المجموع : 10
يا دَهرُ وَيحَكَ ما عَدا مِمّا بَدا
يا دَهرُ وَيحَكَ ما عَدا مِمّا بَدا / أَرسَلتَ سَهمَ الحادِثاتِ فَأَقصَدا
أَغمَدتَ سَيفاً مُرهَفاً شَفَراتُهُ / قَد كانَ في ذاتِ الإِلهِ مُجَرَّدا
فَافعَل بِجَهدِكَ ما تَشاءُ فَإِنَّني / بَعدَ المُعَظَّمِ لا أُبالي بِالرَدى
ما خِلتُهُ يَفنى وَأَبقى بَعدَهُ / يا بُؤسَ عَيشي ما أَمَرَّ وَأَنكَدا
لَهفي عَلى بَدرٍ تَغَيَّبَ في ثَرى / رَمسٍ وَبَحرٍ في ضَريحٍ أُلحِدا
أَبقَيتَ لي يا دَهرُ بَعدَ فِراقِهِ / كَبِداً مُقَرَّحَةً وَجَفناً أَرمَدا
وَجَوىً يُؤَجَّجُ بَينَ أَثناءِ الحشا / ناراً تَزايَدُ بِالدُموعِ تَوَقُّدا
لَو كانَ خَلقٌ بِالمَكارِمِ وَالتُقى / يَبقى لَكانَ مَدى الزَمانِ مُخَلَّدا
أَو كانَ شَقُّ الجَيبِ يُنقذُ مِن رَدىً / شَقَّت عَلَيكَ بَنو أَبيكَ الأَكبُدا
أَو كانَ يُغني عَنكَ دَفعٌ بِالقَنا ال / خَطيِّ غادَرَتِ الوَشيجَ مُقَصّدا
وَلَقَد تَمَنَّت أَن تَكونَ فَوارِسٌ / مِن آلِ أَيّوبَ الكِرامِ لَكَ الفِدا
أَبكيتَ حَتّى نَثرَةً وَطِمِرَّةً / وَحَزَنتَ حَتّى ذابِلاً وَمُهَنَّدا
كَم لَيلَةٍ قَد بِتَّ فيها لا تَرى / إِلّا ظُهورَ الأَعوجِيَّةِ مَرقَدا
تَحمي حِمى الإِسلامِ مُنتَصِراً لَهُ / بِعَزائِمٍ تَستَقرِبُ المُستَبعَدا
وَلَرُبَّ مَلهوفٍ دَعاهُ لِحادِثٍ / جَلَلٍ فَكانَ جَوابُهُ قَبلَ الصَدى
وَلَطالَما شيمَت بَوارِقُ كَفِّهِ / فَهمَت سَحائِبُها عَلَينا عَسجَدا
ما ضَلَّ غِمرٌ عَن مَحَجَّةِ قَصدِهِ / إِلّا وَكانَ لَهُ إِلَيها مُرشِدا
يا مالِكاً مِن بَعدِ فَقدي وَجهَهُ / جارَ الزَمانُ عَلَيَّ بَعدَكَ وَاِعتَدى
أَعزِز عَلَيَّ بِأَن يَزورَكَ راثِياً / مَن كانَ زارَكَ بِالمَدائِحِ مُنشِدا
كَم مَورِدٍ ضَنكٍ وَرَدتَ وَطَعمُهُ / مُرٌّ وَقَد عافَ الكُماةُ المَورِدا
وَعَزيزِ قَومٍ مُترَفٍ سَربَلتَهُ / ذُلّا وَكانَ الطاغِيَ المُتَمَرِّدا
أَركَبتَهُ حَلَقاتِ أَدهَمَ قَصَّرَت / مِنهُ الخُطى مِن بَعدِ أَشقَرَ أَجرَدا
لَولا دِفاعُكَ بِالصَوارِمِ وَالقَنا / عَن حَوزَةِ الإِسلامِ عادَ كَما بَدا
وَدِيارُ مِصرٍ لَو وَنَت عَزماتُهُ / عَن نَصرِها لَتَمَكَّنَت فيها العِدى
وَلَأَمسَتِ البيضُ الحَرائِرُ أَسهُماً / فيها سَبايا وَالمَوالي أَعبُدا
وَلَأَصبَحَت خَيلُ الفرنجِ مُغيرَةً / تَجتابُ ما بَينَ البَقيعِ إِلى كُدى
وَبِثَغرِ دِمياطٍ فَكَم مِن بيعَةٍ / عُبِدَ الصَليبُ بِها وَكانَت مَسجِدا
