القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 7
تِلكَ الدّيارُ برامَتين همودُ
تِلكَ الدّيارُ برامَتين همودُ / دَرَسَتْ ولم تدْرسُ لهنّ عُهودُ
حَيثُ اِلتَوى ذاكَ اللّوى ثمَّ اِستَوى / وَاِلتفَّ مِن شَملِ الأراكِ بَدِيدُ
أَوَ ما رأيتَ وُقوفَنا بمُحَجَّرٍ / والدّمعُ مِنْ جَفْنِي عليه يجودُ
مُترنّحينَ منَ الغرامِ كأنّنا / قُضُبٌ تميلُ مع الصِّبا وتميدُ
والرّكبُ إمّا سادِرٌ مُتَهالكٌ / أو راكبٌ ثَبجَ السُّلوِّ جَليدُ
وعلى أهاضيب المُشقَّرِ غادةٌ / للرّيمِ منها طَرفُهُ والجيدُ
صَدّتْ ولم تُرِدِ الصُّدودَ وربّما / جاء العناءُ ولم يُرِدْه مريدُ
ولقد طَرقتَ وما طَرقتَ صبابةً / عيني ونحن إلى الرّحالِ هُجودُ
في ظلِّ خوصٍ كالقسيِّ طلائحٍ / أخَذَتْ عَوارِيَهُنَّ منها البيدُ
أَنّى اِهتَديتَ وَكيفَ زُرتَ وَبَينَنا / دون الزّيارةِ مُرْبخٌ وزَرودُ
ومفاوزٌ مِنْ دونهنّ مفاوزٌ / وتهائِمٌ مِنْ فوقهنّ نُجودُ
وغرائرٍ أنكرنَ شيبَ ذوائبي / والبيضُ مِنَّي عندهنّ السُّودُ
أنكرنَ داءً ليس فيه حيلةٌ / وَذَممْنَ مفْضىً ليس عنه مَحيدُ
يُهْوى الشّبابُ وَإِنْ تَقادم عهدُه / ويُمَلُّ هذا الشّيبُ وهو جديدُ
لا تَبْعُدَنْ عهدَ الشَّبابِ ومِنْ جوىً / أَدعو لَهُ بِالقربِ وَهوَ بعيدُ
أَيّامَ أُرمَى بِاللّحاظِ وأرتمِي / وأصادُ في شَرَكِ الهوى وأصيدُ
قد قلتُ للرّكب السِّراعِ يحثُّهمْ / مترنِّمٌ بحُدائه غِرَّيدُ
في سَبْسَبٍ خافي المعالمِ والصُّوى / فكأنّما موجودُهُ مفقودُ
مَنْ مبلغٌ فخرَ الملوكِ رسالةً / أَعيَتْ عليَّ يقولُها المجهودُ
أتَرى ليالِيَّ اللواتي طِبنَ لي / في ظلّكَ الوافي عليَّ تعودُ
وَمَتى أَزور ربيعَ أرضِك زَوْرَةً / وعليَّ من نَسْجِ الرّبيعِ بُرودُ
وأنا الّذي من بعد نَأْيِكَ نازحٌ / عن كلِّ ما فيه الهوى مطرودُ
أُضحِي أَرى ما غيرُهُ عندي الرِّضا / وأُريدُ كُرهاً ما سواه أُريدُ
للَّهِ حِلْمُك والرِّواقُ يُرى بهِ / للسائلين من الوفود وفودُ
والقول يُرزَقُهُ الشّجاعُ ويمتري / منه ويُحرَمُ نُطقَه الرِّعديدُ
في مَوقفٍ ينتاب تامورَ الفتى / للرّعبِ إقرارٌ بهِ وجُحودُ
وعلى الأسرّةِ من ضيائك بارقٌ / أو كوكبٌ جَهَر النّجومَ فَريدُ
وكأنَّ وجهَك قُدَّ من شَمسِ الضُّحى / أم مِنْ سَنا قمر الدّجى مقدودُ
لاذوا بمن ثَمَرُ المروءَة يانعٌ / منه وأُمُّ المَكْرُماتِ وَلودُ
والمنهلُ العِدُّ النميرُ وحيثما / يُدنى المَذود ويُمنحُ المحدودُ
يا فخرَ مُلكِ بني بويه ومَنْ له / ظِلٌّ على هذا الورى مَمْدودُ
وَالمُعتلي قِمم العَلاء بهمّةٍ / قامَتْ وهمّاتُ الرّجالِ قُعودُ
وَالمُنشئ الغُرِّ الغرائبِ في النّدى / حتّى تُعلّم منه كيف الجودُ
هيَ دولةٌ مازلتَ تَرْأبُ شعبَها / وتذُبُّ عنها كالئاً وتذودُ
تُنمى إِذا اِنتَسَبتْ إِليك وما لها / إِلّاكَ آباءٌ لها وجُدودُ
وَرَدَدْتها بالأَمسِ ثلَّةَ قَفْرةٍ / شَطَّتْ فأحْرزَها علينا السّيدُ
أَوْقَدتها بعدَ الخبوِّ فما لها / أَبَدَ الزّمانِ تطامنٌ وخمودُ
مَنْ ذا الّذي يَرنو إِلَيها طالباً / ولها ببابك عُدّةٌ وعديدُ
لَولا دِفاعُك ما اِستَقَرّ بمَفْرَقي / ذاك المتوَّجِ تاجُهُ المعقودُ
ولَزال هذا الملكُ بعد مماتِهِ / وَلمالَ عنهُ دعِامُه المعمودُ
كَم ذا صَليتَ وِقايةً لِنَعيمِهِ / يَوماً يَذوبُ بحَرِّهِ الجلمودُ
في ظهرِ مُستَلبِ الفُتورِ كأنّه / هَيْقٌ بأجواز الفلاةِ شَرُودُ
وكأنّه ينسابُ في خَلَلِ القنا / يومَ الكريهةِ أرْقمٌ مَزؤودُ
في غِلمةٍ سلكوا طريقَك في الوغى / والبيضُ منهمْ رُكّعٌ وسجودُ
