المجموع : 38
قَلبي أَحب وَلَم تبن
قَلبي أَحب وَلَم تبن / فيه عَلى حبي أَماره
فكأَنَّ قَلبي لَيسَ في / هِ للصَبابة من حَراره
خَفي الهَوى فيهِ كَما / تَخفى الشَرارة في الحِجاره
إِنَّ الهَوى مَعنى تقص / صر عَن إبانته العباره
لَهفي عَلى الغُصنِ الَّذي / أَخذت تزايله النضاره
تَمضي حَلاوتها الحَيا / ةُ وإنما تَبقى المَراره
ناديت لَيلى داعياً
ناديت لَيلى داعياً / وَاللَيل منسدل الستارِ
قَد جنَّ حَتّى خلت أَن / نَ الكَون مطليٌّ بقارِ
فأَتى يسارع طيف لَي / لى ساحباً فضل الازار
يا طيف لَيلى زرتَني / لَيلاً عَلى شحط المزار
يا طيف إني لَم أَكُن / في لَيلَتي لك ذا اِنتظار
خلت الدهور وَمَرَّت الأعصارُ
خلت الدهور وَمَرَّت الأعصارُ / وَاللَيل لَيل وَالنَهار نهارُ
للأَرض أَدوار وَلست بعارف / حَتّى مَتى تَتعاقب الأدوار
ما إِن يحط من الحَقيقة قدرها / أَنَّ الحَقيقة مالها أَنصار
ما كانَ يفلح في شؤون حَياته / عقل عَلى خطأ له إصرار
أَنا لا أَرى أَنَّ الحقيقة مثلما / شعرت به الأسماع والأبصار
إن الطَبيعة لَم تَزَل مجهولة / وَلَقَد أَحاطَ بنا لَها أَسرار
العقل سار تارة وَمؤوّب / وَالشك لَيل وَاليَقين نهار
وَالزعم قد يَصفو فيظهر صائِباً / وَعَلى الحَقيقة قَد يَكون غبار
لا تكثرنَّ من الخضم توغلاً / فأَخاف أَن يجتاحك التيار
كسب الَّذي قد كانَ يؤثر غيره / حَمداً فكانَ لِنفسه الإيثار
إن النفوس إذا اقتنت لعقيدة / مثل الجسوم يُرى لها استمرار
إِنَّا بعصر قد أَبان رقيُّه / وَالناس قَد غاصوا البحار وَطاروا
تِلكَ النجوم عَلى شسوع مكانها / عَنا تمثلها لنا الأنوار
وَالجسم مهما دامَ في اِستقراره / فيه جواهر مالها استقرار
قد عاتَبوني من جهالتهم عَلى / ما قد أَتَيت كأَنَّني مختار
ما جئت أَستَبِق الحَياة مُسارِعاً / لَو كانَ لي قبل المَجيء خيار
إِن عاشَ إنسان تعش أَوطاره / أَو ماتَ يَوماً ماتَت الأوطار
وَلَقَد صبرت عَلى الأمور تعسرت
وَلَقَد صبرت عَلى الأمور تعسرت / فإذا العَسير هناك غير عَسيرِ
وإذا ذممت جوار قوم فاِرتحل / عنهم إِلى بلد حمدت شطير
لَم يتبع النبغاء في أفعالهم / للعَبقَرية سنة الجمهور
إني امرؤ لا أَجهرُ
إني امرؤ لا أَجهرُ / إلا بما أَنا أَشعرُ
لا أَطمئن لغير ما / أَنا سامع أَو مبصر
أَنكرت ما حمد الوَرى / وَحمدت ما قَد أَنكروا
اِرتاب في نبأ به / يفضي إليَّ المخبر
بل لا أصدق منه شي / ئاً قبلما أَتبصر
أما الخرافة فهي ما / عنه أَفر وأَنفر
لا أَقتَفي أثر الغَوا / ني غير أني انظر
عاشرنني فرأين كَي / فَ يعف مني المئزر
لا أَكبر الأشياءَ لَي / ست في العَواقِب تثمر
العقل من إكباره / تلك السَخائف أَكبر
قد آلموني بالقَذي / فة وَالشتوم وأكثروا
وَتعصّبوا حَتّى رمو / ني بالمروق وَكفروا
إن نابني شرٌّ فإن / ني منه لا أَتَذمر
