المجموع : 9
بمنازلِ الفُسْطاطِ حلَّ فؤادي
بمنازلِ الفُسْطاطِ حلَّ فؤادي / فارْبَعْ على عَرَصاتِهن ونادِ
يامصرُ هلْ عَرَضتْ لغصنٍ فوقهَ / قمرٌ لرَبْعِك أَوْبةٌ لِمَعاد
تَرِفٌ يُميِّله الصِّبا مَيْل الصَّبا / بقَوامِ خُوط البانة المَيّاد
أَتُرَى أَنالَ النِّيلَ بعضَ رُضابِه / فعَذُبْنَ منه مياهُ ذاك الوادي
فأَجاد منه طعمَه لكنّ ذا / يُرْوِى وذاك يَزيد كَرْبَ الصّادي
واهاً على تلك الرسوم فإنها / آثارُ أحبابي وأهلِ ودادي
فلقد أَحِنُّ لها ولَسْنَ منازلي / وأَوَدُّها شَغَفاً ولْسن بلادي
دِمنٌ لبستُ بها الشبابَ ولِمَّتِي / سَوداءُ تَرْفُل في ثياب حِداد
والعيشُ غَضٌّ والديارُ قريبةٌ / وأَبيتُ من أَملي على ميعاد
والقلبُ حيث القلبُ رَهْنٌ والظُّبا / حَدَقُ الظِّبا والغِيد قَيْدُ الغادي
شَتَّتُّ شملُ الدمعِ لما شَتَّتوا / شَمْلي وصِحْتُ به بَدادِ بَدادِ
فالآنَ تخترِقُ الدموعُ سَواكِبا / ما بينَ مثْنَى تَوْأَمٍ وفُرادِ
قانِي المَسيلِ كأنَّ فيضَ غُروبِه / فوقَ الخدود عُصارة الفِرْصاد
وعَشيةٍ أَهْدَتْ لعيِنك مَنْظرا
وعَشيةٍ أَهْدَتْ لعيِنك مَنْظرا / قَدِمَ السرورُ به لقلبك وافِدا
روضٌ كمُخْضرِّ العِذار وجَدْول / نَقَشت عليه يدُ النسيم مَباردا
والنخلُ كالهِيف الحِسانِ تَزيَّنت / فلَبِسْنَ من أثمارهن قلائدا
يا محلَّ الروحِ من جَسَدي
يا محلَّ الروحِ من جَسَدي / وحُسامي في العِدَا ويَدِي
يا أبا إسحاقَ دعوة من / لم يَرَ الشكوى إلى أحد
خذ حديثي فهْو أطيبُ من / نغمات المُسْمِع الغَرِد
يغتدى في أُذْن سامعِه / كزُلالٍ في لَهاةِ صَد
ليَ مولىً لو طلبتَ له / مُشْبِهاً في الخَلْقِ لم تجد
فهْو فردٌ في الملاحةِ إذ / حاز منها كلَّ منفردِ
قَمرٌ شمسٌ نَقاً غُصُنٌ / شادِنٌ يَفْترُّ عن بَرَدِ
رُمتُ وَصْلا منه يُخمِد ما / أَضْرمتْ عيناهُ في كبدي
فابتدَى بالمطل يُسعِفُني / في غدٍ آتِي وبعدَ غد
ففَنِي صبِري لموعده / وانقضَى في خُلْفِه جَلَدي
وأخٍ لي وهْو أَرأَفُ بي / من أبٍ بَرٍّ على وَلد
قال لما أنْ شكوتُ له / ما أُقاسيه من الكَمَد
ما الذي تختار قلت له / ائِتِه في زيِّ مُفتِقد
وتَحدثْ في سِوَى خَبَري / بالذي يُرْضيه واقتصِد
ثم عَرِّض بي كأنك في / ذكرِ حالي غيرُ مُقْتصِد
فإذا أصغَى إليك فقُل / قد جَرى منكم إلى أمد
ثم أَدَّاه رجاؤكمُ / لقياسٍ غير مُطَّردِ
