حَتّامَ أَرضى في هَواكَ وَتَغضَبُ
حَتّامَ أَرضى في هَواكَ وَتَغضَبُ / وَإِلى مَتى تَجني عَليَّ وَتَعتَبُ
ما كانَ لي لولا مَلالُكَ زَلَّةٌ / لَمّا مَلِلتَ زَعَمتَ أَنّي مُذنِبُ
خُذ في أَفانينِ الصَدودِ فَإِنَّ لي / قَلباً عَلى العِلّاتِ لا يُتَغَلَّبُ
أَتَظُنَّني أَضمَرتُ بَعدَكَ سَلوَةً / هَيهاتَ عَطفُكَ مِن سُلوّي أَقرَبُ
لي فيكَ نارُ جَوانِحٍ ما تَنطَفي / حَرَقاً وَماءُ مَدامِعٍ ما يَنضُبُ
أَنَسيتَ أَيّاماً لَنا وَلَيالِياً / لِلَّهوِ فيها وَالبِطالَةِ مَلعَبُ
أَيّامَ لا الواشي يَعُدُّ ضَلالَةً / وَلَهي عَلَيكَ وَلا العَذولُ يُؤَنِّبُ
قَد كُنتَ تُنصِفُني المَوَدَّةَ راكِباً / في الحُبِّ مِن أَخطارِهِ ما أَركَبُ
فَاليَومَ أَقنَعُ أَن يَمُرَّ بِمَضجَعي / في النَومِ طَيفُ خَيالِكَ المُتَأَوِّبُ
ما خِلتُ أَوراقَ الصِبى تَذوى نَضا / رَتُها وَلا ثَوبُ الشَبيبَةِ يُسلَبُ
حَتّى اِنجَلى لَيلُ الغَوايَةِ وَاِهتَدى / ساري الدُجى وَاِنجابَ ذاكَ الغيهَبُ
وَتَنافَرَ البيضُ الحِسانُ فَأَعرَضَت / عَنّي سُعادُ وَأَنكَرَتني زَينَبُ
قالَت وَريعَت مِن بَياضِ مَفارِقي / وَشُحوبِ جِسمي بانَ مِنكَ الأَطيَبُ
إِن تَنقِمي سُقمي فَخَصرُكِ ناحِلٌ / أَو تُنكِري شَيبي فَثَغرُكِ أَشنَبُ
يا طالِباً بَعدَ المَشيبِ غَضارَةً / مِن عَيشِهِ ذَهَبَ الزَمانُ المُذهَبُ
أَتَرومُ بَعدَ الأَربَعينَ تَعُدُّها / وَصلَ الدُما هَيهاتَ عَزَّ المَطلَبُ
وَمِنَ السَفاهِ وَقَد شَآكَ طِلابُهُ / نَفعاً تَطَلَّبَهُ وُفودُكَ أَشيَبُ
لَولا الهَوى العُذرِيُّ يا دارَ الهَوى / ما هاجَ لي طَرَباً وَميضٌ خُلَّبُ
كَلّا وَلا اِستَجدَيتُ أَخلافَ الحَيا / وَنَدى صَلاحِ الدينِ هامٍ صَيِّبُ
مَلِكٌ تَرَفَّعَ عَن ضَريبٍ قَدرُهُ / فَإِلَيهِ أَكبادُ الرَواحِلِ تُضرَبُ
أَردى لَهُ الأَعداءَ جَدٌّ غالِبٌ / وَحَمى المَمالِكَ مِنهُ لَيثٌ أَغلَبُ
يُرجى وَيُرهَبُ بَأسُهُ وَالماجِدُ ال / مِفضالُ مَن يُرجى نَداهُ وَيُرهَبُ
ثَبتٌ إِذا غَشِيَ الوَغى وَالزاعِبِي / يَةُ شُرَّعٌ وَالأَعوَجِيَّةُ شُرَّبُ
مُخضَرَّةٌ أَكنافُهُ لِوُفودِهِ / وَالعامُ مُحمَرُّ الذَوائِبِ أَشهَبُ
أَرضٌ بِرَوضِ المَكرُماتِ أَريضَةٌ / وَثَرى بِنوّارِ الفَضائِلِ مُعشِبُ
