المجموع : 10
لِمَن السوابقُ والجيادُ الضُمَّرُ
لِمَن السوابقُ والجيادُ الضُمَّرُ / تخدي ويزجرها الغرام فتعثَرُ
حفَّت بها أُمَمُ الرِّجال كأَنّها / زمرٌ تساق إلى الجنان وتحشر
يَتَشرَّفون بحمل ثَوبِ نبيِّهم / فوق الرؤوس هو الطراز الأخضر
وحلاوة الإِيمان حشو قلوبهم / ولسانهم عن ذكره لا يفتر
يبكون من فرحٍ به بمدامعٍ / كالدّرّ فوقَ خدودهم تتحدر
كلٌّ له ممَّا اعتراه صبابة / كبدٌ تذوب ومهجة تتسعر
مترجّلين كأنّما مالت بهم / راحٌ يسكِّر ذكرها أو تسكر
وترى السَّكينة والوقار عليهم / والخيل من تيه بها تتبختر
حَمَلَت ثياب نبيِّنا وسعت به / سعياً على أيدي الليالي يشكر
وتفاخروا في لَثْمها وتبركوا / حقًّا لمثلهم بها أن يفخروا
أمُّوا بها النّعمان حتَّى شاهدوا / إشراقَ نور ضريحه فاستبشروا
حيث الهدى حيث المكارم والتقى / حيث الفضائل منه عنه تنشرُ
أرضٌ مقدَّسةٌ وترب طاهر / ومشاهد فيها الذنوب تكفر
وبكوا سروراً في معاهد أُنسِهِ / غشَّى عيونهم السنا فاستعبروا
لاحتْ لهم هذي القباب فهلَّلوا / وبدا لهم هذا المقام فكبَّروا
هذا إمامُ المسلمين ومذهب ال / حقَّ المبين وسرّه والمظهر
هذا مداد العلم هذا بابُه / إنَّ العلوم بصدره تتفجَّر
هذا صباح الحقّ هذا شمسه / قد راقَ منظره ورق المخبر
هذا الذي في كلِّ حالٍ لم يزل / عَلَماً على الأَعلام لا يتنكر
هذا الذي أوفى الفضائل كلَّها / فازَ المُقِرُّ بها وخابَ المنكِرُ
هذا المنى هذا الغنى هذا التقى / هذا الهُدى هذا العُلى والمفخر
هذا الإِمامُ الأعظم الفرد الذي / آثاره تبقى وتفنى الأَعصر
إنْ تنكر الأَرفاض فضل إمامِنا / عَرَفوا الحقيقة والصواب فأنكروا
لُعِن الرَّوافض إنَّما أخبارهم / كذِبٌ على آل النبي تُزَوّر
السَّادة الغرّ الميامين الأُلى / قد نزّهوا ممَّا سمته وطُهروا
كذبت عليهم شيعة مخذولة / قالوا كما قالَ اليهود وكفَّروا
وكذا الهشامان اللَّذان تزندقا / فقضى بكفرهما الإِمام وجعفر
ساؤوا رسول الله في أصحابه / وبقولهم بالإِفك وهو يكفر
لعنوا بما قالوا وغُلَّت منهم ال / أيدي وذلّوا بعدها واستحقروا
هتكوا الحسين بكلِّ عامٍ مرَّةً / وتمثَّلوا بعداوةٍ وتصوَّروا
وَيلاهُ من تلك الفضيحة إنَّها / تُطوى وفي أيدي الروافض تُنْشَرُ
كتموا نِفاقاً دينَهم ومخافةً / فلو اسْتُطِيعَ ظهوره لاستظهروا
أو كانَ ينفذ أمره لتأثَّروا / أو كانَ يَسمع قولهم لتحيَّروا
لا خير في دين ينافون الورى / عنه من الإِسلام أو يتستَّروا
ليس التقى هذي التقيّة إنَّما / هذا النّفاق وما هواه المنكر
هم حرَّفوا كَلِمَ النَّبيّ وخالفوا / هم بدَّلوا الأَحكام فيه وغيَّروا
لو لم يكن سَبُّ الصَّحابة دينَهم / لتهوَّدوا في دينهم وتنصَّروا
سبُّوا أئمَّتنا وأنجمَ ديننا / من نرتجي يوم المعاد ونذخر
قد جاهدوا في الله حقّ جهاده / وتطاولوا لكنَّهم ما قصَّروا
فتحوا البلاد ودوَّخوها عنوة / جمع الضلال بفتحها يتكسر
إنَّ الجهاد على الروافض لازمٌ / ويثاب فاعله عليه ويؤجر
من لم يعادِهمُ فذاك مذبذبُ / أو لم يكفرهم فذاك مكفَّر
يا قدوة الإِسلام يا عَلَم الهُدى / إنَّ الهُدى من نور علمك يظهر
ولقد ورثت عن النَّبيِّ علومه / فجرت لديك فإنَّما هي أبحر
