القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 7
لا تُسرِفي في هَجرِهِ وَصُدُودِهِ
لا تُسرِفي في هَجرِهِ وَصُدُودِهِ / يَكفيكِ دونَ الهَجرِ هَجرُ هُجودِهِ
قَد جاوَزَ المَجهُودَ فيكِ وَماله / فيما يُحاوِلُهُ سِوى مَجهودِهِ
كَم قَد سَلاكِ وَعادَ عَودَةَ مُغرَمٍ / وَالجَمرُ قَد يَشتَبُّ بَعدَ خُمودِهِ
أَفدي الَّتي نَزَلَت بِوادٍ قَلبُها / أَقسى عَلى العُشّاقِ مشن جُلمُودِهِ
خَطَرَت بِهِ فَكَأَنَّ نَفحَةَ عَنبَرٍ / تَنضاعُ بَينَ تِلاعِهِ وَوُهُودِهِ
غَيداءُ يَقتُلُ كُلَّ صَبٍّ لَحظُها / وَالحُبُّ أَقتَلُهُ لَواحِظُ غِيدِهِ
رِيمٌ بِرامَةَ لا يَصيدُ بِضَعفِهِ / إِلّا الرِجالَ الصِيدَ حينَ صُدودِهِ
لِلوَردِ حُمرَةُ خَدِّهِ وَالغُصنِ هَزْ / زَةُ قَدِّهِ وَالظَبي مَدَّةُ جيدِهِ
أَهوى الدُجى مِن أَجلِ أَنَّ هِلالَهُ / كَسِوارِهِ وَنُجومَهُ كَعُقودِهِ
يا لائِمَ المُشتاقِ دَعهُ فَإِنَّما / يَضنى بِطولِ غَرامِهِ وَسُهودِهِ
قَد لَجَّ في بُرَحائِهِ وَعَنائِهِ / لَمّا رَآكَ تَلِجُّ في تَفنيدِهِ
وَمُشَجَّجُ الإِبطينِ مِن فَرطِ الوَجى / وَالأَينِ بَينَ هُبوطِهِ وَصُعودِهِ
أَزرَت بِهِ النِياتُ حَتّى نِيُّهُ / قَد دابَ تَحتَ وَضِينِهِ وَقُتودِهِ
يَرمي بِهِ قَلبَ الفَلا مَن قَلبُهُ / في الخَطبِ أَوسَعُ مِن تَنائِفِ بِيدِهِ
وَيَؤُمُّ أَبلَجَ مِن ذُؤابَةِ عامِرٍ / كَالبَحرِ إِلّا في لَذيذِ وُرودِهِ
قَد خَيَّمَ المَعروفُ بَينَ خِيامِهِ / وَقُصورِهِ وَجِدارِهِ وَعَمودِهِ
اللَيثُ يَصغُرُ بِأسُهُ في بَأسِهِ / وَالغَيثُ يُحقَرُ جودُهُ في جودِهِ
مَلِكٌ يُرَجّى بَأسُهُ وَيَخافُهُ / مَن لا يَكادُ يَخافُ مِن مَعبودِهِ
بَذَلَ اللُهى حَتّى اِستَغاثَ بَنانُهُ / مِن مالِهِ وَالمالُ مِن تَبديدِهِ
وَبَنى المُعِزُّ مَفاخِراً لَم يَتَّكِل / فيها عَلى آبائِهِ وَجُدودِهِ
فَكَأَنَّما سَحُّ النَدى مِن سَحِّهِ / أَو عُودُهُ مُستَخرَجٌ مِن عُودِهِ
تَلقى النُفوسُ حَياتَها في وَعدِهِ / وَحِمامَها في سُخطِهِ وَوَعيدِهِ
يَشتَبُّ غَيظاً ثُمَّ يَصفَحُ رَأفَةً / وَالغَيثُ بَعدَ بُروقِهِ وَرُعودهِ
السَعدُ مِن خُدّامِهِ وَعَبيدِهِ / وَالنَصرُ مِن أَعوانِهِ وَجُنودِهِ
لِلّهِ ما فَعَلَ الإِمامُ فَإِنَّهُ / أَوفى البَرِيَّةِ كُلِّها بِعُهودِهِ
لَم يَكفِ ما والاُ مِن إِحسانِهِ / حَتّى تَلاهُ بِقَودِهِ وَبُنودِهِ
وَبِسَيفِهِ وَنِطاقِهِ وَرِدائِهِ / وَسِحِلِّ حَضرَتِهِ وَوَشي بُرودِهِ
لا خَلقَ أَكرَمُ شِيمَةً وَسَجِيَّةً / في الناسِ مِن مُبدي النَدى وَمُعيدِهِ
في يَومِ لا عيد وَلَكِن فَضلُهُ / عِيدُ الَّذي وافى إِلَيهِ كَعِيدِهِ
هَل يَعلَمُ اليَومَ الإِمامَ بِأَنَّهُ / وَضَعَ الصنيعَةَ في أَحَقِّ عَبيدِهِ
مَلَكوا مَكاناً هَدَّ رُكنَ عُدُوِّهِم / وَعَدُوِّهِ وَحَسودِهِم وَحَسودِهِ
وَحَموا بِلادَ الرَقَتينِ مِنَ العِدى / وَالغيلُ لا يَحميهِ غَيرُ أُسودِهِ