أَو جاءَني خير فَلا / أَغترّ منه وأَبطر
أرد النَمير وبعد ما / أَروي غَليلي أَصدر
وَلَقَد قنعت من الطَعا / م ببلغة تتيسر
لا كالَّذين عَلى طعا / م واحِدٍ لَم يصبروا
أَو كالَّذين إذا تغي / يرت الظروف تغيروا
أَو كالَّذين إذا تَجَم / هرت الرعاع تجمهروا
أَو كالَّذين تذللوا / أَو كالَّذين تكبروا
أَو كالمنافق جاء يظ / هرُ غير ما هو يضمر
وَالشعر لست أَقوله / إلا كَما أَنا أَشعر
ما إن أقلد من مضت / قَبلي عليه الأعصر
والشعر قائله بتق / ليد الطَبيعة أَجدَر
إن الطَبيعة مورد / للشاربين ومصدر
يجد المواضيع الكَبي / رة عندها المتفكر
وَالشعر لَيسَ سوى الَّذي / هُوَ للشعور مصور
وَالشعر بالمعنى المطا / بق للحَقيقة يكبر
وَلَقَد يثير عواطفاً / من سامعيه وَيسحر
وَالشعر مرآة بها / صور الطَبيعة تظهر
لَيسَ القَريض بطوله / بل قد يَفوق الأقصر
وَلَقَد يطيل قصيدَه / فَيجيد أَشعث أَغبَر
واذا البَراعة ووزنت / يتقدم المتأخر
أحسن بشعر عَن شعو / ر النفس جاءَ يعبر
يَرعاه شعب يستقل / لُ وأمة تتحرر
ما للأديب بقطره / في الشرق قدر يذكر
أَمّا الشَقاء فحظه / منه الأتم الأوفر
وَلَقَد يصادف عزه / من بعد ما هُوَ يقبر
من بعد ما في قبره / أَوصاله تَتَبَعثَر
ماذا من التَكريم ير / جو ميت لا يشعر
للحَرب وَيلات بِنِس
للحَرب وَيلات بِنِس / بَتها هنالك تكبرُ
للحرب كسر في عظا / مِ رجالها لا يجبر
الحرب للمتهوسي / نَ هيَ الطَريق الأوعر
الحرب ذنب الاجتما / عِ وإنه لا يغفر
الحرب لَولا أن تمس / سَ ضرورة لا تشهر
تضني الَّذي هُوَ ظافر / وَتُذلُّ من لا يظفر
في الحرب لا تلقى من ال / فئتين من لا يخسر
جو السَلام إذا تَوَق / قدت الوغى يتعكر
لِلَّه أطراف تطا / ير أَو بطون تبقر
لِلَّه أَجساد عَلى / جنباتها تتكور
ما إن يَروق عيونَ حز / بِ السلم ذاكَ المنظر
أرهب بطياراتها / تُلقي المنون وَتمطر
أعجب بغواصاتها / تَرمي وَلَيسَت تظهر
ألممت بالمستنصرية زائراً
ألممت بالمستنصرية زائراً / أطلالها وَالجامِعاتُ تزارُ
دارٌ لعمري كانَ فيها مرة / أهل وأخرى ما بها ديّار
ما إن تُبالي الدار بعد خرابها / وَقفوا عليها ساعة أَو ساروا
ساءلتها مستعلماً عَن أَهلها / فوددت لَو تتكلم الأحجار
إن الحمى من بعدهم لا لَيله / ليل وَلا سمَّاره سُمَّار
أَخذ الفَتى لما تذكر عهده / يَبكي فتقرأ دمعه الأنظار
في الروض من بعد الخَريف وَبرده / ذبلت عَلى أفنانها الأزهار
يا حقُّ قد دَفَنوك حيّاً في الثرى / يوم القضاء فعادَني اِستعبار
وأَمضنى من بعد دفنك أَنَّني / ما زرتُ قبرك وَالحَبيب يزار
ذهب الزَّمان الأغبرُ
ذهب الزَّمان الأغبرُ / وَأَتى الزَّمان الأخضرُ
جاءَ الرَبيع فأصبحت / فيه البَلابل تصفر
في جنة غناء با / كرها سحاب ممطر
وَتفتحت أَزهارها / تَحكي عيوناً تنظر
وإذا تجاوبَت البلا / بل في مَكان تسحر
