المجموع : 20
أَسُعادُ جودي لا شُفيتُ سُعادا
أَسُعادُ جودي لا شُفيتُ سُعادا / وَصِلي بِوُدِّكِ هائِماً مُعتادا
إِنَّ الزِيارَةَ أَعقَبَت بِفُؤادِهِ / طَرَباً فَأَعقَبَ فِتنَةً وَفَسادا
ما تَأمُرينَ بِزائِرٍ أَقصَيتِهِ / يَومَ الخَميسِ وَقَد رَجا ميعادا
أَمسَكتِ شُقَّةَ نَفسِهِ فَأَذاعَها / وَبَخِلتِ فَاِتَّخَذَ الهُمومَ وِسادا
وَتَرَكتِهِ نِصباً إِلَيكِ بِحاجَةٍ / كَيما يَزيدُ وَوَيلَهُ إِن زادا
قالوا نَكُدُّكَ بِالهَوى وَتَكَدُّنا / المَعيشَةُ ما بَلَغتَ كِدادا
وَلَقَد عَجِبتُ مِنَ الضَعيفَةِ إِذ بَدَت / تَثني أُسامَةَ فَاِنثَنى وَاِنقادا
أَسَدٌ تَصَيَّدَهُ غَزالٌ شادِنٌ / ما اِصطادَ قَبلَكِ شادِنٌ آسادا
وَلَقَد أَقولُ لِصاحِبٍ لي مُهتَرٍ / قَد ماتَ مِن كَلَفَ بِها أَو كادا
حَتّامَ تُجشِمُني الصِبى وَتَشُفُّني / بَل لَيتَ غَيرَكَ يا فُؤادُ فُؤادا
ما زِلتَ تَذكُرُ وَجهَها وَحَديثَها / مُنذُ اِنصَرَفتَ وَما ذَكَرتَ مَعادا
سُعدى مُباعِدَةٌ وَأَنتَ مُخاطِرٌ / أَفَقَد رَضيتَ مَعَ الخِطارِ بِعادا
مَنَعَتكَ يَقظى ما تُحِبُّ وَلَم تَجُد / في نَومِها فَمَتى تَكونُ جَوادا
وَإِذا أَرَدتَ عِداتِها بِخِلَت بِها / حَتّى الفُؤادِ وَصافَحَتكَ جَمادا
أَبِطَرفِ مُقلَتِكِ المَريضَةِ صِدتِهِ / ما إِن سَمِعتُ بِمِثلِهِ مُصطادا
صَفراءُ آنِسَةٌ يَزينُ نِقابَها / عَينٌ تُرَوِّحُ لِلعُيونِ سُهادا
إِلّا تَكُن قَمَرَ السَماءِ فَإِنَّها / مِثلُ المَريعَةِ تُعجِبُ الرُوّادا
وَلَقَد بَدا لي أَن أَموتَ بِحُبِّها / فَاِنهَلَّ دَمعي في الرِداءِ وَجادا
فَطَوَت زِيارَتَها لِغَيرِ مَلامَةٍ / حَذَرَ المُراقِبِ لِلزَمانِ مِدادا
نَطَقَت فَأَنطَقَ ما سَمِعتُ مَدامِعي / عَن كُلِّ ناطِقَةٍ تَقولُ سَدادا
وَكَأَنَّ ما سَمِعَت لَهُ بِحَديثِها / هاروتُ يَسلُبُ مُقلَتَيهِ رُقادا
وَأَقامَ يُشفِقُ أَن يُجَنَّ صَبابَةً / وَيَخافُ مَوتَةَ قَلبِهِ إِن عادا
عادَ الغَداةَ الصَبَّ عيدُ
عادَ الغَداةَ الصَبَّ عيدُ / فَالقَلبُ مَتبولٌ عَميدُ
مِن حُبِّ ظَبيٍ صادَهُ / يا مَن رَأى ظَبياً يَصيدُ
أَنِسٌ أَلوفٌ لِلحِجا / لِ وَدونَهُ قَصرٌ مَشيدُ
مِن حَولِهِ حُرّاسُهُ / وَبِبابِهِ أَسَدٌ مَريدُ
وَالظَبيُ مَسكَنُهُ الفَلا / ةُ مُطَرَّدٌ فيها شَريدُ
ما إِن تَزالُ تُظِلُّهُ ال / أَمطارُ فيها وَالجَليدُ
وَالظَبيُ تَصرَعُهُ الحَبا / إِلُ وَهوَ عَن شَرَكٍ يَحيدُ
وَيَطيشُ نَبلي إِن رَمَي / تُ وَإِن رَمى فَهوَ المُجيدُ
فَأَصابَ لَمّا أَن رَمى / قَلبي لَهُ سَهمٌ سَديدُ
إِذ مَرَّ يَختَلِسُ النُفو / سَ وَخَلفَهُ تُزجيهِ غيدُ
يَمشي الهُوَينا كَالنَزي / فِ لِبُهرِهِ وَهوَ الحَميدُ
وَعَلى التَرائِبِ دُرَّةٌ / فيها الزَبَرجَدُ وَالفَريدُ
وَنَقارِسٌ قَد زانَها / حَلَقٌ غَدائِرُها تَصيدُ
وَأَغَنَّ يَحفِلُ عُصفُراً / وَكَأَنَّهُ جَمرٌ وَقودُ
وَالقُرطُ في مَهلوكَةٍ / مَجراهُ مِن جَبَلٍ بَعيدُ
خَصرٌ لَطيفٌ كَشحُهُ / مَجرى الوِشاحِ لَها خَضيدُ
تِلكَ الَّتي لَذَّ الشَبا / بُ بِها وَطاوَعَني القَصيدُ
تِلكَ الَّتي حُبٌّ لَها / في القَلبِ باقٍ لا يَبيدُ
مَن كانَ أَفنى وُدَّهُ / دَهرٌ فَوُدُّكُمُ يَزيدُ
أَو كانَ غَيَّرَهُ الزَما / نُ فَحُبُّكُم غَضٌّ جَديدُ
أَو كانَ جَلداً في الهَوى / فَأَنا الضَعيفُ لَهُ البَليدُ
يَوماً إِذا لاقَيتُكُم / وَلَدى الهِجانِ أَنا التَليدُ
لا أَستَطيعُ جَوابَكُم / وَلِغَيرِكُم قَولي عَتيدُ
فَأَشَدُّ حُبِّ حُبُّكُم / وَالحُبُّ أَهوَنُهُ شَديدُ
فَلَئِن ظَفِرتُ بِخَلوَةٍ / مِن حِبَّتي فَأَنا السَعيدُ
أَو مُتُّ مِن حُبّي لَها / فَأَنا القَتيلُ بِهِ الشَهيدُ
يا دارُ أَقوَت بِالأَجالِد
يا دارُ أَقوَت بِالأَجالِد / بَعدَ المَسودِ بِها وَسائِد
لا غَروَ إِلّا دَرسُها / بَينَ الأَمَقِّ إِلى كُداكِد
