القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دَرّاج القَسْطَلّي الكل
المجموع : 7
كُلُّ الكواكِبِ مَا طَلَعْتَ سُعُودُ
كُلُّ الكواكِبِ مَا طَلَعْتَ سُعُودُ / وإِذا سَلِمْتَ فكلُّ يومٍ عِيدُ
وَافَاكَ يومُ المِهْرَجَانِ وَبَعْدَهُ / للفِطْرُ يومٌ بالسرورِ جَديدُ
فصلٌ يُعَاوِدُ كلَّ عامٍ والنَّدَى / فِي كُلِّ حِينٍ من يَدَيْكَ يَعُودُ
إِن أَقْلَعَتْ دِيَمُ السَّحابِ فلم تَجُدْ / فسحابُ كفِّكَ مَا يزال يَجُودُ
ولَئِنْ طوى عَنَّا الربيعُ ثيابَهُ / فَربيعُ جودِكَ شاهدٌ مَشْهُودُ
لا زالت الدنيا وأَنْتَ لأهلِهَا / مولىً ونحن لرَاحَتَيْكَ عبيدُ
شَهِدَتْ لَكَ الأَعيادُ أَنَّكَ عيدُها
شَهِدَتْ لَكَ الأَعيادُ أَنَّكَ عيدُها / بكَ حَنَّ مُوحِشُها وآبَ بَعيدُها
وأَضاءَ مُظلِمُها وأَفرَخَ رَوْعُها / وأَطاعَ عاصِيها ولانَ شديدُها
وصَفَتْ لنا الدُّنيا فَشَبَّ كبيرُها / فِي إِثْرِ مَا قَدْ كَانَ شابَ وليدُها
ما كَانَ أجمدَ قَبلَ يَوْمِكَ بحرَها / فالآنَ فُجِّرَ بالنَّدى جُلْمُودُها
والرِّيحُ للإِقْبالِ تُزْجِي للمُنى / دِيَماً تَدَفَّقُ بِالحياةِ مُدُودُها
ولَقَدْ تَغِيمُ وَمَا لنا من وَدْقِها / إِلّا خواطفُ برقِها ورُعودُها
وارتاحَ بيتُكَ فِي أباطِحِ مَكَّةٍ / لمعادِ أَيامٍ دنا مَوْعُودُها
لِمواكِبٍ صَهَلَتْ إليكَ خُيولُها / وكتائِبٍ خَفَقَتْ عَلَيْكَ بُنودُها
شَغَفاً بدَعْوتِكَ الَّتِي قَدْ طالَما / عَمَرَتْ تهائِمُها بها ونُجُودُها
وأَهَلَّ مُحرِمُها ولَبَّى ركبُهَا / وتلاحَقَتْ حُجَّابُها ووفودُها
فالآنَ أنجَزَ مَوْعِدُ الدُّنيا لَنَا / ولَها وأَخْلَفَ رَوْعُها ووَعِيدُها
حينَ استَقَلَّ بكَ السَّريرُ وفَوْقَهُ / بأسُ الخلائِفِ مُنْجِبِيكَ وجُودُها
وبهاؤها وسَناؤها ووَفاؤها / وصُفُوفُها وسيوفُها وجُنودُها
وتلبَّسَتْ منك الخِلافةُ تاجَها / وتلألأتْ لَبَّاتُها وعُقودُها
أعظِم بِهَا نِعَماً وَفيتَ بشُكْرها / فَوَليُّ عهدِ المسلمينَ مزيدُها
تاليكَ تحْتازُ المدى فَيَحُوزُه / وتَؤودُ شاهِقَةَ الرُّبا فَيَؤودُها
إِنْ تَزرَع المعروفَ فهو غَمامَةٌ / أَوْ تَبدَأ النَّعْماءَ فَهوَ مُعيدُها
تستفتِحُ السَّرَّاءَ وَهْوَ يُسيرُها / وتُشَيِّدُ العَلياءَ وَهوَ يَشِيدُها
وإِذا ازدَهَتْكَ من المحامِدِ زَهْرَةٌ / فِي رَوْضَةٍ غَنَّاءَ فهو يَرُودُها
وإِذا تَقَحَّمَتِ العُداةُ مَوارِداً / فَلَنِعْمَ طَعَّانُ الكُماةِ يَذُودُها
فطَرَتْهُ من قُطْبِ النجومِ وِلادةٌ / وكَلَتْ إِلَيْهِ الخيلَ فهو يقودُها
واختصَّهُ بدْرُ السَّماءِ بنِسبَةٍ / حَكَمَتْ عَلَى السَّادَاتِ أنْ سَيسُودُها
وسَرَتْ إِلَيْهِ من يَدَيْكَ شَمَائِلٌ / أَغرَتْهُ بالآفاقِ فهوَ يَجُودُها
وكَسوْتَهُ ثَوْبَيْ وَغىً ورياسةٍ / زُهِيَتْ عَلَيْهِ سُيُوفُها وبُرُودُها
أَيَّامَ أزهَرَتِ البلادُ كواكِباً / بقبابِ جُندِكَ والرَّجاءُ عَبيدُها
حِجَجاً ثلاثاً مَا تَأَنَّسَ حَضْرُها / شوقاً إليكَ ولا تَوَحَّشَ بيدُها
وسُرادِقُ النصرِ العزيز عَلَيْكُمَا / مرفوعُ أَرْوِقةِ الهُدى مَمْدُودُها
