كَتَبَ المَشِيبُ بأَبْيَضٍ في أَسْوَد
كَتَبَ المَشِيبُ بأَبْيَضٍ في أَسْوَد / بغْضاءَ ما بَيني وبينَ الخُرَّدِ
خَجِلَتْ عُيُونُ الحُورِ حِينَ وصَفْتُها / وصْفَ المَشيبِ وقُلْنَ لِي لا تَبْعَدِ
ولِذاكَ أَظْهَرَتِ انْكِسَارَ جُفُونها / دَعْدٌ وآذَنَ خَدُّها بِتَوَرُّدِ
يا جِدَّةَ الشَّيْبِ الَّتِي ما غادَرَت / لِنُفُوسِنا مِنْ لَذَّةٍ بمجدَّدِ
ذَهَب الشَّبابُ وسَوْفَ أذْهَبُ مِثْلَما / ذَهَبَ الشبابُ وما امرؤٌ بِمُخَلَّدِ
إنَّ الفَنَاءَ لكلِّ حَيٍّ غايَةٌ / مَحْتُومَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فكأَنْ قَدِ
وارَحْمَتا لِمُصَوِّرٍ مَتَطَوِّر / في كلِّ طَوْرٍ صورَةَ المُتَردِّدِ
قَذَفَتْ به أَيْدِي النَّوَى مِنْ حالِقٍ / سامِي المَحَلِّ إلى الحَضيضِ الأوهَدِ
مُسْتَوْحِشٍ فِي أُنْسِهِ مُتعاهِدٍ / بحنِينِهِ شَوْقَاً لأَوَّلِ مَعْهَدٍ
مَنَعَتْهُ أَسبابٌ لَدَيْهِ رجُوعَهُ / فاشتاقَ للأَوْطان شَوْقَ مُقَيَّدِ
يا لَيْتَهُ لَوْ دامَ نَسْياً ما لَهُ / مِنْ ذاكِرٍ أوْ أنهُ لم يُولَدِ
حَمَلَ الهَوَى جَهْلاً بأَثْقَالِ الهَوَى / مُسْتَنْجِداً بعزيمةٍ لم تُنْجِدِ
ما إنْ يَزالُ بما تَكَلَّفَ حَمْلَهُ / في خُطَّتَي خَسْفٍ يَرُوحُ وَيَغْتَدِي
غَرضاً لأَمْرٍ لا تَطيشُ سِهامُهُ / ومُعَرَّضاً لِمُعَنِّفٍ ومُفَنِّدِ
وَخَلِيفَةٍ في الأرضِ إِلَّا أنَّه / مُتَوَعِّدٌ فيها وعيدَ الهُدْهُدِ
وَجَبَ السُّجُودُ لهُ فلما أنْ عصى / قالت خطيئَتُهُ لهُ اركعْ واسْجُدِ
وَنَبَتْ به الأوطان فهْوَ بِغُرْبَةٍ / ما بينَ أعداءٍ يَسيرُ وحُسَّدِ
أنفاسه تُحصَى عليه وعلم ما / يفضى إليه غدا له حُكمُ الغدِ
أبَداً تَرَاهُ واجِداً أَوْ عادِماً / في حَيْرَةٍ لَقْطَاتُها لم تُنْشَدِ
يُمسِي ويُصْبِحُ مُتْهِماً أَوْ مُنْجِداً / لِمعادِهِ معَ مُتْهِمٍ أَوْ مُنْجِدِ
يَرْمِي به سَهْلاً وَوَعْراً زاجِراً / بَطْنُ المِسَنِّ به كَظَهْرِ المِبْرَدِ
مُتَخَوِّفاً منه المصيرَ لِمَنْزِلٍ / مُسْتَوْبِل المَرْعَى وبيل المَوْرِدِ
ما إنْ رأى الجاني به أَعْمالَه / إِلَّا تَمَنَّى أنَّه لَم يولَدِ
حَسْبي لَهُ حُبُّ النبيِّ وآلِهِ / عِنْدَ الإِلهِ وسيلَةً لَمْ تُرْدَدِ