جئناكَ في ثوب النَّبي محمَّدٍ / فيه الفخار وفيه ما نتخيَّر
ومنوّرٍ بضريح أفضل مرسلٍ / يا حبَّذا ذاك الضريح الأَنور
ومعفّرٍ بترابِ أشرفِ حضرةٍ / فالمسك بعض أريجه والعنبر
هو رحمةٌ للعالمين ورأفةٌ / وهو البشير لخلقه والمنذر
متوسِّلين بسترِ قبرِ محمَّدٍ / ستر به قبر الرَّسول مسَتَّر
يا ربَّنا بمحمَّدٍ وبآلِهِ / مَن منهم أثر الهداية يؤثر
وبصحبة النَّاصرين لدينه / من أوضحوا سبل الهُدى إذ أظهروا
يا ربّ بالعلماء أعلام الهُدى / العاملين بما تقول وتأمر
نحنُ العبيد كما علمت بحالنا / والعَبْدُ يا ربّ العباد مقصّر
كل يرجّي فضل رحمة ربِّه / ويخاف إيعاد الذنوب ويحذر
متذلِّلين مقصّرين لذنبهم / يا من يذلّ لعزِّهِ المستكبر
فاسبل علينا ثوب حلمك مالنا / إلاَّ بحلمك يا كريمُ تَسَتُّرُ
واغفر بعفوك يا غفور ذنوبنا / إنَّ الذنوب بجنب عفوك تغفر
وانصر إمام المسلمين وجيشه / نعم الإِمام لما به نستنصر
يا ربّ سامحْنا على هفواتنا / فذنوبنا ممَّا علمنا أكبر
هذا عليٍّ قد أتى متوسِّلاً / يرجو الثواب إذا الخلايق تحشر
فأجبه بالغفران واخذل ضدَّه / يا من يفوز بعفوه المستنصر
واعلِ على رغم الأعادي قَدْرَهُ / وانصره إنَّك سيِّدي مَن تنصرُ
دمِّر به أهل الضلال جميعها / ليفرّقوا في سيفه ويُدمَّروا
أيِّد به الدِّين القويم فإنَّه / ذو غيرة بالدِّين لا يتغيَّرُ
لا يتَّقي في الله لومة لائمٍ / خصم الأَعادي والعدوُّ الأكبرُ
يا ليلةً في آخر الشَّهر
يا ليلةً في آخر الشَّهر / قد جئتِ بعد الصَّوم بالفطرِ
كشف الصباح لنا حوادثها / وتكشَّفت عن مضمر الغدر
أصبحتُ منها غير مفتقر / أبداً إلى حرس على وكر
هجمت عليَّ بحادث جلل / وهجومها من حيث لا أدري
خطبٌ ألمَّ ويا لنازلةٍ / طلعت عليَّ به مع الفجر
في ليلة ليلاء تحسبها / يوم الفراق وليلة القبر
ما جنَّ حتَّى جنَّ طارقه / طرق المبيت بطارق الشر
وأظن أن الشمس ما كسفت / إلاَّ لتكشف بعدها ضري
ولقد أقمت مقام ذي سفه / صَعُبَ المقامُ به على الحر
في منزل أخذوا مساحته / يوماً فما أوفى على شبر
يا مؤجري داراً سُرِقتُ بها / لا فُزتَ بعد اليوم بالأجر
لولا الضرورة كنت مرتحلاً / عنها وكنت نزلت في قفر
دامي العيون على أُصَيبِيَةٍ / سوء الحظوظ وأوجه غر
ما عندهم صبر على أمَل / يرجونه في العسر لليسر
فرحوا بزينتهم ولو عقلوا / لم يفرحوا بغلائل حمر
من كل مبتهج بكسوته / طرب الشمائل باسم الثغر
ناموا وما انتبهوا لشقوتهم / إلاَّ انتباه الخوف والذعر
يتلفَّتون إلى غلائلهم / فدموعهم من فقدها تجري
ضاقت بهم بغداد أجمعُها / واليوم ضاق لضيقهم صدري
ونظيرة الخنساءِ مكثرة / بالنوح باكية على صخر
ولقد عجبت لها ويعجبني / أمران ما اتفقا على أمر
أبكي على حظٍّ منيت به / وهي التي تبكي على القِدر
هذا وتضحكني مقالتها / كيف البقاء بنا مع الفقر
فكأنما كانت وأين لها / في نعمة موصوفة الخير
هل كنت قبل اليوم في سعة / وملابس من سندس خضر
أوَ ما ذكرت العمر كيف مضى / لا كانَ ذاك العمر من عمر
إذ تذكرين جلاجلاً سرقت / ولقد نسيت الجوع في شهر
وبنوك يومئذ بمسغبة / خمص البطون حواني الظهر
صفرٌ يسوؤك ما عرفت بهم / من شؤم وقع حوادث غبر
وعددت ألف قضيّة سلفت / تطوى الضلوع بها على الجمر