حَتَّى ارتقَيْتَ من المنابِرِ رُتْبَةً / غَرَّتْ بِهَا غُرُّ الرجال وَصِيدُها
فِي قُبَّةِ المُلك الَّذِي صِنْهَاجَةٌ / و زِنَانَةٌ أَطنابُها وعَمودُها
وسَراتُها ودُعاتُها ورُعاتُها / وبُناتُها وحُماتُها وأُسودُها
هُمْ نَوَّرُوا لَكَ ليلَ كلِّ مُضِلَّةٍ / سُمْراً وبيضاً مَا تَجفُّ غُمُودُها
نُورٌ لِمَنْ وَالاكَ فَهْيَ وَقِيدُهُ / أَوْ نارُ مَنْ عاداكَ فهوَ وَقُودُها
أَذْهَلْتَهَا بِعُلاكَ عَمَّا أَوْرَثَتْ / من مُلكِها آباؤُهَا وجدُودُها
وتَعوَّضَتْ بذَرَاكَ من أَوْطانِها / أُمْنيَّةً حَسْبُ النُّفُوسِ وُجُودُها
صَدَقَتْكَ أَيَّامَ النِّزَالِ سُيُوفُها / ضَرْباً وَفِي يوم النِّفارِ عُهودُها
في ساعَةٍ مقطوعةٍ أَرْحامُها / لا البِرُّ شاهِدُها ولا مَشْهُودُها
يومٌ أُذِلَّ كِرامُهُ لِلئامِهِ / وَسَطَت بأحرارِ الملوكِ عبيدُها
وتوَاكَلَتْ أَبطالُها فِي كُرْبةٍ / أعيَتْ بِهَا سادَاتُها ومَسودُها
لا يَهْتَدِي سَمْتَ النَّجاةِ دَليلُها / دَهَشاً ولا وجه السَّدادِ سديدُها
حَتَّى طَلَعْتَ لَهُم بأسعدِ غرَّةٍ / طَلَعَتْ عَلَيْهِم فِي السَّماء سُعودُها
فَتَنَسَّمُوا نَفَسَ الحياةِ لأَنْفُسٍ / قَدْ حانَ من حَوْضِ الحِمام وُرُودُها
وتبيَّنَ الغيَّ المُبيرَ غَوِيُّها / وارتاحَ للرُّشْدِ المبينِ رَشيدُها
وتبادَرُوا يُمْنى يَدَيْكَ ببَيعَةٍ / يَبلى الزمانُ ويَستجدُّ جديدُها
يَدُ رَبِّهِمْ فِيهَا عَلَى أيديهِمُ / والكاتِبُونَ الحافظونَ شُهُودُها
أَوْفَوْا بِهَا فوفَتْ بأُلْفَةِ شملِهِمْ / فِي دولةٍ مستقبَلٍ تأْييدُها
ضَمِنَتْ لَهُم أَلّا تُسَلَّ سُيُوفُها / فِي مَعْرَكٍ حَتَّى تُسَلَّ حُقودُها
وسَقَتْهُمُ بكُؤوسِ عَطفٍ أَخْمدَتْ / منهم ذُحُولاً لا يُرَامُ خُمودُها
فَبِسَلْمِها أَصْفى السلامَ أَبيُّها / وبأمنِها أَلِفَ العُيونَ هُجودُها
وتصافَحُوا بعْدَ السيوفِ بأوجُهٍ / مُتقارِضٍ مَوْدودها ووَدُودُها
هي دعوةٌ بسيوفِهِمْ تثبيتُها / فِي بَيعَةٍ أَيْمانُهُمْ توكيدُها
ومعالِمٌ لشريعةٍ بجِهادِهِمْ / وجيادِهم وجِلادِهم توطيدُها
أَن جاهدوا فِي الله حقَّ جهادِهِ / وَعَلَى النُّفُوسِ لِرَبِّها مجهودُها
لِيزيدَ عزَّاً بالجهادِ عزيزُها / ويزيدَ سَعداً باليقِينِ سَعيدُها
حَلَفُوا بربِّهِمُ لعقد خلافَةٍ / أَوْصَاهُمُ أَلّا تُحَلَّ عقودُها
وبها اسْتَقَادَ لهم مُلُوكَ عُدَاتِهِمْ / وعنَا لهم جَبَّارُها وَعنيدُها
واستَوْدَعُوا جنبَيْ شَرَنْبَةَ وَقعَةً / هدَّ الجبالَ الراسياتِ وَئيدُها
دلَفوا إِلَى شَهباءَ حان حَصادُها / بظُبىً رُؤوسُ الدَّارعين حَصيدُها
وشِعابُ قَنتيشٍ وَقَدْ حَشَرَتْ لَهُمْ / أُممٌ بُغاةٌ لا يُكتُّ عديدُها
فكأنَّمَا مَرِضَتْ قلوبُهُمُ لَهُمْ / غِلّاً فجاؤوا بالرِّماحِ تَعودُها
ترَكُوا بِهَا ظَهْرَ الصَّعيدِ وَقَدْ غَدا / بطناً وأَجسادُ الغُواةِ صعيدُها
وكَتائِبُ الإِفْرَنج إِذ كادَتْكَ فِي / أَشياعِها والله عنكَ يكِيدُها
بسوابحٍ فِي لُجِّ بحرِ سَوابِغٍ / فاضتْ عَلَى الأَرض الفضاءِ مُدُودُها
