القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 14
سَفرَت أُميمةُ لَيلةَ النَفرِ
سَفرَت أُميمةُ لَيلةَ النَفرِ / كالبَدرِ أَو أَبهى مِن البَدرِ
نزلت مِنىً تَرمي الجمارَ وقد / رَمتِ القلوبَ هناك بالجَمرِ
وَتنسَّكت تَبغي الثَوابَ وَهَل / في قَتل ضَيفِ اللَه من أَجرِ
إِن حاولت أَجراً فقد كسبَت / بالحَجِّ أَضعافاً من الوِزرِ
نحرَت لواحظُها الحَجيجَ كَما / نحرَ الحَجيجُ بَهيمَةَ النَحرِ
تَرمي وما تَدري بما سَفكت / منها اللَواحِظُ من دَمٍ هَدرِ
اللَه لي من حبِّ غانيَةٍ / تَرمي الحَشا مِن حيث لا تَدري
بَيضاءَ من كَعبٍ وكَم مَنعَت / كَعبٌ لها من كاعِبٍ بِكرِ
زعمَت سُلوّي وهي ساليَةٌ / كلّا وربِّ البَيتِ وَالحِجرِ
ما قَلبُها قَلبي فأَسلوها / يَوماً ولا مِن أَمرِها أَمري
أَبكي وَتَضحَكُ إِن شكوتُ لها / حدَّ الصدود ولوعةَ الهِجرِ
وَعلى وُفورِ ثَرايَ لي وَلَها / ذلُّ الفَقير وعزَّةُ المُثري
لَم يُبقِ منّي حُبُّها جَلَداً / إِلّا الحَنين ولاعجَ الذِكرِ
وَيَزيدُ غَليَ الماءِ ما ذُكرَت / وَالماءُ يُثلجُ غلَّةَ الصَدرِ
قد ضَلَّ طالِبُ غادَةٍ حُميَت / في قومها بالبيض والسُمرِ
وَمؤنّبٍ في حبِّها سَفَهاً / نَهنَهتُهُ عَن منطقِ الهُجرِ
يَزدادُ وَجدي في مَلامَتِهِ / فكأَنَّه بِمَلامِه يُغري
لا يكذبنَّ الحُبُّ أَليقُ بي / وبشيمَتي من سُبَّةٍ الغَدرِ
هَيهاتَ يأبى الغَدرَ لي نَسَبٌ / أُعزى بِهِ لِعليٍّ الطُهرِ
خيرِ الوَرى بعدَ الرَسولِ ومَن / حازَ العُلى بِمَجامِعِ الفَخرِ
صِنو النَبيِّ وَزَوجِ بضعَتِه / وأَمينه في السِرِّ وَالجَهرِ
إِن تُنكر الأَعداءُ رُتبتَه / شَهِدت بها الآياتُ في الذِكرِ
شكرت حُنينُ له مساعيَه / فيها وَفي أُحُدٍ وفي بَدرِ
سَل عنه خَيبرَ يَومَ نازَلَها / تُنبيكَ عن خَبَرٍ وعن خُبرِ
مَن هَدَّ منها بابَها بيَدٍ / وَرَمى بها في مَهمَهٍ قَفرِ
واِسأل براءَةَ حين رتَّلها / من ردَّ حاملَها أَبا بكرِ
وَالطَيرَ إِذ يَدعو النَبيُّ له / من جاءَه يَسعى بلا نُذرِ
وَالشَمسَ إذ أَفلَت لمن رَجَعت / كيما يُقيمَ فريضةَ العَصرِ
وَفراشَ أَحمدَ حين هَمَّ به / جمعُ الطُغاة وعصبةُ الكفرِ
من باتَ فيه يَقيهِ مُحتَسِباً / من غير ما خَوفٍ ولا ذُعرِ
وَالكَعبةَ الغَرّاء حين رَمى / من فوقها الأَصنامَ بالكسرِ
من راحَ يَرفعُه ليَصعَدَها / خَيرُ الوَرى منه على الظَهرِ
وَالقَوم من أَروى غَليلَهُمُ / إذ يَجأرون بمَهمَهٍ قَفرِ
وَالصَخرةَ الصَمّاءَ حوَّلَها / عن نهر ماءٍ تَحتَها يَجري