ما أنكرت منهنَّ واحدة / فلطمتها بأنامل عشر
وعذرتها وعذلت عاذلها / والعذل بيَّنَ بَيِّنَ العذر
وقع البلاء فلم يُفِدْ جزع / فتعلّلاً بعواقب الصبر
بعد الرجاء بموطن خشن / يلقي الكرام بجانب وعر
بَلَدٌ كبارُ ملوكِه بَقَرٌ / صاروا ولاة النهي والأمر
لا يفقهون حديث مكرمة / فيهزّهم نظمي ولا نثري
أصبحتُ أشقى بين أظهرهم / فكأنني أصبحت في أسر
يرقى الدنيُّ إلى مراتبهم / حتَّى يريك النعل في الصدر
وإذا سألتهمُ بمسألةٍ / بخلوا ولو بقلامة الظفر
ذهب الذين أنال نائلهم / وأعدّهم من أنفس الذخر
إنْ ساءَني زمنٌ سرِرت بهم / وكفيت فيهم صولة الدهر
ومدحتهم وشكرت نعمتهم / بغرائب الأبيات من شعري
ولئن شكرت بمثلها أحداً / فأبو الجميل أحقّ بالشكر
لم يبق من أهل الجميل سوى / عبد الغني ونيله الوفر
إلاَّ تداركني برحمته / إنِّي إذاً وأبي لفي خسر
وترحَّلت بي عن مَباركِها / ولاّجة في المهمه القفر
ومبدّد الأموال مهلكها / بالمكرمات لخالد الذكر
قسماً به وجميل مصطنع / من فضله قسماً لذي حجر
لولاه ما علق الرجاء ولا / عرف الجميل بأهله ذا العصر
ما زال أندى من مجلّلة / بالقطر تملي سائر القطر
فانشر ثناءك ما استطعت على / عبق العناصر طيب النشر
مزجت محبته بأنفسنا / مثل امتزاج الماء والخمر
لفضائل شهد العدو بها / ومناقب كالأنجم الزهر
درع يقي من كل نائبةٍ / لا ما يقي في البرد والحر
أمعلّلي بحديثه كرماً / حَدِّثْ ولا حرج عن البحر
وإذا أثابك من مكارمه / فمثوبة في الأجر والفخر
أدعو له ولمن يلوذ به / في العالمين دعاء مضطر
أنْ لا يزال كما أشاهده / كالبدر أو في رفعة البدر
أكْرِمْ بطيف خيالكم من زائرِ
أكْرِمْ بطيف خيالكم من زائرِ / ما زار إلاَّ مُؤْذِناً ببشائر
وافى على بُعد المزار وربما / بلَّ الغليل بغائب من حاضر
والنجم يصرف للغروب عنانه / حتَّى بصرت به كليل الناظر
وكأنَّ ضوءَ في أثر الدجى / إظهارُ حُجّةِ مسلمٍ للكافر
لا تحسبوا أنّي سلوت غرامكم / هجراً فبعداً للمحب الهاجر
جمرات ذاك الوجد حشو جوانحي / وجمال ذاك الوجه ملء نواظري
أعِدِ ادّكارك يوم مجتمع الهوى / إنِّي لأصبو عند ذكر الذاكر
أيام نرفل بالنعيم ونصطلي / نار المدامة من عصير العاصر
ولقد ذكرت العيش وهو كأنَّما / برزت محاسنه بروض ناضر
ومليكة الأفراح في أقداحها / قد رصعت تيجانها بجواهر
صبغت بإكسير الحياة لجينها / فكأنها ملكت صناعة جابر
خلع العذار لها النزيف وبان في / جنح الظلام منادمي ومسامري
متجاهر يهفو إلى لذاته / أحبب إلى اللذات من متجاهر
ذهبت لذاذات الصبا وتصرّمت / أوقات أُنْسِكَ في الزمان الغابر
وإذا امرؤ فقد الشباب فما له / في اللهو بعد مشيبة من عاذر
ولقد أقول لطامع برجوعها / كيف اقتناصُك للغزال النافر
لله ما أروى بنا متلفت / يوم الفحيم بجيد أحوى الناظر
والركب مرتحل بكل غريرة / تبني الكناس بغاب ليث خادر
أرأيت ما فعل الوداع بمقلة / ما قرّحت بالدمع غير محاجري
وجَرَتْ على نَسَقٍ مدامعُ عبرة / شبّهتها باللؤلؤ المتناثر
شيّعت هاتيك الظعون عشية / ورجعت بعدهم بصفقة خاسر
لا كانَ يوم وداعهم من موقف / وقف المتيم فيه وقفة حائر
والدمع يلحق آخراً في أوَّلٍ / والبين يرفق أوَّلاً في آخر