فإذا أجَبْتَ سؤالَهَ فِي آلِهِ / سَل تُعْطَ واسْتَمْدِد فَلاحاً تُمْدَدِ
وأْمَنْ إذا قامَ النبيُّ مَقَامَهُ ال / مَحْمُودَ في الأمرِ المُقيمِ المُقْعِدِ
وتَزَوَّدِ التَّقْوَى فإن لم تستطعْ / فمِنَ الصلاة على النبيِّ تَزَوَّدِ
صلّى عليه اللَّهُ إن صلاةَ مَنْ / صلّى عليه ذَخيرةٌ لم تَنْفَدِ
واسمَعْ مَدائحَ آلِ بيتِ المصطفى / مِنى ودونَكَ جَمْعُها في المُفرَدِ
صِنوُ النبيِّ أَخُو النبيِّ وزِيرُهُ / وَوَليُّهُ فِي كلِّ خَطْبٍ مُؤْيِدِ
جَدُّ الإِمامِ الشَّاذِليِّ المُنْتَمي / شَرَفاً إليهِ لِسَيِّدِ عَنْ سَيِّدِ
أسماؤُهم عِشْرُونَ دُونَ ثَلاثَةٍ / جاءتْ على نَسَقٍ كأحْرُفٍ أَبْجَدِ
لِعلِيّ الحَسَنُ انْتَمَى لِمُحمَّدٍ / عيسى وسِرُّ مُحَمَّدٍ في أَحْمَدِ
وَاخْتارَ بَطَّالٌ لِورْدٍ يُوشَعاً / وبِيُوسُفٍ وافَى قُصَيٌّ يَقْتَدِي
وبِحاتمٍ فُتِحَتْ سِيادَةُ هُرْمُزٍ / وغَدا تَمِيمٌ لِلْمَكَارِمِ يَهْتَدِي
وبِعَبْدِ جَبَّارِ السمواتِ انْتَضَى / لِلْفَضْلِ عبد اللَّهِ أيَّ مُهَنَّدِ
وأتَى عَليٌّ في العُلا يَتْلُوهم / فاختِمْ به سُوَرَ العُلا والسُّؤْدُدِ
أعْنِي أَبا الحَسَنِ الإِمامَ المُجْتَبَى / مِنْ هَاشِمٍ والشَّاذِليَّ المَوْلِدِ
إنَّ الإِمامَ الشَّاذِليَّ طَرِيقُهُ / فِي الفَضْلِ واضحَةٌ لِعَيْنِ المُهْتَدِي
فانْقُلْ ولوْ قَدَماً عَلَى آثارِهِ / فإذَا فَعَلْتَ فَذاكَ آخَذُ بالْيَدِ
واسْلُكْ طَرِيقَ مُحَمَّدِيِّ شَرِيعَةٍ / وَحَقِيقةٍ ومُحَمَّديِّ المَحْتِدِ
مِنْ كلِّ ناحِيَةٍ سَنَاهُ يَلوحُ مِن / مِصْبَاحِ نورِ نُبُوَّةٍ مُتَوَقِّدِ
فَتْحٌ أتى طُوفانُهُ بِمَعَارِفٍ / تَنُّورُها جُودِيُّ كلِّ مُوَحِّدِ
قد نالَ غَايَةَ ما يَرُومُ المُنْتَهِي / مِنْ رَبِّهِ وَلهُ اجتهادُ المُبْتَدِي
مُتَمَكِّنٌ في كلِّ مَشْهَدِ دَهْشَةٍ / أَوْ وَقْفَةٍ ما فَوْقَهَا مِنْ مَشْهَدِ
مَنْ لا مَقَامَ لَهُ فإنَّ كمالَهُ / لِلنَّاسِ يُرْجِعُهُ رُجُوعَ مُقَلِّدِ
قُلْ لِلْمُحَاوِلِ في الدُّنُوِّ مَقَامَهُ / ما العَبْدُ عندَ اللَّهِ كالمُتَعَبِّدِ
وَالفضلُ ليسَ يَنالُهُ مُتَوَسِّلٌ / بِتَوَرُّعٍ حَرِجٍ وَلا بِتَزَهُّدِ