وَالناكثينَ غداةَ أَمَّهُمُ / من ردَّ أُمَّهُمُ بلا نُكرِ
وَالقاسطينَ وقد أَضَلَّهُمُ / غيُّ اِبنِ هندَ وخِدنِه عَمرِو
مَن فَلَّ جيشَهُمُ على مَضَضٍ / حتّى نَجوا بخدائع المَكرِ
وَالمارقينَ من اِستباحهُمُ / قَتلاً فَلَم يُفلِت سوى عَشرِ
وَغَديرَ خُمٍّ وهو أَعظَمُها / من نالَ فيه ولايةَ الأَمرِ
واِذكر مُباهَلَةَ النَبيِّ به / وَبزوجه واِبنَيه للنَفرِ
واِقرأ وأَنفُسَنا وأَنفُسَكُم / فَكَفى بها فَخراً مَدى الدَهرِ
هَذي المَكارِمُ وَالمفاخرُ لا / قَعبان من لَبنٍ ولا خَمرِ
وَمناقبٍ لَو شئتُ أَحصُرها / لحصِرتُ قبل الهَمِّ بالحَصرِ
وإِلى أَمير المؤمنين سَرَت / تَبغي النَجاحَ نجائبُ الفكرِ
من كُلِّ قافيَةٍ مهذَّبَةٍ / خلَصَت خلوصَ سبيكة التَبرِ
تَرجو بساحتِه لمُرسِلِها / محوَ الذنوب وحطَّة الوِزرِ
وَمطالبٍ شَتّى ستجمعُها / بالنُجح منه عوائدُ البِرِّ
يا خَيرَ من أَمَّ العفاةُ له / في الدَهرِ من بَرٍّ ومن بحرِ
إِنّي قصَدتُك قصدَ ذي أَمَلٍ / يَرجوكَ في عَلَنٍ وفي سِرِّ
لتردَّ عَنّي كُلَّ فادِحَةٍ / وَتفكَّ من قَيدِ الأَسى أَسري
فَلَقَد تَرى ما طالَ بي أَمَداً / من فادح اللأواءِ والعُسرِ
فاِسمح بنُجحِ مآربي عَجِلاً / واِمنُن بِما يَعلو به قَدري
وَسعادةُ الدارين أَنت لَها / فَلَقَد جعلتُك فيهما ذُخري
وإِليكَها غَرّاءَ غانيَةً / رامت بمدحك أَكرمَ المَهرِ
نظمت قَريحتيَ الكلام لها / نظمَ الصَناعِ قَلائدَ الدُرِّ
قد أَعجزَت بِبَديع مِدحَتِها / أَهلَ البَديع وَصاغَةَ الشِعرِ
جلَّت بوَصفِكَ عن مُعارضَةٍ / بالعَصر بل في سالف العَصرِ
لَولا مَديحُكَ صانَها شَرَفاً / عُدَّت لرقَّتها من السِحرِ
ثمّ الصَلاةُ مع السَلام عَلى / خيرِ الهداة وَشافِعِ الحَشرِ
وَعَليكَ يا من حازَ كلَّ عُلاً / وَعلى بنيك الأَنجُم الزُهرِ
ما لاحَ وسطَ أَريكةٍ قَمَرٌ / أَو ناحَ فوقَ أَراكة قُمري
لمن الكتائبُ في العَجاج الأَكدَرِ
لمن الكتائبُ في العَجاج الأَكدَرِ / يَخطُرنَ في زَردِ الحَديدِ الأَخضرِ
ضَربت عليهنَّ الرِماحُ سُرادِقاً / دُعِمت بساعد كُلِّ شَهمٍ أَصعَرِ
وَالبيضُ تَلمَعُ في القتام كأَنَّها / لَمعُ البوارِقِ في رُكامِ كَنَهوَرِ
وَصَليلُ وَقعِ المرهفاتِ كأَنَّه / رَعدٌ يُجَلجِلُ في أَجشَّ مُزمجِرِ
وَالرايَةُ الحَمراءُ يَخفِقُ ظِلُّها / يَهفو عليها كُلُّ لَيثٍ مُزئِرِ
وَالخَيلُ قد حَملَت على صَهَواتِها / من كُلِّ أَصيَدَ باسلٍ ذي مغفرِ
مُتسربلٍ بالقَلب فوقَ دِلاصِه / متلثِّمٍ بالنَقع لَمّا يُسفِرِ