مَن ناصري منكم على مضض الهوى / هيهات ليس على الهوى من ناصر
لا تعذلنّ فللغرام قضية / سَدَّت عليَّ مسامعي ومناظري
يا سعد حين ذكرت شرقيّ الحمى / هل كانَ قلبي في جناحي طائر
كشفت لديك سريرة أخفيتها / فعرفت ثمة باطني من ظاهري
وجفا الخيال ولم يزرني بعدها / أين الخيال من الكئيب الساهر
يا أهل هذا الحي كيف تصبري / عنكم ومن لي بالفؤاد الصابر
ولقد طربت لذكركم فكأنني / بغداد يوم قدوم عبد القادر
وافى من الشام العراق بطلعة / شِمْنا بها برق الحيا المتقاطر
فَزَها بطلعته العراق وأهله / والروض يزهو بالسحاب الماطر
وتقدمته قبل ذاك بشارة / ما جاءت البشرى لها بنظائر
وافى فأشرق كل فجٍّ مظلم / فيه وأحيا كل فضل داثر
وضفا السرور على أفاضل بلدة / سرُّوا بمحياه البهي الباهر
نعموا بوجه للنعيم نضارة / فيه وقرّت فيه عين الناظر
بأغرَّ أبيضَ تنجلي بجبينه / ظلمات سجف ستائر لدياجر
يبتاع بالمال الثناء وإنَّما / في سوقه ربحت تجارة تاجر
صعب على صعب الخطوب وجائر / أبداً على جور الزمان الجائر
إنْ كانَ ذا البأس الشديد فرأفة / فيه أرقّ من النسيم الحاجري
حُيّيتَ ما بين الورى من قادم / ونعمت بين أكارم وأكابر
قد زعزعت بك عن دمشق أبوَّةً / نتجت به أمُّ الزمان العاقر
وشحذت عزمك للمجيء غراره / ولرب عزم كالحسام الباتر
وطلعت كالقمر المنير إذا بدا / زاه بأنوار المحاسن زاهر
واخترتَ من بغداد أشرفَ منزلٍ / ما بين خير عصابة وأخاير
فانزل على سَعَة الوقار ورحبه / في منزل رحب وبيت عامر
بُنيت قواعده على ما ينبغي / من سؤدد سامي العلى ومفاخر
فلئن تعبت فبعد هذا راحة / أو قيل ما قالوا فليس بضائر
ولسوف تبلغ بعد ذاك مآرباً / ما ليس يخطر بعضها بالخاطر
وكفاك ربك شر كل معاند / ركب الغرور فلا لعاً للعاثر
أبني جميلٍ إنَّني بجميلكم / ميزت بين الناس دون معاصري
إنِّي لأفخر فيكم فيقال لي / لله شاعر مجدهم من شاعر
فلو أنَّني آتي بكل قصيدة / عذراء من غرر القصائد باكر
وجلوتها فكأنما هي غادة / حلّيتها من مدحكم بأساور
وإذا تناشدها الرواة حسبتها / أرواح أنفاس النسيم العاطر
لم أقضِ حق الشكر من إحسانكم / لكن أُطاوِلُه بباع قاصر
عذبت لديكم في الأنام مواردي / حتَّى رأيت من الغريب مصادري
هاتيكم الأيدي الَّتي لا ينقضي / مدح الجميل لها وشكر الشاكر
مُذْ سَلَّ في العشَّاق سيفَ الناظرِ
مُذْ سَلَّ في العشَّاق سيفَ الناظرِ / وسطا كما يسطو بماضٍ باتر
جرح الفؤاد بصارمٍ من لحظه / رشأ يصول بلحظ خشف فاتر
ما كنتُ أعلم أنْ أرى صرف الردى / من أعيُنٍ تحكي عيون جآذر
ويلاه من لك العيون فإنَّها / فتكت بنا فتك الهزبر الثائر
تبدو العيون النجل في حركاتها / في زيّ مسحور وسيما ساهر
قَمَر إذا نظر العذول جماله / أضحى عذولي بالصبابة عاذري
يجفو ويوصل في الهوى لمشوقه / والصدّ من شيم الغزال النافر
أمسى يعاطيني مدامة ريقه / والنجم يلحظنا بطرق ساهر
ما زلتُ ألثِمه وأرشفُ ثغره / حتَّى بلغت به مناء الخاطر
لله أيَّام الوصال فإنَّها / مرَّت ولكن في جناحي طائر
وإذا ذكرت لبانة قضَّيتها / ولعت مدامع أعيني بمحاجري
وليالياً بالأَبرقين تصرَّمت / كانَ الحبيب منادمي ومسامري
إنْ غاب من أهوى وعزّ لقاؤه / فالقلب لم يبرح بوجد حاضر