مُتَسرّعينَ إِلى القِراعِ كأنّهمْ / وعليهمُ زُبَرُ الحديد حَديدُ
يُرْدُون مَنْ شاؤوا بِغَيرِ منيّةٍ / فَهُمُ وَإِنْ غَلَبوا الأسودَ أُسودُ
لا يَأخُذونَ المالَ إِلّا بِالقَنا / تَحمرّ مِنه ترائبٌ ووريدُ
أَو مِنْ ظُبا لم تَعْرَ يومَ كريهةٍ / إِلّا وَهاماتُ الكُماةِ غُمودُ
لا تَحقرنَّ منَ العدوِّ صغيرةً / وَاِرْدُد مكيدَةَ مَنْ تراه يكيدُ
وَإِذا اِسْتَرَبْتَ بِمنْ خَبَرْتَ فلا تَنَمْ / فَالدّاءُ يُعدِي والقليلُ يزيدُ
إِنَّ الحَسودَ هوَ العدوُّ وإنّما / سَتَروا قَبائِحَهُ فَقيل حسودُ
وَالضِّغنُ تَطْمُرُهُ الأناةُ فتعترِي / حِزَقاً إليه ضغائنٌ وحقودُ
وَالعودُ إِنْ طَرَحَ التقادُم قادحاً / فيهِ وَلم تدلكه ظلَّ العودُ
لَولا الصّلاحُ بِأنْ يُعاقَبَ مجرمٌ / ما كان وَعدٌ مُطمِعٌ وَوَعيدُ
ضَمِنَتْ لك الأقدارُ كلّ محبّةٍ / وَأحَلَّكَ الرّحمَن حيثُ تريدُ
وَنَعِمْتَ بِالنّيروزِ نعمةَ ناشدٍ / أضحى وَحشوُ يمينِهِ المنشودُ
وَعَرَتْكَ فيه جلالةٌ وإدالةٌ / وأتَتْكَ منه مَيامنٌ وسُعودُ
حَتّى يَقولَ المستزيدُ لكَ العُلا / ما فَوقَ هَذا في العَلاءِ مَزيدُ
هبّتْ تلومُ على النّدى هندُ
هبّتْ تلومُ على النّدى هندُ / يا هندُ خيرٌ من غِنىً حَمْدُ
الحمدُ يبقى لي وإنْ تَلِفَتْ / نفسِي وفاتَ الأهلُ والوُلْدُ
وَالمالُ تَأكلُهُ النّوائبُ وال / أحداثُ حتّى ما لَهُ رَدُّ
وَيَبيت يحرسُهُ وإن دفعتْ / عنه الكرامُ الطِّفْلُ والعبْدُ
وَالحمدُ لا يَستطيع يأخذهُ / مِنْ راحتيَّ النّاكلُ الوَغْدَ
وإذا سريتُ سرى معِي وَضِحاً / وهْناً وجُنْحُ اللّيلِ مُسْودُّ
يا هِندُ إنّ الدّارَ زائلةٌ / والقربُ يأتي بعده بُعدُ
عُمْرِي يروح وما أهَبْتُ بهِ / ذاك الحِمامُ به ولا يَغْدُو
ما كنتُ بالمنقادِ في يَدِه / لو كان في أيدِي الرّدى بُدُّ
وَالمَرءُ غايةُ لِبْسِهِ كَفَنٌ / يَبلى وآخِرُ بَيتِهِ اللَّحْدُ
كَم مَعشَرٍ هُجرتْ ديارُهُمُ / بأساً وعرّج عنهُمُ القصدُ
مُتَجاوِرينَ بدارِ مَضْيَعَةٍ / لا حرَّ عندهُمُ ولا بَرْدُ
ما فارَقوا إلّا بِرغمِهُمُ / في النّاسِ مَنْ عَشِقوا ومَنْ وَدّوا
وَإِذا دعا وجْداً يُدِلُّ بهِ / عند المنيّةِ خانَهُ الوُجْدُ
والخُلْدُ مُنْيَتُهُ وليس له / مُكْثٌ على الدّنيا ولا خُلْدُ
يا هندُ ليس يُجير من حَذَرٍ / خوفَ الرّدى غَوْرٌ ولا نَجْدُ
كلُّ النفوسِ وإنْ غفلنَ هوىً / بين الحمامِ وبينها وعْدُ
والنّدْبُ فسلٌ في الزّمان إذا / أهوى له والواهنُ الجَلْدُ
لو فات تشعيثُ الزّمان فتىً / فات الأصمَّ اليابسَ الجَلْدُ
ونَجَتْ وعولُ هضابِ كاظمةٍ / منه وما شَقِيَتْ به الرُّبْدُ
وَتودُّ هندٌ وهْيَ مُشفقةٌ / أنّى خَلَدْتُ وفاتَها الوُدُّ
وتردّ عنِّي كلَّ طارقةٍ / أنّى وليس يُطيعها الردُّ
وَتَقول لا عَبِثَ البِعادُ بنا / وَتضلّ عَمّن خانهُ البُعْدُ
وَتَؤودُها البأساءُ إنْ نزلتْ / داري وعرّس عندِيَ الجَهْدُ
وَتُريدُ لي ما ليسَ في يَدِها / أمداً على الأيّامِ يمتدُّ
وتُعيذُنِي ما ليسَ يَنفعها / من راحةٍ ما بَعْدها كَدُّ
تَسَلين إنْ زلّتْ بنا وبِكم / قدمٌ وطُوِّل بيننا العهدُ
كَم جاءَ مثلَكِ وهْيَ ذاهبةٌ / من حادثٍ بعضُ الّذي يبدو
إنّ الرّدى لابدّ أُورَدُهُ / مستوخماً يوبى له الوِرْدُ
يَلِجُ البيوتَ وليس يدفعهُ / هَزْلٌ يرادُ به ولا جِدُّ
لا تَخدِشِي خدّاً عليَّ فما / ردّ الفتى أنْ يُخدَش الخدُّ
وتعلَّمي إنْ كنتِ عالمةً / أنّ الحِمامَ على الورى يعدو
ما إنْ جنى وِرْدٌ عليكِ ردىً / حتّى يُعطَّ لذلكَ البُرْدُ
لا تَحفلي بِالشامِتين فما / أنا في المنيّةِ دونهمْ وَحْدُ