ولقد أَضافُوا نسرَها وغُرابَها / وقِراهُما طاغوتُها وعَميدُها
شِلْوٌ لأَرْمَنْقُورها حُشِرَتْ بِهِ / للزَّحفِ ثُمَّ إِلَى الجَحيمِ حُشُودُها
ودَنَتْ لَهَا فِي آرُ تَحْتَ صَوارِمٍ / وَرِيَتْ بعزِّ المسلمينَ زُنودُها
من بعْدِ مَا قَصفُوا الرِّماحَ وأصلَتُوا / بيضاً يُشيِّعُ حدَّها توحيدُها
فكأَنَّما رُفِعتْ لَهَا صُلبانُها / فِي ظِلِّ هَبوَتِها فَحَانَ سُجُودُها
وبِجانِب الغَرْبيِّ إِذْ أَقْدَمتَها / شَعثاءَ بُشِّرَ بالفُتُوحِ شهيدُها
ضَرَبُوا عَلَى الأُخدودِ هامَ حُماتِهِ / حَتَّى عَبَرْتَ وجِسرُهُنَ خُدودُها
في وَقعةٍ قامت بعُذرِ سيوفِهِمْ / لَوْ ذابَ من حَرِّ الجِلادِ حديدُها
ويضيقُ فِيهَا العُذْرُ عن خَطِيَّةٍ / سمراءَ لَمْ يُورِقْ بكفِّكَ عُودُها
فبِها رأَينا العزَّ حَيْثُ تودُّه / وسوابِغَ النَّعماءِ حَيْثُ تريدُها
إِلّا كرائِمَ من كرائِمكَ الَّتِي / بكَ كُرِّمَتْ أخطارُها وجُدُودُها
ذُعِرتْ بحُكمِ الجاهليَّةِ أَن ترى / قَدْ دُسَّ فِي تُرْبِ الثَّرى مَوْؤُودُها
أَن مَلَّكتْ مَنْ فِي يديهِ مَماتُها / ونأت عَلَى مَن فِي يَديهِ خُلودُها
فاقبلْ فقد ساقَتْ إليكَ مُهورَها / أَكْفاءُ حمدٍ لا يُذَمُّ حميدُها
بدْعاً من النظمِ النفيسِ تَشابَهَت / فِيهَا الجواهِرُ دُرُّها وفَريدُها
وَلتَهْنِنا أَيَّامُ عِزٍّ كُلُّها / عِيدٌ وأنتَ لِمن أَطاعكَ عِيدُها
ولقَد يَحولُ عَلَى وَلِيِّكَ حُوْلُها / فِي مُشفِقِ الأَهْلِينَ وَهْوَ فَقِيدُها
إِن يَطرُقِ الأَوطانَ فهو أَسِيرُها / أَوْ يُشعِرِ الأَعْدَاءَ فهو طريدُها
لا حُرْمَةُ الرحمنِ ناهيةٌ وَلا / معلومُ أَيَّامٍ ولا مَعدُودُها
عن مُسْلمٍ ضَحَّى بِهِ غاوٍ وَعَن / نَفْسٍ حرامٍ والعُداة تَصيدُها
قد عَانَدُوا الرَّحمنَ فِي حُرُمَاتِهِ / أن تُعتدى فِي المُسْلِمينَ حُدودُها
بيضُ السُّيوفِ عَليَّ فيكَ حِدَادُها / مُتَوَقِّدُ الأَكبادِ نحوِيَ سُودُها
هذا جَنايَ وغارَةٌ مشهودةٌ / عَدَلَتْ بِحُبِّ المُسْتَعينِ شُهُودُها
وكَفاكَ من نَفْسٍ كَفَيْتَ رَجاءها / ذُخراً فَهانَ طَريفُها وتَليدُها
كَانَتْ وَحيدةَ دَهرِها من نَكْبَةٍ / مَنْكوبُها فذُّ الدهورِ وحيدُها
وَلَئِنْ أَجَدَّ ليَ الحَسودُ نَفاسةً / أَن قَدْ دَعاكَ لِنِعمةٍ تَجديدُها
فأنا الَّذِي لَمْ تُغضِ عيْنُ الدَّهْرِ عن / نُعمى ولا نُقمى يَنامُ حَسودُها
وَلِذَاكَ فِي عُنُقي مُوَثَّقُ غُلِّها / باقٍ وَفِي القَدَمين بعدُ قُيُودُها
كَمْ أَستَطِيلُ تَضَلُّلِي وتَلَدُّدِي
كَمْ أَستَطِيلُ تَضَلُّلِي وتَلَدُّدِي / وأرُوحُ فِي ظُلْمِ الخطوبِ وأَغْتَدي
والأَرضُ مُشرِقَةٌ بنورَيْ ربِّها / والفجرُ مُنبَلِجٌ لِعَيْنِ المُهتدي
بأَغَرَّ من بيتِ النُّبوَّةِ والهُدى / كالبدرِ من وَلَدِ النَّبيِّ مُحَمَّدِ
القاسِمِ المقسومِ راحَةَ كَفِّهِ / فِي بَسطِ معروفٍ وقَبضِ مُهَنَّدِ
الهاشِمِيِّ الطَّالِبيِّ الفاطِمِي / يِ الوَارِثِ العَليا بأَعْلى قُعدُدِ
أَهْدى إِلَى الدنيا عَليٌّ هَدْيَهُ / فِي طَيِّ أَرْدِيَةِ النُّهى والسُّؤْدَدِ
