المجموع : 3
مَا كلُّ من مَلَك الثَّراءَ يَجودُ
مَا كلُّ من مَلَك الثَّراءَ يَجودُ / كلاً وكلُّ الرجال تَسودُ
مَا كلُّ من طلب السباقَ بمُدرِكٍ / شَأواً ولا كل البُروق تجود
مَا كلُّ من رام المعاليَ راقياً / فِيهَا ولا كل الصُّعودِ صعود
مَا كلُّ مُوفٍ للدِّمام سَمَوْءلاً / كلاً ولا حاكِي القَريضِ لبيد
مَا كلُّ خانقةِ الجَناحِ جَوارِحاً / كلاً ولا خَفْقُ الرياحِ بُنود
مَا كلُّ وَقّاهِ القَريحةِ مُنشِداً / كلاً ولا كلُّ القصيدِ قصيد
مَا كلُّ عقلٍ للهدايةِ قائداً / كلاً ولا كلُّ المِراس شديد
مَا كلُّ سهمٍ فِي الرماية صائباً / كلاً ولا كلُّ المَقال سَديد
مَا كلُّ من قاد الكتائب فَيْصلاً / كلاً ولا كلُّ الوقائع سود
ملكٌ تخرُّ لَهُ الجَبابر سُجَّداً / وبَرِقٌ من جَزعٍ لَهُ الجُلْمود
حكمٌ عَلَيْهِ من الجَلالِ مَهابةٌ / وله من النصر العزيز جنود
عَلم يُريك من العلوم عَجائباً / لولا النبوةُ قلت ذا داود
قمر يريك من الجمال أشعَّةً / وعليه من نسج البهاء بُرود
سيفٌ تُسَلُّ لَهُ السيوفُ وتنقضي / ولها بهامِ المُلحدين غُمود
فَرْدٌ تَفَرَّدَ بالفتوح فنصرُه / م العالَمِ الأعلى لَهُ ممدودُ
أسد لَهُ كلُّ الأُسودِ ثعالبٌ / مَولىً لَهُ كلُّ الأنامِ عَبيد
بَطَل لَهُ فِي المُذنبين وَقائِع / ولدى النَّدى فِي المُدْقِعِين رُعود
شهدتْ لَهُ يوم النِّزال مَشاهِدٌ / إِذ مَلَّ جيشَ البَغْيِ وهْو حَصيد
غَدروا بِهِ والغدرُ مَهْلَكةُ الوَرى / فَثَنى عِنانَ الجيشِ وهْو وَحيد
ضحكتْ صَوارِمُه وهن عَواتِقٌ / وبكتْ رِماحُ الخَطِّ وهْي جُمود
للهِ وِقفةُ باسلٍ خُذِلت لَهَا / كلُّ العِدى والعالَمون شُهود
فَصَّلتَ مُجْمَلهم بعزمٍ لَمْ يَزَلْ / يُردِي النفوسَ مخافةً ويُبيد
تجري مقاديرُ الإلهِ عنايةً / منه لَهُ فيما بَشا ويُريد
عَذْبُ المَناهلِ للوفودِ بمالِه / ولدَى الوغى مُرُّ المَداقِ شديد
لم يَحلُلِ العافونَ غيرَ رِحابِه / لولاه مَا حَدَتِ المَطيَّ وُفودُ
فالويلُ يَا صُورُ ارجِعي وتَعذَّري / فالعُذرُ للجانِي بِهِ ممدود
واستسلِمي فِي راحَتَيْه فإنما / حبلُ الأمانِ بكَفِّه مَعْقود
وذَرِي مغالبةَ الملوكِ فإنّ مَن / نَاواهمُ فِي قبرِه مَلْحود
أَظننتَ أهلَك مانِعينَ ذِمارَهم / هل يمنعُ الموتَ الزُّؤَامَ جَليد
لَمْ تُغنِهم عندَ اللقاءِ نقودُهم / لا يَدْفَعنْ سهمَ القضاءِ نُقود
فبدتْ لهم فَوْقَ الكثيبِ مَصانِعٌ / لكنّها فَوْقَ الكُعوب قيود
شُهْبٌ تلوح لناظريها أَنْجُباً / قِلَعٌ ولكنْ فِي القلوبِ حَديدُ