حول العِراق وأُمَّة / أَخذت به تتطور
لما اِختفت شمس النهار
لما اِختفت شمس النهار / ظهرت كَما أَرجو الدراري
ثم اِنبرى يَهفو السحا / بُ مِن اليَمين إِلى اليسار
فامتدَّ يَعدو دونها / قطعاً كأَمثال المهاري
أَو كالسفين نشرن أش / رعة فهن بها جواري
تَدنو فآونة لَها / تبدي وآونة تواري
أَما النجوم فأَعين / شهلاء تَرنو في خمار
أَو خُرَّدٌ بيض الطلى / ينظرن من خلل الستار
حيّ السماء وَما بها / من طالِعات في اِزدهار
لَولا نجوم اللَيل ضل / لَ سَبيله في اللَيل ساري
تلكم كواكِب زندها / في فحمة الظلماء واري
صغرت بعينك للنزو / ح وَما هنالك من صغار
أزرى الشعاع بكل أَب / عاد الفَضاء لدى السفار
شق الأثير بقوة / وَدَنا عَلى شحط المَزار
يا كَهرباء لأنت أَص / ل الكون أَجمَع في اِعتباري
وَسعت سماء للعوا / لم من طرائقها مجاري
متحركات ما لها / حتى النهاية من قرار
أَما النهاية فَهي لا / يَدري بها في الكون داري
بيض وزرق ثم أخْ / رى لا تريك سوى احمرار
وَلَقَد يَفور النور في / نجم ضَئيل بانفجارِ
وَلَقَد نضرت إِلى المجر / رة نظرة ذات اِختبار
فإذا المجرَّة شبه نه / رٍ في وَسيع الكَون جاري
وإذا النجوم بها شمو / س قد سطعن من الأوار
وَالشمس أم الأرض تغ / ذوها بأَنوار وَنار
منها الحَياة وكل ما / يَحمي الحَياة من البوار
وَلَها توابع جمَّة / كلّ مغذٌّ في مدار
وَتَرى أَولات ذوائبٍ / يَمشين هوناً في وقار
حتى إذا ما قاربَت / أَخذت تزايد في البدار
تأَتي وَتَذهَب ثُمَّ تأ / تي بعد حينٍ لازديار
وَهُناك قسم لا يحو / ر إذا تَناهى في النفار
العلم يَهدي السالكي / نَ إلى الحَقيقَة باختصار
وَالجهل يوقفهم عَلى / جرف من الأوهام هاري
لا علم إلا كنت حي / ناً منه خواض الغمار
أَبغي الحَقيقَة وَالحَقي / قةُ ما عَلَيها من غبار
وَأَرى طَريق الظن وع / راً ذا اِرتفاع واِنحدار
لا يسلم الإنسان حي / ن يَسير فيه من عثار
بعد التطلُّع للسما / ء ونظرة لي في الدراري
لا شيء يَجلو ناظري / كالرَوض في عقب القطار
الزَهر فيه مشبه / للزُهر في الفلك المدار
خلع الرَبيع من الشَقي / قِ عليه بُرداً وَالبهار
وَتَرَنَّمَت فيه الحما / ئم وَالفواخت وَالقماري
يَشدو الهزار لورده / وَالورد يبسم للهزار
بَعدَ الحَدائق وَالقصورِ
بَعدَ الحَدائق وَالقصورِ / رَضي الاقامة في القبورِ
يا نفس وَيحك كَيفَ نص / نعُ في مصيبتنا أَشيري
القَلب مني مضغة / والهم أَكبر من ثَبير
قَد غبت عَن كل العيو / ن هناك إلا عن ضَميري
أَحَمامة الآمال عش / شك غير محميٍّ فَطيري
ظعن الَّذي أحبهم / عني إلى البلد الشَطير
رحَلوا فَما روض المنى / من بعد ذلك بالنَضير
كلا وَلا تلك الأقا / حي البيض باسمة الثغور
وَسأَلت عنهم من لقي / تُ فَما سقطت عَلى خَبير
إِنَّ المَنيَّة هوّة / عمقت وَنحن عَلى شَفير