حتى تَجَلَّى للمكارِمِ والعُلا / بَدْراً تَنَقَّلَ فِي بُرُوجِ الأَسْعُدِ
مُتَقَدِّماً من مَشرِقٍ فِي مَشرِقٍ / مُتَنَقِّلاً من سيِّدٍ فِي سَيِّدِ
من كُلِّ رُوحٍ بالعَفافِ مقدَّسٍ / فِي كُلِّ جِسمٍ بالسَّناءِ مُقلَّدُ
بَعُدُوا عنِ الرِّجْسِ الذَّمِيمِ وطُهِّرُوا / فِي مَنشَأٍ للمُنْجِبِينَ ومَوْلِدِ
ولَرُبَّ موجودٍ ولَمَّا يُوجَدِ / منهُمْ ومفقودٍ كَأَنْ لَمْ يُفْقَدِ
ما بُشِّرُوا بالفَوْزِ حَتَّى بُشِّرُوا / بِأَبَرِّ مَنْ خَلَفَ الجُدُودَ وأَمْجَدِ
لَهمُ زكِيُّ صَلاتِنا ودُعاؤُنا / فِي كلِّ خُطبةِ مِنبرٍ وتَشهُّدِ
ومكانُهُم من قلبِ كُلِّ كَتيبةٍ / كمكانِهِمْ من قلبِ كُلِّ مُوَحِّدِ
هُمْ أَنجبوكَ لسانَ صدقٍ عَنهُمُ / فَرعاً يطيبُ لنا بطيبِ المَحْتِدِ
وهُمُ رَضُوكَ لكلِّ خطبٍ فادحٍ / واستخلفوكَ لكلِّ غاوٍ مُعتَدِ
ولصوتِ داعٍ بالصَّرِيخِ مُثَوِّبٍ / ولِفَكِّ عانٍ بالخطوبِ مُقيَّدِ
مَلَكٌ تَشاكَهَ جُودُهُ وجَوادُهُ / إِن كَرَّ نحوَ مُبارِزٍ أَوْ مُجْتَدِ
أَعْيا عَليَّ أَهَادِياتُ جِيادِهِ / فِي الرَّوْعِ أَهْدى أَمْ نداه فِي النَّدي
لا الفارِسُ الأَقصى بمُعجِزِهِ ولا / جَدْواهُ للأَدنَيْن دونَ الأَبْعَدِ
سيفُ الخِلافَةِ فِي العِدى وأَمينُها / دونَ الغُيوبِ وزَيْنُها فِي المَشْهَدِ
يُبلي جَوَانِحَها بنفسِ مخاطِرٍ / ويُنيمُ أَعيُنَها بعَيْنِ مُسَهَّدِ
جَهِدَ الكرامُ وَمَا دَنَوْا من غايَةٍ / أَحرزْتَها متأَنِّياً لَمْ تَجهدِ
بِكَ أُخْمِدَتْ نيرانُها من فتنَةٍ / لولاكَ يَا ابْنَ نَبيِّنا لَمْ تُخْمَدِ
مَنْ ذا سِوَاكَ إِذَا الرجالُ تدافعوا / رَأْياً يُؤَلِّفُها برأْيٍ أَوْحَدِ
وإِذا الصَّوارِمُ جُرِّدَتْ فِي فتنةٍ / عَمْياءَ تُغْمِدُها بسيفٍ مُغمَدِ
ولرُبَّ مُشعَلةِ الرِّماحِ كَفَفْتها / عَفواً وَمَا زَعْزَعْتَ حَبوَةَ مُرتَدِ
يا مَنْ إِذَا عَلِقَتْ يَدِي بيَمينِهِ / فالكاشِحونَ أَقَلُّ مَا مَلَكتْ يَدي
وإِذا عَقَلْتُ رَواحِلي بفنائِهِ / فقد اقتَضَيْتُ ضَمانَ يومِي عن غدِ
وَعَدَتْنِيَ الدُّنيا شقيقَك مفزَعاً / من سُوءِ عادِيةِ الزَّمانِ الأَنكَدِ
وكَفى بِبِشرِكَ لي بَشيراً بالمُنى / وقبولِ وَجْهِك مُنجِزاً للمَوْعِدِ
يا ابْنَ الشفِيعِ بنا وأَكْرَمَ أُسْوَةٍ / لِلمُقتَدِينَ وأَنتَ أَجْدَرُ مُقتَدِ
امدُدْ يَمينكَ شافِعاً ومُشَفَّعاً / تَحُزِ الثَّناءَ مُخلَّداً بمُخلَّدِ
يا ابْنَ الوَصِيِّ عليَّ أَوْصِ سَمِيَّهُ / أَلّا يضيعَ سَمِيُّ جَدِّكَ أَحْمَدِ
يا صَفْوَةَ الحَسَنَيْنِ كَمْ قَدْ أَحْسَنا / إِصغاءَ وُدِّ النازِحِ المتَودِّدِ
يَا أَيُّهَا القَمرانِ أَيْنَ سَناكُمَا / عن مُطبِقٍ فِي ليلِ هَمٍّ أَسْوَدِ
يَا أَيُّهَا الغيثانِ هلْ لكما إِلَى / روضِ النُّهى والعِلْمِ فِي التُّرْبِ الصَّدِي
يا فرقَدَيْ قُطْبِ الخلافَةِ جَهِّزا / مُهْدِي السَّلامِ لفَرْقَدٍ من فَرْقَدِ
فَلأَجْعَلَنَّ ثناءَ مَا أَوْلَيْتُما / زاداً لكُلِّ مكَوِّفٍ أَوْ مُنجِدِ
حَتَّى يُسَمَّعَ طِيب مَا أُثني بِهِ / قَبْرٌ بطَيبةَ أَوْ بِصَحْنِ المَسجِدِ
