القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 3
لِمَ أنتِ أيَّتُها الطبيعةُ كالحزينةِ في بلادي
لِمَ أنتِ أيَّتُها الطبيعةُ كالحزينةِ في بلادي /
لولا أغاريدٌ ترسَّلُ بين شاديةٍ وشادي /
وخيالُ ثوْرٍ حول ساقيةٍ يُراوح أو يُغادي /
وقطيعُ ضأنٍ في المروجِ الخضرِ يضربُ بالهوادي /
لحسبتُ أنك جَنَّةٌ مهجورةٌ من عهدِ عادِ /
هجروكِ لا كنتِ العقيمَ ولستِ مُنجبةَ القَتادِ /
عجباً وماؤك دافقٌ ونجومُ أرضكِ في اتِّقاد /
حُسْنٌ يروع طرازهُ ويُمَلُّ في نَسقٍ مُعاد /
أرنو إليه ولا أحسُّ بفرحةٍ لكِ في فؤادي /
حسناءَ ساذجةَ الملامح في إطارٍ من سوادِ /
دِمَنٌ يُقالُ لها قُرىً غرقى أباطحَ أو وهاد /
الطينُ فيها واليراعُ أساسُ رُكنٍ أو عماد /
يأوي لها قومٌ يقال لهم جبابرة الجلاد /
وهمو ضعافٌ أوثروا بشقائهم بين العباد /
المكثرون الزادَ لم يتمتعوا بوفير زاد /
لهمو الغراسُ وَرَعيُهُ ولغيرهم ثمرُ الحصاد /
لو كنتِ في الغرب الصناع لكنتِ قِبلة كلِّ هادي /
وافتنَّ فيكِ الفنُّ بالروح المحرِّكِ للجماد /
وتفجَّرَ المرَحُ الحبيسُ بكل ناحيةٍ ووادي /
ولقلتُ أبتدر الشُّداةَ غداةَ فخرٍ أو تنادي /
هذي الروائعُ فيكِ لم تُخْلَق لغيركِ يا بلادي /
هل كُنْتَ بين الموت والميلادِ
هل كُنْتَ بين الموت والميلادِ / إلَّا حياةَ مآثرٍ وأيادي
وهل استطبتَ على الرفاهة والصِّبا / إلَّا نهارَ ضنىً وليلَ سُهادِ
وكفاحَ أَيامٍ وعَرْكَ شدائدٍ / بجميلِ صبر أو طويلِ جِهَادِ
مُتواضعاً مترفِّعاً ترقَى الذُّرى / في مثل صمتِ الكوكبِ الوقّادِ
يُلقي أشِعَّتهُ هُناكَ وههُنا / ويُضيء في الأغوارِ والأنجادِ
أهرَامُكَ المُثلى نتاجُ قرائحٍ / خلَّاقةٍ موصُولةِ الإِمدادِ
دُنيا من الفِكرِ الطليقِ وعالمٌ / رَحْبُ الجوانبِ شاسعُ الآمادِ
تهدِي الحَيَارى المُدْلجينَ كأنَّها / في شاطئِ الوادي مَنَارةُ هادي
قُمْ يا فتى الأهرامِ وانظر رفقةً / ينتظرون خُطاكَ في الميعادِ
ويُسائلون بِكَ العَشيَّ كدأبهم / هذا النديُّ فأين صدرُ النَّادي
يا لهفَ ما عَلموا بأنَّكَ مُزمِعٌ / سَفَرَ الحياةِ ورِحلةَ الآبادِ
يا لهفَ ما ظَفِروا كما عوَّدْتهم / عِندَ الودَاعِ بنظرةٍ وتنادي
حينَ الوفاءُ الجمُّ شيمَتُكَ التي / أسرَتْ قلوبَ أحبَّةٍ وأعادِي
دخلوا عَليك البيتَ جسماً ضارِعاً / مُتَفَرّداً والموتُ بالمرْصادِ
والفكرُ صحوٌ والجبينُ شُعاعَةٌ / ألَّاقةٌ والروحُ في إِيقادِ
