المجموع : 5
قالَت حُبِستَ فَقُلتُ لَيسَ بِضائِرٍ
قالَت حُبِستَ فَقُلتُ لَيسَ بِضائِرٍ / حَبسي وَأَيُّ مُهَنَّدٍ لا يُغمَدُ
أَوَما رَأَيتِ اللَيثَ يَألَفُ غيلَهُ / كِبراً وَأَوباشُ السِباعِ تَرَدَّدُ
وَالشَمسُ لَولا أَنَّها مَحجوبَةٌ / عَن ناظِرَيكِ لَما أَضاءَ الفَرقَدُ
وَالبَدرُ يُدرِكُهُ السِرارُ فَتَنجَلي / أَيّامُهُ وَكَأَنَّهُ مُتَجَدِّدُ
وَالغَيثُ يَحصُرُهُ الغَمامُ فَما يُرى / إِلّا وَرِيِّقُهُ يُراحُ وَيَرعُدُ
وَالنارُ في أَحجارِها مَخبوءَةٌ / لا تُصطَلى إن لَم تُثِرها الأَزنُدُ
وَالزاعِبِيَّةُ لا يُقيمُ كُعوبَها / إِلّا الثِقافُ وَجَذوَةٌ تَتَوَقَّدُ
غِيَرُ اللَيالي بادِئاتٌ عُوَّدٌ / وَالمالُ عارِيَةٌ يُفادُ وَيَنفَدُ
وَلِكُلِّ حالٍ مُعقِبٌ وَلَرُبَّما / أَجلى لَكَ المَكروهُ عَمّا يُحمَدُ
لا يُؤيِسَنَّكَ مِن تَفَرُّجِ كُربَةٍ / خَطبٌ رَماكَ بِهِ الزَمانُ الأَنكَدُ
كَم مِن عَليلٍ قَد تَخَطّاهُ الرّدى / فَنَجا وَماتَ طَبيبُهُ وَالعُوَّدُ
صَبراً فَإِنَّ الصَبرَ يُعقِبُ راحَةً / وَيَدُ الخَليفَةِ لا تُطاوِلُها يَدُ
وَالحَبسُ ما لَم تَغشَهُ لِدَنِيَّةٍ / شَنعاءَ نِعمَ المَنزِلُ المُتَوَرَّدُ
بَيتٌ يُجَدِّدُ لِلكَريمِ كَرامَةً / وَيُزارُ فيهِ وَلا يَزورُ وَيُحفَدُ
لَو لَم يَكُن في السِجنِ إِلّا أَنَّهُ / لا يَستَذِلُّكَ بِالحِجابِ الأَعبُدُ
يا أَحمَدُ بنَ أَبي دُؤادٍ إِنَّما / تُدعى لِكُلِّ عَظيمَةٍ يا أَحمَدُ
بَلِّغ أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ / خَوضُ العِدى وَمخاوِفٌ لا تَنفَدُ
أَنتُم بَني عَمِّ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ / أَولى بِما شَرَعَ النَبِيُّ مُحَمَّدُ
ما كانَ مِن حَسَنٍ فَأَنتُم أَهلُهُ / طابَت مَغارِسُكُم وَطابَ المَحتِدُ
أَمِنَ السَوِيَّةِ يااِبنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ / خَصمٌ تُقَرِّبُهُ وَآخَرُ تُبعِدُ
إِنَّ الَّذينَ سَعَوا إِلَيكَ بِباطِلٍ / أَعداءُ نِعمَتِكَ الَّتي لا تُجحَدُ
شَهِدوا وَغِبنا عَنهُمُ فَتَحَكَّموا / فينا وَلَيسَ كَغائِبٍ مَن يَشهَدُ
لَو يَجمَعُ الخَصمَينِ عِندَكَ مَشهَدٌ / يَوماً لَبانَ لَكَ الطَريقُ الأَقصَدُ
فَلَئِن بَقيتُ عَلى الزَمانِ وَكانَ لي / يَوماً مِنَ المَلِكِ الخَليفَةِ مَقعَدُ
وَاِحتَجَّ خَصمي وَاِحتَجَجتُ بِحُجَّتي / لَفَلَجتُ في حُجَجي وَخابَ الأَبعَدُ
وَاللَهُ بالِغُ أَمرِهِ في خَلقِهِ / وَإِلَيهِ مَصدَرُنا غَداً وَالمَورِدُ