عُجِنت بماءِ المُزْنِ تربتُها إذن / لكنَّ من دَمِّ العِدى مولود
وإذا تَراءَتْها العيونُ تَظُنُّها / فَوْقَ السحاب أساسُها مَعْقُود
وتخالُها لَبِناً يُشاد بناؤُها / لكتها لحمُ العدى وكُبود
قِلَعٌ لَهَا بالمَشْرِقين مَشارقٌ / لَهَا بأقصى المَغْرِبين عُفود
ولهنَّ من شَفَق الغُروب أَجِلَّةٌ / ولهن من فَلَق الصباح عَمود
سجدتْ لطَلْعَتِها الشَّواهقُ وانثنَتْ / أعطافُ أوديةِ القِفار تَميد
هَذَا هو النَّبَأ العظيم لمنكِرٍ / قَدْرَ الملوكِ فإِنَّ ذا لَكَمود
رِفْقاً أَميرَ المؤمنين فإنما / خضعتُ لطعتِك العُتاة الصِّيدُ
وأَتَوْكَ طَوعاً مُهْطِعين كَأَنَّهم / تَحْتَ الإطاعة مُذعِنون هُجود
يا نِعمةَ المَوْلَى وأيَّ فضيلةٍ / فَلأَنْتَ صالحُ والأَنام ثَمود
يَا أَيُّها الزمن المَجيد بفيصلٍ / رُحماك هل ملكٌ سواه مَجيد
ما فِي الوجود أَرَى تركتَ بقيةً / تأتي بِهَا حَتَّى المَعادِ تعود
فكأنني بالملحدين تَشَدَّفوا / قَدْ وَرَّثَتْهُ المُلكَ قبلُ جُدود
فالمالُ يُورَثُ لَيْسَ أخلاقٌ الفتى / والمُلكُ كَيْفَ النصرُ والتأييد
فَلأَنْتَ شمسٌ والزمانُ سماؤُها / وأخوك بدرٌ والجُدود سُعود
وبَنوك تيمورُ الهِزْمَرُ ونادِرٌ / قَمران والبدرُ المُنير محمُودُ
ومحمدٌ وأخوه أحمدُ وابن عَمْ / مَتِهم ذِياب الفارِس الصِّنْدِيد
كَرُمَتْ أَرومتُهم وعَزَّ نِحارُهم / لا ضيرَ قَدْ بالأصلِ يَزْكُو العود
فَلأَنْتُمُ واللهِ سادةُ معشرٍ / نَعِمَ الزمانُ بكم وطاب الْجُود
أنت الكفيلُ لذا الزمانِ وأهلِهِ / وزعيمُه ولواءه المَعْقُود
وإِلَيْكَها غَرَّاءَ تَنْفُثُ سِحْرَها / مَا صَدَّها عن قِبْلَتَيْكَ صدود
خَطَرَت تَهزَّعُ فِي بُرود جَمالِها / مَرَحاً ومنظرها إِلَيْكَ جديد
مَا للحمائمِ بالغصون تُغرِّدُ
مَا للحمائمِ بالغصون تُغرِّدُ / أَشجاكِ نوحِي أم شجاكِ المَعْهَدُ
قَدْ كنتُ فِي وَلَعِ الصبابة والجَوى / واليومَ بالتفريق وَيْك أُهَدَّد
لم يكفِ أني بالصدودِ معذَّب / حَتَّى غدوتُ بكل بابٍ أُطرَد
فالهجرُ أَفْتَلُ مَا يكون عَلَى الفتى / إنْ كَانَ طبعاً فِي الهوى يَتودَّد
من كَانَ ذا نفسٍ عَلَيْهِ عزيزة / صَعْبٌ عَلَيْهِ قَطْعُ مَا يتعوَّد
إن كَانَ داعِي الهجرِ يَا وُرْقُ الَّذِي / أبكاكِ إن مَدامِعِي لا تَجمُد
نُوحِي عَلَى فَنَن الغصونِ تَرَنُّماً / وتَردَّدي فلعلَّ نوحَك يُسْعِد
لو أن نار الوجدِ من جَمْرِ الغَضَى / خَمَدت ولكنْ نارُه لا تَخْمَد
كم ذا أَهيم هَوىً ونارُ صبابتي / فِي كل آنٍ بالحَشى تَتوقَّد
وأُعانق الباناتِ شوقاً إنها / كقُدودِهم أغصانُها تَتَأَوَّدُ
