المجموع : 19
هبّ النسيم على الرياض مع السَحَرْ
هبّ النسيم على الرياض مع السَحَرْ / فاستيقظت في الدوح أجفان الزَهَرْ
ورمى القضيب دراهماً من نوْرِهِ / فاعتاض من طل الغمام بها دُرَرْ
نشر الأزاهر بعدما نظم الندى / يا حسن ما نظم النسيم وما نَثَرْ
قُمْ هاتها والجو أزهرُ باسمٌ / شمساً تحلُ من الزجاجة في قَمَرْ
إن شجها بالماء كفُّ مديرها / ترمي من شُهب الحباب بها شَرَرْ
ناريةً نوريةً من ضوئها / يقدح السراج لنا إذا الليل اعتكرْ
لم يُبقِ منها الدهرُ إلا صبغة / قد أرعشت في الكأس من ضعف الكِبَرْ
من عهد كسرى لم يُفضَّ ختامُها / إذ كان يدخر كنزها في ما دَخَرْ
كانت مذاب التُبْر فيما قد مضى / فأحالها ذوبَ اللجين لمن نظرْ
جدّدْ بها عرس الصبوح فإنها / بكر تحييها الكرام مع البُكرُ
وابلُلّ بها رمق الأصيل عشيةً / والشمس من وعد الغروب على خطَرْ
محمرة مصفرة قد أظهرتْ / خجلَ المريب يشوبه وَجَلُ الحَذِرْ
في كف شفَاف تجسّد نوره / من جوهرِ لألاءُ بهجته بَهَرْ
تهوى البدور كماله وتودُّ أن / لو أوتيت منه المحاسن والغررْ
قد خَطّ نونَ عذاره في خده / قلمان من آس هناك ومن شعر
وإلى عليك بها الكؤوس وربما / يسقيك من كأس الفتور إذا فَتَرْ
سُكْرُ النّدامى من يديه ولحظه / متعاقب مهما سقى وإذا نظَرْ
حيث الهديلُ مع الهدير تناغيا / فالطير تنشد في الغصون بلا وترْ
والقضبُ مالتْ للعناق كأنها / وفد الأحبة قادمين من السَفَرْ
متلاعبات في الحلي ينوب في / وجناتهنَّ الوردُ حسناً عن خَفَرْ
والنرجس المطلول يرنو نحوها / بلواحظ دمعُ الندى منها انهمَرْ
والنهر مصقول الحُسام متى تَرِدْ / درعُ الغدير مصفقاً فيها صَدَرْ
يجري على الحصباء وهي جواهرٌ / متكسِّراً من فوقها مهما عَثَرْ
هل هذه أم روضة البشرى التي / فيها لأرباب البصائر مُعتَبَرْ
لم أدرِ من شغفٍ بها وبهذه / من منهما فَتَن القلوب ومن كَسَرْ
جاءت بها الأجفان مِلْءَ ضلوعها / مِلْءَ الخواطر والمسامع والبصَرْ
ومسافرٍ في البحر مِلْء عنانه / وافى مع الفتح المبين على قَدَرْ
قادته نحوَك بالخِطام كأنه / جَمَلٌ يساقُ إلى القياد وقد نفَرْ
وأراه دينُ الله عزّةَ أهله / بك يا أعفَّ القادرين إذا قدرْ
يا فخر أندلس وعصمة أهلها / للناس سرُّ في اختصاصك قد ظهرْ
كم معضل من دائها عالجتَه / فشفيتَ منه بالبدار وبالبدِرْ
ماذا عسى يصف البليغ خليفة / واللهِ ما أيامه إِلاَّ غرَرْ
وُرَّثتَ هذا الفخرَ يا ملك الهدى / من كلِّ من آوى النَّبِيَّ ومن نَصَرْ
من شاء يعرفُ فخرهم وكمالهم / فليتلُ وحي الله فيهم والسَّيَرْ
أبناؤهم أبناء نصر بعدهم / بسيوفهم دين الإله قد انتصرْ
مولاي سعدُك والصباح تشابها / وكلاهما في الخافقين قد اشتهرْ
هذا وزير الغرب عبد آبق / لم يُلفِ غيرَك في الشدائد من وَزَرْ
كفر الذي أوليته من نعمة / واللهُ قد حتم العذابَ لمن كفرْ
إن لم يمت بالسيف مات بغيظه / وصَلّى سعيراً للتأسّف والفِكرْ
ركب الفِرارَ مطيَةً ينجو بها / فجرتْ به حتى استقر على سَقَرْ
وكذا أبوه وكان منه حِمامُهُ / قد حُمَّ وهُوَ من الحياة على غَرَرْ
بلّغتَهُ واللهُ أكبرُ شاهدٍ / ما شاء من وطن يعزّ ومن وَطرْ
حتى إذا جحد الذي أَوْلَيْته / لم تُبق منه الحادثات ولم تذَرْ
في حاله واللهِ أعظم عِبرةٍ / لله عَبدٌ في القضاء قد اعتبرْ
فاصبرْ تنلْ أمثالها في مثله / إن العواقب في الأمور لمن صبَرْ