في مَوقفٍ كسَف الظَهيرَةَ نقعُه / فأَضاءَها بشرُوقِ وَجهٍ مُقمرِ
يَختالُ في حَلَق الدِلاصِ كأَنَّه / يَختالُ منها في مُفَوَّف عَبقري
من فتيةٍ أَلِفوا الأَسنَّة وَالقَنا / فقِبابهم قصبُ الوَشيج الأَسمَرِ
يَقرونَ بيضَهمُ الرِقابَ ويُنهلوا / زُرقَ الأَسنَّة من نَجيعٍ أَحمَرِ
شادوا عمادَهم بكلِّ مثقَّفٍ / لَدنٍ ومجدَهم بكلِّ مُشهِّرِ
حلّوا من العَلياء قمَّة رأسِها / وحووا بسالةَ أَكبرٍ عن أَكبَرِ
مَن مِنهمُ الملكُ المَهيبُ إذا بَدا / خضعَت له ذُلّاً رِقابُ الأَعصرِ
فَخرُ المَفاخِر والمآثِر والجحا / فِل وَالمَحافِل والعُلى والمِنبرِ
القائدُ الجيش العرمرم مُعلَماً / مِن كُلِّ لَيثٍ ذي بَراثِنَ قَسورِ
السائقُ الجُردَ المَذاكى شُزَّباً / تَخطو وَتَخطرُ بالرِماح الخُطَّرِ
الفالقُ الهامات في يوم الوَغى / وَالسمرُ بين مُحطَّمٍ وَمكسَّرِ
الشامخُ النَسبين بين ذَوي العُلى / وَالباذِخُ الحسبين يَومَ المفخرِ
الواهبُ البَدرات يتبعها النَدى / مِن جوده بسحاب تِبرٍ مُمطرِ
يَجلو دُجى الآمال منه بنائِلٍ / متلألئٍ وَبوجه جودٍ مُسفرِ
وَلكم جلا رَهجَ القتامِ بباترٍ / متأَلِّقٍ وَسنانِ أَسمر سَمهَري
ملِكٌ إذا ما جاد يوماً أَو سَطا / فالخلقُ بين مُمَلَّكٍ ومعفَّرِ
من دَوحةِ المَجدِ الرَفيعِ عمادُهُ / وَالفَرعُ يُعرب عَن زكيِّ العُنصرِ
ما يَنقَضي يَوماً شَهيرُ نَوالِه / إِلّا وأَتبعه بآخرَ أَشهرِ
هَذا الَّذي صَدعَ القلوبَ مهابةً / وأَذلَّ كلَّ عملَّسٍ وغَضَنفَرِ
هَذا الَّذي غَمرَ الأَنامَ سَماحةً / من جودِه الطامي الجَليلِ الأَبهَرِ
هَذا الَّذي حازَ المَعالي قُعَّساً / وَسِواه يلطمُ خدَّ حَزنٍ أَقفَرِ
هَذا نظامُ الدين واِبنُ نظامه / نَسَبٌ يؤولُ إِلى النَبيِّ الأَطهَرِ
لمعَت أَسِرَّةُ نوره في وجهه / فاِزورَّ عنها كُلُّ لَحظٍ أَخزَرِ
يَجلو لَنا من حلمه في حَزمِه / أَخلاقَ أَحمدَ في بسالة حيدَرِ
بَينا تَراه مُصَدَّراً في رَسته / ملِكاً تَراهُ فَوقَ صَهوة أَشقَرِ
أَربيبَ حجر المكرُمات ورَبّها / وَرَضيعَ ثدي العارض المُتَعَنجرِ
لِلَّه جدُّكَ أَيُّ مَجدٍ حُزتَه / فَشأوتَ كُلَّ مقدَّم ومؤخَّرِ
أَنتَ الَّذي أَحرَزتَ كلَّ فَضيلَةٍ / وَوردتَ بحرَ الفضل غير مُكدَّرِ
ظَمئت أَمانيُّ الرِجال لَدى العُلى / فوردتَ منهلَها وَلَمّا تَصدُرِ
وَإليكها غَرّاءَ قد أَبرَزتُها / تُجلى بشكرَك في نَديِّ المحضرِ
أَحكَمتُ نظمَ قَريضها فَتَناسقَت / كالعِقد يَزهو في مُقلَّد جُؤذَرِ
يَذكو بمدحك نشرُها فكأَنَّني / أَذكيتُها منه بمِسكٍ أَذفَرٍ