يا مَن إِذا سَمِعَ العَدُوُّ مَدائِحي / فيهِ أَقامَ الغَيظُ حَبلَ وَريدِهِ
قَد جَدَّدَ اللَهُ الوَلاءَ وَزادَهُ / بِالخلفِ تَجديداً عَلى تَجديدِهِ
فَليَهنِكُم وَفدُ الخَليفَةِ إِنَّهُ / وَفَد النَجاحُ عَلَيكُم بِوُفودِهِ
فَسُبوغُ ذا الإِقبالِ مِن إِقبالِهِ / وَبُلُوغُ ذا التَأييدِ مِن تَأييدِهِ
يا ظَبيَ ذاكَ الأَجرَعِ المُنقادِ
يا ظَبيَ ذاكَ الأَجرَعِ المُنقادِ / هَل بِتَّ تَعلَمُ كَيفَ حالُ فُؤادي
أَم هَل عَرَتكَ مِنَ الغَرامِ صَبابَةٌ / تَرَكَت رُقادَكِ غارِباً كَرُقادي
إِنَّ الَّتي مَلَكَت قِيادَكَ في الهَوى / مَلَكَت قِيادَكَ في الهَوى وَقِيادي
وَلَقَد أَلَمَّ بِنا الخَيالُ يَمَسُّهُ / نَصَبٌ مِنَ الإِتهامِ وَالإِنجادِ
مُتَأَوِّياً يَعلو مَناكِبَ سابِحٍ / عاري المَناكِبِ أَو قَرارَةَ وادي
أَهلاً بِذَلِكُمُ الخَيال فَإِنَّهُ / وافى فَأَسعَدَني بِقُربِ سُعادِ
أَسرى وَأَسرَت بي إِلَيهِ ضَمائِري / فَكَأَنَّنا كُنّا عَلى ميعادِ
يا طيفُ كَيفَ خَلَصتَ حينَ طَرَقتَني / مِن زَحمَةِ الأَفكارِ حَولَ فُؤادي
هَمٌّ نَفى عَنّي الرُقادَ وَهِمَّةٌ / تَرَكَت رِكابي طُلَّحاً وَجِيادي
وَلَقَد تَخَيّرتُ المُلوكَ فَلَم أَجِد / حَتّى وَجَدتَكَ بُغيتي وَمُرادي
وَمَدَحتُ قَبلَكَ في الشَبيبَةِ مَعشَراً / ضَيَّعتُ فيهِم شِرَّتي وَمِدادي
وَرَفَعتَني عَنهُم إِلى أَن أَضرَموا / نارَ المُروَّةِ مِن شَرارِ زِنادِ
أَعطَيتَني ما لَو سَعَيتُ لِجَمعِهِ / لَمَلَأتُ مِن كَنزِ الكُنوزِ بِلادي
وَوُصِفتُ عِندَكَ بِالسَخاءِ وَإِنَّما / ثَمَدي بِقيَّةُ سَيلِ هَذا الوادي
أَيقَنتُ أَنَّكَ لي عَتادٌ صالِحٌ / فَوَهَبتُ لِلذّكرِ الجَميلِ عَتادي
يُثنى عَلَيكَ لِما نَجودُ لِأَنَّهُ / مِن جُودِ كَفِّكَ جادَ كُلُّ جَوادِ
قَد يُحمَدُ المَرعى الخَصيبُ وَإِنَّما / دَرُّ الغَمامِ أَحَقُّ بِالإِحمادِ
يا خَيرَ مَن حَمَلَ النِجادَ وَقَلبُهُ / مِثلُ الَّذي في غِمدِ كُلِّ نِجادِ
جَبنَّتَ عَنتَرَةَ الكُماةِ وَبَخَّلَت / هَذي الأَيادي الغُرُّ كَعبَ أَيادِ
وَغَدَوتَ بَحراً لا يُعافُ لِوارِدٍ / وَلِصادِرٍ وَلِرائِحٍ وَلِغادي
حَمَدَتكَ نُجّاعُ البِلادِ وَصُدِّقَت / في خِصبِ أَرضِكَ سائِرُ الروّادِ
مُتَعَوِّدٌ لِلفَضلِ مِن زَمَنِ الصِبا / وَالفَضلُ أَفضَلُ عادَةِ المُعتادِ
لَو كُنتَ مِن زَمَنِ الأَوائِلِ لَم تَطُل / بَكرٌ بِذكرِ الحارِثِ بنِ عَبادِ
تَسمُو بِجَدِّكَ أَو بِجَدِّكَ إِنَّما / يَسمُو الفَتى بِالجَدِّ وَالأَجدادِ
وَتَسيرُ في طُرُقِ المَكارِمِ وَالعُلى / مِن غَيرِ أَن تَرضى هِدايَةَ هادِ
لِلّهِ أَنتَ فَأَنتَ غَيرَ مُدافَعٍ / بَحرُ النَدى وَشِهابُ هَذا النادي
أَحيَيتَ ذِكرَ أَبي عَلِيٍ صالِحٍ / في كُلِّ يَومِ وَغىً وَيَومِ جِلادِ
وَبَنَيتَ فَخراً لَيسَ يُدرَكُ رَسمُهُ / مِن وَجهِ إِدريسٍ وَلا شَدّادِ
يا بنَ المَرادِسَةِ الَّذينَ صُدورُهُم / لِلجاهِلينَ سَليمَةُ الأَحقادِ
الفائِزينَ الحائِزينَ مَناقِباً / مِثلَ النُجومِ كَثيرَةَ الأَعدادِ