قَد عشتُ حتى جاء شع / ري شاكياً عبث القَتير
حتى رأَيتُ مصائباً / وَشهدت قاصمة الظهور
لَمّا قَضيتَ قضى رجا / ئي كله وَقضَى سروري
أَجد الحَياة أَليمَة / وأَكاد أَشرق بالنَمير
يَمشي الَّذي يَقضي الحَيا / ة من السهول إلى الوعور
وَلَقَد سلكت سَبيل وا / ديها المخوف بِلا خَفير
إنَّ اِعتماد الأكثري / نَ عَلى الحَياة من الغرور
وَلَقَد رأَيت مصيرهم / فعرفت حينئذٍ مَصيري
المَوت لَيثٌ يقصم ال / أعناق من بعد الظهور
الموت ذئب يخطف ال / أطفال من بين الحجور
أَبكيك بالشعر الَّذي / هو فيك بعض من شعوري
أَما النساء فَقَد أقم / ن مناحة حول السَرير
يلدمنَ بالأيدي هنا / ك عَلى الترائب وَالنحور
يندبن فَقَد وليهن / نَ وَضيعة الحامي الكَبير
وَلَقَد رأَيتك مَيتاً / فذممت عاقبة الأمور
أَمّا الحَياة فإنها / جسر وَنحن عَلى عبور
لا أنس نعشك سائراً / في أَول الجم الغَفير
يَمشون خلفك بالوقا / ر مشيعين إلى القبور
أَعظم به من مشهد / جمع البغام إلى الزَئير
لَيسَ الكَثير من البكا / ء عَلى ضياعك بالكَثير
ذهب اللباب وَظلت ال / أرواح تعبث بالقشور
لَم يَبقَ في بَغداد غي / ر الحزن بعدك من كَبير
ما لمتني يوماً عَلى تَقصيري
ما لمتني يوماً عَلى تَقصيري / إلا جرحت بِما تَلوم ضَميري
لي تحت أستار الدجنة رنة / مَشفوعة بتنهدي وَزَفيري
مَرفوعة لخفيّ سمع راحم / مدفوعة مِن قَلبي المَكسور
تَرقى إلى حرم أشم طرافه / يَسع الفَضاء وَلَيسَ بالمَنظور
يا لَيل إني قد بعثت إليك من / شعري سَفيراً فاِحتفل بِسَفيري
قد جاءَ وَهوَ بذيله متعثر / يَشكو مَقاساتي من الجمهور
يَشكو إليك من الأعادي كثرة / جاءَت لتصدم قلتي وَنزوري
لَو كنت في حلكٍ مقيماً ما اِهتَدوا / نحوي وَلكن في بياض النور
إن النَهار نَصير أَعدائي فَكُن / يا لَيل أَنتَ على النهار نَصيري
كن يا ظَلام من الضياء ومن أَتى / متهدداً لي في الضياء مجيري
أنا لا أَزيدك خبرة بظلامتي / ما أَنتَ بالمَظلوم غير خَبير
قَد ماتَ من جزع سروري ضحوة / فدفنته في لحده المَحفور
من بعد ما جردته وَغسلته / بصبيب دمع في المصاب غَزير
ووقفت فوق ضَريحه متعمداً / تأبين ذاك الصاحب المَقبور
فرثيته من أَدمع أرخيتها / للحزن بالمَنظوم وَالمَنثور
أَكثرت مِن دَمعي عليه باكياً / وإذا كَثير الدمع غير كَثير
قَد ملني وَأَنا الطَريح من الأسى / أَهلي القَريب وَصاحبي وَعشيري
أَبقى وَحيداً في الفراش تديرني / أيدي الهموم فَيا هموم أَديري
أَبكي لهجران الأحبة مضجَعي / إن البكاء علالة المَهجور
وَلَقَد رأَيتك يا ظلام تعودني / وَتَطوف طول اللَيل حول سَريري
مَن ذا ترين له أَبث ظَلامَتي / يا لَيلَتي طال العناء أَشيري
أَإِلى الجَرائد أَم إِلى نوابنا / أَهل الحميَّة أَم إِلى الدستور
قصدوا ضحى جم الغَفيرة منزلي / يَرجون وَجه اللَه في تَضريري