إنْ قَالَ ذاكَ هُوَ الدَّوَاءُ فَقُلْ لهُ / كُحْلُ الصَّحِيحِ خِلافَ كُحْلِ الأرْمَدِ
يَمْشي المُصَرِّفُ حيثُ شَاءَ وغيْرُهُ / يمشِي بحُكْمِ الحَجْرِ حُكْمَ مُصَفَّدِ
مَنْ كانَ منكَ بمنْظَرٍ وَبِمَسْمَعٍ / أيُحَالُ منه عَلَى حدِيثٍ مُسْنَدِ
لِكِلَيْهِمَا الحُسْنَى وَإنْ لم يَسْتَوُوا / في رُتْبَةٍ فَقَد اسْتَوَوْا في الموْعِدِ
كلٌّ لِما شاء الإِلهُ مُيَسَّر / والنَّاسُ بَيْنَ مُقَرَّب وَمُشَرَّدِ
وإذَا تَحَقَّقَتِ العنايَةُ فاسْتَرِحْ / وإذَا تَخَلَّفَتِ العنايةُ فاجْهَدِ
أَفْدِي عَلِيّاً في الوجودِ وَكلُّنَا / بِوُجودِهِ مِنْ كلِّ سوءٍ نَفْتَدِي
قُطْبُ الزَّمانِ وغَوْثُهُ وإمامُهُ / عَيْنُ الوجُودِ لسانُ سِرِّ المُوجِدِ
سادَ الرِّجالَ فَقَصَّرَتْ عَنْ شَأْوِهِ / هِمَمُ المُؤَوِّبِ لِلْعُلا وَالمُسْئِدِ
فَتَلَقَّ ما يُلْقِي إليكَ فَنُطْقُهُ / نُطْقٌ بِرُوحِ القُدْسِ أَيُّ مُؤَيِّدِ
إمَّا مَرَرْتَ على مكانِ ضَرِيحِهِ / وَشَمِمْتَ رِيحَ النَّدِّ مِنْ تُرْبِ النَّدِ
وَرأيتَ أرْضاً فِي الفَلا مُخْضَرَّةً / مُخْضَلَّةً منها بِقاعُ الفَدفَدِ
والوحشُ آمِنَةٌ لَدَيهِ كَأَنَّها / حُشِرَتْ إلى حَرمٍ بأَوَّلِ مَسْجِدِ
وَوَجدْتَ تَعْظِيماً بِقَلْبِكَ لَوْ سَرَى / في جَلْمَدٍ سَجَدَ الوَرَى لِلجَلمَدِ
فَقُلِ السَّلامُ عليكَ يا بَحْرَ النَّدَى ال / طامِي ويا بَحْرَ العلومِ المُزْبِدِ
يا وارثاً بالفَرْضِ عِلْمَ نَبِيِّهِ / شَرَفاً وبالتَّعْصِيبِ غيرَ مُفَنَّدِ
الْيَوْمَ أَحْمَدُ مِنْ عَلِيٍّ وارِثٌ / حَظَّي عَلِيٍّ مِنْ وِراثَةِ أَحْمَدِ
يُعزَى الإِمامُ إلَى الإِمامِ وَيَقْتَدِي / للمُقْتَدى بِهُدَاهُ فضلُ المُقْتَدِي
وَالمَرءُ في مِيراثِهِ أتْبَاعُهُ / فاقْدِرْ إِذَنْ فضلَ النبيِّ مُحَمَّدِ
خيرِ الوَرَى صلَّى عليه اللَّه ما / صَدَعَ الأَسَى قَلْبَاً بِسَجْعِ مُغَرِّدِ
وسَرَى السُّرُورُ إلَى القلوبِ فَهَزَّها / مَسْرَى النَّسيمِ إلَى القَضيبِ الأمْلَدِ
شَوْقاً لِمُرْسِيَةٍ رَسَتْ آساسَها / بعَلِي أَبي العَبَّاسِ فَوْقَ الفَرْقَدِ
اليَوْمَ قَامَ فَتَى عَلِيٍّ بَعْدَهُ / كَيمَا يُبَلِّغَ مُرْشِداً عَنْ مُرْشِدِ
فكأَنَّ يُوشَعَ بعدَ موسى قائمٌ / بِطَرِيقِهِ المُثْلَى قِيامَ مُؤَكِّدِ