وأُغازل الظَّبَياتِ فِي كُنُساتِها / فأقول مَا للظبيِ غُصْنٌ أَمْلَد
فأَتيهُ بالبيداءِ أَنْتَشِق الصَّبا / فلملَّ عَرْفاً من شَداهم يوجَد
مُتَبَدِّدَ الأفكارِ طوراً أَرْتَدِي / ثوبَ السُّهادِ وتارة أَتَوَسَّد
يا جِيرةً بانُوا فبانَ تَصَبُّري / هل نظرةٌ منكم بِهَا أَتَزَوَّد
غادرتُموني فِي الهوى كَلِفاً وَقَدْ / خَلَق التجلدُ والهوى يتجدَّد
يا سادةً هل بالحِمَى لي عودةٌ / فيعود مَا قَدْ كنتُ منكم أَعْهَد
رَعْياً لذاك العيشِ كَانَ بقربِكم / رَغْداً وعيشي من رِضاكم أَرْغَد
حمَّلتموني بالجَفا مَا لَمْ أُطِق / صبراً عَلَيْهِ جَهْدَ مَا أتجلَّد
ونَقَضتُم عهدَ المودةِ بيننا / وتركتُموني هائماً أَترَدَّد
يا حادِيَ الرُّكبانِ مَهْلاً إنني / بَيْنَ الهَوادج مُطْلَق ومُقيدُ
قد كنتُ فِي مهدِ الجَفا متقلِّباً / والآن فِي أَسْر الفراقِ مُصفَّد
فكِلاهما نارانِ نارٌ بالجفا / تُورَى ونار بالفراقِ تَوَقَّد
إن الزمان ببَيْنِنا ذو حالةٍ / كم حالة للدهرِ لا تتعدَّد
يَقْضِي بتفريقِ الأَحبة شَرْعُه / ولجمعِ شَمْل الأَكْرَمين يُبدِّد
في حالتين من الزمان مَعاشُنا / وكلاهما فِي حالةٍ لا تُحْمَد
إنْ أقبلتْ أيامُه أَوْ أدبرتْ / هِمَمٌ فذا لهوُ المعاشِ الأَنْكَد
إني لَمِن نكدِ الزمان عَلَى شَفىً / لولا المليكُ بن المليكِ الأَوْحَد
إنْ تشكُ نفسي ضِيقَ دهرٍ أسرعتْ / ليمينِه فأَنالَها مَا يُوجَد
ملكٌ لَهُ ثوبُ الجلالةِ مَلْبَسٌ / وله عَلَى ظهر المَجَرَّةِ مَسْنَدُ
هو رحمةٌ للمسلمين ونعمة / للمجتدين وآيةٌ لا تُجْحَد
مُتكفِّل لبني الزمان برزقِهم / فيداه فِي كرمِ تَغُور وتُنجِد
هَذَا هو الملك الَّذِي عَقِمت بِهِ / أُمُّ الممالك إنهما لا تُولِد
شمسُ العَوالم أنت سِرُّ الله فِي / هَذَا الزمانِ ونُوره المُتجسِّد
فالاسمُ يُعرِب عن صفاتِك إنه / هو فَيْصَلٌ عَضْب الغِرار مُهنَّد
مولايَ إنك فِي القضاءِ مُحكَّم / وبسَيفِ نصرِ الله أنت مُؤيَّد
مُدَّت إِلَيْكَ يدُ المَمالك رغبةً / وأَتتْكَ فِي حُلَل المهابةِ تَسْجُد
إن الخلافةَ فِي بني سلطانَ قَدْ / أَضحتْ تُراثاً فيهمُ تتردَّدُ
قد شَيَّدوها بالقَواضبِ والقَفا / وبِها مِنا نَصَبوا الخيامَ ومَهَّدوا
إن غاب عنها سيدٌ منهم أتى / من بعِده منهم إليها سيد
يَتناوبون بعرشِها حَتَّى انتهَتْ / فِي واحدٍ فهْو الجميعُ المُفْرَد
لولا أبو تيمورَ مَا كَانَ الأُولَى / من قبلِه مَلَكوا وَلَمْ يكُ أَحْمَد
فلتهْنَ يَا ملكَ الزمانِ فإنها / سِيقتْ إِلَيْكَ فأنت فِيهَا الفَرْقَد