رِدْ حيث شئت مسوَغاً وِرد المنى / فالله حسبك في الورود وفي الصَّدَرْ
لا زلتَ محروساً بعين كلاءةٍ / ما دام عين الشمس تعشي من نَظَرْ
والعودُ في كف النديم بسر ما
والعودُ في كف النديم بسر ما / تُلقي لنا منه الأنامل قد جَهَرْ
غنَى عليه الطير وهو بدوحه / والآن غنَّى فوقه ظبي أغَرْ
عود ثوى حجر القضيب رعى له / أيام كانا في الرياض مع الشَّجَرْ
لا سيما لما رأى من ثغرهِ / زهراً وأين الزهر من تلك الدُرَرْ
ويظن أن عذاره من آسه / ونظن تفاح الخدود من الثمَرْ
يسبي القلوب بلفظه وبلحظه / وَافِتْنَتي بين التكلم والنظرْ
قد قيّدته لأُنسنا أوتاره / كالظبي قُيِّد في الكناس إذا نَفَرْ
لم يُبلَ قلبي قبلَ سمع غنائه / بمعذَّر سلب العقول وما اعتذرْ
جَسَّ القلوب بجَسّه أوتارَهُ / حتى كأن قلوبنا بَيْن الوتَرْ
نمّت لنا ألحانه بجميع ما / قد أودعت فيه القلوب من الفكرْ
يا صامتا والعود تحت بنانه / يُغنيك نطق الخُبر فيه عن الخَبَرْ
أغنى غناؤك عن مدامك يا ترى / هل من لحاظك أم بنانك ذا السَّكَرْ
باحت أناملك اللدان بكل ما / كان المتيم في هواه قد سَتَرْ
ومقاتلٍ ما سَلَّ غير لحاظه / والرمحَ هزّ من القوام إذا خطرْ
دانَتْ له منا القلوب بطاعة / والسيف يملك ربه مهما قَهَرْ
نفسي الفداء لشادن مهما خطرْ
نفسي الفداء لشادن مهما خطرْ / فالقلب من سهم الجفون على خطرْ
فضح الغزالة والأقاحة والقنا / مهما تثنَى أو تبسّم أو نظرْ
عجباً لليل ذوائبِ من شعرهِ / والوجه يُسفر عنْ صباح قد سفرْ
عجباً بعِقدِ الثغر منه منظماً / والعِقد من دمعي عليه قد انتثرْ
ما رمتُ أن أجني الأَقاحَ بثغره / إلاّ وقد سلَّ السيوف من الحورْ
لم أنسَهُ ليلَ ارتقاب هلاله / والقلب من شك الظهور على غَررْ
بتنا نراقبه بأول ليلةٍ / فإِذا به قد لاح في نصف الشهرْ
طالعته في روضة كخلاله / والطيب من هذي وتلك قد اشتهرْ
وكلاهما يُبدي محاسن جمة / مِلْءَ التنسّم والمسامع والبصرْ
والكأسُ تطلع شمسها في خدِّهِ / فتكادُ تُعشي بالأشعة والنظرْ
نورية كجبينة وكلاهما / يجلو ظلامَ الليل بالوجه الأغرْ
هي نسخة للشيخ فيها نسبة / ما إن يزالا يرعشان من الكبرْ
أفرغتَ في جسم الزجاجة روحها / فرأيتُ روح الأنس فيها قد بهرْ
لا تسقِ غير الروض فضلة كأسها / فالغصن في ذيل الأزاهر قد عثرْ
ما هبَ خفاق النسيم مع السحرْ / إلا وقد شاق النفوس وقد سحرْ
ناجى القولبَ الخافقات كمثله / ووشى بما تخفي الكِمام مع الزهرْ
وروى عبد الضحاك عن زَهر الربُّى / ما أسند الزهري عنه عن مطرْ
وتحملت عنه حديث صحيحه / رُسُلُ النسيم وصدّق الخُبُرُ الخَبَرْ
يا قصر شنّيل وربعك آهلٌ / والروض منك على الجمال قد اقتصرْ
لله بحرك والصِّبا قد سرَّدْتْ / منه دروعاً تحت أعلام الشجرْ
والآس حفَّ غداره من حوله / عن كلِّ من يهوى العِذارَ قد اعتذرْ
قَبِّلْ بثغر الزهر كفَّ خليفة / يُغنيك صوبُ الجود منه عن المطرْ
وافرشْ خدود الورد تحت نعاله / واجعل بها لون المضاعف عبد خفرْ
وانظمْ غناء الطير فيه مدائحاً / وانثر من الزهر الدراهم والدررْ
المنتقى من جوهر الشرف الذي / في مدحه قد أنزلت آيُ السورْ
والمجتبى من عنصر النور الذي / في مطلع الهَدي المقدس قد ظهرْ
ذو سطوة مهما كفى ذو رحمة / مهما عفا ذو عفة مهما قدرْ
كم سائل للدهر أقسمَ قائلاً / والله ما أيامُهُ إلا غُرَرْ
مولايَ سعدك كالمهنّد في الوغى / لم يُبق من رسم الضلال ولم يَذَرْ