ما ضاعَ نشرُ ثنائِها في مَجلسٍ / إِلّا تفتَّق عن ذَكيِّ العنبَرِ
واِسلم على دَرَج المَعالي راقياً / بأَجلِّ أَخبارٍ وأَصدَقِ مخبَرِ
لا تَحسبنَّ فرِندَ صارمِه به
لا تَحسبنَّ فرِندَ صارمِه به / وَشياً أَجادَته القُيونُ فأَبهَرا
هَذا نَدى يمناهُ سال بمتنه / فغدا يَلوحُ بصَفحَتيهِ جَوهرا
وافى خيالك بعد طول نِفارِ
وافى خيالك بعد طول نِفارِ / فجعلتُ موطِئَهُ سَنى الأَبصارِ
أَنّى اِهتَدى منك الخَيالُ لبلدةٍ / أَقصى وأَجهل من بلاد وَبارِ
لا والَّذي جعل المحصَّبَ دارَها / والهندَ من دون الأَحِبَّة داري
لَم يَهدِه إلّا تَصعُّد زَفرَتي / فكأَنَّها نارٌ تُشبُّ لسارِ
حَيّا فأَحيا ذكرَ من لم أَنسَهُ / ما كانَ أَغناهُ عن التذكارِ
آهٍ لأَيّام الحجاز وَساكني / أَرضِ الحِجاز ورَوضهِ المِعطارِ
حيث السَلامةُ مربعي ورُبى الخما / ئِل مرتعي وَحِماهُ دارُ قَراري
كَم فيه من قمر قمِرتُ بحسنه / أَوفى بغرَّته على الأَقمارِ
ما شُكَّ فيه أَنَّه شَمسُ الضحى / لو كانَ مَطلَعُها من الأَزرارِ
فالطَرفُ من إِشراقِه متردِّدٌ / ما بين بدرِ دجىً وَشَمسِ نَهارِ
ولربَّ لَيلٍ بتُّ فيه معَلَّلاً / من ريق مبسمه بكأسِ عُقارِ
أَلهو به واللَهوُ داعيَةُ الصبا / ومن الغَرام تهتُّكي وَوقاري
أَيّامَ لم تلوِ الديون عَلى اللِوى / سُعدى ولا نأت النَوى بنوارِ
يا حَبَّذا زَمنُ الوصال وحبَّذا / عَهدُ الحَبيب ودارُه من داري
زَمَنٌ أَطَعتُ به الصَبابة والصِبا / وَقَضيتُ فيه من الهَوى أَوطاري
أَرضَيتُ أَحبابي وغِظتُ لوائمي / وطرحتُ عُذري واِطَّرحتُ عِذاري
إِذ لا رَبيعُ الوصل فيه محرَّمٌ / كلّا وَلَيسَ خُطى المُنى بقصارِ
لم أوفِه حقّاً أَحال به على / قَلبي الكَئيبِ وَمدمعي المدرارِ
قسماً بمكَّةَ وَالحطيم وَزَمزَمٍ / وَالبيت ذي الأَركانِ والأَستارِ
ما عنَّ لي ذكرُ الحجاز وأَهله / إِلّا عَدِمتُ تجلُّدي وقَراري
أَدرِ المُدامَةَ بالكَبير
أَدرِ المُدامَةَ بالكَبير / فالوَقتُ ضاقَ عَن الصَغيرِ
واِستَجلها في كأسِها / كالشَمسِ في البَدرِ المُنيرِ
نَزلت من الفَلَك المُدا / رِ تَلوحُ في كفِّ المُديرِ
لَولا شِباكُ حَبابها / كادَت تَطيرُ من السُرورِ
بِكرٌ تتيحُ لك المَسَر / رة في المَساءِ وفي البُكورِ
صدرَت بأنسِ ورودها / خَيلُ الهموم من الصُدورِ
تُعشي العيونَ إذا اِنجَلَت / بالضوءِ من نارٍ وَنورِ
ذَهَبيَّةٌ لهبيَّةٌ / عُصِرت بأَحقابِ العُصورِ
وافَت بسَورَة نشوَةٍ / ذهبت بأَلباب الحضورِ
يَسقيكَها ساقٍ أَغَر / ر يَميسُ كالظَبي الغَريرِ
