القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل الصَّغير الكل
المجموع : 7
سل عن قديم هوايض هذا الوادي
سل عن قديم هوايض هذا الوادي / هل كان يخفق فيه غير فؤادي
عهد الطفولةفي الهوى كم ليلة / مرت لنا ذهبية الأبرادِ
إذ نحن أهونُ أن نحرِّك ساكناً / في حاسد أو غلّةً في صادِ
تتضاحك الزهر النجوم لأدمُعي / في جيدها فإخالها حسادي
وأكاد أمتشق الغصون تشفيا / لتهامس الأوراق في الأعواد
غرّانِ نمرحُ في الهوى وفنونِهِ / وعلى خدودِ الوردِ والأجيادِ
ونُحِسُّ بالبين المشِتِّ فلا نرى / غير العناق على النوى من زاد
نتخاطف القبلَ الصباح كصبيةٍ / يتخاطفون هدية الأعياد
متواثبينِ كطائرَينِ تشابَكا / وتضاربَ المنقاد بالمنقادِ
أنا مذ أتيت النهر آخرَ ليلةٍ / كانت لنا ذكرتُهُ إنشادي
وسألتهُ عن ضفتيهِ الم يزل / لي فيهما أرجوحتي ووسادي
فبكى لي النهرُ الحنونُ توجعا / لما رأى هذا الشحوب البادي
ورأى مكان الفاحماتِ بمفرِقي / تلك البقيّةَ من جذىً ورمادِ
تلك العشية ما تزايل خاطري / في سفح دمر والضفاف هوادي
شفافة اللمحات نيرةُ الرُؤى / ريا الهوى أزَليَة الميلاد
أبدا يطوف خيالها بنواظري / فأحِلُّهُ بين الكرى وسهادي
وأهُمُ أرشُفُ مقلتيهِ وثغرَهُ / فيغوصُ في أفقٍ من الأبعاد
إيه خيال الماني طيب الكرى / أيتاح لي رجعي مع الورّادِ
لي في قرار الكاس بعد بقيةٌ / سمحت بها الآلمُ للعوّادِ
حنّت لها خُصرُ الدوالي رقَّقً / وبكى لها جفنُ النسيم النادي
هي كنهُ إحساسي وروحُ قصائدي / ومطافُ أحلامي وركنُ ودادي
للشعرُ منطلقَ الجوانحِ هائماً / بين السواقي الخضر والأوراد
متخيراً منهنَّ ما أبتكر الضحى / من لؤلؤٍ غب السحابِ الغادي
أندى على جفنٍ يساوِرهُ الأسى / وأخفُّ من مرحِ الهزارش الشادي
بردى هلِ الخلدُ الذي وعدوا به / إلاكَ بين شوادنٍ وشوادي
قالوا تحبُّ الشام قلتُ جوانِحي / مقصوصةٌ فيها وقلتُ فؤادي
لُبْنَانُ هَلْ مَرَّتْ بِخَاطِرَةِ المُنى
لُبْنَانُ هَلْ مَرَّتْ بِخَاطِرَةِ المُنى / وتَخَيُّلِ المُتَشائِمِ المُتَمادي
أَيَّامَ وَكْرُكَ في النُّسُرِ مُقَدَّسٌ / حُرُّ الجَوانِحِ بارِزُ المِنْقادِ
أيَّامَ يَضْطَجِعُ الخَيَالُ على الرُّبى / مُسْتَأثِراً مِنْ زَهْرِها بِوِسادِ
وَ النَّبْعُ يَضْحَكُ لِلْمَزَارِعِ وَالجَنَى / وَيَكادُ يَلْثُمُ مِنْجَلَ الحُصَّادِ
وَسَماكَ صَافِيَةٌ وَبَيْتُكَ ضَاحِكٌ / وحَشَاكَ رَاوِيَةٌ وَجَارُكَ صَادِ
لُبنانُ هَلْ مَرَّتْ بِخَاطِرَةِ المُنى / وَتَوَهُّمِ الآباءِ وَالأَجْدَادِ
أَنَّ الأُلى غَذَّى الخَيَالَ هَواهُمُ / رِيشاً على وَكْرٍ وَحُلْمَ حَصَادِ
فَطَموا عَنِ الحُبِّ القُلوبَ وغَادَرَوا / عَيْنَ المُحِبِّ لِدَمْعَةٍ وَ سُهادِ
وَتَنَكَّروا بَعْدَ التَّدَلُّهِ في الهَوَى / وَشِكايَةِ السُّقَمَاءِ لِلْعُوَّادِ
أَنَا في شِمَالِ الحُبِّ قَلْبٌ خافِقٌ / وَعَلى يَمِين الحَقِّ طَيْرٌ شَادِ
غَنَّيْتُ ، لِلْشَّرقِ الجَريحِ ، وفي يَدِي / مَا في سَمَاءِ الشَّرْقِ مِنْأَمْجَادِ
فَمَزَجْتُ دَمْعَتَهُ الحَنُونَ بِدَمْعتي / ونَقَشْتُ مِثلَ جِراحِهِ بِفُؤَادي
وَرَدَتْ مَنَاهِلَها الشُّعُوبُ إلى الْعُلى / فَمَتى أَرَى لُبْنانَ في الوُرَّادِ