وَلَئِن مَضَيتُ لَقَلَّما يَبقى الَّذي / قَد كادَني وَلَيَجمَعَنّا المَوعِدُ
فَبِأَيِّ ذَنبٍ أَصبَحَت أَعراضُنا / نَهباً يُشيدُ بِها اللَئيمُ الأَوغَدُ
لَيلي عَلَيَّ بِهِم طَويلٌ سَرمَدُ
لَيلي عَلَيَّ بِهِم طَويلٌ سَرمَدُ / وَهَوىً يَغورُ بِهِ الفِراقُ وَيُنجِدُ
وَإِذا تَمَنَّت عَينُهُ سِنَةَ الكَرى / مَنَعَ الكَرى عَينٌ عَلَيهِ وَمَرصَدُ
يا شَكلَ كَيفَ يَنامُ صَبٌّ هائِمٌ / غَلَبَت عَلَيهِ غَوايَةٌ لا تَرشُدُ
في الرَأسِ مِنها نَبتُ جَثلٍ فاحِمٍ / وَأَنامِلٌ في اللينِ مِنها تُعقَدُ
وَمُعَقرَبِ الصُدغَينِ يَشكو طَرفُهُ / مَرَضَ الَّذي حَنَّت عَلَيهِ العُوَّدُ
ما سامَني البَينَ الَّذي بَعَثَ الهَوى / فَأَشاقَني خَدٌّ عَلَيهِ مُوَرَّدُ
ما لِلعَذارى البيضِ سُمنَ مَوَدَّتي / خَسفاً سَقاهُنَّ الغَمامُ المُرعِدُ
وَزُجاجَةٍ غَرَضَت عَلَيكَ شُعاعَها / وَاللَيلُ مَضروبُ الدَوالي أَسوَدُ
تَخفى الثُرَيّا في سَوادِ جَناحِهِ / وَيَضِلُّ فيهِ عَن سُراهُ الفَرقَدُ
فَكَأَنَّها فَوقَ الزُجاجَةِ لُؤلُؤٌ / وَكَأَنَّ خُضرَتَها عَلَيهِ زُمُرُّدُ
غَلَبَ المِزاجُ بِها فَظَلَّت تَحتَهُ / تَرغو بِمَكنونِ الحَبابِ فَتُزبِدُ
رَقَّت بِجَوهَرَةٍ وَوافَقَ شَكلُها / فَحُلِيُّها مِن جَوفِها يَتَوَلَّدُ
وَالشِعرُ داءٌ أَو دَواءٌ نافِعٌ / وَمُحَمَّقٌ في شِعرِهِ وَمُبَرَّدُ
خُذ لِلسُرورِ مِنَ الزَمانِ نَصيبَهُ / فَالعَيشُ يَفنى وَاللَيالي تَنفَدُ
وَالمالُ عارِيَةٌ عَلى أَصحابِهِ / عَرَضٌ يُذَمُّ المَرءُ فيهِ وَيُحمَدُ
يَدنو وَيَنأَى عَنكَ في رَوَغانِهُ / كَالظِلِّ لَيسَ لَه قَرارٌ يوجَدُ
كَم كاسِبٍ لِلمالِ لَم يَنعَم بِهِ / نَعِمَ العَدُوُّ بِمالِهِ وَالأَبعَدُ
يا مورِيَ الزَندِ المُضيءَ لِغَيرِهِ / بِحِسابِهِ تَشقى وَغَيرُكَ يَسعَدُ
كَأَمانَةٍ أَدَّيتَها لَم تَرزَها / حَتّى أَتاكَ مُعَجَّلاً ما توعَدُ
لا تَذهَبي يا نَفسُ وَيحَكِ حَسرَةً / فَالناسُ مَعدولٌ بِهِ وَمُشَرَّدُ
وَاِبنُ الفَتى الزِيّاتِ عِندي واعِظٌ / وَمُذَكِّرٌ لي لا يَجورُ وَيَقصِدُ
راحَت عَلَيهِ الحادِثاتُ بِنَكبَةٍ / عَظُمَت فَرَقَّ لَها العِدى وَالحُسَّدُ
وَلَرُبَّما اِعتَلَّ الزَمانُ عَلى الفَتى / وَلَرُبَّما اِنقَصَفَ القَنا المُتَقَصِّدُ
وَكذا المُلكِ في تَدبيرِهِ / وَالعِزُّ دونَ فِنائِهِ وَالسُؤدَدُ
ضَخمُ السُرادِقِ ما يُرامُ حِجابُهُ / جَبَلٌ مِنَ الدُنيا وَبَحرٌ مُزبِدُ
حَتّى إِذا مَلَأَ الحِياضَ وَغَرَّهُ / كَيدُ اللَيالي طابَ فيهِ المَورِدُ