يَمشي النَعامُ بِجَوِّها / مَشيَ النِساءِ إِلى المَساجِد
وَلَقَد رَأَيتُ بِها الخَرا / ئِدَ يَتَّصِلنَ إِلى الخَرائِد
حورٌ أَوانِسُ كَالدُمى / أَو كَالأَهِلَّةِ في المَجاسِد
رُجُحُ الرَوادِفِ وَالشَوى / لا يَأتَزِرنَ عَلى الرَفائِد
مُتَهَلِّلاتٌ في العَبي / رِ وَفي الزَبَرجَدِ وَالفَرائِد
لا يَرعَوينَ إِلى المُري / بِ وَيَنينَ عَلى المَراصِد
أَيّامَ عَبدَةُ وَسطَهُن / ن كَأَنَّها أُمُّ القَلائِد
يَحسُدنَ فَضلَ جَمالِها / لا تَعدَمي حَسَدَ الحَواسِد
لِلَّهِ عَبدَةُ إِذ غَدَت / مِنّا تُزَفُّ إِلى اِبنِ قائِد
كَالحَلي حُسنُ حَديثِها / وَدَلالُها إِحدى المَصايِد
وَلَقَد نَعِمتُ بِروحِها / وَدَفَعتُ عَن جَسَدٍ مُساعِد
يا شَوقَها لِفِراقِنا / وَتَقَلُّبي فَوقَ الوَسائِد
يا عَبدَ قَد شَخَصَ الفُؤا / دُ وَقَد شَخَصتِ فَغَيرُ باعِد
قَرَعَ الوُشاةُ فَأَطرَقوا / وَشُغِلتِ عَنّا أُمَّ عابِد
لا تُنجِزينَ مَواعِدي / وَيلي عَلى تِلكَ المَواعِد
وَلَقَد أَقولُ لِمولَعٍ / غَيرانَ يَقعُدُ بِالقَصائِد
يا ذا المُقَحِّمُ سادِراً / أَقصِر فَإِنَّكَ غَيرُ راشِد
لا توعِدَنّي بِاللِقا / ءِ وَقَد شَرِبتُ دَمَ الأَساوِد
لا أَتَّقي حَسَدَ الضَغي / نِ وَلا أُخَوَّفُ صَوتَ راعِد
يَخشى الأُسودُ عَرامَتي / وَنُقِيُّ مُعتَلَجِ الأَوابِد
جُرحٌ بِأَفواهِ الرُوا / ةِ لَدى المَجالِسِ بِالمَناشِد
وَلَنِعمَ جَندَلَةُ الرَدى / في مَأقِطٍ كَالسَيفِ عانِد
أَشفي مِنَ اللَمَمِ المُعِن / نَ إِذا تَقَحَّمَ غَيرَ قاصِد
فَدَعِ الفُضولَ لِأَهلِها / قَطَعَ المِراءَ حُضورُ صاعِد
وَإِذا خَشيتَ مُحيطَةً / مِن وارِقِ الجَهَلاتِ زائِد
فَاِندُب لَها روحَ القُلو / بِ فَلَيسَ عَن شَرَفٍ بِبارِد
نَوِّه بِأَروَعَ مِسعَرٍ / لِلحَربِ في الغَمَراتِ قائِد
أَسَدُ الخَليفَةِ تَلتَقي / بِشَباتِهِ نَحرُ المَكايِد
وَفَتى العَشيرَةِ في الحِفا / ظِ وَزَينُها عِندَ المَشاهِد
يَجري بِصالِحَةِ الخَلي / لِ وَلَيسَ عَن تِرَةٍ بِراقِد
كَثُرَت مَواهِبُهُ الكِبا / رُ لِصادِرٍ مِنّا وَوارِد
يُعطي القِيانَ مَعَ اللُهى / مِن سَيبِ مُشتَرِكِ الفَوائِد
وَتَرى الحُلولَ بِبابِهِ / مِن بَينِ مُختَبِطٍ وَوافِد
مَتَعَرِّضينَ لِسَيِّدٍ / عَجلانَ بِالمَعروفِ زائِد
عَطَفَت عَلَيهِ قُلوبُهُم / وَعَلى فَواضِلِهِ العَوائِد
رَوحٌ يَروحُ مَعَ النَدى / وَيَراحُ لِلبَطَلِ المُناجِد
تَرّاكُ أَلحِيَةِ الخَنا / وَإِلى الوَغى سَلِسُ المَقاوِد
نِعمَ الفَتى يَسعى بِهِ / صيدُ المَحيلِ مِنَ الأَصايِد
وَإِذا الرِياحُ تَرَوَّحَت / مُقوَرَّةً جَسَدَ المَقاحِد
وَتَناوَحَت شُعَبَ الذِئا / بِ وَلَم تَجِد عَوداً بِعاضِد
مَطَرَت سَحائِبُهُ عَلَي / كَ مِنَ الطَرائِفِ وَالتَلائِد
حُلَلاً وَمُعلَمَةَ الوُجو / هِ وَكَالظِباءِ مِنَ الوَلائِد
فَاِظفِر بِحَظِّكَ مِن أَخٍ / مُتَدَفِّقِ الشَرَباتِ ماجِد
يُجدي عَلَيكَ بِمالِهِ / وَبِسَيفِهِ عِندَ الشَدائِد
سامٍ لِزَلزَلَةِ الحُرو / بِ يُظِلُّهُ خَرقُ المَطارِد
مَلكٌ مِنَ المَلِكِ الهُما / مِ لِكَفِّهِ وُصِلَت بِساعِد
دَمّاغُ هاماتِ الرُبى / بِمَجَرِّ أَرعَنَ ذي رَثائِد
وَمُعَوَّدٌ ضَربَ الرِقا / بِ وَفَكَّهُنَّ مِنَ الحَدائِد
أَهلي فِداؤُكَ مِن أَمي / رِ جَماعَةٍ راعٍ وَذائِد
يَغدو البَخيلُ مُذَمَّماً / وَغَدَوتَ تَرفُلُ في المَحامِد
وَكَفَيتَ رَهطَكَ واحِداً / لِلَّهِ دَرُّكَ أَيَّ واحِد
رَكّابُ أَهوالِ المُلو / كِ مُناوِياً سَبَلَ الرَواعِد
وَيَروحُ أَطوَلَهُم يَداً / في فِعلِهِم وَعَلَيكَ شاهِد
وَيُريكَ خَيراً في غَدٍ / وَلِذَلِكَ الغَتَلِيِّ زائِد
وَتَعودُ حينَ تَسُرُّنا / وَأَخو الفَعالِ عَلَيكَ عائِد
وَلَقَد أَقَمتَ قَناتَنا / وَسَقَيتَنا وَالمُزنُ جامِد
أَصلَحتَ أَمرَ جَميعِنا / وَوَفَيتَ مِنّا بِالمَعاهِد