الشَيخ ثم الشَيخ أَوغر صدرهم / فأتوا إِلي يعظمون قصوري
الشيخ ثم الشيخ فَهوَ بليتي / وافى يقودهمُ إلى تَدميري
وَيَقول من يفتك بزنديق يفز / في جنة المأوى بوصل الحور
صديان ما بلت صداه دجلة / فأتى ليشرب من دَمي المَهدور
يا قَوم مهلاً مسلمٌ أَنا مثلكم / اللَه ثُمَّ اللَه في تَكفيري
أَنا مُسلم وَأَخاف بعد الموت في / قَبري مقارع منكر وَنَكير
بالأمس كنت إِلى الأعالي ناظِراً / أحسن بِعالي الجو من منظور
فَرأَيت عصفوراً وَصَقراً أَجدَلاً / وَالصقر منقضٌّ عَلى العصفور
بِمَخالِب مثل الخَناجِر جردت / من غلفها وَبمنسر مَفغور
وَهُناكَ غربانٌ تَطير وَراءه / نصراً لِذاكَ الأجدل المَغرور
لَكِن نجا العصفور إذ قد مَرَّ في / جحرٍ خلال جدار بعض الدور
يَدحو به جسماً مروعاً راجِفاً / وَالجسم منه لَم يكن بِكَبير
حتى تَوارى عَن عيون خصومه / يَطوي جناح الخائف المَذعور
وَرأَى نزوح مهاجميه فارعوى / يبدي اِنتفاض الآمن المَسرور
وَمَضى يَطير مغرداً لنجاته / من شر غربان وَظلم صقور
ثُمَّ اِستقرَّ عَلى أَعالي سرحة / مَمدودة الأغصان فوقَ غَدير
وَتراه آونة يَطير مرفرفاً / في الروض فوقَ بنفسج مَمطور
غرِدٌ يبث الشجو هَل هُوَ شاعر / أَم طائِرٌ من أُسرة الشحرور
أَنا ذَلك العصفور جاءَ يروعني / والي العراق ببطشه المَشهور
اللَه قدَّر لي النجاة بفضله / من شره واللَه ذو تَقدير
أَسَفي عَلى شعبٍ هنالك جاهلٍ / يَلوي رِقاب الذل تحتَ النير
إن ضمهم نادى الحضور تنقلوا / من ذكر إسطورٍ إلى إسطور
أسفي عَلى متعصبين تأَلبوا / يَحمون حوض الجهل بالساطور
متهافتين عَلى موارد غيِّهم / كقطا ظماء عند حر هَجير
هَذا نمير فاطلبيه يا قطا / فإذا رويت من النمير فَطيري
ماذا عليَّ من الَّذي قد قلته / أَو لست حر الرأي وَالتَفكير
هَل في مَقالي الحقَّ في عهد به / قد أُعلن الدستور من محظور
يا قَوم حَسبي اللَه هَل أَنا مُخطئٌ / أَم أَنتَ بالدستور غير جَدير
يا ظلم ان طالَت يد لَك برهة / فالعَدل لَيسَ ذراعه بِقَصير
أَخذت تفضل أَن تَموت عَزيزةً
أَخذت تفضل أَن تَموت عَزيزةً / بعضُ النفوس لأنهنَّ كبارُ
أَشكو أُناساً أَظهروا لي ودهم / حتى إذا ملكوا قيادى جاروا
الغَرب قد أَخذ اللبابَ لنفسه
الغَرب قد أَخذ اللبابَ لنفسه / وَالشرق لاهٍ أَهلُه بقشورِ
لَما رأَت عيناي طياراته / وَقَد اِعتلت شبَّهتها بنسور
العِلم ثروة أُمَّة وَيسارُ
العِلم ثروة أُمَّة وَيسارُ / وَالجهل حرمان لها وَبوارُ
العلم قد دك الجبال فهدها / وأَضاءَ جنح اللَيل فهو نهار
بالعلم أطلعت البلاد كواكباً / بالعلم صارَت تنطق الأحجار
بالعلم قد ناجى مقيم نازحاً / وَعَلى الأثير تمشت الأخبار
بالعلم أدنى الناس شقة أَرضهم / بالعلم غاصوا في البحار وَطاروا
بالعلم قد طالَت فأدركت المنى / أَيدٍ عن الغرض الرَفيع قصار