فليقصِدِ المُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلِهِ / دارَ البقاءِ مِنَ الطَّرِيقِ الأَقْصَدِ
فإذَا عزمْتَ على اتِّباعِ سَبِيلِهِ / فَاسْمَعْ كلامَ أَخِي النَّصيحَةِ ترْشُدِ
فنِظَامُ أعْمَالِ التُّقَى آدَابُها / فاصْحَب بها أهْلَ التُّقَى والسُّؤْدَدِ
وَتَجَنَّبِ التَّأْوِيلَ في أقْوالِ مَنْ / صاحَبْتَ مِنْ أهْلِ السعادَةِ تَسْعَدِ
قدْ فرَّقَ التأوِيلُ بَيْنَ مُقَرَّبٍ / يَوْمَ السُّجُودِ لآدَمٍ ومُبَعَّدِ
وَحَذارِ أنْ يَثِقَ المُرِيدُ بِنَفْسِهِ / وَاحْزِمْ فما الإِصْلاحُ شَأْنُ المُفْسِدِ
فالوَصْفُ يَبْقَى حُكْمُهُ مَع فَقْدِهِ / وَالمَرْءُ مَرْدُودٌ إذَا لَمْ يُفْقَدِ
إنَّ الضَّنِينَ بِنَفسِهِ فِي الأرضِ لا / يَلْوِي عَلَى أَحَدٍ وليسَ بمُصعِدِ
ويظُنُّ إنْ رَكَدَتْ سفينَتُهُ عَلَى / أمْوَاجِها ورِياحِها لَمْ تَرْكُدِ
فاصْحَبْ أَبا العَبَّاسِ أحمدَ آخِذاً / يَدَ عارِفٍ بِهَوَى النُّفُوسِ مُنَجِّدِ
فإذَا سَقَطْتَ عَلَى الخَبير بِدَائها / فَاصْبِرْ لِمُرِّ دَوَائِهِ وَتَجَلَّدِ
وإذَا بَلَغْتَ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ مِنْ / عِلْمَيْهِ فانْقَعْ غُلَّةَ القَلْبِ الصَّدِي
فَمَتى رَأى مُوسى الإِرادَةَ عِندَهُ / خِضرُ الحقيقةِ نَالَ أَقصى المَقصدِ
وإذَا الفَتَى خُرِقَتْ سَفِينَةُ جِدِّهِ / لَنَجَاتِهَا وجَدَ الأَسَى غيرَ الدَّدِ
وتَبَدَّلَتْ أَبَوا الغُلامِ بِقَتْلِهِ / بأبرَّ مِنهُ لِوَالِدَيْهِ وأَرْشَدِ
وَأُقِيمَ مُنْتَقَضُ الجِدارِ وَتَحْتَهُ / كَنْزُ الوُصُولِ إِلى البقاءِ السَّرْمَدِي
فلْيَهنِ جَمْعاً في الفِراقِ ووُصْلةً / مِنْ قاطِعٍ وترَقِّياً مِنْ مُخْلِدِ
مُغْرىً بِقَتْلِ النَّفْسِ عَمْداً وهْوَ لا / يُعْطَى إلى القَوَدِ القِيادَ ولا الْيَدِ
للَّهِ مَقْتُولٌ بِغَيرِ جِنايَةٍ / كَلِفٌ بِحُبِّ القاتِلِ المُتَعَمِّدِ
ما زالَ يَعْطِفُها عَلَى مَكْرُوهِها / حتَّى زَكَتْ وَصَفَتْ صفَاءَ العَسْجَدِ
وأُجِيبَ داعِيها لِرَدِّ مُشَرَّدٍ / مِنْ أمْرِها طَوْعَاً وَجمْعِ مُبَدَّدِ
لَمْ تَتْرُكِ التَّقْوَى لها مِنْ عادَةٍ / أُلِفَتْ ولا لِمَريضها مِنْ عُوَّدِ