مولاي وجهُك والصباحُ تشابها / وكلاهما في الخافقين قد اشتهرْ
إن الملوك كواكبٌ أخفيتها / وطلعت وَحْدَك في مظاهرها قمرْ
في كل يوم من زمانك موسمٌ / في طَيّهِ للخلق أعيادٌ كُبَرْ
فاستقبل الأيام يندَى روضها / ويرف والنصر العزيز له ثمرْ
قد ذهَبتْ منها العشايا ضعف ما / قد فضَّضَتْ منها المحاسن في السحرْ
يا ابن الذين إذا تُعَدُّ خلالهم / نفِدَ الحسابُ وأعجزت منها القدرْ
إن أوردوا هِيمَ السيوف غدائراً / مصقولةٌ فلطالما حَمِدُوا الصِّدَرْ
سائلْ ببدرٍ عنهمُ بدرَ الهدى / فبهم على حزب الضلال قد انتصرْ
واسألْ مواقفهم بكل مشهّر / واقرَ المغازي في الصحيح وفي السِّيَرْ
تجد الثناء ببأسهم وبجودهم / في مصحف الوحي المنزل مُستطرْ
فبمثل هديك فلتُنِزْ شمس الضحى / وبمثل قومِكَ فليفاخر من فَخَرْ
ماذا أقول وكل وصف معجزٌ / والقول فيك مع الإطالة مختصرْ
تلك المناقب كالثواقب في العلا / من رامها بالحصْرِ أدركه الحَصَرْ
إن غاب عبدُك عن حماك فإنه / بالقلب في تلك المشاهد قد حضرْ
فاذْكُرْهُ إن الذكرَ منك سعادةٌ / وبها على كل النام قد افتخرْ
ورضاك عنه غايةٌ ما بعدها / إلا رضى الله الذي ابتدع البشرْ
فاشكر صنيع الله فيك فإنه / سبحانه ضمن المزيد لمن شكرْ
وعليك من رَوْح الإله تحيةٌ / تهفو إليك مع الأصائل والبُكَرْ
مولايَ يا ابن السابقين إلى العلا
مولايَ يا ابن السابقين إلى العلا / والرافعين لواءها المنشورا
إن لوحظوا في المعلُوَات فإنهم / طلعوا بآفاق العلاء بدورا
أو فوخروا في المكرمات فإِنّهم / نظموا بأسلاك الفخار شذورا
أبناء أنصار النّبِيّ وصحبه / في الذكر أصبح فخرهم مذكورا
والمؤثرين وربُّنا أُنى بها / في الحشر خلَّد وصفهم مسطورا
فاضتْ علينا من نداك غمائمٌ / وتفجرت من راحتيك بحورا
من كفّ شفاف الضياء تخاله / لصفاء جوهرهِ تجسَّدَ نورا
نِعمّ منوّعة تعدد وفْرها / أعجزت عنها شكريَ الموفورا
في موسمٍ للدين قد جدَّدته / وأقمتَ فينا عيده المشهورا
أضعافَ ما أهديتنا من منّةٍ / تُهدِي إليكَ ثوابَها عاشورا
وعلى الطريق بشائرٌ محمودة / ألقاك جذلاناً بها مسرورا
يا أيها المولى الذي بركاتُه
يا أيها المولى الذي بركاتُه / رفعت لواءً للنّدى منشورا
لك راحة تزجي الغمام بأنمل / فَجْرْتَ منها بالنوال بحورا
واليوم موسم قُربةٍ وعبادة / وغداً ظفرت بأجره عاشورا
راعيتَ فيها سنَةً نبوِيّةً / تَروي الثّقاتُ حديثه المشهورا
لا زلتَ عامُك كلُّه في غبطةٍ / لُقِّيتَ منها نَضْرَةً وسرورا
لولا تألق بارق التذكارِ
لولا تألق بارق التذكارِ / ما صابَ واكفُ دمعيَ المدرارِ
لكنه مهما تعرض خافقاً / قَدحَتْ يدُ الأشواق زند أواري
وعلى المشوق إذا تذكر معهداً / أن يُغْريَ الأجفانَ باستعبارِ
أمذكّري غرناطةً حلّت بها / أيدي السحابِ أَزرةَ النُوَّارَ
كيف التخلص للحديث وبيننا / عرض الفلاة وطافح الزخَارِ
هذا على أن التغربَ مركبي / وتولُّجَ الفيحِ الفساحِ شعاري
فلكم أقمت غداةَ زُمَّتْ عيسُهم / أبغي القرار ولات حين قرارِ
وطفقت أستقري المنازلَ بعدهم / يمحو البكاءُ مواقع الأثارِ
إنَّا بني الآمال تخدعنا المنى / فنخادع الآمال بالتسيار
نَتَجَشْم الأهوال في طلب العلا / ونروع سربَ النوم بالأفكارِ
لا يحرز المجدَ الخطير سوى امرئ / يمطي العزائم صهوةَ الأخطار
إمّا يفاخرْ بالعتاد ففخْرُه / بالمشرفية والقنا الخطّارِ
مستبصر مَرمى العواقب واصلٌ / في حمله الإيرادَ بالإصدارِ