أَوْفَى الزمانُ بوعدِه المعهودِ
أَوْفَى الزمانُ بوعدِه المعهودِ / كَرَماً كما قَدْ سرَّنا بحُمودِ
واستبشرتْ أوقاتُنا فكأنها / بظهوره قَدْ بُشِّرَتْ بخُلُودِ
وبه استنارتْ بهجةً أيامُنا / لكنها لَمْ تَخْلُ من تَنْكِيدِ
سَرَّت بإنجاز الوعودِ قلوبَنا / لكنها قَدْ كَدَّرت بسُعود
هجمتْ بنو عبسٍ عَلَيْهِ مُذْ غدا / مستقبِلَ المِحْراب للتَّهْجِيد
فغَدا مُعَفَّر بالتراب مُضَرَّجاً / بدمائِه يكسوه ثوبُ صَعيد
لبسوا ثيابَ العارِ ثُمَّ تَجلبَبُوا / بمطارِفِ التَّعنيف والتفنيدِ
لَهْفِي عَلَيْهِ لو رأيتُ مُصابَهُ / كنتُ الفداءَ بطارِفي وتَليدي
عيني تجود بدمعِها لكنّه / قلبي لَهُ أقسى من الجُلمودِ
إذ خان بالسلطان سيدِنا أبي ال / فضلِ المليك الأَرْيَحيِّ سعيدُ
أَضحى سَليباً من ممالكه وَقَدْ / ركب الجوادَ مشرَّداً فِي البِيد
حَتَّى أتى بالحزمِ فانفتحتْ لَهُ / أبوابُها بالعِزِّ والتمجيد
فاستصرخ الملكَ الأَغرَّ أبا النَّدى / قُطْبَ المعالي مُظْهِر التوحيد
فأتتْه غاراتُ الإِله منوطةً / من فيصلٍ بالنصر والتأييد
تَطوِي السَّباسِبَ والوِهادَ يَحفُّها / طيرُ المنيةِ فِي أَكُفِّ الصِّيدِ
وبها السَّوابِقُ كالبوارِقِ سُرَّباً / يحملنَ كل غَضَنْفَرٍ صِنْديد
فانحلَّ مَا بالحزمِ من عزم العِدى / واستنكفتْ أطماعُ كل مَرِيد
ودَنَتْ قُطوفُ الأمنِ يانعةً وَقَدْ / لبس الزمانُ جلاببَ التَّوطيد
فهناك أُلقيَتِ العَصا وأَناخ بي / حادِي الهوى ووضعت ثَمَّ قُيودي
وبسطتُ مدحِي للمُملَّك فيصلٍ / مولى الأَنام خَليفة المعبودِ
ومددتُ كفي فِي جواهرِ فضلِه / فنظمتُها بقلائدٍ وعُقودِ
فابتزَّها مني الزمانُ فأصبحتْ / فِي جيدهِ مقرونةً بسُعود
وَطفِقتُ أَكْرَع فِي مَواردِ جُودِه / فتلاطمتْ أمواجُها بخدودي
فغَرفتُ من بحر المواهبِ والسخا / يَا حبَّذا من مَنْهَلٍ مورود
ولئن سَطا دهري عَلَيَّ بمِخْلَبٍ / حسبي حِمىً بلوائه المعقود
وإِذا أناختْ بي ركائبُ فاقةٍ / نُخْتُ المطيَّ بظلِّه الممدود
وإِذا السحائبُ عَزَّ يوماً قَطْرُها / هَطلتْ غَوادِي راحتيْه بجود
مِنَنا حَملتُ بعاتقي من وفرةٍ / فَتنظَّمتْ بِسُموطِها فِي جِيدي
يَا ابن الملوكِ أبا الملوكِ ومن همُ / فِي وَجْنَة الأيام كالتَّوريد
قد شيَّدُوا ركن المعالي وابْتَنَوا / للمجدِ بيتاً مُحكَم التشييد
قامت دعائمُه بسَعْيِك واستوتْ / أركانُه بمقامك المحمود
لا بِدْعَ أَنْ كلُّ الورى قَدْ جُمِّعوا / فِي واحدٍ بالحَصْر والتجديد
لا زلتَ فِي وجهِ الليالي غُرّةً / وبك الزمانُ ومَنْ بِهِ فِي عيدِ