وَيُريكَ من إِشراقِه / قمراً على غُصنٍ نَضيرِ
يَرتاحُ من مَرَحِ الصِبا / وَيتيهُ من فَرطِ الغُرورِ
نَشوانُ يَمزجُ أنسَه / عند التكَلُّم بالنُفورِ
يَرنو إليكَ بمقلةٍ / وَسنى الجُفون من الفُتورِ
لَو قيلَ من سَلَبَ النُهى / لَم تعدُهُ كفُّ المُشيرِ
في رَوضَةٍ مَطلولَةِ ال / أزهارِ في اليوم المَطيرِ
تَثني الرياحُ غصونَها / ثنيَ المعاطِفِ والخُصورِ
وَالغيثُ يَسكبُ دمعَه / والزَهر مفترُّ الثُغورِ
قد غرَّدت فيها المَثا / نِي قبلَ تَغريد الطّيورِ
ولربَّ لَيلٍ بِتُّهُ / بين النُحور إِلى السُحورِ
من غانياتٍ كالرَّبا / رِب قاصرات الطَرفِ حورِ
طلعَت به كأسُ المُدا / مَةِ مطلعَ الشِّعرى العَبورِ
وَالبَدرُ في كَبِدِ السَّما / ءِ كَسابِحٍ وَسطَ الغَديرِ
وَسَنى المجرَّة في الدُجى / كالنَهر ما بَينَ الزَهورِ
وَاللَيلُ شَمَّرَ للسُرى / وَالصبحُ آذَنَ بالسُفورِ
في فتيةٍ عَقدوا مآ / زرهم على خَيرٍ وَخيرِ
وَتَراضَعوا درَّ المُدا / مِ من المَسَرَّة في حُجورِ
من كُلِّ أَروع ماجِدٍ / عَفِّ الشَبيبَةِ وَالضَميرِ
لم تَرضَ همَّتُهُ الكَبي / رَةُ غَيرَ شِربٍ بالكَبيرِ
فالراحُ في لهَواتِهِ / كالشَمسِ تَغربُ في ثَبيرِ
كانَت لَيالي عَهدِهم / غُررَ اللَيالي والشُهورِ
خِلّانُ صِدقٍ إِن عرا / خَطبٌ بِمَكروهِ الأُمورِ
ذَهَبوا فأخلفَتِ اللَّيا / لِي عَنهم خلّانَ زورِ
لَم يَبقَ لي خِلٌّ يتم / مُ بأنسِ صحبته سُروري
إلّا حسينٌ عَينُ أَع / يان العُلى صَدر الصُدورِ
السَيِّدُ الشَهمُ الهما / مُ الفَردُ مَفقودُ النَظيرِ
فَخرُ المَفاخِرِ وَالمآ / ثِرِ والأَعاصرِ والدُهورِ
نافَت مآثرُه العُلى / شَرَفاً على الفَلَكِ الأَثيري
وَزَها بِهِ دَستُ الوِزا / رَةِ منذ لُقِّبَ بالوَزيرِ
وَعَنا لمفخَرِهِ المؤث / ثَلِ كُلُّ مُختالٍ فَخورِ
لَو جُسِّمَت أَخلاقُه / أَغنتكَ عن نور البُدورِ
في كَفِّه كفُّ العدى / وَبفكِّه فَكُّ الأَسيرِ
كَم صاغ مِن مِننٍ له / أَضحَت قَلائدَ للنُحورِ
وأَبانَ عَن عَزمٍ أَبا / دَ عَزائِم اللَّيث الهَصورِ
أَغناهُ عَن مَدح الوَرى / ما حازَ من مَجدٍ شَهيرِ
طالَت بيوتُ جُدودِه / وَهُمُ ذوو النَسب القَصيرِ
قَومٌ بَنوا شرفَ العُلى / بين الخُورنقِ وَالسَديرِ
وردوا الفراتَ فأَخجَلو / هُ بِبَحرِ جودِهُمُ الغَزيرِ
قُل للمُكاثِر مجدَهم / أَينَ القَليلُ من الكثيرِ
سَلِّم لجيرانِ الوصي / يِ وَسِر سَبيلَ المُستَجيرِ
فَهمُ هُداةُ أولي الضَلا / لِ وَهم ضياءُ المُستَنيرِ
يا سَيِّدا كَلماتُه / شرفُ المَهارقِ والسُطورِ