والشمسُ بينَ سَحَابَتَينِ تدَجَّتا / رمَقٌ يُصارعُ حَيْنَهُ ويُرادي
في شاطئٍ قاني المياهِ كأنها / مصبُوغةٌ بدَمِ النهار الفَادي
هي صورةٌ لكَ والمساءُ مقاربٌ / والرُّوحُ ركبٌ والمنيةُ حادي
والقلبُ في كفِّ القضاءِ فراشةٌ / رفّافةٌ والعمر وشكَ نفَاد
عجباً أيشكو قلبَهُ من قلبه / كنزُ الرِّضى والخيرِ والأسعادِ
وتخونهُ الأنفاسُ وهو رحابةٌ / كم نفَّستْ عن أمّةٍ وبلادِ
وإذا أتى الأجلُ النفوسَ فلا تسَلْ / عَنْ صِحَّةِ الأرواحِ والأجسَادِ
أأبا بشارةَ لا يَرُعكَ بِعادُهُ / مصرُ اجتَبَتهُ فلا تُرَعْ ببعادِ
آثرتَها بهَواكَ يا لغرَامِها / هي مِصْرُ مَهدُ الموتِ والميلادِ
حفِظتْ لوَالداكَ الصنيعَ المجتبى / ورَعَتْ فتاةُ البرِّ في الأولادِ
ورأتْ نجيبكَ فاستفاض حنانُها / لسميِّه المرجوِّ في الأحفادِ
ذكرَتْ بيُتْمكَ يُتمَهُ فتفجَّرتْ / حُبّاً وقبَّلتِ الرجاءَ البادي
لبنانُ نازعها هواكَ وما أرى / لبنانَ إلَّا من ضفاف الوادي
الأرزُ فيهِ والنخيلُ كلاهُما / أعشاشُ حبٍّ أو خمائلُ شادي
أرضُ العروبةِ لا تُخومَ ولا صُوىً / ما مصرُ غيرُ الشّام أو بغدادِ
وأُخُوَّةٍ بالمسجدين وجيرةٍ / من آل طارقَ أو بني عبَّادِ
قسماً بأمساء النديِّ ومجلسٍ / متألقٍ بالرفقةِ الأمجادِ
وجمالِ أسحارٍ وطيبِ أصائلٍ / بالذِّكرياتِ روائحٍ وغَوَادي
ومحبَّةٍ للخيرِ صَفوُ مِزاجِها / مرضاةُ نفسٍ أو عزاءُ فُؤادِ
ألَّا استمعتَ إلى رفاقكَ ليلةً / والنارُ في مهجٍ وفي أكبادِ
جَمَدَ المدادُ على شبا أقلامهم / فصريرُها نوحٌ ولحنُ حدادِ
واحسرتا أيُّ الرثاء أصوغهُ / لوفاءِ حقِّ محبّتي وودادي
أرثيكَ للأُممِ التي شاطرْتَها / كُرَبَ الخطوبِ وفرحةَ الأعيادِ
وأذعتَ دعوتَها وجُزْتَ بصوتِها / في المغْرِبينِ شوامخَ الأطوادِ
ووصَلتَ بينَ قريبها وبعيدها / رَحِمَ العروبة أو عُهُودَ الضَّادِ
قم حدِّثِ القُرَّاءَ عما شِعتَهُ / في العالمِ المُتنافِرِ المُتعادي
وصفِ الممالكَ والشعوبَ كما ترى / ببرَاعَةِ الوصَّافةِ النقَّادِ
تطوي الغمائمَ والخضَارِمَ والثَّرى / وتجُولُ بين حَوَاضرٍ وبوادي
بفَطانةِ الصحفيِّ وهي بصيرَةٌ / تغزُو وتفتَح مُغلقَ الأسدادِ
يا رُبَّما نبأٌ أثارَ بوقعه / ما لا تُثيرُ مَلاحِمُ الأجنادِ
وهَدى قبيلاً أو أضلَّ جماعةً / لسبيلِ غيٍّ أو سبيلِ رشادِ
وا لهفَ نفسي كم تمنَّيتَ المُنى / يوم السيوف تقَرُّ في الأغمادِ