فأشدُّ ما قد الجهول إلى الردى / عَمَهُ البصائر لا عمى الأبصارِ
ولربَ مُرْبَدِّ الجوانح مزبدٍ / سبح الهلالُ بلُجّهِ الزخّار
فُتقت كمائم جنحه عن أنجم / سفرت زواهرُهنَّ عن أزهارِ
مثلت على شاطي المجرة نرجساً / تصطفُّ منه على خليجِ جاري
وكأنما خمسُ الثريا راحَةٌ / ذرعَتْ مسير الليل بالأَشبارِ
أسرجْتُ من عزمي مصابيحاً بها / تهدي السراة لها من الأقطارِ
واتارع من بازي الصباح غرابُهُ / لما أطلّ فطار كلَّ مَطارِ
وغريبةٍ قطعت إليك على الونى
وغريبةٍ قطعت إليك على الونى / بيداً تبيدُ بها همومُ الساري
تُنسيه طِيَّتَه التي قد أمَّها / والركب فيها ميّت الأخبارِ
يقتادها من كل مشتمل الدجى / وكأنما عيناه جذوة نارِ
تشدو بحمد المستعين جداتُها / يتعلّلون به على الأكوارِ
إن مسَّهم لفح الهجير أبلّهم / منه نسيم ثنائك المعطارِ
خاضوا به لجج الفلا فتخلصت / منها خلوصَ البدر بعد سرارِ
سلمت بسعدك من غوائل مثلها / وكفى بسعدك حامياً لذمارِ
وأتتك يا ملك الزمان غريبةٌ / قيد النواظر نزهة الأبصارِ
موشيّة الأعطاف رائقة الحلى / رقمت بدائعها يدُ الأقدارِ
راق العيونَ أديمها فكأنه / روضٌ تفتح عن شقيق بهارِ
ما بين مبيضٍّ وأصفرَ فاقع / سال اللّجين به خلال نُضارِ
يحكي حدائق نرجس في شاهق / تنساب فيه أراقم الأنهارِ
تحدو قوائمَ كالجذوع وفوقها / جبلٌ أشمُّ بنوره متوارِ
وسمت بجيدٍ مثل جذع مائل / سهل التعطف ليّن خوّارِ
تستشرف الجدران منه ترائباً / فكأنّما هو قائم بمنارِ
تاهت بكلكلها وأتلع جيدُها / ومشى بها الإعجابُ مشيَ وقارِ
خرجوا لها الجمَّ الغفيرَ وكلُّهم / متعجَب من لطف صنع الباري
كلٌّ يقول لصحبه قوموا انظروا / كيف الجبال تقاد بالاسيار
ألقت ببابك رحلها ولطالما / ألقى الغريب به عصا التسيار
عَلِمَتُ ملوك الأرض أنك فخرها / فتسابقت لرضاك في مضمارِ
يتبؤأون به وإِنْ بعد المدى / من جاهك الأعلى أعزَّ جوارِ
فارفع لواء الفخر غير مُدافعٍ / واسحب ذيولَ العسكرِ الجرارِ
واهنأ بأعياد الفتوح مخوَّلاً / ما شِئت من نصر ومن أنصارِ
وإليكها من روض فكري نفحةً / شفَّ الثناء بها على الأزهارِ
من فصل منطقها ورائق رسمها / مستمتعُ الأسماع والأبصارِ
وتُميل من أصغى لها فكأنني / عاطيتُه منها كؤوس عُقارِ
حيَّاكِ يا دار الهوى من دارِ
حيَّاكِ يا دار الهوى من دارِ / نوءُ السَّماك بديمةٍ مدرارِ
وأعاد وجهَ رُباك طلقاً مشرقاً / متضاحكاً بمباسم النوّارِ
أَمذكُري دارَ الصبابة والهوى / حيث الشبابُ يرفُّ غصن نُضارِ
عاطيتني عنها الحديث كأنما / عاطيتني عنها كؤوسَ عُقارِ
إيهٍ وإن أذكيت نار صبابتي / وقدحتَ زندَ الشوق بالتذكارِ
يا زاجر الأظعان وهي مشوقة / أشبهتها في زفرة وأوارِ
حنَّتْ إلى نجد وليست دارَها / وصَبتْ إلى هنديّهِ والغارِ
لكنَّها شامَتْ به برق الحمى / واعتادها طيف الكرى بمزارِ
هل تُبلغُ الحاجاتِ إن حُمُلتها / إنّ الوفاء سجيةُ الأحرارِ
عرّضْ بذكري في الخيام وقلْ إذا / جئت العقيق مُبَلِّغ الأوطارِ
عارٌ بقومكِ يا ابنةَ الحيَّيْنِ أن / تلوي الديون وأنت ذات يسارِ
أمتعت ميسورَ الكلام أخا الهوى / وبخلت حتى بالخيال الساري
وأبان جاري الدمع عذرَ هيامه / لكن أضعتِ له حقوق الجارِ
هذا وقومُكِ ما علِمتُ خلالهم / أوفى الكرام بذمةِ وجوارِ
الله في نفس شُعاعٍ كلّما / هبّ النسيم تطير كل مطارِ