وَتَرَكتَ قَلعَةَ وَرزَنٍ / كَمَسارِبِ البَقَرِ الرَوائِد
سِيّانَ مَعطِنُ أَهلِها / وَمَعاطِنُ الغُبرِ الجَدائِد
وَأَرى البُصَيرَةَ أَشرَقَت / وَتَزَيَّنَت لِلِقا المَجاسِد
وَعَلى المَسارِحِ نَضرَةً / وَعَلى المَصادِرِ وَالمَوارِد
وَلَقَد جَرَت حَلَباتُهُم / فَسَبَقتَهُنَّ وَأَنتَ قاعِد
بِخُؤولَةٍ قَرَعوا العُلى / وَبِفَضلِ أَعمامٍ وَوالِد
فَاِقدَح زِنادَكَ بِالمُهَل / لَبِ أَو قَبيصَةَ ذي المَراقِد
أَو حاتِمٍ بَلَغوا اليَفا / عَ وَضَوءُ نارِكَ غَيرُ خامِد
بَل أَيُّها الرَجُلُ المُصي / خُ إِلى الأَقارِبِ وَالأَباعِد
اِعرِف فَتىً بِفَعالِهِ / شَتّانَ بَينَ نَدٍ وَجامِد
الفَضلُ عِندَ بَني المُهَل / لَبِ في المُقاوِمِ وَالمُقاعِد
قَومٌ إِذا جُحِدَ الرَبي / عُ فَما رَبيعُهُمو بِجاحِد
لا يَبخَلونَ عَلى القَصِي / يِ وَيُنعِمونَ عَلى المُسانِد
وَمُرَفَّلينَ عَلى العَشي / رَةِ في الحُلومِ وَفي الوَطائِد
وَلَقَد حَلَفتُ بِرَبِّ مَك / كَةَ وَالمُحَلِّقَةِ السَواجِد
ما نالَ فَضلَ بَني المُهَل / لَبِ مِنذُ كانوا جودُ جائِد
فَإِذا أَرَدتَ سَبيلَهُم / في الوُدِّ وَالشَكِّ المُباعِد
فَاِنكِ العِدى وَرِدِ الرَدى / وَاِبذُل فَما شَيءٌ بِخالِد
يا حُبَّ عَبدَةَ قَد رَجَعتَ جَديدا
يا حُبَّ عَبدَةَ قَد رَجَعتَ جَديدا / ما كُنتُ أَحسَبُ هالِكاً مَوجودا
لِلَّهِ دَرُّكَ مِن خَليطٍ شاعِفٍ / هَل يَنفَعَنَّكَ أَن أَبيتَ عَميدا
إِن كانَ في طولِ الصَحابَةِ عِبرَةٌ / فَلَقَد صَحِبتُكَ شائِباً وَوَليدا
ما في اِتِّباعِكَ إِن تَبِعتُكَ راحَةٌ / وَلَئِن فَقَدتُ لَأَفقِدَنَّ مَجودا
راجَعتُ مِن كَلَفٍ لِعَبدَةَ دَيدَناً / لا أَستَطيعُ بِهِ القِيامَ وَحيدا
وَذَكَرتُ مِن رَمَضانَ آخِرَ لَيلَةٍ / طَلَعَت كَواكِبُها عَلَيَّ سُعودا
إِذ نَلتَقي حَلَقاً وَنَستَرِقُ الهَوى / سَرقَ العَفاريتِ السَماعَ مَذودا
فَكَأَنَّنا عَسَلٌ بِماءِ سَحابَةٍ / بَعدَ التَفَرُّغِ بِالأَناةَ أُعيدا
وَغَداةَ تَرمُقُها الوُشاةُ سَأَلتُها / عَلَلاً فَلَم تَجِدِ الفَتاةُ مَزيدا
خافَت وَعيدَهُمو فَقُلتُ لَها اِسلَمي / ما خافَ مِن قَمَرٍ سِواكِ وَعيدا
وَإِذا تَعَرَّضَ ذِكرُها كاتَمتُهُ / وَكَفى بِأَدمُعِيَ السِجامِ شُهودا
وَيَلومُني الصَلِفُ الخَلِيُّ وَإِنَّما / بَكَرَت وَساوِسُها عَلَيَّ وُفودا
وَكَأَنَّني رَحِلٌ أَضَلَّ رُقادَهُ / عانٍ تُطيفُ بِهِ الهُمومُ جُنودا
وَلَقَد حَسَدتُ عَلى عُبَيدَةَ عَينَها / عَجَباً خُلِقتُ لِما أُحِبُّ حَسودا
وَثَقيلَةِ الأَردافِ مُخطَفَةِ الحَشا / مِثلِ الغَزالَةِ مُقلَتَينِ وَجيدا
قامَت تُوَدِّعُني فَقُلتُ لَها قِري / قَد كُنتِ نائِيَةً وَكُنتُ بَعيدا
لا تَعجَلي نَصِلِ الحَديثَ بِمِثلِهِ / لا خَيرَ في شَرعِ الفَتى تَصريدا
قالَت وَكَيفَ بِما تُحِبُّ مَعَ العِدى / شَبَّت عُيونُهُمو عَلَيَّ وَقودا
ذوقي عُبَيدَ كَما أَذوقُ مِنَ الهَوى / إِن كُنتِ صادِقَةَ الصَفاءِ وَدودا
إِنَّ المُحِبَّ يَذوبُ مِن مَضَضِ الهَوى / دونَ السَرابِ وَلا يَكونُ حَديدا
يا عَبدَ باهِلَةَ الَّذي يَتَوَعَّدُ
يا عَبدَ باهِلَةَ الَّذي يَتَوَعَّدُ / أَعَلَيَّ تُبرِقُ إِذ شَبِعتَ وَتُرعِدُ
يا عَبدَ باهِلَةَ اِبتُليتَ بِحَيَّةٍ / فَتَرَكتَ طاعَتَنا وَرُحتَ تُهَدِّدُ
وَشَتَمتَ رَبَّكَ في العَشيرَةِ قائِماً / لِتَكونَ مَوجوداً وَلَيتَكَ توجُدُ
وَكَذاكَ عَبدُ السوءِ يَشتُمُ رَبَّهُ / سَفَهاً وَلَكِن هَل تُجابُ الأَعبُدُ
اِقعُد فَإِنَّكَ باهِلِيٌّ واغِلٌ / يَجزيكَ سَوأَتَكَ الضِياعُ الرُوَّدُ
وَإِذا سَكِرتَ فَخُذ بِأَيرِ مُساعِفٍ / وَاِسكُن فَإِنَّكَ ناطِقٌ لا تُرشَدُ
تَجري مِنَ الذَهَبِ المُصَنَّمِ راحَتي / كَرَماً وَناري بِاليَفاعِ تَوَقَّدُ
وَلَئِن عَمِرتَ لَتَعرِفَنَّ قَصيدَةً / تَجِبُ الصَلاةُ لَها عَلَيكَ فَتَسجُدُ