من للبلاد إذا تجهّم وجهُها
من للبلاد إذا تجهّم وجهُها / وإذا تالب حشدها وتنادى
وتساءلت عن مفرد في حبّه / لبلاده لبس الحياة جهادا
إن قال قالت أمةٌ بلسانه / وتقطعت لسماعه أجيادا
شيخ على جرج الشباب كأنه / لجمَ الزمانَ فكان حيثُ أرادا
لله يومكَ أيّ ساعة محشَرٍ / نشرت على تلك الربى الأجسادا
وهَتِ العزائمُ للمصاب فلم تطق / أجسادها أن تحملَ الأكبادا
وشجى الرياض فقطّعت أطواقها / وبكت ففارق زهرها الأعوادا
ولو استطاع الأرز طأطأ خاشعاً / وأصابَ من تقبيل كفّك زادا
هي خطبةٌ للموت أروعُ ما بها / أن الخطيبَ ولا خطابَ أجادا
أوحيد أمّته تقىً وهدايةً / هلا سمعت وحيدها إنشادا
خلعَت قصائدهُ وعليك عيونها / وحبتكَ من ورقِ الخلود وسادا
تيهاً دمشقُ على المفاخرُ والعُلى
تيهاً دمشقُ على المفاخرُ والعُلى / غير الجهاد وصلته بجهاد
تلك الشمائل من شيوخ أمية / عباقة النفحات في الأحفاد
بيت العروبة كالمقام نقاوة / وعكاظ في الإطراب والإنشاد
تتفجر الأنغام في جنباته / من صدر صادحه وشعر زياد
هو منبت لمكارم هو مطلع / لكواكب هو ملعب لجياد
حسان لم ينقل سوى صلواته / السمحاء في مدح الرسول الهادي
إني وقفت بها أسائل عن فتى / من آل جفنة رائح أو غاد
الحاملين الشمس فوق وجوههم / والحاملين الشهب في الأغماد
خلعت صوارمهم على راياتهم / حللاً مصبغة من الأكباد
ورموا بها أم الزمان، فأنجبت / غرر الملوك وقادة القواد
في مفرق الأيام حمر وقائع / منهم، وفي الأعناق بيض أياد
«يسقون من ورد البريص عليهم» / طرب النفوس ورونق الأجساد
رفعوا الشآم على الصفائح والندى / وبنوا من الصلبان بيت الضاد!
عش أنت أني مت بعدك
عش أنت أني مت بعدك / وأطل إلى ماشئت صدك
ماكان ضرك لو عدلت / أما رأت عيناك قدك
وجعلت من جفني متكأً / ومن عيني مهدك
ورفعت بي عرش الهوى / ورفعت فوق العرش بندك
وأعدت للشعراء سيدهم / وللعشاق عبدك
أغضاضه ياروض إن / أنا شاقني فشممت وردك
أنقى من الفجر الضحوك / فهل أعرت الفجر خدك
وأرق من طبع النسيم / فهل خلعت عليه بردك
وألذ من كأس النديم / فهل أبحت الكأس شهدك
وحياة عينك وهي عندي / مثلما الأيمان عندك
ماقلب أمك إن تفارقها / ولم تبلغ أشدك
فهوت عليك بصدرها / يوم الفراق لتستردك
بأشد من خفقان قلبي / يوم قيل: خفرت عهدك
رضيت وقد ذهب الجفا
رضيت وقد ذهب الجفا / وكذا الهوى لين وشدّه
وتبسمت فعلمت أن / رجعت لناتلك الموده
ورمى الهوى بي فارتميت / وكان نهداها المخدّه
فأنا بصدر حبيبتي / كفراشة في قلب ورده
حسناء، أي فتى رأت تصد
حسناء، أي فتى رأت تصد / قتلى الهوى فيها بلا عدد
بصرت به رث الثياب، بلا / مأوى بلا أهل بلا بلد
فتخيرته، وكان شافعه / لطف الغزال وقوة الأسد
ورأى الفتى الآمال باسمة / في وجهها، لفؤاده الكمد
والمال ملء يديه، ينفقه / متشفياً إنفاق ذي حرد
ظمآن والأهواء جارية / كالسلسبيل، مسى يرد يرد
روض من اللذات، طيبة / أثماره، خلو من الرصد
نعم أفانين، يكاد لها / يختال من غلواه في برد
ماضيه، لو يدري بحاضره / رغم الأخوة مات من حسد
سكران، والكاسات شاهدة / إن الكؤوس لها من العدد
سكران لا يصحو كسكرته / أمساً، وسكرته غداة غد
سكران، وهي تزقه قبلاً / ويزقها، وإذا تزد يزد
سكران، وهي تمص من دمه / وتريه قلب الأم للولد
