من كان في المجد المُؤثَّل راغباً
من كان في المجد المُؤثَّل راغباً / فَلْيَطَّلبْه بهمّة البارودي
فخري الذي ابتكر المفاخر وأغتدى / منهنّ مفتخراً بكلّ جديد
وأبى سوى غُرِّ المَساعي إذ سعى / مُتشبِّثاً منها بكل مُفيد
وبنى له بدمشق مجداً طارفاً / من بعد مجد في دمشق تَليد
أن كان محمود الفِعال فإنه / ورِث المكارم عن أب محمود
نفع البلاد بماله وبسَعْيِه / وبحسن رأيٍ في الأمور سديد
ورأى الشَتات بها فقام مُوَحِّداً / فيها المساعيَ أيّما توحيد
ودعا الرجال بها فألَّف شِركةً / ترمي إلى غرض أغرَّ حميد
تغني البلاد بسعيها عن غيرها / وتُعيد عهد ثرائها المفقود
وتقوم بالعمل المفيد لأهلها / من نسج أردِيَة لهم وبُرود
حتى تكون عن الأجانب في غِنىً / وتعيش غير أسيرة التقليد
أو ما ترى أهل البلاد تقيّدوا / للغرب من حاجاتهم بقُيود
الغرب يكسوهم ملابس هم بها / يَعرَوْن من مال لهم ونُقود
وتراه يَسْلَخهم بمصنوعاته / سلخ الشياه فهم بغير جلود
هذي سفائنهم تروح وتغتدي / ببضائع لم تُحص بالتعديد
فكأنما هي لامتصاص دمائنا / بعض المحاجم أو كبعض الدود
حتى متى نَشْقى ليَسْعَد غيرنا / ونُذلِّل القُربى لعِزّ بعيد
ونُجانب الوطنيّ من أشيائنا / ولو أنّه من أحسن الموجود
أن البلاد لتشتكي من أهلها / وتقول قول الرازح المجهود
يا سادة الأوطان لستم سادةً / ما عِشتم من فقركم كعبيد
أفسيّد من عاش وهو لغيره / في حاجة بل ذاك عيش مَسود
أن السيادة تستدير مع الغنى / في حالتَيْ عدم له ووجود
لا يستقلّ بسيفه الشعب الذي / لا يستقلّ بنقده المنقود
من كان مَحلول العُرا في ماله / وجب انحلال لوائه المعقود
يا قومنا أنتم كغارس كرمة / وسواه منها قاطف العُنقود
كم تزرعون بأرضكم ولغيركم / مما زرعتم حَبّ كل حَصيد
فتبصّروا يا قوم في أحوالكم / وتنبَّهوا من غفلة ورقود
من شاء منكم أن يُعزَّ بلاده / فَلْيَسْعَ سعيَ مُعزّها البارودي