وَتَظَلُّ تُرعَدُ مِن هَديلِ حَمامَةٍ / وَإِذا دُعيتَ لِسَوأَةٍ لا تُرعَدُ
وَمَلَأتَ ثَوبَكَ إِن رَأَيتَ كَتيبَةً / في النَومِ أَلَّلَها الحَديدُ الموجَدُ
وَمَجِنتَ حَتّى ما تُصَلّي رَكعَةً / وَنَسيتَ ما قالَ النَبِيُّ مُحَمَّدُ
وَحَسِبتَني كَأَبيكَ لا يَنكي العِدى / فَاِصبِر لِحِسبَتِكَ الَّتي لا تُحمَدُ
مَولاكَ أَرقَبُ مِن رَبيعَةِ عامِرٍ / أَهدى لِكَفِّكَ قائِماً لا يَرقُدُ
فَتَرَكتُ عُقرَ قَناتِكُم عِندَ اِمرِىءٍ / جَمَحَ الشَبابُ بِهِ الأَنيقُ الأَغيَدُ
وَكَذاكَ كانَ أَبوكَ يُؤثَرُ بِالهُنى / وَيَظَلُّ في لَقطِ النَوى يَتَرَدَّدُ
فَلَئِن قَعَدتَ عَلى الخَنا وَحَسَدتَني / إِنَّ الكَريمَ إِذا جَرى لَمُحَسَّدُ
يا عَبدَ باهِلَةَ الَّذي لَزَمَ الخَنا / وَأَضاعَ عُقرَ قَناتِهِ لا تَسعَدُ
لَولا دَلَفتَ لِمَن دَهاكَ بِأَيرِهِ / فَحَسَرتَ عَنكَ حَزازَةً لا تَبرُدُ
لَو كُنتَ مِن أَسدِ العَشيرَةِ لَم تَنَم / حَتّى يُخالِطَهُ الحُسامُ الأَربَدُ
عَوَّدتَ نَفسَكَ أَن تُضامَ فَخَلِّها / كُلُّ اِمرِىءٍ رَهنٌ بِما يَتَعَوَّدُ
وَأَبى لَكَ الحَسَبُ اللَئيمُ فَنالَهُ / وَكَساكَ ذِلَّتَهُ أَبوكَ القُعدُدُ
لا تَستَطيعُ مُرَفَّلاً مِن عامِرٍ / عَجِلَ العِقابَ وَأَنتَ عَبدٌ أَقفَدُ
وَخَشيتَ سَطوَةَ عامِرِيٍّ فاتِكٍ / تَقِفُ الوُفودُ بِبابِهِ وَالوُفَّدُ
وَبَنَيتَ بِالبَعرِ المَحَلَّ وَبِالنَوى / بَيتاً عَلَيهِ خَزايَةٌ لا تَنفَدُ
وَطَلَبتَ بِالخَلَقِ المُرَقَّعِ شَأوَنا / فَلَتَرجِعَنَّ وَبَظرُ أُمِّكَ يُرعَدُ
مَهلاً مَوالينا أَقيموا خَرجَنا / وَإِذا غَضِبنا غَضبَةً فَتَبَدَّدوا
خَدَمُ المُلوكِ إِذا قَعَدنا في الحُبى / قاموا وَإِن نَفزَع لِرَوعٍ يَقعُدوا
كونوا لِمَولاكُم يَداً وَصَلَت يَداً / وَدَعوا الفَسادَ يَعيثُ فيهِ المُفسِدُ
وَتَشَبَّهوا بِأَبٍ وَعَمٍّ صالِحٍ / مُتَعَبِّدَينِ لَنا وَنِعمَ العُبَّدُ
أَنّى شَبابُكَ قَد مَضى مَحمودا
أَنّى شَبابُكَ قَد مَضى مَحمودا / وَدَعِ الغَوانِيَ إِن أَرَدنَ صُدودا
وَصَرَمنَ حَبلَكَ بَعدَ أَوَّلِ نَظرَةٍ / وَبِما يَكُنَّ إِلى حَديثِكِ صيدا
أَيّامَ يَنبَعِثُ القَريضُ بِمَجلِسٍ / شافٍ لِدائِكَ أَو تَبيتُ عَميدا
تَصطادُ مِن بَقرِ الأَنيسِ وَتَصطَفي / كَأسَ المُدامَةِ عِندَهُنَّ رَكودا
وَلَقَد شَرِبتُ رُضابَهُنَّ عَلى الصَدا / وَعَلى الصَبابَةِ وُدَّهُنَّ بَرودا
مِن كُلِّ مُقبِلَةِ الشَبابِ كَأَنَّها / صَنَمٌ لِأَعجَمَ لا يَني مَعبودا
تُدني القِناعَ عَلى مَحاسِنِ مُشرِقٍ / كَالبَدرِ يَحفِلُ عُصفُراً وَعُقودا
وَكَأَنَّما نَظَرَت بِعَينَي شادِنٍ / حَيرانَ أَبصَرَ شادِناً مَطرودا
وَيَشُكُّ فيها الناظِرونَ إِذا مَشَت / أَتسيلُ أَم تَمشي لَهُم تَأويدا
أَرخَت عَلى قَصَبِ الرَوادِفِ فَاِنثَنَت / كَالخَيزُرانَةِ لَدنَةً أَملودا
وَكَأَنَّها شَرِبَت سُلافَةَ بابِلٍ / بِالساهِرِيَّةِ خالَطَت قِنديدا
فِتَنٌ مُبَتَّلَةٌ تَميلُ إِلى الصِبى / وَلِمَن تَصَيَّدَها تَكونُ صَيودا
وَصَفَت مَجاسِدُها رَوادِفَ فَعمَةً / وَمُهَفهَفاً قَلِقَ الوِشاحِ خَضيدا
وَعَلى التَرائِبِ زَينَهُنَّ كَأَنَّهُ / وَسنانُ جاذَبَ مَضجَعاً لِيَؤودا
وَإِذا بَدا لَكَ وَجهُها أَكبَرتَهُ / عَجَباً وَيا لَكَ في القَلائِدِ جيدا
وَكَفى بِمُضطَرِبِ العُقودِ فَإِنَّهُ / نَحرٌ يَزينُ زَبَرجَداً وَفَريدا
وَلَئِن صَدَدنَ لَقَد قَضَيتُ لُبانَةً / وَغَنيتُ دَهراً ناعِماً غِرّيدا
وَدُمىً أَوانِسُ مِن بَناتِ مُحَرِّقٍ / حورٌ نَواعِمُ أَوجُهاً وَجُلودا
أَرسَلنَ في لُطفٍ إِلَيَّ أَنِ اِئتِنا / غابَ الرَقيبُ وَما تَخافُ وَعيدا
فَأَتَيتُهُنَّ مَعَ الجَرِيِّ يَقودُني / طَرِباً وَيا لَكَ قائِداً وَمَقودا
لَمّا اِلتَقَينا قُلنَ هاتِ فَقَد مَضَت / سَنَةٌ نُؤَمِّلُ أَن نَراكَ قَعيدا