هل كنت تُبصِرُ منْ حضارة عصرها / إلا نثير حجارةٍ ورَمَادِ
إن السَّلامَ الحقَّ ما آثرتهُ / والأرضُ غرقى في دمٍ وسَوَادِ
والناسُ ما زالوا كما خلَّفتهُمْ / صرْعَى الهوى وفرائسَ الأحقادِ
لا السيفُ قَرَّ ولا المحارِبُ عادا
لا السيفُ قَرَّ ولا المحارِبُ عادا / وَيْحَ البشيرِ بأيِّ سلْمٍ نادى
الأرضُ من أجسادِ من قُتِلوا بها / تَجْني العذابَ وتُنْبِتُ الأحقادا
فاض السحابُ لها دَماً مذ شَيَّعت / شمسَ النهارِ فخالطتْهُ سوادا
رأتِ الحِدادَ به على أحيائها / أتُراهمو صَبَغوا السماءَ حِدادا
ودَّ الطُّغاةُ بكلِّ مطلَعِ كوكبٍ / لو أطفأوهُ وأسقطوهُ رَمادا
وتخوّفوا وَمْضَ الشَّهابِ إذا هوى / وَبُروقَ كلِّ غمامةٍ تتهادى
ولو أنَّهم وَصَلوا السماءَ بعِلْمِهم / ضَرَبوا على آفاقها الأسدادا
لولا لوامِعُ من نُهىً وبصائر / تغزو كُهوفاً أو تَؤُمُّ وهادا
لم يَرْقَ عَقْلٌ أو تَرِقُّ سريرةٌ / وقضى الوجودُ ضلالةً وفسادا
راعَ الطُّغاةَ شُعاعُهُ فتساءلوا / مَنْ نَصَّ هذا الكوكبَ الوقَّادا
إنْ تجهلوا فسلوا به آباءَكُم / أيامَ شَعَّ عدالَةً ورِغادا
هل أبصروا حُريَّةً إلَّا به / أو شيَّدوا لحضارةٍ أوْتادا
حَمَلَتْ سناهُ لهم يَدٌ عربيَّةٌ / تبني الشعوبَ وتنسجُ الآبادا
هي أُمَّةٌ بالأمس شادتْ دولةً / لا تعرفُ العِبْدانَ والأسيادا
جُرْتُمْ عليها ظالمين بعَدِّكم / وعدِيدِكم تتخايلون عَتَادا
ومَنَعْتُمُوها من مواهب أرضِها / ماءً به تجدُ الحياةَ وَزَادا
في المغرب الأقصى فتىً من نورِها / قدَحَتْ به كفُّ السماءِ زِنادا
سَلَّتهُ سيفاً كي يحرِّرَ قوْمَهُ / ويُزِيلَ عن أوطانِهِ استعبادَا
ما بالُكم ضِقْتُم به وحشَدْتُمُو / من دونه الأسيافَ والأجنادَا
أشعلتُمُوها ثورةً دمَوِيَّةً / لا تعرفونَ لنارِها إخمادَا
حتى إذا أوْهَى القتالُ جِلادَكم / ومضى أشدَّ بسالةً وجِلادَا
جئتمْ إِليهِ تُهادِنونَ سُيوفهُ / وسيوفُهُ لم تسكُنِ الأغمادَا
وكتبتمو عهداً بحدِّ سيوفكم / مزَّقتُمُوهُ ولم يجِفَّ مِدَادَا
الأهلُ أهْلُك يا أميرُ كما تَرَى / والدَّارُ دارُكَ قُبَّةً وعِمَادَا
أنّى نَزَلْت بمصرَ أو جاراتِها / جئتَ العُروبَةَ أُمَّةً وبلادَا
مَدَّتْ يَديْها واحتَوَتكَ بصدرها / أُمٌّ يَضمُّ حنانُها الأولادا
ولو استطاعت رَدَّ ما استودَعْتَها / ردَّتْ عليك المَهْدَ والميلادا
وأتَتكَ بالذِّكر الخوالِدِ طاقةً / كأجَلِّ ما جمعَ المحبُّ وهادى