حَزَّتهُ أَسنانُ الحَديدِ فُروحُهُ / بَينَ اللَهاةِ وَعَينُهُ لا تَرقُدُ
يا وَيحَ أَحمدَ كَيفَ غَيَّرَ ما بِهِ / غِشُّ الخَليفَةِ وَالزَمانُ الأَنكَدُ
هذا مِنَ المَخلوقِ كَيفَ بِخالِقٍ / لِعِقابِهِ يَومَ القِيامَةِ مَوعِدُ
مَلِكٌ لَه عَنَتِ الوُجوهُ تَخَشُّعاً / يَقضى وَلا يُقضى عَلَيهِ وَيُعبَدُ
لَم تولِ أَيّامَ الإِمامِ حَفيظَةً / تُنجيكَ مِن غَمَراتِها يا أَحمَدُ
فَزَرَعتَ شَوكاً عِندَهُ فَحَصَدتَهُ / وَكَذا لَعَمري كُلُّ زَرعٍ يُحصَدُ
قُل لِلخَليفَةِ جَعفَرٍ يا ذا النَدى
قُل لِلخَليفَةِ جَعفَرٍ يا ذا النَدى / وَاِبنَ الخَلائِفِ وَالأَئِمَّةِ وَالهُدى
لَمّا أَرَدتَ صَلاحَ دينِ مُحَمَّدٍ / وَلَّيتَ عَهدَ المُسلِمينَ مُحَمَّدا
وَثَنَيتَ بِالمُعتَزِّ بَعدَ مُحَمَّدٍ / وَجَعَلتَ ثالِثَهُم أَعَزَّ مُؤَيَّدا
يا أَحمَدُ بنَ أَبي دُؤادٍ دَعوَةً
يا أَحمَدُ بنَ أَبي دُؤادٍ دَعوَةً / بَعَثَت إِلَيكَ جَنادِلاً وَحَديدا
ما هذِهِ البِدَعُ الَّتي سَمَّيتَها / بِالجَهلِ مِنكَ العَدلَ وَالتَوحيدا
أَفسَدتَ أَمرَ الدينِ حينَ وَليتَهُ / وَرَمَيتَهُ بِأَبي الوَليدِ وَليدا
لا مُحكَماً جَزلاً وَلا مُستَطرَفاً / كَهلاً وَلا مُستَحدَثاً مَحمودا
شَرِهاً إِذا ذُكِرَ المَكارِمُ وَالعُلا / ذَكَرَ القَلايا مُبدِئاً وَمُعيدا
وَيَوَدُّ لَو مُسِخَت رَبيعَةُ كُلُّها / وَبَنو إِيادٍ صَحفَةً وَثَريدا
وَإِذا تَرَبَّعَ في المجالسِ خلتَهُ / ضَبُعاً وخلتَ بني أبيهِ قرودا
وإذا تبسَّمَ ضاحِكاً شَبَّهتَهُ / شَرِقاً تَعَجَّلَ شُربَهُ مَزؤودا
لا أَصبَحَت بِالخَيرِ عَينٌ أَبصَرَت / تِلكَ المَناخِرَ وَالثَنايا السودا
لَم يَبقَ مِنكَ سِوى خَيالِكَ لامِعاً
لَم يَبقَ مِنكَ سِوى خَيالِكَ لامِعاً / فَوقَ الفِراشِ مُمَهَّداً بِوِسادِ
فَرِحَت بِمَصرَعِكَ البَرِيَّةُ كُلُّها / مَن كانَ مِنهُم موقِناً بِمَعادِ
كَم مَجلِسٍ لِلَّهِ قَد عَطَّلتَهُ / كَي لا يُحَدَّثَ فيهِ بِالإِسنادِ
وَلَكَم مَصابيحٍ لَنا أَطفَأتَها / حَتّى نَحيدَ عَنِ الطَريقِ الهادي
وَلَكَم كَريمَةِ مَعشَرٍ أَرمَلتَها / وَمُحَدِّثٍ أَوثَقتَ في الأَقيادِ
إِنَّ الأُسارى في السُجونِ تَفَرَّجوا / لَمّا أَتَتكَ مَواكِبُ العُوّادِ
وَغَدا لِمَصرَعِكَ الطَبيبُ فَلَم يَجِد / لِدَواءِ دائِكَ حيلَةَ المُرتادِ
فَذُقِ الهَوانَ مُعَجَّلاً وَمُؤَجَّلاً / وَاللَهُ رَبُّ العَرشِ بِالمِرصادِ
لا زالَ فَالِجُكَ الَّذي بِكَ دائِماً / وَفُجِعتَ قَبلَ المَوتِ بِالأَولادِ