أُسُدٌ مَجاثِمُها الدُسوتُ وَقَلَّما / تُلقى الدُسوتُ مَجاثِمَ الآسادِ
بيضُ الوُجوهِ يَرُونَ أَنكَرَ مُنكَرٍ / خبءَ السُيوفِ البِيضِ في الأَغمادِ
إِنَّ الإِمامَةَ لَم تُسَمِّكَ عُمدَةً / حَتّى رَأَتكَ لَها أَشَدَّ عِمادِ
وَلَقَد كَشَفتُ وَإِنَّني لَكَ ناصِحٌ / فَكَشَفتُ محضَ هَوىً وَصِدقَ وِدادِ
وَوَجَدتُ قَدرَكَ كُلُّ قَدرٍ دونَهُ / عِندَ الإِمامِ ابن الإِمامِ الهادي
وَرَجَعتُ نَحوَكَ ظافِراً لَكَ بِالمُنى / وَبَغيظِ حُسّادٍ وَكَبتِ أَعادي
إِنّي كَظَنِّكَ فيَّ شاهِدٍ / لَكَ فاغنَ لي عَن سائِرِ الأَشهادِ
فَأَنا الَّذي لَو داسَ أَخمَصُكَ الثَرى / لَجَعَلتُهُ في أَسوَدي وَسَوادي
حَسَباً عَلى مَرِّ الزَمانِ وَصُحبَةً / أَزَلِيَّةً الأَطنابِ وَالأَوتادِ
لا تَختَطي إِبِلي ذَراكَ وَلا تُرى / إِلّا إِلَيكَ مَوائِرَ الأَعضادِ
أَيُّ المُلوكِ سَعى فَأَدرَكَ ذا المَدى
أَيُّ المُلوكِ سَعى فَأَدرَكَ ذا المَدى / أَو حازَ ما حازَ المُعِزُّ مِنَ النَدى
قَصُروا وَطالَ وَجَوَّزوا هَدمَ العُلى / وَبَنى وَضَلّوا في المَكارِمِ وَاِهتَدى
كُلٌّ بِما صَنَعَ الأَوائِلُ يَقتَدي / وَبِجودِهِ لا بِالأَوائِلِ يُقتَدى
مازِلتَ تَفعَلُ كُلَّ فِعلٍ مُفرَدٍ / في المَجدِ حَتّى صِرتَ أَنتَ المُفرَدا
بَدَّدتَ مالَكَ غَيرَ مُحتَفِلٍ بِهِ / وَجَمَعتَ شَملاً لِلعَلاءِ مُبَدَّدا
وَلَقيتَ فيما قَد كَسِبتَ من العلا / تعبا فألقيت القوافي الشرّدا
وغدا بنو الآمال خلفك في الفلا / غَضَباً يُزَجونَ المَطِيَّ الوُخَّدا
قَد طَيَّبوا مِن طِيبِ ذِكرِكَ مَعلَماً / أَو مَخرِماً أَو سَبسَباً أَو فَدفَدا
يَقتادُهُم حُسن الرَجاءِ وَمَقصِدٌ / أَعنى إِلَيكَ الناجِعينَ القُصَّدا
حَتّى إِذا وَصَلوا إَلَيكَ وَعَقَّلوا / في جَوزَتيكَ الحائِماتِ الوُرَّدا
أَصدَرتَها بِهِمُ مُنَدَّبَةَ الذُرى / مِن ثِقلِ ما أَسدَيتَ ناقِعَةَ الصَدا
رَيّانَةً لَو أُبرِكَت في جَدجَدٍ / صَلدٍ لأَوجَلتِ المَكانَ الجَدجَدا
حَمَّلتَ مَن حَمَلَت إِلَيكَ صَنائِعاً / تُوهي الجِمالَ بَلِ الجِبالَ الرُكَّدا
وَمَحامِداً مَلَأَت مَسامِعَ ضارِبٍ / في الأَرضِ إِمّا مُتهِماً أَو مُنجِدا
يا مَن يُشَيِّدُ ما تَهَدَّمَ بِالقَنا / لا خَلقَ أَقدَرُ مِنكَ هدَّ وَشَيّدا
أَتعَبتَ نَفسَكَ في بِناءِ مَجالِسٍ / لَم تَبنِها حَتّى بَنَيتَ السُؤدُدا
وَمَلَأتَ أَكثرَ ما مَلأتَ أَساسَها / قِمَماً فَما احتاجَ الأَساسُ الجَلمَدا
وَجَلَستَ في دَستِ الخِلافَةِ جلسَةً / نَظَرَت إِلَيكَ بِها الكَواكِبُ حُسَّدا
في سَفحِ شاهِقَةِ البُروجِ كَأَنَّما / يَكسُو جَوانِبَها الرَبيعُ زَبَرجدَا
مَوصولَةٌ بِالجَوِّ تَحسَبُ ضوءَها / ساري الدُجُنَّةِ كَوكَباً أَو فَرقَدا
رَفَعَت مَشاعِلُها الدُخانَ فقنعت / وَجهَ السَماءِ بِهِ قِناعاً أَسوَدا
نَظَروا إِلى مَن فَوقَها في بُعدِهِ / وَإِلى عُلاكَ فَكُنتَ فيهِ الأَبعدَا
وَرَأَوكَ في صَدرِ الإِوانِ فَعايَنوا / نُوراً أَنارَ وَبَحرَ جُودٍ أَزبَدا