خدم البلادَ الكَهرباءُ وَقبله / خدم المعامل في البلاد بخار
العلم يَنمو في المدارس دوحه / حيناً وَتقطف بعد ذاك ثمار
يا علم يا كل الهداية للورى / صَلّى عليك اللَه والأبرار
يا علم أَنتَ مخفف أوزارنا / لَولاك أَنقض ظهرنا الأوزار
ما كانَ يفلح في جهاد حَياته / شعب عَلى كسل له استمرار
سَيَموت رب العلم من مرض به / وَتَعيش دهراً بعده الآثار
شتان بين الدار تبسط ظلمة / وَالدار فيها تسطع الأنوار
بالعلم قد لبس العراق حضارة / ما إن تردت مثلها الأمصار
يا علم قل لي مخبراً أَين اِختفت / تلك النجوم الزهر والأقمار
يا علم قد كانَت ربوعك جنة / غناء تَجري تحتها الأنهار
من بعد ما كانت ربوعك جنة / يا علم عمَّ ربوعك الإقفار
يا علم غيرك الزَمان بصرفه / لا أَنت أَنت وَلا الديار ديار
إِن التوقف في زَمان حازم / فيه تقدمت الشعوب لعار
لا نجح إلا وَالمشقة أمُّه / كالنور يظهر حيث تَذكو النار
نور يشق حسامه بغراره / سجف الظلام وَهَكَذا الأسحار
وأهم عضو في الرجال لسانهم / وأهم جزء في السيوف غرار
الحرب بعد اليوم حرب سياسة / وَالغالِبون بها هم الأحرار
العدل فيها للمحارب جنةٌ / وَالعلم فيها المرهف البتار
من كانَ يَمشي في طَريق مستو / أَمن العثار فما هناك عثار
لا توقظنّي إن هجعت من الكرى / حتى يغرد في الصباح هزار
حاولت أن ألقى الحَقيقة جهرة / فإذا الحَقيقَة دونها أستار
لَو كانَ للإِنسان رأي صائب / لأتَت مؤيدة له الأقدار
يا قوم قد وعر الطَريق أمامكم / فإذا عزمتم تسهل الأوعار
لا يَرفع الوطن العَزيز سوى أمرئٍ / حر عَلى الوطن العَزيز يغار
إن هدّم العربيُّ حوض جدوده / سخطت عليه يعرب وَنزار
ما ذم قط حياتَه
ما ذم قط حياتَه / في الأَرض من هو ذو يسار
إن النهار مطية / وَالليل من بعد النهار
أَما المقلّ فإنه / يطوي الضلوع على سعار
لا يأمن الماشي بلي / لٍ للظلام من العثار
الشعب مستند إلى / جُرُفٍ من الآمال هاري
إن الغناء يثير في ال
إن الغناء يثير في ال / إنسان مبهمة الخواطرْ
والشعر يشبهه فَفي ال / فنَّين تسلية الضمائر
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري
يا شعر إِنَّك أَنت صوت ضميري / يبديك حزني تارة وَسروري
يا شعر أَنت بكاي يوم كآبتي / وَتبسمي يا شعر يوم حبوري
يا شعر أنت ممثل قلبي الَّذي / هو في الحَياة محركي ومديري
أَنا أَنت يا شعري وأَنت أَنا فمن / يقرأك يقرأ سيرتي وشعوري
ما أَنت إلّا صيحة أرسلتها / في اللَيل عند تكاثف الديجور
قد كنت حيناً في خفائك خافياً / حتى ظهرت فكان فيك ظهوري
يا شعر أنت إذا وصفتك موجزاً / شكوى الكظيم ونفثة المصدور
مالي أراك على الإجادة في الَّذي / توحيه منسياً من الجمهور
هَل أَنتَ في بلد أضاعك أهله / أَم أَنت بالإقبال غير جدير
أَحمامة غنت بجانب دجلة / لم يبق مستمع إليك فطيري
يا شعر إني سوف أدثر في الثرى / ميتاً وأَنت تعيش بعد دثوري
