير السجايا الغرّ والآثار
يا رافعيّ لأنت أصدق مخلص / للنيل في الإعلان والإسرار
جَرّد يراع المخلصين وذُد بها / بطش القوى وصولة الجبّار
واحذر على الاخبار من آفاقها / إن الرواة لآفة الأخبار
اليوم هنأتُ البلا بكاتب / ملكت يداه صحيفة الأحرار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025