باللهِ يا لمياءُ ما منع الصَّبا / أَلاَّ تهبَّ بعَرفِكِ المعطارِ
يا بنتَ من تشدو الحداةُ بذكره / مُتَعَلِّلين به على الأكوارِ
ما ضر نسمة حاجر لو أنها / أهدتْ لنا خبراً من الأخبارِ
هل بانُه من بعدنا متأوّدٌ / متجاوبٌ مترنم الأطيارِ
وهل الظباء الآنسات كعهدنا / يصرعن أسْدَ الغاب وهْيَ ضوارِ
يفتكن من قاماتها ولحاظها / بالمشرفية والقنا الخطَّارِ
أشعرتُ قلبي ُبَّهُنَّ صبابةٌ / فَرَمَيْنَني من لوعتي بجمارِ
وعلى الكثيب سوانحٌ حمرُ الحلى / بيض الوجوهِ يُصَدْن بالأفكارِ
أَدْنَى الحجيجُ مزارهنَّ ثلاثةٌ / بمِنّى لَوَاَنَّ مِنىَ ديارُ قرارِ
لكنّ يوم النفر جُدنّ لنا بما / عوَّدْنَنا من جفوة ونِفارِ
يا ابن الأُلى قد أَحرزوا فضل العلا / وسَمَوْا بطيب أرومةِ ونِجارِ
وتنوب عن صوب الغمام أكفُّهم / وتنوب أوجُههم عن الأقْمارِ
من آل سعدٍ رافعي علم الهدى / والمصطَفَيْنَ لنصرة المختارِ
أصبحتَ وارثَ مجدهم وفخارهم / ومشرَفَ الأعصار والأمصارِ
وجهٌ كما حَسَر الصباحُ نِقابَهُ / ويدُ تمدُّ أناملاً ببحارِ
جدّدت دون الدين عزمة أروعٍ / جدّدت منها سُنَّة الأنصارِ
حُطْتَ البلاد ومن حوته ثغورُها / وكفى بسعدك حامياً لذمارِ
للهِ رحلتك التي نلنا بها / أجرَ الجهاد ونزهة الأبصارِ
أوردتنا فيها لجودك مورداً / مستعذبَ الإيراد والإِصدارِ
وأفضت فينا من نداك مواهباً / حسُنت مواقعُها على التكرارِ
أضحكت ثغر الثغر لما جئته / وخَصَصْتَهُ بخصائص الإيثارِ
حتى الفلاةُ تقيمُ يوم وردتها / سُنَنَ القِرى بثلاثةِ الأثوارِ
وسَرَتْ عُقاب الجو تهديك الّذي / تصطاد من وحش ومن أطيارِ
والأرض تعلمُ أنك الغوث الذي / تُضفي عليها واقيَ الأستارِ
وَلَرُبَّ ممتدِّ الأباطح موحش / عالي الربى متباعد الأقطارِ
هَمَلِ المسَارح لا يُراعُ قنيصُهُ / إلا لنَبْأةِ فارسٍ مغوارِ
سَرَحَتْ عنان الريح فهي وربما / أَلْقَتْ بساحته عصا التّسيارِ
باكرته والأفق قد خلع الدجى / مِسْحاً لِيلبَسَ حُلَّةَ الإِسفارِ
وجرى به نهر النهار كمثل ما / سكب النديم سُلافةً من قارِ
عَرَضَتْ به المستنفرات كأنَّها / خيلٌ عِرابٌ جُلْنَ في مضمارِ
أتبعتها غُرَرَ الجياد كواكباً / تنقضُّ رجماً في سماء غُبارِ
والهاديات يؤمُّها عبلُ الشَّوى / متدفّقٌ كتدفّق التيَّارِ
أَزْجَيْتَها شقراءَ رائقةَ الحلى / فرمَيْتَهُ منها بشعلةِ نارِ
أثبتْ فيه الرمح ثُمَّ تركته / خَضِبَ الجوانح بالدَّمِ الموَّارِ
حامت عليه الذابلات كأنَّها / طيرٌ أوَتْ منه إلى أوكارِ
طفقت أرانِبُهُ غداة أثرتها / تبغي الفرار ولات حين فرارِ
هل ينفع الباعُ الطويل وقد غدتْ / يوم الطراد قصيرةَ الأَعْمارِ
من كل منحفزٍ بملحمة بارق / فاتتْ خطاه مدارك الأبصارِ
وجوارح سبقتْ إليه طلابها / فكأنّما طالَبْنَهُ بالثّارِ
سودٌ وبيضٌ في الطراد تتابعت / كالليل طارده بياضُ نهارِ
ترمي بها وهي الحنايا ضمّراً / مثل السهام نُزعن عن أوتارِ
ظننتُ بأن تنجو بها كلاَّ ولو / أغريتَه بأرانب الأقمارِ
وبكل فتخاء الجناح إذا ارتمت / فكأنها نجم السماء الساري
زجِلُ الجناح مصفق كمن الردى / في مخلب منه وفي منقارِ
أجلى الطريد من الوحوش وإن رمى / طيراً أتاك به على مقدارِ
وأريتنا الكسب الذي أعداؤه / ملأت جمالاً أعين النظارِ
بيضٌ وصفرٌ خِلتُ مطرح سرحها / روضاً تفتّح عن شقيق بهارِ
من كل موشيّ الأديم مفوْفٍ / رقمت بدائعه يد الأقدارِ
خُلِطَ البياضُ بصفرة في لونه / فترى اللجين يشوب ذوب نُضارِ