لَم يُدرِكوا بَعدِي الطِلابَ ولا / سدّوا بمثْلِي الخَرْقَ إنّ سدّوا
وَلَقد كَفيتُهُمْ وما شَعروا / كيْدَ العِدا وَلِكَيدِهمْ وقْدُ
وعَلَتْ بهمْ لمّا جَذَبتُهُمُ / بيَدَيَّ قَسْراً تلكُمُ الوَهْدُ
نَزعوا الخمولَ بما كَسوتُهُمُ / من مَأْثُراتٍ حشوُها المجدُ
وَتَناهَبوا الأوْساقَ مِنْ شَرَفٍ / لا صاعَ فيهِ لَهُمْ ولا مُدُّ
وَأَنَا الّذي وَسْطَ الخميسِ إذا / نادَيتُ شُدّوا بِالقَنا شَدّوا
وعَلَيَّ مِن خِلَعِ القَنا حَلَقٌ / لَم يدنها نَسجٌ ولا سَرْدُ
في حيثُ ينجيكَ الطّعانُ وَلا / يُنجِي الأقبُّ القارحُ النَّهْدُ
مَنْ لِي بعارِي المَنْكِبَين منَ ال / دُنيا له عن خَتْلها شدُّ
يَنجو قَذاها غيرَ مُتّئدٍ / مِثْلَ الوَسيقةِ لَزَّها الطَّرْدُ
وَيَصُدُّ عَن تَزويقِ زينتها / حَيث اِستثيرَ فأعوَزَ الصَّدُّ
وَجناءَ مِنها الصّبرُ عن مَلَقٍ / تُنبِي بهِ أسبابُها النُّكْدُ
يا مُرَّةً وَيظنّ ذائقُها / أبَدَ الزّمانِ بأنّها شَهْدُ
ما دامَ غيُّك وهوَ منك هوىً / فَيدوم فيك وَيذهب الرُّشدُ
كَم ذا عقدتِ على الوفاءِ وما / ينفَكُّ يضعفُ ذلك العَقْدُ
وذنوبُ صَرْفِكِ إنْ عُدِدْنَ لنا / فَنِيَ الزّمانُ وَما اِنقَضى العَدُّ
أَمّا دِيارُ السّاكِنين إِلى / نَجواكِ فهْيَ الدُرَّسُ المُلْدُ
لا جِرْسَ فيه غير أنْ صَدَحَتْ / قُمْرِيّةٌ أو قَعْقَعَ الرَّعْدُ
وَبَكى عَلى مَنْ حلّها وَمضى / مُسْحَنْكِكُ القُطرينِ مُرْبَدُّ
زَجِلاً كأنّ صَلِيلَ هَيْدَبِهِ / زَأَرتْ وَقَد ريعَتْ بِه الأُسْدُ
أين الّذينَ عَلى القِنانِ لهمْ / شَرَفٌ عَزيزٌ بَحرُهُ عِدُّ
مُدّوا النعيمَ فحين تَمَّ لهمْ / سُلبوه وَاِنقطَعَ الّذي مُدّوا
من كلِّ أَبّاءِ الدنيّةِ لمْ / يُفْلَلْ له في مطلبٍ حَدُّ
كاللّيثِ أبرز شخصَه خَمَرٌ / والسّيفِ أعلَنَ مَتْنهُ غِمْدُ
ذَعَنَتْ لعزّتهمْ وهَيبتهمْ / الشّيبُ في الأحياء والمُرْدُ
ويسودُ طفلُهُمُ تميمتُهُ / لم تنفصمْ وقرارُهُ المَهْدُ
ردّوا الخطوبَ قعُدْنَ ناكصةً / لكنّهمْ للموتِ ما ردّوا
وكأنّهمْ من بعدما سكنوا الْ / أجداثِ ما هَزَلوا وما جدّوا
ما نافعٌ جدِّي إلى أمَدٍ / جدّ الفَتى وَقدِ اِلتَوى الجَدُّ
فَلَئِنْ فُقِدْتُ فإنّ لِي كَلِماً / حَتماً خَوالِدَ ما لَها فَقْدُ
تفرِي البلادَ وما يُحَسُّ بها / عَنَقٌ على دوٍّ ولا وَخْدُ
من كلِّ قافيةٍ مُرَقِّصَةٍ / يشدو بها الغِرّيدُ إنْ يشدُو
وإذا تضوّع نشرُ نَفْحَتِها / قال العَرَارُ تضوّع الرَّنْدُ
طَلَعتْ كَشمسِ ضحىً على أُفُقٍ / بيضاءَ لا يسطيعها الجَحْدُ
وَكَأنَّما أَغراضُها شرَرٌ / في وهنِ ليلٍ شبّها زَنْدُ
سَيّارةٌ جَمحُ الكلام لها / سَمْحٌ وحُرُّ فصيحها عَبدُ
يُنثْنِي عليها الحاسدون على / إحسانها وخصومُها اللدُّ
فَلَوَ اِنَّ جوهرَ لَفظها جسدٌ / لأضافَهُ في سِلْكِهِ العِقْدُ
لا تَطلُبي مِنِّيَ الشّباب فما
لا تَطلُبي مِنِّيَ الشّباب فما / عندي شبابٌ والشّيبُ قد وفَدا
أَينَ شَبابي وَقد أنَفْتُ على ال / ستّينَ ستّاً وجُزتُها عدَدا
فمنْ بغى عندِيَ البشاشة واللّه / وَ وبعض النّشاطِ ما وجدا
فقد مضى من يدِي وفارقنِي / ما لا أراهُ براجعِ أبدا
قَرّت عيونُ بني النبيِّ محمّد
قَرّت عيونُ بني النبيِّ محمّد / بالقادر الماضِي العزيمة أحمدِ
بموفّقٍ شَهدتْ له آباؤهُ / أنْ سوف يشتمل الخلافة في غدِ
جاءَتْه لم يُتْعِبْ بها في صدرِه / همّاً وَلا أوْمَا إليها باليدِ
سَبَقتْ مُخِيلَتُها إليه وأكرَم ال / نعماءِ طالعةٌ أمامَ الموعِدِ
ولقد علمتُ بأنّها لا تنتضِي / إلّا شَبا ماضِي الغِرارِ مهنَّدِ