سارَت بِذا طُلَلُ الرِكابِ وَغَرَّقَت / أَمواجُ ذا بِالمَكرُماتِ الوُفَّدا
يا ساكِنَ القَصرِ المُجَدَّدِ لِلعُلى / يَهنيكَ إِنعامُ الإِمامِ مُجَدَّدا
قُبٌّ مِنَ الخَيلِ العِتاقِ ضَوامِرٌ / قِيدَت مُحَمَلَةً إِلَيكَ العَسجَدا
أَوهى مَناكِبَها الحُلِيُّ كَأَنَّما / يَمشي الجَوادُ بِما عَلَيهِ مُقَيَّدا
وَمَطارِدٌ لَمّا سَجَدتَ أَمامَها / كادَت تَخِرُّ لَكَ المَطارِدُ سُجَّدا
وَلَقَد نَزَلتَ وَما نَزَلتَ وَإِنَّما / ذاكَ النُزولُ مُحَقِّقٌ أَن تَصعَدا
وَلَبِستَ مِن حُلَلِ المَعَدِّ مَلابِساً / فَضَحَ النُضارُ بِها السَعيرَ المُوقَدا
وَشَبيهَةً بِالتاجِ حَلَّت مَوضِعاً / لِحُلولِ ما شَبِهَ الشَبيبَةَ مِقوَدا
مَنسوجَةً بِالتِبرِ خَصَّ بلِبسِها / مَن لَيسَ يَنفَدُ هَمُّهُ أَو يَنفَدا
جادَ الهُمامُ بِها لِأَكرَمِ مَن مَشى / فَوقَ التُرابِ مِنَ المُلوكِ وَأَجوَدا
وَرَآكَ ماضي الشَفرَتَينِ مُهَنَّداً / فَكَساكَ ماضي الشَفرَتَينِ مُهَنَّدا
وَلَكَ الفَضيلَةُ لا لِسَيفِكَ إِنَّني / لَأَراهُ أَحرى أَن يُذَمَّ وَتُحمَدا
إِنَّ الحُسامَ إِذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ / أَصبَحتَ مَسلولاً وَأَصبَحَ مُغمَدا
تُحَفٌ تُشَرِّفُ مَن تَراهُ مُشَرَّفاً / وَحبىً تُسَوِّدُ مَن تَراهُ مُسَوَّدا
وَمَدائِحٌ ما زِيدَ مَمدوحٌ بِها / شَرَفاً عَلى الشَرَفِ الَّذي قَد وُطِّدا
إِنَّ الشَجاعَةَ في الشُجاعِ غَريزَةٌ / مِثلُ الأُسودِ غَنِيَّةُ أَن تُوسَدا
يا مَن غَدَوتُ مُقَيَّداً بِجَميلِهِ / يَفديكَ مَن قَيَّدتَهُ فَتَقَيَّدا
أَصبَحتُ مَحسوداً عَلَيكَ وَواجِبٌ / مَن كُنتَ أَنتَ نَصيبَهُ أَن يحسَدا
ما كُنتُ آثَمُ لَو عَبَدتُكَ مُنعِماً / إِن جازَ واهِبُ نِعمَةٍ أَن يُعبَدا
نَظَمَ اِمتِداحَكَ غَيرُ مَن هُوَ ناظِمٌ / وَأَجادَ فيكَ القَولَ مَن ما جَوَّدا
لا فَخرَ إِلّا حينَ تُصبِحُ سامِعاً / هَذا الثَناءَ وَحينَ أُصبِحُ مُنشِدا
إِن كُنتَ في شَرَفِ المَناقِبِ واحِداً / فَلَقَد أُقِمتُ لَها الخَطيبَ الأَوحَدا
في مَوقِفٍ كَالعِيدِ سَرَّ مُوالياً / لَكُمُ فَكانَ كَأَنَّهُ قَد عَيَّدا
عِش خالِداً عُمرَ المَديحِ فَإِنَّني / لَأَراهُ ما خَلَدَ الزَمانُ مُخَلَّدا
وَاسعَد بِما مَلَكَت يَداكَ ذَخيرَةً / دُنيا سَعادَةُ أَهلِها أَن تَسعَدا
لازالَ يَرفَعُكَ الحِجى وَالسُؤدَدُ
لازالَ يَرفَعُكَ الحِجى وَالسُؤدَدُ / حَتّى رَنا حَسَداً إِلَيكَ الفَرقَدُ
صَعِدَ المُلوكُ وَأَنتَ تَصعَدُ عَنهُمُ / فَكَأَنَّهُم لَم يُحسِنُوا أَن يَصعدُوا
بُعداً لِحاسِدِكَ الشَقِيِّ فَإنِّما / حَسَدُ الحَسُودِ سَجِيَّةٌ لا تُحمَدُ
حَسبُ الحَسودِ نَقيصَةً أَنَّ العُلى / عَدَتِ الحَسُودَ وَما عَدَت مَن يَحسُدُ
أَمّا المُعِزُّ فَإِن سَمِعتَ بِأَوحَدٍ / فاقَ البَرِيَّةَ فَهوَ ذاكَ الأَوحَدُ
سَبَقَ الكِرامَ وَقَصَّروا أَن يَلحَقُوا / أَدنى مَداهُ وَضُلِّلوا أَن يَهتَدُوا