أوْ أشْعلِ راق العيونَ كأنه / غَلَسً يخالط سُدفةً بنهارِ
سَرَحَتْ بمخضرْ الجوانب يانعٍ / تنسابُ فيه أراقم الأنهارِ
قد أرضعته الساريات لبانها / وحَلَلْنَ فيه أَزِرْةَ النُّوّارِ
أخذت سعودك حذرها فلحكمةِ / أَغْرَتْ جفون المزن باستعبارِ
لما أرتك الشمس صفرة حاسدٍ / لجبينك المتألق الأنوارِ
نفثت عليك السُّحُبُ نفث معوّذٍ / من عينها المتوقَّع الإضرارِ
فارفعْ لواء الفخر غيْرَ مدافعٍ / واسحب ذيول العسكر الجرارِ
واهنأ بمقدمك السعيد مُخَوَّلاً / ما شئت من عز ومن أنصارِ
قد جئتُ دارك محسناً ومؤملاً / مُتعت بالحسنى وعقبى الدارِ
وإليكَها من روض فكري نفحةً / شفّ الثناء بها على الأزهارِ
أضياءُ هَدِي أم ضياء نهارِ
أضياءُ هَدِي أم ضياء نهارِ / وشذا المحامد أم شذا الأزهارِ
قسماً بهديك في الضياء وإنه / شمس تمدُّ الشهب بالأَنوارِ
كم من لطائف للهدى أوضحتها
كم من لطائف للهدى أوضحتها / خَفِيَتْ لطائفها على الأفكارِ
كم من جرائم قد غفرت عظيمها / مستنزلاً من رحمة الغفارِ
علمت ملوك الأرض أنك فخرها / فتسابقت لرضاك في مضمارِ
سالت به تحت العَجاج سفينة
سالت به تحت العَجاج سفينة / لقحت بريح العزم من أنصارِ
أرستْ بجودي الجود في يوم الندى / وجرت بيوم الحرب في تيارِ
ألقى بأيدي الريح فضل عنانه
ألقى بأيدي الريح فضل عنانه / فيكاد يسبق لمحة الأبصار
فهي العرابُ متى انبرت يوم الوغى
فهي العرابُ متى انبرت يوم الوغى / قد أعربت عن لطف صنع الباري
إن خاض في ليل العجاج رأيته
إن خاض في ليل العجاج رأيته / يجلو دجُنَّته بوجه نهارِ
كم فيهم من قارِ ضيفٍ طارقِ
كم فيهم من قارِ ضيفٍ طارقِ / وضحت شواهدُ فضله للقارِ
يا أيها الملك الذي أيامُهُ
يا أيها الملك الذي أيامُهُ / غُرَرٌ تلوح بأوجه الأعصارِ
قد زارك العيد السعيد مبشْراً / فاسمح لألف منهم بمزارِ
لما ازدَهته عواطفٌ ألطفتها / عطف الإله عليك عطف سوارِ
فأتى يؤمم منك هدْياً صالحاً / كي يستمدْ النور بعد سرارِ
وأتاك بسحب ذيل سُحب أغدقت / تُغري جفون المزن باستعبارِ
جادتْ بجاري الدمع من قطر الندى / فرعى الربيع لها حقوق الجارِ
فأعاد وَجْه الأرض طلقاً مشرقاً / متضاحكاً بمباسم النوّارِ
لما دعاك إلى القيام بسنة / حكَّمْتَ داعي الجود والإيثارِ
فأقضت فينا من نداك مَواهباً / حسنت مواقعها على التكرارِ
فاهنأ بعيد عاد يشتمل الرضى / جذلان يرفلُ في حلى استبشارِ
لا عذر لي أَنْ كنتُ فيه مقصِّراً
لا عذر لي أَنْ كنتُ فيه مقصِّراً / سدَّت صفاتك أوجهَ الأعذار
فإذا نظمتُ من المناقب دُرَّها / شرفتني منها بنظم داري
فلذاك أنظمها قلائد لؤلؤ / لألاؤهْا قد شف بالأنوار
هي نفحةٌ هبت من الأنصارِ
هي نفحةٌ هبت من الأنصارِ / أهدتك فتحَ ممالك الأمصارِ
في بشرها وبشارة الدنيا بها / مستمتع الأسماع والأبصارِ
هبَت على قطر الجهاد فروّضت / أرجاءه بالنفحة المعطارِ
وسرت وأمر الله طيَّ برودها / يهدي البرية صنع لطف الباري
مرّت بأرواح المنابر فانبرت / خطباؤها مفتنّة الأطيارِ
حنّت معارجها إلى أعشارها / لما سمعن بها حنين عِشارِ
لو أنصَفَتْكَ لكلَّلت أدواحها / تلك البشائرُ يانع الأزهارِ
فتح الفتوح أتاك في حلل الرضى / بعجائب الأزمان والأعصارِ
فتح الفتوح جنيت من أفنانه / ما شئت من نصر ومن أنصارِ
كم آيةٍ لك في السعود جليةٍ / خلّدتَ منها عبرة استبصارِ