لمّا مشتْ فيه الظّنونُ وأوسعتْ / طَمَعاً يروح مع العدوِّ ويغتدِي
وَتَنازَعوا طُرُقاً إليها وعْرَةً / جاءته في سَنَنِ الطّريقِ الأقصدِ
عَلِقتْ بأوفى ساعدٍ في نصرها / وأذبَّ عن مصباحها المتوقّدِ
قَرْمٍ يضيفُ صرامةَ المنصورِ في / قَمعِ العدوِّ إلى خشوعِ المهتدي
كالنّارِ عاليةِ الشّعاعِ وربّما / أخفَتْ تضرّمَها بطونُ الرِّمْددِ
يقظٌ يغضُّ جفونَه وهمومهُ / من كلِّ أطراف البلادِ بمرصدِ
فخراً بنِي العبّاسِ إنّ قديمكمْ / يأبى على الأيّامِ غيرَ تجدّدِ
شرفٌ يميلُ بيَذْبُلٍ ويَلَمْلَمٍ / وعُلاً تعرّس في جوار الفرقدِ
وهْيَ الخلافةُ موطنٌ لم يفتقِدْ / أطوادَه وشرارةٌ لم تخمُدِ
إنْ نلتَها ولَكَمْ لمجدك عندها / قدمٌ وكم في نيلها لك من يدِ
قَد وازَنوك فكنتَ أضربَ فيهمُ / عِرْقاً وأبعدَ غايةً في مَحتِدِ
وَدَعوك للأمرِ الجَليلِ فَلم تَكنْ / نَزْر الفَخارِ ولا قليلَ السُّؤدُدِ
يا اِبنَ الّذين إذا اِحتَبَوْا في مفخرٍ / عصفوا بكلِّ سيادةٍ لمسوّدِ
الطاعنُوا ثُغَرِ الرّجال وعندهمْ / أنّ المسلّمَ بالفِرارِ هو الرّدِي
وإذا دُعوا لِمُلِمّةٍ فكأنّما / فُجرتْ لها دُفَعُ الغمام المُزْبدِ
يفديك مِنْ يغشى بهاؤك طرفَه / من كلِّ رعْديدِ الجَنانِ معرِّدِ
متطاولٍ فإذا عرضتَ لِلَحْظِهِ / لصقتْ أسرّةُ وجههِ بالجلمدِ
للَّهِ دَرُّك وَالعجاجُ محلّقٌ / والخيلُ تعثرُ بالقنا المتقصّدِ
واليوم تَغدُرُ بالمطالِع شمسُه / فيطالعُ الدّنيا بوجهٍ أسْودِ
ما إِنْ تَرى إلّا جَريحاً ينثنِي / ضَرِجَ القميصِ على طريحٍ مُقصَدِ
والبِيضُ تعلمُ أنّها ما جُرّدَتْ / بِيديك إلّا من حُشاشَةِ معتدِ
وأنا الّذي ينُمى إليك ولاؤهُ / أبداً كما يُنمى إليكمْ مولدي
ما حاجَتي إلّا بَقاؤكَ سالِماً / تُعلِي مقاماتِي وتُدنِي مشهدِي
وَإِذا دَنوتُ إلى الرِّواقِ مسلِّماً / أقذيتَ بِي فيه نواظرَ حُسّدِي
وكسوتَ مرتبتي هناك فضيلةً / تَبقى على عَقِبِي بقاءَ المُسْنَدِ
في ساعةٍ مَلأى بكلِّ تحيّةٍ / تنجابُ عن أفواهِ قومٍ سُجّدِ
ومواقفٍ عمَرَ الجلالُ فِناءَها / فالحسنُ فيها بالمهابةِ مُرتَدِ
لا يستطيع الطّرفُ يأخذُ لحظَها / إلّا مخالسةً كلحظِ الأرمدِ
وَأَحقُّ مَن لبسَ الكرامةَ مخلصٌ / ما شابَ صفوَ ودادِه بتودّدِ
أُثني عَليك وبيننا متمنّعٌ / صعبُ المرامِ على الرّجالِ القُصّدِ
وَلئِنْ تحجّبَ نورُ وجهك بُرهةً / عنِّي فهاتيك المناقبُ شُهّدِي
خذها تَقَلَّبُ بين لفظٍ لم يَطُفْ / نُطقُ الرّواةِ به ومعنىً أوحدِ
غرّاء تستلب القَبولَ كأنّما / جاءَتْ تبشّرُ صادياً بالمورِدِ
وَاِسلَمْ أميرَ المؤمنين مزَوَّداً / نعماءَ موفور الحياةِ مخَلّدِ
تفنى القرونُ وطودُ ملكك راسخٌ / في خير منزلةٍ وأشرفِ مقعدِ
يا طَيفُ أَلّا زُرتَنا بِسَوادِ
يا طَيفُ أَلّا زُرتَنا بِسَوادِ / لَمّا تَصرّعنا حِيالَ الوادي
ما كان ضرّك والوُشاة بمعزِلٍ / عنّا جميعاً لو طرقتَ وِسادِي
والرّيُّ فيك وقد صَدَدْتَ فقل لنا / مَنّاً عَلَينا كيفَ ينقعُ صادِ
وَمن أَجلِ أنّكَ تَسْتَبينُ على الكرى / أهوى الرُّقادَ ولاتَ حين رُقادِ
والحبُّ داءٌ في القلوبِ سَقامُهُ / خافٍ على الرُّقباءِ والعُوّادِ
يا زورةً مِن باخلٍ بلقائِهِ / عَجِلَتْ عطيّتُهُ على الميعادِ
تَرك البياضَ لآمنٍ وَأَتى بهِ / فَرَقَ الوِشايةِ في ثيابِ حدادِ
وَلَقد طَرقتُ الخِدْرَ فيه عقائلٌ / ما قِلْنَ إلّا في ضَمير فؤادِي
لَمّا وَرَدتُ خِيامَهنّ سَقَيننِي / مِن كُلِّ مَعسولِ الرُّضاب بُرادِ
وَمُخضّبِ الأطرافِ صَدّ بِوجههِ / لَمّا رَأى شَيبِي مكانَ سوادي
وَالغانِياتُ لذِي الشّباب حبائبٌ / وإذا المشيبُ دنا فهنّ أعادِ