أَنقَذتَها مِن خُطَّةِ الخَسفِ الَّتي / كانَت أَحلَّتها الحَضيضَ الأَوهَدا
أَجلَيتَ لَيلَ الكُفرِ عَنها فَاِنطَوى / وَأَنَرتَ في عَرَصاتِها فَجرَ الهُدى
وَلَقَد شَهِدتُكَ يَومَ قَيسارِيَّةٍ / وَالشَمسُ قَد نَسَجَ القَتامُ لَها رِدا
وَالكُفرُ مُعتَصِمٌ بِسورٍ مُشرِفِ ال / أَبراجِ أُحكِمَ بِالصَفيحِ وَشُيِّدا
فَجَعَلتَ عاليها مَكانَ أَساسِها / وَأَلَنتَ لِلأَخشابِ فيها الجامِدا
قُل لِلأَعادي إِن فَقَدنا سَيِّداً / يَحمي الذِمارَ فَقَد رُزِقنا سَيِّدا
الناصِرُ الملكُ الَّذي أَضحى بِرو / حِ القُدسِ في كُلِّ الأُمورِ مُؤَيَّدا
أَعلى المُلوكِ مَحَلَّةً وَأسدُّهُم / رَأياً وَأَشجَعُهُم وَأَطوَلُهُم يَدا
ماضي العَزيمَةِ لا يُرى في رَأيِهِ / يَومَ الكَريهَةِ حائِراً مُتَرَدِّدا
يَقِظٌ يَكادُ يُريهِ ثاقِبُ فِكرِهِ / في يَومِهِ ما سَوفَ يَأتيهِ غَدا
لَو أَنَّ غَيرَ الدَهرِ كانَ العادي
لَو أَنَّ غَيرَ الدَهرِ كانَ العادي / لَتَبادَرَت قَومي إِلى إِنجادي
وَلَدافَعَت عَنكَ المنونَ فَوارِسٌ / بيضُ الوُجوهِ كَريمَةُ الأَجدادِ
قَومٌ بَني شاذي وَأَيّوبٌ لَهُم / فَخراً تَليداً فَوقَ مَجدٍ عادي
مِن كُلِّ وَضاحٍ إِذا شَهِدَ الوَغى / رَوّى الأَسِنَّةَ مِن دَمِ الأَكبادِ
كَسَبوا المَكارِمَ مِن مُتونِ صَوارِمٍ / وَجَنوا المَعالي مِن صُدورِ صِعادِ
المُبصِرونَ إِذا السَنابِكُ أَطلَعَت / شَمسَ الظَهيرَةِ في ثِيابِ حِدادِ
لَم تَنبُ في يَومِ الهياجِ سُيوفُهُم / عَن مَضرِبٍ وَنَبَت عَنِ الأَغمادِ
قَسَماً لَو انَّ المَوتَ يَقبَلُ فِديَةً / عَزَّت لَكُنتُ بِمُهجَتي لَكَ فادي
قَد كُنتُ أَرجو أَن أَراكَ مُقاسِمي / في خَفضِ عَيشٍ أَو لِقاءِ أَعادي
وَأَراكَ في يَومي وَغىً وَمَسَرَّةٍ / قَلبَ الخَميسِ وَصَدرَ أَهلِ النادي
وَأَراكَ مِن صَدَإِ الحَديدِ كَأَنَّما / نَضَخَت عَلَيكَ رَوادِعٌ بِالجادي
فَجَرى القَضاءُ بِضِدِّ ما أَمَّلتُهُ / فيهِ وَأَرهَفَ حَدَّهُ لِعِنادي
خانَتنِيَ الأَيّامُ فيكَ فَقَرَّبَت / يَومَ الرَدى مِن لَيلَةِ الميلادِ
وَرَمَتنِيَ الأَقدارُ مِنكَ بِلَوعَةٍ / باتَت تَأَجَّجُ في صَميمِ فُؤادي
لَهَفي عَلَيكَ لَو انَّ لَهفاً نافِعٌ / أَو ناقِعٌ حَرَّ الفُؤادِ الصادي
يا لَيتَ أَنَّكَ لي بَقيتَ وَبَينَنا / ما كُنتُ أَشكو مِن جَوىً وَبُعادِ
قَد أَسعَدَتني بَعدَ فَقدِكَ أَدمُعٌ / ذُرُفٌ وَخامَ الصَبرُ عَن إِسعادي
وَعَدِمتُ بَعدَكَ لَذَّةَ الدُنيا فَقَد / أُنسيتُها حَتّى نَسيتُ رُقادي