لِلَّه دَرُّكَ من خَطي / بٍ شاعِرٍ نَدبٍ خَطيرِ
أَهديتَ لي دُرَرَ الكَلا / مِ فخلتُها دُررَ النُحورِ
أَبيات شعرٍ كالقُصو / رِ وَلَيسَ فيها من قُصورِ
ما حازَ رقَّةَ لفظِها / شِعرُ الفَرَزدَقِ أَو جَريرِ
بل لا مَقاماتُ البَدي / عِ وَلا مَقاماتُ الحَريري
وافَت كَما وافى النَّسي / مُ بِطيب أَنفاسِ العَبيرِ
وشفَت فؤاداً لم يَزَلِ / من حَرِّ شَوقِكَ في سَعيرِ
فوردتُ من سَلسالها / أَحلى من العَذبِ النَميرِ
وإِليكَها مَنظومةً / وافتكَ من فِكرٍ حَسيرِ
نظَّمتُها نظمَ العُقو / دِ وَصُغتُها صوغَ الشُّذورِ
تَروي مناقِبَكَ الَّتي / نُشِرَت إِلى يوم النُشورِ
وَاِسلَم ودُم في نِعمَةٍ / غرّاءَ في دارِ السُرورِ
ما لاحَ طَيفٌ في الكَرى / أَو ناحَ طَيرٌ في الوكورِ
شَقَّ الدُجى عن نحره الفَجرُ
شَقَّ الدُجى عن نحره الفَجرُ / وَبَدَت عليه غَلائِلٌ خضرُ
واِفترَّ يبسمُ عن تبلُّجهِ / ضوءُ الصَباح كأَنَّه ثغرُ
وَالشَمسُ قد نهضَت لمشرِقها / فاِنهض بشمسِكَ أَيُّها البَدرُ
واِشفَع بها شمسَ الصباح وإِن / أَضحت وبدءُ شروقها العَصرُ
واِستَضحِكِ الدهرَ العَبوسَ بها / فبمثلها يُستَضحَكُ الدَهرُ
واِستجلِها بِكراً مُعتَّقةً / تَصبو إِليها العاتِقُ البِكرُ
حَمراءُ تَسطعُ في زجاجتِها / فكأَنَّها لو لم تذب جَمرُ
وَكأَنَّما إِبريقُها سَحَراً / إِذ قَهقَهَت لحَمامِه وَكرُ
جُليت على خُطّابِها فحكَت / عَذراءَ ما عَن وَصلِها عُذرُ
يَسعى بها ساقٍ لواحِظُه / سَكرى وَصفو رُضابِه خَمرُ
حلوُ الهَوى عَذبٌ مقبَّلُه / لكن مذاقُ مِطاله مُرُّ
أَو غادَةٌ رؤدٌ غدائِرُها / لَيلٌ وَضوءُ جَبينها فَجرُ
هَيفاءُ لَولا عَقدُ منطقها / لَم يستقلَّ بِرِدفها الخصرُ
خُرعُوبَةٌ جمٌّ محاسِنُها / لكنَّما إِحسانُها نَزرُ
في رَوضَةٍ وَشّى الرَبيعُ لها / حُللاً فطرَّزَ وشيَها القَطرُ
وَالبَرقُ شقَّ بمرجِها طَرَباً / جيبَ الحَيا فتبسَّم الزَهرُ
وَشَدَت بها الوَرقاءُ مَطربةً / فَتَمايسَت أَغصانُها الخُضرُ
واهاً لمجلِسنا وقد جمعَت / فيه المُنى وتهتَّك السِترُ
إِبريقُنا ذَهَبٌ وخمرتُه / ياقوتَةٌ وَحَبابُها دُرُّ
وليومِنا وَسُقاةِ أَكؤسِنا / صُبحٌ أَغَرُّ وأَوجهٌ غُرُّ
دعتِ المُدام إِلى الصَبوح به / من ليسَ يُثقلُ سمعَه وَقرُ
إِن لَم يَطِب سُكرٌ لشارِبها / فَمَتى يَطيبُ لشارِبٍ سُكرُ
فاِشرب ولا تقل الزَمانُ قَضى / أَن لا يَفوزَ بلذَّةٍ حُرُّ
شَملَ الزَمانَ ندى أَبي حسنٍ / فَصَفا وَزالَ بِيُسره العُسرُ
وَسرت تَهلَّلُ من أَنامِلِهِ / لبني الرَجاءِ سحائِبٌ عشرُ