لي حسرة ممَّن أوَدُّ ولوعة / وقدت لواعج نارها بضمائري
لم يبقَ لي أملٌ أرجِّي نيله / إلاَّ نوال يمين عبد القادر
لو لم يكنْ بحر النوال لما غدا / يهب المؤمّل من ندًى وجواهر
وترى الركائب حاملات في الورى / أخبار حسن حديثه المتواتر
ذو همَّة وعزائم بين الملا / أغْنَتْهُ عن حمل الحسم الشاطر
أحيا حديث الفضل بعد مماته / وجمال ذياك الزَّمان الغابر
والتارك العافي بجنَّة فضله / ترك المعادي في لحود مقابر
ودليل شيمته صفاء جنانه / والشيء باطنه يرى من ظاهر
شِيَمٌ له نتلو بحسنِ ثنائها / كتبت محاسنها بكلِّ دفاتر
يعفو عن الجاني ويغفر ذنبه / والعفو أحسنُ ما أتى من قادر
لم ألقَ بين الناس أكرمَ ماجد / لوفوده ولضدّه من قاهر
بالرأي آصفُ ما يحاول رأيه / يقف الذكيّ لديه وقفة حائر
هيهات أن يأتي الزَّمان بمثله / نتجت به أُمُّ الزَّمان العاقر
يأتي من الدُّنيا بكلِّ بديعةٍ / ومن الفضائل في عجيب باكر
في وجهه آيات كلّ فضيلة / يلقى العفاة ترحباً ببشائر
إنَّ الحياة لوفده بيمينه / وبسيفه قتل العدوّ الفاجر
ذو همَّة وشجاعة يوم الوغى / في الحرب يسطو كالعقاب الكاسر
من عصبة جمعوا الشجاعة والندى / نالوا المعالي كابراً عن كابر
وإذا أتيت لبابه في حاجةٍ / أغناك في بذلك العطاء الوافر
بسط اليدين على الأنام تكرُّماً / ونوالها مثل السحاب الماطر
صَدَرَ المؤمّل عن موارد بحره / يروي أحاديثَ العطا عن جابر
متقمِّصٌ بالمكرمات مؤزَّرٌ / من ريّه في عزَّةٍ ومفاخر
قَسَماً ببارق مرهف في كفِّه / حين النزال وبحره المتكاثر
لم ألقَ بين الناس قطّ مماثلاً / لجنابه العالي ولا بمناظر
غوث الصريح إذا دُعي لملمَّةٍ / في كشفه الأَخطار أيّ مبادر
كم وارد نهر النضار ببابه / من فضله السَّامي ومن من صادر
يا أيُّها المولى الَّذي أفضاله / في عاتقي وثناؤه في ضامري
خذها إليك قصيدة من أخرسٍ / بثناك ينطق في لسان شاكر
هُنِّيتَ بالعيد الجديد ولم تزل / سعد الكرام ورغم أنفِ الفاجر
لا زلت مسعود الجناب مؤيَّداً / وعِداك في ذلٍّ وحالٍ بائر
لله مَنْزِلٌ جابرٍ منْ منزِلٍ
لله مَنْزِلٌ جابرٍ منْ منزِلٍ / فيه الكرامةُ للمحبِّ الزائرِ
رُفعَتْ قواعده وشيد بناؤه / لمكارمٍ وأكارمٍ وأكابر
مَلأَت قلوب الزائرين مَسَرَّةً / فَغَدَتْ تقرّ بها عيون النَّاظر
من كلِّ ما جمعت بخدمة جابرٍ / من شادنٍ أحوى وليثٍ خادر
حاز الشَّجاعة والسَّماحةَ فارتقى / رتب العُلى من سؤدد ومفاخر
تَرِدُ العُفاة مناهلاً من جوده / الوافي وتصدُرُ بالعَطاء الوافر
شَهِدَتْ مبانيه بحسن صنيعه / وبما يجدّد من بديع مآثر
حلَّ الأَميرُ أبو المكارم جابرٌ / فيها فزانَتْ بالبهاء الباهر
ولقَدْ نَزَلْتُ بها فقلتُ مؤرِّخاً / دارُ الإِمارة قد بُنِيتِ بجابر
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ / فَلْيَسْعَ ساقينا بكأس عقاره
وليشربنَّ الرَّاح ناشد لذَّة / لم يُلفِها إلاَّ لدى أزهاره
يا أيُّها الندماء دونكم الَّتي / تشفي نجيَّ الهمِّ بعد بواره
صفراء صافية تزيل بصفوها / ما كابدَ الإِنسان من أكداره
يسعى بها أحوى أغنُّ كأَنَّه / ريمُ الفلاة بجيده ونفاره
في مجلسٍ بزغَتْ شموسُ مرامه / وجلى لنا فيه سنا أقماره
لله ما فعلَ السُّرور بموطنٍ / تجري كُمَيْتُ الرَّاح في مضماره