حَدِّث فَقَد رَقَدَ الوُشاةُ وَلَيتَهُم / حَتّى القَيامَةِ يَلبَثونَ رُقودا
قُلتُ اِقتَرِحنَ مِنَ الهَوى فَسَأَلنَني / طُرَفَ الحَديثِ فُكاهَةً وَنَشيدا
حَتّى إِذا بَعَثَ الأَذينُ فِراقَنا / وَرَأَيتُ مِن وَجهِ الصَباحِ خُدودا
جَرَتِ الدُموعُ وَقُلنَ فيكَ جَلادَةٌ / عَنّا وَنكرَهُ أَن نَراكَ جَليدا
فَالآنَ حينَ صَحَوتَ إِنِّي إِن أُرى / كَلِفاً فَيَرجَعُ وُدُّهُنَّ جَديدا
لا تَعصِ ذا رَشَدٍ وَيُمنِ مَشورَةٍ / وَمِنَ السَعادَةِ أَن تَكونَ رَشيدا
مَتِّع صَديقَكَ غَيرَ مُخلِقِ وَجهِهِ / وَإِذا سُئِلتَ فَلا تَكُن جُلمودا
وَفَتىً يَذُبُّ عَنِ المَتاعِ وَيَبتَغي / ما في يَدَيكَ إِذا رَآكَ مُفيدا
شَيَّعتُهُ لِيُهينَ بَعضَ مَتاعِهِ / يَوماً وَيُكرِمَ نَفسَهُ فَيَسودا
فَدَنا فَأَشرَقَ ثُمَّ أَظلَمَ وَجهُهُ / عَرَفَ الوَلاءَ فَزادَهُ تَربيدا
أَبلِغ سُراةَ بَني الحُصَينِ بِأَنَّني / قَلَّدتُهُم مِدَحي وكُنتُ وَدودا
حَمَّلتُ قَرمَهُمُ الفَنيقَ قَصائِدي / حُذّاً يَلَذُّ بِها الرُواةُ نَشيدا
وَإِذا ذَكَرتُ بَني قُتَيبَةَ أَصبَحَت / نَفسي تُنازِعُني القَريضَ جَديدا
الذائِدينَ عَنِ الحَريمِ بِجَدِّهِم / وَالمُنعِمينَ أُبُوَّةً وَجُدودا
قَومٌ لَهُم كَرَمُ الإِخاءِ وَعِزَّةٌ / لا يُمكِنونَ بِها الظَلامَةَ صيدا
تَأبى قُلوبُهُمُ المَذَلَّةَ وَالخَنا / وَأَبَت أَكُفُّهُمُ البُحورُ جُمودا
فُطُنٌ لِمَعروفٍ وَإِن لَم يَفطُنوا / لِلغَيِّ يَعرِفُهُ الخَليلُ مُعيدا
وَتَرى عَلَيهِم نَضرَةً وَمَهابَةً / شَرَفاً وَإِن مَلَكوا أَمِنتَ وَعيدا
مُتَوازِرونَ عَلى المَحامِدِ وَالنَدى / لا يَحسَبونَ غِنىً يُديمُ خُلودا
وَكَأَنَّهُم في نَحرِ كُلِّ مَخوفَةٍ / أُسُدٌ جَعَلنَ لَها المَلاحِمَ عيدا
يَغدونَ في حَلَقِ النَعيمِ وَتارَةً / في المِسكِ يُصبِحُ لِلجُلودِ جُلودا
وَمُرَفَّلينَ عَلى العَشيرَةِ أَصبَحوا / سَبقاً مَرازِبَةَ العِراقِ قُعودا
وَبَنى لَهُم مُلكاً أَطالَ عِمادَهُ / سَلَفٌ يَرَى بِمَجَرَّةٍ أُخدودا
غَيرانُ وَقَّرَ سَمعَهُ وَضَميرَهُ / وَقعُ الحَديدِ بِهِ يَشُقُّ حَديدا
تَنشَقُّ رَوعاتُ الوَغى عَن رَأسِهِ / صَلَتانَ يَفتِكُ بِالأُمورِ وَحيدا
كَم مِن عُفارِيَةٍ أَبَلَّ مُتَوَّجٍ / قَتَلَ الإِلَهُ بِهِ وَكانَ مَريدا
قادَ الجُنودَ مِن البُصَيرَةِ لِلعِدى / حَتّى وَقَعنَ بِصينِ ثَغرٍ قودا
خَيلاً مُخَفَّفَةً وَخَيلاً حُسَّراً / لا يَعتَلِجنَ مَعَ الشَكائِمِ عودا
أَنزَلنَ غَوزَكَ مِن صَياصي عِزِّهِ / ظَهراً وَكانَ غِزِيُّهُ مَجدودا
وَأَفَأنَ نِسوَةَ نَيزَكٍ وَتَرَكنَهُ / جَزَراً وَرَهطَ بَني الأَشَلِّ حَصيدا
وَحَمَلنَ رَبَّهُمُ الأَجَلَّ هَدِيَّةً / في الشاكِرَيَّةِ عانِياً مَصفودا
وَمَنَعنَ خاقانَ المَسارِحَ فَاِنثَنى / عَجِلاً يَشُلُّ سَوامَهُ مَزؤودا
وَأَقَمنَ قَتلى لِلمَقانِبِ وَالقَنا / بَعدَ الحَصانَةِ مَنهَلاً مَورودا
تِلكَ المَكارِمُ لا مَقامَ مُعَذِّرٍ / بَرَقَ الحَبِيُّ لَهُ فَحادَ مَجيدا
وَأَبو قُتَيبَةَ في الكَريهَةِ مِثلُهُ / يُعطي الجَزيلَ وَيَقتُلُ الصِنديدا
مَلِكٌ عَلى مَضَضِ العَدُوِّ مَحَلُّهُ / يُعطي الجَزيلَ وَيَقتُلُ الصِنديدا
تُهدى لَه فِلقُ الرُؤوسِ إِذا غَدا / وَإِذا تَرَوَّحَ حادِياً لِيَجودا
وَلَقَد أَقولُ لِقافِلينَ رَأَيتُهُم / بِقَفا المَسالِحِ يَقسِمونَ قَصيدا
كَيفَ الأَميرُ لِزائِرٍ مُتَخَيِّرٍ / تَرَكَ الأَقارِبَ وَالبَعيدَ بَعيدا
وُدّاً وَمُختَبِطاً وَدائِمَ عِشرَةٍ / يَسعى لِجارِيَةٍ تُريدُ نُقودا
تَأبى صَواحِبُها وَيَأبى أَهلُها / إِلّا العَلاءَ فَكَلَّفوهُ كَؤودا
يا عَبدَ ضاقَ بِحُبِّكُم جَلَدي
يا عَبدَ ضاقَ بِحُبِّكُم جَلَدي / وَهَواكُمُ صَدعٌ عَلى كَبِدي
إِني حَلَفتُ أَلِيَّةً صَدَقَت / بِفِناءِ بَيتِ الواحِدِ الصَمَدِ