فغَدا مستبدلا فرأى / ما يؤاتيه فلم يَعُدِ
فمَضَى فيما شَرَعتُ له / مستحِثا غيرَ مُتَّئِدِ
وقضى ما قد حددتُ له / ثم لم ينقص ولم يَزد
فلَها عنه مغالطةً / وحَشاهُ في لَظَى الحَرَد
فأتى في إثْرِ ساعته / قِلقا كالشادِن الشرِد
غَرَضي لو كنتَ حاضرَ ما / مرَّ من لومٍ ومن فَنَد
وعتابٍ كنتُ أحسَبُه / نَفَثاتِ السحرِ في العُقَدِ
ومَقامٍ لو تُشاهده / ظامئاتُ الخْمِس لم تَرِدِ
أسدٌ في راحَتْي رَشَأً / كرَشاً في راحَتْي أسد
لَلَثمتُ الورد ملتزِما / وتَرشَّفتُ الأَقاحَ نَدِ
فرَشادِي في الهوى سَفَهٌ / وسَفاهِي في الهوى رَشدي
أَمُعيرَ بدرِ التِّمِّ وجها والظِّبا
أَمُعيرَ بدرِ التِّمِّ وجها والظِّبا / حَدَقا وأغصانِ الرياضِ قُدودا
والمِسْكِ نَشْرا والأَقاحِ تَبسُّما / والخمرِ ريقا والشَّقيقِ خدودا
رِفْقا بمن أَسرتْ لحاظُك قلبَه / فقتيلُ سيفِ اللحظ من لا يُودَى
أقسمتُ لو كاتبتُكم
أقسمتُ لو كاتبتُكم / حَسْبَ اشتياقي واعتقادي
وفعلت ما يقضي به / أسَفِي على طول البعاد
لَكتبتُ في خدي لكم / بسواد عيني أو فؤادي
ولكان ذكركمُ يج / لُّ عَن الصَّحائِف والمِداد
لا فرقَ بينكمُ وبين فؤادي
لا فرقَ بينكمُ وبين فؤادي / في حالَتَىْ قُربِي لكمُ وبِعادي
فلَقد حَبَبْتكم على عِلاّتِكم / كمحبَّةِ الآباءِ للأَولاد
ونَزلتُمُ مني وَإنْ لم تُنصِفوا / بمَنازلِ الأرواحِ في الأجساد
ورجوتُ أن أسلو لسوء صَنيعِكم / عندي فصار ذَريعةَ لودادي
قد كنتُ أطمعُ بالخيال لو أنكم / لم ترحلوا يومَ النَّوَى برُقادي
ولذكركم في مِسْمَعىَّ لَذاذةٌ / كالماء عذبا في لَهاةِ الصّادي
مَجدٌ تَقاصرَ عن سَماهُ الفَرْقَدُ
مَجدٌ تَقاصرَ عن سَماهُ الفَرْقَدُ / وسعادةٌ أسبابها تتأكد
رُتَبٌ خُصِصْتَ بها وما صادفتها / لكنْ أَفادَكها الحِجَا والسؤدد
وسياسةٌ ورياسةٌ ونَفاسة / وتَفقُّد وتَسدُّد وتَأَيُّد
إنّ الخلافةَ ما اصْطَفَتْك لنفسها / حتى اخْتُبِرت لكلِّ أمرٍ يُحْمَد
فاشْتُقَّت الألْقابُ فيك لأنها / وصفٌ جميلٌ في صفاتٍ تُوجد
فدَعتْك بالمأمون وهْي جِبِلَّة / مما يُثَبِّتُها لديك المَوْلِد
تاج الخلافِة وهْو تاجُ فَضائلٍ / تَقْضِي الجواهرُ دُونَه والعَسْجَد
فَخْرُ الصَّنائِع أيُّ فخر صِبغه / أَبدا على طول المَدى يتجدَّد
وإذا وجيه الملك قيل فإنه / وَجْهٌ له من كلِّ فضلٍ مُسْعِد