شَعَرٌ تبدّل لونُهُ فتبدّلتْ / فيه القلوبُ شناءَةً بودادِ
لَم تَجنِهِ إلّا الهمومُ بِمَفْرقي / ويُخالُ جاءَ بهِ معَ الميلادِ
وَلَقَد تكلّفنِي الوشاةُ وأَفرجوا / عن جامحٍ متصاممٍ متمادِ
يَلحى العذولُ وتلكَ منهُ سَفاهةٌ / وَفُؤادُه في الحبِّ غيرُ فؤادِي
حَتّى كَأنَّ لَهُ صَلاحِي في الهَوى / دون الخلائقِ أو عليه فسادِي
مَن مبلغٌ ملكَ الملوكِ رسالةً / مِنْ رائحٍ بثنائِه أو غادِ
كم زارني وأنا البعيدُ عن النّدى / مِنْ سَيْبِ كفّكِ مِن لُهاً وأيادِ
عَفواً كما اِنخَرقتْ شآبيبُ الحَيا / مِن غير إبراقٍ ولا إرعادِ
نِعَمٌ غلبنَ على المزيدِ فما ترى / طمعاً يجاوزهنّ للمزدادِ
لمّا كَثُرنَ عليَّ منك تبرّعاً / وتفخّراً كثّرنَ مِن حُسَّادِي
كنتُ المشمِّرَ قبلها ولَبِستُها / فَمشيت فيها ساحباً أبرادِي
مُتأطّراً أَشَراً كزعزعةِ الصّبا / أفنانَ فرعِ الأيكةِ الميّادِ
وَلأنتَ يا ملك الوَرى في معشرٍ / طالوا مدى الأنجادِ والأمجادِ
فاتوا الأنامَ وحلّقوا في شاهقٍ / عالٍ على الأعلامِ والأطوادِ
لا يتركون ذُرى الأسرّة عزّةً / إِلّا إِذا رَكبوا ظهورَ جيادِ
قَومٌ إِذا اِشتَجَر القنا ورأيتهُ / كالغابِ كانوا فيه كالآسادِ
وإذا مضتْ عَرَضاً أحاديثُ الوغى / قَلِقَتْ سيوفُهمُ من الأغمادِ
الضارِبينَ القرنَ وهو مصمِّمٌ / بصوارمٍ بيضِ المتونِ حِدادِ
وَالحاطِمينَ غَداة كلِّ كريهةٍ / في الدّارعينَ صدورَ كلِّ صِعادِ
وَالراسِخينَ وَهَضْبُ يَذْبُلَ طائشٌ / والمُقفِرين مكامن الأحقادِ
وَتَراهُمُ كَرَماً خلالَ نَعيمهمْ / مُتَنصّتين إلى غياثِ منادِ
سَعدَتْ بِطالِعكمْ وَبارك ربّكمْ / فيما حوى واديكُمُ من وادِ
فَفناؤهُ مَجْنى المَكارمِ واللُّها / وَمجاثمُ الطُلّابِ والرّوّادِ
للّهِ درُّك نَصْبَ عورةِ حادِثٍ / حَدِباً ترامِي دونها وتُرادِي
وَالخَيلُ دامِيةُ الجلودِ كأنّما / لُطِخَتْ على أجسادها بجِسادِ
في ظهرِ رَوْعاءِ الفؤادِ كأنّها / نجمٌ تهوّر أو شرارُ زِنادِ
وَالقَومُ أعناقٌ بغيرِ كواهلٍ / حُصِدَتْ وأجسامٌ بغير هوادِ
أَمّا القلوبُ فهنَّ فيك أصادِقٌ / وَلِمَن سِواك مُصادقٌ ومُعادِ
ألَّفْتَهُنَّ على النّدى فَتألّفتْ / بدَداً على الإثناءِ والإِحمادِ
وأنَا الّذي واليتُ فيك مدائحاً / كالشّمسِ طالعةً بغير بلادِ
يَتَرنّم الخالِي بهنّ وربّما / وَنَتِ الرِّكابُ فكنَّ حَدْوَ الحادِي
يا لَيتَهنّ عُرِضنَ عندك مِن يدِي / وسُمِعنَ حين سُمِعنَ مِن إنشادِي
فَاِمننْ بِتقريبٍ إليك أفُز بهِ / يا مالكَ التّقريبِ والإِبعادِ
فالحظّ عندك عصمتِي ووثيقتِي / والرّأيُ منك ذخيرتِي وعَتادِي
وأحقُّ بالإدْناءِ من حُجُراتكمْ / كَلِفٌ يوالِي فيكُمُ ويعادِي
أنتمْ ملاذِي في الخطوبِ وأنتُمُ / إنْ زلّ بالمكروه منه عِمادِي
أوسعتُمُ لمّا نزلتُ بكمْ يدِي / وأطبْتُمُ لمّا أضفتمْ زادِي
وأريتمونِي بالمكارِم أنَّنِي / لم أدرِ كيف خلائقُ الأجوادِ
سَبَلٌ من الآباءِ لمّا غُيّبوا / في الأرض عنه أقامَ في الأولادِ
فاِسلَمْ لَنا ملكَ الملوكِ وَلَم تَزلْ / تبقى على الدّنيا بغير نَفَادِ
وَاِسعَدْ بِنيروزٍ أَتاك مُبشِّراً / ببلوغِ كلِّ محبّةٍ ومُرادِ
يَمضِي وَيَأتيكَ الزّمان بمثلهِ / أبداً يلفّ مراوحاً بمغادِ
لا رابَنا فيك الزّمانُ ولم تزلْ / يفديك مِنّا كلَّ يومٍ فادِ
في عزِّ مُلكٍ كالثّريّا مُرتقىً / شَثِنِ المرائِرِ ثابتِ الأوتادِ
بِاللَّهِ يا أيّامَ يثربَ عودي
بِاللَّهِ يا أيّامَ يثربَ عودي / عودِي لبلِّ حُشاشةِ المعمودِ
ما كان أَنضرَ بينهنّ محاسنِي / في أعينٍ رُمُقٍ وأخضرَ عودِي