نَفَقَ الثَناءَ بِهِ وَأَصبَحَت العُلى / عِندَ الأَعَزِّ تِجارَةً لا تَكسُدُ
خَلَتِ البِلادُ مِنَ الكِرامِ وَأَقفَرَت / إِلّا العَواصِمُ مِن جَوادٍ يُقصَدُ
لَو عاشَ قَومٌ أَعتَقُوهُ لَسَرَّهُم / ما أَعتَقُوا وَلَسَرَّهُم ما أَولَدُوا
شادُوا لَهُ الفَخرَ المُنيفَ عَلى السُهى / وَنَشا فَشَيَّدَ فَوقَ ما قَد شَيَّدُوا
ما كُلُّ مَن وَرِثَ المَكارِمَ قائِمٌ / فَيها وَلا كُلُّ ابنِ فَحلٍ سَيِّدُ
يا حَبَّذا الفَرعُ الزَكِيُّ وَحَبَّذا / ذاكَ النِجارُ وَحَبَّ ذاكَ المَحتِدُ
مِن سادَةٍ أَخَذُوا المَكارِم عادَةً / وَلِكُلِّ قَومٍ في العُلى ما عُوِّدُوا
قَومٌ إِذا شَهِدُوا النِزالَ تَقَلَّدُوا / مِن بَأسِهِم بِأَحَدَّ مِمّا قُلِّدُوا
يا سَيِّدَ الأُمَراءِ دَعوَةَ شاكِرٍ / لا يَجحَدُ الإِحسانَ فِيمَن يَجحَدُ
إِنَّ الرَعايا أَشرَبَتكَ قُلُوبُهُم / حُبّاً كَما شَرِبَ الغَمامَ الفَدفَدُ
وَجَدُوا لِفَقدِ أَخيكَ في مُهَجاتِهِم / ناراً تَنُوبُ مَنابَ ما لَم يُوقِدُوا
وَتَحَرَّجُوا أَن يَفرَحُوا في لَيلَةٍ / سَكَنَ التُرابَ بِها الحُسامُ المُغمَدُ
هَجَرُوا السُرورَ وَلَم يَبِت يَعتادُهُم / أَسَفُ المَلامَةِ أَنَّهُم ما مَلًّدُوا
تَبِعُوا هَواكَ فلَو أَمَرت جَمِيعُهم / بِالكَفِّ عَن أَعيادِهِم ما عَيَّدُوا
فاسلَم لَهُم فَإِذا سَلِمتَ فَإِنَّهُم / تَحتَ السَلامَةِ أَتهَمُوا أَم أَنجَدُوا
كَم تُكثِرانِ العَذلَ وَالتَفنِيدا
كَم تُكثِرانِ العَذلَ وَالتَفنِيدا / أَفَتَحسَبانِ المُستَهامَ رَشيدا
أَضرَمتُما بِالعَذلِ بَينَ جَوانِحي / ناراً أَحَرَّ مِنَ الجَحيمِ وَقُودا
لَومٌ وَصَدٌّ يُؤلِمانِ أَخا الهَوى / أَفَتَجمَعانِ مَلامَةً وَصُدُودا
سَأَمُوتُ مِن بَعدِ الأَحِبَّةِ حَسرَةً / وَأَخُو الهَوى إِن ماتَ مات شَهِيدا
يا ظَبيَةَ السِربِ المُمَنَّعِ بِالقَنا / رُدِّي عَلَيَّ فُؤادِيَ المَفقُودا
لَو كُنتِ جَرَّبتِ الهَوى وَشُجُونَهُ / ما كانَ قَدُّكِ ناعِماً أُملُودا
أَشبَهتِ في الجَوِّ الغَزالَةَ بَهجَةً / وَحَكَيتِ في الدَوِّ الغَزالَةَ جِيدا
لَولا ظِباءُ بَني الشَريدِ لَما انثَنى / طِيبُ الرُقادِ مِنَ الجُفونِ شَرِيدا
جَرَّدنَ مِن لَحَظاتِهِنَّ صَوارِماً / وَجَعَلنَ حَبّاتِ القُلوبِ غُمُودا
غِيدٌ حَنَنّا بَعدَهُنَّ عَلى الرُبى / وَكَأَنَّنا نَهوى الرُبى لا الغِيدا
تَتَفاوَحُ العَرَصاتُ طِيباً كُلَّما
تَتَفاوَحُ العَرَصاتُ طِيباً كُلَّما / عَفَّرنَ وَشياً فَوقَها وَبُرُودا
بِيضٌ يَرَونَ السُودَ بِيضاً نُصَّعاً / وَالبِيضَ حُمّا في المَفارِقِ سُودَا
مَن لِي بِرَدِّكَ يا شَبابُ فَأَبتَغِي / مِنهُنَّ مِثلَكَ نائِلاً مَردُودا
نَزَلَ المَشِيبُ بِعارِضَيَّ فَلا الصِبا / أَبقى عَلَيَّ وَلا الكَعابَ الرُودا
لا أَبعَدَ اللَهُ الشَبابَ فَإِنَّهُ / وَلىّ حَمِيدا وَاِستَعَضتُ حَمِيدا
ما فاتِنِي طَلَبُ السَعادَةِ مُذ رَأَت / عَينايَ هَذا المُقبِلَ المَسعُودا