وإِذا وردنا حوضَ جدِّك فاستمعْ / وأَبوكَ يَسقِي للرَّواءِ السَّرْمَدِ
شُكْر الَّذِي أَرْحَبتُما من منزِلي / وثناءَ مَا رَفَّهتُما من مَوْرِدِ
فِي سِتَّةٍ ضَعُفُوا وضُعِّفَ عَدُّهُمْ / حَمْلاً لمبهورِ الفُؤَادِ مُبَلَّدِ
شدَّ الجلاءُ رِحالُهُم فتَحَمَّلتْ / أَفلاذَ قلبٍ بالهُمُومِ مُبَدّدِ
وَحَدَتْ بِهِمْ صَعَقَاتُ رَوْعٍ شَرَّدَتْ / أَوْطانَهُمْ فِي الأرضِ كُلَّ مُشَرَّدِ
لا ذَاتُ خِدْرِهمُ يُرَامُ لِوَجْهِهَا / كِنٌّ ولا ذو مَهْدِهمْ بمُمَهَّدِ
عاذُوا بلَمْعِ الآلِ فِي مَدِّ الضُّحى / مِنْ بَعدِ ظِلٍّ فِي القُصورِ مُمَدَّدِ
ورَضُوا لباسَ الجُودِ يَنْهَكُ مِنهُمُ / بِالبُؤْسِ أَبشارَ النَّعِيمِ الأَرْغَدِ
واستَوْطَنُوا فَزَعاً إِلَى بَحرِ النَّدى / أَهْوَالَ بَحْرٍ ذي غَوَارِبَ مُزْبِدِ
من كُلِّ عارٍ بالتَّجَمُّلِ مُكتَسٍ / ومُزَوَّدٍ بالصَّبْر غيرِ مُزَوَّدِ
ولَنِعْمَ جَبْرُ الفَقْرِ من بَعدِ الغِنى / والذُّلِّ بَعدَ العِزّ آلُ مُحَمَّدِ
الشمسُ شاهِدَةٌ وإِنْ تَكُ وَاحِدَهُ
الشمسُ شاهِدَةٌ وإِنْ تَكُ وَاحِدَهُ / فشهادَةُ الإِقْرارِ أَعدلُ شاهِدَهْ
عَرَفَتْكَ فاعترفَتْ بأَنَّكَ واحِدٌ / فينا كَمَا هِيَ في الكواكِبِ واحِدَهْ
فَغَدَوْتُمَا صِنْوَيْنِ إِنْ يُبْعِدْهُما / نأْيُ الدِّيارِ فما الصِّفَاتُ مُبَاعِدَهْ
متناسِبَيْنِ إِلَى أُخُوَّةِ فِطْرَةٍ / لَيْسَتْ لَهَا فِطَرُ العقولِ بجاحِدَهْ
متقاسِمَيْ خُطَطِ العُلا لا حاسِداً / فَضْلاً عَلَيْهِ لَهَا ولا هِيَ حاسِدَهْ
إِن راقَ حاجِبُها فَيَحْيى حاجِبٌ / وَرِثَ الحجابَةَ والرِّياسَةَ والِدَهْ
أَوْ تَجْلُ راكِدَةَ الدُّجى فلكَمْ جَلا / يَحْيَى بِهَا ظُلَمَ الخطوبِ الرَّاكِدَهْ
أَوْ تَمْحُ نورَ النَّيِّراتِ فكم عفا / نُورَ الضَّلالِ رُسُومَهُ ومَعاهِدَهْ
أَوْ تَهْوِ في فَلَكِ البروجِ فكمْ هَوى / بالسَّيْفِ يضربُ قِرْنَهُ ومُعانِدَهْ
أَوْ تَشْفِ فِي كَبِدِ السَّماءِ فكم شفى / كَبِداً لأَوجالِ الهمومِ مُكابِدَهْ
ولَربما احْتَجَبَتْ لَنَا شمسُ الضُّحى / فِي دَجْنِ بارِقَةِ السَّحابِ الرَّاعِدهْ
فَسَحابُكَ الرَّهَجُ المثارُ من الوغى / وبروقُكَ الهنديَّةُ المتجالِدَهْ
وإِذَا تناهَتْ فِي عُلُوِّ بروجِها / بالسَّعْدِ بادِئَةً إِلَيْكَ وعائِدَهْ
فلَكَ العوالي يَا مُظَفَّرُ أَسعُدٌ / ولكَ المراتِبُ فِي العُلُوِّ الصَّاعِدَهْ
والشمس زائِلَةٌ وعهدُكَ ثابتٌ / وتغيبُ عنكَ ومأَثُرَاتُكَ شاهِدَهْ
تتَناسَخُ الأَزْمانُ من آياتِها / سُوَراً تخلِّدُها القرونُ الخالدَهْ
وورِثْتَ عنها يَا مُظَفَّرُ دَوْلَةً / دانَتْ لِعِزَّتِها الملوكُ العانِدَهْ
مُلْكاً رفعْتَ عَلَى القَنا شُرُفاتِهِ / وجعَلْتَ حِلْمَكَ أُسَّهُ وقواعِدَهْ
فَمَلأْتَ أَحناءَ الصُّدورِ محبَّةً / وسَلَلْتَ أَحقادَ القلوبِ الحاقِدَهْ
ووفَيْتَ للدُّنيا بعهدِ مكارِمٍ / سَقَتِ البلادَ عِهادُها المتعاهِدَهْ
شِيَماً عَمِدْتَ بِهَا عُلاكَ فَأَصْبَحَتْ / عَمَداً لَهَا فَوْقَ الخلائِقِ عامِدَهْ
وتركْتَها فِي كُلِّ أُفْقٍ نازِحٍ / موجودَةً ولكُلِّ حَمْدٍ واجِدَهْ