أمبادرَ اللّذّات أَيَّةَ آية / أجرى بسعي منادمٍ وبداره
خذها إذا اكْتَسَتِ الكؤوس بصبغها / خلع الوَقُورُ بها ثياب وقاره
ومورد الوَجَنات إنْ حيَّيْتَه / حيّى بوجنته وآس عذاره
ظبيٌ أُسودُ الغاب من قُتَلائِه / وصوارم الأَلحاظ من أنصاره
قمرٌ إذا ما لاحَ ضوءُ جبينه / أَصلى فؤادَ الصَّبِّ جذوةَ ناره
ويقول ثائر من أُبيدَ بلحظه / من آخذٌ يا للرجال بثاره
إنِّي لأعْلَمُ أَنَّه في ريقه / ما راح يسقي الرَّاح في مِسْطاره
فرشَ الرَّبيعُ لنا خمائِلَ سُنْدُسٍ / خضرٍ تَفوحُ برنده وعراره
شكراً لآثار الغَمام بروضهِ / فَلَهُ اليدُ البيضاءُ في آثاره
روضٌ محاسنُ أَرضِه كسمائه / وشروقُ بهجة ليله كنهاره
فاشرب على النَّغمات من أطياره / فكأَنَّها النغماتُ من أوتاره
تتراقَصُ الأَغصان من طربٍ به / ما بينَ شدوِ حمامه وهزاره
لا تنكروا ميلَ الغصونِ فإنَّما / هذي الغصونُ شَرِبْنَ من أنهاره
وإذا أَتى فصلُ الرَّبيع فبادروا / لتناهب اللّذّات في آذاره
فكأَنَّه وَجْه الخرائد مسفراً / كلّ الجمال يلوحُ في أسفاره
وتَنَزَّهوا في كلّ روضٍ معشبٍ / لا سيَّما بالغضِّ من نوَّاره
ولقد أسَرَّ لي النَّسيم أَريجَه / خبراً رواه العِطر عن عَطَّاره
فإذا تَنَفَّستِ الصّبا باحتْ بما / كتمته بالأَنفاس من أسراره
يا حبَّذا زمنٌ يزيدك بهجةً / يحكي عليَّ القدر باستيثاره
متهلّل للوافدين كأَنَّه / روضٌ سقاه الغيث من مدراره
فتعطَّرَتْ أنفاسه وتبرَّجت / أزهاره في وَبْلِهِ وقطاره
نَشَرَتْ محاسنُ طيّه من بعد ما / سَحَبَ السَّحاب عليه فضلَ إزاره
ذاكَ النَّقيب له مناقبُ جَمَّةٌ / عَدَدَ النُّجوم يَلُحْنَ من آثاره
بأبي الشَّريف الهاشميّ فإنَّه / سادَ الأنامَ بمجده وفخاره
زاكي العناصر طيِّبٌ من طيِّبٍ / فَرْعٌ رسول الله أَصْلُ نجاره
نورُ النُّبوَّة ساطعٌ من وجهه / أوَ ما نرى ما لاحَ من أنواره
عذب النوال لسائليه وإنَّه / كالشّهد تجنيه يدا مشتاره
تيَّار ذاك البحر يعذُبُ ماؤه / فاغرفْ نميرَ الماء من تيَّاره
كرِّرْ حديثك لي بمدْح ممجَّدٍ / يحلو إلى الأَسماع في تكراره
إنْ أَمْتَدِحْهُ بألفِ ألف قصيدةٍ / لم أَبْلُغِ المعشار من معشاره
جَرَّدْته لوَ انَّ الدهر حازَ أمانه / ما جارَ معتدياً على أحراره
هو رحمةٌ نزلتْ على أخياره / وهو الخيار المصطفى لخياره
فَلَقَدْ تعالى في علوِّ مقامه / حتَّى رأيت البدر من أنظاره
أَمِنَ المخوفَ من الزَّمان كأَنّما / أخَذَ العهودَ عليه من أخطاره
اليُمن كوَّن واليسارُ كلاهما / في الدَّهر طوع يمينه ويساره
أميسّر الأَمر العسير أَعِدْ إلى / عبدٍ يراكَ اليسر في إعساره
نظراً تريه به السَّعادة كلَّها / يا مَن يراه السَّعد في أنظاره
مستحضر فيك المديح وحاضرٌ / منك الغنى أبداً مع استحضاره
يا سيِّداً لا زال في إحسانه / من فضله بلجينه ونضاره
أوليته منك المكارم فاجتنى / ثمرات غرسِ يديك من أفكاره
فلكم غرستَ من الجميل مغارساً / كانَ الثناء عليك من أثماره
واقْبَلْ من الدَّاعي لمجدك عُمْرَهُ / ما يستقلّ لديك من أشعاره
لك بالمعالي رُتبة تختارُها
لك بالمعالي رُتبة تختارُها / فافخر فأَنتَ فخارُنا وفخارُها
يا ساعدَ الدِّين القويم وباعَه / لَحَظَتْكَ من عين العُلى أنظارها