صَبٌّ بِتَشيِيدِ المَآثِرِ مُتعَبٌ / فيها وَمَن شادَ المَآثِرِ يَتعَبُ
حَمَلَت بِهِ بَعدَ العُقامِ فَأَنجَبَت / أُمُّ العُلى ما كُلُّ أُمٍّ مُنجِبُ
مَلَكَت سَجاياهُ القُلوبَ مَحَبَّةً / إِنَّ الكَريمَ إِلى القُلوبِ مُحَبَّبُ
كَفٌّ تَكُفُّ الحادِثاتِ وَراحَةٌ / تَرتاحُ لِلجَدوى وَقَلبٌ قُلَّبُ
وَنَدى يَهَشُّ إِلى العُفاةِ تَكَرُّمَاً / وَمَواهِبٌ بِالطارِقينَ تُرَحِّبُ
وَصَرامَةٌ كَالنارِ شابَ ضِرامَها / خُلقٌ أَرَقُّ مِنَ المُدامِ وَأَطيَبُ
تُغريهِ بِالعَفوِ الجُناةُ كَأَنَّما ال / جاني إِلَيهِ بِذَنبِهِ يَتَقَرَّبُ
فَيَرى لَهُم حَقّاً عَليهِ وَلَم يَكُن / لِيبينَ فَضلُ العَفوِ لَولا المُذنِبُ
ياطالِبي شَأوَ اِبنَ أَيّوبَ قِفوا / أَنضاءَكُم ما كُلُّ شَأوٍ يُطلَبُ
لا تَقتَنوا لِأَبي المُظَفَّرِ في النَدى / أَثَراً فَلا تَسموا إِلَيهِ فَتَتعَبوا
بِكَ ياصَلاحَ الدينِ يوسُفَ أَكثَبَ ال / نائي وَرَفَّ المُقشَعِرُّ المُجدِبُ
ذَلَّلتَ أَخلاقَ الزَمانِ لِأَهلِهِ / فَأَطاعَ وَهوَ الخالِعُ المُتَصَعِّبُ
وَأَقَمتَ سوقاً لِلمَدائِحِ مُربِحاً / فَإِلَيهِ أَعلاقُ الفَضائِلُ تُجلَبُ
وَنَهَضتَ لِلإِسلامِ نَهضَةَ صادِقِ ال / عَزَماتِ تَرأَبُ مَن ثَآهُ وَتَشعَبُ
وَغَضِبتَ لِلدينِ الحَنيفِ وَلَم تَزَل / في اللَهِ تَرضى مُنذُ كُنتَ وَتغضَبُ
غادَرتَ أَهلَ البَغيِ بَينَ مُجَدَّلٍ / لَقِيَ الحِمامَ وَخائِفٍ يَتَرَقَّبُ
أَو هارِبٍ ضاقَت عَليهِ بِرُحبِها ال / أَرضُ الفَضاءُ وَأينَ مِنكَ المَهرَبُ
فَاصبَح بِلاَدَ الرومِ مِنكَ بِغارَةٍ / لِلنَصرِ فيها رائِدٌ لا يَكذِبُ
وَاَنكِح صَوارِمَكَ الثُغورَ يَزورُها / في كُلِّ يَومٍ مِن جُيوشِكَ مِقنَبُ
وَاِحسِم بِحَدِّ ظُباكَ داءً حَسمُهُ / وَدَواؤُهُ بَعدَ التَفاقُمِ يَصعُبُ
حَتّى يُرى لِلمَشرَفيَّةِ مَطعَمٌ / بِالفَتكِ مِن تِلكَ الدِماءِ وَمَشرَبُ
فَالعَدلُ لَيسَ بِناجِعٍ أَو تَنثَني / وَغِرارُ نَصلِكَ بِالنَجيعِ مُخَضَّبُ
لا تَعفُوَنَّ إِذا ظَفِرتَ بِمُجرِمٍ / مِنهُم فَرُبَّ جَريمَةٍ لا توهَبُ
فَلتَشكُرَنَّكَ أُمَّةٌ تَحنو عَلى / ضُعَفائِها حَدَباً كَما يَحنو الأَبُ
وَاِخلَع قُلوبَ الناكِثينَ بِلُبسِها / خِلَعاً إِلى شَرَفِ الخِلافَةِ تُنسَبُ