فَلْيَهْنِ أَحْمَدَ كيمياءُ سَعَادَةٍ / صَحَّتْ فلا نارٌ عليه تَغْتَدِي
جَعَلَتْهُ لَمْ يَرَ لِلْحَقيقةِ طالباً / إِلَّا يَمُدُّ إليهِ راحَةَ مُجْتَدِي
كلٌّ يَرُوحُ بِشُرْبِ راحِ عُلُومِهِ / طَرَباً كَغُصْنِ البانَةِ المُتأَوِّدِ
ضَمنَ الوقارَ لها اعْتدالُ مِزاجِها / فَشَرَابُها لا يَنْبَغِي لِمُعَرْبِدِ
فَضَحَتْ مَعارِفُها مَعارِفَ غَيرِها / والزَّيْفُ مَفْضُوحٌ بِنَقْدِ الجَيِّدِ
كَشَفَتْ لهُ الأَسْماعُ عَنْ أَسرارِها / فإذَا الوُجُودُ لِمقْلَتَيهِ بِمَرْصَدِ
وأَرَتْهُ أسبابَ القضاء مُبِينَةً / للمستَقيمِ بِعِلْمِها وَالمُلْحِدِ
تَأبَى علُومُكَ يا فَتَى غَيْرَ التي / هيَ فَتْحُ غَيْبٍ فَتْحُهُ لَمْ يُسدَدِ
قُل لِلَّذينَ تَكلَّفوا زِيَّ التُّقى / وَتَخيَّروا لِلدَّرسِ أَلفَ مُجَلَّدِ
لا تَحْسَبُوا كُحْلَ العُيُونِ بِحِيلةٍ / إنَّ المَهَا لَمْ تَكْتَحِلْ بالإِثْمِدِ
ما النَّحْلُ ذَلَّلَتِ الهِدَايَةِ سُبْلَها / مِثْلَ الحَمِيرِ تَقُودُها لِلْمَوْرِدِ
مَنْ أَمْلَتِ التَّقْوَى عليهِ وأَنْفَقَتْ / يَدُهُ مِنَ الأَكوانِ لا مِنْ مِزْوَدِ
وأَبِيكَ ما جَمَعَ المَعالِيَ وادِعاً / جَمْعَ الأُلوفِ مِنَ الحِسابِ عَلَى اليَدِ
إلَّا أبو العبَّاسِ أَوْحَدُ عَصْرِهِ / أكْرِمْ به فِي عَصرِهِ مِنْ أَوْحَدِ
أفْنَتْهُ فِي التَّوْحِيدِ هِمَّةُ ماجِدٍ / شَذَّتْ مَقَاصِدُها عَنِ المُتَشَدِّدِ
ساحَتْ رجالٌ في القِفَارِ وإنّه / لَيَسِحُ في مَلَكُوتِ طَرْفٍ مُسْهَدِ
ولهُ سرائرُ في العُلا خَطَّارَةٌ / خَطَّارُها ورِكابُها لم تُشْدَدِ
فالمستقيم أخو الكَرَامَةِ عندَهُ / لا كلُّ مَنْ رَكِبَ الأُسودَ بأسْوَدِ
وَأجَلُّ حالِ مُعاملٍ تَبَعِيَّة / أُخِذَتْ إلى أَدَبِ المُرِيدِ بِمِقْوَدِ
فأَتى مِنَ الطُّرقِ القَرِيبِ مَنَالُها / وأتى سِواهُ مِنَ الطَّرِيقِ الأَبْعَدِ
سَيْفٌ مِنَ الأَنْصَارِ ماضٍ حَدُّهُ / فاضرِبْ بهِ في النَّائِبَاتِ وهَدِّدِ
أُثْنِي عليه بِبَاطِنٍ وبِظاهِرٍ / لا سِرَّ منه بِمُغْمَدٍ ومُجَرَّدِ
مِنْ مَعْشَرٍ نَصَرُوا النبيَّ وسابَقوا / مَعَهُ الرِّيَاحَ بِكلِّ نَهْدٍ أَجْرَدِ
وَثَنَوْا أَعِنَّتَهُمْ وقد تَرَكُوا العِدا / بالطَّعْنِ بَيْنَ مُجَدَّلٍ ومُقَدَّدِ