لله أَيَّةُ رفعةٍ بُلّغْتَها / قَرَّتْ وليس بغيرك استقرارها
في ذروة الشَّرف الرَّفيع مقامها / وعلى أهاضيب العُلى أوكارها
فلتَهْنَ فيك شريعة قد أصبَحتْ / وعليك ما بين الأَنام مدارها
ولقد ملأْتَ الكون في نور الهدى / كالشَّمس قد ملأَ الفضا أنوارها
وكشفْتَ من سرِّ العلوم غوامضاً / لولاك ما انكشَفَتْ لنا أسرارها
يا دوحةَ الفضل الَّذي لا يجتنى / إلاَّ بنائل جوده أَثمارها
الله أكبر أَنت أكبر قدوة / لم تعرف الثقلات ما مقدارها
ولتسمُ فيك المسلمون كما سمتْ / في جدّه عدنانُها ونزارها
من حيث أنَّ لسانه صمصامُها ال / ماضي وإنَّ يراعَهُ خطَّارُها
فردٌ بمثل كماله ونواله / لم تسمح الدُّنيا ولا أعصارها
دنياً بها انقرض الكرام فأَذنبت / فكأنَّما بوجوده استغفارها
وكأَنَّما اعتذرت إلى أبنائها / فيه وقد قُبِلَتْ به أعذارها
أَمُؤمّلاً نَيْلَ الغنى بأَكُفِّه / يُغنيك عن تلك الأَكُفِّ نضارها
بَسَطَتْ مكارمُه أَنامِلَ راحةٍ / تجري على وُفَّاده أنهارها
أَحرارنا فيما تنيل عبيدُها / وعبيدُه من سيبه أحرارها
هاتيك شِنْشِنَة وقد عُرِفَتْ به / لم تقضِ إلاَّ بالنَّدى أوطارها
كم روضةٍ بالفضل باكرها الحيا / فزهتْ بوابل جوده أزهارها
هو دِيمةٌ لم تنقطع أنواؤها / وسحابةٌ لم تنقشعْ أمطارها
أحيا ربوعَ العلم بعد دروسها / عِلْماً وقد رَجَعَتْ لها أعمارها
وكذا القوافي الغرّ بعد كسادها / رَبحَتْ بسوق عكاظه تجارها
حَمَلَتْ جميل ثنائه ركبانها / وتحدَّثت بصنيعهِ سمَّارها
ورَوَتْ عن المجد الأَثيل رواتها / وتواتَرَتْ عن صحَّة أخبارها
فضلٌ يسير بكلِّ أرضٍ ذكرُه / وكذا النجوم أَجلُّها سيَّارُها
وله التصانيف الحسان وإنَّها / قد أسفَرَتْ عن فضله أسفارها
هي كالرِّياض تفتَّحت أزهارها / أو كالحِسان تفكَّكتْ أزرارها
تبدي من المخفيّ ما يُعيي الورى / وتحير عند بروزها أفكارها
لا زالَ خائضُ ليلها في ثاقب / من فكرة حتَّى استبان نهارها
مصبوبة من لفظه بعبارة / يحلو لسامع لفظها تكرارها
لو كانَ مالُكَ مثل عِلْمكَ لاغتدت / من مالِكَ الأَرضون أو أقطارها
ولقد شملت المسلمين بنعمةٍ / كُفَّار نعمةِ ربِّها كُفَّارها
قرَّتْ عيونُ الدِّين فيك وإنَّما / حُسَّاد فضلك لا يقرّ قرارها
راموا الوصول إلى سعاد سعودها / فنَأَتْ بهم عنهم وشطَّ مزارها
تختار لذَّات الكمال على الهوى / تلك المشقَّة قلَّ مَنْ يختارها
فإذا نثرتَ فأَنتَ أَبلغُ ناثِرٍ / نظَّام لؤلؤ حكمةٍ نثَّارها
رسائلٌ أين الصّبا من لفظها / الشَّافي وأَين أريجُها وعَرارُها
خَطٌّ كليلاتِ السُّعود تراوَحَتْ / فيها بطيب نسيمها أَسحارها
هل تدري أيّ رويّة لك في الحجى / ومن العجيب فديتك استحضارها
تأتي كسَيْل المزن حيث دعوتها / وكجُودِ كفّك وافرٌ مدرارها
فلكم دجوت دُجنَّةً من مُشْكِلٍ / ينجابُ فيك ظلامُها وأُوارها
وجَلَيْتَ فيه من العلوم عرائساً / فأتاك من ملك الزَّمان نثارها
قد زدتَ فيها رفعةً وتواضعاً / وأرى الرِّجال يَشينُها استكبارها
إنَّ الرَّزانةَ في النُّفوس ولم تطش / نفسٌ وقار الرَّاسيات وقارها
إنْ كنتَ مفتخراً بلبس علامةٍ / فعُلاك يا شرف الوجود فخارها
صِيغَتْ لعِزّك سيِّدي من جوهر / حيث الجواهر أَنتَ أَنتَ بحارها