فبِها وسِعْتَ الأَمْنَ أُمَّةَ فِتْنَةٍ / نَعِمَتْ بعَطْفِكَ فِي الظِّلالِ البارِدَهْ
وبها أَنَمْتَ جفونَ عينٍ ساهِدَهْ / وبها ذَعَرْتَ جفونَ عَيْنٍ هاجِدَهْ
وبها أَهَلَّ إِلَيْكَ أملاكُ العِدى / تدعوكَ من أَقطارِها المُتباعِدَهْ
من عائِذٍ بِكَ منكَ باتَ يَؤُزُّهُ / رَوْعٌ تذوبُ لَهُ الصَّخُورُ الجامِدَهْ
أَوْ نازِعٍ فزِعٍ إِلَيْكَ حياتهُ / من حَيَّةٍ فِي قَلْبِهِ لكَ راصِدَهْ
أَو غُرَّةٍ جُعِلَتْ لِسَيْفِكَ غرَّةً / إِن لَمْ تَخِرَّ إِلَى جَبينِكَ ساجدَهْ
ولِمِثْلِها قادَ ابنُ شَنْجٍ نَفَسَهُ / وجُنودَهُ فِي طاعَةٍ لَكَ قائِدَهْ
يرتادُ روضاً من رِضاكَ وَلَمْ يَجِدْ / إِلّا هداياهُ إِليها رائدَهْ
فَغَدا يُكايِدُ عن كَرَائِمِ ذُخْرِهِ / نفساً لَهُ عن بَذْلِهِنَّ مُكايِدَهْ
حَتَّى اصطفى لَكَ من صَوَافِنِ خَيْلِهِ / عِلْقاً لَهُ لَمْ يَدَّخِرْكَ فوائِدَهْ
خيلاً تُصادُ بِهَا الظِّباءُ وفَوْقَها / فرسانُها أَشْباهُ مَا هِيَ صائدَهْ
حَتَّى إِذَا أَدْناهُ إِذْنُكَ أَقبلَتْ / تهفُو بِهِ أَنفاسُهُ المُتَصَاعِدَهْ
سَمْحاً بأَنْ أَعطى يَدَيْكَ قيادَهُ / لَهِجاً بأَنْ أَلقى إِلَيْكَ مقالِدَهْ
وَرَأَى فرائِصَهُ لِسيفِكَ فُرْصَةً / وفؤادَهُ لسنانِ رُمْحِكَ فائِدَهْ
فَدَنا بِهِ زَمَعُ الرَّجاءِ كَأَنَّما / أَحشاؤهُ عَزَماتُهُ المُتفاقِدَهْ
لا ثَغْرَ دُونَكَ غَيْرَ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ / إِلّا رجاءَ عوائِدٍ لَكَ عائِدَهْ
ولقد لَبِسْتَ إِلَيْهِ من حُللِ الهُدى / نوراً ثَنى نارَ الضَّلالَةِ خامِدَهْ
ومَلأْتَ عينَيْهِ بما مَلأَ المَلا / أُسْداً لأَقرانِ الحُتوفِ مُساوِدَهْ
رَمَقُوا صفوفَ جنودِهِ من فَرْسَخٍ / فأَرَتْكَ إِجفالَ النَّعامِ الشَّارِدَهْ
حَتَّى بَسَطْتَ لخاضِعٍ ومُقَبِّلٍ / كفّاً لسيفِ البأْسِ عنهُمْ غامِدَهْ
فَدَنَوْا يَرَوْنَ الأرضَ مائِدَةً بِهِمْ / ذُعْراً وَوَشْكاً مَا رأَوْها مائِدَهْ
خِصْباً لَهُمْ بالنُّزْلِ أُرغِدَ أُكْلُها / للمعتَفِينَ وللجنودِ الوافِدَهْ
وموارِدٌ حَطَّ ابْنُ شَنْجَ رِحالَهُ / ورجالَهُ فِيهَا مَحَطَّ الوارِدَهْ
صُنْعاً لمن أَحْيا بدولَتِكَ الورى / فَسَقى بيُمْنِكَ كُلَّ أرضٍ هامِدَهْ
فاسْلَمْ ولا زالَتْ قُصورُكَ للمُنى / مقصودَةً وسِهامُ عزمِكَ قاصِدَهْ
تُصْمِي بِسَعْيِكَ كُلَّ أَنْفٍ شامِخٍ / قَهْراً وتَفْقَأُ كُلَّ عينٍ حاسِدَهْ
واسْلَمْ وَلا نَقَصَتْ لِدَهْرِكَ ساعَةٌ / إِلّا وكانت فِي بقائِكَ زَائِدَهْ
طاعَتْ لَكَ الأَحرارُ باستعبادِها
طاعَتْ لَكَ الأَحرارُ باستعبادِها / وأَباحَتِ الأَملاكُ صَعْبَ قِيادِها
فلأَخْمَصَيْكَ اليومَ حُرُّ وُجُوهِها / ولوَطْءِ خيلِكَ أَمْسِ حُرُّ بِلادِها
ما زِلْتَ تخطْبُ بالظُّبى أَرواحَها / حَتَّى أَتَتْكَ بِهِنَّ فِي أَجسادِها
وتُحَمِّلُ الخَطِّيَّ أَرْؤُسَها فقد / جاءَتْكَ تحملُها عَلَى أَكْتادِها
من بعدِ مَا قَدْ رُعْتَها بعزائِمٍ / هُدَّتْ لَهُنَّ الشُّمُّ من أَطوادِها