سحبٌ ولكن وَدقُ صَيّبها / تِبرٌ ولَمعُ وَميضِها بِشرُ
فالخَلقُ من يُمنى يَدَيه لهم / يُمنٌ ومن يُسراهُما يُسرُ
وَحَكَت عوارفُه معارفَه / فتدفَّقا فَكِلاهُما بَحرُ
بَحرٌ وَلكن لجُّ نائِله / ما رَدَّ سائِلَ فَيضهِ نَهرُ
برَّت بإخلاصٍ سريرتُه / فهو التَقيُّ المخلصُ البَرُّ
أَسمِع بِهِ واِنظر إِليه تَجِد / خَبَراً يحقِّقُ صدقَهُ الخُبرُ
ذو هِمَّة كادَت لعزمتها / صُمُّ الصُخور يُذيبها الذُعرُ
لَو رامَ يَصطادُ النجومَ بها / لم يأَو وَكرَ سَمائِه النَسرُ
من دَوحة سُقيت أَرومتُها / ماءَ العُلى وَنَما بها الفَخرُ
فتهدَّلت أَغصانُها كرماً / زكت الفروع وأَنجبَ العِترُ
يا أَيُّها البَدءُ الَّذي شكرت / جَدوى يديه البَدوُ وَالحَضرُ
شعري بمدحك لا أَضنُّ به / فَلمثل مدحك يُنظمُ الشِعرُ
وإِليكها عِقداً مفصَّلة / لم يحلُ قطُّ بمثلها نحرُ
وافَت مُهنِّئة بمرتبةٍ / بك قَد سما لمقامها قَدرُ
واِسلم مدى الأَيّام مُرتَقياً / رُتباً يضيق لعدِّها الحصرُ
زُهرُ الدراري أَم نظامُ الجوهر
زُهرُ الدراري أَم نظامُ الجوهر / وَشَذا السُلافَة أَم شَميمُ العَبهرِ
أَم زَهر روضٍ قد تبسَّم ضاحِكاً / إِذ جادَه صوبُ الغمام المُمطرِ
وَشُذورُ تبرٍ أَم جمانُ قَلائِدٍ / تَزهو وَتزهرُ في مقلَّد جؤذرِ
أَم هذه أَلفاظُ مولىً ماجِدٍ / وَرِث البلاغةَ أَكبراً عن أَكبرِ
يُزري بنظَمِ الدُرِّ باهرُ نظمه / وَيَفوقُ مسكره مُذابَ السُكَّرِ
فلِشعرِه الشِعري العَبورُ تَضاءَلت / كَرهاً وودَّت أَنَّه لم يشعُرِ
وَالنَثرةُ العَليا هوت من نَثره / خَجَلاً وَقالَت ليتَه لم ينثرُ
قد أَعجز البلغاءَ مُعجزُ أَحمَدٍ / فأقرَّ كلُّهمُ بعجزِ مُقصِّرِ
يا مُهدياً لي من سَنيِّ نظامِه / وَنثارِه دُرّاً بهيَّ المَنظَرِ
شُكراً لفضلكَ شكر مَمنونٍ فقد / حَلَّيت جيدي من عقودِ الجَوهرِ
وَحياتكم يا ساكني أُمِّ القُرى
وَحياتكم يا ساكني أُمِّ القُرى / ما كانَ حبُّكمُ حَديثاً يُفترى
أَهوى ديارَكمُ الَّتي من حلَّها / حلَّ الجنانَ بها وعلَّ الكوثرا
واهاً لهنَّ منازِلاً ومراتعاً / تَرعى الظِباءَ بهنَّ آسادُ الشَرى
إِن هزَّت الآرامُ سُمرَ قدودِها / هزَّت ضراغمُها الوَشيجَ الأَسمرا
اِنظر بعينك هَل ترى فيها سوى / رشأً يَصيدُ بمقلَتيهِ قَسورا
أو ليثِ عاديةٍ تنمَّر غائراً / يَحمي بأَنياب الأَسِنَّة جؤذَرا
اللَه أَكبرُ كم يَرُعنَ ومن رأى / تلك الجآذرَ وَالقساورَ كبَّرا
وَبمهجتي رشأٌ أَغنُّ إذا جفا / جفت العيونُ لصدِّه طيبَ الكرى
يوفي على الشمس المنيرة في الضحى / حُسناً إِذا حَسرَ اللثامَ وأَسفرا