أيّام لم تحنِ النّوائبُ صَعْدَتِي / بمرورهنّ ولا لَوَين عمودي
كلّا وَلا عَبِثتْ بُيَيْضاتُ الرّدى / في مفرقي أو عارِضيَّ بسودِ
يا بُعدَ ما بيني وبين حبائبي / والشّيبُ في فَوْدَيَّ غيرُ بعيدِ
ولقد علمتُ وقد نُزعت شبيبتي / أنْ لا نصيبٌ في الظّباءِ الغِيدِ
قد كان لي سهمٌ سديدٌ في الدُّمى / لكنّه بالشّيب غيرُ سديدِ
قل للّتي ضنّتْ عليَّ بنظرةٍ / ذاتِ اللّمى واللّؤلؤِ المنضودِ
لِمْ تأسفين على المحبِّ بقُبلَةٍ / فكأنّ ثغراً منك غيرُ بَرودِ
خلّي القُطوبَ منَ الأسرّةِ وَاِكتَفِي / عن عقدهنّ بفرعك المعقودِ
أنتِ الطليقةُ في هواهُ فَاِعلمِي / وَتَحكّمي في الموثقِ المصفودِ
قد كنتُ جَلْداً في الهوى لكنّني / يَومَ الفراقِ عليهِ غيرُ جَليدِ
كَم في الهوادجِ من قضيبٍ مائسٍ / أو مُرتوٍ ماءَ الصِّبا أُمْلودِ
ما إِنْ دَرى ماذا إليهِ يَقودني / من حُبّهِ ويعودني من عيدِي
ما لِي وقد لفَّ الصَّباح خيامهمْ / غيرُ الزَّفير وأنّةِ المورودِ
ومماطِلٍ إنْ جاء يوماً وعدُه / غلطاً ومكراً ضنّ بالموعودِ
في جيده من حسنِه حَلْيٌ له / والحَلْيُ خيرٌ منه حسنُ الجيدِ
لي فُرقتان ففرقةٌ بيد النّوى / أو فرقةٌ لتجنّبٍ وصُدودِ
قلْ للذِي ساق الظّعائنَ ربّما / سوّقتَ قلبِي بين تلك البيدِ
ورميتَ في قلبِي وفي عينِي معاً / بالنّارِ ذاك وتلك بالتّسهيدِ
وإذا دموعِي يومَ سِلنَ شهدن بال / وجدِ المبرّح لم يُفدْكَ جُحودِي
ما ضرّ من يسرِي سُراه ووجهُه / خلفَ البدور على ليالٍ سودِ
في ليلةٍ بُرْدُ السّماء موشّحٌ / بنجومها والنجمُ كالعنقودِ
في كُلّ يومٍ تَستجدّ قطيعة / وجديدُ لؤمِ المرءِ غيرُ جديدِ
يا صاحبي فُزْ بالرّشادِ وخلِّنِي / فلقد رضيتُ أكون غيرَ رشيدِ
هَب لِي الملامَ عَلى الغَرام فإنّنِي / ملآن من عذلٍ ومن تفنيدِ
قمْ سلِّ قلبِي كيف شئتَ ولا ترُمْ / منه السُلوَّ عن النّساءِ الرُّودِ
لا تسألنِّي أنْ أعيشَ بلا هوىً / فيهنّ واِسأَلْ طارفِي وتليدِي
قَد كُنتَ جاري في شبيبة أَعصُرِي / فَكنِ المُجاور في الزّمان المودِي
وَاِمزُجْ صَفاءً قَد عَداك برَنْقِه / وَاِخلُطْ زَماناً ناعماً بشديدِ
ما إِنْ رَأيتُ وَلَم أَكن مسُتثنياً / في هَذهِ الأيّامِ من محمودِ
وَإِذا اِلتفَتّ إلى الذين ذخرتُهمْ / لشديدتي لم ألفِ غيرَ حسودِ
أَنا بَينَ خالٍ مِن جَميلٍ قلبُه / وَمِن القَبيحِ وَبَينَ كلّ حقودِ
وإذا صُددتُ عن المواردِ جمّةً / فمتى يكون وقد ظمئتُ ورودِي
لا بُلّغت عِيسِي مداها إن نحَتْ / غيرَ الكرامِ وقُيّدت بقيودِ
إن لم أثِرها كالقطا نحو العُلا / يطوين بالإرفادِ كلَّ صعيدِ
وتلفّ أيديها على طول الوَجا / لفّ الإزارِ تهائماً بنجودِ
لا تستفيق من الدُّؤوب وإنّما / يضربن بيداً في الفَلاةِ ببيدِ
فعرِيتُ في يوم الفخارِ على الورى / من فخر آبائي وفخر جدودي
قومٌ إِذا سَمِعوا بداعيةِ الوغى / طلعوا النّجادَ على الجيادِ القُودِ
لا يَعبأون إِذا الرّماحُ تشاجرتْ / يوماً بما نسجتْ يدا داوودِ
وَدِفاعُهمْ وَقِراعُهمْ أدراعهمْ / يومَ الوغى من طعنِ كلّ وريدِ
سادوا أَكابرَ قَومِ كلّ عشيرةٍ / من قبل قطعِ تمائم المَولودِ
فَإِذا سَرحتَ الطّرف بينَ بيوتهم / لَم تَلق غيرَ مُغبَّطٍ محسودٍ
وَأَنا الّذي أَطلقتُ أسْرَ سماحةٍ / في النّاسِ أو أنشرت مَيْتَ الجودِ
ما الفَرقُ إِنْ لَم أعطِ مالِيَ مُعدماً / ما بين إعدامِي وبين وجودِي
فَلَو اِنّ حاتِمَ طيّءٍ وقبيلَه / وَفَدوا عليَّ تعلّموا من جودِي
ما لِلرّجال إذا هُمُ حذورا سوى / حرمِي الأمينِ وظلِّيَ الممدودِ
لَم أتلُ قطّ مسرّةً بمضرّةٍ / فيهمْ ولا وعْداً لهمْ بوعيدِ