وخَلَتْ متونُ الخيلِ من أَبطالِها / ومرابِضُ الآجامِ من آسادِها
ومشاهِدُ البِيعاتِ من عُمَّارِها / ومعالِقُ الصُّلْبانِ من عُبَّادِها
حَتَّى تلافَتْ منكَ باستسلامِهِ / مَا كَانَ أَعْجَزَها بِحَرِّ جِلادِها
ورَمى ابْنُ شَنْج إِلَيْكَ نَفْس مُحَكِّمٍ / نَهَجَ الخضوعُ لَهَا سبِيلَ رَشادِها
مُسْتَعْطِفاً لحُشاشَةٍ من مُلْكِهِ / وثُمالَةٍ قَدْ آذَنَتْ بنفادِها
فاسْتَنْقَذَتْهُ منكَ عودَةُ مُنْعِمٍ / قامت لمهجَتِهِ مقامَ مَعادِها
وثَنى نواجِذَهُ وفِلْذَةَ كِبْدِهِ / شَفَقاً وناظِرَ عَيْنِهِ وسوادِها
فسما يخُوضُ إِلَيْكَ بَحْرَ كتائِبٍ / ضاقَتْ جنودُ الأَرضِ عن أَجسادِها
في سابِغاتِ دُرُوعِها ومُثَقَّفا / تِ رِماحِها ومُسَوَّماتِ جِيادِها
نِيطَتْ نجومُ السَّعْدِ مِنْ أَعلامِها / وغَدَتْ جنودُ النَّصرِ من أَمْدادِها
غازٍ لعَطْفِ العامِرِيِّ مجاهِدٌ / فِي طاعَةِ المنصورِ حَقَّ جِهادِها
مستنجِدٌ منه مَذَلَّةَ خاضِعٍ / غَنِمَ الحياةَ أَبُوهُ باستِنْجادِها
فَحَمَتْهُ طاعتُكَ الَّتِي لَوْ خانَها / طارَتْ إِلَيْهِ البِيضُ من أَغمادِها
حَتَّى أَناخَ بعَقْوَةِ المَلِكِ الَّتِي / قَدْ حَلَّقَ العَيُّوقُ دُونَ وِهادِها
ومليكِ قَحْطانَ الَّذِي وَكَلَتْ بِهِ / إِحياءَ مَفْخَرِها ورَفْعَ عِمادِها
صَفْوِ الملوكِ الصِّيدِ من أَذْوائِها / وسُلالَةِ العُظَماءِ من أَمجادِها
وسَنِيِّها وعَلِيِّها وزَكيِّها / وحليمِها وكريمِها وجوادِها
فاسلَمْ لِعِزِّ الدينِ والدنيا الَّتِي / أَصْبَحْتَ أَنْفَسَ ذُخْرِها وعَتادِها
حَتَّى تُؤَدِّيَ شكرَ سَعْيِكَ أُمَّةٌ / وَطَّأْتَ فِي نُعْماكَ خَفْضَ مِهادِها
خُضْتَ المهالِكَ دونَ صَفْوِ حَياتِها / وَهَجَرْتَ غَمْضَكَ عن لذيذِ رُقادِها
بلَغَتْ سِجالُكَ مُنْتَهى رَغَباتِها / وتجاوَزَتْ نُعماكَ شَأْوَ مُرَادِها
واللهُ يشهدُ أَنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي / نفْساً رجاؤُكَ فِي صَميمِ فؤادِها
لَوْ قارَعَتْ عنكَ الخلائِقِ كلَّها / غَلَبَتْ عَلَيْكَ بشكرِها ووِدادِها
أَهلاً بمن نَصَرَ الإِلهُ وأَيَّدَا
أَهلاً بمن نَصَرَ الإِلهُ وأَيَّدَا / وحمى من الإِشراكِ أُمَّةَ أَحْمَدَا
وسَخا لأَطرافِ الرِّماحِ بنفسِهِ / شُحَّاً وإِشفاقاً عل دينِ الهُدى
وبمَنْ حَمى التوحيدَ مِمَّنْ سامَهُ / خَسْفاً فأَصبَحَ فِي المعالِي أَوْحَدَا
حَتَّى أَعادَ الدِّينَ أَبيضَ مُشْرِقاً / بسيوفِهِ والكُفْرَ أدْهَمَ أَسْوَدَا
بَسَطَ الإِلهُ بِسَيْفِهِ وبرُمْحِهِ / ظِلّاً عَلَى الدِّينِ الحنيفِ مُمَدَّدا
بمكارِمٍ شهدَتْ عَلَيْهِ بأَنَّهُ / أَنْدى الورى كَفَّاً وأَطيَبُ مَحْتِدا
وشمائِلٍ لَوْ شامَ رَهْبَةَ سَيْفِهِ / لَغَدا لِرِقَّتِها الورى مُسْتَعْبَدَا
من أَحرَزَ الغاياتِ أَدْنى شأْوِهِ / حَتَّى تقاصَرَ عن مساعِيهِ المَدى
وسطا عَلَى الأَعداءِ حَتَّى لاغتدَتْ / عَنْقَاءُ مُغْرِبُ فِي البلادِ منَ العِدى
بعزائِمٍ فِي الرَّوْعِ قحطانِيَّةٍ / تركَتْ ديارَ الشِّرْكِ قاعاً فَدْفَدَا
يا حاجِباً وَرِثَ الرِّياسَةَ والعُلا / والملكَ والإِعظامَ أَمْجَدَ أمْجَدَا