ولسوف تقرأك العيون مجلة / وتلذك الأسماع بعد عصور
يجد الغراب على صموت عاذراً / أَما الهزار فَلَيسَ بالمعذور
في الصبح زار العَندليب شقيقه / أفديكما من زائر ومزور
يا عندليب الروض ألقِ من الربى / بعضَ القصيد كشاعر مشهور
غرد هنالك ثم غرد ههنا / من أَجل ناس أَنصتوا وطيور
الشعر لست أقوله
الشعر لست أقوله / إلا كما أَنا أشعرُ
ما إن أقلد من مضت / قبلي عليه الأعصر
والشعر قائله بتق / ليدِ الطَبيعة أجدر
إن الطبيعة مورد / للشاربين ومصدر
يجد المواضيع الكبي / رة عندها المتفكر
والشعر ليس سوى الَّذي / هو للشعور مصور
والشعر بالمعنى المطا / بق للحقيقة يكبر
ولقد يثير عواطفاً / من سامعيه ويسحر
والشعر مرآة بها / صور الطبيعة تظهر
لَيسَ القَريض بطوله / بل قد يفوق الأقصر
وَلَقَد يطيل قصيده / فيجيد أشعث أغبر
وإذا البراعة ووزنت / يتقدم المتأخر
وإذا شرعت بنظمه / للذهن فيه أحصر
فإذا نظمت البيت من / هُ أعيده وأكرر
وإذا رأَيت اللفظ لَي / سَ كَما أروم أُغَيِّر
وأظلُّ أصقله إلى / أن تَستَقيم الأشطر
ويروع عيني حسنه / ويبين فيه الجوهر
أحسن بشعر عن شعو / ر النفس جاء يعبر
يَرعاهُ شعبٌ يستقل / لُ وأُمَّة تتحرر
ما للأَديب بقطره / في الشرق قدرٌ يُذكر
أما الشقاء فحظه / منه الأتمُّ الأوفر
ولقد يصادف عزة / من بعدما هو يقبر
من بعد ما في قبره / أوصاله تتبعثر
ماذا من التَكريم ير / جو ميتٌ لا يشعر
الغرب مستند إلى التدبيرِ
الغرب مستند إلى التدبيرِ / والشرق معتمد على التقديرِ
الغرب حر للقيود مقطع / والشرق من عاداته كأسير
الغرب قد أَخذ اللباب لنفسه / والشرق لاه أَهله بقشور
غرض السياسة مجحف أما الَّذي / تبديه من سبب فللتبرير
في هذه الدُنيا غني واحد / يَحظى ببغيته وألف فقير
ما كانَ أفق العدل يبقى مظلماً / لَو كانَ مطلعَ أَنجمٍ وبدور
القوم بالأمس اختبرت كبيرهم / فإذا كبير القوم غير كبير
ماذا تؤمل من رؤوس ما قنت / في القحف غير جهالة وغرور
أَما القصور فإنها ليست لمن / فيها من السكان غير قبور
يا نفس عيشي بعد يومك بالمنى / حبل المنى يا نفس غير قصير
إنا إذا ما كنتَ عنّا سائلاً / أسراء موعودون بالتَحرير
لَهفي هناك على رقاب أَصبحت / ملوية بالذل تحت النير
حظروا علي لغير ذنب جئته / في موطني ما لَيسَ بالمَحظور
وَلَقَد مللت من الحياة ووحدة / أشقى بها في بيتي المهجور
قد صرت أحتقر الحياة لأنها / أَسباب آلامي وأصل شروري
الدهر أخرني ليوم فادح / ماذا أراد الدهر من تأخيري
إن الصديق من الرجال هُوَ الَّذي / إن غبت يحفظ غيبتي كحضوري
ذمَّ السياسةَ أنها أبدت لنا / قمراً على الآفاق غير منير
إني لأخشى أن تهبَّ فجاءة / ريحٌ فتقلع عند ذاك جذوري
لَهي المساعي بعد أن
لَهي المساعي بعد أن / تلقى العناية تثمرُ
الشعب لا يَرضى علي / ه أَن يكون مسيطرُ