فَرَجيَّةٌ وَشيٌ يَكادُ شُعاعُها ال / ذَهَبِيُّ بِالأَبصارِ حُسناً يَذهَبُ
وَعِمامَةٌ ما تاجُ كِسرى مِثلُها / في الفَخرِ وَهوَ بِرَأسِ كِسرى يُعصَبُ
وَمُهَنَّدٌ طَبَعَتهُ قَحطانٌ وَأَه / دَتهُ إِلى مُضَرٍ قَديماً يَعرُبُ
يَفري بِجَوهَرِهِ وَماءِ صِقالِهِ / وَمَضاءِ عَزمِكَ فَهوَ قاضٍ مِقضَبُ
خُضِبَ النُضارَوا إِنَّهُ بِدَمِ العِدى / عَمّا قَليلٍ في يَدَيكَ يُخَضَّبُ
أَمسى عَتاداً لِلخَلائِفُ بَينَهُم / مُتَوارَثاً يوصي بِهِ لِاِبنٍ أَبُ
وَتَحَلَّ مِنها طَوقَ مُلكٍ رَبَّهُ / عِندَ المُلوكِ مُعَظَّمٌ وَمُرَحَّبُ
فَاللَهُ طَوَّقَ جِبرِئيلَ كَرامَةً / لَم يوتَها مَلَكٌ سِواهُ مُقَرَّبُ
وَرُعِ العِدى مِنها بِأَدهَمَ رائِعٍ / يَعنو لِغُرَّتِهِ الصَباحُ الأَشهَبُ
سَلَبَ الدُجى جِلبابَهُ فَهِلالُهُ / وَنُجومُهُ سَرجٌ عَليهِ مُرَكَّبُ
وَاِفاكَ يُصحِبُ في القِيادِ وَلَم يَكُن / لَو لَم تَرُضهُ يَدُ الخَليفَةِ يُصحِبُ
وَبِرايَةٍ سَوداءَ قَلبُ الشِركِ مُذ / عُقِدَت لِمُلكِكَ مُستَطارٌ مُرعَبُ
فَكَأَنَّها أَسدافُ لَيلٍ مُظلِمٍ / وَسِنانُ عامِلِها عَليها كَوكَبُ
فَأَفِض مَلابِسَها عَليكَ عَطيَّةً / لا تُستَرَدُّ وَنِعمَةً لا تُسلَبُ
وَاِلبَس شِعاراً ما تَجَلَّلَ مِثلَهُ / لِسِوى الأَإِمَّةِ مِن قُرَيشٍ مَنكِبُ
مِمّا تَخَيَّرَهُ الخَليفَةُ مِنحَةً / لَكَ فَاِصطَفاهُ كِفاءَ ما تَستَوجِبُ
الناصِرُ النَبَويُّ مَحتِدُهُ وَمَن / عيصُ الرَسولِ بِعيصِهِ مُتَأَشِّبُ
مَن نَستَظِلُّ مِنَ الخُطوبِ بِظِلِّهِ / وَنَبيتُ في نَعمائِهِ نَتَقَلَّبُ
ناءٍ عَلى الأَبصارِ دانٍ جودُهُ / لِعُفاتِهِ فَهوَ البَعيدُ المُكثِبُ
إِن يُمسِ مِن نَظَرِ العُيونِ مُحَجَّباً / فَلَهُ جَزيلُ مَواهِبٍ لا تُحجَبُ
أَدنَتكَ مِنهُ فِراسَةٌ نَبَوِيَةٌ / تُملي عَليهِ الحَقَّ وَهوَ مُغيَّبُ
أَلفاكَ خَيرَ مَنِ اِرتَضاهُ لِمُلكِهِ / يَقظانَ تَسهَر في رِضاهُ وَتَدأَبُ
وَرَآكَ أَسرَعَهُم إِلى الأَعداءِ إِقداماً / وَغَيرُكَ مُحجِمٌ مُتَهَيِّبُ
فَاِسحَب ثَيابَ سَعادَةٍ فُضُلاً لِسا / بِغِها عَلى ظَهرِ المَجَرَّةِ مُسحَبُ
وَتَمَلَّ ما خوِّلتَها مِن دَولَةٍ / غَرّاءَ طالِعُ سَعدِها لا يَغرُبُ
في نِعمَةٍ أَيّامُها لا تَنقَضي / وَسَعادَةٍ سُلطانُها لا يُغلَبُ