ماذا لقِيتَ من الزمان بصخرةٍ / قاسَيتَ فيها غُرْبةً ووِحادَا
وبَلَوْتَ من صَلفِ الطُّغاةِ وعَسْفِهم / فيها الليالي والسنين شِدَادا
جعلوا البحارَ ومثلُهُنَّ جبالُها / سَدّاً عليك وأوسعوك بعادا
دعْهُم فأنتَ سَخِرْتَ من أحلامهم / وأطرتُهُنَّ مع الرياحِ بدادا
عشرين عاماً قد حَرمتَ عيونَهم / غُمْضَ الجفونِ فما عَرفنَ رُقادا
يَتَلفَّتُون وراءَ كلِّ جزيرةٍ / ويسائلون الموجَ والأطوادا
من أيِّ وادٍ موجةٌ هتفَتْ به / ومضى فحمَّلها السلامَ وعادا
لو أنصفوا قدرُوا بطولةَ فارسٍ / لبلادِهِ بدَم الحشاشة جادا
نادَى بأحرار الرجال فقرَّبوا / مُهجاً تموتُ وراءَه استشهادا
يدعو لحقٍّ أو لإِنسانيَّةٍ / تأبى السجونَ وتلعنُ الأصفادا
شيخَ الفوارِسِ حسبُ عيْنِك أن ترى / هذي الفتوح وهذه الأمجادا
الرِّيفُ هَبَّ منازلاً وقبائلاً / يدعو فتاهُ الباسلَ الذَّوَّادا
حَنَّ الحسامُ لقَبْضَتَيْكَ وحَمْحَمَتْ / خيلٌ تُقرِّبُ من يديك قِيادا
وعلى الصَّحَارَى من صَداكَ مَلاحِمٌ / تُشْجي النُّسورَ وتُطرِبُ الآسادا
أوحَتْ إلى العُرْبِ الحُداءَ وألهمتْ / فُرسانهم تحت الوغى الإِنشادا
عبدَ الكريم أنظُرْ حِيالك هل ترى / إلَّا صراعاً قائماً وجهادا
الشرق أجمَعهُ لواءٌ واحدٌ / نَظَمَ الصفوفَ وهيَّأ القُوَّادا
لم يتركِ السيفُ الجوابَ لسائلٍ / أو يَنْسَ من مُترقِّبٍ ميعادا
سالت حلوقُ الهاتفين دماًن وما / هزُّوا لطاغيةِ الشعوب وِسادا
فصُغِ البيانَ بِهِ وأَنْطِقْ حَدّهُ / يَسْمَعْ إِليكَ مكرَّراً ومُعادا
كَذَبَتْ مودَّاتُ الشِّفاه ولم أجدْ / رغم العداوة كالسيوف وِدادا
لهجَتْ قلوبٌ بالذي صَنَعَتْ يدٌ / شَدَّتْ لجُرْح المسلمين ضِمادا
حَملَتْ نَدَى مَلِكٍ ونخوة أُمَّةٍ / صانت بها شرفاً أَشمَّ تِلادا
وحَمَتْ عزيزاً لا يقِرُّ وأَمّنت / حُرّاً يقاسي الجورَ والإِبعادا
فادٍ من الغُرِّ الكُماةِ مجاهدٌ / تتنازعُ الآلامُ منه فؤادا
جارت عليه الحربُ ثم تعقَّبَتْ / في السّلْمِ تحت جَناحِهِ أكبادا
زُغْبٌ صِغارٌ مثل أفراخ القَطَا / وحرائرٌ بِتنَ السنين سُهادا
هو من رواسي المجد إِلا أنه / عَصَفَ الزمانُ بجانِبَيْهِ فمادا
رَجُلٌ رأى شرّاً ففادى قوْمَهُ / وأحسّ عاديَةً فهبّ ورادى
ظلموا هواهُ إذْ أحبّ بلادَهُ / ما كان ذنباً أنْ أَحبّ ففادى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025