كم حكمةٍ لك في النفوس خفيةٍ / خفيت مداركها عن الأفكارِ
كم من أمير أمَّ بابكَ فانثنى / يُدعى الخليفةَ دعوة الإكبارِ
أعطيتَ أحمد رايةً منصورةً / بركاتها تسري من الأنصارِ
أركبتَه في المنشآت كأنما / جهزته في وجهة لمزارِ
من كل خافقة الشراع مصفّقٍ / مها الجناحُ تطير كل مطارِ
ألقت بأيدي الريح فضلَ عِنانها / فتكاد تسبق لمحة الأبصارِ
مثل الجياد تدافعت وتسابقت / من طافح الأمواج في مضمارِ
للهِ منها في المجاز سوابحٌ / وقفت عليك الفخر وهي جواري
لما قصدت لها مراسِيَ سبتةٍ / عطفت على الأسوار عطف سوارِ
لما رأت من صبح عزمك غُرةً / محفوفة بأشعة الأنوارِ
ورأت جبيناً دونه شمس الضحى / لَبَّتْكَ بالإِجلال والإِكبارِ
فأقضت فيها من نداك مواهباً / حسنت مواقعها على التكرارِ
وأريتَ أهل الغرب عزم مُغَرَّب / قد ساعدته غرائب الأقدارِ
وخطبت من فاسَ الجديدِ عقيلةً / لَبَّتْكَ طوع تسرّع وبدارِ
ما صدّقوا مَتْنَ الحديث بفتحها / حتى رأوه في متون شِفارِ
وتسمّعوا الأخبار باستفتاحها / والخُبْرُ قد أغنى عن الأخبارِ
قولوا لقردِ في الوزارة غرَّهُ / حلم مَنَنْتَ به على مقدارِ
أسكنتَه من فاسَ جنَّة ملكها / متنعماً منها بدار قرارِ
حتى إذا كفر الصَّنيعةَ وازدرى / بحقوقها ألحقته بالنارِ
جرَعتَ نَجْلَ الكاس كأساً مُرْةً / دَسَّتْ إليه الحتف في الإسكارِ
كفر الذي أوليته من نعمة / لا تأنْسُ النَّعماء بالكفّارِ
فطرحتَه طرح النواة فلم يَفُزْ / من عزِّ مغربِهِ بغير فرارِ
لم يتفق لخليفة مثلُ الذي / أعطى الإلهُ خليفةَ الأنصارِ
لم أدرِ والأيام ذات عجائبِ / تردادها يحلو على التذكارِ
ألِواءُ صبحٍ في ثنيّة مشرق / أمْ رايةٌ في جحفل جرَّارِ
وشهاب أفق أم سنانٌ لامع / ينقضُّ نجْماً في سماء غبارِ
ومناقب المولى الإمام محمدٍ / قد أشرقت أمْ هنَّ زُهرُ درَاري
فاق الملوك بهِمة عُلويّةٍ / من دونها نجم السماء الساري
لو صافح الكفَّ الخضيبَ بكفه / فخرت بنهر للمجرة جاري
والشهب تطمع في مطالع أفقها / لو أحرزت منه منيع جوارِ
سلْ بالمشارق صبحَها عن وجهه / يفتر منه عن جبين نهارِ
سلْ بالغمائم صوبَها عن كفه / تُنْبئْكَ عن بحر بها زخّارِ
سلْ بالبروق صفاحها عن عزمه / تُخْبِرْكَ عن أمضى شباً وغِرارِ
قد أحرز الشيمَ الخطيرةَ عندما / أمطى العزائم صهوة الأخطارِ
إن يلق ذو الإجرام صفحة صفحِهِ / فسح القبول لهُ خُطا الأعمارِ
يا من إذا هبّت نواسمُ حمده / أزرتْ بعَرف الروضة المِعْطارِ
يا من إذا افترّت مباسم بِشرهِ / وهب النفوس وعاث في الإقتارِ
يا من إذا طلعت شموس سعوده / تُعشي أشعتها قُوى الإبصارِ
قسماً بوجهك في الضياء وإنه / شمسٌ تمدُّ الشمس بالأنوارِ
قسماً بعزمك في المضاء فإنه / سيفٌ تجرّده يدُ الأقدارِ
لسماح كفك كلما استوهبتُه / يُزري بغيث الديمة المدرارِ
للهِ حضرتك العليّة لم تزلْ / يُلقي الغريبُ بها عصا التسيارِ
كم من طريد نازحٍ قذفت به / أيدي النوى في القفر رَهُنَ سفارِ
بلّغتَه ما شاء من آماله / فَسَلا عن الأوطان بالأوطارِ
صيَّرت بالإحسانِ دارك دارَهُ / مُتّعتَ بالحسنى وعُقبى الدارِ
والخَلْقُ تعلم أنك الغوث الذي / يُضفي عليها وافيَ الأستارِ
كم دعوةٍ لك في المُحول مُجابةٍ / أَغْرَت جفون المزن باستعبارِ
جاءت مجاري الدمع من قطر الندى / فرعى الربيع لها حقوق الجارِ
فأعاد وجه الأرض طلقاً مُشرقاً / متضاحكاً بمباسم النوّارِ
يا من مآثره وفضل جهاده / تُحدي القطار بها إلى الأقطارِ