لا أَحمَدُ الأَيّامَ حَتّى أَوصَلَت / عَني مُعِزَّ الدَولَةِ المَحمُودا
فَوَصَلتُ حينَ وَصَلتُ أَشرَفَ عامِرٍ / خِيماً وَأَفخَرَ مَنصِباً وَجُدُودا
مَلِكٌ إِذا وَقَفَ المُلُوكُ أَمامَهُ / جَعَلُوا سَلامَهُمُ عَلَيهِ سُجُودا
نَظَرَت مَكارِمُهُ إِلَيَّ فَمَزَّقَت / عَدَمِي وَلَكِن ما عَدِمتُ حَسُودا
وَوَجَدتُ أَوصافَ الأَميرِ جَواهِراً / فَنَظَمتُهُنَّ تَمَائِماً وَعُقُودا
سارَت مَسِيرَ النَيَرَينِ وَطَبَّقَت / ثَغرَ البِلادِ تَهائِماً وَنُجُودا
ما لِي إِلى شَيمِ الغَمائِمِ حاجَةٌ / ما دُمتُ أَشرَعُ حَوضَهُ المَورُودا
أَندى المُلُوكِ يَداً وَأَرجَحُ في النَدى / وَزناً وَأَصلَبُ في النَوائِبِ عُوَدا
صَلتُ الجَبِينِ تَرى لِمَوضِعِ تاجِهِ / نُوراً يَسِيرُ بِهِ الرِكابُ بَرِيدا
تَندى يَداهُ فَلَو يَمَسُّ بِنانُهُ / جُلمُودَ صَخرٍ أَنبَتَ الجُلُمودا
أَفَنى الكُنُوزَ وَبَدَّدَت نَفَحاتُهُ / ما فِي خَزائِنِ مالِهِ تَبديدا
حَتّى لَظَنَّ الناسُ أَنَّ لِكَفِّهِ / إِحَناً عَلى أَموالِهِ وَحَقُودا
كَرَماً وَجُودا لَم يَدعَ مِن قَبيلِهِ / كَرَماً يُعَدَّدُ لِلرِجالِ وَجُودا
لا تَسمَعَنَّ بِحاتِمِ وَفَعالِهِ / وَخُذِ الفَعالَ الظاهِرَ المَوجُودا
خَيرُ الحَديثِ إِذا جَلَستَ مُحَدِّثاً / ما لا يُرِيدُ دَلائِلاً وَشُهُودا
وَبِجانِبَي حَلَبٍ أَغَرُّ مُتَوَّجٌ / قَد حالَفَ الإِقبالَ وَالتَأييدا
يُمسِي وَإِكِليلُ النُجُومِ مُقارِنٌ / في جَوِّهِ إِكلِيلَهُ المَعقُودا
مِن مَعشَرٍ نَزَلوا اليَفاعَ وَخَلَّفُوا / لِلعالَمينَ أَباطِحاً وَوَهُودا
جُبِلُوا عَلى كَرَمِ النُفوسِ وَأَصبَحُوا / أَوفى البَرِيَّةِ ذِمَةً وَعُهُودا
فَإِذا سَأَلتَهُمُ سَأَلتَ غَمائِماً / وَإِذا أَثَرتَهُمُ أَثَرتَ أُسُودا
قَد أَدمَنُوا لُبسَ الدُرُوعِ كَأَنَّما / يَجِدُونَ في عَدَمِ الحَياةِ خُلُودا
فَإِذا هُمُ اِعتَقَلُوا الرِماحَ رَأَيتَهُم / مِثلَ الرِماحِ سِواعِداً وَقُدُودا
أَيمانُهُم مِثلُ البُحُورِ وَإِنَّما / جَعَلُوا لَها مَدَّ الأَكُفِّ مُدُودا
يَستَقبِلُونَ وَفُودَهُم فَكَأَنَّهُم / سارُوا إِلى زُمَرِ الوُفُودِ وُفُودا
قَد غَرَّبُوا أَهلَ البِلادِ وَأَتعَبُوا / غُبرَ السَمالِقِ وَالمَهارى القُودا
حَتّى أَبادَ بَناتِ أَرحَبَ خَبطُها / جُنحَ الظَلامِ إِلَيهِمُ وَالبِيدا
يا مُنتَهى الكَرَمِ الَّذي لَو أَنَّهُ / طَلَبَ المَزيدَ لَما أَصابَ مَزِيدا
لا خَلقَ أَعَدَلُ مِنكَ إِلّا واصِفٌ / لَكَ لا يَقيسُ بِكَ المُلُوكَ الصِيدا
أَصبَحتُ مَحسوداً عَلَيكَ فَعِشتَ لي / حَتّى أَعِيشَ مُنَعَّماً مَحسُودا
عِيدُ الرَعِيَّةِ أَن تَدُومَ عَلَيهِمُ / فَيَكُونَ وَجهُكَ كُلَّ يَومٍ عِيدا
فَاسعَد بِهِ فَسَعادَةُ الدنيا وَمَن / فِيها إِذا ما كُنتَ أَنتَ سَعيدا
وَاسمَع لَهُ كَلِماً وَحِيداً صُغتُهُ / لِأَغَرَّ أَصبَحَ في المُلُوكِ وَحِيدا
مدحاً تَكادُ إِذا تَضَوَّعَ نَشرُها / أَن لا تُرِيد مِن الرُواةِ نَشِيدا
