المجموع : 5
يا مَنْ تَجلَّدَ للزَّما
يا مَنْ تَجلَّدَ للزَّما / نِ أمّا زمانُكَ مِنْكَ أَجْلَدْ
سَلِّطْ نُهاكَ عَلَى هَوَا / كَ وَعُدَّ يَوْمَك لَيْسَ مِنْ غَد
إِنَّ الحياةَ مَزارِعٌ / فَازْرَعْ بِها ما شِئْتَ تَحْصُد
وَالنَّاسُ لا يَبْقَى سِوَى / آثارِهِمْ وَالعَيْنُ تُفْقَد
أَوَ ما سَمِعْتَ بِمَنْ مَضَى / هَذَا يُذَمُّ وَذاكَ يُحْمَدْ
والمالُ إنْ أَصْلحْتَهُ / يَصْلُحْ وَإِنْ أَفْسَدْتَ يَفْسُدْ
وَالعِلْمُ ما وَعَتِ الصُّدُو / رُ ولَيْسَ مَا في الكُتبِ يَخْلدْ
قَصَدَ المَنونُ لَهُ فَماتَ فَقيدا
قَصَدَ المَنونُ لَهُ فَماتَ فَقيدا / وَمَضى على صَرفِ الخُطوبِ حَمِيدا
بِأبِي وَأُمِّي هَالِكاً أَفْرَدْتُهُ / قَدْ كانَ في كلِّ العُلومِ فَريدا
سُودُ المقابر أَصْبَحَتْ بِيضاً بِهِ / وَغَدَتْ لَهُ بِيضُ الضَّمائِرِ سُودا
لم نُرْزَهُ لما رُزِئنَا وَحْدَهُ / وَإنِ اسْتَقَلَّ بِهِ المَنونُ وَحِيْدا
لكِنْ رُزئنا القاسِمَ بْنَ مُحمدٍ / في فَضْلِهِ والأسْوَدَ بْنَ يَزيدا
وَابْنَ المُبارَكِ في الرقائِقِ مُخْبِراً / وَابْنَ المُسَيَّبِ في الحديْثِ سَعيدا
وَالأخْفَشَينِ فَصاحَةً وَبَلاغَةً / والأَعشَيَيْنِ رِوايَةً وَنَشيدا
كانَ الوَصِيَّ إذا أَرَدْتُ وَصِيَّةً / وَالمُستَفادَ إذا طَلَبْتُ مُفيدا
وَلّى حَفيظاً في الأَذمَّةِ حَافِظاً / وَمضى وَدوداً في الوَرَى مَوْدودا
ما كانَ مِثْلي في الرَّزيَّةِ والِداً / ظَفِرَتْ يَداهُ بِمِثْلِهِ مَوْلودا
حَتَّى إذا بَذَّ السَّوابِقَ في العُلا / وَالعِلْم ضُمِّنَ شِلْوُهُ مَلْحُودا
يا مَنْ يُفَنِّدُ في البُكاءِ مُوَلَّها / ما كانَ يَسْمَعُ في البُكا تَفْنيدا
تَأبَى الْقُلوبُ المُسْتَكِينَةُ لِلأسى / مِنْ أَنْ تَكُونَ حِجارَةً وحَديدا
إِنَّ الَّذي بادَ السُّرورُ بِمَوتِهِ / ما كانَ حُزنِي بَعْدَهُ لِيَبيْدا
الآنَ لمَّا أَنْ حَوَيْتَ مَآثِراً / أَعْيَتْ عَدُوّاً في الوَرَى وحَسُودَا
ورأَيْتُ فِيكَ مِنَ الصَّلاحِ شمائِلاً / ومِنَ السَّماحِ دَلائِلاً وَشُهُودا
أَبْكِي عَلَيْكَ إذا الحمامَةُ طَرَّبَتْ / وَجْهَ الصَّباحِ وَغَرَّدَتْ تَغريدا
لَولا الحَيَاءُ وَأَنْ أُزَنَّ بِبِدْعَةٍ / مِمَّا يُعَدِّدُهُ الوَرَى تَعْديدا
لَجَعَلْتُ يَومَكَ في المَنائحِ مَأتَماً / وَجَعَلْتُ يَوْمَكَ في المَوَالِدِ عِيدا
بَليَتْ عِظامُكَ والأَسَى يَتَجَدَّدُ
بَليَتْ عِظامُكَ والأَسَى يَتَجَدَّدُ / والصَّبرُ يَنْفَدُ والبُكا لا يَنْفَدُ
يا غَائِباً لا يُرْتَجَى لإِيابِهِ / وَلِقَائِهِ حَتَّى القِيَامَةِ مَوْعِدُ
ما كانَ أَحْسَنَ مَلْحَداً ضُمِّنْتَهُ / لو كان ضَمَّ أباكَ ذَاكَ الملحَدُ
بِاليَأسِ أَسْلو عَنْكَ لا بِتَجلُّدِي / هَيْهاتَ أَيْنَ مِنَ الحَزين تَجَلُّدُ
قَلْبٌ بِلَوْعاتِ الهوَى مَعْمُودُ
قَلْبٌ بِلَوْعاتِ الهوَى مَعْمُودُ / حَيٌّ كَمَيْتٍ حاضِرٌ مَفْقُودٌ
مَا ذُقْتُ طَعْمَ المَوْتِ في كَأسِ الأسَى / حَتَّى سَقَتنِيْهِ الظِّباءُ الغِيدُ
مَنْ ذَا يُداوي القلْبَ مِنْ داءِ الهوى / إِذْ لا دَواءٌ لِلهَوى مَوْجُودُ
أمْ كَيفَ أَسْلو غَادَةً ما حُبُّها / إِلّا قَضاءٌ ما لَهُ مَرْدودُ
القَلْبُ مِنْها مُسْتَريْحٌ سَالِمٌ / وَالقَلْبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ
يُنْبيكَ أنَّكَ لم تَجِدْ وَجْدِي
يُنْبيكَ أنَّكَ لم تَجِدْ وَجْدِي / ما خَدَّتِ الْعَبراتُ مِنْ خَدِّي
نامَ الخَليُّ عَنِ الشَّجِيِّ بِهِ / وجَفا المَلولُ ولَجَّ في الصَّدِّ
كُنْتَ الشِّفاءَ فَصِرتَ لي سَقَماً / أَبَداً تَتُوقُ إِلى هَوىً مُرْدِي