لَتَرَكتِني صَبّاً بِحُبِّكُمُ / وَقَتَلتِني ظُلماً بِلا قَوَدِ
أَبقَيتِ مِن قَلبي حُشاشَتَهُ / وَحَلَلتِ بَينَ الروحِ وَالجَسَدِ
أَفَما أَنى لَكِ يا عُبَيدَةُ أَن / تَشفي أَخا الأَحزانِ وَالكَمَدِ
يُمسي وَيُصبِحُ هائِماً بِكُمُ / وَيُهالُ بِالتَرويعِ وَالسَهَدِ
نَرجو عُبَيدَةَ أَن تَجودَ لَنا / ما إِن يُرَجّى بَعدُ مِن أَحَدِ
عُلِّقتُها بَيضاءَ ناعِمَةً / لَم تَجفُ عَن طولٍ وَلَم تَزِدِ
وَتُريكَ عَينَي جُؤذَرٍ خَرِقٍ / بِالرَوضِ لَم تُكحَل مِنَ الرَمَدِ
أَحوى المَدامِعِ زانَ قامَتَهُ / حُلَلُ الدَمِقسِ تَظَلُّ في أَوَدِ
كَالزَمهَريرِ يَكونُ صائِفَةً / وَهَوى المُعانِقِ لَيلَةَ الصَرَدِ
تَمَّت تَرائِبُها إِلى قَدَمٍ / وَالساقُ مُكمَلَةٌ إِلى العَضُدِ
وَإِذا نَظَرتَ وَجَدتَ مَطمَعَها / ماءَ السُؤالِ سِواهُ لَم تَجِدِ
قولا لَها ما دُمتُ مُطَّلِعاً / إِلّا وَدونَكِ أَعيُنُ الرَصَدِ
نَفسي وَأُسرَتِيَ الفِداءُ لَكُم / وَالأَهلُ بَعدَ المالِ وَالوَلَدِ
وَرَدَت هُمومُكَ يَومَ صاعِد
وَرَدَت هُمومُكَ يَومَ صاعِد / وَتَعَرَّضَت لَكَ بِالأَجالِد
وَأَرِقتَ مِن سارٍ سَرى / لَكَ في السُموطِ وَفي القَلائِد
قَمَرُ المَجَرَّةِ لا يَني / قَمَراً يَزورُكَ في المَراقِد
وَإِذا غَدَوتَ ذَكَرتَهُ / وَبَدا لِعَينِكَ في المَجاسِد
لِلَّهِ ذُكرَةُ عاشِقٍ / يَدنو بِها النائي المُباعِد
بِكَ ما تَرى فيما يُجي / زُ مَجازَ حاجاتٍ لِوافِد
أَمّا الرَبيعُ فَكَالرَبي / عِ فَعالُهُ المَحمودُ شاهِد
قُل لِلخَليفَةِ إِن خَلَص / تَ إِلى الخَليفَةِ غَيرَ باعِد
إِنَّ الرَبيعَ فَأَدنِهِ / نِعمَ الوَزيرُ عَلى الشَدائِد
شَهِدَت نَصيحَتُهُ بِمَك / كَةَ إِذ ثَوى مُلكُ البَلائِد
ضَبَطَ الخِلافَةَ واحِداً / لِلَّهِ دَرُّكَ أَيَّ واحِد
ما زالَ يَكتُمُ أَمرَها / وَيَهُزُّها هَزَّ المُناجِد
وَبَنو عَلِيٍّ مُشفِقو / نَ مِنَ الأَقارِبِ وَالأَباعِد
حَتّى صَفَت لِمُحَمَّدٍ / ما دونَ ذا نُصحٌ لِزائِد
وَسَما بِموسى غَيرَ وا / نٍ حينَ زَلزَلَتِ المَوارِد
وَمَضى عَلى مِنوالِهِ / حَسَنَ اليَدَينِ عَلى الأَحاسِد
حَدِباً عَلى أَعقابِهِم / وَعَلى المَكارِمِ غَيرُ راقِد
وَإِذا ذَكَرتُ فَعالَهُ / بَشَّرتُ نَفسي بِالفَوائِد
وَوَقَفتُ إِنَّ طَليبَتي / عِندَ المِلِيِّ بِها المَسانِد
سَبَقَ الرَبيعُ بِفَضلِهِ / أَيّامَ مَكَّةَ كُلَّ قائِد
خَلّى الجِيادَ خِلافَهُ / وَمَضى بَآبِدَةِ الأَوابِد
دَع ذِكرَ عَبدَةَ إِنَّهُ فَنَدُ
دَع ذِكرَ عَبدَةَ إِنَّهُ فَنَدُ / وَتَعَزَّ تَرفِدُ مِنكَ ما رَفَدوا
ما نَوَّلَتكَ بِما تُطالِبُها / إِلّا مَواعِدَ كُلُّها فَنَدُ
فَاِسكُن إِلى سَكَنٍ تُسَرُّ بِهِ / ذَهَبَ الزَمانُ وَأَنتَ مُنفَرِدُ
قَد شابَ رَأسُكَ في تَذَكُّرِها / وَهَفا الفِراقُ وَرَقَّتِ الكَبِدُ
فَاِستَبقِ عِرضَكَ أَن يُدَنِّسَهُ / ظَنُّ المُريبِ وَظَنُّهُ حَسَدُ
لا تُجرِ شَيبَكَ لِلصِبى فَرَساً / وَاِقعُد فَإِنَّ لَدَيكَ قَد قَعَدوا
بَل أَيُّها الرَجُلُ المُضِرُّ بِهِ / حُبُّ النِساءِ فَلَيسَ يَتَّئِدُ
أَخَّرتَ رُشدَكَ في غَدٍ فَغَدٍ / بَل كَيفَ تَأمَنُ ما يَسوقُ غَدُ
تَرجو غَداً وَغَدٌ كَحامِلَةٍ / في الحَيِّ لا يَدرونَ ما تَلِدُ
في اليَومِ حَظُّكَ إِن أَخَذتَ بِهِ / وَغَدٌ فَفي تِلقائِهِ العَدَدُ
الحُبُّ تُعجِبُني لَذاذَتُهُ / وَالفِسقُ أَقبَحُ ما أَتى أَحَدُ
لَو كُنتُ آمِنَةً خَلَوتُ بِهِ / يَوماً فَحَدَّثَني بِما يَجِدُ
قالَت لَها تُعفَينَ مِن رَفَثٍ / وَعَلَيَّ أَنّي سَوفَ أَقتَصِدُ
فَاِخلَي لَهُ يَكحَل بِرُؤيَتِكُم / عَيناً تَعَنّاها بِكُم رَمَدُ
فَلَهَوتُ وَالظَلماءُ جاثِمَةٌ / بِالشَمسِ إِلّا أَنَّها جَسَدُ
حَتّى اِنقَضى في الصُبحِ مَلعَبُنا / وَكَذاكَ يَهلِكُ ما لَهُ أَمَدُ
أَمِنَ الحَوادِثِ وَالهَوى المُعتادِ