فكأَنَّما من صَدرِك استخراجها / أَو من جمالك أشْرَقتْ أنوارها
لا زالَ يأخذ بالنواظر نورها / لكنْ بأحشاء الحواسد نارها
إنَّ العناية أَقْبَلَتْ بجميع ما / تهوى عليك وهذه آثارها
قتلت عداك بلوغُها وكأَنَّها / قتلى العيون فلبس يُدركُ ثارها
وكفاك إقرار العداة بما به / قَرَّ الولاة ولم يفد إنكارها
ولقد خَلَقْتَ سماء كلّ فضيلةٍ / طَلَعَتْ على آفاقها أقمارها
هل في العراق ومن عليه ومن له / منها وليس لأَلْفِهِمْ معشارها
ولقد سَتَرْتَ على عوادي بلدةٍ / لولاك لم يستر وحقّك عارها
يا قطبَ دائرة الرئاسة والعلى / أضحى يدور لأمره دوارها
لحقت سوابقك الأُلى فسبقتهم / بسوابقٍ ما شقَّ قط غبارها
خذها تغيظ الحاسدين قصيدةً / ما ملَّ فيك أبا الثنا إكثارها
لا زالت الأَيَّام توليك المنى / وجرتْ على ما تشتهي أقدارها
ومَليحَةٍ أخَذَتْ فُؤادي كلّه
ومَليحَةٍ أخَذَتْ فُؤادي كلّه / وجَرَتْ بحكمِ غرامِها الأَقْدارُ
فتَّانة باللّحظ ساحرة به / ومن اللّواحظ فاتنٌ سحَّارُ
خَفَرَتْ غداةَ البين ذمَّة وامقٍ / سُلِبَ القرارَ فما لديه قرارُ
وَدَّعْتُها يوم الرَّحيل وفي الحشا / نارٌ وفي وَجَناتها أنوارُ
والرَّكبُ مُلْتمِسٌ نوًى بغريرةٍ / تُرمى لها الأَنجاد والأَغوار
بمدامعٍ باحتْ بأَسرار الهوى / للعاذلين وللهوى أسرارُ
لا ينْكُرنَّ المستهام دموعه / ممَّا يَجنّ فإنَّها إقرار
وخَلَتْ لها في الرّقمتين منازل / كانت تلوح لنا بها أَقمار
يا دارها جادتك ساجمة الحيا / وجَرَتْ عليكِ سيولها الأَمطار
أَأُميمُ ما لي كلّ آنٍ مرَّ بي / وهواك تستهوي ليَ الأَفكار
أُمسي وأُصبحُ والجوى ذاك الجوى / واللَّيل ليلٌ والنهَّار نهار
لا أستفيقُ من الخمار وكيفَ لي / بالصَّحْو منه وثغرك الخمَّار
أَتنفّس الصّعداء يبعث عبرتي / لهفٌ عليك كما تُشَبُّ النَّار
إنْ كانَ غاضَ الصَّبر بعد فراقها / منِّي فهاتيك الدُّموع غزار
إنِّي لأَطربْ في إعادة ذكرها / ما أَطْرَبتْ نغماتها الأَوطار
ما لي على جند الهوى من ناصرٍ / عزَّ الغرام وذلَّت الأَنصار
ليستْ تقالُ لديه عثرة مغرمٍ / حتَّى كأَنَّ ذنوبها استغفار
مولايَ قَد حان الوَداعُ
مولايَ قَد حان الوَداعُ / وقد عزَمْتُ على المَسيرِ
كم زَرْتُ حضرتَك الَّتي / ما زلتُ منها في حبور
ورجَعْتُ عنك بنائلٍ / غمرٍ وبالخير الكثير
والله يعلَمُ أنّني / عن شكر فضلك في قصور
يا مفرَداً في عَصره / بالفضلِ معدوم النظير
يا يوسُفَ البدر الَّذي / يسمو على البدر المنير
ما لي بغيرك حاجةٌ / كغِنى الخطير عن الحقير
وسواك يا مولاي لا / والله يخطر في ضميري
ما كلُّ وَرّاد يفوز / بمورد العذب النمير
لا زلتَ أهلاً للجميل / مَدى الليالي والشهور
أسَفاً على تلك المحاسن
أسَفاً على تلك المحاسن / كيْفَ بدَّلَها الغبارُ
وبياضِ هاتيك الخدود / فكيف سوَّرها العذار
كانَ العزيزَ وقد بدا / وعليه للذل انكسار
كانت محاسنُ وجهِهِ / تزهو كما يزهو النضار
ويزين ذيّاك البياضَ / من الحياءِ الاحمرار
يهوى زيارَته المشوقَ / وإن يكن شَطَّ المزار
فَغَشاه ليلٌ ما له / من بعد غشيته نهار
وجَفاه من يَهواه حتَّى / لا يزورُ ولا يزار
إن كانَ فيه بقيَّةٌ / فلسَوْفَ يُدْرِكها البَوار