حُطتَ البلاد ومن حوته ثغورها / وكفى بسعدك حامياً لذمارِ
فلرب بكر للفتوح خطبتها / بالمشرفية والقنا الخطّارِ
وعقيلة للكفر لما رُعْتَها / أخرست من ناقوسها المهذارِ
أذهبت من صفح الوجود كيانَها / ومحوتَها إِلاَّ من التّذكارِ
عمروا بها جناتِ عدن زُخرفت / ثم انْثَنَوْا عنها ديار بَوارِ
صبَّحْتَ منها روضةً مطلولةً / فأعدتها للحين موقدَ نارِ
واسودْ وجه الكفر من خزي متى / ما احْمَرَّ وجه الأبيض البتّارِ
ولرُبَّ روضٍ للقنا متأوّدٍ / ناب الصهيل به عن الأطيارِ
مهما حكت زُهرُ الأسنةِ زَهرَهُ / حكتِ السيوف معاطف الأنهارِ
متوقِّدٌ لهب الحديد بجوه / تصلى به الأعداء لفح أوارِ
فبكلِّ ملتفت صقالٌ مشهرٌ / قدّاح زندٍ للحفيظة واري
في كف أوعَ فوق نهدٍ سابح / متموّج الأَعطاف في الإحضارِ
من كل منْحفز بلمحة بارق / حمل السلاح به على طيار
من أشهب كالصبح يطلع غرةً / في مستهل العسكر الجرّارِ
أو أدهمٍ كالليلِ إلاَّ أنه / لم يرضَ بالجوزاء حلي عِذارِ
أو أحمر كالجمر يذكي شعلةً / وقد ارتمى من بأسه بشرار
أو أشقرٍ حلَّى الجمالُ أديمَهُ / وكساهُ من زهو جلال نُضارِ
أو أشعلٍ راق العيون كأنه / غَلَسٌ يخالط سُدفةً بنهارِ
شهبٌ وشقرٌ في الطراد كأنها / روض تفتح عن شقيق بهارِ
عَوَّدْتَهَا أنْ ليس تقربُ منهلاً / حتى يُخالَطَ بالدم الموْارِ
يا أيّها الملك الذي أيامُهُ / غُررٌ تلوح بأوجه الأعصارِ
يهني لواءك أنّ جَدَّكَ زاحف / بلواء خير الخلق للكفارِ
لا غروَ أنْ فُقْتَ الملوكَ سيادةً / إِذْ كان جَدُّكَ سيِّدَ الأنصارِ
السابقون الأولون إلى الهدى / والمصطَفَوْنَ لنصرة المختارِ
متهللون إذا النزيل عراهم / سفروا له عن أوجه الأقمارِ
من كل وضاح الجبين إذا اجتبى / تلقاه معصوباً بتاج فخار
قد لاث صبحاً فوق بدر بعدما / لبس المكارمَ وارتدى بوقارِ
فاسألْ ببدرٍ عن مواقف بأسهم / فهم تَلافَوْا أمره ببدارِ
لهم العوالي عن معالي فخرها / نقلَ الرواةُ عواليَ الأخبارِ
وإذا كتاب اللهِ يتلو حمدهم / أودى القصور بمِنّةِ الأشعارِ
يا ابن الذين إذا تُذوكر فخرهم / فخروا بطيب أرومة ونجارِ
حقاً لقد أوضحتَ من آثارهم / لما أخذت لدينهم بالثارِ
أصبحت وارث مجدهم وفخارهم / ومشرْف الأعصار والأمصارِ
يا صادراً في الفتح عن وِردِ المنى / رِدْ ناجح الإيراد والإصدارِ
واهنأ بفتح جاء يشتمل الرضى / جذلان يرفل في حلى استبشار
وإليكها ملء العيون وسامةً / حَيَّتْكَ بالأبكار من أفكاري
تُجري حُداةُ العيس طيبَ حديثها / يتعلَّلون به على الأكوارِ
إن مسَّهم لفح الهجير أبلّهم / منه نسيم ثنائكَ المعطارِ
وتُميل من أصغى لها فكأنّني / عاطيته منها كؤوس عُقار
قذفت بحورُ الفكر منها جوهراً / لما وصفت أناملاً ببحارِ
لا زلت للإسلام ستراً كلما / أمّ الحجيج البيت ذا الأستار
ويقيت يا بدر الهدى تجري بما / شاءت علاك سَوابقُ الأقدار
يا بدرَ تِمٍّ في سماء خلافة
يا بدرَ تِمٍّ في سماء خلافة / حفَّتْ نجومَ السعد هالةَُ قصرِه
ألبست عبدكَ من ثيابك ملبَساً / قد قصّرت عنه مدارك شكره
ورضاك عنه خيرُ ما ألبسته / فلقد أشاد بجاهه وببرْه
ألبستني أركبتني شرّفتني / أهديتني ما لا أقوم بحصره
نظري بوجهك وهو أجمل نَيِّرٍ / يُزري على شمس الزمان وبدره
أعلى وأعظم مِنَّةً لا سيما / وأنا المنعّم في الحضور ببشرِهِ
لا زلتَ مولّى للملوكِ مؤملاً / وحلاك للإسلام مفخر دهرِهِ