يا رب رب الرائحين عشيةً
يا رب رب الرائحين عشيةً / بالقوم بين منًى وبين ثبير
والواقفين على الجبال عشيةً / والشمس جانحةٌ إلى التغوير
حتى إذا طفل العشي ووجهت / شمس النهار وآذنت بغئور
رحلوا إلى خيفٍ نواحل ضمها / طول السفار وبعد كل مسير
ابعث على طير المديني الذي / قال المحال وجاءني بغرور
ابعث على عجلٍ إليها بعدما / يأخذون زينتهن في التحسير
في كل ما وصفوا المراحل وابتدوا / في المبتدين بهن والتكسير
ومضين عن دور الخريبة زلفةً / دون القصور وحجرة الماخور
مع كل ريح تغتدي بهبوبها / في الجو بين شواهن وصقور
من كل أكلف بات يدجن ليله / فغدا بغدوة ساغبٍ ممطور
ضرمٍ يقلب طرفه متأنساً / شيئا فكن له من التقدير
يأتي لهن ميامناً ومياسراً / صكًّا بكل مزلقٍ ممكور
من طائرٍ متحيرٍ عن قصده / أو ساقطٍ خلج الجناح كسير
لم ينج منه شريدهن فإن نجا / شيءٌ فصار بجانبات الدور
لمشمرين عن السواعد حسرٍ / عنها بكل رشيقة التوتير
سدد الأكف إلى المقاتل صيبٍ / سمت الحتوف بجؤجؤ ونحور
ليس الذي تخطي يداه رميةً / منهم بمعدودٍ ولا معذور
يتبوعون وتمتطي أيديهم / في كل معطية الجذاب نتور
عطف السيات دوائراً في عطفها / تعزى صناعتها إلى عصفور
ينفثن عن جذب الأكف ثواقباً / متشابهات القد والتدوير
تجري بها مهج النفوس وإنها / لنواصلٌ سلتٌ من التحبير
ما إن تقصر عن مدى متباعدٍ / في الجو يحسر طرف كل بصير
حتى تراه مزملاً بدمائه / فكأنه متضمحٌ بعبير
فيظل يومهم بعيشٍ ناصبٍ / نصب المراجل معجلي التنوير
ويئوب ناجيهن بين مضرجٍ / بدمٍ ومخلوبٍ إلى منسور
عاري الجناح من القوادم والقرا / كاسٍ عليه مائر التامور
فيئوده متبهنسٌ في مشيه / خطف المؤخر مشبع التصدير
ذو حلكه مثل الدجى أو غبثةٍ / شغبٌ شديد الجد والتشمير
فيمر منها في البراري والقرى / من كل أعصل كالسنان هصور
في حين تؤذيها المبايت موهناً / أو بعد ذلك آخر التسحير
يختص كل سليل سابق غايةٍ / محض النجار مجربٍ مخبور
عجل عليه بما دعوت له به / أره بذاك عقوبة التنوير
حتى يقول جميع من هو شامتٌ / هذي إجابة دعوة ابن يسير
فلألفينك عند حالي حسرةٍ / وتأسفٍ وتلهفٍ وزفير
ولتلفين إذا رمتك بسهمها / أيدي المصائب منك غير صبور