مِنْ كلِّ ذِمْرٍ كالصَّبَاحِ جَبِينُه / ذَرِبٌ بِخَوْضِ المُعْضِلاتِ مُعَوَّدِ
وبِكَلِّ أَسْمَرَ أَزْرَقٍ فُولاذُهُ / وبِكُلِّ أَبيضَ كالنَّجِيعِ مُوَرَّدِ
شَهِدَ النَّهَارُ لِفَاضِلٍ بمُسَدَّدِ / مِنْ رأيِه ولِطاعِنٍ بمُسَدِّدِ
وتَمَخَّضَتْ ظُلَمَ اللَّيَالِي منهمُ / عَنْ رُكَّعٍ لا يَسْأَمُونَ وسُجَّدِ
خافَ العَدُوُّ مَغِيبَهُم لِشُهُودِهِم / والموتُ يَكْمُنُ فِي الحُسامِ المُغْمَدِ
السَّاتِروا العَوْرَاتِ مِنْ قَتْلَى العِدا / يَوْمَ الحَفيظَةِ بالقَنا المُتَقَصِّدِ
والطَّاعِنُوا النَّجلاءَ يُدْخِلُ كَفَّهُ / في إثْرِها الآسي مكانَ المِرْوَدِ
سَلْ مِنْ سَلِيلِهمُ سُلوكَ سَبيلِهِمْ / يُرْشِدْكَ أحمدُ للطَّرِيقِ الأحمدِ
مُسْتَمْطِراً بَرَكاتِهِ مِنْ رَاحَةٍ / أنْدَى مِنَ الغَيثِ السَّكُوبِ وأَجْوَدِ
فَمَوَاهِبُ الرَّحْمنِ بين مُصَوَّبٍ / منها لِراجِي رحمَةٍ ومُصَعَّدِ
يا مَنْ أَمُتُّ لهُ بِحِفظِ ذِمامِهِ / وبِحُسْنِ ظنِّي فيهِ لِي مُسْتَعْبِدِي
مَوْلايَ دُونَكَ ما شَرَحْتُ بِوَزْنِهِ / وَرَوِيِّهِ قَلْبَ الكئيبِ الأكْمَدِ
فاقبَل شِهابَ الدِّينِ عُذْرَ خَرِيدَةٍ / عَذْرَاءَ تُزْرِي بالعَذَارَى النُّهَّدِ
مَعْسُولَةٍ ألفاظُها مِنْ كامِلٍ / أَبرِد حَشىً مِنْ رِيقِها بِمُبَرَّدِ
طَلَعَتْ مَجَرَّةُ فضلها بِكَواكِبٍ / دُرِّيَّةٍ مَحْفُوفَةٍ بالأَسْعدِ
رَامَ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ منها مارِدٌ / لَمَّا أتَتْكَ فَلَمْ يَجِدْ مِنْ مَقْعَدِ
مِنْ مَنْهَلٍ عَذْبٍ صَفا سلْسَالُهُ / لا مِنْ صَرىً يَشْوِي الوُجُوهَ مُصَرَّدِ
بَعَثَتْ إليكَ بها بواعِثُ خاطِرٍ / مُتَحَبِّبٍ لِجَنابِكُمْ مُتَوَدِّدِ
صادَفْتُ دُرّاً مِنْ صِفاتِكَ مُثْمَناً / فأَعَرْتُهُ منِّي صفَاتِ مُنَضِّدِ
جاءتْ تُسَائِلُكَ الأمانَ لِخائفٍ / مِنْ رِبْقَةٍ بِذُنُوبِهِ مُتَوَعِّدِ
فاضْمَنْ لها دَرْكَ المعادِ ضمانَها / بالفَوْزِ عنكَ لِسَامِعٍ وَلِمُنْشِدِ
فإذا ضَمِنْتَ لهُ فليسَ بِخائِفٍ / مِنْ مُبْرِقٍ يَوْماً ولا مِنْ مُرْعِدِ
جاهُ النبيِّ لِكُلِّ عاصٍ واسِعٌ / والفضلُ أَجدرُ باقتراحِ المُجتَدِي