نِعْمَ الذَّخيرةُ أنت للأمرِ الذي / يَنْحُو أميرَ المؤمنين ويَقْصِد
يُزْهَى بك التشريفُ والخِلَعُ التي / جَلَّت وجوهر طرفها المتوقِّد
ما خاب فيك دعاؤُنا ورجاؤُنا / واللهُ يَعْلم ما نقول ويَشْهَد
كم من قَريحِ القلبِ في ظُلَم الدُّجَى / ودعاؤها لك دائم يتردّدُ
وضعيفةٍ تحنو على أطفالها / فلَهم نوالُك كلَّ وقت يُورَد
ومُكرِّرِ الزَّفَرَاتِ في مِحْرابه / يَقْرأ ويركع للإله ويسجد
أوْليتَه بِرّا فأَخْلَص دعوةً / نجَحَتْ وأنت بها المَجِيد الأَسْعَد
فأبْشِرْ فهذا بعضُ ما سَتنالُه / إنّ الذي يأتِي أَجلُّ وأَرْغَد
شَمِل الورى فَضْلانِ منك ونعمةٌ / أَسْديتَها أو مِنَّةٌ تُتقلَّد
من يزرعِ المعروفَ زَرْعَك للنَّدى / لا شكَّ مثلَ حصيدِ سَعْدِك يَحْصُد
مولاىَ قد أَوْليتَ عبدَك نِعمةً / فَله عليك بها ثَناءٌ سَرْمَد
والآن قد أضحتْ حَواشِى حالِه / هُدْبا فلا تُرْفَى ولا هي تُعْقَد
فكأنني بعضُ الملائكةِ التي / لا تغتذى وكأن بيتيَ مسجد
وتكاثُرُ الأطفالِ فاقَ تَجلُّدي / لكنّني كم قَدْرُ ما أتجلَّد
فكأننا ليكائهم في مأتمٍ / طولَ الزمانِ وما لنا من نفقد
وتَعُّذر الجارى أَضَرَّ بحالهم / وأَضرَّبى وهو القليل الأنكد
هو خمسةٌ عدداً يَصِحُّ ثلاثةً / لكنْ هُمُ عَشْرٌ تَتِمُّ وأزْيَد
وتساوىُ العَدَدين عندَك هينٌ / لو شئتَه ما كان أمرا يبعُد
فاقْصِدْ مَسَرَّتَهم فتلك غنيمةٌ / فثَناؤها وثوابُها لا يَنْفَذ
قد وَجَّهوني قاصِدين وأيقنوا / أنْ سوف يفعلها الأجلُّ محمد
يا دارُ حَلَّت فيك كلُّ سعادةٍ
يا دارُ حَلَّت فيك كلُّ سعادةٍ / طولَ الزمانِ على نظامٍ واحدِ
وَحَويْتِ كل مَسَرَّةٍ وكُفيتِ ك / لَّ مَضَرَّةٍ وعَلَوْتِ كلَّ مُعانِد
وغَدتْ ببابك للنجاح بَشائر / من صادِرٍ يَلْقَى عزيمةَ وارد
وتَنافستْ في مدِح ساكِنك الوَرى / من بينِ مُثْنٍ لا يَمَلُّ وحامد
فلقد سَما فوقَ النجومِ بمثِلها / مِن زُهْرِ أفعالٍ وجَدٍّ صاعد
فإذا ابتغيْنا الفضلَ كان مَقرُّه / بيدَيْ أبى عبد الإله القائد
لم يُعْلِ شاهِنْشاهُ رتبةَ قَدْرِه / في العز إلا وهْو أَخْبَرُ ناقد
اللهُ يرفعُ في المعالي قَدْرَه / أَبدا على رغم العدو الحاسد
انظرْ فقد أَبْدَى الأَقاحِي مَبْسِما
انظرْ فقد أَبْدَى الأَقاحِي مَبْسِما / يَفترُّ ضَحْكا فوقَ قَدٍّ أَمْلَدِ
كفُصوصِ دُرٍّ لُطِّفَتْ أجرامُه / وتَنظَّمتْ من حولِ شَمْسةِ عَسْجدِ