نَقضُ الجِبال الشُمِّ لا يُعيي وَقَد / أَعيا عَلى الأيّامِ نقضُ عهودِي
وَإِذا عَقدتُ فليسَ يَطمعُ طامعٌ / في أَن يحلَّ بِراحَتيهِ عقودِي
وَالحادِثاتُ إِذا طَرَقن فَلم أَكن / عَنهُنَّ نوّاماً ولا بهجودِ
إِنْ أُضحِ عَضباً فالقاً قِمَم العدى / فلربّ عضبٍ عِيق عن تجريدِ
لَيسَ الأسودُ وَإِن مُنِعنَ فرائساً / وَرَبضن في الغاباتِ غيرَ أسودِ
وَإِذا قعدتُ فسوف تبصرُ أعينٌ / منِّي قيامِي في خلال قعودِي
أنا مُلجَمٌ بالحزمِ عن قولي الّذي / لو قلته لأشَبْتُ كلَّ وليدِ
حتّى مَتى أَنا في ثيابِ إضامةٍ / أقرِي المناجِي زفرةَ المجهودِ
أُلوى عن الأوطانِ لا تدنو لها / كفّايَ لَيَّ الأرقم المطرودِ
وَأُذادُ عن وِرْدِي وَبي صدأٌ وكمْ / ظمآنِ قومٍ كان غيرَ مَذودِ
أبغِي الرّذاذ من الجَهام وتارةً / أرجو وأمرِي دَرَّ كلِّ جَدودِ
والخيلُ تعثر بالجماجم والطُّلى / مخضلّةً عن يابس الجُلمودِ
للّهِ دَرّكُمُ بنِي موسى وقد / صُدِمَ الحديدُ لدى وغىً بحديدِ
ما إِن تَرى إلّا صَريعاً هافياً / كَرَع الحمامَ وليس بالملحودِ
وَمُجدَّلاً بالقاعِ طارِ بِصفوه / نَسْرٌ وبقَّى شِلْوَه للسِّيدِ
هَذا وَكَم جيشٍ أَتاهُمْ ساحِباً / فوق الإِكامِ ذيولَ كلِّ بُرودِ
غَصّانَ مِن خَيلٍ بهِ وَفَوارسٍ / ملآنَ من عُدَدٍ له وعديدِ
رُدّوا رُؤوساً كنَّ فيه مَنيعةً / بالضّربِ بين مُشجَّجٍ وحصيدِ
وَمَتى اِستَرَبْتَ بنَجْدتِي في خُطّةٍ / فمِنَ الطّعانِ أو الضرّاب شهودِ
خُذها فَما تَسطيع تَدفعُ إنّها / في الغايةِ القصوى من التّجويدِ
ما لاكَها مِن شاعِرٍ حَنكٌ ولا / أَفضى إِلَيها ذهنُ كلِّ مُجيدِ
غَرّاءَ لَو تُليتْ على ظُلَمِ الدّجى / شابتْ لها لَمِمُ الرّجالِ السُّودِ
يُنسيكَ نَظمٌ حيكَ بينَ كَلامها / نَظْمَ الثّغورِ ونَظْمَ كلِّ فريدِ
لَيسَ الّذي اِعتسفَ القريضَ بشاعرٍ / وإذا أصاب فليس بالمحمودِ
وَإِذا اِلتَوى الكَلِمُ الفصيحُ على اِمرئٍ / يوماً فأحرارُ الكلامِ عبيدي
وإذا أردتَ تَعاف ما سَطَر الورى / فَاِسمَعْ قصيدي تارةً ونشيدي
قُمْ فَاِثنِ لِي فوقَ الوهادِ وسادِي
قُمْ فَاِثنِ لِي فوقَ الوهادِ وسادِي / فالآن طاب بفِيّ طعمُ رقادي
قَد شرّدتْ نَصَبي وأيْنِي راحتِي / وَاِستَبدَلَتْ عَينِي الكرى بسُهادِ
وَإِذا رعيتَ لِيَ الإخاءَ فهنِّني / ببلوغِ أوطاري ونيلِ مُرادِي
للّهِ يومٌ ملتُ فيه على المُنى / وثنَى الزّمانُ إلى السرورِ قيادِي
وحذرتُ دهرِي من أمورٍ جمّةٍ / فأناخَ فيه الأمنُ وسْطَ فؤادِي
نفَحتْ أميرَ المؤمنين عطيّةٌ / غرّاءُ من وافي العطاءِ جوادِ
جَبلٌ منَ الأجبالِ إلّا أَنّهُ / عِندَ الوَرى ولدٌ من الأولادِ
وَالسَيفُ أَنتَ وَلم يكُن مَن سَلّه / فينا لِيَتركهُ بِغيرِ نِجادِ
وَالغابُ أَهيَبُ ما يكونُ إِذا ثوَتْ / أَشبالُه فيه مع الآسادِ
وَالطّعنُ في الأرماحِ يُعوِزُ في الوغى / لَولا الأسنّةُ في رؤوسِ صِعادِ
وَالنّصلُ لولا حدُّه وغِرارُه / ما كنتَ حاملَه ليومِ جِلادِ
قالوا أَتى وَلَدٌ فَقلت صَدَقتُمُ / لَكِنّه عَضُدٌ منَ الأعضادِ
إِنْ كانَ في مَهدٍ رَضيعاً نُومةً / فغداً يكون على ذُرا الأعوادِ
وَتَراهُ إِمّا فوقَ صَهْوةِ منبرٍ / يَعِظُ الورى أو في قَطاةِ جوادِ
ما ضرَّه من قبلِ سلٍّ غِمْده / أنّ السّيوف تُسَلُّ من أغمادِ
والبدرُ يطويه السِّرارُ وتارةً / هو بارزٌ وسْطَ الكواكبِ بادِ
حَيَّا الإلهُ صباحَ يومٍ زارنا / فيه وحَيَّا ليلةَ الميلادِ
ريّان من ظفرٍ ونيلِ إرادة / ملآنُ بالإسعافِ والإسعادِ
فَلَنِعمَ عهداً عهدُه وأوانُهُ / سقّاه ربّي صوبَ كلِّ عِهادِ