أَمِنَ الحَوادِثِ وَالهَوى المُعتادِ / رَقَدَ الخَلِيُّ وَما أُحِسُّ رُقادي
وَأُجيبُ قائِلَ كَيفَ أَنتَ بِصالِحٍ / حَتّى مَلِلتُ وَمَلَّني عُوّادي
وَمَقالَ عاذِلَتي وَقَد عايَنتُها / إِنَّ المُرَعَّثَ رائِحٌ أَو غادي
مِن حُبِّ غانِيَةٍ أَصابَ دَلالُها / قَلبي فَعاوَدَني كَذي الأَعوادِ
إِنّي لَأَرهَبُ أَن تَكونَ مَنِيَّتي / وَالحُبُّ داعِيَةُ الفَتى لِفَسادِ
حَتّى تَراني ما أُكاتِمُ حاجَةً / وَنَسيتُ مِن حُبّي عُبَيدَ مَعادي
سَلَبَت فُؤادَكَ يَومَ رُحتُ وَغادَرَت / جَسَداً أُجاوِرُهُ بِغَيرِ فُؤادِ
مالَت بِهِ كَبِدٌ إِلَيكِ رَقيقَةٌ / وَصَبابَةٌ تَسري لَهُ بِسُهادِ
لا تَصرِميهِ يا عُبَيدَةُ وَاِقصِدي / نَفسي فِداكِ وَطارِفي وَتِلادي
أَقَبيصَ لَستَ وَإِن جَهِلتَ بِبالِغٍ
أَقَبيصَ لَستَ وَإِن جَهِلتَ بِبالِغٍ / سَعيَ اِبنِ عَمِّكَ ذي النَدى داوودِ
شَتّانَ بَينَكَ يا قَبيصُ وَبَينَهُ / أَنتَ الذَميمُ وَلَستَ كَالمَحمودِ
اِختارَ داوُدُ البُكاءَ مَكارِماً / وَاِختَرتَ أَكلَ نَقانِقٍ وَثَريدِ
قَد كانَ مَجدُ أَبيكَ لَو أَصلَحتَهُ / رَوحٍ أَبي خَلَفٍ كَمَجدِ يَزيدِ
لَكِن جَرى داوودُ جَريَ مُبَرِّزٍ / فَحَوى النَدى وَجَرَيتَ جَريَ بَليدِ
هَذا جَزاؤُكَ يا قَبيصَ فَإِنَّهُ / جادَت يَداهُ وَأَنتَ قُفلُ حَديدِ
داوودُ مَحمودٌ وَأَنتَ مُذَمَّمٌ / عَجَباً لِذاكَ وَأَنتُما مِن عودِ
وَلَرُبَّ عودٍ قَد يُشَقُّ لِمَسجِدٍ / نِصفاً وَسائِرُهُ لِحُشِّ يَهودي
وَالحُشُّ أَنتَ لَهُ وَذاكَ لِمَسجِدٍ / كَم بَينَ مَوضِعِ مَسلَحٍ وَسُجودِ
هَجَرَ الوِسادَ فَباتَ غَيرَ مُوَسَّدِ
هَجَرَ الوِسادَ فَباتَ غَيرَ مُوَسَّدِ / وَأَذابَهُ وِردُ الحِمامِ المورَدِ
شَرَعَ المَكارِهَ مَن تَوَجَّهَ غادِياً / يا لَلرِجالِ لِما يَروحُ وَيَغتَدي
وَبَياضِ يَومٍ قَد سَحَبتُ وَلَيلَةٍ / قَد بِتُّها غَرَضَ الهُمومِ العُوَّدِ
وَكَأَنَّ هَمّي وَالظَلامَ تَواعَدا / عِندي فَكُلٌّ قَد وَفا بِالمَوعِدِ
جاشَت جُنودُهُما عَلَيَّ فَلَم أَنَم / وَبَدا وَقَد بَلَغَت بِغَيرِ تَبَدُّدِ
إِنَّ الَّتي سَبَعَت عَدُوَّهُ أَصبَحَت / عَمّا لَقيتَ كَغائِبٍ لَم يَشهَدِ
مَلَأَت حَشاكَ وَرُبَّما مَلَأَ الحَشا / وَجدٌ بِحَمدَةَ مِثلُهُ لَم يوجَدِ
إِذ أَنتَ مُشتَغِلُ الفُؤادِ بِذِكرِها / صَبٌّ وَإِذ هِيَ مِن بَناتِ المَسجِدِ
لَو أَنَّ أَرمَدَ لا يُجَلّى نَظرَةً / تَبدو لَهُ كانَت شِفاءَ الأَرمَدِ
أَيّامَ يَحسُدُها الثَنا جاراتُها / وَسطَ النِساءِ وَمِثلُها فَليُحسَدِ
خاهُ لا في الَّتي / تَصِلُ النِساءَ لَهُ هَوى المُتَأَوِّدِ
شَفَق مِن هَواكِ وَلَم أَخَف / عَجلَ المَنايا وَالرَدى في المَرصَدِ
يَخزُنُكِ الثَرى / رَيّا كَغُصنِ البانَةِ المُتَأَوِّدِ
لا تَبعَدَنَّ وَأَينَ مَن فارَقتُهُ / أَمسى بِمِثلِ سَبيلِها لَم يَبعَدِ
إِنَّ الَّتي كانَت هَواكَ فَأَصبَحَت / تَحتَ السَفائِفِ في الثَرى المُتَلَبِّدِ
لَيسَت بِسامِعَةٍ وَإِن نادَيتَها / مِنكَ السَلامَ كَذَلِكَ المَيتُ الرَدي
أَحُمَيدَ إِن تَرِدِ المُصابَ فَإِنَّنا / رَهنُ النُفوسِ بِمِثلِ ذاكَ المَورِدِ
وَالناسُ كُلُّهُمُ وَإِن بَعُدَ المَدى / عَنَقٌ تَتابَعَ كُلُّهُم في مِقوَدِ
أَصبَحتُ بَعدَكَ كَالمُصابِ جَناحُهُ / يَبكي لِجانِبِهِ إِذا لَم يَسعَدِ
حَرّانَ فارَقَ إِلفَهُ وَنَأى بِهِ / دَهرٌ يَعودُ عَلى سَوادِ المَوجِدِ
مِمّا يُعَزّي القَلبَ بَعدَكِ أَنَّني / في اليَومِ جارُكِ يا حُمَيدَةُ أَو غَدِ
نَفِدَ الزَمانُ وَمِن حُمَيدَةَ لَوعَةٌ / بَينَ الجَوانِحِ حَرُّها لَم يَنفَدِ
يُبدي الضَميرَ إِذا عَرَفتَ لَهُ بِهِ / لَوناً كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسوَدِ
بَيضاءُ لَبَّسَها الحَياءُ عَفافَهُ / فَضلَ القِناعِ إِذا خَلَت لَم توصَدِ