سكران، حتى رأسه أبداً / لا يستقر لكثرة الميد
قالت له: نم، نم لفجر غد / ضع رأسك الواهي على كبدي
نم، لا تسلط يا حبيب على / مخمور جسمك قلة الجلد
عيناك متعبتان من سهر / ويداك راجفتان من جهد
لا، لا أنام ولا أذوق كرى، / إن النهار مضى ولم يعد
لا أنام و لا أذوق كرى، / أنا لست من يحيا لفجر غد
سلمى، أحس النار سائة / بدمي، وتجري معه في جسدي
وأحس قلبي فاغراً فمه / للحب، للذات، للرغد
إن ضاع يومي، ما أسفت على / خضر الربيع وزرقة الجلد
نم لا تكابر، كاد رأسك أن / يهوي بكأسك، غير أن يدي
يهوي !نعم يا فتنتي ومنى / نفسي، وزهرة جنة الخلد
يهوي ! .. ولم لا، والشباب ذوى / وعلى شبابي كان معتمدي
لم تبق لي من، سوى رمق / متراوح في أضلع همد
رباه مذ يومين كنت فتى / لي قوتي وشبيبتي وغدي
واليوم، أسرع للبلى، وأنا / لم أبلغ العشرين أو أكد
سلماي إنك أنت قاتلي / فجميل جسمك مدفني الأبدي
وطويل شعرك صار لي كفناً / كفن الشباب ذوى وكان ندي
سلمى اطفئي الأنوار وافتتحي / هذي الكوى لنسائم جدد
ودعي شعاع الشمس يضحك لي / فشعاعها يرد على كبدي
ودعي أريج الزهر ينعشني / وهديل طر الأيكة الغرد
أنا، إن قضيت هوى، فلا طلعت / شمس الضحى بعدي على أحد
أنا إن قتلتك كيف تحفظني / إن صح زعمك، حقظ مقتصد
أو كنت مت لليلتي جهد / يا مهجتي خفف ولا تزد
لا، أنت محييتي ومنقذتي / من عيشي المتنكر النكد
أفأنت قاتلتي ؟ كذبت أنا، / لولاك كنت أذل من وتد
لكنما العشاق، عادتهم / ذكر المنايا ذكر مفتئد
يبكون من جزع للذتهم / أن لا تكون طويلة الأمد
قلبي لقلبك خافق أبداً / ويظل يخفق غير متئد
إن كان ذاك، فهذه شفتي / من يشتعل في الحب يبترد
وتصافحا فتعانقا فهما / روحان خافقتان في جسد
نهبا أويقات الصفاء، وقد / عكفا عليهما عكف مجتهد
وترشفا كأس الغرام، وما / تركا بها من نهلة لصدي
ومشى الهوى بهما كعادته، / والبحر لا يخلو من الزبد ...
سنة مضت، فإذا خرجت إلى / ذاك الطريق بظاهر البلد
ولفت وجهك يمنة، فترى / وجهاً متى تذكره ترتعد :
هذا الفتى في الأمس، صار إلى / رجل هزيل الجسم منجرد
متلجلج الألفاظ مضطرب / متواصل الأنفاس مطرد
متجعد الخدين من سرف / متكسر الجفنين من سهد
عيناه عالقتان في نفق / كسراج كوخ نصف متقد
أو كالحباحب، باخ لامعه، / يبدو من الوجنات في خدد
تهتز أنمله، فتحسبها / ورق الخريف أصيب بالبرد
ويكاد يحمله، لما تركت / منه الصبابة، مخلب الصرد
يمشي بعلته على مهل / فكأنه يمشي على قصد
ويمج أحياناً دماً. فعلى / منديله قطع من الكبد
قطع تآبين مفجعة / مكتوبة بدم بغير يد
قطع تقول له: تموت غداً / وإذا ترق، تقول: بعد غد
والموت أرحم زائر لفتى / متزمل بالداء مغتمد
قد كان منتحراً، لو أن له / شبه القوى في جسمه الخصد
لكنه ، والداء ينهشه، / كالشلو بين مخالب الأسد
جلد على الآلام، ينجده / طلل الشباب ودارس الصيد
أين التي علقت به غصناً / حلو المجاني ناضر الملد
أين التي كانت تقول له: / ضع رأسك الواهي على كبدي؟
مات الفتى ، فأقيم في جدث / مستوحش الأرجاء منفرد
متجلل بالفقر، مؤتزر / بالنبت من متيبس وندي
وتزوره حيناً، فتؤنسه / بعض الطيور بصوتها الغرد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025