لو أنصف القومُ الألى لم ينصفوا / جعلوا به عيداً من الأعيادِ
يا خيرَ مَن حنَّتْ إِليه سريرتِي / طرّاً ومَن حنّتْ إليه جِيادي
وابنَ الّذي طال الخلائقَ كلَّهمْ / فضلاً وإن كانوا على الأطوادِ
ما إن رأيتَ ولا ترى شِبهاً له / أبداً من الزُّهاد والعبّادِ
روَّى بصائرَه تُقىً ويمينُه / جلّتْ عن الشّهواتِ وهْيَ صوادِ
فكأنَّه لخشوعه ولباسُه / حُللُ الخلائفِ مرتدٍ بِنجادِ
ذخروا النُّضارَ لهمْ ولم تكُ ذاخراً / إلّا ثَوابَ لُهاً وشكرَ أيادِ
أنَا ذلك المحضُ الّذي جرّبتُمُ / أبداً أوالِي فيكُمُ وأعادِي
وإذا بلغتكُمُ عقرتُ ركائبي / ونقضتُ من حذَرِ النَّوى أقتادِي
ما إنْ أبالي بعد قُربي منكُمُ / أنْ كان مِن كلِّ الأنام بِعادي
وإذا نصحتُ لكمْ فما ألْوي على / ما شفّني أو فتّ في أعضادي
إِنّي لَراضٍ بالسِّفالِ وَأنتُمُ الْ / معُلون لي ولقد علتْ أجدادِي
أَبوابُكمْ كرماً وجوداً فائضاً / عَطَنُ الوفودِ وغايةُ القُصّادِ
ما إِنْ يُرى إلّا عَلَيها وحدَها / وفدُ الورى وتزاحمُ الوُرّادِ
حوشيتُ َأن أُعنى بِغيرِ دِيارِكمْ / أو أنْ أجرَّ بغيرها أبرادِي
وَإِذا رَشادي كانَ بَينكُمُ فما / أَبغي إِذا خُيّرت غيرَ رشادِي
وَكأنَّني ضَوَّعتُ نَشرَ لَطيمةٍ / لمّا سننتُ مديحكمْ في النّادِي
ما كانَ لَولا أنّكمْ قُدّمتُمُ / مَنٌّ لمخلوقٍ على أكتادِي
أنا في جواركُمُ بأنعمِ عيشةٍ / وَأجلِّ منزلةٍ وأخصبِ نادِ
راضٍ بأنْ نفسي فَدَتك وما حَوَتْ / كفّايَ لي مِن طارفٍ وتِلادِ
وَإذا الزَّمانُ نبا بنا عن مطلبٍ / وَغطا بياض طماعنا بسوادِ
قُمنا فَنِلنا ما نَشاءُ منَ العُلا / بِالقائِمِ الماضي الشَّبا والآدِي
شائِي الكرامِ بفضلهِ في نفسهِ / طوراً وبالآباء والأجدادِ
ما كانَ إلّا في السّماء وَما اِرتَقى / قُلَلَ المعالي في بطون وِهادِ
لا تَعتَمِدْ إلّا عَليَّ لخدمةٍ / إنّي وَجَدّك خيرُ كلِّ عمادِ
وَمَتى اِنتَقدتَ فَلَن تَرى لِي مُشبها / في خدمةٍ يا أخبرَ النُّقَّادِ
وَإِذا أَردتَ عَظيمةً فَاِهتفْ بِمنْ / ما دبّ فيه على العظيم تمادِ
عَجِلٍ إلى داعي الصّريخ كأنّه / متوقّعٌ أَبداً نداءَ منادِ
أنَا منكُمُ نسباً وودّاً صادقاً / أبداً أُراوِح حِفظَه وأُغادِي
أَجدى على القُربى إِليَّ تقرّبي / وأحبُّ من نسبي إليَّ وِدادِي
يا أَيُّها المتحكّمونَ على الوَرى / بالعدلِ في الإصدارِ وَالإيرادِ
حَسبي الّذي أُوتيتُه من حبِّكمْ / وولائكمْ ذخراً ليومِ مَعادِي
إِنْ كُنتمُ قلّلْتُمُ لِيَ بَينكمْ / شِبْهاً فَقَد كثَّرتمُ حُسَّادِي
للَّهِ دَرّك في مُقامٍ ضيّقٍ / حَرِّ الرّدى مُتلهِّبِ الإيقادِ
وَكَأنّما الأقدامُ فيه تَقَلْقُلا / وَطِئَتْ عَلى الرَّمضاء شوكَ قَتادِ
وَالسّيفُ يَرتعُ في يَديك منَ العِدى / بِالضّربِ بينَ ترائبٍ وهوادِ
وَالرُّمحُ يَهتِك كلَّ ثُغرةِ باسلٍ / طعناً ويشرب من دمِ الأكبادِ
وَإِذا أَسال من الكَميّ نَجيعَه / غِبَّ الطّعانِ أسالَ كالفِرصادِ
والخيلُ يستلبُ الطّعانُ جلودَها / فكأنّها خُلقتْ بلا أجلادِ
حتّى وَفَتْ لك نَجدةٌ ألبستَها / في النّاكثين الوعد بالإيعادِ
وَقضَتْ لدين اللّه كفُّك حقَّه / وبلغتَ للإسلامِ كلَّ مُرادِ
فَاِسمَعْ مَديحاً لم تَشِنْهُ مَينَةٌ / تسرِي قوافيه بكلِّ بلادِ
قَطّاعَ كُلِّ ثنيّةٍ وتنوفةٍ / طلّاعَ كلِّ عَليّةٍ ونِجادِ
زينَتْ بهِ الأغراضُ فهْوَ كأنّهُ / وَشْيُ الجسومِ وحِليةُ الأجسادِ
رِفْدِي عليه حسنُ رأيك إِنّني / راضٍ به من سائر الأرفادِ
لا عَيبَ فيهِ غيرَ أنْ لَم يَستمعْ / من منطقي ويزفّه إِنشادي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025