لَم يسلُ قَلبي عشقَ أَحمَرِ خدِّه / حَتّى أسال لي العذارَ الأَخضرا
قال العَذولُ وقد أَطالَ مَلامَتي / فيه ألا تُصغي فَقُلتُ أَلا تَرى
هَذا الَّذي جعلَ القُلوبَ لحسنه / رِقّاً وما اِبتاعَ القُلوبَ ولا اِشتَرى
لا وَالَّذي فتنَ العقولَ بحُسنِه / ما اِرتابَ قَلبي في هواهُ ولا اِمترى
فارقتُه كَرهاً وواصلتُ النَوى / قَسراً وأَضحى الصَبرُ مُنفصمَ العُرى
لَم أَدرِ أَيُّ الغُصَّتين أسيغُها / إن عنَّ لي ذكرُ الفراق أَو اِعتَرى
أَفراقَ إِلفي أم فراقَ مَواطني / وَكلاهما لهبٌ بِقَلبيَ قد وَرى
لِلَّه أَيّامي بمكّةَ والصبا / تهدي إلى فَوديَّ مِسكاً أَذفَرا
أَشري بكلِّ الدَهر منها ساعةً / لَو أَنَّها مِمّا تُباع وَتُشتَرى
ما طابَ لَيلُ الوصل إلّا واِنبرى
ما طابَ لَيلُ الوصل إلّا واِنبرى / يُهدي لنا مِسكاً وَيوقِدُ عَنبرا
وَكَسا معاطِفَنا بجُنح ظَلامه / مسكيَّ بُردٍ بالنُجوم مُدنَّرا
وَجلا لَنا لَمّا تجلَّت زُهرهُ / زَهراً تَفتَّق في السَماء ونوَّرا
أَخفى عَن الواشين موقعَنا فَلَم / يَدرِ الرَقيبُ بنا هنالكَ لا دَرى
أثني عليه شاكِراً منه يَداً / لا بل أَياديَ حقُّها أَن تُشكرا
فَلكم سَريتُ بجُنحه مستخفياً / أَخفى من الطيف الملمِّ إذا سَرى
حتّى قضيتُ به لُباناتِ الهَوى / وَحمدتُ عند الصُبح عاقبةَ السُرى
واهاً لها من لَيلةٍ قد أَخجلت / بِظَلامها الداجي الصَباحَ المُسفِرا
كَيفَ السَبيلُ إلى لِقاه وقد غدت / داري برار ودارُه أمَّ القرى
مَن قاسَ جَدوى راحتَيك إذا هَمَت
مَن قاسَ جَدوى راحتَيك إذا هَمَت / بالغَيث أَخطأ في القياس وما دَرى
إذ أَنتَ تُعطي ضاحِكاً مُستَبشِراً / وَالغَيثُ يُعطي باكياً مُستَعبِرا
يا حبَّذا الفيلُ الَّذي شاهَدتُه
يا حبَّذا الفيلُ الَّذي شاهَدتُه / وَشهدتُ منه ما نَمى لي ذِكرُهُ
فكأَنَّه وكأَنَّ أَبيضَ نابه / لَيلٌ تبلَّج للنواظِر فَجرُهُ
لا تحسبنَّ فرِندَ صارِمه به
لا تحسبنَّ فرِندَ صارِمه به / وَشياً أَجادَتهُ القيونُ وجَوهَرا
بل ذاكَ غَيلُ الماءِ أَزعجه الَّذي / كَسَر النَدى فجرى به مُتكسِّرا
إِن لَم تَفُز يَوماً بقرب مَزارِه
إِن لَم تَفُز يَوماً بقرب مَزارِه / فاِقنع بما شاهدتَ من آثارِهِ
واِكحل جُفونَك من مواطئِ نعله / واِسفح دموعَك في رسوم ديارِهِ
قسماً بخصركَ وهو واهٍ واهن
قسماً بخصركَ وهو واهٍ واهن / وبروضِ خدِّك وهو زاهٍ زاهرُ
إِنّي لأَهوى ما تحبُّ وإنَّما / أَنا فيه بينَ الناس شاكٍ شاكرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025