أَبقَيتَ في كَبِدي عَلَيكَ حَزازَةً / تَبدو لِأَهلِ الحَشرِ يَومَ معادي
فَسَقى ضَريحَكَ كُلُّ دانٍ مُسبلٍ / مُتَواصِلِ الإِبراقِ وَالإِرعادِ
حَتّى تُرى عَرصاتُ قَبرِكَ رَوضَةً / مَوشِيَّةً كَوَشائِعِ الأَبرادِ
فَلَقَد مَضَيتَ وَما كَسَبتَ خَطيئَةً / وَتَرَكتَ دارَ بَليَّةٍ وَفَسادِ
وَسَكَنتَ داراً مُلكُها لَكَ خالِدٌ / وَتَرَكتَ داراً مُلكُها لِنَفادِ
يا أَيُّها المَلِكُ المُعَظَّمُ سنةٌ
يا أَيُّها المَلِكُ المُعَظَّمُ سنةٌ / أَحدَثتَها تَبقى عَلى الآبادِ
تَجري المُلوكُ عَلى طَريقِكَ بَعدَها / خَلعُ القضاةِ وَتُحفَةُ الزُهادِ
أَنا وَاِبنُ شيثٍ وَالرَشيدُ ثَلاثَةٌ
أَنا وَاِبنُ شيثٍ وَالرَشيدُ ثَلاثَةٌ / لا تُرتَجى فينا لِخَلقٍ فائِدَه
مِن كُلِّ من قَصُرَت يَداهُ عَنِ النَدى / يَومَ الجَدا وَتَطولُ عِندَ المائِدَه
فَكَأَنَّنا واوٌ بِعَمروٍ أُلحِقَت / أَو إِصبَعٌ بَينَ الأَصابِعِ زائِده
ما اِسمٌ رُباعِيُّ الحُروفِ وَإِنَّما
ما اِسمٌ رُباعِيُّ الحُروفِ وَإِنَّما / بِاثنَينِ يُكتَبُ وَالصَحيحُ فَواحِدُ
فَإِذا دَعَوتُ لَهُ فَلَستُ أَزيدُهُ / فَإِنِ اِستُجيبَ دُعايَ فَهوَ الخالِدُ
وَلَو انَّهُ لي في المَنامِ مُصَحَّفٌ / لَوَدِدتُ أَنّي طولَ دَهري راقِدُ
وَتَراهُ إِن صَحَّفتَهُ وَعَكَستَهُ / يُنجي فَبَيّنهُ فَإِنَّكَ ناقِدُ
ما اِسمٌ جَميعُ الناسِ تَهوى قُربَهُ
ما اِسمٌ جَميعُ الناسِ تَهوى قُربَهُ / وَتُحِبهُ مِن خامِلٍ وَمسوَّدِ
هُوَ مُفرَدٌ فَإِذا حَذَفتَ أَخيرَهُ / أَلفَيتَهُ جَمعاً لِذاكَ المُفرَدِ
وَإِذا عَكَستَ الجَمعَ كانَ اِسماً لِمَن / أَفعالهُ مَشهورَةٌ في السُؤدَدِ
آلَيتُ لا آتي بُخارى بَعدَها
آلَيتُ لا آتي بُخارى بَعدَها / وَلَو انَّها في الأَرضِ دارُ خُلودِ
فَلَقَد حَلَلتُ بِها حَنيفاً مُسلِماً / وَرَحَلتُ عَنها بِاِعتِقادِ يَهودي
إِنَّ اِبنَ عُروَةَ حينَ سَوَّدَ بِالزِنا
إِنَّ اِبنَ عُروَةَ حينَ سَوَّدَ بِالزِنا / وَجهَي صَحيفَتِهِ وَبَيَّضَ مَسجِدا
كَمُقامِرٍ أَدّى الزَكاةَ مُرائِياً / لِلنّاسِ لا يَرجو مَثوبَتَها غَدا
مالُ اِبنِ مازَةَ دونَهُ لِعُفاتِهِ
مالُ اِبنِ مازَةَ دونَهُ لِعُفاتِهِ / خرطُ القَتادِ أَو مَنالُ الفَرقَدِ
مالٌ لِزومُ الجَمعِ يمنَعُ صَرفَهُ / في راحَةٍ مِثلُ المُنادى المُفرَدِ
لا كانَ يَومٌ بُدِّلَت
لا كانَ يَومٌ بُدِّلَت / فيهِ الكَنائِسُ بِالمَساجِد
لا تَفرَحوا بفُتوحِكُم / هَذا فَإِنَّ الدَهرَ راقِد