والقائِدَ الميمونَ والقمرَ الَّذِي / يجلُو بغُرَّتِهِ الظلامَ إِذَا بَدَا
والأَزْهَرَ الوضَّاحَ والمَلِكَ الَّذِي / لبِسَ الندى والبأْسَ ثَوْباً وارتدى
إِنْ يُكْنَ عن بعضِ النجومِ بأَسْعُدٍ / فلقد تَجَلَّتْ كُلُّها لَكَ أَسْعُدَا
فَخْراً لمصدرِكَ الَّذِي لَمْ يَتَّرِكْ / لِظُبَى الصوارِمِ فِي الأَعاجِمِ مَوْرِدا
للهِ فِي الإِشراكِ منك وقائعٌ / أَرْبَتْ عَلَى حَرْبِ الذَّنائِبِ مَشْهَدَا
لا مثْلَ بَرْبَدِّيل يوم حَوَيْتَها / فَخْراً أَغارَ عَلَى الزمانِ وأَنْجَدَا
جَرَّدْتَ للإِسلامِ فِيهَا صارِماً / عَوَّدْتَهُ ضَرْبَ الطُّلى فَتَعَوَّدَا
وسلَلْتَهُ للهِ فِيهَا سَلَّةً / مَنَعَتْ صليباً بعدها أَن يُعْبَدا
ووقَفْتَ دونَ الدَّيْرِ فِيهَا وَقَفْةً / كَانَتْ لنصرِ اللهِ فِيهَا مَوْعِدَا
و قُلُنْيَةٌ أَنشأْتَ فِيهَا عارِضاً / للحربِ أَبْرَقَ بالحتوفِ وأرعدا
وَبِرَأْي عَيْنِي يومَ خُضْتَ لِفَتْحِها / بحراً من البيضِ الصَّوَارِمِ مُزْبِدا
فرأَيْتُ مَا اسْتَنْزَلْتُ من نجمٍ هَوَى / وشهِدْتُ مَا حُدِّثتُ عَنْ لَيْثٍ عَدَا
والحربُ قائِمَةٌ تَغَصُّ بِنَقْعِها / لَمحاً بنارِ المشرَفِيَّةِ مُوقَدا
والشمسُ حَيْرَى فِي السماءِ كَأَنَّها / ترنُو إِلَى الدُّنيا بمُقلَةِ أَرْمَدَا
والخيل تستلِمُ الصَّعيدَ كَأَنَّما / تبغِي إِلَى الجَوزاءِ منها مَصْعَدَا
ما إِن ترى إِلّا خُفُوقَ مهنَّدٍ / كالبرقِ يقرعُ فِي المَكَرِّ مُهَنَّدَا
وثُقُوبَ أَزْهَرَ كالشهابِ مُثَقَّفٍ / يُهْدَى إِلَى ظُلَم النُّفوسِ بِهِ الرَّدَى
فغدا إِلَيْها منكَ لَيْثُ خَفِيَّةٍ / مَا راح إِلّا للفخارِ ولا غَدَا
لا تَرْتَضِي للسيفِ سَلَّةَ ساعَةٍ / حَتَّى تراهُ فِي الكواهِلِ مُغْمَدا
وتركت شَنْتَ اشْتِيبناً وكأَنَّما / حَطَّتْ سيوفُكَ من عِداها الفَرْقَدَا
فَقَصَرْتَ مُدَّتَها بوقفةِ ساعَةٍ / أَبْقَتْ لَكَ الفخرَ الجليلَ مُخلَّدا
شَيَّدْتَ عزَّ المسلمينَ بهَدْمِ مَا / قَدْ كَانَ عِزُّ الكفرِ منها شَيَّدَا
وتَرَكْتَ غَرْسيَةً بنقمةِ غَدْرِهِ / بالرَّوْعِ فِي الأَرضِ الفضاءِ مُقَيَّدَا
لهفانَ يجتابُ النهارَ مُروَّعاً / بظباكَ والليلَ التمامَ مُسَهَّدا
خزيانَ قَدْ أَوْسَعْتَ حُرَّ بلادِهِ / وديارِهِ لَهَبَ السعيرِ المُوقَدَا
قَدْ غَرَّ أحزابَ الكُماةِ وَمَا حَمَى / وأَضَلَّ أَشياعَ الضَّلالِ وَمَا هَدَى
إِيهاً بني المنصورِ أَنْفُسُنا لكُمْ / ونفوسُ مَنْ فِي الشَّرْقِ والغربِ الفِدا
اليومَ أَنْسى فتحُكُمْ مَا قبلَهُ / عِظَماً كَمَا نَسَّا لِفَتْحِكُمُ غَدا
سامي التَّلِيلِ كأَنَّ عَقْدَ عِذارِهِ
سامي التَّلِيلِ كأَنَّ عَقْدَ عِذارِهِ / في رَأسِ غُصنِ البانَةِ المَيَّادِ
يُهْدى بمِثْلِ الفَرْقَدَينِ ونابَ عَنْ / رَعْيِ السِّماكِ بقَلبِهِ الوَقّادِ
فكَأنَّما أَطَأُ الأباطحَ والرُّبى / بعُقابِ شاهِقَةٍ وحَيَّةِ وَادِ
وكأَنَّهُ من تحتِ سَوْطِيَ خارجاً / في الرَّوعِ شُعْلَةُ قادحٍ بِزِنادِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025