يَبلى الزَمانُ وَلا يَزالُ حَدِيثُها / حَتّى تَزُولَ الراسِياتُ جَديدا
عِش حِقبَةً لا تَنتَهِي بَل تَبتَدِي
عِش حِقبَةً لا تَنتَهِي بَل تَبتَدِي / وَتَمَلَّ بِالدُنيا وَأَبلِ وَجَدِّدِ
فَإِذا تَقَضَّت مُدَّةٌ مَعهُودَةٌ / وُصِلَت بِأَسعَد مُدَّةٍ لَم تُعهَدِ
فَتَدُومُ مَخصُوصاً بِعِزٍ سَرمَدٍ / لا يَنقَضي وَبِطُولِ عُمرٍ سَرمَدِ
رُم ما اِشتَهَيتَ تَنَل وُسُس ما تَبتَغي / تَرشُد وَحاوِل ما أَرَدتَ تُسَدَّدِ
وَالبَس هِلالَ الأُفقِ طَوقاً وَانتَطِق / شُهُبَ المَجَرَّةِ وَانتَعِل بِالفَرقَدِ
واسحَب عَلى الشِعرى العَبُورِ مَلابِساً / عَبَرَت عَلى جَسَدِ الإِمامِ الأَمجَدِ
فِيها نَسِيمُ أَبِي الأَئِمَّةِ حَيدَرٍ / وَنَسيمُ خَيرِ الأَنبِياءِ مُحَمَّدِ
وَاعقِد عَلَيكَ التاجَ وَاعلَم أَنَّهُ / بِالعِزِّ مَعقُودٌ وَإِن لَم يُعقَدِ
قَد رُصِّعَت فيهِ مَناقِبُ جَمَّة / تُغنِيهِ عَن دُرٍّ بِهِ وَزَبَرجَدِ
وَتَقَلَّدِ العَضبَ الشَبِيهَ بِغِمدِهِ / فَكَأَنَّما هُوَ مُصلَتٌ لَم يُغمدِ
كَثُرَت بِحَدَّيهِ الفُلولُ كَأَنَّهُ / مِمّا يُكَسِّرُ في الطُلى فَمُ أَدرَدِ
هُوَ مُفرَدٌ في الغِمدِ إِلّا أَنَّهُ / في الرَوعِ يُزوِجُ كُلَّ شَيءٍ مُفرَدِ
في كَفِّ أَروَعَ لَو أَشارَ بِسَيفِهِ / لَفَرى وَحدُّ السَيفِ غَيرُ مُجَرَّدِ
وَاركَب جِيادَ ابنِ النَبِيِّ طَوامِحاً / مِثلَ الصُقورش دَوالِجاً في العَسجَدِ
مِن كُلِّ مَلفُوفِ الجِيادِ مُقَلَّصٍ / كَالسِبدِ سِيدِ الرَدهَةِ المُتَمَرِّدِ
مُتَرَفِّقٍ يَمشي بِحِليَةِ سَرجِهِ / مَشيَ المُقَيَّدِ وَهوَ غَيرُ مُقَيَّدِ
وَإِذا جَرى تَحتَ العَجاجِ بِرَبِّهِ / طَبَعَ الأَهِلَّةَ في صِفاحِ الجَلمَدِ
وَوَراءَ ظَهرِكَ رايَةٌ مَرفُوعَةٌ / تَهدِي الخَمِيسَ مِنَ الضَلالِ فَيَهتَدِي
كَالغادَةِ الحَسناءِ ذاتُ ذَوائِبٍ / تَهفُو وَذاتُ تَعَطُّفٍ وَتَأَوُّدِ
في لَونِ عِرضِكَ كُلَّما خَفَقَت بِها / رِيحُ الصَبا خَفَقَت قُلُوبُ الحُسَّدِ
عَقَدَ الإِمامُ فُرُوعَها بِيَمِينِهِ / عَقداً تَكَفَّلَ بِالبَقاءِ الأَسعَدِ
وَحِيالَها بِيضُ البُنودِ كَأَنَّها / رَوضٌ يَرِفُّ عَلى القَنا المُتَأَوِّدِ
مِن مُذهَبٍ وَمُفَضَّضِ وَمُخَلَّقٍ / وَمُزَوَّقٍ وَمُعَصفَرِ وَمُوَرَّدِ
وَالبُزلُ حامِلَةُ القِبابِ كَأَنَّها / سَكرى لِكَثرَةِ ما تَرُوحُ وَتَغتَدِي
في سَبسَبٍ عَن سَبسَبٍ أَو مَجهَلٍ / عَن مَجهَلِ أَو فَدفَدٍ عَن فَدفَدِ
تَرَكَت مَحَلَّ ابنِ الرَسولِ وَأَقبَلَت / مَنصُوصَةً تَبغِي مَحَلَّ السُؤدُدِ
وَتَشَوَّفَت أَعناقُها في رَبوَتي / مِصرٍ إِلى البَلَدِ القَصِيِّ الأَبعَدِ
وَسَرَت إِلى أَن جاوَزت تَحتَ الدُجى / رَملَ العَرِيشِ وَرَملَ ذاتِ الغَرقَدِ
وَتَكَرَّهَت ماءَ الجِفارِ وَحاوَلَت / ماءً بِشَطٍّ قُويقَ عَذبَ المَوردِ
وَتَيامَنَت عَن بَحرِ صُورٍ تَبتَغي / بِالشامِ أُمَّ الناجِعينَ القُصَّدِ
وَأَتَت طَرابُلُساً تَكادُ قُلُوبُها / تَطغى مِنَ الشَوقِ المُقيِمِ المُقعِدِ