فَأَتَتكَ في جَدَثِ الضَريحَةِ خُلَّةٌ / يا خُلَّةً لَكِ في الضَريحِ المُلحَدِ
فَالآنَ أَغدو ما يَكونُ بِغَيرِهِ / غَلَبَت وَطولُ صَبابَةٍ وَتَبَلُّدِ
قَد كُنتُ أَذكُرُ مِن عُبَيدَةَ بَصَّةً / وَأَعِفُّ عَن شَغَبِ اللِسانِ وَفي اليَدِ
وَأَرى حَراماً أَن يَحِلَّ مَحَلَّها / مِنّي اِمرُؤٌ بِصَداقَةٍ وَتَوَدُّدِ
وَلَقَد أَقولُ غَداةَ يَنأى نَعشُها / صَلّى الإِلَهُ عَلَيكِ أُمَّ مُحَمَّدِ
فَلَقَد تَرَكتِ كَبيرَةً مَحزونَةً / وَأَخا إِخاءٍ عَينُهُ لَم تَجمُدِ
بَرَدَت عَلى كَبِدِ المُصابِ وَأَصبَحَت / مِنّي نَوافِذُ حَرِّها لَم تَبرُدِ
يا صاحِ بَيِّن حاجَتي
يا صاحِ بَيِّن حاجَتي / إِنَّ البَيانَ مَعَ السَدادِ
صَرِّح بِإِحدى كِلمَتَي / نِ وَخُذ أَمانَكَ مِن جِهادي
بُخلُ البَخيلِ أَحَبَّهُ / مَطلُ الجَوادِ غَداةَ صادِ
أَنتَ الغِنى لَولا مِطا / لُكَ وَالمِطالُ مِنَ الكِيادِ
يا صاحِ لا تَلوِ العِدا / تِ فَإِنَّها دَينُ الهَوادي
إِنَّ السَبيلَ عَلى اِثنَتَي / نِ اِختَرهُما يا اِبنَ الجِيادِ
إِمّا تُسامِحُ أَو تُجا / مِحُ لَيسَ ثالِثَةٌ لِعادِ
يَكفيكَ لا طَولَ العِبا / دِ وَلا اِجتِهاداً مِن مُنادِ
ضَمَّنتَ حاجَةَ صاحِبٍ / فَاِسلُك بِها سُبُلَ الرَشادِ
المَوتُ شَيءٌ هَيِّنٌ / وَالمَوتُ إِنجازُ الوِعادِ
صِدقُ البَخيلِ يَسُرُّني / وَيَسوؤُني كَذِبُ الجَوادِ
إِنّي لَأُنجِزُ ما وَعَد / تُ عَلى الطَريفِ وَفي التِلادِ
وَإِذا سُئِلتُ أَتَيتُها / ضَربَ الأَميرِ طُلا الأَعادي
إِمّا بِتَيّا أَو بِتَي / كَ وَراحَةٌ تَركُ الكِدادِ
وَأَخو المَباخِلِ مُطرِقٌ / كَالعَردِ لَيسَ بِمُستَزادِ
يا صاحِ رَشِّح حاجَتي / وَاِذكُر ضَمانَكَ في المَعادِ
لا خَيرَ في دُنيا الكَري / مِ وَلا اللَئيمِ عَنِ الوِدادِ
فَاِندُب لِوِدِّكَ واحِداً / أَو كُن كَذي الفَرسِ الوِجادِ
بَل كَيفَ تَأبى لِلنُفو / سِ وَغَيِّها في كُلِّ وادِ
المَرءُ يُغبَطُ حَظُّهُ / وَاللَهوُ مِن ثَمَرِ الفُؤادِ
وَعَلى النِساءِ بَشاشَةٌ / وَأَرى الصَلاحَ إِلى فَسادِ
فَاِصبِر لِقِسمَةِ ما تَرى / لا يُدفَعُ القَدَرُ المُعادي
وَكَأَنَّ غَليَ دِنانِهِم في دورِهِم
وَكَأَنَّ غَليَ دِنانِهِم في دورِهِم / لَغَطُ العَتيكِ عَلى خِوانِ زِيادِ
فَتَبادَروا طُرَفَ الثَناءِ بِفَضلِهِ
فَتَبادَروا طُرَفَ الثَناءِ بِفَضلِهِ / فَكَأَنَّما نَشَروا الثَناءَ بُرودا
دَعاني شِنِقناقٌ إِلى خَلفِ بَكرَةٍ / فَقُلتُ اترُكَنّي فَالتَفَرُّدُ أَحمَدُ
نِعمَ الفَتى لَو كانَ يَعرِفُ رَبَّهُ
نِعمَ الفَتى لَو كانَ يَعرِفُ رَبَّهُ / وَيُقيمُ وَقتَ صَلاتِهِ حَمّادُ
وَاِبيَضَّ مِن شُربِ المُدامةِ وَجهُهُ / وَبيَاضُهُ يَومَ الحِسابِ سَوادُ
يا عَبدَ هَل لي مِنكُمُ مِن عائِدٍ
يا عَبدَ هَل لي مِنكُمُ مِن عائِدٍ / أَم هَل لَدَيكِ صَلاحُ قَلبٍ فاسِدِ
مَن لَم يَرِدكَ فَلا تُرِده
مَن لَم يَرِدكَ فَلا تُرِده / لِيَكُن كَأَنَ لَم تَستَفده
باعِد أَخاكَ بِبُعدِهِ / وَإِذا نَأى شِبراً فَزِده
وَاحلُم إِذا نَطَقَ السَفي / هُ فَمَن يَرِد شَرّاً فَرِده
كَم مِن أَخٍ لَكَ يا اِبنَ بَش / شارٍ وَأُمَّكَ لَم تَلِده
وَأَخي مَناسِبَةٍ يَسو / ؤُكَ غِبُّهُ إِن لَم تَفِده
غَلِطَ الفَتى في قَولِهِ
غَلِطَ الفَتى في قَولِهِ / مَن لا يُرِدكَ فَلا تَرُدهُ
مَن ناقَشَ الإِخوانَ لَم / يُبدِ العِتابَ وَلَم يُعِده
عاتِب أَخاكَ إِذا هَفا / وَاِعطِف بِوُدِّكَ وَاستَفِده
وَإِذا أَتاكَ بِعَيبِهِ / واشٍ فَقُل لَم يَعتَمِده
وَإِذا جَزَيتَ أَخاً بِذَ / بٍ كانَ مِنهُ لَم تَسُدَه
وَلَقَلَّ ما طَلَبَ الفَتى / لِأَخيهِ عَيباً لَم يَجِده
حَتّى إِذا بَعَثَ الصَباحُ فِراقَنا
حَتّى إِذا بَعَثَ الصَباحُ فِراقَنا / وَرَأَينَ مِن وَجهِ الظَلامِ صُدودا
جَرَتِ الدُموعُ وَقُلنَ فيكَ جَلادَةٌ / عَنّا وَنَكرَهُ أَن تَكونَ جَليدا