وَتَيَمَّمَت مَرَقِيَّةَ وَقَدِ اِنطَوَت / مِمّا تَجُوبُ البِيدَ طَيَّ مُجَلَّدِ
وَشَكَت بِها فَرطَ السَحابِ وَفَرطَما / بِقُلُوبِها مِن لَوعَةٍ لَم تَبرُدِ
وَنَوَت حَماةَ وَالغَمامُ يَصُدُّها / عَن قَصدِها صَدَّ الحِيامِ الوُرَّد
وَنَوَت كَفَرطابَ وَمِلءُ صُدُورِها / شَوقٌ أَحَرُّ مِن الجَحيمِ المُوقَدِ
وَتَجاوَزَت أَرضَ المَعَرَّةِ وَانتَشَت / رِيحَ الحَياةِ مِنَ السَبِيلِ الأَقصَدِ
وَبِأَرضِ سَرمِينٍ أُرِيحَت بَعدَما / شَكَتِ العَياءَ مِنَ الذَمِيلِ السَرمَدِ
وَغَدَت مُيَمِّمَةً أَجَلَّ مُيَمَّمٍ / قَدراً وَأَقرَبَ نائِلاً مِن مَوعِدِ
حَتّى أَتَت مَلِكاً ضِياءُ جَبِينِهِ / كَضِياءِ بَدرِ الحِندِسِ المُتَوَقِّدِ
فَأَحَلَّها دارَ النَعِيمِ وَفَكَّها / بَعدَ الإِياسِ مِنَ العَذابِ المُوصَدِ
رُوحِي فِدا المَلِكِ المُعَوِّدِ رُوحَهُ / بِالحِلمِ أَفضَلَ عادَةِ المُتَعَوِّدِ
إِن سِيلَ جادَ وَإِن أَصابَ خَطِيَّةً / أَغضى فَلَم يَحقِد وَلَم يَتَوَجَّدِ
وَلَدَ النِساءُ مِنَ الرِجالِ خَلائِقاً / لا يَنحَصُونَ وَمِثلُهُ لَم يُولَدِ
شَكَرُوا الإِمامَ عَلى تَواتُرِ فَضلِهِ / شُكرَ الخَمِيلَةِ لِلغَمامِ المُغتَدِي
أَمّا أَمِيرُ المُؤمِنينَ فَعالِمٌ / أَنَّ الجَميلَ إِلَيكَ غَيرُ مُفَنَّدِ
فَلتَدفَعَنَّ عَنِ البِلادِ وَأَهلِها / نُوَباً يُخافُ وَقُوعُها وَكَأَن قَدِ
وَلتُحمَدَنَّ كَما حُمِدتَ بتُبَّلٍ / وَالخَيلُ تَعثَرُ بِالقَنا المُتَقَصِّدُ
وَالشِركُ مِنكَ وَمِن شَقِيقِكَ هارِبٌ / هَرَبَ الشَحاحِ مِنَ الغَمامِ المُرعِدِ
لَولا سُيُوفُكُمُ البَواتِرُ لالتَقى / مَن بِالثُغورِ وَمِن بِبُرقَةِ مُنشِدِ
لَكِن أَبَت عَزَماتُكُمُ أَن تَنثَنِي / أَو تَنثَني رِيّانَةً كَبِدُ الصَدِي
أَسنَدتُمُ الإِسلامَ إِنَّ سُيُوفَكُم / لِمَعاقِلِ الإِسلامِ أَفضَلُ مُسنِدِ
لَولاكُمُ كانَ النَدى مُتَعَذِّرَ ال / مَلقى وَكانَ الفَضلُ مَغلُولَ اليَدِ
أَمسى أَبُو العُلوانِ فِيكُمُ أَوحَدَاً / فَسَهِرتُ فِيهِ عَلى الكَلامِ الأَوحَدِ
وَنَظَمتُ فِيهِ مِنَ القَرِيضِ شَوارِداً / أَنسَت بَني الدُنيا شَوارِدَ أَحمَدِ
قالَت مَناقِبُهُ وَقَد عَدَّدتُها / أَقصِر فَإنَّ الغَيثَ غَيرُ مُعَدَّدِ
غَمِّض جُفُونَكَ دُونَهُنَّ فَرُبَّما / أَعشى ضِياءُ الشَمسِ جَفنَ الأَرمَدِ
فَرَّغتَ مالَكَ في الجَميلِ وَلَم تَدَع / في اليَومِ ما يُعطى وَيُوهَبُ في الغَدِ
يا خَيرَ مَن وَصَلَت إِلَيهِ وَعَرَّسَت / بِفِنائِهِ خُوصُ الرِكابِ الوُخَّدِ
لَيسَ الصُعودُ إِلى العَلاءِ بِهَيِّنٍ / فَيُنالَ إِنَّ المَجدَ صَعبُ المَصعَدِ
مَن شامَ كَفَّكَ لَم يَزَل مُتَيَقِّناً / أَن الغَمامَ بِجُودِ كَفِّكَ يَقتَدِي
لَيتَ الأَوائِلَ أَبصَرُوكَ فَأَبصَروا / زَودَ الأَخِيرِ وَنَقصَ فَضلِ المُبتَدي
حَسُنَت بِكَ الدُنيا كَأَنَّكَ غُرَّةٌ / بَيضاءُ في وَجهِ الزَمانِ الأَسوَدِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025